الأحد 14 جمادى الآخرة 1446 هـ :: 15 ديسمبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

كتابك يا أختاه


عناصر المادة
الاهتمام بالقرآن وبيان أهميته ومكانته
المكانة العظيمة لحامل القرآن
الاخلاص لله في حفظ القرآن الكريم 
القرآن يرد على أهل البدع والشهوات والشبهات
الموعظة والتذكير والاستشهاد بالقرآن في موطن الابتلاء
الاستشهاد بالقرآن للتطمين والثناء والتثبيت على الأفعال الطيبة
القرآن الكريم كتاب إصلاح ونبراس هداية 
تقويم القرآن للسلوك والتصورات لدى المرأة المسلمة
التزود بالأعمال الصالحة للقاء الله تعالى

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيتها الأخوات: السلام عليكن ورحمة الله وبركاته.
ومع هذا اللقاء من وراء حجاب كما أمر الله نلتقي في هذا المجلس الذي نسأل الله أن يكون نافعاً مباركاً، وأن يكون من مجالس العلم والإيمان، وأن يجعله حجة لنا وأن ينزل علينا فيه مغفرته ورحمته والسكينة من عنده والملائكة، إنه سميع مجيب، نسأله أن لا نقوم إلا وقد قيل لنا: قوموا مغفوراً لكم.

الاهتمام بالقرآن وبيان أهميته ومكانته

00:00:44

أيتها الأخوات الفاضلات: إن كلامي إليكن وصية بكتاب الله وتبيان وبأمور تتعلق بهذا القرآن ومكانه ودوره وأهميته في حياتنا، وكيف كان في حياة السلف -رحمهم الله- وهي بعنوان: "كتابك يا أختاه".
هذا القرآن العظيم الذي أنزله الله نوراً وبركة ورحمة وشفاء لما في الصدور، وأنزله تبياناً لكل شيء، الذي قال نبيه ﷺ: أوصيك بتقوى الله وتلاوة القرآن فإنه روحك في السماء وذكرك في الأرض[1].
يا أيتها الأخت المسلمة: يقال لك إذا كنت من الحفظة ومن الذين نالوا نصيباً من كتاب الله في صدورهن، يقال لصاحب القرآن كمال يقال لصاحبة القرآن إذا دخل الجنة: اقرأ وأصعد  فيقرأ ويصعد بكل آية درجة حتى يقرأ آخر شيء معه" حديث صحيح[2].  
لقد كان الذي يقرأ القرآن بخشوع هو المرجو، فالنبي ﷺ يقول: أحسنُ الناس قراءة الذي إذا قرأ رأيت أنه يخشى الله[3].
وهذا يدل على قراءته بعيداً عن هذه الألحان التي يطرب فيها القوم.
ولقد خشي النبي ﷺ علينا  نشْواً  يعني أحداثاً يتخذون القرآن مزامير[4].
ومع هذا فإننا مطالبون بتحسين الصوت به لأن الصوت الحسن يزيد القرآن حُسناً ولذلك قال السلف: "زيّنوا القرآن بأصواتكم" لكنه ليس تلحيناً وتطريباً كما يفعله آل هذا الغناء.

المكانة العظيمة لحامل القرآن

00:02:31

ولمكانة صاحب القرآن أوصى النبي ﷺ به خيراً وقال: إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن، غير الغالي فيه والجافي عنه[5]
وهذا الإكرام لحامل القرآن لما في صدره من كلام الله هذا الكلام الذي في الصدور لو قام الكفرة بتحريف كل ما هو مطبوع من القرآن ستبقى نسخ غير قابلة للتحريف إنها النسخ التي في الصدور، هذه القلوب تتحمل أكثر من الجبال: لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ [سورة الحشر:21].
ولكن القلب إذا عُمر بالإيمان تحمل ما ينزل عليه من هذه المعاني في هذا الكتاب العزيز، هذا يرفعكِ وهذا يضعكِ: إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين[6].
إنه شافع لكِ، وماحل -يعني خصم مجادل- مصدّق، شافع مشفّع وماحل مصدق من  جعله أمامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلفه ساقه إلى النار، كما قال النبي ﷺ، فما أجملها وما أحلاها عندما يكون القرآن حليتها يوم الدين، يجيء القرآن يوم القيامة فيقول يا رب حلّه فيلبس تاج الكرامة ثم يقول يا رب زده، فيلبس حلة الكرامة، ثم يقول يا رب ارض عنه، فيرضى عنه فيقول اقرأ وارق ويزاد بكل آية حسنة حديث صحيح[7].  

إنه حبل ممدود بين السماء والأرض طرفه بيدك وطرفه عند الله كما قال النبي ﷺ: أبشروا فإن هذا القرآن طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تهلكوا ولن تضلوا بعده أبداً[8].
كتاب الله هو حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض، نسأل الله أن يجعلكِ من أهله؛ لأن أهله هم أهل القرآن كما قال نبي الإسلام إن لله تعالى أهلين من الناس أهل القرآن هم أهل الله وخاصته[9].
هؤلاء الذين يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ ۝ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ [سورة فاطر:29 - 30].

الاخلاص لله في حفظ القرآن الكريم 

00:05:03

ولذلك أوصانا ﷺ أن نقرأه، ونعمل به، لا نجفوا عنه ولا نغلوا فيه ولا نأكل به ولا نستكثر؛ لأنه يُتلى لا لطلب المال، وإنما لطلب رضى رب المال .
لما كان هذا القرآن له المكانة العظيمة في نفوس الصحابة -رضوان الله عليهم- كانوا يستشهدون به دائماً في سائر المناسبات فهذه الآيات تنطلق من أفواههم في شتى الأحداث والمواقف، تعبّر عن تفاعلهم مع كتاب الله، وحفظهم له وكيف أنهم وعوه حتى صار دائماً حاضراً في أذهانهم في سائر المواقف والأحداث.
لما فُتحت المدائن ودخل جيش سعد بن أبي وقاص ديوان كسرى، واتخذ الإيوان مصلى تلا قوله تعالى عندما دخل وهو ينظر على هذا الذي تركه كسرى: كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ۝ وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ۝ وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ  ۝ كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ [10].
لما وقعت وقعة نهر شير بقيادة سعد بن أبي وقاص ومعه هاشم بن عتبة، ووصلوا إلى مكان مظلم يقال له: مظلم ساباط وجدوا هنالك كتائب كثيرة لكسرى يسمونها: "بوران" وهؤلاء الفرس الكفرة يقْسمون كل يوم لا يزول ملك فارس فحمل سعد وهاشم، وهاشم يتلو قول الله تعالى: أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ [سورة إبراهيم:44]. فأزالهم الله كانوا يقتبسون منه وحتى يسيرون الجيوش على هدي منه[11].

وهذا الصدّيق لما سير الجيش لحروب المرتدين أمر كل أمير أن يسلك طريقاً غير طريق الآخر لما لاحظ من ذلك من المصالح حتى قال ابن كثير -رحمه الله- وكأنّ الصدّيق اقتدى في ذلك بنبي الله يعقوب حين قال لبنيه  يَابَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ [سورة يوسف:67]، كانوا يردون به المنهزمين من المسلمين يردونهم بالقرآن ولما انكشف شرحبيل وأصحابه تراجعوا لما وعظهم أمير الجيش بقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ [سورة التوبة:111]، رجعوا.
ابن عباس لما أُخبر بالمصيبة العظيمة في وفاة ابن له، نعي إليه وهو في طريق سفر، أوقف الدابة، نزل على الطريق وهو يصلي ركعتين ويقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم قال بعد ما صلى ركعتين: "فعلنا ما أمر الله به وتلا هذه الآية : اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [12].
وهكذا لما دخل شخص على سعيد بن جبير حين جيء به إلى الحجاج مكبّلاً يستعد للقتل، فبكى رجل، فقال سعيد ما يبكيك؟ قال: لما أصابك، قال: فلا تبك كان في علم الله أن يكون هذا ثم تلا: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا [13].

القرآن يرد على أهل البدع والشهوات والشبهات

00:08:20

كان هذا القرآن يُرد به على الشبهات والإيرادات ويوضّح به الالتباس.
لما دخل سعيد بن كثير بن عفير بقبة الهواء مع المأمون قال لهم: ما أعجب فرعون من مصر حيث يقول أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ [سورة الزخرف:51]. فقلت: يا أمير المؤمنين، إن الذي ترى بقية ما دمّر، هذا لما رأى الخليفة قال: ما الذي أعجب فرعون من مصر وهذه الأطلال؟ فقال: يا أمير المؤمنين إن الذي ترى بقية ما دُمّر، ليس هذا الذي أعجب فرعون لما قال: أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ ثم تلا عليه الآية التي توضح الالتباس وتزيله وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ [14].
هذا القرآن الذي كان يُرد به على المبتدعة، قال رجل من الخوارج لعلي وهو في الصلاة: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [سورة الزمر:65][15].
وكانوا في قلّة الأدب والتهجُّم على الصحابة عجيبين للغاية، فقرأ علي مباشرة لما سمعه يقرأ تلك الآية قول الله فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ [سورة الروم:60]. الإمام أحمد -رحمه الله- لما قال له المبتدع: ما تقول في القرآن؟ قال الإمام أحمد: "ما تقول أنت في علم الله؟" فسكت فقال بعض المبتدعة للإمام أحمد: أليس الله قال: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ [سورة الرعد:16].
فقلت: قال الله: تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ [سورة الأحقاف:25] فدمّرت إلا ما أراد الله، يعني أنه مستثنى، وأن الله أنزل القرآن وهو كلامه غير مخلوق.
ولما قال المبتدع: أليس قد قال الله: إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا [سورة الزخرف:3] أفيكون مجعولاً إلا مخلوقاً؟
فقال: قد قال تعالى: فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ [سورة الفيل:5] يعني: أفخلقهم؟ فسكت المبتدع؛ لأن جعل تأتي بمعنى صيّر[16].

الموعظة والتذكير والاستشهاد بالقرآن في موطن الابتلاء

00:10:20

وهكذا كانوا يعظون به ويذكرون، وهكذا كانوا أيضاً يستشهدون به في مواطن الابتلاء يصبرون به أنفسهم.
البخاري -رحمه الله- الذي جمع هذا الصحيح العظيم كان قد تعرض لكيد وحسد، وأنت قد تتعرضين لكيد وحسد، تتعرض كثير من النساء للكيد والحسد، إما لمنزلة اجتماعية، أو لمكانة زوجها، أو عدد أولادها، أو أن عندها ذكور، أو أن عندها مال أو بيت واسع، أو وظيفة، ونحو ذلك.
كان كثير من أصحاب البخاري يقولون له: إن بعض الناس يقع فيك فيقول: إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا [سورة النساء:76]، يتلو الآية، وأحياناً يقرأ: وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ [سورة فاطر:43].
فلو أنك أوتيت بكلام يقال لك فيه: إن فلانة تحيك لك المؤامرات، إنها تكيد لك، فتذكري أن هناك من استدل بهذه الآيات عندما تعرض للكيد، وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ [سورة فاطر:43].
وكان يستشهد أيضاً بقول النبي ﷺ: اصبروا حتى تلقوني على الحوض عندما يقال له: كيف لا تدعو الله على هؤلاء الذين يظلمونك ويتناولونك ويبهتونك، فقال: قال النبي ﷺ: اصبروا حتى تلقوني على الحوض[17].
وكذلك فإنه قال: "لم يكن يتعرض لنا قط أحد من أفناء الناس إلا رُمي بقارعة، وكل ما حدّث الجهال أنفسهم أن يمكروا بنا رأيتُ من ليلتي في المنام ناراً توقد ثم تُطفأ من غير أن يُنتفع بها، فأتأول قول الله تعالى: كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ [سورة المائدة:64] وكان هجّيراه -أي ديدنه من الليل- البخاري لما قدم من العراق: إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ [18].

هذا الكتاب -أيتها الأخوات- هو الذي كان العلماء يستدلون به ويلجؤون إليه للاستناد وأخذ الأدلة والأسس لما يقولونه، قال المزني: "كنا يوماً عند الشافعي جاء شيخ عليه ثياب صوف وبيده عكازة فقام الشافعي وسوى عليه ثيابه أي احتراماً للرجل، سلّم الشيخ وجلس وأخذ الشافعي ينظر إلى الشيخ هيبة له، فقال الشيخ: أسأل؟ قال: سل، قال  ما الحجة في دين الله؟ قال: كتاب الله، قال الشيخ: وماذا؟ قال الشافعي: سنة رسول الله، قال الشيخ: وماذا؟ قال اتفاق الأمة -يعني الإجماع، فقال من أين قلت: اتفاق الأمة ما هو الدليل أن اتفاق الأمة حجة؟ فتدبّر الشافعي ساعة يفكر في الدليل، فقال الشيخ: قد أجلتك ثلاثاً، فإن جئتَ بحجة من كتاب الله وإلا تب إلى الله تعالى فتغير لون الشافعي، ثم ذهب فلم يخرج إلى اليوم الثالث بين الظهر والعصر وقد انتفخ وجهه ويداه ورجلاه وهو مسقام -يعني مريض من طول السهر- فجلس فلم يكن بأسرع من أن جاء الشيخ فسلم وجلس فقال حاجتي، قال الشافعي نعم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال الله تعالى: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى [سورة النساء:115]، فلا يصليه على خلاف المؤمنين إلا وهو فرض، قال الشيخ: صدقت، وقام وذهب، فقال الشافعي: قرأت القرآن في كل يوم وليلة ثلاث مرات حتى وقفتُ عليه -أي على دليل الإجماع- وهو قول الله وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ فالإجماع هو سبيل المؤمنين الذي من خالفه فهو من أهل النار، يصليه الله جهنم، وكذلك كانوا يأمرون من يقرأ عليهم في المرض، لأجل أن يثبتوا بما يسمعونه من الكتاب العزيز.
يقول يونس بن عبد الأعلى-والقصة في السير كالقصة السابقة في سير أعلام النبلاء: "ما رأيت أحداً لقي من السقم ما لقي الشافعي فدخلت عليه فقال: اقرأ ما بعد العشرين والمائة من آل عمران فقرأت وهذه آيات الابتلاء، وما أصاب المسلمين في أحد، أمره أن يقرأ عليه وهو مريض، فقرأتُ، فلما قمت قال لي: "لا تغفل عني فإني مكروب"[19].
يعني دائماً تعال وذكرني بهذه الآيات، وما لقي النبي ﷺ وأصحابه؛ حتى أصبر لما أسمع ما لقوه من الأذى والشدة ؛ لأني أعرف أنه قد ابتُلي من هو أفضل مني بأكثر وأشد فأصبر وهكذا.

الاستشهاد بالقرآن للتطمين والثناء والتثبيت على الأفعال الطيبة

00:15:17

كان الاستشهاد بالآيات للتطمين والثناء والتثبيت على الأفعال الطيبة، يقول أحد تلاميذ الحافظ عبد الغني الجماعيلي -رحمه الله: لما وقع الغلاء بمصر كان الحافظ يؤثر بعشاء ثلاث ليال ويطوي، لما وقع الغلاء صار الفقراء لا يستطيعون شراء الأغذية، فهذا الحافظ عبد الغني -رحمه الله- كان يؤثر بعشائه يقدمه للفقراء ويطوي جائعاً، رأيته يوماً وقد أهدي إلى بيته مشمش، وهذا كان نادراً ومرتفع الثمن جداً، فكان أهله من التربية التي رباهم بها -رحمه الله- رباهم عليها أنهم كانوا يفرقونه على الفقراء والمساكين مع أنها مجاعة وغلاء وجاءهم شيء نفيس جداً، و لما رأى أهله يفرقون هذا الثمر النادر والغالي قال: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [سورة آل عمران:92]. يذكّرهم بتلك الآية وما يجب عليهم[20].

القرآن الكريم كتاب إصلاح ونبراس هداية 

00:16:24

إن هذا القرآن الله قد أنزله لكي يكون لنا نبراساً وهداية، ولكي نكوّن به تصوراتنا عن الدنيا وما فيها، لا بد أن ننظر للدنيا من خلال القرآن، كل الدنيا هذه أي شيء فيها من مناسبات، أولاد، أقارب، أموال، وظائف، الناس المسلمين، الحروب، أي شيء يحدث في العالم لا بد أن ننظر إليه من خلال القرآن، وإذا كنت من صاحبات هذا الكتاب العزيز فلا بد أن يكون لك شعور خاص ومهمة معينة، فهل تشعرين -أيتها الأخت المسلمة- أنكِ صاحبة رسالة وصاحبة هدف عظيم، وأنكِ لم تخلقي عبثاً، وأن القضية ليست لتخرج المرأة من وظيفة وتأكل وتنام وتتفسح، وأنها تأخذ المال من زوجها، وهكذا تذهب إلى السوق وتشتري ما لذ وطاب وترجع، وتتمشى وتذهب الحفلات والمناسبات؟ هل تشعرين بأنكِ صاحبة رسالة، وأنت تقرئين قول الله تعالى: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ [سورة المؤمنون:115] ؟ هل تشعرين بالمسؤولية نحو هذا الدين الذي ستسألين عنه يوم القيامة ماذا فعلتِ به؟ هل بلغتيه؟ هل دعوتِ إليه وأنتِ تقرئين قول الله تعالى: وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ [سورة الزخرف:44]، فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [سورة الزخرف:43]. ؟
هل تشعرين بمسؤولية القيام بهذا الدين وحمل تكاليفه وأنها مجهدة وشاقة وتحتاج إلى قوة وجهد وعزيمة وأنت تقرئين قول الله في سورة المزمل: إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا [سورة المزمل:5].؟

وهل تعلمين بأن قيام الليل به من أكبر المعين على حمل تبعات هذا الدين؟ لأن الله كلف نبيه بالدعوة وقال: قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا [سورة المزمل:2]، هل تشعرين بمفهوم الاستعلاء الإيماني ؟ يجب أن يكون عندك ارتفاع عن أهل الجاهلية عندما يعرضون في قنواتهم هذا السوء وعندما نرى في بلدان العالم المختلفة هذا الفساد، عندما نرى هؤلاء الطواغيت وما كادوه للمسلمين، وعندما نرى هذه الحروب على المسلمين في كل مكان، في فلسطين وكشمير وبوسنا وكوسوفا والشيشان، وغيرها من الأماكن عندما نرى التقتيل والتشريد في المسلمين، هل نشعر دائماً بأننا أعزاء بالدين ولو حصل علينا من المصائب ما حصل؟ لأن الله قال: وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [سورة آل عمران:139]، ولو حصلت عليكم مصيبة أو هزيمة لكن أنتم أعلى من الكفار لو كان لهم غلبة وعندهم أسلحة نووية وعندهم طائرات وصواريخ وبوارج حربية وحاملات طائرات، وغيرها وصواريخ عابرة للقارات، نحن أعلى منهم، نحن أفضل منهم بديننا، بعقيدتنا  وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ونتذكر أن النبي ﷺ عندما كان في الاستضعاف كادوه، أحزنوه، عادوه، شردوه، تآمروا على قتله، قتلوا أصحابه، حبسوهم في الشعب، جوعوهم، ومع ذلك النبي عليه الصلاة والسلام صابر ، ولو كلما جاءتنا مصائب أن نتذكر أننا نحن بإيماننا نؤجر على مصائبنا بخلاف الكفار  وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ [سورة النساء:104].
لكن ما هو الفرق ؟ قال الله تعالى: وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا [سورة النساء:104].

الآن المواجهات في فلسطين فيها أشياء عجيبة، يُقتل أناس من المسلمين كثيرون، تُقصف المنازل، تُدمّر، توضع الغازات السامة في هذه القنابل التي تُرمى عليهم باسم أنها قنابل مسيلة للدموع وهي قنابل سامة، وكم من امرأة قتلت وكم من طفل مات بسبب استنشاق هذه الغازات، وهذا القصف الذي يتوالى عليهم ليل نهار، وبعض هؤلاء المسلمين في فلسطين يقومون بعمليات ضد اليهود سواء بالسلاح الأبيض، أو بالرشاشات، أو بهذه التفجيرات التي يعملونها عن بُعد، يُقتل ناس من اليهود ويقتل ناس من المسلمين، يقتل من المسلمين خمسمائة، قتل من اليهود سبعون، هناك فرق عظيم بيننا وبينهم، هذه الآية تبينه: وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ [سورة النساء:104]، لكن الفرق العظيم في قوله تعالى: وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا [سورة النساء:104].

عندما يأمرنا الله بجهادهم نتحمّس للجهاد ولو أصابتنا جراحات، الله قال:  إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ [سورة آل عمران:140] إذا كنتم أنتم وإياهم في الجراح سواء، لكن في الأجر والمثوبة والنصر والتأييد من الله  الوضع مختلف تماماً، يا أيتها الأخت المسلمة، أنتِ ربما تتعرضين لمناسبات تجادَلين فيها، تأتي واحدة مثلاً من أهل البدع تجادلكِ، تناظركِ، القرآن هذا فيه آيات عظيمة ترد على الخصوم وأهل الباطل وتفحمهم، فيه قوة حجة، وأسلوب حوار عجيب، ألم تر إلى الذي حاج ابراهيم... كفر، لما رآه يجادل في قضية قال: هذا أنا آخذه وأقتله وأموته وهذا محكوم عليه بالقتل أنا عفوتُ عنه، أنا أحيي وأميت مع أنه غبي ودعي وكذاب في كلامه والله لو شاء ما سلط على هذا الذي يريد قتله ولو شاء لقتل الآخر ولو كان الملك لا يريد قتله النمرود، لكن هذا الإنسان الضال الشيطان استحوذ عليه فجاء له إبراهيم بمثال لا يستطيع فيه النمرود أن يفعل شيئاً قال: هذه الشمس الله يأت بها من المشرق هاتها من المغرب اجعلها تطلع في الصباح من المغرب فبهت الذي كفر.

كان في واحد دكتور قد ذهب إلى الخارج ورجع بأفكار مسممة ورجع وهو من دعوات الشهوات وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا [سورة النساء:27]. يريدون تحرير المرأة، وقف أمام الطلاب في الفصل في الجامعة يقول: متى نخلص من هذه العباءة السوداء؟ متى تلقى هذه الخيشة؟ متى تقلع هذه الخيمة السوداء؟ متى نرفع عنا مظاهر التخلف والجمود؟ تخرج المرأة تمثلنا في الأولمبياد والألعاب الرياضية العالمية وتكون ممثلة ومغنية وعلى المسارح؟ ولها عروض وتتبوأ مكانتها في المجتمع؟ لاحظي كيف الدس؟، كأنها الآن عندما تكون أماً وزوجة ومربية ليست هي متبوئة مكانتها في المجتمع لكن إذا سارت ساقطة فاجرة مغنية ممثلة داعرة تتبوأ مكانتها في المجتمع سبحان الله العظيم، قام هذا الرجل يقول متى نرى المرأة عندنا تكون رياضية أمام الناس وتخرج وتمثل وتغني وكذلك تطلع المسرح وتتبوأ مكانتها في المجتمع؟

فقام واحد من الطلاب فقال. يا دكتور أنا عندي سؤال قال: ما هو؟ قال: أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ [سورة البقرة:140] سؤال: أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ [سورة البقرة:140]. الدكتور احمر وجهه واصفر وأصابه الكرب؛ لأنه فوجئ بسؤال غير متوقع، وهو قد أخبرهم بكلام مما يوجد في كثير من الجرائد والمجلات؛ تحرير المرأة، إخراج المرأة، عرض جمال المرأة، سلعة تُعرض، يقول: أأنتم أعلم أم الله، فوجئ هذا الدكتور بالسؤال وبهت واضطر أن يقول في الجواب: الله أعلم منا، ما يمكن؛ لأنه لا يستطيع أن يقول غير هذا، المنافق يصبح كافراً علناً لو قال غير هذا، فقال: يا دكتور إذا كان الله يقول وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى [سورة الأحزاب:33] وأنت تريد أن تتبرج؟ إذا كان الله يقول: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ [سورة النور:31] وأن تريد أن تبدي زينتها؟ إذا كان الله يقول: فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ [سورة الأحزاب:32] وأنت تريد أن تخضع بالقول وتغني، وإذا كان الله يقول وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ [سورة الأحزاب:33]. وأنت تريد أن تخرج ليلاً نهاراً خراجة ولاجة في كل شيء، نسمع كلامك أو كلام الله؟ فبُهت الذي كفر، فعلاً، ولم يستطع أن يجيب، إذن، انظر هذه الآية: أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ [سورة البقرة:140]. أوقفه بها عند حده، وألقمه حجراً وأفحمه.

هذا القرآن نجادل فيه الكفرة، وقد سبق أن ألقيتُ محاضرة بعنوان: "جهاد الحجة والبيان" كلها تتناول هذا الموضوع كيف نرد على المبتدعة من النصوص الشرعية، ونوقفهم عند حدهم، القرآن هذا عظيم.
أيتها الأخوات، حفظ القرآن مهم لكي ندعوا به ونرد، كيف نرد إذا كان الواحد ليس مستحضراً للآيات وليس عنده السلاح الذي يقاتل به والله قال عن القرآن: وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا [سورة الفرقان:52].
ولذلك لو جمع القرآن في إهاب في جلد الحافظ -يعني جسد الحافظ- ما أحاطه الله بالنار، كما جاء في الحديث، ولذلك لما استحر القتل بالقراء في اليمامة ومعارك الردة، خاف الصحابة، فزعوا إلى أبي بكر الصديق، يقولون: الآن عدد من الحفاظ قتلوا، نريد أن يُجمع القرآن لئلا يضيع منه شيء، وهكذا جُمع من اللخاف والصدور، صدور الرجال، وما هو مكتوب في الألواح العظام، وغيرها جُمع كله وحفظ وبعده الجمع الذي جمع عثمان ونشر المصاحف في أنحاء العالم الإسلامي على حرف واحد، حتى لا يضطرب فيه الناس.

أيتها الأخوات: الآن نحن نقول مثلاً لهؤلاء اللاتي يسألن عن أشياء من الدين، مثلاً الأحكام الشرعية الكثيرة والأشياء التي يسألن عنها سواء في بعض الألبسة المحرمة، بعض ما يُسمع من الحرام، من الغناء أو الموسيقى، بعض ما يتفرج عليه من الحرام  كالمسلسلات، والأفلام، وغيرها، أشياء تتعلق بالنمص مثلاً، أو تغيير خلقة الله، الوشم هذا التاتو الذي تتباهى به بعضهن، ويخرج في قنوات تلفزيونية كما سمعنا، وخبيرات يأتين إلى أماكن صالات تجميل وغيرها، ويقال: الخبيرة العالمية فلانة ونحو ذلك ويأتي هؤلاء، نقول: الواشمة ملعونة الوشم ملعون من فعله والنمص كذلك، نتف الشعر لا يجوز وكذلك الغناء والموسيقى، ونحو ذلك، والعباءات المخصرة، وأنواع الأشياء التي صارت مزرية الأشياء الملونة والخمار الملون، والنقاب واسع الفتحتين، وهذه العباءة التي لا تستر، بنطلون الجينز الضيق والأشياء التي تحته، عندما نبين الأحكام هذه وغيرها، بعض النساء قد يحاججن ويجادلن بالباطل، لو كان للقرآن أثر في القلوب لكانت المرأة عندما قرأت مثلاً قول الله تعالى: وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ۝ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ [سورة البقرة:58- 59]

لماذا لا يكون لنا وقوف عند أوامر الله؟ لماذا نكون من المعتدين على حدود الله؟ اليهود قيل لهم: قولوا: حطة، يعني: اللهم حط عنا خطايانا، قالوا: حنطة، استهزاء، وعندما قيل أيضاً لهم: اذبحوا بقرة، قالوا: ما لونها؟ بين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا؟، هناك لف ودوران نحس به أحياناً عند بعض النساء لما يسألن عن أحكام فيجادلن في القضية ماذا ؟ لماذا يحدث ذلك؟ ، مع أن القرآن فيه الأمر بالاستسلام، أطيعوا الله ورسوله، نطيع انتهينا، لما نزل تحريم الخمر الصحابة شقوه ودلقوه وسكبوه في الشوارع، وقالوا: انتهينا ربنا انتهينا خلاص فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [سورة المائدة:91] يعني انتهينا، اجتنبوه اجتنبوه ما عندهم لف ودوران، وأشياء والآن مع ذلك جدال بالباطل والذي يقول: هي شعرات قليلة، والثانية تقول: قص فقط نصف، والثالثة تقول: هذه أشياء زينة زوجي يريد هكذا، كلام فارغ هذا لا يُقبل عند رب العالمين.

تقويم القرآن للسلوك والتصورات لدى المرأة المسلمة

00:28:27

أيتها الأخوات: إن هذا القرآن الكريم فيه من وجوه العظمة والتصورات الإسلامية ما يجعل حياة الواحد تستقيم، انظري مثلاً إلى مفهوم رد الشائعات لأولي العلم وعدم نشرها بين الخلق، وإثارة البلبلة والاضطراب، نشروا الشائعات والبلبلة، وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ  يعني العلماء لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ [سورة النساء:83]
من الذين يستنبطون؟ العلماء.
إذن: ينبغي علينا أن نرد هذه الأشياء إلى العلماء، هذا تصور، مثلاً أهل الكتاب مفاصلتهم يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ نتفق على شيء بيننا على أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ [سورة آل عمران:64].

هل أنت على استعداد لتحمل المحنة بتبعاتها وتضحياتها وتكاليفها الباهظة وأنت تأخذين العدة النفسية للصبر على الابتلاء سواء كان من زوج أو ولد أو قريب أو أي إنسان كان يضغط عليك لارتكاب حرام مثلاً وأنتِ تقرئين قول الله: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ [سورة محمد:31] أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ۝ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ [سورة العنكبوت:2، 3]؟
الله يريد أن يعلم  هل أنتِ من الصابرات أم لا؟ هل ستثبتين أم لا؟ وهو يعلم من قبل أن يخلقك هل أنت ستثبتين أم لا؟ لكن ليرى علمه في الواقع كما قال العلماء، وحتى يكون حجة، حتى لا يأتي واحد يوم القيامة ويقول: عذبتنا على علمك السابق وما أعطيتنا فرصة نبرهن على أنفسنا، قال: برهنوا على أنفسكم، خلقتكم وجعلتكم في هذه الدنيا اعملوا  أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ [سورة آل عمران:142]. القرآن هذا يثبّت في الأشياء المزعزعة أحياناً، الإنسان تنزل به مصيبة، المرأة تتعرض لضغوط، هناك ضغوط نفسية، المرأة تتعرض لضغوط، يقول عدد من النساء: في بيوتنا من أزواجنا، من آبائنا، من اخواننا نتعرض لضغوط، علينا ضغوط، ماذا نفعل؟ ينبغي علينا أن يكون هذا القرآن مثبّتاً لنا، هذا القرآن شفاء لما في الصدور، هذا القرآن راحة وطمأنينة، والقرآن هذا أيضاً يدفعنا للإنفاق في سبيل الله، ونشر الدعوة.

أنتن يا أيتها النساء عليكن واجب بين بنات جنسكن، الرجل مهما كان لا يستطيع أن يصل إلى كل النساء، ودائماً أنتم عندكن يومياً اجتماعات، عندكن مراكز، عندكن ملتقيات، عندكن أطباق خيرية، عندكن مجالس نسائية عائلية، عندكن مجالس في الأحياء، لقاءات تُستغل في أي شيء أيتها الأخوات؟ غيبة نميمة؟ في أي شيء؟ ماذا نفعل فيها؟ فقط نقول الموضة وجاء كذا، والخياطة الفلانية، والمشغل الفلاني، الآخرة يحتاج فيها إلى أن نعمل لها، يوم عسر، يوم عبوس قمطرير طويل، خمسين ألف سنة، يوم التلاقي، تلاقى فيه الناس، كلهم أرواح بالأجساد وآدم بأولاده، جميعاً يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ [سورة الإسراء:52]. لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ [سورة الأحقاف:35].
أنت يجب عليكِ أن تستعدي لذلك اليوم، يوم التناد يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ [سورة غافر:33]، الملائكة تنزل من السموات بعد ما تتشقق السموات وتُطوى طياً، وتذوب ذوباناً، الناس يحشرون والسماء تطش عليهم مثل دردي الزيت كالدهن، يوم تكون السماء كالدهن، سائلة تسيل بعظمتها، الملائكة ينزلون يحيطون بالناس بأرض المحشر سبعة أطواق، أهل كل سماء ينزلون طوق وحرس لا يستطيع أحد إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا [سورة الرحمن:33]، ماذا سيحدث لو حاولوا يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ [سورة الرحمن:35]، يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ [سورة المطففين:6]، خمسين ألف سنة على الأقدام، ليس هناك جلوس ولا اتكاء ولا اضطجاع، الله إذا جاء في ظلل من الغمام انخلعت قلوب الناس لأجل الحساب، والملائكة جنوده وقضي الأمر، وتتشقق السماء بالغمام وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا [سورة الفرقان:25].
أيتها الأخت: الحساب فردي وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ [سورة طه:111]. يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ [سورة الطارق:9].

كل هذه الأشياء المخفية التي تظهر كل النساء هؤلاء والرجال الذين عملوا معاصي خبأوها هاتفياً أو في الأسواق أو مواعدات أو أي شيء أخفته المرأة والرجل وجعلته سراً يوم القيامة ينشر، يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ [سورة الطارق:9] يصبح السر علانية، مخبآت في الضمائر تخرج  يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ [سورة الطارق:9]. يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى [سورة الفجر:23]. ما ينفعه تندم يقول: يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي [سورة الفجر:24] لكن بعد ماذا  إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ [سورة السجدة:12].

لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا [سورة الانفطار:19]، يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ ۝ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ [سورة عبس:34، 35]. الرجل يلقى ابنه يقول: يا بُني أي والد كنت لك يثني بخير، يقول: يا بُني اني احتجت إلى مثقال ذرة من حسناتك لعلي أنجو يقول ولده: يا أبت ما أيسر ما طلبتَ ولكني أتخوّف مثل الذي تتخوف، وهكذا يفعل مع أخيه وأمه وأبيه، الأم تقول لولدها: يا بني أي أم كنت لك؟ فيقول: خير أم، ويثني عليها، تقول: فإني أريد منك حسنة واحدة، أتبلّغ بها في هذا اليوم، يقول: ما أيسر ما طلبت ولكني أتخوف مثل الذي تتخوفين، الأنبياء يقولون: نفسي نفسي، الأنبياء، عيسى كما في الحديث الصحيح: نفسي نفسي[21] لا أسألك اليوم إلا نفسي[22]. مع أنه نبي وأمه صديقة  يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ ۝ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ [سورة عبس:34- 35]. وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا [سورة المعارج:10]. المجرم يود لو يفتدي من كل أقاربه من عذاب الله، لو يحترقون كلهم وينجوا هو ما عنده مانع في هذا، يريده، لكن لا يمكن أن يشفع أحد لأحد ولا أن يكون أحد فداء لأحد من عذاب الله. 

التزود بالأعمال الصالحة للقاء الله تعالى

00:34:18

نحن نريد الاستعداد لهذا اليوم، أيها الأخوات بأي شيء نستعد؟ الأعمال الصالحة هي زادنا، هذه المراكب التي سننجوا عليها في أهوال القيامة ولجج العذاب الذي سيكون هناك، وأمواج الأهوال التي ستغشى الناس يوم القيامة، ماذا فعلت في الإنفاق؟ في الدعوة إلى الله؟، عندكم مثلاً هنا مركز توعية للجاليات قد يكون أعظم مركز توعية جاليات في كل البلد، ماذا فعلتن في دعم هذا المشروع أو غيره من المشاريع، أنتِ ماذا قدمتِ؟ عندك خادمة ماذا فعلت معها في الدعوة أم أنت غافلة ونائمة عنها؟، نحن نحتاج إلى إنفاق المال والجهد والوقت، نحن في عصر غرفة الإسلام نحتاج إلى مضاعفة الجهد، أنتِ تقرئين قول الله: وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى [سورة الحديد:10].

هل إذا قرأتِ سورة البروج وقصة أصحاب الأخدود تشعرين بالتضحية في سبيل الله، وطريقة الدعوة التي قام بها الغلام، وكيف ثبت الراهب وثبت الأعمى، وهؤلاء أهل التوحيد، وثبت الغلام، وثبّت الناس جميعاً حتى دخلوا في أخاديد النار، هل أنتِ تعلمت درساً في الدعوة أو الحماس من أجلها والاستمرار فيها بجميع الوسائل والأساليب في سبيل تبليغها وأنت تقرئين في سورة نوح إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا ۝ فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا ۝وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا ۝ ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا ۝ ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا [سورة نوح:5 - 9]؟

هل تعلمنا أدب الإنصات للقرآن والانطلاق لتبليغه لإخواننا المسلمين من الجن الذين قص الله علينا خبرهم في القرآن: وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ ۝ قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ ۝ يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [سورة الأحقاف:29 - 31]؟

هناك حملات تشكيك علينا كثيرة من الكفار، وهذه الفضائيات لا تقصر ليلاً ونهاراً في نسف الإيمان، ونسف الدين، ونسف الفضائل، ونسف كل شيء طيب وخير في هذه الدنيا، يريدون إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا، يلقون علينا الشبهات مثل ما قال الله عن أهل الكتاب: وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [سورة آل عمران:72].

هل نحن على علم بمؤامراتهم، الله قال: خُذُوا حِذْرَكُمْ [سورة النساء:71]. يعني: من الكفار، خُذُوا حِذْرَكُمْ [سورة النساء:71]. من ناس مندسين بين المسلمين، ناس يوزعون أناجيل على أعتاب البيوت، على الشاطئ، على زجاج السيارات، وصلت درجة الوقاحة بهم إلى هذه الجرأة، مواقع في الإنترنت تدعوا للتنصير، وجهود عظيمة بين المسلمين لتنصيرهم وإخراجهم عن دينهم، وأشياء مدسوسة في لعبة البوكيمون، والألعاب الإلكترونية التي تقدّم للأطفال، صلبان عندهم في الألعاب، الولد يلعب وهناك في هذه اللعبة جراج، وكذا ويحتاج إلى قوة، من أين يأخذها؟ يجد علبة اسعاف عليها صليب، يبحث الولد على الصليب حتى يدخل فيه ويأخذ قوة ليزداد ليستمر في اللعب أليس هذا ما هو موجود في الألعاب الموجودة عند أولادكم في كثير من الأحيان؟ والله قد قال: خُذُوا حِذْرَكُمْ [سورة النساء:71]، وهذه الألعاب، البوكيمون يلعبون فيها قمار، دوائر وعليها أقيام ويشترونها بفلوس وشيء سبعة وثلاثين ريال وشيء ما كذا هي عبارة عن قطع صغيرة لا يكاد لها قيمة يشترونها من صغر عقولهم وتفاهة هذه التصرفات ثم بعد ذلك يلعبون عليها قمار حتى الواحد قال: أنا بعت بطاقة على ولد في شركة كذا بألفين ريال، وبعدين يوزعونها فيما بينهم، والذي يطلع الكرت الأقوى يأخذ الكروت الباقية وتلك الكروت مشتراة بفلوس ويأخذه يحطها تصير ملكاً له، أو شخصيات يزعمون أن لها صفات من صفات الإله وهذه يجري رياحاً وهذا يسلط أعاصير وهذا يسلط نيراناً وهذا يحيى وهذا يميت، أفلام كرتون، أشياء كثيرة خُذُوا حِذْرَكُمْ [سورة النساء:71].

نحن أخذنا حذرنا -يا أيتها الأخوات- الآن محاولات دس وتشويه وافتراء على رجال خير القرون في المسلسلات وهذا يمثل دور صلاح الدين، وهذا ابن تيمية، وهذا الإمام أحمد، وهذا، وهذا، يشوهون شخصيات الصحابة والتابعين والأئمة الأعلام والعلماء وغيرهم من الشخصيات الإسلامية المؤثرة ،يطلع يمثله واحد فاسق، فاجر معه امرأة أيضاً وعليها مكياج وزينة، كاشفة، ألفاظ الحب وإلى آخره، ويقولون: هذا مسلسل ديني، كلام فارغ لتشويه التاريخ الإسلامي، المجلات هذه لها ولها وما لها وما عليها والبلاء الذي فيها من كل نوع ماذا يوجد فيها؟ إخراج المرأة من بيتها، إبداء الزينة تغيير خلق الله، يعني كل خطط ابليس وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ [سورة النساء:119]، موجود فيها وسيدات المجتمع، والحفلات الراقية والأشياء المخملية، وما يوجد فيها،  الاختلاط، ومصافحة هذا، أقدم لك زوجتي فلانة مصافحة متبادلة، ورقص، هكذا تعرض المسلسلات والمجلات، فيها الأشياء الخليعة، ملابس في السوق محتشمة ما تكاد المرأة المسلمة تجدها، والله العظيم يدورون على عباءة أحياناً متسترة، لا يوجد، إلا ملونة، مطرزة، شفافة، مخرمة، ضيقة، عباءة إيطالية، عباءة فرنسية، متى كان سان لوران وشانيل متى كان هؤلاء يعرفون عباءات المسلمين يصدروها لهم؟، إلا والله العظيم إنهم يريدون حرف المسلمين عن دينهم، نحن ما وجدنا ثياباً نستر بها نساءنا، إلا عباءات فرنسية، وإيطالية، مهزلة، السوق بنطلونات ضيقة، تي شيرت وأشياء قصيرة، بلوزة إلى منتصف البطن، سبحان الله، الله تعالى قال:  خُذُوا حِذْرَكُمْ [سورة النساء:71].

هؤلاء الكفار يصدرون إلينا أشياء، سواء ملابس، أو ألعاب، أو كتب ، أو أفلام، أو مواقع في الإنترنت، الفضائيات وغيرها، خذوا حذركم من الكافرات في البيوت، بعضهن عندهن كافرات في البيوت، وتعلم أنها كافرة، وأنها ممكن تربي أولادها على محبة الصليب، وعلى عبادة بوذا، والولد يقلد الخادمة في الأشياء، أو تأتي بمشركة حتى قد تظنها مسلمة وهي مشركة تعمل شركاً في البيت، وتعمل سحراً، ويفتن بها الزوج، وابنها شاب، صار شاباً كبيراً، إلا لما تصير الكارثة، تحمل الخادمة، ويسفرونها، ماذا استفدنا ؟ أين أخذ الحذر ؟  الآن مقالات كثيرة في المجلات على المرأة، وتحرير المرأة، وهذه تقول: انتهى عصر الولي والمحرم، لا أريد ولياً ولا محرماً، تخرج واحدة صاحبة مشغل فاسقة لكي تقول تحت عرض أزياء، ومغنية تخرج، وتنقل القنوات هذا الزين والشين، الشين الذي تنقله القنوات، نسمع عن أشياء عجيبة، مغنيات وهذه تغني على المسرح وحاول أحد أقربائها أن يقتلها ونجت سترتفع شعبيتها، ومقابلة معها بعد ذلك، أنا مصرة على مواصلة الطريق ومواصلة المشوار، يعني كأنها تدعو بنات البلد للخروج مثلها، وهذا عرض أزياء، وهذا أشياء شبه عارية، خذوا حذركم، ماذا كتبنا؟ بماذا رددنا؟ ما هو موقفنا؟ هل استنكرنا؟ ألسنا سنسأل عن ذلك؟، حتى هذه البضائع التي يوردنوها إلينا، أشياء يكتبوها فيها إهانة لاسم الله ، وأشياء عليها صلبان، حوادث تعقيم نساء المسلمين في المستشفيات، يصرف لها بسهولة منع الحمل، وتنصح أنها ما تحمل، ويعمل ولادة قيصرية مع أنها ما تحتاج قيصرية، ولو يأتي واحد رأى نصرانية تطلب من الصيدلية حبوب منع حمل، يقول: لا يوجد إذا كان الصيدلي نصرانياً قبطياً، والمسلم يصرف لها بالمجان بأسعار مخفضة جداً.

أيتها الأخوات: إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً [سورة الممتحنة:2]، لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً [سورة التوبة:10]،  وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً [سورة النساء:89]. هؤلاء كم غشونا ؟ كم نهبونا ؟ كم سرقونا ؟ هل لدينا خلفية جيدة نستطيع أن نحذر بها من المنافقين؟ من أبناء جلدتنا يكتبون في الجرائد والمجلات عن المرأة صباح مساء، ونحن نقرأ صفاتهم في سورة المنافقين والنور والتوبة والنساء، هل ننتبه إلى فلتات ألسنتهم التي تبين نفاقهم؟

يقولون: انتهت العصور المظلمة، انتهى عصر الظلام، خرجت المرأة، الآن العصر الحديث، خطتهم أنهم يلبسون على أهل الحق، هل نتعلم درساً في الثبات على مبادئ الدين وعدم التساهل أو التنازل؟ الآن تساهلات تملأ حياة النساء، تساهلات في الملابس، تساهلات في ملابس البنات، تنازلات في الحفلات وفي الأعراس، والآن الرجال يعزفون من وراء الستارة في العرس، فرقة موسيقية، وبكرة يشيلون الستارة ويصير يجلس وسط النساء في العرس ويدخل عليهن هذا الرجل الزوج، التنازل، التساهل، هذا مصيبة كارثة، ومع ذلك منتشر -مع الأسف-. 

أيتها الأخوات: إن هذا الكتاب العظيم يجب أن يكون فعلاً مصدر عزة لنا ونأخذ منه الأحكام الشرعية والتصورات، نأخذ منه الأدلة نأخذ منه  أشياء تثبتنا، تنير لنا الطريق، آيات عظيمة، لو تأملنا فيها فعلاً لتغيرت حياتنا، ولا بد أن يكون لنا مع كتاب الله أن يكون قيام بالواجب، ونسأله أن يغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وأن يثبت أقدامنا وينصرنا على القوم الكافرين.

وننتقل الآن للإجابة على الأسئلة الواردة من قبلكن:
احفظ ولله الحمد سورة البقرة وآل عمران ودائماً أقرأ بهما في صلاتي وخاصة الفرض لخوفي من تفلتها ما صحة ذلك؟ هذا طيب، وسورة البقرة لا تستطيعها البطلة، يعني السحرة، البقرة وآل عمران غمامتان تظلان صاحبهما يوم القيامة، يعني قراءتك لهما، القراءة هذه تأتي سحابة تظلل عليك يوم الدين، لما تكون الشمس فوق رؤوس العباد مقدار ميل تصهرهم، فيغوصون في العرق.
 تقول: أقرأ وأراجع لكن يتفلت وأنسى.
 إذا كان النسيان حصل بمقتضى الجبلة، وما سمي الإنسان إلا لنسيه ولا القلب إلا أنه يتقلب، إذا كان حصل النسيان برغم المراجعة فأنت غير مؤاخذة لأنك فعلت ما عليك، لكن متى يؤاخذ الإنسان؟ إذا أهمل،  فرط، ترك المراجعة.
 تقول: ما هي الوسيلة الناجحة لحفظ كتاب الله؟
 ما في وسيلة غير تكرار القراءة، مهما طلعنا ونزلنا في الحفظ، تكرار القراءة، سئل البخاري رحمه الله عن سبب حفظه قال: لم أجد أنفع من مداومة  النظر والقراءة، إذا كنت تحفظينه بالنهار، وتقومين به في الليل، هذا نور على نور، يمكن ما تجدين أحسن من هذا.
ما هي الآداب مع المصحف؟ ونريد لمحة أيضاً عن آداب التلاوة باختصار ونقاط سريعة.
الوضوء، السواك، وتطهير الأفواه بالاستياك، لأنها طرق القرآن، استقبال القبلة، لا يشترط أن تكون بحجاب الصلاة إذا أرادت أن تقرأ لكن أحسن الإمساك عن القراءة عند التثاؤب افتتاح القراءة بالاستعاذة، افتتاح أوائل السور بالبسملة إلا التوبة، أن لا يقطع القراءة بكلام الآدميين، الخلوة في مكان بحيث لا تنشغل، الترتيل، الترسل، إعمال الذهن والعقل والتدبر، الوقوف على الآي، وهذا لا يتم إلا بعد معرفة التفسير، على الأقل بيدك التفسير الميسر، أقل شيء، التفسير الميسر، بسيط جداً، مبسط جداً، هذا الكتاب اسمه التفسير الميسر، مطبوع في مجمع في المدينة لطباعة المصحف، هذا المصحف الميسر أقل شيء يكون عندك، إذا مررت بآية وعد اسألي الله ، أية وعيد استعيذي بالله، تؤدى حق الحروف، لا يضع فوق المصحف أشياء من الكتب من توقير كتاب الله، إذا بلي منه شيء يحرق، يدفن في أرض نظيفة، لا يقرأ على ألحان أهل الفسوق، ما هو مثل الأغاني على ألحان الأغاني مثل ما يفعل البعض، وكذلك لا تمسه الحائض، لكن يمكن أن تمسه من وراء حائل كخرقة أو قفاز، المرأة التي يصعب عليها القرآن بسبب قلة تعليمها ماذا تفعل؟ تجاهد نفسها، وتبشر بالأجر، والذي يقرأه ويتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران، تشغيل إذاعة القرآن طوال اليوم مع لعب الأطفال لا بأس، لأنه لا يخلو من فائدة، لو سرح أحياناً يركز أحياناً.
 هل كثرة الخروج من المنزل بغرض زيارة المرضى والمساكين، وطلب العلم والزيارات في الله جائز؟

أما الإكثار المبالغ فيه فلا  ليس من سمات المرأة المسلمة أنها خراجة ولاجة، لكن الخروج بقدر الخروج للحاجة، وبما لا يخل بحق الزوج وحق الأولاد والبيت، لأن بعض النساء يتركن المنكرات في البيت تسرح.
يقول السؤال: هل هناك دعاء خاص يساعد على حفظ القرآن؟
عموم الأدعية مثل: اللهم ذكرني منه ما نسيت، بدون صيغة معينة تدعو بما يخطر ببالها من سؤال الله أن يثبت القرآن في صدرها.
عند خلع اللباس أو الجورب أو الحذاء هل أبدأ باليمين أو بالشمال؟
بالشمال، السنة تخلع بالشمال وتبدأين باليمين، لتكون اليمين أولهما تنعل وآخرهما تنزع.
بعض مستحضرات التجميل يدخل فيها الدقيق والحليب.
إذا كان لها فائدة فلا بأس منها، استعمال المباحات، لا بأس من استعمال المباحات، ولو دخل فيها البيض وغيره أو مثلاً أحياناً قشور الخيار أو غيرها لا بأس من استعمالها لإزالة الحبوب التي في الوجه مثلاً.
إذا جاءت الدورة عند صلاة المغرب.
إذا غربت الشمس وظهرت الدورة فليس عليها صلاة المغرب، لكن إذا مضى من وقت الصلاة جزء كبير ولم تصلي وجاءت الدورة فتقضيه إذا طهرت، إذن، إذا جاءت الدورة أول وقت الصلاة ما تقضيها، إذا جاءت في آخر وقت الصلاة تقضيها، لأن عندها في نوع تفريط هذا أوسط أقوال العلماء.
 الدعاء على الأبناء في حال الغضب.
ينبغي الحذر منه، ينبغي الحذر منه؛ لأن الله يمكن أن يستجيب يصادف ساعة استجابة فيستجيب مع أنه رحيم بعباده، لو يجيب كل أدعيتهم لهلكوا، فاحذري من الدعاء على أولادك.

بالنسبة لمشروع الوقف للدعوة للجاليات.
أنا أحث على التبرع له، وقد تفقدته اليوم بنفسي، وهو مشروع عظيم، وجبار، يحتاج فعلاً إلى دعم كبير، ومردوده هائل وسوف يكون له إن شاء الله أثر كبير على الكفار، وحتى على المسلمين الجدد، وحتى على المسلمين القدامى، لأنهم يتاح لهم مجال للدعوة، لأولئك تثبيت، أي المسلمين الجدد، ولهؤلاء الكفار مجال الدخول في الإسلام، في الحقيقة شغل كبير جداً جداً وينبغي أن لا نتوانى عن تقديم ما يمكن لهذا المشروع، خصوصاً أنه وقف، ما يوضع فيه الآن في البناء يعتبر وقف عمل خيري طيلة ما هذا المشروع موجود، عداد الأجر والحسنات شغال لك، إذاً لا تبخلي، وابذلي، وأعطي وقدميه على كل الزينة التي فيها مجاوزة الحد والإسراف، هذا أولى، هذه حاجة المسلمين العامة، أولى من بعض الأشياء الخاصة التي يشتريها الإنسان.
 زوجي لا يلتزم بأداء الصلاة، يصلي بعضاً ويترك بعضاً.
 ما دام لم يترك الصلاة بالكلية يجوز البقاء معه، إذا ترك الصلاة بالكلية لا يجوز البقاء معه.
 من يقرأ القرآن ويعمل به ويستمع الأغاني.
 ما يمكن، تناقض ،كيف يعمل به ويستمع الأغاني؟ يعني واحد يقرأ قول الله: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [سورة لقمان:6]، وابن مسعود يحلف بالله أنه الغناء، والرسول ﷺ يقول في الحديث الصحيح عن المعازف: قوم يأتون يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف، يعني عزف على الزنا والخمر إيش معناها؟ ونهى عن الكوبة، وهي الطبل، وقال: صوتان ملعونان: مزمار عند نعمة، حرم المزمار، والطبل، والأشياء التي تقرع ويضرب عليها، والأشياء التي يعزف بها والأشياء التي ينفق فيها، يعني جميع الأدوات الموسيقية ،كيف بعد ذلك تقول: تعمل بالقرآن، وتستمع الأغاني.
 تشقير الحواجب

سألت عن ذلك شيخي عبد العزيز بن باز -رحمه الله- وكذلك الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- فأفتيا بالجواز، وأنه تلوين ولا بأس به.
 البنطلون
أفتى مشايخنا بمنعه لأنه في كثير من الحالات إما أنه فيه مشابهة للرجال، وأما أنه يجسّم العورة، وأنه ضيق، وأن بعض أنواعه سيئة جداً وصعب، نقول للنساء: إذا كان كذا، إذا كان فضفاض؛ لأنه في التجربة هذا الكلام لا يكاد يطبق واحدة تلبسه فضفاض، وعشرة تلبسه ضيق، ولذلك ماذا تفعل المرأة؟ تلبسه تحت الفستان إذا أرادت تلبس تحت الفستان للتستر يعني السراويلات المعروفة عند المسلمات من قديم.
يقول هذا السؤال: نذرت في قلبي دون تلفظ.
ليس عليك شيء إذا لم تتلفظي.
هل يجوز أن يقرأ في الصلاة السورة كلها أو لا يقرأ إلى الحد الذي هو يحفظه.
لا بأس، يقرأ حتى لو من وسط السورة، أو من أول السورة، أو من آخر السورة.
لا بأس بذلك، الدعوة تحتاج إلى علم غزير، نعم في الجملة، لكن ممكن تبلغ ما تعرف، وما هي متأكدة منه ما تفتي بغير علم، والرسول ﷺ قال: بلّغوا عني ولو آية[23].

إذن: ندعوا بما نعرف، ولا نخترع، ولا نبتدع، ولا نفتي بغير علم، قد أزفت صلاة المغرب فنكتفي بما تقدم، ونسأل الله أن يجعلنا وإياكن ممن يقضون بالحق وبه يعدلون، وممن هداهم سبل السلام، وأخرجهم من الظلمات إلى النور، اللهم علّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً.
اللهم إنا نسأل الهدى والتقى والعفاف والغنى، اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، واهدي أبناءنا للحق يا رب العالمين وطهّر بيوتنا من المنكرات، وأعمالنا من الرياء، وألسنتنا من الكذب، واهدِ الأزواج والزوجات والأبناء والبنات إلى ما تحب وترضى، إنك ولي ذلك والقادر عليه.
استودعكم الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

  1. ^ حديث صحيح رواه أحمد: (11774)، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: (2543)
  2. ^ رواه أحمد: (6799)، أبود داود: (1464)، والنسائي في الكبرى: (8002)، والترمذي: (2914)، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: (8122)
  3. ^ رواه ابن ماجه: (1339)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: (1450)
  4. ^ رواه أحمد: (16040)، وقال الأرناؤوط: حديث صحيح.
  5. ^ رواه أبو داود: (4843)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير: (2199).
  6. ^ رواه مسلم: (817).
  7. ^ رواه الترمذي:(2915)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير: (8030).
  8. ^ رواه الطبراني في الكبير: (1539)، والبيهقي في الشعب: (1858)، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: (34).
  9. ^ [رواه أحمد: (12292)، والنسائي في الكبرى: (7977)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: (1432).
  10. ^ تاريخ الإسلام للذهبي: (3/ 158).
  11. ^ البداية والنهاية: (7/ 71).
  12. ^ الاستذكار: (3/ 81).
  13. ^ سير أعلام النبلاء: (4/ 337).
  14. ^ سير أعلام النبلاء: (10/ 585).
  15. ^ تفسير ابن كثير: (6/ 329).
  16. ^ سير أعلام النبلاء: (11/ 245).
  17. ^ رواه البخاري: (3792).
  18. ^ سير أعلام النبلاء: (12/ 461).
  19. ^ سير أعلام النبلاء: (10/ 75).
  20. ^ سير أعلام النبلاء: (21/ 457).
  21. ^ رواه البخاري: (3340)، ومسلم: (194).
  22. ^ رواه أبو نعيم في الحلية: (5/ 373).
  23. ^ رواه البخاري: (3461).