السبت 22 جمادى الأولى 1446 هـ :: 23 نوفمبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

الطفل الإسلامي والطفل الغربي 1


عناصر المادة
الخطبة الأولى
حق الطفل قبل ولادته
حقوق المولود
حضانة الطفل في الإسلام
لكل طفل في الإسلام نفقة
حقوق متنوعة للطفل المسلم
الخطبة الثانية
تربية الطفل في الإسلام

الخطبة الأولى

00:00:07

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَسورة آل عمران:102يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًاسورة النساء:1يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۝ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًاسورة الأحزاب:70-71،
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

حق الطفل قبل ولادته

00:01:26

عباد الله: لقد جاءت هذه الشريعة بكل ما يصلح حالنا، وما يصلح لنا، وما تركت جزئية إلا وأتت فيها بحكم وتوجيه، لقد جاءت هذه الشريعة لإسعاد المجتمع، والأطفال من ضمن المجتمع شريحة من شرائحه، أولادنا وأطفالنا، لقد اهتمت الشريعة بهم غاية الاهتمام، وانصبت الأحكام والآداب والتوجيهات الشرعية للاهتمام بحال الأولاد والأطفال، ونحن في زمن -مع الأسف- غابت فيه شمس الشريعة، واندثر العلم، وانتشر الجهل، وفشت التقليد الأعمى للغرب إلا من رحم الله تعالى من خلقه، فصار كثير من الناس يُعجبون بالغربيين، ويتكلمون عن طريقتهم في الاهتمام بالأطفال، وعما فعلوه لإسعاد الأولاد، ونسوا ما في شريعتنا مما جاء بهذا الخصوص، فتعالوا بنا نعقد المقارنة، ونبين ما في الشريعة مما يتعلق بالأطفال والأولاد، وما عليه الغربيون في هذا المجال.

ونبدأ بالشريعة ولا بد، إن رحلة الطفل في الإسلام تبدأ من قبل وجوده، تبدأ من حين البحث عن أم وزوجة صالحة: فاظفر بذات الدين تربت يداك[رواه البخاري (5090)]، عن أم ودود ولود، كما أمر النبي ﷺ: تزوجوا الودود الولود[رواه أبو داود (2050)]، ويدع الإنسان قبل وجود الطفل بقوله: رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءسورة آل عمران:38، كما كان نبي الله يدعو، وعند إتيان الزوجة يُلاحظ أن الطفل يمكن أن ينتج من الجماع، فهو يقول قبل الوقوع على زوجته: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا[رواه البخاري (141)]، فإذا وجد الولد، وتخلق في بطن أمه، فلا يجوز إسقاطه ولا قتله، وإذا ولد فهو أشد وأعظم، قال الله تعالى: وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمسورة الإسراء:31، فإذا ولد لا يجوز قتله بحال أبداً، وإذا خاف العيلة والفقر فالله يرزقه، ولما كان يقتله خشية الفقر قدم ذكر رزق الولد أولاً على رزق الأب، فقال: نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم، وفي سورة الأنعام قال: وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ يعني: من الفقر الواقع، فقدم رزق الآباء هنا أولاً فقال: نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْسورة الأنعام:151، وقال الله تعالى: إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًاسورة الإسراء:31، ذنباً عظيماً من أكبر الكبائر، كما قال النبي ﷺ: أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك[رواه مسلم (86)]رواه مسلم.

ولما كان يلحق البعض من العار بالبنات، وكان وأد البنات سنة جاهلية جاءت الشريعة بالتأكيد على تحريمه، وهو من الكبائر: وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْسورة التكوير:8 سؤال توبيخ لمن وأدها، بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْسورة التكوير:9، لا يوجد في الإسلام شيء، وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ۝ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِسورة النحل:58-59، كانت المرأة عند الولادة تأتي إلى الحفرة، ومعها القابلة، فإن كانت أنثى استخرجتها فرمت بها في الحفرة مباشرة، وأهيل عليها التراب، وإن كان ذكراً أخذوه، ولما كانت البنات فيهن ضعف وهن عالة على الأب ولسن مثل الذكور في القوة والإعانة، عوضت الشريعة أبا البنات بأجر عظيمة، قال ﷺ: من كان له ثلاث بنات فصبر عليهم، وأطعمهن، وسقاهن، وكساهن من جدته، من ماله وغناه، كن له حجاباً من النار يوم القيامة[رواه ابن ماجه (3669)]حديث صحيح.

ولما شقت امرأة فقيرة تمرة تُصدق بها عليها من عائشة، فأطعمها ابنتيها، فقال النبي ﷺ: إن الله قد أوجب لها بها الجنة، أو أعتقها بها من النار[رواه مسلم (2630)]رواه مسلم.

لماذا جاءت الشريعة بالسماح بالإفطار للحبلى والمرضع، لماذا أجازت الإفطار، وجعلت الحبلى والمرضع من أهل الأعذار من أجل مصلحة الولد، الجنين الذي في البطن، والولد الذي يرتضع.

وقال النبي ﷺ: لا تجني أم على ولد[رواه ابن ماجه (2670)]فلا يجوز أن تتعاطى شيئاً يضعفه أو يشوهه، وينبغي أن تتقوى الحامل لتغذيته في بطنها، وهذا من مسؤوليتها.

وتأمل حفظ الشريعة للجنين، تأمل حقوق الجنين في الشريعة، بتأجيل إقامة الحد على المرأة الحامل من الزنا حتى تضع حملها، ولما جاءت المرأة الغامدية فاعترفت عند النبي ﷺ: "يا نبي الله أصبت حداً فأقمه علي"، فدعا نبي الله ﷺ وليها، فقال: أحسن إليها، فإذا وضعت؛ فأتني بها[رواه مسلم (1696)]، "فلما ولدت أتته بالصبي في خرقة، قالت: هذا قد ولدته، قال: اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه، فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز" [رواه مسلم (1695)]الحديث.

وفي رواية: "أُتي النبي ﷺ فقيل: قد وضعت الغامدية، فقال: إذن لا نرجمها، وندع ولدها صغيراً ليس له من يرضعه، فقام رجل من الأنصار، فقال: إليَّ رضاعه، يا نبي الله، قال: فرجمها" [رواه مسلم (1695)]، قال العلماء: ولو كان حدها الجلد وهي حامل لم تجلد بالإجماع حتى تضع، ومن تعدى على الجنين في بطن أمه، فأسقطه، فالحديث في ديته واضح، كما رواه البخاري في المرأتين من هُذيل اللتين اقتتلتا، "فرمت إحداهما الأخرى بحجر، فأصابت بطنها وهي حامل، فقتلت ولدها الذي في بطنها، فاختصموا إلى النبي ﷺ، فقضى: أن دية ما في بطنها غرة: عبد أو أمة، فقال ولي المرأة التي غرمت: كيف أغرم يا رسول الله، من لا شرب ولا أكل؟!" سقط، سقط من بطن أمه، "كيف أغرم من لا شرب ولا أكل، ولا نطق ولا استهل؟!" ما صرخ عند ولادته، "فمثل ذلك يطل" يعني: يهدر، ولا يضمن، "فقال النبي ﷺ: إن هذا من إخوان الكهان" [رواه البخاري (5758)]، الكهان الذين يسجعون بمثل هذا السجع، فإذن الجنين إذا اعتدي عليه فسقط له دية، قيمة عبد تدفع.

قال ابن قدامة رحمه الله: الحامل إذا شربت دواءً، فألقت جنيناً، فعليها الغرة والكفارة، تُدفع الغرة، أو قيمة العبد إلى ورثة الجنين، والكفارة عليها أيضاً.

قال العلماء: إذا ماتت الحامل وفي بطنها جنين -يا عباد الله، انظروا إلى حقوق الجنين في الشريعة-، ولو ماتت امرأة حامل والولد حي يتحرك قد تجاوز ستة أشهر يشق بطنها طولاً، ويخرج الولد؛ لقوله تعالى: وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًاسورة المائدة:32، ومن تركه عمداً حتى يموت فهو قاتل نفسه.

إذن: يستعمل الأطباء من الوسائل الأسهل لاستخراج ما في بطنها، فإذا كانت امرأة كتابية كافرة، وفيها حمل من زوج مسلم، فماتت فأين تدفن؟ في بطنها جنين مسلم؟ دفنت في طرف مقبرة المسلمين، فلا تدفن مع المسلمين؛ لئلا يتأذون بعذابها، ولا تدفن مع الكفار لئلا يتأذى ولدها المسلم بعذابهم، هذا كلام الإمام أحمد رحمه الله تعالى.

من حفظ الشريعة لحقوق الجنين أنه إذا مات أبوه مثلاً وهو في بطن أمه لا يدرى ذكر أو أنثى، توأم أو واحد، فإن الورثة يقتسمون بحيث يُجعل له النصيب الأوفر احتياطاً، ويأخذون هم الأقل احتياطاً، يبنون على أنه أنثى مثلاً، ويقتسمون حتى إذا كان ذكراً يكون ماله محفوظاً، الاحتياط من أجل الجنين.

وأما السِّقط فإن له أحكاماً، قال النبي ﷺ: والسقط يصلى عليه، ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة[رواه أبو داود (3180)]رواه أبو داود، وهو حديث صحيح الإسناد.

قال العلماء: إذا نُفخ فيه الروح يغسل، ويصلى عليه؛ احتراماً للسقط، هذا احترام للسقط جاءت به الشريعة.

حقوق المولود

00:12:26

فإذا ولد المولود فإنه يجرى له إجراءات كثيرة في الشريعة، تأملوا تكريم الشريعة للولد للطفل الذي يولد، جاءت بأشياء تدل على أنه قد حدث أمر مهم، وليس مجرد أرحام تدفع، ولا مجرد ولد خرج، وإنما يحتفى به غاية الاحتفاء، ويكرم غاية التكريم، الشريعة تكرم الطفل من مبدأ أمره، فيحنك، فتلين تمرة حتى تصير مائعة بحيث تبتلع، ويفتح فم المولود، ويضعها فيه، ويدعى له بالبركة، كما ثبت عن النبي ﷺ.

ويجب إثبات نسبه لأبيه، الشريعة تعتني غاية الاعتناء بقضية النسب؛ لما يترتب عليها من الأحكام في المحرمية والميراث والحضانة، وأشياء كثيرة تترتب على قضية النسب، فأنساب أولادنا ليست ضائعة في الشريعة، بخلاف أنساب أولادهم، من أولاد الزنا وأدعيائه، ومن ينسب إلى غير أبيه بكل سهولة، ومن ينتقل عن أبيه الحقيقي قانونياً في المحكمة لديهم، أما أولادنا فأنسابهم محفوظة: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْسورة الأحزاب:5، ولإثبات النسب جاءت الشريعة بحديث: الولد للفراش، وللعاهر الحجر[رواه البخاري (2053)]، الولد للفراش، فمن ولد على فراشه فهو ولده، وهذا أقوى شيء في الموضوع، لا يُلتفت إلى غيره، وإذا أقر بالنسب ألحق به، وإذا قامت البينة على النسب فكذلك، بل يُستعمل القافة -الذين يعرفون آثار الأقدام وتخطيطات الأرجل، والملامح والشبه- لإثبات النسب في حالة تعذر معرفته، ويُلحق الولد بأبيه، ولو عرض بنفيه فإنه يلحق به، ولو خالف لونه لون أبيه، لحديث الرجل الذي قال للنبي ﷺ: ولد لي غلام أسود؛ يعرض بنفي الولد، لم يصرح... الحديث، وفيه قال النبي ﷺ: فلعل ابنك هذا نزعه عرق[رواه البخاري (6847)]، فخرج لجد قديم من أجداده.

والانتفاء من الولد الشرعي كفر كما نص عليه الحديث الصحيح عن النبي ﷺ: كفر بالله تبرؤ من نسب وإن دق، أو ادعاءٌ إلى نسب لا يُعرف[رواه أحمد (6980)]رواه أحمد، وهو حديث حسن.

فإذا جحد إنسان ولده الشرعي اتهمته الشريعة بالكفر تغليظاً لهذه الجريمة.

ولو زنت المرأة وهي على فراش زوجها، فالولد ولده لحديث: الولد للفراش[رواه البخاري (2053)]، ما لم ينفه ويتبرأ منه، ولا يجوز له نفيه إلا ببينة وحجة شرعية، فإذا نفى الولد يُلحق بأمه كما جاء في الحديث أن النبي ﷺ لاعن بين الرجل وامرأته، فانتفى من ولدها، ففرق بينهما، وألحق الولد بالمرأة. رواه البخاري ومسلم.

ولا ينتفي إلا إذا نص على نفيه، كما ذكر ذلك الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: فإن لاعن المرأة من غير أن ينفي الولد فالولد ولده، كل ذلك حفظاً لنسب الولد، حفظاً لحياة الولد في المستقبل، حفظاً لمكانة الولد في المجتمع، وحق الولد في الرضاع محفوظ، قال الله : وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِسورة البقرة:233، قال بعض أهل العلم: هذا أمر في صورة الخبر، يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ يعني: فليرضعن أولادهن، فيجب عليها خصوصاً إذا لم يقبل غير ثديها، وتأثم لو لم ترضعه في هذه الحالة، ولا يفطم قبل السنتين إلا بالتراضي والتشاور بين الأبوين، لقوله تعالى: فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍسورة البقرة:233، فلا يحق لأحد الأبوين أن يتفرد بقرار فطم الولد! تصوروا وتأملوا قضية فطم الولد المتعلقة بتغذيته ليس الأب حراً فيها، ولا الأم، لا بد من قرار مشترك مبني على مصلحة الولد، فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ، وربما يحتاجان إلى مشاورة الطبيب، كل هذا احتياط لسلامة الطفل وتغذيته ومصلحته جاءت به الشريعة، أسمى شريعة.

ويسميه أبوه، ويختار له اسماً حسناً، ووردت تسميته في اليوم الأول، أو السابع، ويجوز قبل السابع، وبينهما وبعد ذلك، وفي الحديث كل غلام رهينة بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه، ويحلق ويسمَّى[رواه أبو داود (2838)].

ولا يسميه باسم قبيح، وقد غير النبي ﷺ اسم عاصية إلى جميلة، وغير اسم أصرم إلى زُرعة، حديث حسن.

ولإشعار الولد والطفل بالمسؤولية، وبأنه كبير، ولتزداد ثقته بنفسه شُرعت تكنيته، وقال النبي ﷺ: يا أبا عمير، ما فعل النغير؟[رواه البخاري (6129)]طائر كان الولد يلعب به،  يا أبا عمير ، وهو أخ صغير لأنس بن مالك، وقال: يا أم خالد، هذا سنا[رواه البخاري (5848)]، وكانت فتاة صغيرة، تصوروا، وتأملوا، وتفكروا يا عباد الله، كيف تزرع الشريعة المسؤولية بنفس الطفل؟ كيف يُشعر الطفل بأنه كبير؟ كيف يحس بثقله؟ يا أم خالد ،  يا أبا عمير، يا أبا فلان، وهو ولد صغير.

ولتكريم الولد تذبح عقيقته، ينفق من أجل ذلك المال، وينهر الدم في يوم سابعه، تكون سليمة تذبح ولا يتصدق بثمنها، ومن فائدتها فك المولود من أسر الشيطان، للحديث: كل غلام مرتهن بعقيقته[رواه أبو داود (2838)]، فلفك تسلط الشيطان عليه تذبح العقيقة، قال الإمام أحمد رحمه الله فيمن استقرض للعقيقة -استلف، استدان-: "رجوت أن يخلف الله عليه؛ أحيا سنة".

شاتان مكافئتان عن الغلام، وتجوز واحدة؛ لحديث: "عق عن الحسن والحسين كبشاً كبشاً"، وعن الجارية البنت شاة واحدة، لا يمس رأسه بشيء من دمها، وهذه عادة الجاهلية قد أبدلتها الشريعة، وجاءت بدهن رأس الولد بالزعفران، وهو ذلك الماء طيب الرائحة، ويحلق رأسه إماطة للأذى عن رأسه، ويتصدق بوزنه ذهباً، أو فضة، أو ما يقابلهما من المال.

ويختن الذكر وجوباً -وهو قطع الجلدة التي تغطي الحشفة بحيث تنكشف كلها- مراعاة للولد، ولذكر الولد، ولطهارة الولد، ولجماع الولد في المستقبل، حماية من تراكم الإفرازات ما بين الحشفة والجلدة، وكذلك الوقاية من آثار البول، ولا بأس بختان المرأة لحديث: ومس الختانُ الختانَ[رواه مسلم (349)]، فهناك ختان في الرجل، وختان في المرأة، فقد وجب الغسل، فإذا دعت الحاجة إلى ختانها كأن كانت القطعة الزائدة كبيرة تختن لكن بغير استئصال، ولا إنهاك، كما جاء في الحديث الذي حسنه بعضهم لطرقه: إذا خفضت؛ فأشمي، ولا تنهكي[رواه الطبراني في الأوسط (2253)]يعني: لا تستأصلي؛ لأنه أحظى للبعل في المستقبل، فإذن تختن إذا دعت الحاجة رغم أنف المؤتمر العالمي للمرأة الأول والثاني.

حضانة الطفل في الإسلام

00:21:42

فماذا عن حق الحضانة للولد؟ الولد يحتاج إلى حنان، يحتاج إلى عطف، يحتاج إلى رعاية، الشريعة كفلت ذلك، حضانته حق حتى يستقل بأمره يُحفظ ويوقى من جميع الأضرار والشرور، جُعلت للأم الحضانة في حال انفصال الزوجين؛ لأنها أعرف بتربيته، وأقدر على ذلك، وأصبر وأرأف من الأب، ولذلك جاء ذلك منصوصاً عليه في الشريعة، واجبة على الحاضنة، ليس لها الحق في التخلي عن هذا الواجب، خاصة إذا لم يوجد له حاضنة أخرى من المحارم، وليس للكافر على المسلم حضانة، فلا تحضن الكافرة مسلماً؛ لأجل أن الإسلام يعلو ولا يُعلا عليه، وبالتالي لا يذهب أولاد المسلمين إلى الكنائس يوم الأحد، ولا تخطفهم أمهاتهم، ولا يعيشوا في بلاد الكفار؛ فيشبوا نصارى، أو يهوداً.

وفي حال السفر ينظر في الأصلح للطفل، الإقامة، أو النقلة، إذا أراد الحاضن السفر، فيُنظر في مصلحة الولد، العلماء بحثوا ذلك وبينوه، وللحضانة ترتيب، الحضانة ليست فوضى، الأم، ثم أمهاتها، ثم الأب، ثم أمهاته، ثم الجد ثم أمهاته، ثم الأخت من الأبوين، فالأخت لأب، فالأخت لأم، ثم الخالة، ثم العمة، ثم الأقرب فالأقرب، كل ذلك لأجل رعاية الولد، وحضانة الولد، وأن يبقى الولد عند أقرب الناس إليه؛ يرعاه، ويحنو عليه، أطفالنا ليسوا مشردين، أطفال الإسلام في حفظ وحماية، حماية ورعاية، وحضانة وكفالة، فإذا تزوجت أمه التي انفصلت عن أبيه الأول -عن زوجها الأول-، واشتغلت بحق الزوج الثاني، انتقلت الحضانة عن الأم لحديث: أنت أحق به ما لم تنكحي[رواه أبو داود (2276)]، فتنتقل إلى أمها وهكذا، فإذا صار الولد مميزاً كابن سبع سنين، وعقل واستغنى عن الحضانة، يخير بين أبيه وأمه، يُراعى حاجة الولد النفسية، ميل الولد النفسي، تُراعى رغبة الولد، يُستشار، القاضي يحضره في المجلس، يُعقد مجلس القضاء، ويشغل القاضي والناس بالحضور، ويسأله يقول: من تريد؟ اختر، مراعاةً لشعور الولد، هذا ابن سبع سنين يخير بين أبيه وأمه، لحديث أبي هريرة: "أن امرأة جاءت إلى رسول الله ﷺ، وأنا قاعد عنده، فقالت: يا رسول الله، إن زوجي يريد أن يذهب بابني، فقال رسول الله ﷺ: استهما عليه، فقال زوجها: من يحاقني في ولدي -أي ينازعني فيه-؟! فقال النبي ﷺ للولد: هذا أبوك، وهذه أمك، فأخذ بيد أيهما شئ ، فأخذ بيد أمه، فانطلقت به" [رواه أبو داود (2277)]حديث صحيح، رواه أبو داود.

هذا التخيير أو القرعة لا يكونان إلا إذا حصلت به مصلحة للولد، وكان الذي اختاره الولد أصلح له، فإن كانت الأم أصون من الأب، وأغير منه جعل الولد عندها، والعكس كذلك، ولا اختيار للصبي في الحالة التي يختار فيها الأقل مصلحة، أو لا مصلحة له.

قال ابن القيم رحمه الله: سمعت شيخنا -يعني ابن تيمية- يقول: تنازع أبوان صبياً عند بعض الحكام القضاة، فخيره بينهما، فاختار أباه، فقالت أمه للقاضي: سله لأي شيء اختار أباه، فسأله، فقال الولد: أمي تبعثني كل يوم للكتاب -مدرسة تحفيظ القرآن-، والفقية -يعني الذي يحفظني ويعلمني- يضربني، وأبي يتركني ألعب مع الصبيان، فقضى به للأم، وقال: أنتِ أحق به.

هي تذهب به للكتاب، وذاك يضيعه يتركه يلعب في الشارع مع الصبيان، فالأحق هو الأنفع للولد، فتراعى مصلحة الولد، وإذا أسلم أحد الأبوين فالولد مع المسلم منهما.

فإذا صار اللقيط موجوداً، ووُجد ولد لقيط، لا يُدرى من أبوه، ملقى في الشارع في مكان ماء، فللشريعة فيه أحكام، وللشريعة فيه صيانة، التقاطه فرض على الكفاية، وهو تخليص لآدمي من الهلاك، قال الله: وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًاسورة المائدة:32، وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَىسورة المائدة:2، ولا إثم أعظم ممن أضاع نسمة مولودة، فيجب التقاطه فرض على الكفاية، فلو تركه المسلمون حتى يموت أثموا كلهم، لا ذنب لنفس أن تموت جوعاً، أو تأكلها الكلاب، من ترك الولد كذلك في برية، يموت جوعاً وبرداً، أو تأكله الذئاب، فهو قاتل نفس ولا شك.

حدثني بعض الإخوان عن رجل وضع ولده في أحد الحمامات العامة، وذهب! قال: فرآه بعد ذلك بمدة يقول له في المنام: ضيعك الله كما ضيعتني.

وكلما يوجد مع اللقيط من مال، أو كساء، أو سرير، أو غطاء فهو ملكه، وكل مال له ينفق عليه منه، فإن لم يوجد مال فنفقته على بيت مال المسلمين، ونسب الولد محفوظ لأبيه ولا يجوز التبني في الإسلام: وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْسورة الأحزاب:4، ولذلك لا يجوز لملتقط اللقيط أن ينسبه إلى نفسه، وإنما يجعل له اسم يسمى به، فيسمى زيداً، أو عمرو، أو سعيد بن عبد الله بن عبد الرحمن، ونحو ذلك.

لكل طفل في الإسلام نفقة

00:28:22

واليتيم الولد الصغير الذي فقد أباه دون البلوغ، ماذا جاءت الشريعة بشأنه؟ ما أعظم ما جاءت به، وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُسورة الأنعام:152، أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى" [رواه البخاري (5304)]، يقوم بأموره من النفقة والكسوة والتأديب والتربية، ليست قضية إنفاق وكسوة فقط، وإنما تأديب وتربية، الذي يريد أجر كفالة اليتيم، ادن اليتيم، وامسح برأسه، وأطعمه من طعامك فإن ذلك يلين قلبك، وتدرك حاجتك[رواه البيهقي في الشعب (10174)]حسن لغيره.

فإذا تولى أموال اليتامى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًاسورة النساء:2، إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًاسورة النساء:10، اختلاس، تفويت، إهمال، تضييع، من السبع الموبقات أكل مال اليتيم.

من حقوق الأطفال النفقة عليهم، الشريعة أوجبت على الأب: ابدأ بمن تعول[رواه البخاري (1426)]، ينفق عليهم حتى يبلغ الذكر، وتتزوج الأنثى، أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله[رواه مسلم (994)]حديث صحيح رواه مسلم.

قال أبو قلابة: وبدأ بالعيال، وأي رجل أعظم أجراً من رجل ينفق على عياله الصغار، يعفهم، أو ينفعهم الله به، ويغنيهم،  كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت [رواه أبو داود (1692)].

نفقة الصغار لا تسقط بالإعسار عند العلماء، ويفرض على الأب القادر أن ينفق على أولاده، ويفرض عليه أن يعمل ليكتسب مالاً، ويحبس إذا امتنع، ويرغم على العمل: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِسورة الطلاق:7، فإن كان عاجزاً؛ فنفقته على بيت المال، نفقة الأولاد على بيت المال، ما يوجد شيء في الشريعة أولاد من غير نفقة، أطفال من غير مصروف، لا بد أن يوجد لهم مصروف ونفقة.

حقوق متنوعة للطفل المسلم

00:30:26

ومن تكريم الشريعة للطفل أنها شرعت صدقة الفطر عنه: "فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر على الصغير والكبير"، وتستحب عن الجنين في بطن أمه.

الإسلام يهتم بمشاعر الطفل، العدل بين الأولاد واجب في الهدايا والألعاب، والعيديات والأعطيات إلا ما اقتضت المصلحة التفاوت فيه، وما وُجد سببه: اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم[رواه البخاري (2587)].

وتربية الولد مسؤولية واجبة: كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته[رواه البخاري (893)]،  مروا أبناءكم بالصلاة لسبع سنين، واضربوهم عليها لعشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع[رواه أحمد (6717)].

قال ابن القيم رحمه الله: فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه فقد أساء إليه غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء، من جراء ترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغاراً، فلم ينتفعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءهم كباراً.

عاتب بعض الآباء ولده في العقوق، فقال الولد: يا أبتي، إنك عققتني صغيراً؛ فعققتك كبيراً، وأضعتني وليداً؛ فأضعتك شيخاً، والجزاء من جنس العمل.

النبي ﷺ كان يغتنم كل فرصة تربوية لأجل الولد، أردف ابن عباس مرة وراءه قال: يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك[رواه الترمذي (2516)]الحديث، ولما رأى يد عمر بن أبي سلمة تطيش في الصحفة إناء الطعام قال: يا غلام، سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك [رواه البخاري (5376)].

من حقوق الأطفال في الإسلام معانقتكم، شمهم، تقبيلهم، ملاعبتهم، ممزاحتهم، قبل رسول الله ﷺ الحسن بن علي، وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالس، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً، فنظر إليه رسول الله ﷺ، نظر إلى هذا الرجل، فقال ﷺ: من لا يرحم لا يُرحم[رواه البخاري (5997)]رواه البخاري.

وفيه أيضاً عن عائشة رضي الله عنها قالت: "جاء أعرابي إلى النبي ﷺ، فقال: تقبلون الصبيان؟! فما نقبلهم، فقال النبي ﷺ: أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة[رواه البخاري (5998)].

وكان ﷺ ينطلق من مسجده إلى العوالي إلى ظئر إبراهيم، مرضعة ولده ليقبله، ثم يرجع[رواه مسلم (2316)]والحديث في صحيح مسلم.

وكان يأخذ الحسن بن علي أو الحسين فيقعدهما على فخذه؛ يلاعبهما، ويحملهما، وحمل أمامة بنت زينب في الصلاة، فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها.

ومرة أطال السجود حتى خشي الصحابة شراً، فرفع واحد رأسه، فوجد النبي ﷺ ساجداً والولد على ظهره، فلما انتهت الصلاة سألوه، وأخبرهم، قال: إن ابني ارتحلني؛ فكرهت أن أعجله[رواه النسائي (1141)]حق الولد في اللعب حتى والنبي ﷺفي الصلاة، لا تعجله عن حاجته، اللعب، اللهو البريء من حق الطفل، أن يلعب، وأن يلهو، وأن يشبع رغبته في ذلك.

وكان ﷺ يقول: يا زوينب، يا زوينب[رواه المقدسي في الأحاديث المختارة (1733)]، ومج مجة في وجه محمود بن الربيع وهو صغير.

ولا يجوز الدعاء على الولد، ولا لعنه ولا سبه، قال ﷺ: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم [رواه مسلم (3014)]، وقال: إذا استجنح الليل فكفوا صبيانكم؛ فإن الشياطين تنتشر حينئذ، فإذا ذهب ساعة من العشاء فخلوهم[رواه البخاري (3280)]رواه البخاري، من غياب الشمس إلى اشتداد الليل يحجز الأطفال في البيت؛ لأن للجن انتشاراً وخطفاً، الشريعة تحافظ على الأولاد، وتحفظهم من الشياطين، ومن الجن.

ورقية الصبيان في الحديث الصحيح: ما لصبيكم هذا يبكي، فهلا استرقيتم له من العين[رواه أحمد (23921)]، الرقية بالقرآن والأدعية المشروعة، وكان يعوذ الحسن والحسين[رواه البخاري (3371)].

وكان ﷺ يشعر الصبيان بوجودهم، يشعرهم بأهميتهم، فإذا مر بالصبيان سلم عليهم -كما في الحديث الصحيح-، لا يقال: ولد، بزر، جاهل، الناس يسمونه: جاهل، يسلَّم عليهم، ومرة شرب، "وكان عن يمينه غلام، وعن يساره الأشياخ، فقال: يا غلام، أتأذن لي أن أعطيه الأشياخ، الرسول ﷺ يقول للغلام: يا غلام، أتأذن لي أن أعطيه الأشياخ، فقال: ما كنت لأوثر بفضلي منك أحداً يا رسول الله، فأعطاه إياه" [رواه البخاري (2351)].

إذا أوتي بأول الثمر دعا بالبركة، وأعطاه لأصغر الأولاد عنده، لعب عائشة كانت موجودة في البيت، وكان يسألها ﷺ، "لما كشف الهواء الستر عن بنات عائشة -اللعب-، قال: ما هذا يا عائشة؟ قالت: بناتي، ورأى بينهن فرساً له جناحان من رِقاع، فقال: ما هذا الذي أرى وسطهن؟ قالت: فرس، قال: وما هذا الذي عليه؟ قالت: جناحان، قال: فرس لها جناحان؟! قالت: أما سمعت أن لسليمان خيلاً لها أجنحة، فضحك الرسول ﷺ حتى رأيت نواجذه" [رواه أبو داود (4932)].

وعلاج الأطفال واجب على أوليائهم إذا احتاجوا، قال ﷺ: لا تعذبوا صبيانكم بالغمز من العذرة، وعليكم القُسط[رواه البخاري (5696)]، التهاب قرحة تخرج في حلق الولد، كانوا يدخلون شيئاً ليفقؤوها؛ فنهاهم ﷺ عن تعذيبهم بالغمز، وقال: عليكم بالعود الهندي [رواه ابن ماجه (3468)]، والقسط البحري هو شيء يعرفه العطارون، ويمكن سؤالهم عنه، يحك بالماء، ويجعل سعوطاً في أنف الولد، فإذا استنشقه برئ من هذه القرحة بإذن الله.

والصبي المميز يصح أذانه، ويكون إماماً في الصلاة، ويكون صفاً مع رجل آخر، ورفعت امرأة صبياً، فقالت: ألهذا حج؟ قال: نعم، ولك أجر[رواه مسلم (1336)].

هذه بعض حقوق الأطفال في الإسلام، هذا بعض ما جاءت به الشريعة في شأن الأطفال، فهل يوجد أسمى من هذا الدين، وأعظم من هذه الشريعة؟ فكفى خداعاً بالغرب والشرق، ولنعد إلى هذه الشريعة.

نسأل الله تعالى أن يحفظنا، وأهلينا، وأولادنا من كل سوء، ونسأله أن يرزقنا تربيتهم وحسن القيام بشؤونهم إنه سميع مجيب قريب.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

00:37:23

الحمد لله على إحسانه، الحمد لله على شرعه ودينه، الحمد لله الذي أنزل علينا الكتاب، ولم يجعل له عوجاً، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

تربية الطفل في الإسلام

00:37:48

عباد الله، أيها المسلمون: إن تربية الأولاد أمانة ومسؤولية لا بد من القيام بها، فانظروا كم ضيع الأمانة اليوم من المسلمين، كم من أولياء الأمور ضيعوا الأمانات، ضيعوا الأولاد، ضيعوا فلذات أكبادهم، أُهملوا في الشوارع، يتعلمون الألفاظ القبيحة، والعادات السيئة كالتدخين وغيره، ويتدرجون شيئاً فشيئاً إلا أن يتعاطوا المخدرات، ويقعوا في الفاحشة واللواط، وهكذا تكون النتائج متوقعة يا عباد الله، متوقعة ولا شك نتيجة لهذا التضييع، وهذا الإهمال الحاصل، فضلاً عن الإهمال في الحقوق الشرعية، التساهل بالطلاق، تشتيت الأسرة، مآسي تحدث في بعض البيوت، ويحرم الأولاد من حنان الأبوين، ومن عطفهما، كل خلاف زوجي، وكل مهاترة، ومشاتمة، ومضاربة بين الزوجين يكون انعكاسها مباشرة على الولد، الانعكاس مباشرة على الولد، فاتقوا الله في أولادكم، وارعوا حقوقهم.

والجزء الثاني من هذا الموضوع: "الولد في الغرب"، وعقد المقارنة بين الطفل في الإسلام، والطفل عند الغربيين، وبما أن الوقت قد ضاق أيها الإخوة؛ فلعلنا نرجئ الحديث عن هذا الموضوع إلى الخطبة القادمة، لنتعلم فعلاً، وبضدها تتبين الأشياء، كيف ضاع الولد، وضاع الأطفال في حياة أولئكم الأمم بعدما تبين لنا بالدليل القاطع والبرهان الساطع كيف حفظت الشريعة أولاد المسلمين، كيف حفظت الأطفال.

فنسأل الله أن يهب لنا ذرية طيبة إنه سميع الدعاء، ونسأله أن يصلح بيوتنا، وأولادنا، وذرارينا، إنه سميع مجيب قريب، ونسأله أن يعيننا على حمل الأمانة.

اللهم أعنا على ما حملتنا، ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به يا رب العالمين، ولا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، وانشر رحمتك علينا، ارزقنا الأمن والأمان في ديارنا وبلداننا وبلدان المسلمين يا أرحم الراحمين، ويا رب العالمين، انشر علينا الأمن والإيمان، واحفظنا بحفظك، إنك أنت خيراً حافظاً، وأنت أرحم الراحمين.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ۝ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ۝ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.

1 - رواه البخاري (5090)
2 - رواه أبو داود (2050)
3 - رواه البخاري (141)
4 - رواه مسلم (86)
5 - رواه ابن ماجه (3669)
6 - رواه مسلم (2630)
7 - رواه ابن ماجه (2670)
8 - رواه مسلم (1696)
9 - رواه مسلم (1695)
10 - رواه مسلم (1695)
11 - رواه البخاري (5758)
12 - رواه أبو داود (3180)
13 - رواه البخاري (2053)
14 - رواه البخاري (6847)
15 - رواه أحمد (6980)
16 - رواه البخاري (2053)
17 - رواه أبو داود (2838)
18 - رواه البخاري (6129)
19 - رواه البخاري (5848)
20 - رواه أبو داود (2838)
21 - رواه مسلم (349)
22 - رواه الطبراني في الأوسط (2253)
23 - رواه أبو داود (2276)
24 - رواه أبو داود (2277)
25 - رواه البخاري (5304)
26 - رواه البيهقي في الشعب (10174)
27 - رواه البخاري (1426)
28 - رواه مسلم (994)
29 - رواه أبو داود (1692)
30 - رواه البخاري (2587)
31 - رواه البخاري (893)
32 - رواه أحمد (6717)
33 - رواه الترمذي (2516)
34 - رواه البخاري (5376)
35 - رواه البخاري (5997)
36 - رواه البخاري (5998)
37 - رواه مسلم (2316)
38 - رواه النسائي (1141)
39 - رواه المقدسي في الأحاديث المختارة (1733)
40 - رواه مسلم (3014)
41 - رواه البخاري (3280)
42 - رواه أحمد (23921)
43 - رواه البخاري (3371)
44 - رواه البخاري (2351)
45 - رواه أبو داود (4932)
46 - رواه البخاري (5696)
47 - رواه ابن ماجه (3468)
48 - رواه مسلم (1336)