الأحد 30 جمادى الأولى 1446 هـ :: 1 ديسمبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

البول على الأرض الصلبة


عناصر المادة
عدم البول على الأرض الصلبة

عدم البول على الأرض الصلبة

00:00:09

من الآداب التي ذكرها الفقهاء المتعلقة بقضاء الحاجة: أن يختار لقضاء الحاجة مكانًا رخوًا؛ لئلا يترشش عليه. [المغني: 1/ 223].

والموضع الرخو ضد اليابس؛ مثل: الرمل والتراب، فهذه رخوة؛ لأنها تتشرب البول، ولا ترده على صاحبه.

لكن لو بال على حجر أو صخر فإنه يمكن أن يرتد عليه الرشاش؛ فيصيب البدن أو الثوب بنجاسة، وقد جاء في سنن أبي داود عن أبي موسى قال: "كنت مع رسول الله ﷺ ذات يوم فأراد أن يبول فأتى دمثًا في أصل جدار فبال، ثم قال: إذا أراد أحدكم أن يبول ‌فَلْيَرْتَدْ لبوله موضعًا" [رواه أبو داود: 3].

ومعنى: الدمِث، المكان السهل الذي يجذب فيه البول، فلا يرتد على البائل، يقال للرجل إذا وصف باللين والسهولة: إنه دمث الأخلاق، وفيه دماثة، يعني: لين.

وقوله: "فليرْتَد" أي: ليطلب، وليتحر مكانًا لينًا، قال في "عون المعبود": "والحديث فيه مجهول -يعني السند ضعيف- لكن لا يضر، فإن أحاديث الأمر بالتنزه عن البول تفيد ذلك"، يعني: خذ مثلاً حديث الذي يعذب في القبر؛ لأنه كان لا يستتر من البول، هذا يفيد أنك لا تذهب إلى مكان صلب تبول فيه؛ فيرتد عليك وتمشي وتصلي؛ لأن هذا شخص لا يستتر من بوله، فحتى لو كان السند ضعيفًا فإن الأحاديث الأخرى تفيده، وتعنيه، وتشهد لمعناه.

ولذلك بعضهم ينبه إلى أنك إذا كنت في الصحراء، في البر، وأردت قضاء الحاجة، وظاهر الأرض صلب مثلاً في ملوحة جعلت ظاهر الأرض يابسًا، لو بال عليها ارتد عليه، فقالوا: يلينه بتكسير ظاهره، يعني يأتي بحجر يكسر ظاهر هذه الملوحة اليبوسة، بحيث يظهر التراب اللين الذي تحتها، ثم يقضي حاجته؛ حتى لا يرتد عليه، فالنظر في هذا المعنى.

طبعًا هذه مسألة نحتاجها الآن غالبًا في الخلاء، في البر، في الصحراء، يعني على أنه قد يوجد بعض أنواع كراسي الحمامات مصممة بطريقة يرتد فيها البول على الإنسان لو بال، وبعضها لا، مصممة بطريقة لا يرتد فيها البول.

وكذلك الوضعية؛ ففي وضعية قد يجلس فيها الإنسان تسبب ارتداد البول عليه، ووضعية لا تسبب ارتداد البول عليه.

فعلى أية حال: المحذور واضح؛ ارتداد الرشاش ما سببه؟ الوضعية، يبوسة الأرض، إلخ.. فليحرص على أن يهيأ مكانًا ووضعية لا تؤدي إلى ارتداد الرشاش، وانتهينا.

قال النووي -رحمه الله-: "وهذا الأدب متفق على استحبابه؛ يطلب أرضًا لينة: ترابًا أو رملاً، فإن لم يجد إلا أرضًا صلبة دقها بحجر ونحوه؛ لئلا يترشش عليه". [المجموع: 2/ 84].

قال الشوكاني: "إن كان البول في الصلب مما يتأثر عنه عَود شيء منه إلى البائل، فالتجنب ذلك واجب؛ لأن التلوث به حرام، وما يتسبب عنه الحرام حرام" انتهى [السيل الجرار: ص 44].

إلا أن يبول على سطح صلب مائل يبعد عنه الرشاش فلا بأس، فالعبرة هي التنزه من الرشاش -كما قلنا-.