السبت 13 جمادى الآخرة 1446 هـ :: 14 ديسمبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

ما هو مشروعك؟


عناصر المادة
مقدمة
ضوابط المشاريع
 أسباب نجاح المشاريع
تعدد أبواب الخير وسبله
مشروع بناء النفس
أسباب نجاح المشروعات وفشلها
معوقات البدء بالمشاريع وإتمامها
أسباب وعيوب ومعوقات تأجيل المشروعات
أسباب ترك المشروعات وفشلها
دور الدعم المعنوي في نجاح المشروعات
نماذج في المشاريع الناجحة
الأدوار المساندة لنجاح المشاريع
إكمال مشاريع الآخرين
مشاريع علمية ودعوية
مشاريع خيرية واجتماعية
مشاريع جهادية
فرحة ولذة إتمام المشاريع وإكمالها
مشروعك أثناء الإجارة الصيفية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد:

مقدمة

00:00:13

فما هو مشروعك -يا أخي المسلم-؟

هذا العمر يمضي، وهذه الإجازة قادمة، فماذا أعددت؟ كيف ينجح العظماء؟ وكيف تتغير المسارات؟ وكيف تتبدل الأمور والأحوال إلا بهذه المشروعات؟

والله خلقنا للعمل، فلا بد أن نعمل، وهذا العمل هو عمل لتزكو به النفس، عمل بهذا الدين، عمل لله -تعالى-.

وإذا أراد الله منا أن نكون خير أمة أخرجت للناس فلا بد للاستخلاف والتمكين من شروط.

وهذه الشروط لا بد من تحقيقها في الواقع، تحتاج إلى جهود وإمكانات وآليات.

إننا إذا أردنا أمة قوية فلا بد أن يكون لها أفراد أقوياء يقومون بها، كثيرون هم الذين يعيشون على الهامش، لا يكادون ينتجون شيئاً، إنما يستهلكون وهؤلاء ضحايا.

أما الذين يريدون أن يقدموا شيئاً وأن يعملوا فلا بد أن يضعوا نصب أعينهم ما هو مشروعنا؟ ما هي مشاريعنا؟ ماذا نريد أن نعمل؟

ضوابط المشاريع

00:01:46

أولاً: لا بد أن يكون المشروع مشروعاً، ليس فقط في المباحات، وإنما ما هو أعلى من ذلك.

ثانياً: لا بد أن يكون ملائماً لحقيقة الإمكانات، والله قسم بين عباده ما قسم، وقال عز وجل:  نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ [الزخرف: 32].

وهذه الحياة الحديثة قد أوجدت لدى الناس طموحات بهذه الإمكانات الهائلة التي سخرتها الصناعة.

إن مشروعك الملائم -يا أخي، يا أختي- هو الذي يستخرج هذه الطاقات الكامنة في النفس، ويعين على استخدام الموارد المهملة، فعند ذلك تشتغل الأجهزة النفسية والعقلية والبدنية لتنتج هذه النتائج العظيمة.

إن الأهداف الكبيرة تتحقق لكن مع صبر ومثابرة وعزم وهمة.

ثالثاً: لا بد لنجاح المشروع أن يكون مرناً، فكم من المشروعات التي بدأ بها بغير دراسة ولم تكن في حدود يمكن تطبيقها من خلالها، ولذلك ضاعت هذه المشاريع وفشلت.

رابعاً: لا بد أن يكون الهدف من المشروع واضحاً، وقلة من الناس عندها رؤية واضحة ومحددة للأهداف، وتستطيع أن تتوصل إليها، فلا بد أن يعين بعضنا بعضاً على اكتشاف الأهداف.

ولا بد -أيها الإخوة والأخوات-: أن يكون لواحد منا مشروع فأكثر من المشروعات للإسهام في هذا الدين.

إنها دعوة للأفراد جميعاً للتفكير وهم يقاسون بمنجزاتهم لا بأعمالهم.

والمطلوب منا أن نترك آثاراً قبل الرحيل؛ لأن الله -تعالى- قال:  إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ  [يــس: 12].

نسب ابن آدم فعله فانظر لنفسك في النسب

 أسباب نجاح المشاريع

00:04:02

وأسباب نجاح المشاريع: تصحيح النية، وتصحيح العزيمة، فإذا كان الإخلاص لله هو الرائد، وكان هو الحادي طيلة المسيرة؛ نجح المشروع أيما نجاح، وبارك الله فيه، وآتى ثماره وأكله.

وإذا صح العزم نجح المشروع.

وما استعصى على قوم منال إذا الإقدام كان لهم ركاباً

 ومن أسباب النجاح أيضاً: أن يكون وفق الإمكانات والطاقة، اكلفوا من العمل ما تطيقون  [رواه البخاري: 1966].

ولله في خلقه شؤون، وسننه ماضية، وقد قسم المواهب والملكات كما قسم الأرزاق والطبائع والأشكال والأموال، وفاوت بين العقول والأفهام كما فاوت بين الألسن والألوان: وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ [الروم: 22].

بل إنه سبحانه وتعالى أيضاً فاوت بين العباد في التوجهات  وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا [البقرة: 148]، فمنهم من كتبه مصلياً قانتاً، ومنهم من كتبه متصدقاً محسناً، ومنهم من كتبه صائماً، ومنهم من كتبه مجاهداً، وهكذا يتقلب العباد الأخيار الصلحاء في منازل الطاعات والخيرات، وفروض الكفايات بعد فروض العين والنوافل والمستحبات، ويتنافسون فيها ويتسابقون  وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ  [المطففين: 26].

وجعل الله الجنة درجات لكي يتسامى الناس ويتنافسون في الخير يبتغون معالي الرتب، قال ﷺ: من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله دعي من أبواب الجنة: يا عبد الله هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة  يعني بعد الفرائض استكثر من النوافل  ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد  بعد ما قام بفرض العين فهو متوسع فيه آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة  فبعد الزكاة والنفقات الواجبة يتصدق وينفق كثيراً، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الصيام وباب الريان بعد رمضان لقد صام كثيراً، فقال أبو بكر : ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبواب من ضرورة، قال: هل يدعى منها كلها أحد يا رسول الله؟ قال: نعم، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر [أخرجه البخاري: 3666].

تعدد أبواب الخير وسبله

00:06:49

معاشر الإخوة والأخوات: إن طرق الخير كثيرة، وأبواب العمل الصالح مشرعة، وأعمال البر مفتوحة السبل، ولو أغلق منها شيء فتح الله أشياء وأبواباً.

وقد يفتح لأناس دون أناس، وقد كان النبي ﷺ يربي أصحابه على التسابق في الخيرات، فيرغب عمر أن يسبق أبا بكر فيجيء بنصف ماله، فإذا بالصديق قد جاء بماله كله.

وكانوا يسألون: أي العمل أحب إلى الله؟ فهم لا يريدون أي عمل، لكن يريدون أن ينقضي عمر الواحد منهم في أفضل الأعمال؛ لأن به ينال أعلى الأجور وأرفع الدرجات.

والواحد منهم يعلم بأن الواجبات أكثر من الأوقات، ولذلك فهم يختارون الدرجات العليا: أي الأعمال أفضل؟ أي الأعمال أحب إلى الله؟ أي العمل أحب إلى الله؟

وكان ﷺ يجيبهم بالأجوبة العامة وبالأجوبة الخاصة، فقد يكون لاختلاف أحوال السائلين، واختلاف أوقات السؤال، وحاجة المسلمين؛ دور كبير في تحديد ما هو الأفضل.

وكان ﷺ تارة يقول لهم بعد الصلاة: بر الوالدين، ثم الجهاد [رواه البخاري: 527، ومسلم: 85].

وكان أحياناً يقول: الجهاد بعد الإيمان، ثم حجة برة تفضل سائر العمل [رواه أحمد: 19010، وقال محققو المسند: "حديث صحيح"].

وكان أحياناً إذا سئل: أي العمل أفضل؟ قال: عليك بالصوم  [رواه النسائي: 2222].

ولما سأله أبو ذر، قال: إيمان بالله وجهاد في سبيله  قال: فأي الرقاب أفضل؟ قال: أغلاها ثمناً وأنفسها عند أهلها  الحديث [رواه البخاري: 2518، ومسلم: 84].

ولما سأله معاذ: أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال:  أن تموت ولسانك رطب بذكر الله  [رواه ابن حبان: 818، وصححه الألباني في التعليقات الحسان: 815].

وهكذا طرق الخير كثيرة، وأبواب العمل الصالح مشرعة، فهنيئاً لمن أقبل، ولمن عمل وأقدم، فإن لله نفحات يوفق الله -تعالى- لأبواب الخيرات من يشاء عز وجل، ولذلك كان من الأدعية النبوية: اللهم إني أسألك فعل الخيرات [رواه الترمذي: 3233، وأحمد: 22109، وقال الألباني: "صحيح لغيره" كما في صحيح الترغيب والترهيب: 408].

إن هذه المسابقة من فتوح الله -تعالى- على هؤلاء النشيطين في العمل، الراغبين فيه.

وقد فتح الله على أفراد من الأمة، جهابذة في أنواع من العلم في التوحيد والحديث والفقه والتفسير واللغة والتاريخ والسير والعلوم التجريبية، وغيرها.

وفتح الله عليهم في أبواب من التدريس والتأليف والتصنيف والطلب والبحث والسماع والمذاكرة والإعادة والمراجعة والإقراء ما فتح.

وبعضهم فتح الله عليه من أبواب العبادة ما فتح.

وبعضهم فتح الله عليه من أبواب العمل لنصرة الدين بالجهاد في سبيل الله والدعوة إليه ما فتح.

وبعضهم هيأه الله وقيضه للأرامل والأيتام والمساكين والفقراء وإيصال الخير إلى أصحاب الحاجات، وتفريج الكربات، وسد الديون، ورعاية المحتاجين، ومواساة المصابين.

وفتح الله على أقوام في بناء المنشآت من الأوقاف المختلفة؛ ومساجد، مدارس ومصحات.

وفتح الله على أقوام في الاحتساب بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وفتح الله على أقوام بالشفاعة، وبذل الجاه، وإيصال المعروف، وفك الأسير، وحقن الدم، والإصلاح بين الناس، ودفع المكروهات بما استعملوه من الجاه، وما أدوه من زكاة هذه المكانة التي جعلها الله لهم في قلوب العباد.

إن أبواب الخير والصدقات كثيرة، وقد أرشدنا النبي ﷺ إلى كثير منها.

مشروع بناء النفس

00:11:27

ونعود إلى موضوعنا ونقول: ما هو مشروعك أيها المسلم؟

إن لك مشروعات في بناء النفس ولا شك.

إن لك مشروعات في أمور تخدم بها نفسك، وتطور بها ذاتك، وترتقي بها بقدراتك.

وهذه مشروعات مهمة جداً، مشروعات بناء الشخصيات، إنها المشروعات التربوية العظيمة التي يكون فيها الأشخاص في الناتج وقفاً لله -تعالى-.

ابدأ بنفسك فانهها عن غيها فإذا انتهت عنه فأنت حكيم

وليس بالفطن الذي يحترق ليضيء للناس، بل إنه يبدأ بنفسه وبمن حوله وبأهله، ثم ينطلق للعشيرة الأقربين والجيران، وإلى العالمين، بعد ذلك تحقيقاً لعالمية هذا الدين.

إن هذا البناء للذات والتأسيس من المشروعات المهمة جداً عندما تقوم بها، بقراءة وطلب علم وحفظ وحضور دروس، وسؤال واستفتاء، وبحث وتعاون مع إخوانك في ذلك لاكتساب هذه المعلومات.

ولو أن الواحد يحصل في اليوم معلومة واحدة لاكتسب ثلاثمائة وأربعاً وخمسين معلومة في السنة، فلو قرأ عشرين عاماً في كل يوم يحصل معلومة لكان ما عنده من المعلومات يفوق سبعة آلاف، فكيف إذا كان يحصل في اليوم أكثر من معلومة؟ فكيف بمن يحصل في اليوم مائة معلومة؟

والذين يطورون أنفسهم ويبنونها بأنواع من هذه الفنيات اللازمة من المهارات والتدريبات حتى لو كانت في الخط، وتعلم اللغات، وهذه التقنية الحديثة المعاصرة، والدراسات النفسية والاجتماعية والاقتصادية المنضبطة بضوابط الشريعة.

وكذلك فإن القراءة والكتابة من أعظم ما يحصل به الإنسان العلوم فلا بد أن تكون في ضمن مشروعاته لبناء نفسه.

أسباب نجاح المشروعات وفشلها

00:14:21

إن من أعظم أسباب نجاح المشروعات: المبادرة؛ كما أخبر النبي ﷺ  بادروا بالأعمال هل تنتظرون إلا فقراً منسياً، أو غنى مطغياً، أو مرضاً مفسداً، أو هرماً مفنداً، أو موتاً مجهزاً، أو الدجال فشر غائب ينتظر أو الساعة، فالساعة أدهى وأمر  [رواه الترمذي: 2306، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة: 1666].

فبادر إذا ما دام في العمر فسحة وعدلك مقبول وصرفك قيم
وجد وسارع واغتنم زمن الصبا ففي زمن الإمكان تسعى وتغنم

 بادر -يا أخي-، هات مشروعك، وناقش القضية، واسأل نفسك: متى تبدأ؟

بادر بعرفك إما كنت مقتدراً فليس في كل وقت أنت مقتدر

ما هي جوانب القوة لديك؟ في أي شيء يمكن أن يكون إبداعك وإنتاجك؟ كيف تنفع المسلمين؟

لا يخلو كل واحد فينا من نقاط قوة يمكن من خلالها أن يقدم أشياء من الأمور الجميلة الجيدة المؤثرة في الواقع.

لا بد أن يكون لنا هناك وهنا بصمات وتأثيرات.

لا بد أن تكون لنا أدوار إيجابية.

ليس طموحنا أن نكف شرنا عن الناس فقط، وإن كان صدقة لكننا نريد أن نوصل الخير إليهم.

وبعض الناس لا يكف شره، ولا يوصل خيراً، وهو كلٌ على الآخرين.

واحذر من التشتت، فإن من أخطر أسباب الفشل في حياة الإنسان العملية، ومن أسباب فشل المشروعات العظيمة، وضعف قيمتها العملية: التشتت.

ومشتت العزمات يقضي عمره حيران لا ظفر ولا إخفاق

وبعض الناس لا يقدر قدر نفسه، فيشتت نفسه في مشروعات مختلفة، قال بعض الكفرة ممن درسوا قدرات النفس: والعقل الإنساني يصبح أداة مدهشة الكفاءة إذا ركز تركيزاً قوياً حاداً، وهذا كلام فيه حكمة في قضية الدعوة إلى التركيز.

بل إن بعضهم قد قال: إن الفرق بين العباقرة وغيرهم من الناس العاديين ليس مرجعه إلى صفة أو موهبة فطرية للعقل بقدر ما هو إلى الموضوعات والغايات التي يوجهون إليها هممهم، وإلى درجة التركيز التي يسعون إلى أن يبلغوها.

ويقول آخر: وهذه القدرة تكتسب بالمران، والمران يتطلب الصبر، فإن الانتقال من الشرود إلى حصر الذهن حصراً بيناً محكماً هو ثمرة الجهد الملح، فإن استطعت أن ترد عقلك مرة بعد مرة لكي يركز في الموضوع، ولا يذهب سارحاً، تجرب ذلك وتجاهد نفسك فيه خمسين ومائة مرة حتى تقدر على التركيز، مباعداً الخواطر التي تنازعك في هذا التركيز لكي تحصل المطلوب.

ويبدأ الإنسان بمشروعات صغيرة، ثم تكبر، وعنده مشاريع للعمر، وعنده مشاريع سنوية، وشهرية، وأسبوعية، ويومية.

إن المشاريع السهلة كبداية مهمة ليحس الشخص بالنجاح فيتشجع وينطلق.

لقد ابتكر بعضهم مشروعات قد لا تكلف شيئاً كثيراً، شاب يكتب على سيارته بلغات: إذا أردت أن تعرف شيئاً عن الإسلام فلا تتردد في إيقافي، وهو يمشي في شوارع تلك المدينة من بلاد الغرب، فأنتج ذلك نتائج باهرة.

وإن اصطحاب ما تملأ به بعض الأماكن الفارغة في السيارة بمطويات بلغات مختلفة لتوزيعها أثناء الطريق يمكن أن يعطي نتائج باهرة بتكاليف قليلة.

بل إن بعضهم قد وضع عبارة: إذا أردت أن تستبدل أشرطة الأغاني والمحرمات بأشرطة إسلامية فلا تتردد. وهكذا عنده في جعبته ما يعطيه بديلاً ممن يأخذ منه تلك الأشرطة الفاسدة.

وموفق كلما صلى في مسجد ورأى شيئاً بالياً من فراش أو إضاءة أو تكييف أو دهان هرع إلى مؤسسات الصيانة وأصحاب المقاولات في الأعمال الخيرية يحثهم على القيام بالعمل، ولا يتوانى في جمع الصدقات التي يقوم بها بالإشراف على العمل بنفسه.

وآخر يمر على دورات المياه في مساجد المدينة لصيانتها، بل حتى طمس الكتابات السيئة الموجودة على الجدران في المدارس وعلى أبواب الحمامات.

ومنهم من يجعل في قصر الأفراح الذي يمتلكه خصماً من الأجرة إذا انتهى العرس من غير منكرات، فهو يشرط عليهم أن يكون العرس بلا منكرات، فإذا وفوا بهذا الشرط أعاد لهم جزءًا من الأجرة.

وآخر يعمل في ورشة سيارات فهو يخصم ويراعي ويخفض من إقامة الإصلاح في سيارات المشروعات الخيرية.

معوقات البدء بالمشاريع وإتمامها

00:21:12

أيها الإخوة والأخوات: إن هناك عوائق تحول بين كثير من الأشخاص والبدء بالمشروعات وإتمامها، فمن ذلك:

أولاً: العجز والكسل، والعجز ألا يستطيع أن يفعلها أصلاً، والكسل أن يستطيع لكن ليس هو همة تحمله وتنهض به، وكان ﷺ يستعيذ من الأمرين جميعاً، فيقول: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل  [رواه البخاري: 2893].

وحذر النبي ﷺ من الاستسلام لهذا الدعاء العضال، فقال: احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز [رواه مسلم: 2664].

فيا صاحب المشروع: استعن بالله ولا تعجز، الناس في أمر مريج إلا من حمل نفسه على الطاعة، الذل في دعة النفوس ولا أرى عز المعيشة دون أن يشقى لها، فلا بد أن تتعب حتى تحصل.

وكذلك: البطالة من تعطل وتبطل انسلخ من الإنسانية بل من الحيوانية، فإن كثيراً من هذه الدواب يغدو ويسعى ويروح في طلب المعيشة، فهذا العاطل البطال هو من جنس الموتى في الحقيقة.

ومن توعد الكسل ومال إلى الراحة فقد الراحة.

فحب الهوينى يكسب النصب.

وإذا أردت ألا تتعب فاتعب، يعني أتعب نفسك في العمل في البداية لترتاح بعد ذلك.

إن التواني أنكح العجز بنته وساق إليها حين أنكحها مهرا
فراشًا وطيئًا ثم قال لها اتكي فقصرا كما لاشك أن تلدا الفقرا

 [الذريعة إلى مكارم الشريعة، أبو القاسم الأصفهانى، ص: 269].

التواني زوج بنته للعجز فماذا أثمر؟

وساق إليها حين أنكحها مهراً فراشاً وطيئاً ثم قال لها اتكي فغايتكما لا شك أن تلدا الفقر.

وقال يزيد بن المهلب: "ما يسرني أن كفيت أمر الدنيا كله لئلا أتعود العجز" [الذريعة إلى مكارم الشريعة، أبو القاسم الأصفهانى، ص: 269].

فقل لمرجي معالي الأمور بغير اجتهاد رجوت المحالا

 [الذريعة إلى مكارم الشريعة، أبو القاسم الأصفهانى، ص: 271].

فلا بد إذاً من العمل لا بد، والذي يريدها سهلة ميسورة بدون تعب لا ينال شيئاً يذكر.

ومن المعوقات في طريق تنفيذ المشروعات: احتقار قدرات النفس، وعدم معرفة قيمته.

نفس عصام سودت عصاما وصيرته ملكا هماما

وعلمته الكر والإقداما

[الآداب الشرعية: 1/215].

هذه النفس فيها طاقات عظيمة، الله وهب، ومن أسمائه: الوهاب، فيهب في العقل، ويهب في الجسم، ويهب في الإمكانات والقدرات والذكاء والحافظة، ويهب في الصنعة والمهارة والاستعدادات، ويهب من جمال الشكل وجمال الخط، ويهب سبحانه وتعالى من قدرات القيادة والشجاعة والأخلاق، وغير ذلك ما يهب.

فهل استثمرنا هذه الموهوبات في طاعة الله؟

ومن الأسباب التي تجعل المشاريع تخفق: تأجيل الأعمال وتأخيرها عن وقتها، فإن التأجيل آفة عظيمة يؤدي إلى نسيان القضية في النهاية، قال بعض السلف: أنذرتكم سوف فإنها من جند إبليس.

ولا ترجي فعل الخير إلى غد لعل غداً يأتي وأنت فقيد

 هذه الآفة التأجيل إذا سيطرت على صاحبها خسر حياته.

ولا أدخر شغل اليوم عن كسل إلى غد إن يوم العاجزين غد

 والله  قال لنا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ  [المنافقون: 9 - 10].

إن عاجز الرأي مضياع لفرصته، فإذا أراد أن يعاتب ماذا يعاتب، لا يعاتب نفسه وإنما يعاتب القدر:  وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم  [فاطر: 37] ما أعطيناكم فرصة الحياة؟ ألم نبقكم في الدنيا؟ ألم تعيشوا فيها ما عشتم؟ فلماذا لم تعملوا؟  أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ  [فاطر: 37]، وجاءكم الرسول، وجاءكم الشيب،  وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ .

إن التأجيل وباء يصيب أكثر الناس، وكثير من الخطط تخرج عن مسارها، وكثير من الأهداف لا تتحقق، إنها حجر عثرة رئيس بين أي شخص وبين تحسين عطائه وبين الأفعال التي لابد أن يفعلها.

أيها الشباب أيها الإخوة أيها الكبار والصغار والذكور والإناث: لابد أن نوقظ أنفسنا من رقدة الغفلة، فالعمر قليل.

فانتبه من رقدة الغفلة فالعمر قليل
واطرح سوف وحتى فهما داء دخيل

[التبصرة: 1/103].

إن التأجيل وتأخير المهمات المطلوبة إلى مواعيد أخرى سيورث نسيانها إلى الأبد.

إن التأجيل من أهم المشكلات التي تواجه إدارة الوقت مما يترتب على ذلك عواقب وآثار وخيمة.

إن هذه الخطط التي تفشل بسبب التأجيل بل لا تبدأ أصلاً، ويمكن أن يقوم غيرك بها، وتفوت عليك الفرصة.

وبعض الناس يتوانى في سد الفرجة في الصف الأمامي فيسبقه غيره، ويسمع أن مسجداً يحتاج إلى مواد بناء، فيقول: الأسبوع القادم، فإذا بهم قد اشتروها من متبرع لم ينتظر.

لماذا يأخذ غيرك زمام المبادرة؟ لماذا تظفر أنت بالخسار ويظفر هو بالأجر؟ ألم يقل الله:  فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ [ البقرة: 148]؟ ألم يقل: وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ [المطففين: 26].

إن العجز والتأجيل آفة: "اللهم أشكو إليك جلد الفاجر وعجز الثقة" كما قال عمر .

إن المبادرة تسد الثغرة.

إن المبادرة تملأ الفراغ.

إن المبادرة تضيع الفرصة على الأعداء.

إن المبادرة تقطع الطريق على المنافقين.

إن مبادرة أهل الخير بسد الثغرات في الواقع يمنع أهل الشر والفتنة.

المبادرة المبادرة، كان مشروع عبد الرحمن السويدي -رحمه الله- في عام 1776م والسنوات الأربع التي تلتها مشروع حياة لبغداد، فإنه قد قام في ذلك الوقت من أهل الشر والبدعة ومن آزرهم من المنتسبين لأهل الإسلام من أراد أن يخطف بغداد، بالتعاون مع نادر شاه ملك العجم، وقام ذلك الشقي بتجميع من جمعهم لأجل الاستيلاء عليها على حين غرة في طاعون نكب بغداد وضربها في ذلك الوقت.

وكان هناك رجل يقال له: عبد الرحمن السويدي عالم بغداد، لما رأى الفراغ بعد نكبة الطاعون، ورأى هؤلاء المغرضين وهؤلاء أرباب الدنيا من أمثال محمد عجم وغيره من النكرات من أفراد الإدارة العثمانية الذين خرجوا حتى على الخلافة، واتصل سراً بشاه العجم لكي يدخل في أحياء بغداد، أدرك عبد الرحمن السويدي خطورة الوضع، فقام هو وقاد أهل الكرخ وحي الشيخ عبد القادر الجيلاني وغيرهم من الناس في الأحياء، وثبتهم وخاض بهم معارك ضد هؤلاء النكرات وشراذم المرتزقة والمبتدعة الذين تعاونوا معهم، وكان الجهاد يمضي من شارع إلى شارع، وعلى جسر بغداد حتى كتب الله لهم النصر، وحفظت بغداد من الأيادي العابثة بتلك الوقفة الإبداعية والمبادرة العظيمة لعبد الرحمن السويدي -رحمه الله تعالى-، وقد دون ملحمته البطولية بنفسه في كتابه: حوادث بغداد والبصرة.

إنه نموذج للمبادرة التي تفوت على أهل الشر الفرصة، والتي تفشل خططهم.

وهذا ما هو مطلوب منا اليوم في عالم يعج بمبادرات من أهل الشر والكفر والنفاق واليهود والصليب، يريدون أن نلهث نحن ورائهم، يريدون من خلال هذه الأطروحات الكثيرة أن نضيع في فتنة اتباعها، وأن نقول: هذا أفضل أو هذا أفضل.

لماذا لا نطرح نحن مبادراتنا؟ لماذا لا نكون نحن الذين نبدأ؟

يقول عبد الرحمن السويدي -رحمه الله-: فلما كادت الولاية أن تكون لهذا الفاجر، قلت: والله ما ينبغي هذا ولا يصح، فشمرت عن ساعد الجد، وكلمت أهل المحلة، هذا عنصر المبادئة وردة الفعل الإيمانية والثقة بالله، والقيام برفع اللواء والراية، هذا الذي دق صدره فقام الناس معه، وقاد أهل بغداد لإفشال مؤامرة الاستيلاء عليها.

إن المبادرة بكتابة الوصية سينجي الورثة من كثير من المصاعب والخلافات والروتين السيء.

إن مبادرتك بالذهاب إلى طبيب الأسنان يمكن أن تجعلك تتعلم كيف تعيش بأسنان طبيعية.

أسباب وعيوب ومعوقات تأجيل المشروعات

00:33:45

أيها الإخوة: لا بد أن نطرح موضوعاً ما هو سبب التأجيل؟ ولماذا لا تقوم المبادرة؟

أحياناً تكون المهمة غير محببة إلى النفس، فلا يسر بها الشخص ولا يرتاح، وقد تكون شاقة وعسيرة، والنفس لا تريد الشاق والعسير، فيجب أن تمحو هذا من ذهنك، وأن تقول: هل للإسلام فيها مصلحة؟ ما هي حاجة أهل الإسلام إليها لتقوم بها؟

وهذا هو السبب الثاني في الصد المشروعات الصعبة.

إذاً، قد تكون غير محببة إلى النفس فيحصل تأجيل، وقد تكون مشروعات صعبة ولا يعرف من أين يبدأ ولا كيف يقوم بالدور المطلوب، ولا يتصور نهاية المطاف في القضية فيؤجل.

أن لا يكون من الحكمة قسم المهام الكبيرة إلى مهام صغيرة؟ ألا يمكن تجزئة الدور إلى أدوار؟ أين الحكماء العقلاء الإداريون من المسلمين الذين يحسنون توزيع المهمات على الأفراد ويراعون في ذلك إمكاناتهم وقدراتهم وطاقاتهم؟

ثالثاً: التردد، وهو مشكلة المشاكل، كثيرون ممن يعانون من هذه المشكلة ترددهم يجعلهم يؤجلون البدء بالمشاريع، أو استكمال المشاريع.

أولاً: إن التخلص من مرض التأجيل هو علاج نفسي تعالج به نفسك، فعلى سبيل المثال أجب على الرسائل الواردة إليك عند وصولها فوراً ولا تؤجل.

ثانياً: وإذا دعتك نفسك للقيام بأمر فقم به فوراً ولا تقل: غداً.

وثالثاً: ضع جدولاً وفيه مهمات للتنفيذ وكلما نفذت مهمة ضع إشارة على ذلك.

واعلم أن التأجيل ليس حلاً أبداً، وأن المشكلات الكبيرة تنشأ عن ذلك.

حفز نفسك وذكر نفسك بالأجر، وجرب أن تشارك غيرك في المهمات الصعبة، وأن تصمم بيئة عمل تتسع لأكبر عدد من الإخوان، فيكون لك أجر الدلالة على الخير وتمكين الناس منه ورفع رايته.

ومن العيوب إساءة التعامل مع الأوقات، وهذا الوقت نعمة من الله ، الذين يفرطون ويسيئون التعامل مع الوقت تفشل مشاريعهم.

إذاً، لما قال الله في كتابه العزيز: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا  [الفرقان: 62] يعني جعل الليل والنهار مستودعاً للأعمال.

وإساءة التعامل مع الأوقات، يعني ترك الأوقات تمضي، وعدم ملء الوقت بالطاعات والمطلوبات والتراخي، وعمل ما يمكن أدائه في ساعة يعمل في يوم.

وهذا سبب كثير من وجود البطالة المقنعة في المكاتب والشركات، الشيء الذي يمكن أن يعمل في ساعة يعمل في يوم، والشيء الذي يعمل في يوم يعمل في أسبوع.

أيها الإخوة: إن إساءة التعامل مع الوقت والتباطؤ في التنفيذ وتسحيب الأرجل بدلاً من حث المطايا وسرعة الخطى إنها تسبب نكسات في المشروعات، ولذلك لا بد لنا من الاستيقاظ من السبات، واغتنام الأوقات، واستغلال الفرص.

إننا نجامل كثيراً وهذه المجاملات تقضي على فرص للقيام بالأعمال، ولما تنازلنا عن حقنا في قوله: وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ [النــور: 28] خسرنا كثيراً من الأعمال، وكل شخص لديه نحاتات وقراضات من الزمن، وفضلات في الأيام والساعات، وأجزاء صغيرة في البرنامج اليومي.

بعض الناس يكنسونها إلى المهملات، ولكن الشخص الذكي هو الذي يدخر هذه الدقائق المفردة وأنصاف الساعات والإجازات غير المنتظرة والفسح في الوقت والفترات التي تكون في انتظار أشخاص أو مواعيد ويستفيد منها، فيأتي ذلك بنتائج باهرة يدهش لها، قال ابن عقيل الحنبلي -رحمه الله-: إنه لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة ومناظرة وبصري عن مطالعة أعملت فكري في حال راحتي وأنا منطرح [ينظر: لسان الميزان: 4/244].

ومن العوائق التي تحول دون تنفيذ المشروعات: الفوضوية في التخطيط والتنفيذ، اختلاط الأمور، الاضطراب، عدم تحديد الهدف.

ولن أكون كمن ألقى رحالته على الحمار وخلى صهوة الفرس

إن هذا الفوضوي الذي ألقى رحالته على الحمار وخلى صهوة الفرس عنده همة متدنية، قد يكون ذكياً لكنه غير منظم ولا منضبط، لا يحدد ولا يعرف كيف يحمل نفسه على القيام بالمهمة.

إنه مزاجي يشتغل إذا كانت الظروف متاحة، إذا كانت النفسية جيدة عمل وإلا ترك، إنه متخبط حسب المزاج، وهؤلاء الأشخاص المزاجيين كيف ينتجون؟

ومن الأمور الخطيرة: إفساد الأعمال، فإن بعض الناس يبدأ بمشروع ثم يفسده، ويقيم جزءاً من البنيان ثم يهدمه، وقد قال تعالى:  وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ  [النحل: 92].

وبعض الناس يقول: أنقضه لأبني أفضل منه، وينقض الذي بعده، وهكذا..، يبتلى بمرض المثالية الزائفة والكمال الذي لا يمكن الوصول إليه، الكمال عزيز.

ما المانع أن تكمل هذا، ثم تشرع في مشروع تستفيد منه، تستفيد فيه من أخطاء المشروع الذي قبله؟

أنجزت شيئاً وإن كان ستين في المائة، ثم تقوم بالذي بعده، فتكون الإنتاجية والصحة أكبر سبعين في المائة، ثمانين في المائة، وهكذا تتدرب حتى تنتج مشروعات بأقل قدر من الأخطاء، وأكبر قدر من الفائدة.

إن الذين يهدمون ما بدأوه مثالهم كحديث أبي موسى عن رسول الله ﷺ قال: مثل المسلمين واليهود والنصارى كمثل رجل استأجر قوماً يعملون له عملاً يوماً إلى الليل على أجر معلوم  مدة معينة، عمل معين، أجر معين،  فعملوا له إلى نصف النهار، فقالوا: لا حاجة لنا إلى أجرك الذي شرط لنا وما عملنا باطل، فقال لهم: لا تفعلوا أكملوا بقية عملكم وخذوا أجركم كاملاً، فأبوا وتركوا، واستأجر أجيرين بعدهم فقال لهما: أكملا بقية يومكما هذا ولكما الذي شرطت لهم من الأجر، فعملوا حتى إذا كان حين صلاة العصر قالا: لك ما عملنا وعملنا باطل ولك الأجر الذي جعلت لنا فيه، فقال لهما: أكملا بقية عملكما ما بقي من النهار شيء يسير فأبيا، واستأجر قوماً أن يعملوا له بقية يومهم فعملوا بقية يومهم حتى غابت الشمس، واستكملوا أجر الفريقين كليهما، فذلك مثلهم ومثل ما قبلوا من هذا النور [رواه البخاري: 2271].

الذي يفسد ما بدأه، بل يمكن أن يقترح إفساد ما بدأه الآخرون مثله كمثل عجل ابن لجين.

وبنو لجين من العرب فيهم بعض الآفات أرسل بعض أبنائه فرساً له في حلبه، ففاز الفرس وسبق، ففرح الولد وقال لأبيه: ماذا أسمي الفرس؟ لأن العرب كانوا يحبون تسمية الأشياء المتميزة، فقال له: افقأ أحد عينيه وسمه: الأعور.

إذا المرء لم يحتل وقد جد جده اضاع وقاسى أمره وهو مدبر
ولكن أخو الحزم الذى ليس نازلا به الخطب إلاَّ وهو للقصد مبصر

[تاريخ الرسل والملوك: 11/441].

سابعاً: ومن الآفات: الاستعجال بثمرة المشروع قبل تمامه، وهذا علامة ضعف الصبر.

ومن قل فيما يتقيه اصطباره فقد قل مما يرتجيه نصيبه

 وقد انزعج النبي ﷺ من استعجال بعض الصحابة في طلب النصر والتمكين، وقال: والله ليتمن هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا الله، أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون  [رواه البخاري: 3612].

إن الاستعجال يؤدي إلى الإحباط؛ لأنه يترقب ثمرة يظنها قريبة فإذا ما حصلت، قال: ما جاء النصر، أين نصر الله؟

لا فائدة من العمل في النهاية، ولهذا كان من القواعد المتقررة عند الفقهاء: أن من تعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه.

فريث المثابر، المثابر الذي يعمل باستمرار، ريثه تريثه الحكيم.

فريث المثابر أمضى خطاً وأبلغ من قفزات الصخب

 وكانت أناة الفتى في التقدم أهدى وأجدى لنيل الأرب

ومستعجل الشيء قبل الأوان يصيب الخسارة ويجني النصب

تعب بدون نتيجة.

أسباب ترك المشروعات وفشلها

00:46:37

ما هي الأسباب لترك الشباب بعض المشروعات النافعة؟

1- عدم الجدية.

2- تثبيط من حوله له، ولذلك مهم جداً أن تختار وزيرك ومستشارك وصاحبك ورفيق دربك.

3- الاستخفاف بالمشروعات وبالأشخاص، وهذا تحطيم للمعنويات، وتحطيم المعنويات حرام، لا يجوز للإنسان أن يقول: هلك الناس، ما فيهم خير، من قال: المسلمون ما فيهم خير، هذا الذي يريد أن يحطم المعنويات سيؤدي إلى انتشار روح الضعف والاستسلام في الأمة.

وبعضهم يعيب ويثرب ولا يقول كلمة تشجيع واحدة، فيؤدي لانهيار المشروع، فتكثر الانتقادات، وانتقادات ليست انتقادات تصحيح، وانتقادات توجيه وإرشاد، وانتقادات بمعنى: لو فعلتم كذا بدلاً من كذا، ولو غيرتم كذا، لا، انتقادات طعن في نيات الأشخاص، طعن في النتائج، طعن في المسيرة، فيأتي واحد يقول: الأوساط اليوم ما فيها خير، الأوساط الدعوية ما فيها خير.

طيب أصلح يا أخي قل: الأوساط تحتاج اليوم إلى كذا كذا.

نحن نحتاج -يا إخوان- اليوم إلى تقويم وتصحيح وليس إلى كلام يؤدي إلى الإحباط، ليس إلى نسف المشاريع.

والمشكلة اليوم أن تتعرض الذين يبدؤون بالمشاريع أصحاب مبادرات، والذي يبدأ طبيعي أن يخطئ في البداية، أليس جهداً بشرياً؟ وقد يكون هو رائداً من الرواد، وأول واحد قام بهذه الفكرة، ومن المتوقع أن يخطئ بدلاً من أن يسدده أصحابه أو الناس من حوله إذا بهم يقولون: انظر إلى فلان ماذا فعل؟ ويعيبونه، ويثربون عليه.

أقلوا عليهم لا أبا لأبيكمُ من اللوم أو سدّوا المكان الذي سّدوا

 وبعض الناس يجهضون المشروعات بسبب انتقادات وطعن بدون أن تكون إيجابية، كلها سلبية، ثم المشكلة أنهم لا يعملون شيئاً، وربما يريد أن يبقى مشروعه ويضمحل وينهار مشروع غيره، حسد، فيه بغي في النفوس.

والانشغال ببنيات الطريق يفسد المشاريع، والذي كل ما رأى تحويلة في الطريق أو فتحة دخل فيها متى سينهي الطريق؟

دور الدعم المعنوي في نجاح المشروعات

00:49:55

إن من الأمور المهمة جداً في نجاح المشروعات: الدعم المعنوي، الثناء على الحسنات، أن يقال: جزاك الله خيراً، أن يقال: أحسنت، أن يقال: مأجور إن شاء الله، معان إن شاء الله، يا أخي ندعو لك بالتوفيق، سددك الله، وفقك الله، وهذا كلام لا يخالف ولا يمنع من تقديم نصائح تطويرية تحسينية، رأي ربما ينفع الله به أمة.

نماذج في المشاريع الناجحة

00:50:44

لنبدأ بذكر نماذج من المشاريع، وعندما نقول: ما هو مشروعك؟

ونحن اليوم على أعتاب الإجازة الصيفية وأمامنا متسع إن شاء الله، وعندك صحة، وعندك وقت، وعندك قدرات وطاقات وإمكانات، لا يجوز لك أن تبقى عطلاً.

من الشباب من أقاموا تجمعاً للأسرة شهرياً، وضع له برنامجاً اختار من الأخيار من أمثل الأقارب، قد يكون كلهم عليهم ملاحظات، خذ الأمثل، الكمال عزيز، خذ الأقرب إلى الخير، وابدأ معه المشروع، حصل في هذا اللقاء الشهري اجتماع وصلة رحم، وفقرة تذكيرية، وأشياء جماعية من الأسرة، وأشياء للكبار وللصغار وللنساء، ويقولون: نحن دائماً نجتمع.

أقام بعضهم مواقع إنترنت للعائلة والأسرة فيها أخبار: الزواج، والولادة، والوفاة للتعزية، والمرض للعيادة، والتخرج، والتوظف، وفلان ولده حفظ القرآن، وفلان أنجز كذا وكذا، أخبار الأسرة، انتقل من مكان إلى مكان، بنى بيتاً، ليهنئوه، وهكذا.. ففي هذا الموقع على الإنترنت أخبار الأسرة.

ويمكن أن يُجعل لهم طرق في الدخول إذا كانت بعض الأشياء خاصة لا يناسب أن يطلع عليها الآخرون.

ويوجد من المواقع الأسرية على الشبكة ما هو مثال يحتذى لبقية العوائل والأسر، واحد الذي قام بالعمل، جهد بسيط، هذا موقع لا يحتاج إلى تعقيد في التصميم والإخراج الفني والشكل، هذه أشياء وظيفية معينة في الموقع يمكن أن تتصل به هذه الأسرة.

ألا ترى الواحد اليوم يكون عسكرياً فينقل من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب، وواحد يتزوج من بلد فينتقل إليه، وواحد لا يجد تعيين وظيفة إلا في مكان فينتقل إليه، توزعت الأسر والعوائل والعشائر والقبائل، ولم تصبح في مكان واحد مثلما كانت أولاً، فيقال: مضارب بني فلان، ومنازل بني فلان، لا، الآن صاروا متوزعين في البلاد، فهذا الموقع يجمع شملهم، هذا الموقع يمكنهم من صلة الرحم.

وهؤلاء الذين يقومون بالإشراف على دعوة الجاليات ويهتمون بهؤلاء الطبقات التي لا يهتم بها في العادة كالعمال وهؤلاء البسطاء والمغتربين، والذين لا يؤبه لهم من هؤلاء المساكين، وعندما يعطون هدايا بسيطة في القيمة كبيرة في التأثير يكون لتلك المطويات والأشرطة آثار كبيرة في النفوس، فإما أنها تخرجهم من الظلمات إلى النور بإذن الله، وإما أنها تعزز الدين في نفسه أو تزيده علماً أو تحارب لديه بدعة، أو تحيي فيه سنة، وتنقل إليه علماً ومسألة، ويقوم بتطبيق أمور لم يكن يطبقها من قبل.

إن الذين قاموا بالجولات في توزيع هذه المصادر للمعلومات على المصانع والورش والشركات والمحلات كان لذلك أثر عظيم على من فيها.

إن حملات التوعية في المستشفيات والمراكز الصحية، ووضع حاملات الكتيبات، وغيرها، لقد نال هذا أجراً عظيماً إن شاء الله بما حصل من الاهتمام.

هذه صالات الانتظار للرجال والنساء في عيادات المستشفيات إنهم جالسون لا يدرون ماذا يفعلون، ويقولون: أسوأ شيء في العالم الانتظار.

يمكن أن يكون الانتظار نعمة، ويتعلم في الانتظار ما لم يكن يتوقع أن يتعلمه، وعندما يقولون: وزعنا كتيبات ومطويات ونشرات بأربعة وعشرين لغة على هذه الجاليات المختلفة، وإن فلاناً يتابع ويجرد ويعرف الناقص ويكمله.

إن هذه الأفكار من اللوحات الخشبية بهذه الأغلفة الشفافة التي تثبت في جدران الأماكن المختلفة وتغذى بمقالات دعوية مختلفة بشكل دوري، وتوجيهات ومواعظ وآداب وأحكام وفتاوى ونصائح، إن لها أثراً في النفوس.

وهؤلاء الذين يطوفون القرى والهجر ويجوبون البادية لنصح الذين يجهلون كثيراً من أمور الدين لهم في ذلك أجر عظيم، وإن كانوا من الجنود المجهولين، لكن الله يعلمهم وإن كنا لا نعلمهم.

والذين أقاموا المدارس الخيرية والمراكز الصيفية، والذين أقاموا الدورات العلمية، والذين أقاموا هذه الدروس في المساجد، والذين نظموا المحاضرات وجعلوا الإعلانات ووزعوها، صمموها، طبعوها، وزعوها، إنهم بذلك يكسبون أجر الحضور مثل أجر الحاضرين.

وإن هذه المغلفات والمطويات، هذه ذات الألوان الجذابة، وهذه المطبوعات، وهذه المسموعات، وهذه الأشياء التي توزع على الشواطئ والمخيمات، وفي الأعياد، وفي مجتمعات الناس، وهذه الهدايا المخصصة، وأشياء للتاجر والطبيب والمدرس والممرض والمعلم، ونحو ذلك من أنواع طبقات المجتمع ووظائفه ومهماته، هؤلاء الذين يرسلون الوصلات الإلكترونية عبر البريد، وفي هذه الوصلة فتوى، موعظة خمس دقائق مسموعة، شيء مفيد، أو تحيا به النفوس، أو فيه عبرة، أو فيه شيء من أخبار أهل الإسلام ما يحمس لنصرتهم أو يثلج الصدر بانتصارهم، رفع المعنويات، نحن نحتاج جداً هذا في هذا الزمن.

إن رسائل الجوال الدعوية، وما حصل من إقامة هذه الأفكار التي تحتاج إلى مزيد وتطوير وتنويع، وهم يحذرون رسائل المبتدعة: انشر كذا خمساً، صل على كذا خمسة وعشرين مرة، وفي رقبتك إلى يوم القيامة، استحلفك بالله، إلى آخر البدع التي يعينون فيها أشياء، ويريدون إلزام العباد بما لم يلزمهم الله به.

وهذه المواقع الكثيرة ذات الأفكار التي تنتشر اليوم على الشبكة:

نشر عنوان موقع إسلامي.

رفع مقال مميز.

تشجيع كاتب متميز.

تسديد كاتب عليه ملاحظات.

جمع مقالات متفرقة في موضوع معين.

إعداد ملفات في موضوع معين.

قد يكون موضوع أسرى المسلمين في أحكام الأسير، ونصرة الأسير وواجبه علينا، وأخبار الأسرى، إلخ..، هذه الأشياء عندما أيضاً تنشر للناس تفيدهم جداً.

وقد عملنا في "موقع المختار الإسلامي" "إسلام سلكت دوت كم"، وهو أحد مواقع مجموعة "إسلام دود دبليو إس" القابلية والجاهزية لتلقي أي ملفات مفيدة يجمعها الإخوان والأخوات لمن أراد أن ينشر الملف الذي جمعه وتعب عليه، فإن هذا الموقع "إسلام سلكت دوت كم" يتبنى ذلك ويستقبله.

تذكير الناس بقرب مواعيد العبادات ليستعدوا لها، تذكير الناس بفضل أيام البيض، بفضل عاشوراء، بفضل عرفة، قبل أن يأتي بعض الناس يفوتهم وينسون.

تذكيرهم بأحكام تتعلق بالحج إذا اقترب، وبالصيام إذا اقترب.

تنبيه الناس على بدع، على منكرات.

تنبيه الناس على محرمات لئلا يقعوا فيها، قد تكون أشياء مالية وورطات.

تنبيه الناس على أخطاء، وعظهم تذكيرهم بالله، أحياناً عبارة تعدل مسار شخص، يقول: وصلتني رسالة جوال أحدثت أثراً كبيراً في نفسي.

دلالة الناس على باب من أبواب الخير أو على مشروع خيري أو على محتاج.

إفادة الناس بخبر جديد فيه إنعاش للنفسيات والمعنويات.

التأكد من صحة خبر والتأكيد على صحة خبر، وتفنيد خبر كاذب، وتوثيق خبر أو مقال.

تصحيح رابط وضعه شخص وهو لا يعمل على الشبكة.

نجدة الزوار بالمقالات والمساعدات.

نسخ المقالات المتميزة وتوزيعها عبر الشبكة.

واغتنام القوائم البريدية، وفتح الغرف في مواقع المحادثة لكي تزاحم غرف الكفر والشر والفساد.

الأدوار المساندة لنجاح المشاريع

01:01:05

إن دعم المشروعات الخيرية والدعوية التي ستقوم في هذه الإجازة إن شاء الله من الأمور المهمة للذين يرغبون في الأدوار المساندة، والأدوار المساندة قضية كبيرة.

يا أخي: ربما لا تكون أنت صاحب الفكرة ولا الشخص الأساسي فيها، لكن دورك المساند مهم جداً، وأدوار المساندين والداعمين والذين سيسيرون تحت هذا اللواء مهم جداً.

وإن اتفاق مجموعة من الإخوة على الكتابة في موضوع معين، وعمل زخم معين في إنكار منكر معين؛ سيكون له في ذلك عامل في الضغط مما يؤدي إلى إيقافه كما حصل وتوقفت منكرات بفضل إيجابية هؤلاء الإخوة والأخوات.

وعندما يتعامل مع هذه الساحات المفتوحة ويقرأها مسلم وكافر وبر وفاجر ومتدين وفاسق ومقصر وظالم لنفسه ومقتصد وسابق بالخيرات لا بد أن يراعى ذلك.

وقضية الحكمة وتجنب الشدة المنفرة، والصبر للوصول إلى الثمرة.

وأيضاً يشكر الإنسان الذين نشروا أشياء جميلة، ويؤيدهم على ذلك.

وهذه البرامج العلمية الكثيرة التي تقوم ومواقع تنشر هذه الدروس، والذين يسارعون إلى نشر أخبار الدروس والمحاضرات والبث المباشر، وغير ذلك، ومشاريع حفظ القرآن، ومختصر الصحيحين، وضبط المتون، وشرح المتون؛ إن هذه الأشياء مهمة، حتى دراسة اللغات العالم الحي للدعوة إلى الله من بعض أولي الألباب والفطنة، لقد أمر النبي ﷺ زيداً بتعلم لغة اليهود.

أيها الإخوة: إن الأدوار المساندة مهمة جداً قد لا تكون أنت صاحب المشروع، لكن يمكن أن يستمر المشروع على يديك، قد لا تكون أنت صاحب الفكرة لكن يمكن أن يكون تحقيقها على يديك، قد لا تكون أنت الرأس لكن والله قد تكون تعمل في الظل وليس لك شهرة ولا يعرفون باسمك ولا يدرون عنك، ولكن الإخلاص في عملك يكتب الله لك به أجراً عظيماً.

إكمال مشاريع الآخرين

01:04:08

تكميل مشاريع الغير، هذه أشياء مهمة جداً، فيه ناس بدأوا مشروعات.

وبعض الناس عندهم أنا زائدة، يقول: لا، أنا أبدأه، وأنا انتهى منه.

طيب -يا أخي- كمل مشروع غيرك.

تفسير الجلالين كمل مشروع غيره، جلال الدين المحلي وجلال الدين السيوطي، والذي بدأ بدأ من النصف الثاني من القرآن، ثم أكمل التفسير النصف الأول من القرآن، طلع تفسير الجلالين.

وأيضاً فإن تدعيم المشاريع القائمة بالأفكار والخبرات، يعني هناك مشروعات قامت تحتاج إلى خبرات إدارية، أين الإداريون المسلمون؟

هناك أفكار قامت تحتاج إلى تمويل، أين التجار المسلمون والمحسنون؟

هناك مشروعات قامت تحتاج إلى أيدي عاملة فأين المساهمون؟

المتابعة والمراقبة مهمة جداً .

مشاريع علمية ودعوية

01:05:12

وإن بعض المشروعات قامت بتوجيه فكرة طرحها واحد في مجلس فتلقفها واحد آخر ونفذها، وهم شركاء في الأجر، فكرة صحيح البخاري هذا الكتاب العظيم أصح كتاب بعد القرآن، كيف بدأت؟ ما بدأت من البخاري نفسه، ما بدأت من أبي عبد الله، بدأت من غيره، الفكرة أتى بها غيره، قال البخاري -رحمه الله-: "كنت عند إسحاق بن راهويه، فقال بعض أصحابنا: لو جمعتم كتاباً مختصراً لسنن النبي ﷺ فوقع ذلك في قلبي، فأخذت في جمع هذا الكتاب" [سير أعلام النبلاء: 12/401].

ابن حزم في المحلى، وموفق الدين ابن قدامة في المغني، كما أوصى العز بن عبد السلام، والذهبي كملها بالثالث: السنن البيهقي، والرابع: التمهيد لابن عبد البر، قال: "فمن حصل هذه الدواوين، وكان من أذكياء المفتين، وأدمن المطالعة فيها، فهو العالم حقا" [سير أعلام النبلاء: 18/193].

لكن الآن قد يقول هؤلاء الشباب: محلى ابن حزم ومغني ابن قدامة وسنن البيهقي وتمهيد ابن عبد البر كم مجلد هذه؟

نقول: يا أخي خذ: الجمع بين الصحيحين للحميدي، خذ رياض الصالحين، ليست المسألة أنك تفاجأ بجمل لبعض العلماء ثم تقول: هذا ما لنا علاقة فيه، ونحن لا نستطيع.

طيب هناك ما هو أسهل وأيسر وأبسط.

أحياناً الواحد ما يكون عنده دافع للعمل فتحدث قصة وحادثة تدفعه، قال ابن حزم في سبب تعلمه الفقه: أنه شهد جنازة فدخل المسجد فجلس ولم يصل ركعتي التحية، فقال له رجل: قم فصل ركعتين، وكان قد بلغ ستاً وعشرين سنة، قال: فقمت وركعت ركعتين، فلما رجعنا من الصلاة على الجنازة دخلت المسجد فبادرت بصلاة ركعتين تحية المسجد، فقال لي واحد: اجلس ليس ذا وقت صلاة، ذا وقت النهي، فانصرفت وقد حزنت لماذا واحد يأمرني وواحد ينهاني؟ ثم طلبت الدلالة على دار الفقيه أبي عبد الله بن دحون فقصدته فأعلمته بما جرى، فدلني على موطأ مالك، فبدأت به عليه، وتتابعت قراءتي عليه وعلى غيره نحواً من ثلاثة أعوام [سير أعلام النبلاء: 18/199].

عبد الرحمن بن القاسم -رحمه الله- جمع فتاوى ابن تيمية ساعده ابنه محمد، بدأت الفكرة، شيخ الإسلام تراثه كثير، لكنه منتشر متفرق ألا يمكن جمعه؟

بدأ.

وجد عند الشيخ محمد بن عبد اللطيف ثلاث مجلدات.

فتش في مخطوطات الحرم المكي أضاف إليها.

سافر للعلاج مع ولده، واستكمل الفحوصات الطبية في لبنان، ذهب إلى مكتبة بيروت العلمية.

فتش في مكتبة الجامعة الأمريكية.

ذهب إلى دمشق وزار ونسخ.

وكلما طالع هو وابنه الكتب، فإذا فيها رسائل متفرقة وفتاوى متفرقة لشيخ الإسلام، جمع هذا على هذا على هذا، والكتابة بخط اليد، وسافر للعراق، وحصل ما حصل، وذهب إلى مصر وإلى دار الكتب المصرية، واستخرج ما فيها ثم أرسل إلى باريس للعلاج فتتبع المخطوطات الموجودة في لندن وبرلين وفينا وتركيا، وصور أشياء في الأقطار العربية.

هذا واحد راح يتعالج، والنتيجة مجموع فتاوى ابن تيمية.

قد يكون أحياناً الواحد ليس بخبير ولا بعالم ولكنه قد يدل العالم على فكرة، ويقترح على العالم شيئاً، وإن هناك مشروعات قد أنجزها الكبراء من قبل والصحابة والعظام، فمعرفة هذه المشروعات كيف نشأت؟ وكيف أتمت؟ مهم جداً في قضية ستأخذ منها الفوائد، ما هو مشروعك؟

مشروع أبي بكر الصديق في جمع القرآن الكريم في السنة الثانية عشرة للهجرة، لما وقع القتل في وقعة اليمامة، لما وقع القتل في الحفاظ، وكان حفظة القرآن في طليعة الجيوش، وكانوا أول الذين قتلوا في سبيل الله: سالم مولى أبي حذيفة، وغير هؤلاء، فأحس أبو بكر بالخطر، الحفاظ يقتلون الآن في المعارك، فأمر بجمع القرآن، استشار عمر، أرسل أبو بكر مقتل أهل اليمامة إلى زيد بن ثابت وعنده عمر بن الخطاب، فقال أبو بكر: "إن عمر أتاني، فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بالناس، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن" في مواضع الجهاد المختلفة الآن عندنا هؤلاء حروب المرتدين متفرقة، وبعد ذلك فتوحات، قال: فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن، قلت لعمر: «كيف أفعل شيئاً لم يفعله رسول الله ﷺ؟ فقال عمر: هو والله خير، فلم يزل عمر يراجعني فيه حتى شرح الله لذلك صدري، ورأيت الذي رأى عمر" إذاً، الفكرة فكرة عمر بن الخطاب . متى انقدحت الفكرة في ذهنه؟ لما رأى الحفاظ يقتلون، يعني هذه نظرة بعيدة، قال: طيب إذا الحفاظ الآن قتلوا، والقرآن في الصدور ما في شيء مكتوب، مجموع، طيب ماذا سيحدث لدستور الأمة؟ قال أبو بكر لزيد: "إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله ﷺ، فتتبع القرآن فاجمعه" هذا مشروع: جمع القرآن، فكرة من واحد إلى ولي الأمر أبي بكر الصديق، أمر بها، كلف شخصاً، زيد بن ثابت بدأ بالمهمة، استشعر المسؤولية، قال: "فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن" [رواه البخاري: 4679]، وهكذا.. جمعه من العسوب واللخاف وصدور الرجال، العظام المسطحة، والقطع من النخيل المأخوذ عليها للكتابة، ومن صدور الرجال ومن الجلود جمع القرآن في مصحف واحد عند أبي بكر الصديق، لما مات ذهب بعد ذلك إلى عمر، لما مات، إلى حفصة بنت عمر، قال علي : "إن أعظم الناس أجراً في المصاحف أبو بكر" [فضائل الصحابة، للإمام أحمد: 1/354].

المسؤول والمدير والكبير هذا لما يأمر بالخير وينشأ عنه أعمال، وهو مخلص لله، الأجر عظيم جداً، ولذلك كان أول واحد في السبعة الذين يظلهم الله: إمام عادل  [رواه البخاري: 6806].

عثمان بعد ذلك جمع الناس على قراءة واحدة، فكان الصحابة يقرؤون بالقراءات المختلفة، وتفرقوا في الأمصار، وعلموا الناس، من الذي انتبه للقضية؟

حذيفة بن اليمان في فتح إرمينيا وأذربيجان، فزع حذيفة من اختلاف المسلمين في القراءة، والمسلمون الجدد قد لا يفقهون قضية اختلاف القراءات، وربما يظنون الاختلاف فيما أنزل الله، أي واحد صح؟ هي كلها صح، لكن المسلم الجديد قد لا يستوعب ذلك، فماذا حصل؟

اقترح حذيفة على عثمان ، فقال: "أدرك هذه الأمة، قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى، فأرسل عثمان إلى حفصة: أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف، ثم نردها إليك"، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان" فكون لجنة فأمر زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف، المطلوب الآن هذا المصحف الذي جمعه أبو بكر الصديق أن ينسخ في سبع نسخ لتوزع كل نسخة في مصر من الأمصار الكبيرة المفتوحة "فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: "إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم" [رواه البخاري: 4987] وهكذا..

إذاً، هذه النعمة العظيمة في جمع القرآن ثم تعميم هذا المصحف عمل عظيم مشروع ضخم وجبار له فائدة كبيرة على الأمة، نتفيأ ظلالها نحن، ولا يزال المسلمون يتفيئون ظلالها إلى قيام الساعة.

الكتب مشروعات، صحيح البخاري مشروع، وصحيح مسلم مشروع، والسنن، ومسند الإمام أحمد، قال لابنه: "احتفظ بهذا المسند فإنه سيكون للناس إماماً" [سير أعلام النبلاء: 11/327] جمع أحاديث كل صحابي على حدة، أحاديث أبي هريرة، وأحاديث ابن عمر، وأحاديث عائشة، وهكذا..، وما كان هناك فهرسة، فقال الذهبي: فلعل الله تبارك وتعالى أن يقيض لهذا الديوان السامي من يخدمه ويبوب عليه، ويتكلم على رجاله، ويرتب هيئته ووضعه، فإنه محتو على أكثر الحديث النبوي، وقل أن يثبت حديث إلا وهو فيه [ينظر: سير أعلام النبلاء: 13/525].

أحمد شاكر جاء بعد ذلك وحقق فكرة الذهبي، وقال أحمد شاكر: وإني أرجو أن تكون دعوة الذهبي أجيبت بما صنعت، شيء عبر الزمن، في مئات السنين بين أحمد والذهبي، وبين الذهبي وأحمد شاكر.

ابتدأ النووي -رحمه الله- في شرح المهذب فسكب فيه علمه، قال ابن كثير: لو قدر الله له إتمامه لكان كتاباً في الأحكام لم يؤلف مثله، لكن النووي -رحمه الله- توفي وعمره خمسة وأربعون سنة، لكن كم أنتج النووي؟

كان إذا أراد تلميذه أن يدخل عليه في الغرفة في المئذنة يصعد إليه، النووي أين؟ في غرفة في المئذنة، يحتاج إلى وقت حتى يوسع مكان لفتح الباب ويدخل التلميذ من كثرة الكتب والمراجع في هذه الغرفة.

هذا النووي، رياض الصالحين على مستوى العامة والخاصة، والكتب شيء عجب، السبكي أتم بعد النووي بعض الأبواب من باب الربا إلى التفليس، ومرت سنين وقرون، مرت بعد ذلك مدة حتى جاء أيضاً من أتمه، المسودة لآل تيمية اشتركوا فيها ثلاثة: مجد الدين أبو البركات، ولده شهاب الدين أبو المحاسن عبد الحليم، وثالثهم شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية، أحمد المعروف المشهور، كل واحد كتب في هذا الكتاب، وقيض الله له الفقيه أحمد بن عبد الغني الحراني فجمعها ورتبها وبيضها، ووضع علامات تميز كلام كل واحد من الثلاثة في هذا الكتاب من كتب أصول الفقه.

وأضواء البيان انتهى فيه الشنقيطي إلى سورة المجادلة، فجاء تلميذه وكمله إلى سورة الناس.

وتفسير الجلالين أشرنا إليه.

لقد كانت هناك مشروعات دعوية عظيمة بالإضافة للمشروعات العلمية.

مشروع إرسال مصعب بن عمير للمدينة.

مشروع إرسال معاذ إلى اليمن.

ومشروع إرسال ناس بالرسل والكتب إلى الروم والفرس.

مشروع القضاء على صنم ذي الخلصة، قال ﷺ لجرير البجلي: ألا تريحني من ذي الخلصة؟  قلت: بلى، فانطلقت في خمسين ومائة فارس من أحمس، وكانوا أصحاب خيل [رواه البخاري: 3020، ومسلم: 2476] وكان ذو الخلصة بيتاً باليمن لخثعم وبجيلة فيه نصب تُعبد من دون الله ويقال لها: الكعبة، فحرقها بالنار وكسرها.

وأيضاً فإن هذا الصنم كان عليه رجل يستقسم بالأزلام، وقال له جرير: لتكسرنها ولتشهدن أن لا إله إلا الله، أو لأضربن عنقك فكسرها وشهد.

ثم إنه أحرقها حتى تركها كالجمل الأجرب المضروب بالزفت، والزفت لونه أسود، فصار الصنم أسود من التحريق مثل الجمل المطلي بالقطران من الجرب.

مشاريع خيرية واجتماعية

01:20:04

هناك مشروعات اجتماعية: مراعاة حال الفقراء والمساكين، عن جرير قال: كنا عند رسول الله ﷺ في صدر النهار، فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار، متقلدي السيوف، عامتهم من مضر، بل كلهم من مضر، فتمعر وجه رسول الله ﷺ لما رأى بهم من الفاقة، فدخل ثم خرج، فأمر بلالاً فأذن وأقام فصلى ثم خطب فقال: يا أيها الناس اتقوا ربكم  وتلا الآيات..  تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره، ولو بشق تمرة  [رواه مسلم: 1017].

افتتح المشروع، مشروع إغاثة هؤلاء القوم الذين جاؤوا حفاة عراة جائعين.

نتيجة المشروع: تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب، حتى رأيت وجه رسول الله ﷺ يتهلل.

قام مشروع، مشروع الآن لأجل حاجة الآن قامت، بدأ المشروع وانتهى المشروع في لحظة في المسجد، ووزعت الأشياء وانتهت.

فيه مشاريع مرحلية آنية لحظية، مشاريع يومية، شهرية، أسبوعية، مشاريع سنوية، مشاريع العمر.

مشاريع جهادية

01:21:37

ومشروع حفر الخندق، خمسة آلاف ذراع، عرض تسعة أذرع، في عمق سبعة إلى عشرة، وزع المشروع على المسلمين، لابد من حفر الخندق، هذا المكان الذي يأتي منه الكفار في الحرتين وأماكن النخل والبيوت لا يأتون منها، المكان هذا مفتوح، الحل من سلمان، الفكرة فكرة سلمان، والأمر نبوي: يا أيها المسلمون قوموا  وزعوها، وزعت المهمة، فكان على كل عشرة من المسلمين حفر أربعين ذراعاً.

هذه اسمها: إدارة المشاريع، كيف تدير المشروع؟ ما الطاقات الموجودة المتاحة؟ وكيف توزع المهمات على الأفراد؟

إدارة المشاريع: على كل عشرة من المسلمين حفر أربعين ذراعاً.

أنجزوها في أسبوع، وفي رواية ستة أيام.

مناطق لما جاءت الكسرات تكسرها الآن للسفلتة وتعبيد الطريق، تكسرت وخرج مقاولون مستسلمين، وجاء أكبرهم ليعملوا في شهر، تمهيد الطريق، ذاك كان حفراً تحت، كم عمق الطريق الذي سفلت؟ لكن كم عمق الخندق؟

فيه همة، فيه نتيجة، فيه عزيمة، فيه صدق، فيه رغبة في الأجر، فيه نصرة الله ورسوله، فيه نتيجة.

أما الواحد هو نائم متكئ على أريكته مرتاح تقول: مشاريع، يقول: مشاريع أيش؟ زوجوني.

المشروع في حفر الخندق اشترك فيه الكبير والصغير والغني والفقير والمولى والعبد والحر، وكفى الله المؤمنين القتال.

ومشروع تجهيز جيش العسرة ممكن يقوم، قام به واحد جهز جيشاً كاملاً.

مشروع حفر بئر رومه قام به واحد.

مشروع جيش أسامة بن زيد قام به الصديق مع الصحابة، وما وجدوا جيشاً أسلم من جيش أسامة، حتى في عهد النبوة ما صار فيه جيش أسلم منه، يعني غنموا وسلموا، أسلم من السلامة، ما وجدوا جيشاً أسلم منه، غنموا وسلموا ورجعوا، وأرهب العرب، ورجع المرتدون، وخاف الروم.

جيش أسامة بركة تنفيذ أمر النبي ﷺ.

مشروع النهضة بالأمة بعد الحملات الصليبية الذي بدأه من بدأه من أبطال المسلمين مودود وعصابات أهل الإسلام التي تغير تقطع طريق الصليبيين، تطورت العملية إلى حركة عظيمة في الجهاد في سبيل الله بقيادة عماد الدين، ثم نور الدين الشهيد، ثم صلاح الدين الأيوبي، والمنبر عمل سابقاً قبل فتح بيت المقدس، هذه مسألة رفع معنويات، صمم المنبر وعمل المنبر تمهيداً لوضعه في بيت المقدس إذا فتحوه، فالنية موجودة على الفتح، والمنبر هذا هو موجود، بقي أن نضعه في بيت المقدس، وبدأت رحلة الجهاد، ووضع المنبر الذي صنع قبل عهد صلاح الدين، وضع المنبر الذي أمر بصنعه نور الدين وضع في عهد صلاح الدين.

مشروع فتح القسطنطينية، كم تعاون وكم توالى على هذه المدينة من الفاتحين المسلمين والمجاهدين في سبيل الله، لمكانتها الخاصة، والأجر الوارد فيها، أو الخير الوارد والخبر الوارد فيها.

في زمن معاوية محاولة، وتوفي أبو أيوب الأنصاري على أسوار القسطنطينية.

محاولة أخرى في عهد الدولة الأموية، سليمان بن عبد الملك بقيادة مسلمة بن عبد الملك الملقب بالجرادة الصفراء، الشجاع المقدام صاحب الدهاء والرأي، في مائة وعشرين ألف فنازلوا أهلها وحاصروهم سنة حتى صالحوهم على بناء مسجد القسطنطينية.

استمرت المحاولات في العصر العباسي، والرشيد حاول.

في العهد العثماني تجددت المحاولات.

في عهد السلطان بايزيد الصاعقة لكن وصول جيش المغول بقيادة تيمورلنك اضطر السلطان إلى سحب قواته، وفك الحصار عن القسطنطينية.

مراد الثاني حاول بعده، حوصرت المدينة عدة مرات لم يتم الفتح، فجاء ابنه محمد الفاتح الملقب بذلك ليكون الفتح على يديه، مشروع كبير.

فرحة ولذة إتمام المشاريع وإكمالها

01:27:25

كان إتمام المشاريع لها فرحتها، "فتح الباري" لما ألف وانتهى منه ابن حجر في سنة ثمانمائة واثنين وأربعين بدأ فيه ثمانمائة وسبعة عشر للهجرة كم سنة أنفق فيه؟

وعملت وليمة يوم ختم الشرح.

وقال تلميذه السخاوي: كان يوماً مشهوداً لم يعهد أهل العصر مثله لمحضر من العلماء والقضاة والرؤساء والفضلاء، وقال الشعراء فأكثروا، وفرق الذهب وأنفقت وعملت الولائم لمناسبة إتمام كتاب فتح الباري.

ومشاريع علمية صارت في المسلمين، حيدر آباد ملك الدكن بالهند الذي كان من حسناته دائرة المعارف العثمانية مهمة جداً في نشر التراث الإسلامي والطبع على الحجر.

أحمد تيمور باشا كان رجلاً من وجهاء مصر وأغنيائها استخدم جاهه وماله في اقتناء المخطوطات والكتب، مكتبته العظيمة هي نواة دار الكتب المصرية التي انتفع منها من لا يحصى من خلق الله.

مستشفى القصر العيني في مصر أصلاً هو وقف للدمرداش، واحد أوقف بيته أوقف قصره فكان ذلك المستشفى.

أيها الإخوة: إن هذه المشاريع الكبيرة والصغيرة، وهذه المشاريع المتنوعة والكثيرة تدل على أن الخير موجود في هذه الأمة، وأنه لا بد من المسير لتحقيق المطلوب.

مشروعك أثناء الإجارة الصيفية

01:29:17

نعود إلى السؤال الأول: ما هو مشروعك يا أخي؟ أو ما هي مشاريعك؟

هذه إجازة قادمة، والسنة موجودة والعمر، ما هي مشاريعك؟ هل هو مشروع فردي؟ هل هو مشروع جماعي؟ هل هو مشروع مؤقت؟ دائم؟ هل هو مشروع لغرض معين ينتهي أو مستمر؟ ما هي مشاريعك التي ستنجزها في عمرك وحياتك؟ ما هي الخطة؟ ما هي الأهداف؟ من سيعاونك في هذا؟ وكيف ممكن أن تشارك غيرك في مشاريعه التي ابتدأها؟

كان هذا هو القصد من هذا الدرس وهذه المحاضرة، وأظن أن الموضوع مهم جداً، وجدير بالعناية والاهتمام والانتباه.

وإذا ما وضعنا مشاريع -يا إخوان- سيذهب العمر هكذا، يمر العمر بهذا الروتين القاتل، من البيت للمدرسة، للبيت من العمل، من المكتب للبيت حتى يأتي الموت، لكن ما هي المشاريع؟

هناك مشاريع تجارية قد يريد بها أصحابها وجه الله يؤجرون على ذلك.

مشاريع وقفية تدر عائداً على أعمال الدعوة إلى الله.

نسأل الله أن يوفق العاملين لدينه، وأن يكتب لنا الإخلاص في القول والعمل، وأن يجعلنا ممن ينصرون هذا الدين، وأن يعلي درجاتنا في جنات النعيم.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.