الخطبة الأولى
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
فضل العلم ومكانته
الحمد لله الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، فأقسم بالقلم وقال:وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَسورة القلم:1، إعلاءً لشأنه لكونه طريق العلم والتعلم، والعلم أجل الفضائل، وأشرف المزايا، وأعز ما يتحلى به الإنسان.
قالت أم عطاء لعطاء: "يا بني، إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم".
جعل الله خشيته عند أهل العلم إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءسورة فاطر:28، وجعل الفقه دليلاً على إرادته الخير بعبده كما قال نبيه ﷺ: من يرد الله به خيراً يفقه في الدين[ رواه البخاري برقم (69)، ومسلم برقم (3549) ].
العلم تركة الأنبياء وتراثهم، وأهله عصبتهم ووراثهم، وهو حياة القلوب، ونور البصائر، وشفاء الصدور، ورياض العقول، ولذة الأرواح، وأنس المستوحشين، ودليل المتحيرين، وهو الميزان الذي توزن به الأقوال والأعمال، وهو الحاكم المفرق بين الشك واليقين، والغي والضلال.
به يعرف الله ويعبد، ويذكر ويوحد، ويحمد ويمجد، به اهتدى إليه السالكون، ومن طريقه وصل إلى الله الواصلون، به تعرف شعائر الأحكام، ويتميز الحلال من الحرام، به توصل الأرحام، وتعرف مراضي الحبيب، وبمعرفتها يوصل إليه من قريب، إمام هو، والعمل مأموم، قائد هو والعمل تابع.
هو الصاحب في الغربة، والمحدث في الخلوة، والأنيس في الوحشة، والكاشف في الشبهة، مذاكرته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وطلبه قربة، وبذله صدقة، مدارسته تعدل الصيام والقيام، والحاجة إليه أعظم من الحاجة إلى الشراب والطعام، طلب العلم من أجل العبادات وأفضل القربات، لم يأمر الله نبيه بالازدياد من شيء إلا منهوَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًاسورة طـه:114.
كرم الله أهله وأشهدهم على أعظم حقيقة شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ سورة آل عمران:18 أي: شهدت أيضاً، وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ شهدوا أيضاً، شهدوا بألوهيته ، قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، فاستشهدهم على أجل مشهود، وقرن شهادتهم بشهادته وشهادة ملائكته.
نفى الله التسوية بين أهله وغيرهم فقال: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَسورة الزمر:9، رفع الله درجاتهم يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍسورة المجادلة:11، رحمة منه وفضل وخير يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًاسورة البقرة:269، والحكمة الكتاب والسنة.
وقال سبحانه: وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَسورة العنكبوت:48-49، جعل الله آياته في صدور العلماء.
إنه جعل صيد الكلب الجاهل ميتة، وجعل صيد الكلب المعلم حلالاً، هذا يمسك لنفسه وهذا يمسك لصاحبه، وهذا التعليم دنيوي للصيد، ومع ذلك أثر فرقاً بين ما يمسكه الكلب المعلم وغير المعلم، فما بالك بالذي يتعلم دين الله ومن هو جاهل به.
أعظم الأوقات ما يقضى فيها العلم
أيها المسلمون: هذه الإجازة، وهذا التفرغ الذي حصل للكثير فيها، نعمة من الله، فبأي شيء سيستثمر، وبماذا سيشغل؟ هل فكرنا بما نملؤه، إن طلب العلم من أعظم ما تملأ به الأوقات، والاشتغال بعبادة الله من أفضل ما تقضى به الأعمار، فطوبى لمن رزقهما جميعاً من سلك سبيلاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة، وإن العلماء ورثة الأنبياء، ما من خارج خرج من بيته في طلب العلم إلا وضعت له الملائكة أجنحتها رضاً بما يصنع[ رواه الترمذي برقم (2606)، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (6297) ]، وهذا الحديث رواه الترمذي وصححه، فهذه الملائكة تتواضع لطالب العلم، ذكر النووي أن الإمام السجستاني رحمه الله -وهو أبو داود صاحب السنن- كان يسير مع طلابه إلى مجلس علم، فرآهم رجل خليع مستهزئ، فقال ساخراً بهم: ارفعوا أرجلكم عن أجنحة الملائكة لا تكسروها، استهزاءً بالحديث، قال النووي رحمه الله: فما زال في موضعه حتى جفت رجلاه، أي أصيب بالشلل، وسقط فمات" وسندها صحيح.
وقال النبي ﷺ: فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم، وإن الله وملائكته وأهل السماوات والأرضين حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت، ليصلون على معلمي الناس الخير[ رواه الترمذي برقم (2609)، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (4210) ].
عباد الله: هذا الطلب يرحب بأهله، جاء الصحابة إلى النبي ﷺ، وجاء التابعون إلى الصحابة، فكان الشعار مرحباً بطالب العلم خيركم من تعلم القرآن وعلمه[ رواه البخاري برقم (4639) ]، والعلم علم الكتاب والسنة، معرفة مراد الله من كتابه، ومراد رسول الله ﷺ من حديثه، هذا هو العلم، ووسائله كثيرة، والفنون المطلوبة لفهم هذه النصوص متعددة، ولذلك فإن طالب العلم يتعلم من اللغة والأصول والقواعد في التفسير والحديث والفقه ما يعينه على فهم النصوص الشرعية، فهذا العلم المطلوب "معاني القرآن ومعاني السنة"، هذا هو العلم.
مزايا العلم
وقال ﷺ: ألا إن الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه، وعالم أو متعلم[ رواه الترمذي برقم (2244)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم (1609) ]، قال علي لكميل بن زياد: "يا كميل، العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، والعلم يزكو على الإنفاق، والمال تنقصه النفقة، العلم حاكم، والمال محكوم عليه"[ حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (1/79) .
وهكذا يحفظ العلم صاحبه من موارد الهلكة، ويقيه من مواقع العطب، العلم بأمر الله وبأمره، العلم بحرمات الله، العلم بالحلال والحرام، العلم بعدو الله إبليس وبمكائده ومداخله، العلم بما يصلح القلب والنفس، قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَاسورة الشمس:9-10 .
هذا العلم عزيز.
إن الأكابر يحكمون على الورى |
وعلى الأكابر يحكم العلماء |
هذا العلم لو صانه أهله لعظمه الناس.
ولو أن أهل العلم صانوه صانهم | ولو عظموه في النفوس لعظما |
ولكن أهانوه فهان ودنسوا | محياه بالأطماع حتى تجهما |
العلم أفضل من المال، العلم ميراث الأنبياء، والمال ميراث الكبراء والأغنياء، العلم يحرس صاحبه والمال لا بد أن يحرسه صاحبه، العلم يزكو بالنفقة، والمال ينقص بالإنفاق، إلا ما كان في سبيل الله. صاحب المال إذا مات فارقه ماله، وصاحب العلم يدخل علمه معه في قبره، العلم حاكم على المال، والمال لا يحكم على العلم، المال يحصل للمؤمن والكافر، والعلم النافع لا يحصل إلا للمؤمن.
بين العلم والمال
العالم يحتاج إليه الملوك فمن دونهم، وصاحب المال يحتاج إليه أهل الفاقة، العالم تشرب نفسه وتزكو بجمع المال، وجامع المال نفسه تشح وتبخل بجمع المال والحرص عليه، العلم يدعو للتواضع والعبودية، والمال يدعو للطغيان والفخر والخيلاء. العلم يوصل إلى الله والدار الآخرة، والمال حاجب بين العبد وبين الآخرة، العلم أجل من المال؛ لأنه ذاتي للنفس لا ينفك عنها، والمال إذا ذهب ذهبت قيمة النفس، العلم يستعبد صاحبه لله رب العالمين، والمال يصبح صاحبه عبداً له تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم[ رواه البخاري برقم (2673) ].
حب العلم أصل كل طاعة، وحب المال أصل كل خطيئة، قيمة الغني في ماله، وقيمة العالم في علمه، وهذا جوهر عظيم لا يقارن بهذا، العالم يدعو الناس إلى الله بعلمه، وجامع المال يدعوهم إلى الدنيا بحاله فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَسورة القصص:81.
عباد الله: إن هذا العلم لا يذهب فجأة، ولكن المال يمكن أن يذهب فجأة، وهكذا ترى اليوم أصحاب الأسهم في قلق عظيم، إنهم ساعون غاية السعي، يتسمرون عند الشاشات، ويقضون تلك السهرات، قلوبهم تخفق، ونفوسهم تَقلَق، ويتخاطفون خبراء الأسهم، إغراء من هنا وإخلاف للشروط من هناك، نقض للعقود هنا، وإخلاف للعهود هناك، وحيل هنا، وهذه محافظ، وبعضها مباح، وبعضها محرم، والناس في أمر مريج لا يدرون عن المحافظ الاستثمارية، وهذه الصناديق ما فيها، فأين الخبير بالشرع وبالمال بالدنيا في أصول الاستثمار والبحث عن الأرباح؟، وحيل ومكائد، وإصعاد أسهم، والهبوط بأخرى، مؤامرات وتحايلات، إفشاء أسرار والسعي في رفع أسهم الشركات بأمور هي من نشاطاتها، وبأمور خارجة عنها، وقروض ربوية هنا، وحيل هناك، إنها مجموعة من الدسائس وعصابات داخلة في السوق، وإضرار بالآخرين، ومخادعة للمساكين، هؤلاء يطيرون إلى الأعلى، وهؤلاء يهوون إلى الأسفل، والمؤشر يرتفع، والدنيا تسير بأهل الأسهم سير المجانين وإن حقاً على الله ألا يرفع شيئاً إلا وضعه[ رواه البخاري برقم (2660)، ومسلم برقم (6020) ]، والمؤشر يعلو إلى ثلاثة عشر ويتجه إلى أربعة عشر والأيدي على القلوب، والقلوب تكاد تبلغ الحناجر، فإذا ما جاء اليوم الذي يسمونه أسود، والشريعة نهت عن سب الدهر، فجاء الخسف وهبطت الأسعار فجأة، وهوى المؤشر لتمتلأ العيادات النفسية بهؤلاء المجانين، والذين فقدوا أموالهم ثم فقدوا عقولهم، وأصحاب الجلطات والسكتات، وهكذا يحصل شعور كهيئة المجانين، عند الشاشات يتخبطون، يقومون يسيرون وفجأة يضحكون، ثم ينهارون يبكون، والقضية معروفة، وهكذا يقع في سوق الأسهم، وهكذا دواليك، يفقدون أموالهم فجأة، وتتراكب عليهم الديون.
أما أهل العلم فإن علمهم لا يطير فجأة كما ستطير أموال كثيرين من المساهمين فجأة في سوق الأسهم، وليس معنى هذا تحريم المتاجرة بالأسهم المباحة بالطرق الشرعية، كلا، بل هو من طرق الكسب الحلال، ولكن الإشارة إلى ما يقع في سوق الأسهم من المحرمات، وعدم البحث والتحري، ثم عدم البصيرة وتقليد الآخرين، والسعي في وضع المدخرات، وبيع البيوت والعقارات، والحلي والمصاغات، ثم إدراج ذلك في هذه العمليات، وهم لا يعلمون متى سيهوي المؤشر، ومتى هو الوقت المناسب للخروج، وهذه إشارة أيضاً إلى الهلع الذي يصيب أولئك، وأن الإيمان بالقضاء والقدر عند الكثيرين هو قليل، ولذلك إذا هوى المؤشر هوت القلوب والأرواح، والعقول والأجساد، ولذلك فلا بد من التعقل والتبصر، وألا يركب الإنسان المراكب التي يمكن أن تورده المهالك.
عباد الله: يبقى العلم الشرعي في النفوس وتذهب الأموال.
ما الفخر إلا لأهل العلم إنهم |
على الهدى لمن استهدى أدلاء |
وقدر كل امرئ ما كان يحسنه |
والجاهلون لأهل العلم أعداء |
ففز بعلم تعش حياً به أبداً | الناس موتى وأهل العلم أحياء |
هذا يحتاج إلى نشاط، وعمل دؤوب وسهر.
اطلب العلم ولا تكسل فما |
أبعد الخير على أهل الكسل |
واحتفل للفقه في الدين ولا |
تشتغل عنه بمال أو خول |
واهجر النوم وحصله فمن |
يعرف المطلوب يحقر ما بذل |
لا تقل قد ذهبت أربابه |
كل من سار على الدرب وصل |
في ازدياد العلم إرغام العدى |
وجمال العلم يا صاح العمل |
جمل المنطق بالنحو فمن |
يحرم الإعراب في النطق اختبل |
لا تقل أصلي وفصلي أبداً |
إنما أصل الفتى ما قد حصل |
قيمة الإنسان ما يحسنه |
أكثر الإنسان منه أو أقل |
همة السلف في طلب العلم
عباد الله: إن الانشغال بالعلم يشغل عن طلب المال ولا شك، قال شعبة لأبي الربيع السمان: لزمت السوق فأفلحت، ولزمت أنا الحديث فأفلست.
ولما قيل للإمام أحمد وقد ظهر الشيب فيه: إلى متى وأنت مع المحبرة، فقال أحمد كلمته المشهورة: مع المحبرة إلى المقبرة.
وكان محمد بن عبدوس يصلي الصبح بوضوء العشاء سهراً خمس عشرة سنة دراسة، وخمس عشرة سنة عبادة.
وهكذا كانوا يطوفون على المشايخ يقول أحمد رحمه الله: كنت ربما أردت البكور إلى مجلس الحديث فتأخذ أمي بثيابي وتقول: انتظر يا بني حتى يؤذن الناس للفجر وحتى يصبحوا، كانوا يبكرون إلى حلق العلم قبل الفجر؛ لأنهم كانوا يتزاحمون، ولا يجد الطالب المتأخر مكاناً عند الشيخ من حرصهم، والناس اليوم مزدحمون على شاشات الأسهم، وكذلك في حراجات العقارات، ليتهم قد قسموا الوقت بين عمل الدنيا والآخرة، ولكن جل الوقت للدنيا وشيء قليل للآخرة، فهذا ليس تحريماً للعمل في العقارات، والدخول في حراجاتها، ولكنها دعوة لصرف أوقات مزيد من الأوقات لما يعمر القلوب، ويقرب من علام الغيوب.
عباد الله: هذا النووي عاش ستاً وأربعين سنة، وأنتج مئات المجلدات، وهذا ابن حجر قرأ معجم الطبراني في جلسة بين الظهر والعصر، وهذا عبد الله بن محمد -فقيه العراق- طالع كتاب المغني ثلاثاً وعشرين مرة، وهذا الحر بن عبد الرحمن طلب إعراب القرآن خمساً وأربعين سنة، وهذا الجوهري يقول: كل حديث لا يكون عندي من مائة وجه فأنا فيه يتيم، وهذا حمدان بن هانئ يقول: سمع خلف بن هشام يقول: أشكل علي باب من النحو فأنفقت فيه ثمانية آلاف حتى حذقته، وأبو الوفاء بن عقيل الحنبلي ألف كتاب الفنون في أربعمائة وسبعين مجلداً، وهذا عبد الله بن نافع جالس مالكاً خمساً وثلاثين سنة، وإسماعيل الجرجاني كان يكتب كل ليلة تسعين ورقة بخط دقيق، كان متأنياً في الكتابة، قال الذهبي: هذا يمكنه أن يكتب صحيح مسلم في أسبوع، وقرأ المزني رحمه الله كتاب الرسالة في أصول الفقه للشافعي خمسين مرة، واليوم هذه الكتب متوفرة، والطبعات موجودة.. وما أحسنها، ومشكولة وما أجملها، الحروف واضحة، والأوراق فخمة، ولكن أين الطلاب، أين القراء، أين الحفاظ، أين الدروس، أين من يحضر هذه الدروس؟.
ثم يا عبد الله من نعمة الله علينا أن يوجد لدينا دورات علمية شرعية، أتيح المجال، وهكذا جاء العلماء وأهل العلم فجاءوا إليك فماذا أنت فاعل؟ هذه الدورات التي لها مدة زمنية محدودة يمكنك أن تحضر فيها، أن تنشط في طلب العلم، أن يؤسس في النفس حب العلم، أن يكون هنالك حرص ونهم للعلم، أن يكون السعي بعد التعلم للعمل، توثيق الصلة بالله، تتكون المنهجية، يحصل الزكاء للنفس، هذه دورات عظيمة، ولمن لا يستطيع الذهاب إلى مساجدها فهي منقولة على الشبكة، فماذا بقي لدينا من عذر، ماذا بقي لدينا وحتى النساء في بيوتهن يحضرنها ويسمعنها، قال البخاري في كتاب العلم: باب تعليم الرجل أمته وأهله، باب عظة الإمام النساء، باب هل يجعل للنساء يوماً على حده، انظري الاهتمام بتعليم المرأة، وسائل نفسك ماذا فعلت لتعليم أهلك وأولادك؟.
عباد الله: "مع المحبرة إلى المقبرة" هكذا كان شعار سلفنا، فما بال القعود عن الطلب، اخلص النية، فرغ النفس، انتق الدورات، احضر الدروس، اقتنِ الكتب، فكر واستعد، تهيأ، راجع، كرر، داوم ذكر الله، واجتنب أصحاب الهوى والفتنة، وليكن معك من يعينك.
إجلال العلم والعلماء
أيها المسلمون: لا بد أن يكون لدينا سعي للآخرة، إذا كنا نعرف اليوم مواصفات الجوالات بدقة، إذا كنا نعرف اليوم هذه التقنية بتفاصيلها، فما بالنا هجرنا كثيراً من تفاصيل القرآن والسنة، ولا بد من الأدب؛ لينقاد الطالب للشيخ.
يقول الشافعي كنت أصفح الورقة بين يدي مالك صفحاً رقيقاً هيبة له؛ لئلا يسمع وقعها، قال الربيع: والله ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إلي هيبة له، ثم ينادونهم يا معلمي ويا شيخي ويا أستاذي.
والله تعالى يعطي العبد مثلما كان العبد يفعل، وهكذا يعوضهم الله ويرفعهم، كان الأدب في السؤال والأدب في الجواب، شبطون -أحد علماء الأندلس- جاءته رقعة يسأل فيها أحد السلاطين عن كفتي الميزان أهما من ذهب أو من فضة -ميزان الأعمال عند الله-؟، فقلب شبطون رقعته وكتب عليها قال رسول الله ﷺ: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه[ رواه الترمذي برقم (2239)، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (5911) ].
ولا بد من إجلال أهل العلم، ليس من أمتي من لم يجل كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه[ رواه أحمد في المسند برقم (21693)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم (5443) ]، مجلس أحمد رحمه الله كان يحضر فيه خمسة آلاف أو يزيدون، خمسمائة يكتبون، والباقون يستمدون من سمته وخلقه وأدبه، الحضور ليس للدرس فقط، وليس حفظاً للمعلومات فقط، وإنما هو استفادة واتعاظ، ولا بد أن يصبر على جفوة الشيخ أو شدة منه.
اصبر لدائك إن جفوت طبيبه |
واصبر لجهلك إن جفوت معلما |
فقد يشتد في شيء أو يغلظ فلا تأخذ في نفسك عليه، فما تأخذه من الفائدة أكبر بكثير مما ربما يحصل من الشدة.
عباد الله: إن هذا الأدب في غاية الأهمية، كانوا يقبّلون رأس العالم، ويتأدبون في المجالس، ويستأذنون في الصحبة وفي الانصراف، وكذلك لا ييأسون إذا استغلق عليهم شيء، وبعضهم كان يستوحي من الذباب، يقول: هذا الذباب كلما ذب آب، فأنا لو أني لم أفهم الآن رجعت إلى المسألة، وكلما صدني شيء عن فهما رجعت إليها.
اطلب العلم كالذباب إذا ما |
طردوه يعود في كل حال |
واشتغل بالمطالعات لما في كتب |
العلم أنت طول الليالي |
وإذا أشكلت عليك أمور سل |
خبيراً ولا تقف في السؤال |
وإذا لم تجد خبيراً فدعها |
لوجود الخبير ذي الإفضال |
إن هذا هو السعادة أما |
غير هذا فمحض قيل وقال |
عباد الله: لا يتعلم العلم مستحٍ ولا مستكبر، فلا بد من التواضع حتى نتعلم.
اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً إنك أنت العليم الحكيم.
أقول قولي هذا، واستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله، أشهد أن لا إله إلا الله وسبحان الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وأشهد أن محمداً رسول الله، الرحمة المهداة، رسول الله ومصطفاه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وعلى أزواجه وذريته، وعلى خلفائه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
ترشيد السفر في الإجازة
عباد الله: يعزم كثير من الناس على السفر في هذه الإجازة، فلتكن أسفارهم في طاعة الله كما كانت أسفار رسول الله ﷺ في الهجرة والجهاد والحج والعمرة، فإذا أردت أن تنشئ سفراً يا أخي المسلم فصحح النية ليكن السفر في طاعة، كبيت الله قصداً للعمرة، وكذلك الذهاب إلى دورات العلم، وكذا صلة الرحم، وتلبية الدعوة لحضور وليمة الزفاف، وتهنئة القريب، وكذا تحصيل الفوائد في هذا السفر حتى لو كان في مباح، حتى لو أردت ترويحاً، تغييراً للجو، طرداً للملل، بعداً عن الرتابة، فسحة للأهل والأولاد، ليكن ذلك لك فيه نية صالحة من الترويح عنهم؛ لأن إدخال السرور على الأهل والأولاد بالمباح فيه أجر من الله، وليس فقط مباح، وإنما هو عبادة في الحقيقة، وليكن ذلك مجالاً للتداخل النفسي والتقارب مع أولادك الذين ابتعدت عنهم أنت في أجواء العمل، وهم في بيئة الدراسة، فها هي العائلة قد اجتمعت من أول النهار إلى آخره، فماذا أنت فاعل يا ولي أمرها، ويا قائدها، وأنت القائم عليها، عندما يحصل لك من الفرصة ما تناقش فيه كثيراً من الأمور، وتعلم ماذا دخل في نفوس أولادك في هذه السنة، ستكتشف أن أشياء كثيرة قد زرعت، فمنها ما هو نافع، ومنها ما هو ضار، وهكذا المزارع يتعهد ما زرع، فإذا اكتشف حشائش غريبة اقتلعها، وهكذا رب الأسرة طبيب، فهو يداوي العلل في نفوس أولاده، وهكذا يعرف بأي شيء يفكرون، وما يلزم للتوجيه والنصح فيفعله، عندما يحصل في هذه الأسفار إقامة ذكر الله من رفع الأذان، وحضور الصلوات، والحرص على لقاء الأخيار، وما يحصل فيها من الدعوة إلى الله، ونصح الناس، وتغيير المنكر، والأمر بالمعروف.
تغرب عن الأوطان في طلب العلا |
وسافر ففي الأسفار خمس فوائد |
تفرج هم واكتساب معيشة |
وعلم وآداب وصحبة ماجد |
ولذلك فإن الإنسان ليس فقط يسافر لأجل السفر، بل ينتهز الحل والترحال للدعوة إلى الله بلغوا عني ولو آية[ رواه البخاري برقم (3202) ].
سافر تجد عوضاً عمن تفارقه |
وانصب فإن لذيذ العيش في النصب |
إني رأيت وقوف الماء يفسده |
إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطب |
والأسد لولا فراق الغاب ما افترست |
والسهم لولا فراق القوس لم يصب |
والشمس لو وقفت في الفلك دائمة |
لملها الناس من عجم ومن عرب |
والتبر كالترب ملقى في أماكنه |
والعود في أرضه نوع من الحطب |
فإن تغرب هذا عز مطلبه |
وإن تغرب ذاك عز كالذهب |
المسلم كالسحابة أينما ذهب أمطر فنفع، المسلم كالشجر إذا رماه الناس بالحجر رماهم بالثمر، ولذلك فليكن في سفرك يا أخي فرصة في زيارة الأحباب وصلة الأرحام، كذلك الدعوة إلى الله ، إذا سافر الناس لأجل الملذات المحرمة، وهكذا يفعل كثيرون مع الأسف، فليكن سفرك في طاعة الله ، عجباً للسفر كم هو مملوء بالأذكار، أوله وصايا من الحاضر للمسافر: زودك الله بالتقوى وغفر ذنبك ويسر لك الخير حيثما كنت، حيث أن السفر فيه مظنة نقص في الدين أو ضياع شيء من الفرائض، يقول له: أستودع الله دينك، وأمانتك، وخواتيم عملك[ رواه الترمذي برقم (3365)، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (957) ]، فربما لا يلقاه بعد هذا، يذكره ويوصيه، وهكذا المسافر، اللهم إنا نسألك في سفرنا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى[ رواه مسلم برقم (2392) ]، ولذلك يسافر كثيرون في غير مرضاة الرب ، فيذكر المسافر نفسه بهذه الأدعية، إذا ارتفع كبر، وإذا نزل سبح، وحتى في المطبات الجوية، والمرتفعات الهوائية يفعل ذلك، وعند صعود الطائرة وعند هبوطها.
من آداب السفر المرعية
عباد الله: كان النبي ﷺ والسلف لا يتركون في السفر السنن من الفجر وقيام الليل، وإذا تركوا سنة الظهر وسنة المغرب والعشاء فليس معنى هذا أنهم لا يصلون النوافل الأخرى، بل إنهم يصلون الضحى، وركعتي الوضوء، وتحية المسجد، وصلاة الاستخارة، والنوافل المطلقة في غير أوقات النهي. كانوا ينفقون على الرفقة الصالحة، ويخدمونهم، وهذا مجاهد صحب ابن عمر ليخدمه، فكان ابن عمر هو الذي يخدمه، يمسك ركابه إذا ركب، ويسوي عليه ثيابه، هكذا يفعل ابن عمر الشيخ للمجاهد التلميذ، ويعلمونهم التواضع، وطلحة يسخى بالدرهم والدينار على أصحابه، وهكذا كانت النفقة عليهم حتى أنهم يشترون الهدايا لأولاد أصحابهم، ماذا يشتهي أولادك؟ كذا وكذا، فيشترون لهم.
وهكذا الحسن في التعامل، الاستخارة، والاستشارة، وبر الوالدين، ولا يؤذي والديه بسفره، يخلص النية، ويجعل زاده طيباً، ونفقته حلالاً، ويصطصحب من فيه مصلحة، وإذا أراد سفراً فمن السنة أن يسافر صباح الخميس إذا أمكن، وأن يبكر في خروجه، وأن يودع أهله وجيرانه، جاء رجل إلى النبي ﷺ قال: "يا رسول الله، إني أريد سفراً فزودني" قال: زودك الله التقوى، قال: زدني، قال: وغفر ذنبك، قال: زدني بأبي أنت وأمي، قال: ويسر لك الخير حيثما كنت[ رواه الترمذي برقم (3366)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم (3579) ].
قال ابن عبد البر: "إذا خرج أحدكم في سفر، فليودع إخوانه؛ فإن الله جاعل في دعائهم بركة".
وقال الشعبي: "السنة إذا قدم رجل من سفر أن يأتيه إخوانه فيسلموا عليه، وإذا خرج إلى سفر أن يأتيهم فيودعهم، ويغتنم دعاءهم". [ الآداب الشرعية والمنح المرعية (3/421) ].
أيها المسلمون: كان النبي ﷺ ينصح بأن لا يسافر راكب بليل وحده، وإذا خرج ثلاثة أن يؤمروا أحدهم؛ لأن الإسلام ليس دين الفوضى، بل هو دين النظام، ويحرص على الوحدة والالتئام، وألا يكونوا رفقة متفرقة، بل مجتمعة، حتى إذا نزلوا في المكان كان ينصحهم أن لا يتفرقوا في الشعاب والأودية، فكانوا إذا نزلوا يجتمعون حتى لو بسط عليهم رداء لضمهم.
يا عبد الله: إذا خرجت وأنت تقول: بسم الله، توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، لا يستطيع عليك الشيطان، يقال لك: هديت وكفيت ووقيت، فالشياطين إذا اجتمعت يقول الواحد لهم شيطان يقول: كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي" [ كما ثبت من حديث أنس عند أبي داود برقم (4431)، والحديث: عن أنس بن مالك أن النبي ﷺ قال: إذا خرج الرجل من بيته فقال: بسم الله، توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله قال: يقال حينئذ: هديت وكفيت ووقيت فتتنحى له الشياطين، فيقول له شيطان آخر: كيف لك برجل قد هُدِيَ وكُفِيَ ووُقِيَ، والحديث صححه الألباني في صحيح الجامع برقم (499) ].
وهكذا لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِسورة الزخرف:13، فإذا وضعت رجلك على أول درجة في الطائرة تقول:"بسم الله"، فإذا استويت على مقعد الطائرة تقول: "الحمد لله"، ثم تقول: سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَسورة الزخرف:13[ رواه أبو داود برقم (2235) وغيره وأصل الحديث عن على بن ربيعة قال: "شهدت علياً أتي بدابة ليركبها فلما وضع رجله في الركاب قال: بسم الله ثلاثا، فلما استوى على ظهرها قال: الحمد لله ..."،وصححه الألباني في صحيح أبي داود برقم (2342) ]، وهكذا إذا فارقت البنيان تقول دعاء السفر، وتستعيذ بالله من الحور بعد الكور؛ ولأن الإنسان قد يبتلى بشيء في الأهل والمال فهو يستعيذ فيقول: وأعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب في المال والأهل[ سبق تخريجه برقم (13) ] دائماً أذكار وأدعية، والله يغفر لعبده بهذه الأذكار.
والمرأة معها محرمها مسلم، بالغ، عاقل، محرم عليها على التأبيد، ذكر، ولذلك يكون معها يصونها ويحوطها، وما أكثر الشر والأشرار في الناس اليوم، فلا بد من الحفاظ على النساء.
ويكون المسلم يا عباد الله في ذكر عندما ينزل في مكان يقول: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق[ كما ثبت في صحيح مسلم برقم (4881)، عن خولة بنت حكيم تقول سمعت رسول الله ﷺ يقول: من نزل منزلاً ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك ]، وهكذا يكون إذا أسحر سمع سامع بحمد الله وحسن بلائه علينا، ربنا صاحبنا وأفضل علينا، عائذاً بالله من النار[ رواه مسلم برقم (4895) ] يعني يقول هذا وهو يستعيذ بالله من النار، رواه مسلم، حتى وقت السحر في السفر يقول هذا، ويدعو؛ لأن دعوة المسافر مستجابة.
وإذا خشي قوماً: اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم[ رواه أبو داود برقم (1314)، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (4706) ]، وإذا أراد أن يدخل بلداً أو قرية استعاذ بالله من شر هذه القرية وشر أهلها وشر ما فيها، وسأل الله خيرها وخير أهلها وخير ما فيها.
ويكون حاديه ذكر الله، وليس الغناء، وما أكثر الغناء في الناس اليوم، تسمعه في سيارات الشباب، مع الأسف في الشوارع عند الإشارات، أي ذكر هذا؟ ذكر إبليس الذي يبعد النفوس عن الذي خلقها.
يا عباد الله: كان حاديهم:
اللهم لولا أنت ما اهتدينا |
ولا تصدقنا ولا صلينا |
فاغفر فداء لك ما أبقينا |
وثبت الأقدام إن لاقينا |
وألقين سكينة علينا |
إنا إذا صيح بنا أبينا |
وبالصياح عولوا علينا |
من هذا السائق؟، قالوا: عامر بن الأكوع، قال: يرحمه الله، قالوا: لولا متعتنا به" [ رواه البخاري برقم (5856) ]، وما دعا رسول الله ﷺ بمثل هذا لرجل إلا استشهد في سبيل الله.
إعانة الرفيق وخدمة الكبير، إذا كانت الملائكة لا تصحب رفقة فيها كلب أو جرس، فما بالكم بمن يصطحب مزامير الشيطان؟.
السنة للمسافر إذا قضى حاجته أن يعجل الرجوع إلى أهله؛ لأن الغياب عن الأهل مشقة عليهم نفسية معنوية ومادية، ولا يطرقهم ليلاً إلا بخبر، ومن السنة تلقي المسافرين، وإذا رجع إلى بلده صلى ركعتين في المسجد.
كان بعض الشيوخ رحمهم الله إذا رجعوا إلى بلدانهم طافوا، علهم يجدون مسجداً مفتوحاً؛ ليطبقوا فيه هذه السنة، والنقيعة طعام يعمله المسافر بعد رجوعه حمداً لله على السلامة.
أيها المسلمون: دائماً وأبداً ذكر الله أكبر، ونسأل الله أن يجعلنا من الذاكرين له كثيراً، ومن الشاكرين له، اللهم اجعلنا لك ذاكرين، لك شاكرين، لك منيبين، إليك أواهين، لك تائبين، تقبل توبتنا واغفر حوبتنا. اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين، اللهم اخذل اليهود وأعوانهم، وانصر المجاهدين ومن عاونهم. اللهم إنا نسألك الأمن في البلاد، والنجاة يوم المعاد.. يا رب العباد. اللهم ارفع ذكرنا، واعل شأننا، وثقل موازيننا وبيض وجوهنا. اللهم ارض عنا يا رب العالمين، ارضنا أعطنا ولا تحرمنا، وأكرمنا ولا تهنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا. اللهم ارحم ضعفنا، واجبر كسرنا، واقض ديوننا، ووسع علينا في أرزاقنا، واجعلنا من المتصدقين، يا أرحم الراحمين.
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.