رابعًا: الكلب والخنزير وهما نجسان؛ عرقه وسؤره نجس، ويدل على نجاسة الخنزير قوله تعالى: قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ [الأنعام: 145]،
يعني نجس، والقول بنجاسته هو قول جماهير أهل العلم من السلف والخلف.
قال ابن حزم -رحمه الله-: "واتفقوا أن لحم الخنزير وشحمه وودكه وغضروفه ومخه وعصبه حرام كله، وكل ذلك نجس" [مراتب الإجماع لابن حزم: 23].
قال النووي: "نقل ابن المنذر إجماع العلماء على نجاسة الخنزير وهو أولى ما يحتج به لو ثبت الإجماع، ولكن مذهب مالك طهارة الخنزير ما دام حيًّا"، [المجموع: 2/568].
لكن جمهور العلماء: الخنزير نجس ولو ذبح ولو ذكي فلحمه نجس، والخنزير عرقه وهو حي نجس، وإذا ولغ في إناء ما يجوز نشرب منه، ولا أن نستعمله في الوضوء.
وأما نجاسة الكلب فيدل عليها الحديث المعروف عن النبي ﷺ: طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب وهي أن يغسله سبع مرات، أولاهن بالتراب [رواه مسلم: 279]، قال الخطابي: "في هذا الحديث من الفقه أن الكلب نجس الذات، ولولا نجاسته لم يكن لأمره بتطهير الإناء من ولوغه معنى، والطهور يقع في الأصل إما لرفع حدث أو لإزالة نجس، والإناء لا يلحقه حكم الحدث -فماذا بقي؟ إزالة النجس- فعلم أنه قصد به إزالة النجس؛ وإذا ثبت أن لسانه الذي يتناول به الماء نجس يجب تطهير الإناء منه علم أن سائر أجزائه وأبعاضه في النجاسة بمثابة لسانه؛ فبأي جزء من أجزاء بدنه ماسه وجب تطهيره". [معالم السنن: 1/39].
وهذا إذا كان الكلب رطبًا مثل العرق يعني، أو كان الإنسان الذي مسه فيه رطوبة، أما لو كان الكلب جافًا والماس له جاف فلا تنتقل النجاسة؛ لكن عرق الكلب سؤر الكلب نجس.
المالكية الذين خالفوا في هذا الحكم وقالوا إنه طاهر، وأن الأمر بالغسل تعبدي، قال ابن دقيق العيد: "والحمل على التنجيس أولى؛ لأنه متى دار الحكم بين كونه تعبدًا أو معقول المعنى كان حمله على كونه معقول المعنى أولى".
ما هو الفرق بين التعبدي ومعقول المعنى؟ معقول المعنى يعني يدرك بالعقل، العلة أو المعنى يدرك بالعقل، طيب والتعبدي لا يدرك بالعقل، فإذا قلت مثلاً عدد ركعات المغرب ثلاث وعدد ركعات العشاء أربع وعدد ركعات الفجر ثنتين هذه في علة معقولة المعنى وإلا تعبدي العدد؟ تعبدي، ما في ما لك طريق ماذا ستقول؟ العدد تعبدي، الكلام السابق لابن دقيق العيد -رحمه الله- في كتاب: "إحكام الأحكام".
وذهب بعض العلماء إلى أن الحديث يدل على نجاسة لعابه وريقه وفمه فقط، يعني هؤلاء بين الجمهور والمالكية؛ قالوا: إن النجس في الكلب هو الريق والفم واللعاب فقط، معنى ذلك العرق عندهم يكون طاهرًا، قالوا: وأما بقية البدن فيبقى على الأصل وهو الطهارة وهذا مذهب الحنفية، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية؛ لكن الجمهور ماذا يقولون: إنه نجس كله، وأجابوا بأنه إذا ثبتت نجاسة الفم الذي هو أشرف ما في المخلوق فبقية بدنه من باب أولى.
ثانيًا: قالوا إذا كان لعابه نجسًا وهو عرق فمه، والعرق جزء متحلب من البدن فجميع عرقه نجس، فجميع بدنه نجس لما ذكرناه من أن العرق جزء من البدن.
قال ابن دقيق العيد: "فتبين بهذا أن الحديث إنما دلّ على النجاسة فيما يتعلق بالفم وأن نجاسة بقية البدن بطريق الاستنباط" [إحكام الأحكام: 1/76].
والقول بنجاسة الكلب كله هو مذهب الحنابلة والشافعية.
قال ابن قدامة -رحمه الله-: "الكلب والخنزير نجسان بجميع أجزائهما وفضلاتهما وما ينفصل عنهما" [المغني: 2/67].
وهذا اختيار اللجنة الدائمة للإفتاء؛ لأن هذه المسألة الآن تحدث كثيرًا في الجمارك أو في التفتيش أو في البوابات الأمنية في التفتيش أو في اقتفاء الأثر، فالكلب في الحراسة، في الصيد، لكن هناك استثناءات في قضية كلب الصيد أنه كلب معلّم، وهناك أشياء ستأتي، لكن المقصود الآن أن الأصل في الكلب نجاسة كل أعضائه، هذا مذهب أكثر أهل العلم، المالكية قالوا: طاهر والغسل تعبدي، الحنفية وشيخ الإسلام قالوا: النجاسة للفم واللعاب ما بداخله، والباقي طاهر؛ لأن هذه سينبني عليها الآن كلب رطب أو شخص رطب مسّ كلبًا ما الحكم؟ ناس تدخل من بوابات تخرج، هذه مسألة، الذين يذهبون إلى بلاد الغرب، فيه الكلاب كثيرة بجميع أنواعها.
قال ابن قدامة: "الكلب والخنزير نجسان بجميع أجزائهما وفضلاتهما وما ينفصل عنهما" [المغني: 2/67].