دم ما لا نفس له سائلة من الحيوانات؛ كدم الذباب، والبق، والبراغيث.
إذن، النفس هنا بمعنى الدم، ما لا نفس له سائلة يعني: ما ليس له دم يسيل، ولذلك قيل للمرأة النفساء نفساء؛ لأجل أي شيء لسيلان دمها عند الولادة، ففي اللغة تأتي النفس بمعنى الدم، فعندما يقال: ما لا نفس له سائلة يعني: ما ليس له دم يسيل كالبق والبراغيث والذباب، وهذه من جهة جهاز الدورة الدموية ليست مثل الحيوانات الأخرى.
فدم ما لا نفس له سائلة كالبق والبراغيث والذباب ونحو ذلك، ماذا نعتبره؟ طاهر؛ فلو قتل ذبابة على ثوب فخرج من الذبابة فبقي من أثر الذبابة شيء من الدم فحكمه طاهر.
وهناك فرق بين الطهارة والاستقذار، يعني أنت ممكن تقول أنا أستقذره، ما في مانع، بعض الناس ممكن يستقذر الضب وهو حلال، فليس كل مستقذر نجس، ولكن كل نجس مستقذر، الحيوانات التي ليس لها دماء تسيل طاهرة، ولذلك إذا وقع في الماء شيء من الحيوانات التي ليس لها دم يسيل فما حكم هذا الماء؟ طاهر، فإنها لا تضره، ولو ماتت فيه، فلو مات البق أو البعوض أو الذباب في ماء ما حكم الماء؟ طاهر.
ويدل على ذلك قول النبي ﷺ: إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله ثم ليطرحه؛ فإن في أحد جناحيه شفاء، وفي الآخر داء [رواه البخاري: 5782].
قال الشافعي -رحمه الله-: "وقد يموت بالغمس، وهو لا يأمر بغمسه في الماء والطعام وهو ينجسه لو مات فيه؛ لأن ذلك عمد إفسادهما" [الأم للشافعي: 1/18].
وعن إبراهيم النخعي قال: "كل شيء ليست له نفس سائلة، فإنه لا ينجس الماء إذا مات فيه".
قال ابن المنذر: "وقال عوام أهل العلم: إن الماء لا يفسد بموت الذباب والخنفساء وما أشبه ذلك فيه؛ لأن الصرصور والخنفساء كله ما ليس له نفس، ما لا نفس له سائلة فلا ينجس الماء" [الأوسط:1 /282].
