إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
مقدمة
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة: 183]، ثم قال الله : فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة: 185].
عبادة إسلامية، وشعيرة دينية، وركن من أركان هذا الدين، فرضه الله رحمة للعالمين.
وهذا الصيام تطهير وتكفير ورفعة، وهو من مصلحة العباد في دنياهم وآخرتهم، فلله الحمد على هذه النعمة، وله المنة والفضل بما شرع لنا من الأمور التي تطهر نفوسنا وتزكيها.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد المبعوث رحمة للعالمين الذي عبد الله فأحسن عبادته، وصام لربه كما أمره الله، وعلمنا أحكام الصيام، وشرح لنا في سنته ما أنزل علينا ربنا في كتابه.
وهذا الدرس عن أحكام الصيام؛ لأن من جملة الاستعدادات المهمة بل هو أهم ما يستعد به لرمضان: معرفة أحكامه، فإن الناس يستعدون لرمضان بأنواع مختلفة من الاستعدادات.
فمنهم من يكدس الأطعمة والأشربة سواء التجار أو الذين يشترونها، فيجعلونها في بيوتهم، وغير ذلك من أنواع الاستعدادات الدنيوية.
والمسلم يقدم الاستعداد الديني على الاستعداد الدنيوي، فمن ضمن الاستعداد الديني لرمضان: معرفة أحكام الصيام.
وهذا الدرس بعنوان: "مائة فائدة من أحكام الصيام".
نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من الذين يتعلمون العلم النافع، ويطبقون ذلك، وممن رزقهم الله الفقه في كتابه وسنة نبيه ﷺ فإن من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين.
تعريف الصيام
الفائدة الأولى في تعريف الصيام:
الصيام لغة: الإمساك.
وشرعاً: الإمساك عن المفطرات من الفجر إلى مغرب الشمس بالنية.
حكم الصيام
فائدة في حكم الصيام:
أجمعت الأمة على أن صوم شهر رمضان فرض.
والدليل على فرضيته من الكتاب: قوله -تعالى-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة: 183].
ومن السنة: حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله ﷺ: بني الإسلام على خمس: شهادة ألا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان [رواه البخاري: 8، ومسلم: 16].
حكم جاحد الصيام
فائدة في حكم جاحد الصيام:
لا يجحد الصيام إلا كافر، ومن أصر على الإفطار في نهار رمضان يدعى إلى الصيام فإن أصر على ذلك جاحداً لوجوبه فإنه كافر بالله العظيم.
فضل الصيام
فائدة في فضل الصيام:
ورد في فضل الصيام آيات وأحاديث؛ فمن ذلك: أنه شرع للتقوى.
ومن الأحاديث: أن من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه.
وأن في الجنة باباً يقال له: الريان يدخل منه الصائمون لا يدخله من أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد.
وأن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وأن الصوم قد اختصه الله لنفسه، وأنه هو الذي يجازي به، وأن الصوم جنة ووقاية من النار.
وأن للصائم فرحتان إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح بصومه.
وأن الصيام يشفع للعبد يوم القيامة.
وأن من صام يوماً ابتغاء وجه الله ختم له به دخل الجنة، وأن الصوم لا عدل له، وأن من صام يوماً في سبيل الله باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً.
وفي رواية: مسيرة مائة عام.
وأنه تصفد فيه الشياطين وهم مردة الجن.
وأن هناك ثلاث دعوات مستجابات دعوة الصائم ودعوة المظلوم ودعوة المسافر.
فهنيئاً للصائمين.
الحكمة من الصيام
فائدة في الحكمة من الصوم: في الصوم حكم كثيرة يعلمها الله .
ومنها: أنه وسيلة إلى التقوى فإن النفس إذا امتنعت عن الحلال طمعاً في مرضاة الله -تعالى- وخوفاً من عقابه، فأولى أن تنقاد للامتناع عن الحرام.
ومنها: أن الصوم موجب للرحمة والعطف على الفقراء والمساكين، فإن الإنسان إذا جاع بطنه علم حال الفقراء في جوعهم فيرحمهم ويعطيهم ما يسد به جوعهم إذ ليس الخبر كالمعاينة، ولا يعلم الراكب مشقة الراجل إلا إذا ترجل، وأن الصوم فيه قهر الطبع، وكسر الشهوة، فهو يربي الإرادة على اجتناب الهوى وترك المعاصي.
وكذلك فإن النفس تتهيأ للعبادة إذا صار القلب فارغاً من الطعام الذي يجلب الخمول والنوم.
وفيه فوائد اجتماعية عديدة.
ومن الفوائد الدينية: أن الناس يشعرون بأنهم أمة واحدة يأكلون في وقت واحد، ويصومون في وقت واحد، ويشعر الغني بنعمة الله عليه.
عدم نسيان آداب الصيام عند الكلام عن أحكامه
فائدة في عدم نسيان آداب الصيام عند الكلام عن أحكامه: ينسى كثير من الناس إذا أراد البحث في موضوع الصيام آداب الصيام وينشغل بمعرفة الحلال من الحرام، وأحكام الصيام، فينسى أن له آداباً، وأن له مستحبات منها ما يتعلق بحفظ اللسان، وترك السب والشتم والكذب والغيبة والنميمة والغش وآلات اللهو والمعازف، ولعب الورق.
فلا شك أن هذه المحرمات وإن لم تكن مفسدة للصيام ومفطرة للصائم وموجبة للقضاء إلا أنها تكسب الإنسان إثماً، ورب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش.
كما أن له مستحبات مثل الإكثار من قراءة القرآن وذكر الله والدعاء والصلاة والصدقة والجود بالمال وغيره والجود بالعلم والجود بالنفس والجود بالنفس أعلى الجود.
ليس الصيام من الأكل والشرب إنما الصيام من اللغو والرفث فإن سابك أحد أو جهل عليك فقل: إني صائم، إني صائم، تذكر به نفسك وتذكر به الآخرين.
أنواع الصيام
فائدة في أنواع الصيام: ينقسم إلى نوعين صوم عين وصوم دين فصوم العين ما له وقت معين إما بتعيين الله كصوم رمضان، أو بتعيين العبد كمن نذر صوماً في وقت معين فإنه يتعين صيامه في ذلك الوقت.
وأما صوم الدين فما ليس له وقت معين كصوم قضاء رمضان فإنه يصومه متى شاء قبل رمضان الجديد، وصوم كفارة القتل والظهار واليمين، وصوم متعة الحج إذا لم يجد ثمن الهدي فإنه يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع متى أراد، وجزاء الصيد والنذر المطلق عن الوقت كمن نذر أن يصوم شهراً أو أسبوعاً ولم يعين أي شهر أو أي أسبوع فإنه يلزمه الصيام في أي وقت كما نذر.
هل يجب التتابع في الصيام؟
فائدة: هل يجب التتابع في الصيام؟
الجواب: منه ما يجب التتابع فيه؛ كصوم رمضان لقوله تعالى: فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة: 185]، والشهر متتابع بتتابع أيامه، فلما قال: فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ هذا المعين والشهر أيامه متتابعة فيلزمنا التتابع، وكذلك صوم كفارة القتل الخطأ وصوم كفارة الظهار وصوم كفارة الجماع في نهار رمضان، فهذه صيام شهرين متتابعين في كل منها.
وكذلك إذا نذر صوماً متتابعاً لزمه.
فائدة فيما لا يلزم فيه التتابع كقضاء رمضان على الراجح، وهو قول جمهور أهل العلم لقوله -تعالى-: فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة: 184] ولم يشترط الله التتابع.
وكذلك الصوم في كفارة اليمين على الراجح إذا لم يجد عتق رقبة ولا إطعام عشرة مساكين ولا كسوتهم فإنه ينتقل إلى صيام ثلاثة أيام، فهي لا يشترط فيها التتابع.
وكذلك كفارة الحلق، لو حلق رأسه محتاجاً ففدية من صيام أو صدقة أو نسك، إما أن يذبح شاة أو يطعم ستة مساكين أو يصوم ثلاثة أيام، لا يشترط فيها التتابع.
وكذلك صوم النذر المطلق إذا لم يشترط التتابع، كمن نذر أن يصوم ثلاثة أيام وليس في نيته أنها متتابعة، فهو يجوز أن يصومها غير متتابعة.
هل يجب قضاء ما أفطره من صيام التطوع؟
فائدة: هل يجب قضاء ما أفطره من صيام التطوع؟
الراجح عدم وجوب إتمام نافلة الصوم، وعدم وجوب قضائها، وهذا هو قول كثير من أهل العلم.
ومن الأدلة على ذلك: قوله ﷺ: الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر [رواه أحمد: 26893، وصححه الألباني في صحيح الجامع: 3854] لكن كره العلماء قطع صوم النافلة لغير عذر، ومن العذر أن يعز على من ضيفه امتناعه عن الأكل، وإن أفطر بغير عذر فلا يثاب على ما مضى من صيامه، وإن أفطر لعذر في صيام النافلة أثيب على ما مضى من صيامه.
أمثلة في صيام التطوع
فائدة في أمثلة صيام التطوع: هي كثيرة قد ندب إليها الشرع؛ كعاشوراء وعرفة والاثنين والخميس وأيام البيض وست من شوال، والإكثار من صيام شعبان والمحرم، ومن سرر الشهر، وغير ذلك.
الصيام المكروه
فائدة في الصيام المكروه: إفراد الجمعة بالصوم لحديث: لا تصوموا يوم الجمعة إلا وقد قبله يوم أو بعده يوم [رواه أحمد: 10424، وقال: "إسناده صحيح على شرط الشيخين"].
صوم السبت وحده؛ لحديث: لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم [رواه الترمذي: 744 وحسنه، وابن ماجه: 1726، وأحمد: 17686].
صيام يوم الأحد وهو عيد النصارى.
الوصال في الصوم وهو ألا يفطر بعد الغروب حتى يتصل صوم الغد بصوم الأمس.
وكذلك صيام الدهر وغيرها.
الصيام المحرم
فائدة في الصيام المحرم: صوم يوم عيد الفطر وعيد الأضحى وأيام التشريق ثلاثة بعده؛ لأن النبي ﷺ نهى عن صيام يومين يوم الفطر ويوم النحر، وحديث: أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله -عز وجل- [رواه أحمد: 20722، وقال محققو المسند: "إسناده صحيح على شرط مسلم"].
ويستثنى صيام أيام التشريق على من كان عليه دم التمتع أو القران ولم يجد هدياً.
ثبوت دخول شهر رمضان
فائدة في ثبوت دخول شهر رمضان:
يثبت دخول شهر رمضان بأحد أمرين:
أولاً: إكمال شعبان ثلاثين يوماً.
ثانياً: رؤية هلال رمضان.
شروط وجوب الصوم
فائدة في شروط وجوب الصوم: الإسلام والعقل، فلا يجب الصوم على مجنون، والبلوغ فلا يجب على الصغير، والعلم بالوجوب فإن الجاهل لا يجب عليه ما جهله.
متى يؤمر الصبي بالصيام؟
فائدة: متى يؤمر الصبي بالصيام؟
يؤمر الصبي بالصيام لسبع كالصلاة إذا أطاق الصيام، ويضرب على تركه لعشر كالصلاة، ولأن الصوم أشق اعتبر فيه الطاقة؛ لأنه قد يطيق الصلاة ولا يطيق الصوم.
شروط وجوب الأداء في الصيام
فائدة في شروط وجوب الأداء في الصيام:
الأداء وليس القضاء أولاً: الصحة والسلامة من المرض، لقوله -تعالى-: وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة: 185].
وثانياً: الإقامة وعدم السفر للآية السابقة.
فيسقط وجوب أداء الصيام عن المريض والمسافر، يسقط عنهما وجوب الصوم وعليهما القضاء.
وثالثاً: خلو المرأة من الحيض والنفاس؛ لحديث عائشة لما سألتها المرأة قالت: "كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة" [رواه مسلم: 335].
حكم النية في صيام الفرض
فائدة في حكم النية في صيام الفرض:
تشترط النية في صيام الفرض؛ لقوله ﷺ: لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل .
ويصح أن تكون في أي جزء من الليل ولو قبل الفجر بلحظة، وقد قال النبي ﷺ: من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له [رواه أبو داود: 2454، والترمذي: 730، وأحمد: 26457، وقال الألباني: "صحيح" كما في مشكاة المصابيح: 1987] فيجب أن تكون نية مجزوماً بها، هذا قول جمهور العلم.
وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- إلى أنه لو قال في نفسه: إن كان غداً رمضان فأنا صائم أنه يصح.
ولكن جمهور العلماء على خلاف هذا؛ لأن هذه نية غير مجزوم بها، ويشترط الجزم بالنية.
النية للصيام الواجب غير رمضان
فائدة في النية للصيام الواجب غير رمضان:
تشترط النية في كل صيام واجب كالقضاء والكفارات.
النية في صيام النفل
فائدة في النية في صيام النفل:
يجوز صوم النفل عند جمهور العلماء بنية قبل الزوال؛ لحديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: دخل علي النبي ﷺ ذات يوم فقال: هل عندكم شيء؟ فقلنا: لا، قال: فإني إذن صائم [رواه مسلم: 1154].
أما النفل المعين كعاشوراء وعرفة، فاشترط بعض أهل العلم النية من الليل.
كيفية النية
فائدة في كيفية النية:
النية عزم القلب على فعل الشيء، وهي مرتبطة بالعلم، وقد ذكر شيخ الإسلام -رحمه الله- أن كل من علم أن غداً رمضان وأراد صيامه، فهذه نية وهذه فعل عامة المسلمين، كل من علم أن غداً رمضان وأراد صومه فهذه نية.
حكم التلفظ بالنية
فائدة في حكم التلفظ بالنية:
النية محلها القلب، والتلفظ بها بدعة، فلا يجوز لإنسان أن يتلفظ بنية الصيام، وإنما يعزم في قلبه على الصيام غداً إذا علمه من رمضان، والنية تتبع العلم، فمتى علم وأراد الصيام فإنها نية صحيحة.
من نوى الإفطار في أثناء النهار لكنه لم يفطر
فائدة فيمن نوى الإفطار في أثناء النهار لكنه لم يفطر:
اختلف أهل العلم في ذلك، والراجح: أنه لا يفطر، وإن قضى فهو أحوط، قال الحنفية والشافعية: إنه لا يفطر كمن نوى التكلم في صلاته ولم يتكلم.
وقال المالكية والحنابلة: يفطر؛ لأنه قطع نية الصوم بنية الإفطار، فلو أنه نوى الإفطار في النهار ولكنه لم يفطر لم يتعاط شيئاً من المفطرات، فالراجح والله أعلم عدم وجوب القضاء، وإن قضاه فهو أحوط.
صوم المغمى عليه
فائدة في صوم المغمى عليه:
المغمى عليه إذا طرأ عليه الإغماء من قبل الفجر إلى المغرب، فالجمهور على عدم صحة صومه، من قبل الفجر إلى المغرب، وإذا أفاق في أي جزء من النهار صح صومه سواء أكان في أوله أم في آخره، إذا أفاق في أي جزء من النهار صح صومه سواء كان في أول النهار أفاق أم في آخره.
لو ارتد بعد نية الصوم
الفائدة الخامسة والعشرون: لو ارتد بعد نية الصوم:
فإنه تبطل نيته بلا خلاف، وكثير من الناس مع الأسف يسبون الله أو دينه أو كتابه إذا انفعلوا وحصل بينهم خصومة أو مشاجرة ونحو ذلك.
وبعضهم يفعل ذلك إثباتاً لرجولته، ولا شك أن سب الله أو رسوله أو دينه كفر، وأن من فعله فهو مرتد خارج عن ملة الإسلام، ومن فعل ذلك في أثناء النهار وجب عليه التوبة والإمساك بقية اليوم والقضاء، والرجوع إلى الإسلام مرة أخرى بالدخول فيه، وشهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله.
سنن الصوم
فائدة في سنن الصوم:
له سنن كثيرة؛ منها: السحور؛ لحديث: تسحروا فإن في السحور بركة [رواه البخاري: 1923، ومسلم: 1095].
وكذلك تأخيره وتعجيل الفطر؛ لحديث: لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر [رواه البخاري: 1957، ومسلم: 1098].
وكذلك استحباب أن يكون الإفطار على رطبات ما لم تكن فعلى تمرات؛ كما جاء في حديث أنس: "أن رسول الله ﷺ كان يفطر قبل أن يصلي على رطبات فإن لم تكن رطبات فتميرات، فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من ماء" [رواه الترمذي: 696، وقال: "حديث حسن"].
الدعاء عند الإفطار
فائدة في الدعاء عند الإفطار:
لم يثبت الحديث الذي ورد عند الإفطار، وإنما ثبت حديث عن النبي ﷺ رواه ابن عمر: أنه كان ﷺ إذا أفطر قال: ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله -تعالى- [رواه أبو دواد: 2357، وحسنه الدارقطني -رحمه الله تعالى-].
مفسدات الصوم
فائدة في مفسدات الصوم:
يفسد الصوم بوجه عام كلما انتفى شرط من شروطه أو اختل أحد أركانه؛ كالردة، وطروء الحيض والنفاس، وكل ما ينافيه من أكل أو شرب ونحوها، ودخول شيء من خارج البدن إلى جوف الصائم.
متى يفطر إذا دخل إلى جوفه شيء؟
فائدة: متى يفطر إذا دخل إلى جوفه شيء؟:
اشترط بعض العلماء أن يكون الداخل إلى الجوف من المنافذ الواسعة كما هو عند المالكية.
وقال الشافعية: المنافذ المفتوحة، أي المخارق الطبيعية الأصلية في الجسم، والتي تعتبر موصلة للمادة من الخارج إلى الداخل كالفم والأنف والأذن.
فأما إذا كان من غير هذه المنافذ فإنه لا يفطر كمن اغتسل بماء فوجد برده في باطنه، ومن طلى بطنه بدهن فوصل إلى جوفه بالتشرب فإنه كذلك لا يفطر.
واكتفى بعض أهل العلم بتحقق وصوله إلى الحلق والجوف، واعتبروا أن الدماغ من الجوف.
فإن كان الداخل إلى الجوف مما يمكن الاحتراز منه كدخول المطر والثلج فإنه إذا لم يدفعه وابتلعه تعمداً أفطر، فإن لم يمكن الاحتراز منه كالذباب الذي يطير إلى الحلق وغبار الطريق لم يفطر إجماعاً.
وقال النووي -رحمه الله-: جعلوا الحلق كالجوف في بطلان الصوم بوصول الواصل إليه.
المغذي من عدم المغذي
فائدة: في مسألة المغذي من عدم المغذي:
لا يشترط جمهور أهل العلم أن يكون الداخل للجوف مغذياً فيفسد الصوم بالدخول إلى الجوف مما يغذي أو لا يغذي، كما لو ابتلع حصاة أو أكل تراباً ونحوه، فإنه إذا فعل ذلك متعمداً فإنه يفطر ولو كان غير مغذٍ.
يشترط كون الصائم قاصداً ذاكراً لصومه
فائدة: في أنه يشترط كون الصائم قاصداً ذاكراً لصومه عندما يتعطى شيئاً من المفطرات، أما لو كان ناسياً أنه صائم فلا يفسد صومه عند جمهور أهل العلم؛ لحديث أبي هريرة عن النبي ﷺ: من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه [رواه البخاري: 6669].
الصائم المختار هو الذي يفطر عند تناوله شيئاً من المفطرات
فائدة: في أن الصائم المختار هو الذي يفطر عند تناوله شيئاً من المفطرات، فأما المكره فإنه لا يفطر كمن أوجر الماء، يعني صب في حلقه رغماً عنه، أو صب الدواء في حلقه مكرهاً لم يفطر عند جمهور أهل العلم من الشافعية والحنابلة وبعض الحنفية؛ لأنه لم يفعل ولم يقصد، ولو أكره على الإفطار فأكل أو شرب فاستدل بعض أهل العلم على عدم إفطاره؛ لأن الله وضع عن الأمة الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه، فإذا أكره على الإفطار فإن صومه صحيح كمن أفطر ناسياً أو أكل ناسياً، ونحو ذلك.
إفساد الصوم بالإنزال
فائدة: في إفساد الصوم بالإنزال:
إذا تعمد الإنزال بلا جماع كالاستمناء بالكف أو باللمس والتقبيل ونحوها فإنه يوجب القضاء عليه دون الكفارة عند جمهور الفقهاء مع التوبة إلى الله يمسك بقية اليوم مع التوبة، ويقضي بدلاً منه.
الإنزال بالتفكير
فائدة في الإنزال بالتفكير:
عند بعض أهل العلم إذا أمنى بالنظر فإنه يفسد الصوم؛ لأنه أنزل بفعل يتلذذ به، ويمكن التحرز منه، فهو كالإنزال باللمس، هذا النظر.
وأما الفائدة المتعلقة بالإنزال بالفكر فإن الإنزال به لا يفسد الصوم عند بعض أهل العلم؛ لحديث أبي هريرة : إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست أو حدثت بها أنفسها مالم تعمل به أو تكلم [رواه البخاري: 2528، ومسلم: 127] وقالوا: النظر واللمس وغيرها يمكن دفعه، ويمكن اجتنابه.
أما الفكر فإنه قد لا يستطيع، لكن عليه أن يجاهد نفسه وأن يطرد الأفكار الرديئة من ذهنه، وأن يراعي حق الصيام.
استعمال البخور
فائدة في استعمال البخور:
قال بعض العلماء: وصول الدخان إلى الحلق يفطر كمن استنشق بخوراً مقرباً إلى فيه، أما لو شم رائحته بلا وصول دخانه فإنه لا يفطر؛ لأن الرائحة لا جسم لها.
وبعض الناس الذين يعملون في المصانع أو غيرها فإن عليهم اجتناب شم الدخان.
فأما إذا وصل إلى الحلوق بدون تعمد فإن صيامهم صحيح كمن وصل الغبار إلى حلقه دون تعمد.
المرأة التي تطبخ ودخان القدر ينبعث
فائدة في المرأة التي تطبخ ودخان القدر ينبعث:
إذا تعمدت استنشاقه أوجب القضاء؛ لأنه يتقوى به، يعني ببخار الطعام.
أما إذا وصل بغير اختيار فلا قضاء عليه.
والعادة أن كثيراً من النساء اللاتي يطبخن لا يتعمدن تقريب الوجه واستنشاقه، والمداومة على ذلك، فلذلك صيامهن صحيح والحمد لله.
التقطير في الأذن
فائدة في التقطير في الأذن:
ذهب جمهور الفقهاء إلى فساد الصوم بتقطير الدهن أو الماء للأذن.
وقال شيخ الإسلام -رحمه الله-: إن قطرة الأذن لا تفطر، قال: لأنها ليست من المنافذ الطبيعية لدخول هذه الأشياء إلى الجسم.
الحقنة الشرجية
فائدة في الحقنة الشرجية:
الاحتقان بالماء في الشرج يفسد الصوم ويوجب القضاء عند جمهور العلماء.
وقال الشافعية والحنابلة: ما يدخل إلى الجوف من الدبر بالحقنة يفطر؛ لأنه وصل إلى جوفه باختياره، وعندهم الجوف شيء أوسع من العمدة، ليس الجوف هو المعدة إنما هو شيء أوسع من ذلك.
وعند شيخ الإسلام -رحمه الله- أن الحقن الشرجية لا تفطر.
فنقول: الأحوط للإنسان ألا يستعملها وعند الحاجة إذا استعملها لا بأس؛ لأن هذا دواء يحتاج إليه، والأحوط أنه يقضيه.
لو تسحر أو جامع ظاناً عدم طلوع الفجر ولكن الحال أن الفجر قد طلع
فائدة: فيما لو تسحر أو جامع ظاناً عدم طلوع الفجر ولكن الحال أن الفجر قد طلع:
مذهب جمهور أهل العلم أن عليه القضاء.
واختار الشيخ تقي الدين ابن تيمية -رحمه الله-: أنه لا قضاء عليه، وقال: ما دام لم يعلم أن الفجر قد طلع فله أن يأكل ويشرب.
وأما الجمهور فقد ذهبوا إلى أنه لو أكل وشرب ثم تبين له أن الفجر قد طلع فإن عليه القضاء.
فالأحوط إذاً أن يقضي.
وطالب العلم إذا اقتنع بقول بدليله بفهم من عالم معتبر فإن له أن يأخذ به، ولا يلزم بشيء آخر.
أفطر يظن الغروب ولكن الحال أن الشمس لم تغرب
فائدة فيمن أفطر يظن الغروب ولكن الحال أن الشمس لم تغرب:
عليه القضاء ولا كفارة؛ لأن الأصل بقاء النهار، وينبغي ألا يخرج منه إلا بيقين، والقاعدة تقول: أن اليقين لا يزول بالشك.
فإذاً، من أكل أو شرب ظاناً أن الشمس قد غربت ثم اتضح أنها لم تغرب فإنه يقضي.
جهل الصوم في رمضان
فائدة فيمن جهل الصوم في رمضان:
ما يعلم الحكم كالمسلم في دار الحرب، فجمهور العلماء على إعذار حديث العهد بالإسلام إذا جهل الصوم، أو المسلم في دار الحرب الذي يجهل الشرائع، فهذا يعذر بجهله في مدة جهله، أو من جهل تحريم الطعام أو الوطء بأن كان قريب عهد بالإسلام.
وهذه تنفع في مسلمين جدد أو نشأ بعيداً عن العلماء، كبعض الناس الذين ينشؤون في البادية بعيداً عن أي طرف للعلم.
فجمهور أهل العلم على إعذارهم، وأنه ليس عليهم القضاء، لكن إن كان يستطيع الوصول إلى العلماء، ويستطيع السؤال قصر وما سأل، وقال: أنا جامعت زوجتي ولم يكن عندي علم؟
فنقول: هل يمكنك الوصول إلى أحد من أهل العلم، فإن كان بإمكانه الوصول فهو مفرط، وعليه القضاء مع الكفارة، عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.
وهذه المسائل لا تلاعب فيها.
وبطبيعة الحال لا بد من التفريق بين الذين ينشؤون في مجتمعات المسلمين التي يوجد فيها علماء أو طلبة علم أو كتب يمكن الرجوع إليها وبين الناس الذين ينشؤون في بلاد الكفر أو بين الكفار أو حديثو العهد بالإسلام، فنقول: إن الأحوال لا بد أن تراعى.
المرض الذي يجوز لصاحبه الفطر
فائدة في المرض الذي يجوز لصاحبه الفطر:
المرض هو كل ما خرج به الإنسان عن حد الصحة من علة، قال ابن قدامة -رحمه الله-: أجمع أهل العلم على إباحة الفطر للمريض والأصل فيه قوله -تعالى-: وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة: 185].
فالمريض الذي يخاف زيادة مرضه أو إبطاء برئه أو فساد عضو من أعضائه له أن يفطر.
الصحيح الذي يخاف الشدة أو التعب
فائدة في الصحيح الذي يخاف الشدة أو التعب:
هذا لا يجوز له الفطر إذا حصل له بالصوم مشقة أو تعب.
أما إذا خاف الصحيح المرض بغلبة الظن أو بالتجربة، هو صحيح بدون صيام، إذا صام مرض، إذا صام أغمي عليه، أو قال له الأطباء الثقات: إنك لا تتحمل الصيام، فهذا وهو صحيح إذا علم أنه لو صام مرض فإنه لا يجب عليه الصيام، ويجوز له أن يفطر.
أما إن خاف بمجرد الوهم فليس له أن يفطر.
حالات المريض
فائدة في حالات المريض:
المريض له حالات فمنها: ألا يقدر على الصوم أو يخاف الهلاك من المرض إن صام، فهذا الفطر عليه واجب.
ثانياً: أن يقدر على الصوم بمشقة، فهذا الفطر له مستحب ويكره له الصيام؛ لأنه ترك تخفيفاً من الله.
ثالثاً: ألا يشق عليه ولا يخاف زيادة المرض هو مريض فيجوز له الصوم والفطر، وله تفصيلات أخرى.
هل يجب على المريض أن ينوي الصوم بالليل لاحتمال أن يصبح صحيحاً؟
فائدة: هل يجب على المريض أن ينوي الصوم بالليل لاحتمال أن يصبح صحيحاً؟
فالجواب: إذا كان المرض مطبقاً فإنه لا يجب عليه أن ينوي من الليل لأجل احتمال أنه ثاني يوم الصباح يصبح صحيحاً، لا يجب عليه.
أصحاب المهن الشاقة
فائدة: أصحاب المهن الشاقة؛ كالخبازين ونحوهم من الذين يتعرضون لحرارة الأفران، وعمال البناء، ونحوهم:
لا يجوز لأصحاب المهن الشاقة الإفطار بل يجب عليهم نية الصيام والصيام، فإذا وصل أحدهم إلى حال خشي على نفسه جاز له الإفطار.
مريض الكلى الذي يتطلب غسيل كليته خروج الدم لغسلها ثم رجوعه مرة أخرى
فائدة في مريض الكلى الذي يتطلب غسيل كليته خروج الدم لغسلها ثم رجوعه مرة أخرى:
أفتى بعض أهل العلم من المعاصرين بأن الدم إذا كان يخرج ويدخل هو دمه لا يضاف إليه شيء فإنه لا يفطر.
شروط الفطر للمسافر
فائدة في شروط الفطر للمسافر:
لقد علمنا أن المسافر يجوز له الفطر، فما هي الشروط؟
أن يكون سفراً بالمسافة أو بالعرف على اختلاف أهل العلم في ذلك، إذا كان سفراً جاز له أن يفطر.
وألا يعزم على الإقامة أكثر من أربعة أيام بلياليها في المكان الذي يصح للإقامة، فإذا سافر إلى بلد ونوى أن يقيم فيه أكثر من أربعة أيام فإنه عند جمهور العلماء يعتبر مقيماً، ولا يفطر من أول يوم يصل.
بعض الناس يظن أنه لو أراد أن يذهب إلى بلد يقيم فيها أياما كثيرة يقولون: أول أربعة أيام نفطر والباقي نصوم.
نقول: خطأ منذ أن وصلتم إلى تلك البلد وأنتم تعلمون أنكم ستمكثون فيه أكثر من أربعة أيام، فعلى قول جمهور أهل العلم يلزمكم الصيام منذ وصولكم إلى ذلك المكان.
وكذلك من شروط الإفطار للمسافر: أن يجاوز البلد وما اتصل بها من بناء، فإن النبي ﷺ خرج من المدينة فلما صار بعسفان خارج المدينة بعيداً عنها شرب.
فإذاً، إذا خرج من البنيان، هذا هو القول الراجح والأحوط، وهو قول جمهور العلماء أنه لا يفطر إلا إذا خرج من البنيان. وذهب أهل الظاهر إلى الإفطار في البلد واحتجوا بأحاديث مثل حديث أنس، ولكن حديث الصحيحين أقوى منه، وهو القول الأحوط والأرجح إن شاء الله -تعالى- أنه لا يفطر إلا إذا خرج من البلد وانفصل عن البلد، وغادر بنيان البلد.
أدرك رمضان وهو مقيم ثم سافر
فائدة فيمن أدرك رمضان وهو مقيم ثم سافر:
ذهب عامة الصحابة والفقهاء إلى أن من أدرك هلال رمضان وهو مقيم ثم سافر جاز له الفطر؛ لأن الله -تعالى- جعل مطلق السفر سبباً للرخصة، فما دام أنه سافر سواء كان حاضراً من أول النهار في البلد أو سافر من الليل فإنه يجوز له الإفطار؛ لأن بعضهم يرى أنه إذا طلع عليه النهار وهو في البلد ثم سافر لا يفطر تغليباً لحال الحضر، لكن ليس هذا هو الراجح، بل الراجح أنه يجوز له الفطر.
الحالات التي تكون للمسافر
الفائدة الخمسون في الحالات التي تكون للمسافر:
أولاً: أن يبدأ بالسفر قبل الفجر ويطلع الفجر وهو مسافر، فهذا يفطر إجماعاً.
ثانياً: أن يبدأ السفر بعد الفجر ويطلع الفجر وهو مقيم ببلده ثم يسافر خلال النهار، فهذا الذي ذكرنا قبل قليل أن الراجح جواز الإفطار بالنسبة له.
وذهب الحنفية والمالكية إلى أنه يجب عليه إتمام ذلك اليوم تغليباً لحكم الحضر، وأصح الروايتين عند أحمد وبعض الشافعية أن من نوى الصوم في الحضر ثم سافر في أثناء النوم طوعاً أو كرهاً فله الفطر بعد خروجه ومفارقة بيوت قريته العامرة، يعني المأهولة بالسكان، واستدلوا بظاهر الآية، وبحديث جابر أن رسول الله ﷺ خرج إلى مكة عام الفتح حتى بلغ كراع الغميم، وصام الناس معه فقيل له: إن الناس قد شق عليهم الصيام، وأن الناس ينظرون فيما فعلت، فدعا بقدح من ماء بعد العصر فشرب والناس ينظرون إليه، فأفطر بعضهم وصام بعضهم، فبلغه أن ناساً صاموا، فقال: أولئك العصاة)) [رواه مسلم: والترمذي: واللفظ له].
والحالة الثالثة: أن يفطر قبل مغادرة البلد، وقد منع من ذلك جمهور العلماء، وقالوا: إن السفر لم يتحقق بعد، بل هو مقيم وشاهد، وقد قال تعالى: فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة: 185]، ولا يوصف بكونه مسافراً حتى يخرج من البلد، ومهما كان في البلاد فله أحكام الحاضرين، ولذلك لا يقصر الصلاة.
الذين يسافرون من المطارات
فائدة في الذين يسافرون من المطارات:
إن كان المطار خارج البلد بينه وبين البلد فضاء منفصل عن بينان البلد فإنه يجوز له أن يفطر في المطار، ففي مثل الحال الآن مطار الرياض يعتبر خارج البلد فإنه لو أراد أن يسافر من الرياض فركب السيارة إلى المطار، والمطار خارج البلد فإنه يفطر في المطار.
لكن لو كان المطار داخل البلد وعند حدود البلد ملتصقاً به فإنه لا يفطر في المطار، وإنما يؤخر الفطر حتى تقلع به الطائرة، وتبتعد به عن البنيان.
الصيام في السفر
فائدة في الصيام في السفر:
ذهب الأئمة الأربعة وجماهير الصحابة والتابعين إلى أن الصوم في السفر جائز صحيح منعقد، ثم اختلفوا أيهما أفضل أو هما متساويان؟
فذهب جمهور العلماء إلى أن الصوم أفضل في السفر إذا لم يجهده صومه ويتعبه.
وذهب بعضهم إلى أن الفطر أفضل.
لكن على أية حال: يكره له الصوم إذا وجد مشقة.
وحمل بعضهم أحاديث: ليس من البر الصوم في السفر على ما إذا وجد المشقة، وقالوا: إنه إذا صام في سفره فهو أبرأ لذمته.
لكن يمكن أن يوجد بعض الحالات الصوم في السفر أهون كما إذا سافر الإنسان قرب المغرب، هو في البلد ممسك من الفجر إلى قرب المغرب والطائرة ستقلع به قبل المغرب، فهذا لو أقلعت به الطائرة قبل المغرب وأفطر وما بقي عليه شيء كثير، هذا سيحتاج إلى أن يقضي يوماً بدلاً منه، ولذلك ربما كان صيامه إكمال الصيام هذا في السفر أهون عليه.
فعلى أية حال: إذا كان يجد مشقة فالأفضل له أن يأخذ الرخصة وأن لا يصوم، وإذا كان يريد الإسراع في براءة ذمته والسفر متيسر فصام فصيامه صحيح مجزئ لا شيء عليه.
بم تنقطع الرخصة في السفر؟
فائدة: بم تنقطع الرخصة في السفر؟:
الرخصة بالإفطار في السفر متى تنقطع؟
تسقط بأمرين: إذا عاد المسافر إلى بلده وهو محل إقامته، أو إذا نوى الإقامة في المكان الذي وصل إليه وكان صالحاً للإقامة ليس كالمفازة أو دار الحرب، إذا كان المكان صالحاً للإقامة، لا كالسفينة ولا المفازة المهلكة صحراء، ولا دار الحرب فإنه إذا وصل إلى مكان صالح للإقامة نوى الإقامة فيه، فإنه تنقطع الرخصة ويصير مقيماً بذلك، فيتم الصلاة ولا يفطر في رمضان.
فإن ذهب إلى بلده وهو لا يدري كم يجلس فيها يقول: أجلس حتى تنقضي حاجتي، وربما تنقضي في يوم وربما في يومين وربما في أسبوع وربما في شهر، فهذا له أن يفطر إلى ما شاء الله؛ لأنه لم ينو الإقامة، ولم يعلم أنه يجلس في البلد أكثر من أربعة أيام؛ كمن ذهب في متابعة معاملة ونحوها، وربما قالوا له: ارجع غداً أو ارجع بعد غد، فهذا له أن يفطر ولو بقي مدة طويلة.
رخصة الحامل والمرضع
فائدة في رخصة الحامل والمرضع:
لهما أن تفطرا؛ لقوله ﷺ: إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة وعن الحامل والمرضع الصوم [رواه الترمذي: 715، وقال: "حديث حسن"].
فالحامل تشبه المريض، فإن لها أن تفطر ولو حملت سفاحاً.
وكذلك المرضع فيجوز لها أن تفطر ولو كانت مستأجرة مكلفة بهذا الولد.
واشترط بعض الفقهاء أن تخاف على نفسيهما وولديهما.
والصحيح: أنه لا يشترط.
فالحامل مطلقاً، الحامل ضعيفة، لها أن تفطر مطلقاً.
فيما يجب على الحامل المرضع
فائدة فيما يجب عليها وعلى المرضع:
اختلف أهل العلم في ذلك، فمنهم من فرق بين ما إذا خافت على نفسها أو خافت على ولدها.
وقال بعضهم: ولدها جزء من أجزائها وعضو من أعضائها فإذا خافت عليه فتكون كأنها خافت على عضو من أعضائها، ولذلك الراجح والله أعلم أن الحامل والمرضع ليس عليهما إلا القضاء، ولا كفارة عليهما.
حكم الصيام للهرم ومن أصابته الشيخوخة
فائدة في حكم الصيام للهرم ومن أصابته الشيخوخة:
الشيخ الفاني الذي فنيت قوته وأصبح كل يوم في نقص إلى أن يموت.
وكذلك المرأة العجوز لا يلزمهما الصيام ولهما أن يفطرا ما دام الصوم يجهدهما ويشق عليهما، فهما داخلان في قوله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ [البقرة: 184].
وقال ابن عباس: في هذه الآية ليست بمنسوخة هي للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان الصيام، فيطعمان مكان كل يوم مسكيناً، كبير السن الذي لا يستطيع الصيام يفطر ويطعم عن كل يوم مسكين.
ما يُطعم من أفطر لعذر ولم يستطع القضاء؟
فائدة: أنه يجوز له أن يطعم قبل بداية الشهر أو بعد نهايته أو خلال الشهر دفعة واحدة أو على دفعات.
فائدة فيما يُطعم:
يُطعم نصف صاع من قوت البلد، وهو مقدر بالرز بكيلو ونصف الكيلو غرام ومعه شيء من الإدام، وهي طعام وليس مال فإنه لا يجزئ إخراج المال على الصحيح؛ لأن الله قال: فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ [البقرة: 184] فلما نص الله على الطعام وجب إخراج الطعام.
فائدة: بأنه إذا كان غير مطبوخ فهو نصف صاع، وإذا كان مطبوخاً فهو وجبة مشبعة، وجبة غداء لو اشتراها من مطعم رز ولحم أو رز ودجاج، عدد وجبات بعدد الأيام التي يفطرها لعذره، هذا عذره مستمر، ولذلك يطعم هذه عذره مستمر، فعليه الفدية وهو يطعم من الطعام، الحب نصف صاع، والمطبوخ وجبة مشبعة.
حكم صيام المقاتل
فائدة في حكم صيام المقاتل:
من قاتل عدوا أو أحاط العدو ببلده والصوم يضعفه عن القتال ساغ له الفطر بدون سفر.
وكذلك لو احتاج للفطر قبل القتال أفطر، وقد أمر النبي ﷺ أصحابه بالفطر قبل القتال؛ لأن الفطر أقوى لهم.
فإذاً، مثل بعض ساحات الجهاد، وبعض المدن الآن في بلدان المسلمين المدن المحاصرة فك الله أسرها، أو هؤلاء المقاتلون الذين يقاتلون اليوم في ربوع بلاد البوسنة وغيرها إذا احتاجوا للفطر فإنهم يفطرون، والقتال قد يطول، فإذا احتاجوا للفطر فإنهم يفطرون ثم يقضون بعد ذلك.
من اضطر لإنقاذ معصوم واحتاج للفطر
فائدة: فيمن اضطر لإنقاذ معصوم واحتاج للفطر؛ كرجال المطافئ أو الذي يريد أن ينتشل غريقاً، فهذا يفطر إن احتاج الإفطار، بل قد يجب عليه أن يفطر لأجل إنقاذ المعصومين، فإن رجال الإطفاء أو رجال الإنقاذ إذا احتاجوا للفطر أفطروا ثم قضوا.
من جامع في نهار رمضان
فائدة فيمن جامع في نهار رمضان:
ذهب جمهور العلماء إلى أن جماع الصائم في نهار رمضان عامداً مختاراً بأن يلتقي الختانان وتغيب الحشفة في أحد السبيلين مفطر يوجب القضاء والكفارة أنزل أو لم ينزل، والدليل حديث أبي هريرة : بينما نحن جلوس عند النبي ﷺ إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله هلكت؟ قال: مالك؟ قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال رسول الله ﷺ : هل تجد رقبة تعتقها؟ قال: لا، قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين قال: لا، قال: فهل تجد إطعام ستين مسكيناً قال: لا، الحديث.. [رواه البخاري: 1936، ومسلم: 1111].
الحكم واحد في الزنا واللواط وإتيان البهيمة
فائدة: أن الحكم واحد في الزنا واللواط وإتيان البهيمة، فكل من وطء في فرج قبل أو دبر من إنسان أو بهيمة فإن عليه الكفارة المغلظة: عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يجد فإطعام ستين مسكيناً.
ولا يجوز التلاعب بأن يقول: شهران طويلة وما أستطيع وعندي عمل، يجب عليه أن يقوم بالكفارة مع التوبة إلى الله وقضاء اليوم الذي أفسده.
حكم صيام المرأة إذا جامعها زوجها
فائدة في حكم صيام المرأة إذا جامعها زوجها:
إن كانت موافقة مواتية فإن عليها الكفارة مثل ما هي عليه وإن كانت مكرهة غير راضية فليس عليها الكفارة، ولكن الأحوط أن تقضي ذلك اليوم.
وقال ابن عقيل -رحمه الله- عن جماع المرأة في نهار رمضان: إن غصبت أو أتيت نائمة فلا كفارة عليها.
وهل يفسد صومها؟
الفقهاء على فساد صومها.
وشيخ الإسلام على عدم فساده؛ لأنها مكرهة والمكره غير مؤاخذ.
والأحوط أن تصوم ذلك اليوم.
حكم من أكل أو شرب عامداً في نهار رمضان دون عذر
فائدة فيمن أكل أو شرب عامداً في نهار رمضان دون عذر:
لا خلاف في وجوب التوبة والقضاء عليه وذهب الحنفية والمالكية إلى أن عليه الكفارة بالإضافة إلى القضاء.
وذهب الشافعية والحنابلة إلى عدم وجوب الكفارة، ودليلهم: أن النص يعني الكفارة ورد في الجماع وما عداه ليس في معناه، يعني الطعام والشراب لا يقاس على الجماع لا يصح قياسه عليه.
ولذلك من أكل أو شرب عامداً في نهار رمضان عليه التوبة وإمساك بقية اليوم وقضاء ذلك اليوم فقط.
ادهان الصائم
فائدة في ادهان الصائم: أن يدهن رأسه أو شاربه أو يختضب بالحناء، فإنه لا يفسد صومه ولا يجب عليه القضاء، ولو وجد طعمه في حلقه، هذا هو قول جمهور أهل العلم؛ لأنه لم يدخله في الجسم ولا في المداخل، وإنما وضعه على الجلد، فهذا لا يفسد صومه به.
الصائم إذا احتلم وهو نائم
فائدة في الصائم إذا احتلم وهو نائم:
لا يفسد صومه إجماعاً بل يتم الصيام.
وكذلك من أجنب ليلاً فأصبح صائماً فصومه صحيح.
أما حديث: من أصبح جنباً فلا صوم له وهو في البخاري ومسلم فإنه محمول إما على النسخ أو على الإرشاد إلى الاغتسال قبل الفجر، فلو احتلم وأصبح في الصباح طلع الفجر وهو على نيته السابقة في الصوم، فهذا صيامه صحيح.
من جامع أهله في الليل وطلع عليه الفجر وهو جنب
فائدة: إذا جامع أهله في الليل وقبل الفجر نزع فطلع عليه الفجر وهو جنب، وصار اغتساله بعد طلوع الفجر، فصيامه صحيح؛ لحديث عائشة وأم سلمة -رضي الله عنهما- قالتا: نشهد على رسول الله ﷺ إن كان ليصبح جنباً من غير احتلام ثم يغتسل ثم يصوم [رواه البخاري: 1931] يعني من الجماع.
وأخبرت عائشة: أنه ﷺ كان يغتسل بعد الفجر، أخبرت بما معناه أنه كان يغتسل من الجنابة بعد الفجر.
فإذاً، الجنابة لا تؤثر في الصيام ما دام أنه قد نزع قبل الفجر، أو احتلم وهو نائم، فهذه لا تؤثر في الصيام.
حكم الصوم مع الطعام الباقي بين الأسنان والفم
فائدة في حكم الصوم مع الطعام الباقي بين الأسنان والفم:
إذا كان قليلاً لا يمكن التحرز منه فهو تبع لريقه فلا يفسد به الصوم ولا يفطر.
وشرط بعض أهل العلم ألا يقصد ابتلاعه وأن يعجز عن تمييزه ومجه.
فإذا استطاع أن يميزه ويمجه فإنه يجب عليه ذلك ولا يبتلعه.
أما إن ابتلعه رغماً عنه وكان شيئاً قليلاً لا يمكن تمييزه، بل هو مختلط باللعاب فابتلعه بدون قصد فصيامه صحيح.
البلل الذي يبقى في الفم بعد المضمضة
فائدة في البلل الذي يبقى في الفم بعد المضمضة:
إذا ابتلعه الصائم مع الريق لا يفسد صومه بشرط إخراج الماء بعد المضمضة، والبلل والرطوبة الباقية لا يمكن التحرز منها لكن في الصيام لا يبالغ في المضمضة والاستنشاق؛ كما جاء بذلك الحديث الصحيح عن النبي ﷺ
فائدة: فيما إذا كان في اللثة قروح أو دميت بسواك أو غيره فدخل ريقه حلقه مخلوطاً بالدم، فهذا إذا لم يمكن الاحتراز منه فإنه لا يفطر، فإن كثيراً من الناس قد يبتلى بشقوق تشققات في اللثة أو الشفة ويدخل الدم مخلوطاً باللعاب بغير قصد، فهذا لا يفطر لكن إذا علم أن الدم موجود فإنه يخرج قدر استطاعته؛ لأن الدم نجس ولا يجوز ابتلاعه أصلاً.
النخامة والنخاعة
فائدة في النخامة والنخاعة:
أما النخامة فهي المخاط النازل من الرأس، والنخاعة البلغم الصاعد من الباطن بالسعال والتنحنح، وكلاهما يصل إلى الحلق، فإذا وصلت إلى الفم يخرجها النخامة والنخاعة، فإذا وصلت إلى الفم ثم أعاد ابتلاعها ابتلعها عمداً مع إمكانه التحرز أفطر، لكن إذا لم يمكنه التحرز ككثير من الناس الذين يبتلون بالتهاب في الجيوب أو غيره أو بعض العلل التي توجب تجمع البلغم وتجمع النخامة والنخاعة، فهذا ما يدخل في جوفه منه بغير قصد فإنه لا شيء عليه، وصيامه صحيح، خصوصاً أنه يشق التحرز منه جداً في بعض الحالات.
حشا أسنانه بحشوة طبية ودخل نهار رمضان فأحس بطعم مر
فائدة في رجل حشا أسنانه بحشوة طبية ودخل نهار رمضان فأحس بطعم مر:
أجاب الشيخ عبد العزيز بن باز عن هذا السؤال: أنه لا يضر مثل طعم الماء.
حكم من ذرعه القيء وهو صائم
فائدة في حكم من ذرعه القيء:
الحديث يفصل هذا، وهو قوله ﷺ: من ذرعه القيء فليس عليه قضاء ومن استقاء عمداً فليقض [رواه الترمذي: 720، وهو حديث صحيح].
والتقيؤ عمداً بوضع إصبعه أو عصر بطنه أو تعمد شم رائحة كريهة أو مداومة النظر إلى منظر فظيع وهو يعلم أنه يجلب له القيء هذا تعمد، لكن لو أنه قاء بغير تعمد فإنه لا يفطر وليس عليه شيء، ولا يجب عليه إمساك الباقي في معدته، واحد ذرعه القيء بدون فعل منه هل نقول أمسك الباقي مع أن إمساكه يضر به؟
الجواب: لا، بل إنه يرتاح، والذي يخرج بشكل طبيعي منه أثناء التقيؤ لا يمسكه ويخرجه، ما دام هو ليس متسبباً فيه، وإذا خرج إلى حلقه شيء فإنه يخرجه ولا يعاود ابتلاعه.
إذا طلع الفجر وفي فيه طعام أو شراب
فائدة إذا طلع الفجر وفي فيه طعام أو شراب:
أكثر العلماء على أنه يلفظه ويصح صومه.
وكذلك الحكم فيمن أكل أو شرب ناسياً ثم تذكر الصوم، فهذا يبادر إلى لفظه، لو أنه أكل أو شرب ناسياً ثم تذكر فجأة هل يكمل ما بقي في يده أو يبلع ما هو موجود في فمه؟
الجواب: لا، لا بد أن يخرجه.
إذا هو يتسحر فأذن الفجر
الفائدة السادسة والسبعون: إذا هو يتسحر فأذن الفجر:
فإنه ينبغي عليه أن يمسك، وقد ورد حديث في أنه لو كان بيده كأس ماء فإنه لا يضعه بل يشربه.
ولكن العلماء اختلفوا في صحة هذا الحديث فقال بعضهم بأنه حديث شاذ لا يصح الأخذ به، وأنه ما دام الفجر طلع فلا طعام ولا شراب، وأن هذا الحديث مخالف نص الآية، والآية فاصلة، فلذلك لا يأكل ولا يشرب شيئاً.
لكن الآن الاعتماد على التقويمات وليس على الرؤية العينية للفجر، والتقويمات الحسابية شيء ظني، ولذلك نقول: الأحوط أن يكف عن الطعام والشراب إذا أذن المؤذن.
لماذا قلنا: الأحوط؟
لأن العمل بالأذان على التقويمات، ولو أن إنساناً كان في البر وهو ينظر إلى جهة المشرق ولا زال الظلام دامساً والفجر لم يطلع فإنه يأكل ويشرب ولو أذن عشرات المؤذنين؛ لأن العبرة بطلوع الفجر وليس بالتقويم.
هذه الخانة التي يضعونها في بعض التقويمات قبل الفجر بعشر دقائق يكتب: الإمساك، وبعده الفجر بدعة من البدع، لا أصل لها، وهي مخالفة للكتاب والسنة ولإجماع علماء المسلمين في أن للمسلم أن يأكل ويشرب حتى يطلع الفجر، فمن زعم أنه يمسك قبل عشر دقائق ويزعمون أن هذا الإمساك وقت الإمساك فهو بدعة.
ولذلك ينبغي على أصحاب المحلات التجارية الذين يطبعون دعايات وعلى أصحاب المطابع الذين يطبعون لهم الدعايات الانتباه إلى حذف هذه الخانة بالكلية؛ لأنها بدعة من البدع ما أنزل الله بها من سلطان.
حكم ذوق الطعام
فائدة في حكم ذوق الطعام:
يكره بلا عذر لما فيه من تعريض الصوم للفساد، أما إن كان لعذر كما إذا احتاجت المرأة وهي تطبخ مثلاً أو الرجل إلى ذوق الطعام لينظر اعتداله فإنه لا بأس به، قال الإمام أحمد -رحمه الله-: أحب إلي أن يجتنب ذوق الطعام فإن فعل فلا بأس به.
هذا الذوق باللسان.
أما إذا وصل إلى الحلق أفطر.
وذكروا من الأعذار أن تمضغ المرأة الطعام للولد الصغير إذا لم تجد الأم منه بداً.
فإذاً، يجوز ذوق الطعام، وقد ورد عن ابن عباس: أنه كان إذا أراد أن يشتري شيئاً احتاج إلى تذوقه ذاقه، يذوقه بطرف لسانه، ثم يلفظه بطبيعة الحال.
فعلى الإنسان أن يحتاط ولا يتساهل في الذوق أو التذوق حتى لا يفسد صومه.
حكم مضغ العلك
فائدة في حكم مضغ العلك:
العلك إذا كان يتحلل منه أجزاء فيحرم مضغه وإن تفتت فوصل منه شيء إلى الحلق والجوف أفطر، وإذا كان له طعم مضاف مثل السكر فوجده في حلقه أفطر، وإن لم يكن له طعم ولا يتحلل منه شيء ولا يدخل شيء ألبته فيكره ذلك؛ لأن صاحبه يتهم بالإفطار كما قال بعض السلف: إياك وما يسبق إلى العقول إنكاره وإن كان عندك اعتذاره.
وأكثر العلك الموجود إما أن يتفتت منه أجزاء أو فيه طعم سكر، وما شابه ذلك، فهذا لا يجوز مضغه بطبيعة الحال.
حكم الأسوكة التي بنكهة الليمون أو النعناع للصائم
فائدة في هذه الأسوكة الجديدة التي طلعت في هذه السنة، وهي بعضها بنكهة الليمون، وبعضها بنكهة النعناع:
استفتيت بعض أهل العلم في هذا، فقال: إنها تفطر إذا وصل طعمها إلى الحلق، ولذلك لا تستخدم هذه الأسوكة التي فيها طعوم، طعم الليمون أو النعناع، وما شابه ذلك.
وعليكم بالسواك الطبيعي.
وفائدة: أن السواك لا يشترط أن يكون جافاً عند استعماله للصائم، بل يجوز استعمال السواك ولو كان رطباً.
حكم التقبيل للصائم والمباشرة والمعانقة واللمس
فائدة في حكم التقبيل للصائم والمباشرة والمعانقة واللمس:
أما الذي لا يملك نفسه فإنه لا يجوز أن يفعل ذلك؛ لأن ذريعة إلى إفساد صومه، فإن كان يملك نفسه فقبل ولم يخرج منه شيء فصيامه صحيح.
فعلى الصائم أن يجتنب التقبيل وغير ذلك من مقدمات الجماع إذا لم يأمن على نفسه وقوع ما يفسد صيامه؛ مثل الإنزال والجماع، فيبتعد.
وقال بعض أهل العلم بالتفريق بين الشيخ والشاب، ولكن هذا التفريق ليس بمطرد فقد يوجد شاب يملك نفسه، وكبير لا يملك نفسه، وإن كان الغالب العكس، ولكن التحرز مهم.
حكم الحجامة للصائم
فائدة في حكم الحجامة للصائم:
اختلفوا فيها اختلافاً كبير، ومذهب جمهور العلماء: أنها لا تفطر لكنهم كرهوها.
وقال الشافعي -رحمه الله-: لو ترك رجل الحجامة صائماً للتوقي كان أحب إليه ولو احتجم لم أره يفطره.
وذكر الخطابي -رحمه الله- بأن المحجوم قد يضعف فتلحقه مشقة فيعجز عن الصوم فيفطر بسببها والحاجم قد يصل إلى جوفه شيء من الدم؛ لأنه يمص.
وذهب الحنابلة إلى أن الحجامة تفطر.
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- إفطار المفصود دون الفاصد، إلا إذا وصل إلى حلقه شيء، يعني إفطار المحجوم دون الحاجم.
وقد وردت في المسألة أحاديث كثيرة، وبحث المسألة ابن القيم -رحمه الله- بحثاً لا مثيل له في شرحه على مختصر سنن أبي داود، فإن شئت فراجع هذا البحث لتتعلم كيف يوفق العلماء بين الأحاديث المتعارضة.
وفي هذه البحث يتجلى فقه الإمام ابن القيم -رحمه الله- -تعالى-.
فالأحوط الابتعاد عن الحجامة، وإن احتاج إليها فعلها، والأحوط له أن يقضي.
حكم الاكتحال للصائم
فائدة في حكم الاكتحال للصائم:
جائز بلا كراهة، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أنه لا يفطر.
قطرة العين ودهن الجفن
فائدة في قطرة العين ودهن الجفن:
لا يفسد الصيام، وذهب إلى هذا شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، وأن العين ليست منفذاً اعتيادياً.
وذهب المالكية والحنابلة إلى أنه يفسد الصوم إذا وصل إلى الحلق، فعندهم العبرة بالوصول إلى الحلق عند أي طريق كان الدخول.
حكم اغتسال الصائم للتبرد أو غوصه في الماء
فائدة في حكم الاغتسال والانغماس في الماء للتبرد أو التلفف في ثوب مبتل للتبرد: أن كل ذلك جائز ولا حرج فيه.
فائدة: في حكم الغوص وبعض الناس يعملون في الغوص كالذين يشتركون في شركات استخراج النفط أو يبحثون عن اللؤلؤ ونحوه إذا لم يخف دخول الماء في مسامعه فلا بأس به، وكرهه بعض الفقهاء في حال الإسراف والتجاوز والعبث، كما إذا قال: أنا أريد أن أمارس رياضة الغوص في رمضان، نقول: ما وجدت إلا رمضان في النهار تمارس رياضة الغوص، مارسها في الليل مارسها في غيره.
صيام السجين والمحبوس
فائدة في صيام السجين والمحبوس:
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن من اشتبهت عليه الشهور وهو في السجن لا يسقط عنه صوم رمضان، بل يجب لبقاء التكليف عليه.
إذاً، ماذا يفعل؟
إذا أخبره الثقات بدخول الشهر عن مشاهدة أو علم وجب عليه العمل بخبرهم ولو كان واحداً ثقة، وإذا لم يخبره أحد ثقة بعلم أو مشاهدة، وإنما المسألة اجتهادات فإنه يجتهد لنفسه في معرفة الشهر، ويصوم بما يغلب على ظنه مع النية، فإذا استمر الإشكال ولم ينكشف له فهذا يجزئه صومه؛ لأنه بذل وسعه، و لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا [البقرة: 286].
وأما إن علم بعد ذلك ماذا كان فله حالات:
أولاً: أن يوافق صوم المحبوس رمضان، اتضح أن اجتهاده كان صحيحاً وأنه وافق رمضان، فهذا مجزئ عند جمهور العلماء.
ثانياً: أن يوافق صوم المحبوس ما بعد رمضان، يعني اتضح أنه صام بعد رمضان فهذا يجزئه عند جمهور العلماء.
لماذا؟
لأننا لو قلنا له اقض متى سيقضي؟ بعد رمضان، طيب هو صام أصلا.
وقال بعض أهل العلم: إن وافق بعض صومه أياماً يحرم صومها كالعيدين والتشريق يقضيها.
طيب إذا اتضح أنه صام قبل رمضان، خرج من السجن اتضح أن رمضان ما انتهى، وأن الأيام التي صامها قبل رمضان، فلا يجزئه عن رمضان هذه الأيام التي صامها قبل، ويجب عليه قضاؤها.
ولو وافق صوم المحبوس بعض رمضان دون بعض أجزأه ما وافقه ولم يجزئه ما لم يوافقه.
وبالنسبة إذا اشتبه عليه الليل من النهار؛ لأنه في زنزانة وهي مظلمة، فذهب النووي -رحمه الله- قال: هذه مسألة مهمة قل من تكلم فيها إلا أنه إذا اجتهد فصيامه مجزئ.
المرأة التي تأخذ الدواء عادتها مضطربة
فائدة: في المرأة التي تأخذ الدواء عادتها مضطربة، ولا تحمل أخبرها الأطباء أنها لا يمكن أن تحمل حتى تنتظم العادة، ولا تنتظم العادة حتى تأخذ حبوباً تنزل العادة فهل يجوز أن تأخذ هذه الحبوب في رمضان وهي تعلم أنها تنزل العادة؟
أجاب بعض أهل العلم من المعاصرين: لا حرج في ذلك إذا احتاجت للتداوي لأجل الحمل.
مسائل متفرقة
وهذه أسئلة نكمل بها الفوائد.
س: هل يجوز للطيار أن يهبط بالطائرة إلى مستوى لا يرى فيه الشمس ليفطر؟
ج: هذا لا يجوز، فيه تحايل، إن نزل لمصلحة الطيران وغابت الشمس فلا بأس، وإلا فلا.
فائدة: إذا أفطر المسافر على أرض المطار لغروب الشمس ثم ارتفع في الطائرة فرأى الشمس هل يمسك؟
الجواب: لا يمسك ما دام قد أتم نهاره بشكل صحيح.
فائدة: إذا غاب جميع القرص فهل ينتظر حتى تغيب الحمرة الشديدة أو يسمع الأذان؟
الجواب: لا، إذا غاب جميع القرص أفطر الصائم، ولا عبرة بالحمرة الشديدة في الأفق، ولا ينتظر الأذان؛ لأن النبي ﷺ قال: إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم.
فائدة في دواء الغرغرة:
لا يبطل الصوم إذا لم يبتلعه، ولكن لا يفعله إلا إذا دعت الحاجة إليه.
فائدة في سحب الدم للتحليل:
أجاب الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز مثل هذا التحليل لا يفسد الصوم، بل يعفى عنه؛ لأنه مما تدعو الحاجة إليه، وليس من جنس المفطرات المعلومات من الشرع.
فوائد متعلقة بالجماع للصائم
فائدة فيمن أراد أن يواقع زوجته في نهار رمضان فسافر من أجل ذلك:
الجواب: لا يجوز له ذلك، وهذا تحايل على الشريعة.
فائدة فيمن أراد أن يواقع زوجته في نهار رمضان فأفطر بالأكل ثم جامع:
قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: يتعين عليه الكفارة في هذا الموضع أشد؛ لأن عاص، ولا يمكن أن تقول الشريعة لرجل إذا أراد أن تتجنب كفارة الجماع كل واشرب ثم جامع، بل هذا عليه الكفارة وهو أشد ممن لم يتحايل في الإثم.
فائدة: متى تكون المرأة مكرهة في الجماع؟
إذا أكرهت بالقوة أو الضرب كما إذا أمسكها أو ضربها أو هددها بوعيد تظن أنه يوقعه بها كالطلاق فإنها تكون مكرهة لا كفارة عليه، ويجب عليها أن تدفعه بالقوة، وإلا فهي مثله.
فوائد متعلقة بالإبر للصائم
فائدة في الجرح أو الرعاف:
إذا أصاب الإنسان ما دام بغير اختياره فإنه لا يضر بصومه.
فائدة في الإبر:
ذهب بعض أهل العلم إلى أن الإبر المغذية تفطر، والإبر غير المغذية لا تفطر.
وقال بعضهم: الإبر التي في الوريد تفطر، والتي في العضلات لا تفطر.
ولعل الأقوى والله أعلم: أن الإبر إذا كانت مغذية فإنها تفطر؛ لأنها بمعنى الطعام والشراب، فهي تقوي كما لو أكل أو شرب ويلحق بها حقن الدم فإذا نقل إليه دم فهو من قبيل التغذية فإنه يفطر.
فوائد متعلقة بصيام المرأة الحائض
فائدة: متى تعلم الحائض أنها قد طهرت لكي تصوم؟:
الجواب: إما بنزول الطهر وهو القصة البيضاء، أو بأن تحتشي بقطن ونحوه، فإذا رأته نظيفاً عرفت أنها قد طهرت كما ورد في حديث عائشة -رضي الله تعالى- عنها فتصوم.
فائدة: في المرأة تعرف أن عادتها تأتي غداً في نهار رمضان هل يجب عليها مواصلة نية الصيام؟
الجواب: نعم، يجب عليها أن تنوي الصيام ولا تفطر إلا إذا رأت الدم.
فائدة: إذا كانت المرأة أسقطت في نهار رمضان فما حكمها؟
الجواب: إذا أسقطت شيئاً فيه تخليق لأحد أعضاء الجسم أو للجسم كيد أو رجل أو رأس وظهر تخطيطه في هذا الذي نزل منها وسقط فإنها نفساء؛ لأن التخطيط بعد الثمانين، أربعون يوما نطفة، وأربعون يوما علقة، ثم بعد ذلك يبدأ التخليق، فبدأ الثمانين يوماً إذا أسقطت فهي نفساء، وإذا ظهر التخطيط أو التخليق في الجنين النازل فهي نفساء، ويكون الدم نفاساً.
وأما إذا كان قبل ذلك فإنها استحاضة وتصوم، وبذلك تكتمل الفائدة المائة.
وما بقي نعرضه بسرعة.
فائدة في بنت بلغت ولم تخبر أهلها خجلاً، وكانت تفطر:
يجب عليها التوبة وقضاء ما تركته من الصيام في وقت تكليفها.
وكذلك لا حياء في مثل هذه المسائل.
وهي إذا بلغت فإنها لا يجوز لها أن تصوم في أيام الحيض، يحرم على الحائض الصيام، ويجب عليها القضاء.
فوائد متعلقة بقدوم المسافر أثناء نهار رمضان
فائدة في قدوم المسافر في أثناء يوم في النهار في رمضان:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: في وجوب الإمساك عليه نزاع مشهور بين العلماء، لكن عليه القضاء أمسك أو لم يمسك ولكن الأحوط له أن يمسك.
وفائدة في المسافر إذا مر ببلد فليس عليه أن يمسك إذا كانت إقامته فيها أربعة أيام، إلا إذا كانت إقامته فيها أربعة أيام فأكثر مثل ما سبق البيان، لكن لو كانت البلد بلده فإن كان ناوياً الإقامة المكث فيها لا يجوز له أن يفطر، وإن كان مر بها مروراً لا ينوي الإقامة بها ولا الجلوس فهذا اخترق، كرجل يسكن في الرياض وهو الآن في المنطقة الشرقية ويريد الذهاب إلى مكة، فذهب المنطقة الشرقية ودخل الرياض وخرج منها قاصداً مكة وهو من سكان الرياض، فهذا لا يعتبر مقيماً لما دخل الرياض، ولذلك يستمر في الرخصة.
فائدة في المسافر للخارج الذي سيقيم سنوات للدراسة وغيرها:
اختلف أهل العلم في حاله، فالجمهور ومنهم الأئمة الأربعة على أنه في حكم المقيم يلزمه الصيام.
وذهب آخرون إلى أنه ليس بمقيم.
لكن الأحوط له أن يصوم.
وهذا قول جمهور العلماء والأئمة الأربعة.
ثم إننا إذا قلنا له يجوز لك أن تفطر هذا متى يقضي؟ يجلس سنوات طويلة في الخارج يفطر يفطر متى يقضي وتتابع عليه وتتوالى عليه رمضانات؟
فوائد متعلقة بصيام الصبي والمجنون والمغمى عليه
فائدة: متى يحصل البلوغ؟
يحصل البلوغ بواحد من أمور ثلاثة عند الذكر، وهي: إنزال المني باحتلام أو غيره.
ثانياً: نبات شعر العانة الخشن حول القبل.
ثالثاً: البلوغ، تمام خمسة عشر عاماً، وتزيد الأنثى أمراً رابعاً وهو الحيض فتكلف إذا نزل عليها الحيض.
فائدة في المجنون إذا كان يجن أحياناً ويفيق أحياناً، وكذلك الهرم الذي ذهب عقله، فيأتي عقله أحياناً ويذهب أحياناً: فالجواب: أن المجنون إذا أفاق والكبير في السن إذا عاد إليه عقله يلزمهم الصيام، فإذا ذهب عقله فإنه لا صيام عليه.
السؤال: هل عليه كفارة؟
لا؛ لأنه ليس من أهل التكليف لا صيام ولا فدية.
فلو قال: عندنا في البيت هرم ذهب عقله لا يميز شيئاً ولا عنده إدراك، ولا يدي من هو ولا من أهله ولا من حوله، فقد التمييز؟
فنقول: لا يجب عليه الصيام ولا الفدية ولا يجب عليكم القضاء عنه ولا شيء؛ لأنه ليس من أهل التكليف.
فائدة في المغمى عليه:
المغمى عليه، إذا أغمي عليه يوم إلى ثلاثة أيام على قول بعض أهل العلم يلزمه القضاء قياساً على النائم.
وإذا أغمي عليه فوق ثلاثة أيام لا يلزمه القضاء ولا الفدية قياساً على المجنون.
فوائد متعلقة بصيام المريض المزمن
فائدة في المريض الذي مرضه مزمن: يخرج الفدية نصف صاع من قوت البلد فإن كان يرجى برؤه لا يخرج شيئاً، بل ينتظر حتى يبرأ، ويلزمه القضاء.
فائدة فيما إذا لو مات وهو ينتظر البرء: مريض قيل له: يرجى برؤك فمات وهو ينتظر البرء
ليس عليه ولا على أوليائه لا قضاء ولا كفارة ولا فدية، ما عليهم شيء، ولا يخرج من تركته شيء.
من صام في بلد ثم ذهب إلى بلد أخرى قد صاموا بعدهم
فائدة: فيمن صام في بلد ثم ذهب إلى بلد أخرى قد صاموا بعدهم فماذا يفعل؟
قال الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز: إذا صمتم في البلد في هذه البلد ثم صمتم بقية الشهر في بلادكم فأفطروا بإفطارهم، ولو زاد ذلك على ثلاثين يوماً؛ لقوله ﷺ: الصوم يوم تصومون، والإفطار يوم تفطرون [رواه الترمذي: 697، وقال الترمذي:"حسن غريب"].
لكن لو حصل العكس، مثلا صام في باكستان الذين صاموا بعدنا ثم جاء إلى هذه البلد فصار العيد بعد سبعة وعشرين يوما من صيامه، فماذا يجب عليه؟
إكمال يومين؛ لأن الشهر لا يكون أقل من تسع وعشرين.
هذا طبعا سيصلي العيد مع المسلمين، لكن عليه أن يصوم يومين تكملة لعدة الشهر؛ لأن الشهر لا ينقص عن تسع وعشرين.
لكن لو العكس صمنا قبلهم فصام هنا ثم ذهب إلى تلك البلاد فصام فيها، فحكمه حكم من ذهب إليهم، لا يفطر إلا إذا أفطروا ولو زاد عن ثلاثين يوماً.
فائدة في البلاد التي يطول فيها النهار جداً أو الليل فيها جداً
ما دام عندهم ليل ونهار، يتميز ليلهم من نهارهم فإنه يجب الصيام.
لو قال: نهارنا عشرون ساعة، نقول: لا بد من الصيام ولا بد أن تنوي الصيام وأن تصوم.
لكن لو خشي على نفسه أفطر اضطراراً.
فائدة في أصحاب سيارات الأجرة والجلابين والذين يسافرون في مصالح المسلمين
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: ويفطر من عادته السفر ولو كانت عادته السفر إذا كان له بلد يأوي إليه كالتاجر الجلاب الذي يجلب الطعام وغيره من السلع، والمكاري الذي يكري دوابه صاحب سيارات الأجرة مثلاً، وكالبريد الذي يسافر في مصالح المسلمين ونحوهم.
وكذلك الملاح الذي له مكان في البر يسكنه، مثل الطيارين مثلاً، هؤلاء يفطرون ولو كانوا يسافرون أياماً كثيرة جداً، ولو كانوا يسافرون طيلة الشهر ولو كان عادتهم السفر يجوز لهم الإفطار، قال -رحمه الله-: فأما من كان معه في السفينة امرأته وجميع مصالحه ولا يزال مسافراً، فهذا لا يقصر ولا يفطر؛ لأن السفينة صارت بمثابة البيت بالنسبة له، قال: وأهل البادية كأعراب العرب والأكراد والترك وغيرهم الذين يشتون في مكان ويصيفون في مكان، إذا كانوا في حال ظعنهم من المشتى إلى المصيف، ومن المصيف إلى المشتى فإنهم يقصرون ويفطرون.
وأما إذا نزلوا في مشتاهم ومصيفهم لم يفطروا ولم يقصروا، وإن كانوا يتتبعون المراعي والله أعلم.
فوائد متفرقة
وفائدة: بالنسبة للتطعيم:
أفتى الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله- لما سئل عن التوتين أو التطعيم ضد الجدري أنه لا يفطر.
وفائدة: في رجل أصبح لا يدري أن رمضان قد دخل فأكل وشرب ثم علم أنه رمضان فجامع أهله، فقال: ما دام أكلت وشربت، فتوى الشيخ عبد العزيز عليه الكفارة المغلظة مع القضاء.
حكم صيام من شرع في الاستمناء ولم ينزل
فائدة: فيمن شرع في الاستمناء ولكنه لم ينزل هل يفطر؟
فأجاب الشيخ حفظه الله: ليس بالظاهر لا يفطر، لكن هذا ينتهك حرمة الشهر عليه التوبة إلى الله شرع في مفطر من المفطرات ولو كان ما وصل إلى الدرجة التي تفطر، لكنه يجب عليه أن يحفظ نفسه.
فرق بعض أهل العلم بين الكافر إذا أسلم والصبي إذا بلغ، والحائض والنفساء إذا طهرت، وبين المريض إذا شفي، والمسافر إذا قدم والمجنون إذا أفاق، عند بعضهم أنهم كلهم عليهم القضاء وإمساك اليوم.
وقال بعضهم بالتفريق: المجنون إذا أفاق والصبي إذا بلغ والكافر إذا أسلم يمسكون بقية اليوم؛ لأنهم صاروا من أهل الوجوب، ولا قضاء عليهم.
بخلاف الحائض إذا طهرت والمسافر إذا أقام فهؤلاء يلزمهم القضاء.
ومنهم من رأى الإمساك والقضاء على الجميع.
حكم من عليه صيام شهرين
فائدة: في رجل عليه صيام شهرين:
قال: أنا لا أستطيع أن أصومها بسبب ابتلائي بالتدخين هل ينتقل إلى الإطعام؟
فأجاب الشيخ عبد العزيز: لا يجوز له ذلك، ولا عذر له بمعصيته، لا تعتبر المعصية عذراً له.
فائدة: هل يجوز أن تصوم الزوجة بدون إذن زوجها إذا كان عند زوجته الثانية وهو لا يسمح؟
فأجاب الشيخ عبد العزيز: لا تصوم بغير إذنه إلا رمضان إلا إذا سافر.
فوائد في حكم ثبوت دخول رمضان
فائدة: في حكم العمل بالحسابات في دخول الشهر الذي يكون موجوداً في كثير من البلدان:
هذه بدعة، ولا يجوز العمل بالحسابات، والحديث نص في الموضوع صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته .
فائدة: في شرط الشاهد الذي يقبل خبره:
أن يكون بالغاً عاقلاً مسلماً موثوقاً بخبره لأمانته وبصره.
في نزول المطر وقت المغرب
فائدة في نزول المطر وقت المغرب: هل نجمع ونصلي التراويح أو لا؟ هل نجمع مع العشاء ونؤخر التراويح؟ أو نجمع ونصلي التراويح أو لا نجمع؟
فأجاب الشيخ عبد العزيز: الأمر واسع إن شاء الله، الجمع يفوت به مصالح كثيرة للناس، يعني لو قلت تعالوا نجمع ونصلي العشاء ونصلي بعده التراويح وهم قد أفطروا الآن على تمرات، وأشياء أخرى طبعاً صارت الآن، لكن لو فعلنا ذلك لشق على الناس، فلو تركنا الجمع قلنا: مصلحتكم أننا لا نجمع، فنصلي المغرب الآن ثم نصلي العشاء والتراويح في وقت العشاء بعد ذلك، فلا حرج في ذلك ما دامت هذه مصلحة الناس.
حكم قضاء الصيام لمن وضعوا له منوماً في المستشفى لمصلحته ثم أفاق
فائدة: وضعوا له منوماً في المستشفى لمصلحته فإذا أفاق هل يقضي؟ يعني هو باختياره، ما هو إغماء طارئ، تقدم الإغماء حكمه، لكن هذا الآن منوم باختياره، قال: نعم، أنا أختار العملية مادام أحتاج العملية نوموني بالمخدر؟
فأفتى الشيخ حفظه الله إذا كان ثلاثة أيام فأقل يقضي قياساً على النائم، وأكثر لا يقضي قياساً على المجنون.
فائدة متعلقة بصيام الحائض
فائدة: امرأة كشفت فرأت أن الدورة لا تزال، يعني قبل الفجر، لا تزال موجودة، فلم تنو الصيام، ثم أفاقت في الصباح فوجدت نفسها طاهراً، هل يصح هذا اليوم صيام فرض أو لا؟
لا يصح؛ لأنها لم تنو.
طيب لو قالت: أنا سأنويه نفلاً، ما دام أنه لا فائدة من الفرض سأحتسبه نفلاً، في رمضان أصوم نفلاً، وقالت: خذوا هذه مسألة نادرة أصوم نفلاً في نهار رمضان؟
فالجواب قال: العلماء لا يقع صوم نفل في رمضان البتة.
فوائد متعلقة بدعاء القنوت في صلاة التراويح
ومما يتعلق بصلاة التراويح عند الثناء على الله في مطلع الدعاء هل يرفع الإمام والمأمومون أيديهم؟
الجواب: نعم، يرفعون أيديهم ولو كانت مقدمة؛ لأن الثناء على الله جزء من الدعاء، لأنه يشرع أن تسأل الله بأسمائه وصفاته، وأن تثني عليه.
فيما يتعلق بالتراويح فائدة أخرى: في السنة هل يكون القنوت قبل الركوع أو بعده؟
فأجاب الشيخ عبد العزيز: كلاهما، والأشهر بعد، وهو الذي عليه عمل الناس.
فلو قنت قبل الركوع أو بعده كلاهما صحيح.
ما هو الدليل على مشروعية رفع الأيدي في القنوت؟
الشيخ: رفعها في قنوت النازلة، لما ورد رفعها في قنوت النازلة فكذلك القنوت في الوتر وفي رمضان أيضاً.
إمام كلما علم أنه سيمر بسجدة تلاوة في ركعتي التراويح نبه الناس حتى لا تقع لخبطة؟
جواب الشيخ: ينبغي عليه ترك ذلك ليس له أصل.
السؤال: هل يوجد دليل على قول: سبحانك للمأموم في دعاء الإمام في القنوت عند قوله فإنك تقضي ولا يقضى عليك؟
الشيخ: لا بأس يشهد له حديث: أنه كان يسبح عند آية التسبيح.
السؤال: إذا صلى بالناس القيام فارتاحوا بعد ركعتين أو أربع فهل ينصرف إليهم الإمام أو يبقى مكانه؟
الجواب: إذا كانت أطول من قوله: أستغفر الله، اللهم أنت السلام، إلى آخره، فينصرف إليهم ويستقبلهم، وإن كانت وقفة يسيرة فإنه يبقى مكانه ثم يقوم ويكمل.
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يجعلنا وإياكم من الصالحين، وأن يوفقنا لبلوغ شهر رمضان ولصيامه وقيامه إيماناً.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.