الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
الافتراء على الأبرياء جريمة عظيمة
فإن الافتراء على الأبرياء جريمة عظيمة، وخطيئة منكرة إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌسورة النــور 15. إن إيذاء المؤمنين والمؤمنات، من الأبرياء والبريئات، عاقبته خطيرة في الدنيا والآخرة، قال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا سورة الأحزاب 58. إن الظن السيئ، والتسرع في الاتهام، رُوّع به أقوام من الأبرياء، وظُلم به فئام من الناس، وهُجر به صلحاء دون مسوغ شرعي، المبعث على ذلك العداوة، والسلاسل المظلمة من المجهولين الذين ينقلون الأخبار، والظن الآثم، والغيبة النكراء، والبهتان المبين، إن اتهام الأبرياء بالتهم الباطلة، والأخذ بالظن والتخمين، ورمي المؤمنين بما لم يعملوا، وبهتانهم بما لم يفعلوا، عاقبته وخيمة، وآثاره أليمة في الدنيا والآخرة، لقد صار الحسد، والعداوات الشخصية، من الأمور المستشرية التي تبعث على هذه الافتراءات، وهذا يوصف بالإجرام، وآخر بذهاب الدين، وثالث بالسرقة والاحتيال، ورابع بالفاحشة، وتستمر وسائل التدليس، في ماكينتها الحديثة من مواقع الأخبار في الإنترنت وغيرها، وألسنة الناس تلوك أعراض الأبرياء، ويقولون: فلانة هي التي عملت لكم السحر وهي بريئة، فيصدقون المشعوذ، والذي يتعامل مع الشياطين، فلان عقد لكم السحر، فيتسببون بالقطيعة بين الأقارب، ويأخذون الأخبار من هؤلاء الكهان، والسحرة، أخبار الكذب والدجل؛ لتحدث القطيعة والبغضاء، قال الشيخ السعدي رحمه الله: "وكم أشاع الناس عن الناس أموراً لا حقائق لها بالكلية، أو لها بعض الحقيقة فنميت بالكذب والزور، وخصوصاً عند من عرفوا بعدم المبالاة بالنقل، أو عرف منهم الهوى، فالواجب على العاقل التثبت، والتحرز، وعدم التسرع، وبهذا يعرف دين العبد، ورزانته، وعقله، قال تعالى: إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَسورة النحل 105. وقال ﷺ: ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً.
قال شيخ الإسلام: "الصدق أساس الحسنات وجماعها، والكذب أساس السيئات ونظامها، فإن الله سبحانه فطر القلوب على قبول الحق، والانقياد، والطمأنينة به، والسكون إليه، ومحبته، وفطرها على بغض الكذب، والباطل، والنفور عنه، الريبة به، وعدم السكون إليه".
سوء الظن وإشاعة الكذب على الأبرياء
لقد أصبح سوء الظن في الناس متفشياً، وهذا له بواعث؛ لانتشار الشر الكثير، ولكن هذا لا يبرر أن يساء الظن بكل أحد، أو أن يفترض الإنسان بإخوانه المسلمين الشر أساساً، ويقول: كنت أشك به دائماً، إنه منافق، إنه من الخوارج، فلان أكل أموال الأيتام، وسرق من المقبرة، لقد جرحوا الخادمة، وأكلوا أموالها، إما أن يكون كذب، أو مبالغة، أو سمع جزءاً من القصة ولم يسمع البقية، أو سمع من طرف واحد، وقد يكون الذي يتناقل صدق، وحق، فكيف يتبين الإنسان؟ كيف يعرف؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا سورة الحجرات 12. وقال قبلها: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ سورة الحجرات 6. التبين والتثبت إذاً، استقصاء الأمر، البحث عن أصل القصة، أين الشهود العدول؟ ما هي البينة؟ إن هنالك ضوابط شرعية في هذه القضية لا بد للمسلمين من معرفتها، وكم من دماء في التاريخ قد أريقت لأبرياء؟ وكم من أعراض قد انتهكت؟ وقد قال النبي ﷺ: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا.
ثم كيف نقبل الأخبار من مجاهيل، لا نعرف من الذي كتب في هذه الساحة، أو في غيرها، ومن الذي يروج هذه الإشاعة وغيرها.
عباد الله: من الذي يروج هذه الإشاعة وغيرها، لا بد أن نتثبت، وأن نتبين، والتحقيق قليل، وطرف التنقيح في الغالب كليل، والوهم نسيب للأخبار وخليل، والتقليد عريق في الآدميين وسليل.
يا عبد الله: لن يغني عنك من الله شيئاً أن تقول: سمعت الناس يقولونه فقلته، وقد قال تعالى: وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌسورة النــور 16. وقد قال نبيك ﷺ: كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع. رواه مسلم. والكذب: الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو عليه، ولا يشترط فيه التعمد، ولذلك ينبغي الدقة والمراجعة للنفس.
قصص من التاريخ اتهم فيها أبرياء
وقد حصل أن اتهم كثير من عباد الله الأبرياء عبر التاريخ، فاتهم نبي الله يوسف في عرضه، ثم برأه الله : وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ سورة يوسف 23.إلى أن قال تعالى: وَاسُتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِسورة يوسف 25.سارعت المرأة إلى الافتراء، ماذا ستفعل وهي تجري وراءه تريد الفاحشة، وهو يهرب منها، ومن تلك الفتنة، سارعت بكيد المرأة قالت لزوجها:قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌسورة يوسف 25. مَنْ أَرَادَ فسارع يوسف الصديق للدفاع عن نفسه، وهكذا المفترض في الأبرياء، إذا حيكت حولهم التهم، ونسب إليهم ما لم يعملوه كذباً أن لا يسكتوا، وأن يدافعوا عن أنفسهم، قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِيسورة يوسف 26.قال الحقيقة، ثم إن الله تعالى قيض ذلك الشاهد فقال: وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا رجل عاقل من أهل المرأة، في الغالب أن الذين من طرف الشخص يكذبون لمصلحته، لكن أنطق الله ذلك الشاهد بالصدق وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ سورة يوسف 26-28. فهذه المحنة التي جرت على يوسف ، وكانت بسبب هذه العاصية التي غلقت الأبواب، ودعته للحرام، وهيأت الجو للمعصية، ثم تريد أن تتهمه بالباطل، وعندما هرب منها جرت خلفه، وبادرت إليه، وتعلقت بثوبه، فشقت قميصه، ووجد الزوج لدى الباب، رأى أمراً شق عليه، فبادرت إلى الكذب، وأن المراودة كانت من يوسف، مع أنها هي التي راودته، وطلبت أن يسجن، أو يعذب عذاباً أليماً، فسارع إلى تبرئة نفسه ، وللحق علامات، وللصدق أمارات، وهكذا عرف صدقه فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ واختار يوسف السجن على المعصية، ولكن لما أمر به الملك ليخرج، بعد أن فسر تلك الرؤيا العجيبة، لم يخرج يوسف مباشرة، مع أنه لبث في السجن بضع سنين، وهو يشتاق للحرية، لكن أراد أن تُبرأ ساحته قبل الخروج؛ لأنه لم ير بحكمته التي آتاه الله أن يخرج من السجن فقط، وإنما أن يخرج بريئاً، أن يعرف الجميع نصاعة صفحته، وحقيقة براءته، ولذلك قال: قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّسورة يوسف50. إنه حدث مذكور، مشهور إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌلم ينس عبر السنين، نسوة اجتمعن وجرحن أيديهن في المجلس جميعاً قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍسورة يوسف 51. فلما برأنه، اضطرت امرأة العزيز بعد أن انكشفت الحقيقة أن تقول: الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ واعترفت، ولهذا امتنع يوسف عن الخروج حتى تتبين براءته.
وكذلك كان اليهود مع موسى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًاسورة الأحزاب 69. وقصة الآية ذكرها النبي ﷺ، كما في صحيح البخاري عن أبي هريرة: إن موسى كان رجلاً حيياً ستيراً، لا يرى من جلده شيء استحياءً منه كان يبالغ في التستر لا يريد أن يرى أحد شيئاً من جلده، قال: فآذاه من آذاه من بني إسرائيل، فقالوا: ما يستتر هذا التستر إلا من عيب بجلده إما برص وإما أدرة انتفاخ في الخصيتين وإما آفة، وإن الله أراد أن يبرأه مما قالوا اتهموه بذلك العيب، إنه شيء مشين جداً أن يتكلموا بهذا المستوى المنحط، لكن هذه أخلاق بني إسرائيل وإن الله أراد أن يبرأه مما قالوا لموسى، فخلا يوماً وحده أي موسى فوضع ثيابه على الحجر وهو بعيد عن الناس ثم اغتسل، فلما فرغأي: من اغتساله، وصار أنظف ما يكون أقبل إلى ثيابه ليأخذها، وإن الحجر عدا بثوبهمعجزة، جرى الحجر بثوب موسى فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر أي: يجري وراءه فجعل يقول: ثوبي حجر، ثوبي حجر، حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل، فرأوه عرياناً أحسن ما خلق الله، وأبرأه مما يقولون، وقام الحجرأي توقف عن الحركة فأخذ ثوبه فلبسه وطفق بالحجر ضرباً بعصاه، فوالله إن بالحجر لندباً من أثر ضربه ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً، وهذا الوحي الذي يوحى أخبرنا كم عدد تلك الضربات، أو الأثر الذي تركته تلك الضربات في الحجر، وهكذا اتهموا نبيهم بهذه الأدرة، وبرأه الله مما قالوا، وهكذا يتهم الأبرياء، بعيب في الجسد، بعيب في الدين، بعيب في العقل، وهم أبرياء، تهم باطلة.
ولما جاء النبي ﷺ إلى المدينة، واستقبله فيمن استقبله عبد الله بن سلام، أبو يوسف الحبر الصادق، الذي هداه الله فترك دين اليهودية، وآمن بالنبي ﷺ؛ لما تبين له أنه الحق، فلما أسلم قال للنبي ﷺ: يا رسول الله إن اليهود قوم بهت، يعرفهم، أليسوا قومه؟ أليس منهم؟ إن اليهود قوم بهت، ثم إن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم بهتوني عندك، فجاءت اليهود، ودخل عبد الله البيت – أي اختفى بعدما أسلم ولم تعلم اليهود بإسلامه- فقال رسول الله ﷺ: أي رجل فيكم عبد الله بن سلام؟قالوا: أعلمنا وابن أعلمنا، وأخيرنا وابن أخيرنا، فقال رسول الله ﷺ: أفرأيتم إن أسلم عبد اللهقالوا: أعاذه الله من ذلك، فخرج عبد الله إليهم فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، فقالوا: شرنا وابن شرنا، ووقعوا فيه.
وهكذا يفعل هؤلاء اليهود الذين افتروا على مريم قال تعالى: وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًاسورة النساء 156.البهتان: الكذب المفرط الذي يتعجب منه، افتروا عليها - عليها السلام – بأنها وقعت في الفاحشة وأنها بغي، وأن ذلك كان مع يوسف النجار، مع أنه كان رجلاً صالحاً فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّاسورة مريم 27. ولكن برأها الله بنطق عيسى، بنطق ولدها قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا سورة مريم 30. وهكذا رد الله تعالى فريتهم، لكن كيف يسارعون إلى اتهام البريئة بالزنا؟ ليس عندهم دليل، ولا بينة، لا رأوا، ولا سمعوا، مباشرة افتروها، افتروا القضية، وإن المتهم المسكين، البريء، والبريئة، ليشكوا إلى الله في ظلمة الليل أمره، ينتحب بالنهار وعينه لا ترقأ من الدمع حزناً على هذه الحال؛ لأنه يعيش في ظنك، وشدة، وضيق من هؤلاء الذين رموه بما رموه به، وليس أعز على الصادق من أن يتهم بالكذب، ولا على الأمين من أن يتهم بالخيانة، فكيف وقد قالوا على نبيناﷺ: إنه كذاب، واتهموه بالخيانة.
وكان في بني إسرائيل رجل يقال له: جريج كان يصلي، جاءته أمه فدعته، فقال: أجيبها أو أصلي -في نفسه- فتكرر ذلك فتضايقت أمه، فقالت: اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات، يبتلى، يبتلى بشيء، يأتيه من الزانيات، وكان جريج في صومعته يعبد الله منقطعاً عن الناس، فتعرضت له امرأة وكلمته أي: بالفاحشة، عرضت عليه الفاحشة، فأبى، فأتت راعياً فأمكنته من نفسها، فوقع الراعي الزاني على هذه المرأة الزانية، فولدت غلاماً، سألوها من أين هذا؟ قالت: من جريج، البهتان، التهمة، الفرية، فأتوه فكسروا صومعته، وأنزلوه وسبوه، فتوضأ وصلى ثم أتى الغلام، فقال: من أبوك يا غلام؟ قال: الراعي، أنطق الله الغلام، فشهد ببراءة جريج، قالوا: نبني صومعتك من ذهب، قال: لا، إلا من طين.أعيدوها كما كانت وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًاسورة الطلاق 2.
وبينما امرأة ترضع ابنها إذ مر بها راكب، فارس متكبر، ذو شارة، شكل حسن، وهيئة، ومنظر، وملبس جميل، يشار إليه، فقالت: اللهم اجعل ابني مثله، اللهم لا تمت ابني حتى يكون مثل هذا، أعجبها شكل الرجل، فقال الغلام وترك الثدي: اللهم لا تجعلني مثله، ثم رجع في الثدي، ومر بامرأة تجرر، بأمة تضرب، فقالت: اللهم لا تجعل ابني مثلها، فقال: اللهم اجعلني مثلها، فقالت له ذلك، أي سألته عن سبب كلامه، وقد تعجبت أشد العجب من نطق الرضيع، قال: أما الراكب فإنه كافر، أو جبار، وأما المرأة فإنهم يقولون لها: تزني وتقول: حسبي الله، تسرق، وتقول حسبي الله، يقولون: سرقت، زنيت، ولم تفعل، بهتان، اتهام، يقولون: سرقت ولم تسرق، وزنيت ولم تزن، وهي تقول: حسبي الله.
قال النووي رحمه الله معلقاً على القصة: "إنما سأل ذلك لا لأن يكون متهماً ولكن ليكون في براءتها ونصاعتها، لم يسأل أن يكون متهماً وإنما سأل أن يكون في مثل حالها براءة ونصاعة".
وقال في كتابه العزيز: إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا سورة النساء 105. إلى أن قال : وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا سورة النساء 112. فبعض الناس لا يكتفي بفعل السيئة، حتى يضيف إليها سيئة أخرى، وهي أن يلصقها بالبريء، يسرق ويتهم غيره بالسرقة، يقتل، ويتهم غيره بالقتل، وهكذا، فنزلت الآيات في قوم سرقوا فألبسوا التهمة بغيرهم، وجاء من يجادل ويدافع عنهم إلى النبي ﷺ، فأنزل الله الآيات في الدفاع عن البريء، وبيان عاقبة الذي يفتري الكذب على البريء وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًاسورة النساء 112.وقد حدثت عائشة رضي الله عنها عن امرأة كانت تأتي إليها، سوداء، أمة، وتقول كلما جلست عندها:
ويوم الوشاح من تعاجيب ربنا | ألا إنه من بلدة الكفر أنجاني |
كلما جلست قالت:
ويوم الوشاح من تعاجيب ربنا | ألا إنه من بلدة الكفر أنجاني |
فسألتها عائشة: كلما جلست تقولين هذا؟ فقالت: إنها كانت لحي من العرب، أمة، فأعتقوها فكانت معهم، فخرجت صبية لهم عليها وشاح أحمر من سيور، خيطان من اللؤلؤ، فوضعته أو وقع منها، فمر به حدياة، -حدأة- وهو ملقى فحسبته لحماً فخطفته، فالتمسوه فلم يجدوه، قالت: فاتهموني به، فطفقوا يفتشون حتى فتشوا قبلها، وكشفوا عورتها، هذه المظلومة المسكينة، تقول: والله إني لقائمة معهم إذ مرت الحدياة فألقته فوقع بينهم، وفي رواية: فدعوت الله أن يبرأني، فجاءت الحدية وهم ينظرون فألقته بينهم، فقلت: هذا الذي اتهمتموني به زعمتم، وأنا منه بريئة، وهو ذا هو، وجاءت إلى النبي ﷺ وأسلمت.
وحديث الإفك وما أدراك ما حديث الإفك؟ الذي أشاعه المنافق عبد الله بن أبي بن سلول، أشاعه هو وأصحابه، وانتشر الخبر، وتكلم به الناس، وعائشة لا تدري، بعدما رجعت من السفر، وكان وجدها صفوان في الطريق، نسيها الجيش، فأتى بها النبي ﷺ، فوقع عبد الله في صفوان وعائشة، فعل هذا بهذه، وانتشر الخبر، ولما علمت عائشة والخبر يدور في المدينة، ماذا قالت؟ سبحان الله، أولقد تحدث الناس بهذا؟ قالت: فبكيت تلك الليلة، حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم، ثم أصبحت أبكي، والنبي ﷺ يصعد المنبر ويقول: يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهلي، والله ما علمت على أهلي إلا خيراً قالت: فبكيت يومي ذلك كله لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم، حتى إني لأظن أن البكاء فالق كبدي، فبينما أبواي جالسان عندي، وأنا أبكي، استأذنت علي امرأة من الأنصار، فأذنت لها، فجلست تبكي معي، ولما دخل عليها النبي ﷺ وأهلها، قالت: قلت وأنا جارية حديثة السن، لا أقرأ من القرآن كثيراً، أي: لا أحفظ منه كثيراً: إني والله لقد علمت، لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به، فلئن قلت لكم: إني بريئة لا تصدقوني، ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني منه بريئة لتصدقني، فوالله لا أجد لي ولكم مثلاً إلا أبا يوسف، ولم تكن تذكر اسمه، نسيت يعقوب ، لا أجد لي ولكم مثلاً إلا أبا يوسف حين قال: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَسورة يوسف 18. ثم تحولت واضطجعت على فراشي، والله يعلم أني حينئذٍ بريئة، وأن الله مبرئي ببراءتي، وأنزل الله براءة عائشة في القرآن الكريم..
وهكذا لما اتهم سعد بن أبي وقاص، من العشرة المبشرين بالجنة، قالوا عنه: إنه لا يسير بالسرية، يترك الجهاد، ولا يقسم بالسوية، لا يعدل في التوزيع من بيت المال، ولا يعدل في القضية، يجور في الحكم إذا قضى بين الخصمين، قال سعد: أما والله لأدعون بثلاث: اللهم إن كان عبدك – هذا الذي قال هذا الكلام، وقد عرف من هو- كاذباً، قام رياءً وسمعة، وهذا الاحتياط في الدعاء من المظلوم، اللهم إن كان عبدك هذا كاذباً قام رياءً وسمعة فأطل عمره وأطل فقره وعرضه بالفتن. هذا الرجل رؤي بعد ذلك شيخ كبير سقط حاجباه على عينيه من الكبر يتعرض للبنات في الشارع يغمزهن، يُسئل فيقول: شيخ كبير مفتون، أصابتني دعوة سعد. وفيه جواز الدعاء على الظالم المعين، وهكذا استجاب الله دعوة سعد وهو مجاب الدعوة.
وأيضاً لما اتهم سعيد بن زيد أنه أخذ شيئاً من أرض لجارته، اتهمته عند الخليفة، قال: أنا كنت آخذ من أرضها شيئاً بعد الذي سمعت من رسول الله ﷺ، ما سمعت؟ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: من أخذ شبراً من الأرض ظلماً طوقه إلى سبع أرضينفي عنقه يوم القيامة، شبر إلى سبع أرضين إلى الأرض السفلى حول عنقه. ثم قال: اللهم إن كانت كاذبة فعم بصرها واقتلها في أرضها، قال الراوي: فما ماتت حتى ذهب بصرها ثم بينا هي تمشي في أرضها إذ وقعت في حفرة فماتت.. رواه مسلم.
اللهم إنا نسألك أن تعف ألسنتنا من الكذب، وأعمالنا من الرياء، وقلوبنا من النفاق، اللهم اجعلنا سلماً لأوليائك، حرباً على أعدائك، أحينا مسلمين، وتوفنا مؤمنين، وألحقنا بالصالحين، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
وأوسعوا لإخوانكم يوسع الله لكم.
الخطبة الثانية
الحمد لله، وسبحان الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وصبحه أجمعين:
اتهام العلماء وفضيلة الدفاع عنهم
عباد الله: لقد اتهم كثير من الأبرياء، ومنهم العلماء، وكبراء المسلمين لم يسلموا من هذا، وحكت لنا كتب التاريخ نماذج، فاتهموا عكرمة تلميذ ابن عباس رحمه الله أنه من الخوارج، واتهموا عمرو بن دينار، الراوي، العالم، الصالح، بالتحامل على ابن الزبير وهو بريء، واتهم الشافعي رحمه الله، اتهم رحمه الله ، اتهم بمعاداة الخلفاء، وهو يحبهم ويقول: الخلفاء الراشدون خمسة، يبدءون بالصديق ويختمون بعمر بن عبد العزيز.
اتهم البخاري رحمه الله بخلق القرآن، وهو لا يقول بخلق القرآن، حاشا وكلا أن يقول البخاري رحمه الله بخلق القرآن، وهكذا اتهم ابن أبي عاصم، وابن قتيبة، والدارقطني، والبربهاري، والخطيب، والشاطبي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، اتهم أنه لا يحب النبي ﷺ، لماذا؟ لأنه أفتى بتحريم شد الرحال إلى القبر النبوي، إنما قال ذلك بمقتضى الأحاديث: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة، ولئلا نحدث الغلو بقبر النبي ﷺ، ومع ذلك قالوا: لا يحب النبي ﷺ، واتهم محمد بن عبد الوهاب إمام الدعوة رحمه الله بأمور فضيعة؛ لأنه يحارب الشرك ويقيم التوحيد، أنه يستحل دماء المسلمين، أنه يكره النبي ﷺ، أنه يبغض الصحابة؛ لأنه هدم بعض القبور، بعض الأضرحة التي على القبور، وهدْمُها حق، قالوا: يهدم قبر الصالحين، يهدم الأضرحة على قبور الصالحين، يعني يكرههم، وهكذا وهكذا.
عباد الله: قال ﷺ: إن من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق، إطالة اللسان في عرض المسلم والوقيعة فيه بقذف أو سب بغير حق، بالباطل، قال: أرأيت إن كان فيه ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته، البهتان الكذب العظيم يبهت فيه من يقال في حقه، يبهت، البريء يبهت عندما يسمعه عن نفسه، وشهادة الزور أين هي؟ في النار، وما هو واجبنا؟ الدفاع عن إخواننا، قال ﷺ: من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة. حديث صحيح، وفي رواية كان له حجاباً من النار.
ثملا نقبل الأخبار على عواهنها، ونأخذ الأمور دون تبين وتحقق، والله قد ذكر في كتابه العزيز حد القذف ثمانين جلده، لمن يتهم ولا يأتي بشهداء، يرمي بالفاحشة ولا يأتي بأربعة شهداء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةًسورة النــور 4. وأولئك عند الله هم الكاذبون، وفي الوقت ذاته فإننا لا نتعامى عن الحقائق، وإذا قيلت الحقيقة بالأدلة والبيانات نعمل بها، وننصح المتهم، ننصح المذنب، نعاقب المذنب إذا ثبت ذلك عليه، أما أن نبرئ كل الناس فلا، فإن منهم الفاجر، فإن منهم المعتدي، الظالم، لا بد من الأخذ على يديه.
عادات سيئة يقوم بها بعض الناس في شعبان
عباد الله: ونحن في آخر شهر شعبان، وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، فإن النبي ﷺ قد علمنا أن لا نصل شعبان برمضان، ونهى عن تقدم رمضان بيوم أو يومين، إلا من كان له عادة، إذاً ينهى عن الصيام في آخر شعبان إلا لمن كان يصومه بنية قضاء أو نذر، صوم واجب، أو له عادة يصوم اثنين وخميس مثلاً، يصوم يوماً ويفطر يوماً، فوافق آخر شعبان، فلا حرج في صيامه، له عادة، أما أن لا يكون له عادة، ويأتي في آخر شعبان ليصوم، ويكون هذا ذريعة للزيادة في العبادة، أو يقول: احتياطاً لرمضان، يمكن رمضان ما رأوا الهلال، وهذا احتياط مبتدع محرم، والنبي ﷺ قال: صوموا لرؤيته. وقال: إن غم عليكم فأتموا، أكملوا عدة شعبان ثلاثين، إذاً هذا هو الحكم الشرعي، ولا عبرة بالآراء، ولا يقدم الرأي على حديث النبي ﷺ، والفصل بين صيام الفرض والنفل قد جاءت به الأدلة، وأيضاً فإن بعض الناس في المقابل يظنون أن الشارع عندما منع الصيام قبل رمضان مباشرة، فإن المقصود توديع الأكل بحفلة من الشهوات، ويسمونها الشعبانية، نشعبن، ويشعبنون، وهذا والله الجهل العظيم، وقيل: إن هذه العادة مأخوذة من النصارى، فإنهم كانوا يجتمعون قبل صيامهم، ويعملون حفلات الأكل العظيمة، يودعون قبل الإقدام على الصيام، يودعون ماذا؟ وإن بعضهم يودعونه بالمعاصي الكبيرة ويشربون الخمور، وقال قائلهم:
إذا عشرون من شعبان ولت | فواصل شرب ليلك بالنهار |
ولا تشرب بأقداح صغار | فإن الوقت ضاق عن الصغار |
وهكذا والعياذ بالله البهائم أعقل منه وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا سورة الأعراف 179. فإذاً هذا الفصل بين النفل والفرض؛ لعلل منها: عدم الزيادة على العبادة، والتشوق لدخول الشهر، وليس لأجل توديع الأكل بالشعبنة، وهي شعبذة.
الاستعداد لرمضان بأنواع الطاعات والقربات
ونحن قادمون على شهرنا نسأل الله أن يبلغنا إياه، وأن يعيننا فيه على ذكره وشكره وحسن عبادته.
لنعزم فحيهلا إن كنت ذا همة | فقد حدا بك حادي الشوق |
–الشوق إلى رمضان– فاطو المراحل
ولا تنتظر بالسير رفقة قاعد | ودعه فإن العزم يكفيك حامل |
وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم، وهكذا إذا جاء رمضان فإننا نستعد له، نستعد بأخذ الأهبة، والاستعداد للصيام، والقيام، والعبادة، وختمة القرآن، وما هو أكثر من ذلك من الدعاء، والاعتكاف، وأنواع الصلة والبر، وإطعام الطعام، والطاعة، حمل الأهل على الخير، ونعود صبياننا عليه، نأمرهم به كما في الصلاة، إذا أطاقه الصبي أمر به، إذا أطاقه أمر به، وهكذا يصوم ولا يقال: اختبارات، وامتحانات، فإن امتحان الدنيا أهون من امتحان الآخرة، فإذا أطاقه أمر بصيامه، وإذا لم يطقه لا يؤمر بصيامه، وهكذا الفضل العظيم في الشهر الكريم، يجزي الله به ويضاعف، الصوم لا عدل له، دعوة الصائم لا ترد، له فرحتان، الصيام يشفع له، وخلوف فمه عند الله أطيب من ريح المسك، جُنّة، وحصن حصين من النار، يباعد الله وجه صاحبه عن جهنم، أعانك يا مسلم بفتح أبواب الجنان، وتغليق أبواب النيران، وسلسلت الشياطين، قبل أن يدخلوا الحبس فاتق شرهم ومكرهم، ومن كان غير قادر على الصوم أبداً، بتقرير الأطباء الثقات، يُطعم عن كل يوم مسكيناً، يجمعها في آخر الشهر يطعمهم، ومن كان به مرض يستطيع أن يصوم، فإنه ينتظر حتى يشفى ليصوم، وليكن عباد الله الجود بالعلم، والمال، والخلق، وتهيئة الأجواء، والنفوس للعبادة، وترك المنكرات، ولا بأس بالتهنئة بدخول الشهر، والدعاء بأن يتقبل الله ، والنية في ليلة الأول من رمضان، المهم أن تكون في أي وقت ما بين المغرب والفجر، قبل الفجر أن يكون لك نية، ما هي النية؟ هل هي ألفاظ؟ كلا، عزم القلب على فعل الشيء، عزم القلب على فعل الشيء، هذه نية، وكبير السن الذي لا يطيق، والعجوز فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍسورة البقرة 184. والحمد لله.
نسأل الله أن يتقبل منا، وأن يجعلنا فيه من عتقائه من النار، وأن يجنبنا الإثم والفواحش ما ظهر منها وما بطن، إنه سميع عظيم كريم جليل رحيم، الله ارحمنا، واغفر لنا ذنوبنا، وكفر عنا سيئاتنا، وتوفنا مع الأبرار، انصر الإسلام والمسلمين يا رب العالمين، اللهم آمنا في الأوطان والدور، وأصلح الأئمة وولاة الأمور، واغفر لنا يا عزيز يا غفور، سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.