إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد:
فأحييكن -أيتها الأخوات- بتحية الإسلام: السلام عليكن ورحمة الله وبركاته.
وبعد:
فهذه كلمة في هذا المجلس من وراء حجاب نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يجعله مجلساً نافعاً مباركاً، وأن يجعله حجة لنا لا حجة علينا.
وسيكون الحديث فيه عن أنواع النساء.
اصطفاء الله للمرأة المسلمة
المرأة المسلمة ينبغي أن تشعر باصطفاء من الله -سبحانه وتعالى- لها إذا سلكت سبيل الهداية، وهذا الشعور بالاصطفاء يولد الاعتزاز بهذا الدين، ومزيد من التمسك به، ويجعل المرأة ثابتة على طريق الاستقامة؛ لأنها تحس بأنها تختلف عن غيرها من اللاتي لم يسلكن هذا السبيل، والدليل على قضية الاصطفاء قول الله -سبحانه وتعالى-: وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ [آل عمران: 42].
أنواع النساء من حيث الصلاح والاستقامة
والنساء أنواع، والمرأة المهتدية الطائعة لله -سبحانه وتعالى- أعلى هذه الأنواع، وهو النوع المطلوب المرغوب، والمرأة القدوة الداعية إلى الله -عز وجل- رأس هذا النوع، والمرأة المتمسكة بدينها التي أخذت من العلم الشرعي ما أخذت، فصارت طالبة علم داعية، نوع عظيم؛ لأن الدعوة بغير علم لا يمكن.
ومن النساء من تكون متدينة في نفسها لكن ليس لها أثر على من حولها.
ومن النساء من هي في التدين أقل حتى ننزل عن مستوى لا يجوز النزول عنه في ترك واجب أو فعل محرم.
والمرأة القدوة خطؤها مضاعف، ولذلك فإن الشعور بالاصطفاء ينبغي أن يرافقه شعور بالخوف من الوقوع في المحذور، وقال الله -عز وجل-: يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا [الأحزاب: 30]، وكان ابن عباس -رضي الله عنه- يفسر الفاحشة المبينة: بالنشوز وسوء الخلق.
وقد ذكر الله لنا أنواعاً من النساء في قوله تعالى في الأعمال الصالحة: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [والمؤمنات: 35]، وكذلك قال عز وجل: عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ} يعني صائمات {ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا [التحريم: 5]، فهؤلاء أنواع من النسوة ذكرهن الله -عز وجل- في كتابه العزيز تنوعن بحسب الأعمال الصالحة التي تكثر كل واحدة منهن فيها وتضرب بسهم وافر في ذلك الوادي، وادي الإسلام، ووادي الإيمان، ووادي القنوت، والصدقة والصبر والخشوع والصيام، وذكر الله -عز وجل-، وكذلك القنوت والتوبة والعبادة.
إنها أنواع من الأعمال الصالحة تتنوع فيها حظوظ النساء المسلمات، فمنهن من يفتح لها في هذا الجانب، ومنهن من يفتح لها في هذا الجانب، مع اشتراكهن جميعاً في الإسلام وأصل الإيمان بطبيعة الحال.
والله -عز وجل- قد ذكر لنا أن الناس أنواع: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً [البقرة: 165]، وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ [البقرة: 204]، وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ [البقرة: 8].
وفي الجانب الآخر: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ [البقرة: 207]. وهناك بعض النساء يمكن أن تعبد الله في حين، وتنتكس في حين آخر، فإذا جاءتها نعمة رأيتها مستقيمة، وإذا جاءتها بلية انحرفت وانتكست ولم تصبر: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ [الحـج: 11].
من النساء من إذا تعرضت للفتنة أي لنوع من الاضطهاد سواء كان من زوج أو أهل أب أو أخ فاسق فاجر يضطهدها، ونحو ذلك، منهن من تثبت؛ كما ثبتت سمية -رضي الله عنها-.
ومن النساء من إذا تعرضت لبلية أو مصيبة أو اضطهاد فإنها تنتكس، وتترك الدين والتدين، والتمسك بالإسلام، وبعض الأحكام الشرعية، فبعضهن قد تضطهد في الحجاب أو غيره فتترك ذلك: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ [العنكبوت: 10] أين فتنة الناس من عذاب الله؟ عذاب الله أشد، قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا [التوبة: 81]، ولكن ربما لا تثبت إذا حصل لها اضطهاد فتنتكس وتتراجع.
أنواع النساء من حيث العبادة والطاعة
والنساء في أبواب الطاعة يختلفن أيضاً؛ فمنهن من طاعتها كاملة، وتدينها عظيم، فهي قائمة بالمستحبات تاركة للمكروهات والمشتبهات، مع قيامها بالواجبات، وتركها للمحرمات، فهذه أعلى المستويات، ومنهن من تكون مقتصرة على القيام بالواجبات، وترك المحرمات، لكن لا يكاد يوجد لها نصيب في المستحبات ولا في ترك المكروهات، وربما تقع في بعض المشتبهات.
ومن النساء منهن مفرطات عاصيات تاركات لواجبات واقعات في محرمات، دل على هذا قول الله -سبحانه وتعالى-: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ [فاطر: 32].
ونحن نقول: إن بالنسبة للنساء إن المرأة إذا أطاعت زوجها، وصلت خمسها، وحصنت فرجها، وصامت شهرها، قيل لها: ادخلي من أبواب الجنة أيها شئت [رواه أحمد: 1661، وقال محققو المسند: "حسن لغيره].
ولذلك المسؤوليات التي على المرأة لا شك أنها أقل من المسؤوليات التي على الرجل الذي هو مطالب بأمور إضافية، فالله -عز وجل- يعلم حال المرأة، ويعلم إمكاناتها، ولذلك لم يكلفها ما لا طاقة لها به، فلم يكلفها في الجهاد، وجعل حجها جهاداً في سبيله سبحانه وتعالى، فقال ﷺ: الحج جهاد كل ضعيف [رواه ابن ماجه: 2902، وأحمد: 26520، وقال الألباني :"حسن لغيره" كما في صحيح الترغيب والترهيب: 1102].
أيتها الأخوات: إننا نحتاج إلى ارتقاء، نحتاج إلى أن تكون المرأة المسلمة مسابقة في الخيرات، لا نريد أن نقتصر على قضية ترك المحرمات، وفعل الواجبات، وتأتي المرأة تقول: أنا صليت فرضي، وصمت شهري، ومالي أزكيه، والحجاب سويناه، الزنا لا نفعله، والسرقة لا نفعلها، والمحرمات نتركها، فماذا تريدون منا أكثر من هذا؟ لا تثقلوا علينا بالكلام، ودعونا نعيش عيشة سهلة؟
فنقول: إن الذي يروم الأجر العظيم لا يمكن أن يقف عند هذا الحد، بل إنه يسعى في الزيادة، والله -عز وجل- أمر بالمسابقة في الخيرات:وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ[آل عمران: 133]، وسَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ[الحديد: 21]، وقال:وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ [المطففين: 26]، فنحن لا نريد امرأة عادية كما يقولون، نريد من نساءنا أن يكن نساء صالحات، أن يكن بالمستوى العالي، أن يحرصن على طلب المعالي.
طلب المعالي أن تكون صاحبة همة عالية في العلم الشرعي في الدعوة إلى الله، في العبادة، في الأذكار، في الأدعية، في التلاوة، وغير ذلك من الأمور؛ لأن النبي ﷺلما ذكر لنا: أن في الجنة مائة درجة، ما معنى هذا الحديث؟ وما هو مدلوله؟ وماذا نستفيد منه؟
مائة درجة يعني أن الإنسان لا يقول: أريد أن أكون بجانب باب الجنة، أو في الدرجة الأولى، ليطمح إلى الأعلى، ولذلك فإن النبي ﷺ قال:سلوا الله الفردوس، فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة ومنه تفجر أنهار الجنة[رواه البخاري: 2790]، وجعل طموح المسلم والمسلمة عالياً، وأنه يستهدف الدرجة العالية الرفيعة، في الفردوس، وليس فقط أنه يريد أن يكون في الأسفل.
والإنسان إذا طلب الأعلى لو قصر ينزل قليلاً، لكنه لو أنه اقتصر على الأدنى وقصر سينزل إلى مستوى لا تحمد عقباه، ولذلك فإن النوافل بعد الفرائض مهمة بالنسبة للمرأة المسلمة في الارتقاء بنفسها.
أنواع النساء من حيث الخِلقة والأخلاق
النساء أنواع أيضاً في أصل الخلقة، وأنواع في الأخلاق، والنبي ﷺ لما أخبرنا: أن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر ذلك، جاء منهم الأبيض والأحمر والأسود، وبين ذلك، والخبيث والطيب، والسهل والحزن، وبين ذلك [رواه الإمام أحمد: 19582، وأبو داود: 4693، وهو حديث صحيح]، فكانت تلك قبضة قبضها الله -سبحانه وتعالى-، والقبضة من صفات الله -عز وجل- كما أن من صفاته الكف والأصابع واليد، ولله -سبحانه- الصفات الجليلة العظيمة التي تليق به سبحانه وتعالى من غير أن تشبه صفات المخلوقين، فهي صفات تليق به عز وجل، قبض قبضة من جميع الأماكن في الأرض كانت في تلك القبضة منها نصيب، فجاء بنو آدم على قدر الأرض.
الأرض كما أن فيها تربة بيضاء، وتربة حمراء، وتربة سوداء، وتربة صفراء، جاءت ألوان العباد على قدر ذلك.
الأرض كذلك فيها بقع طيبة تنبت الكلأ وتمسك الماء، وبقع خبيثة فيها لا تمسك ماء ولا تنبت كلأً، بل هي أرض بور وأرض أيضاً بلقع، وأرض صلدة لا تنبت شيئاً، وإنما هي قاسية.
ومن الأراضي ما هي أرض وعرة، ومنها ما هي أرض سهلة، وكانت نفوس العباد، ومن ذلك النساء أيضاً على هذا، فنجد أن بعض النساء نفسها طيبة عاملة بالخير، إذا دعيت إلى مناسبة طيبة أو طاعة سارعت، ومن النساء من نفسها خبيثة تهوى الخبائث والمحرمات، ومجالس الشر، ورفيقات السوء، وإذا دعيت إلى خير صدت، وإذا دعيت إلى شر سارعت.
من النساء من أخلاقها سهلة لينة هينة، فهي إذا قيدت انقادت، وإذا أنيخت استناخت بالخير، لا يمكن أن ترد طلباً في الخير، وهي حيية.
ومن النساء من هي صعبة الطبع، سيئة المزاج، سيئة الأخلاق لا تؤلف ولا تألف، ولا تستطيع أن تعاشر غيرها، ولا تصبر مع صديقة ولا أخية، فكثيرة المقاطعة والهجر، لا تستطيع أن تداوم على علاقة من العلاقات سرعان ما تتبدل وتتغير؛ لأنها لعل طينتها من أرض صعبة حزنة شديدة الوعورة صلبة، ولذلك كانت نفسها بهذه المثابة، وينبغي علينا سواء كانت طينتنا من أرض طيبة أو أرض أخرى أن نسعى في تغيير الطباع.
وبعض النساء تقول: إن الطباع لا تتغير، وهذا الكلام غير صحيح؛ لأن النبي ﷺ قال:ومن يتصبر يصبره الله[رواه البخاري: 1469]، فلو كانت المرأة غير حليمة تسارع في سب أولادها وضربهم مثلاً، وعصيبة المزاج، سريعة الثوران، تفور بسرعة، فيمكن أن تجاهد نفسها، مع الوقت تتحسن، والإنسان يمكن أن يغير طبعه، والله -عز وجل- أمرنا بالمجاهدة، وأن نجاهد أنفسنا، ومعنى ذلك أن هذه النفس قابلة للتغيير، وإلا ما كان للأمر بالمجاهدة أي معنى.
فإذًا -يا أيتها الأخت المسلمة- حاولي أن تغيري من طباعك السيئة، فالإنسان لا يخلو من طبع سيئ، والناس يتفاوتون في ذلك قلة وكثرة.
ومن النساء من عندها خلق واحد سيئ، ومنهن من عندها مائة خلق سيئ، ومنها من تكون في الخلق السيئ في أسوأ المنازل، ومنها من تكون متوسطة في ذلك الخلق السيئ، ومنها من عندها منه شيء قليل، والمطلوب هو المجاهدة، وأن تسعى في تحسين حالها، وتحسين أخلاقها، وكبت الثوران والفورة، والرسول ﷺ قال مثلاً:لا تغضب [رواه البخاري: 6116]، وأن تعود نفسها أن تضبط أعصابها، وأن ترق في الكلام، وإذا أثيرت لا تستثار بسرعة، وأن تهدأ، وإذا كانت قائمة تقعد، وإذا كانت قاعدة تضطجع، وتستعيذ بالله من الشيطان.
الغضب خلق سيئ، لكن له طرق في العلاج؛ كذكر الله، والاستعاذة من الشيطان، والقعود إذا كان واقفاً، والاضطجاع إذا كان قاعداً.
ثم إن معرفة أجر بعض الأعمال في هذا الجانب في مجاهدة النفس يساعد المرأة على ضبط أعصابها، وترك هذه الأخلاق السيئة؛ مثل -مثلاً- حديث النبي ﷺ الذي أخبر: أن "من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه لو شاء أن أنفذه لأنفذه[رواه أبو داود: 4777، والترمذي: 2021] لو شاءت أن ترد لها الصاع صاعين لردت، لو شاءت أن تعطيها بدل الكلمة عشرة لأعطتها وانهدت عليها بالكلام، ولكنها تتذكر حديث النبي ﷺ مثل ما قال ابن عمر لما رأى ذلك الرجل الذي صعد على المنبر، وقال: "من رأى أنه أحق منا بهذا الأمر فليطلع لنا قرنه؟ يتحدى، فهم ابن عمر بالرد لكن ماذا قال؟ قال: "فذكرت الجنان" [رواه البخاري: 4108] ذكر ما أعده الله في الجنة فترك الرد، وهكذا المرأة المسلمة ممكن أن تستفز بكلمات وتصرفات، خصوصاً عندما يكون هناك مجتمع نسائي، والمجتمعات النسائية الاحتكاك يولد الحرارة، والحرارة يعني حرارة الأخلاق، ووجود بعض المصادمات، والشيء الدافع إلى الغضب، أو الدافع إلى الرد، وتقول: قهرتني فلانة، كيف لا أرد عليها؟
فنقول: إذاً تذكري ما أعد الله في الجنان، ولعلك بذلك تنالين أجراً عظيماً بدلاً من تفريغ هذه الشحنة في أختك المسلمة.
أنواع النساء من حيث الملك والمال
أنواع النساء بالنسبة للمال، بعض النساء رزقها الله مالاً قد تكون موظفة قد تكون ابنة تاجر قد تكون ورثت مالاً فهؤلاء النساء مع المال ما حالهن؟
أخبر النبي ﷺ أنهن كغيرهن أيضاً كالرجال في هذه المسألة أربعة أقسام: امرأة رزقها الله مالاً وعلماً، عندها علم شرعي، وعندها مال، فهي تتقي ربها بهذا المال تنفق من المال والعلم، فتصل رحمها تعطي أباها وأمها، وتوسع على إخوانها وأخواتها، وهذا سيتزوج تعطيه مالاً، وهذه ستتزوج تهديها هدية، وتعلم حق الله في المال، ومن الوصايا، والوقف، والزكاة، وغير ذلك، وكذلك تعلم هذا لأخواتها مثلاً ترى امرأة غنية فتذكرها بأحكام الوقف، والوصية، فيكون ذلك سبباً لخير عظيم، هذه أفضل المنازل.
هناك امرأة عندها علم شرعي نافع لكن لم يرزقها الله مالاً، فهي فقيرة من أب فقير أو مع زوج فقير، قليل ذات اليد، فهي تريد أن تنهج منهج أم المساكين، تعمل بيدها وتتصدق، وربما طبخت طعاماً وتصدقت، ولا يكون سعر الطبق خمس ريال، لكن الله -عز وجل- يمكن أن يضاعف هذا حتى يكون أكثر من المليون:مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ، هل المضاعفة تقتصر على السبعمائة؟ كلا؛ لأن الله قال بعد ذلك:وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء[البقرة: 261]، وهكذا..
هناك امرأة عندها مال ولكن ليس عندها علم، وهؤلاء كثيرات، في مثل المجتمعات الغنية كثيرات، عندهن مال وليس عندهن علم، فماذا تفعل؟ تخبط فيه خبط عشواء، في المعاصي، في الملابس العارية، في العباءات المزينة، في أنواع التحف التي على شكل صلبان وذوات الأرواح تملأ بيتها من الصور التي تطرد الملائكة طرداً، وتخرجها إخراجاً من بيتها، فلا بركة ولا رحمة في هذا البيت، وتنفق مالها في شراء الملهيات المحرمة، تنفق مالها في ربما الصد عن سبيل الله.
ومن النساء من لا يكون عندها مال ولا عندها علم، فهذه بأسوأ المنازل، تقول: لو أن لي مال فلانة لعملت بعملها، ولكن من جهلها وسوءها تتمنى مثل مال فلانة العاصية، فهي في الوزر مثلها، وهكذا الناس يعطون على نياتهم وعلى أقوالهم.
والله -عز وجل- قد فاوت بين الناس في الأرزاق، ولذلك ينبغي على المرأة المسلمة أن ترضى بما قسم الله لها، هذه امرأة زوجها راتبه ألفين لا يكاد يفي بحاجة البيت، هذه زوجة راتب زوجها عشر آلاف وربما هي تستلم عشرة أخرى؛ لأنها قد صار لها عشر سنين في التدريس، فهذا بيت موسع عليه، وهذا بيت متوسط، وهذه زوجها ليس عنده عمل، طرد من عمله ولم يجد عملاً، وهذه تزوجت إنساناً على أمل أنه سيكون شخصاً غنياً فإذا به شخص مسكين، وشهادته غير معترف بها، والعمل بسيط، وتارة يعمل، وتارة لا يعمل، ما هو الحل بالنسبة للمرأة في هذه الحالة؟
القناعة -أيتها الأخوات- والصبر، والنبي ﷺ أخبر أن من الناس من هو موسع عليه في الدنيا والآخرة، ومن الناس من هو موسع له في الدنيا مقتور عليه في الآخرة، ومن الناس من هو مقتور عليه في الدنيا موسع له في الآخرة، ومن الناس من هو شقي في الدنيا وفي الآخرة [رواه أحمد: 19035، وقال محققو المسند: "إسناده حسن"] -نسأل الله السلامة والعافية-.
أنواع النساء من حيث السنة والبدعة
وأقسام النساء في قضية الدِين والدنيا أيضاً في مسألة البدع والسنن، من النساء من تكون صاحبة دين فاسد؛ مثل التي تقع في الشرك والبدعة، تتدين بما لم يشرعه الله من أنواع العبادات المحرمة، فربما تتوسل بولي، وتقول كلاماً شركياً في دعائها، وحتى في لعب الأطفال تقول: سيدي محمد البغدادي الذي يختار لها يختار الأحسن، ومع قول حادي بادي، فتتسلل هذه البدع وهذه الشركيات، وتوزع وصية أحمد حامل المفاتيح، والوصية المزعومة المنسوبة لفاطمة توزعها ثلاث عشرة مرة، وتأخذ من كتب غير موثوقة ككتاب الدعاء المستجاب المليء بالأحاديث الضعيفة والموضوعة كدعاء يوم السبت ودعاء يوم الأحد ودعاء يوم الاثنين، وغير ذلك، وتقول: هذه الصلاة النارية، وهذا المولد النبوي، وهذه يا لطيف أربع آلاف وأربعمائة وأربع وأربعين مرة، وهذه قصيدة البوصيري التي تقرأ في الموالد وفيها الشرك الأكبر والأصغر، فمن النساء من ربما فعلاً عندها فساد في الدين وبدعة، والله -عز وجل- لا يقبل البدع:من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد [رواه مسلم: 1718].
ومنهن من تكون على السنة والإسلام الصحيح تتمسك بالكتاب العزيز، وترغب في سنة النبي، وليس عن سنة النبي ﷺ، وتقول: الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ[الأعراف: 43].
أنوع النساء من حيث المحبة والقدرة
ومن النساء أيضاً في قضية المحبة والقدرة من تكون عندها قوة ومحبة لله، قوة يعني في عمل الخير، فهي طالبة علم، عندها حافظة، عندها حسن إلقاء، عندها فهم، تستطيع أن تحفظ وتفهم، وتسمع المتون المشروحة، وتنصت فتسبق المعلومات إلى ذهنها، وتتسابق هذه المعلومات فتخزن في مكان قل ما تنساه، هذه الله -عز وجل- أعطاها قوة، أعطاها قدرة مع محبتها لله، وكذلك في الدعوة فهي صاحبة همة في الدعوة، ونصح، وعندها قدرة على جذب القلوب، ولفت هذه النفوس إليها، والالتفاف عليها، وعندها حسن معاملة، وعندها كلام طيب، هذه قدرات، الله -عز وجل- فاوت بين الناس فيها، فلذلك يوجد حولها بنات للجيران يدرسن عندها الدين، وبنات في المدرسة يحببنها أيضاً، ويأخذن عنها العلم والالتزام بالإسلام، وكذلك لها مجلس في العائلة، وهي من خلال هذا المجلس النسوي في العائلة تثبت علماً كثيراً غزيراً، وتبث دعوة صالحة تصلح بها البيوت بإذن الله -سبحانه وتعالى-.
من النساء من عندها محبة لله لكن إرادتها ضعيفة، أو قدراتها ضعيفة، لا عندها قدرة على الإلقاء، أو قدرة على الحفظ مثلاً.
فأنا أقول لهؤلاء النوع من النساء: إنه يجب أولاً أن لا نستسلم؛ لأن القدرات قابلة للتغيير، والكفرة عندهم دورات تدريبية يجعلون من الشخص الذي لا يعرف الإلقاء خطيباً ناجحاً، ويجعلون من الشخص الذي لا يعرف الحوار محاوراً جيداً، ويصنعون من الشخص الذي لا يعرف الإدارة مديراً تنفيذياً قوياً، وهكذا الأشياء قابلة للتغيير، القدرات قابلة للاستكشاف، وهذه القدرات قابلة للزيادة، نحن نحتاج إلى زيادة في القدرات، خصوصاً مع استشراء الفساد، وكثرة الجهل، نحتاج إلى قدرات عند النساء، قدرات إعلامية، قدرات علمية، قدرات دعوية، قدرات كتابية، نحتاج إلى قدرات فنية كذلك، في الكمبيوتر مثلاً، والدعوة من خلاله، وعمل البرامج النافعة، وهذا شيء سيكثر مستقبلاً، هذا المتوقع أنه سيكون كثيراً، وتدريب بعض البنات أو النساء على برامج تصميم إلكتروني، أو على برامج التخزين والضغط على البرمجة نفسها، البرمجة هذه سيكون لها أثر، وربما تبدع بعضهن إبداعات عظيمة في أشياء، نحن نحتاج إلى مقالات صحفية للرد على أعداء الإسلام وعدوات هذا الدين اللاتي ينشرن الفساد والتحرر، ومشابهة الغرب، ويقمن بالدعوة إلى الملل المنحلة، والمذاهب الفاسدة.
ولكن لنفترض أن هناك امرأة مسلمة ليس عندها قدرة كبيرة في جانب معين، لكنها تحب الله ورسوله، هل ممكن أن تبلغ منزلة عالية مع عجزها؟
الجواب: إذا بذلت ما تستطيع، فإن الله بحسن نيتها ينزلها منزلة الفاعلة في الأجر، وهذه قاعدة نص عليها شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- إن الله ينزل العبد العاجز منزلة الفاعل التام في الأجر إذا بذل ما يستطيع، وكانت نيته حسنة.
إذًا، بذل المقدور مع النية الحسنة ممكن أن يجعل الإنسان في درجة عالية عند الله، قال ﷺ:إن بالمدينة لرجالاً ما سرتم مسيراً، ولا سلكتم وادياً إلا كانوا معكم، قالوا: وهم بالمدينة؟ قال:وهم بالمدينة، خرج الجيش للجهاد وبقي أناس معذورون في المدينة، قال ﷺ: إن بالمدينة لرجالاً ما سرتم مسيراً ولا سلكتم وادياً إلا كانوا معكم ، قالوا: وهم بالمدينة، قال: وهم بالمدينة ، لماذا؟ قال: حبسهم العذر [رواه البخاري: 4423].
والمرأة لو كانت ضعيفة، لو قالت: أنا كبيرة في السن أنا عاجزة مثلي ماذا يفعل؟ أنا عمري سبعين سنة لا أقرأ لا أكتب، لا كمبيوتر لا خطابة لا قدرة على الدعوة فاتني القطار.
نقول: النبي ﷺ قال في الحديث الذي رواه البخاري: هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم [رواه البخاري: 2896] بأي شيء؟ يا أيتها المرأة الكبيرة والمسنة والعجوز والضعيفة والعاجزة بأي شيء؟ قال ﷺ: بدعائهم وصلواتهم واستغفارهم .
إذًا، ممكن هذه المرأة الكبيرة الضعيفة العاجزة ممكن بدعائها، هذه امرأة لا تحسن إلا طهارة وصلاة ودعاء وذكر لله، نقول: هذا باب عظيم من أبواب الأجر، وأنت تستقلين ذلك، وإذا عكفت عليه وكنت عابدة، وهذه مريم -عليها السلام-: اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ [آل عمران: 43]، هذا عملها اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي ، كانت عابدة، وهذه تدعو للدعاة، وتدعو للمجاهدين، هذه امرأة تقول: أنا فقيرة عجوز ماذا أسوي في الجهاد، أنا أقوم الليل وأدعي للمجاهدين؟
نقول: نسأل الله أن يجزيك الخير كله، وهل تنصرون إلا بضعفائكم بدعائهم وصلواتهم واستغفارهم؟.
وأسوأ الأنواع المرأة التي ليس عندها لا محبة لله ولا قدرة، فهذه بأسوأ المراتب.
أنواع النساء من حيث الغضب
وأنواع في مسألة الغضب: الغضب للرب، والغضب للنفس، النساء إذا تأملنا نحن الواقع الآن في أحوالهن مع بعضهن سواء كن مدرسات أو طالبات أو جارات أو ضرائر يقع بينهن من جراء الاحتكاك ما يقع من الأخطاء في المعاملة، أو أشياء تدعو إلى الغضب كما أسلفنا أو إلى المقابلة بالإساءة، والمرأة لا تخلو ممن يغضبها، ويثير أعصابها، ويستفزها، من مواقف في عرس، في حفلة، في زواج، مع جيران، في وظيفة، في مدرسة، حتى على الهاتف أحياناً تقع مواقف تثير الأعصاب.
والكيد بين النساء شديد، والله -عز وجل- استعظمه، فقال: إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ [يوسف: 28]، ولم ينكر سبحانه وتعالى ذلك، ونقل لنا المقولة في كتابه: إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ، هذا الكيد من المرأة للمرأة ألا يؤدي إلى الغضب؟
بلى إنه يؤدي إلى الغضب، لكن الغضب يكون لأشياء شخصية، ويكون لأشياء شرعية، يعني المرأة ممكن ترى أمامها أحياناً امرأة أخرى لابسة لباساً شفافاً، والملابس الداخلية ظاهرة، بل إن تقاطيع العورة ظاهرة أيضاً من خلال هذه الملابس الضيقة السيئة جداً، فهل يا ترى السؤال تغضب لربها إذا رأت هذه المناظر كما تغضب لمن دعست على قدمها عمداً أو لمن قالت لها: يا عبيطة يا غبية أنت لا تفهمين؟ إذا سمعت أمامها منكراً أو كفراً أو شيئاً؟ إذا سمعت من يقسم بغير الله؟ إذا سمعت أي عبارة من عبارات الشرك أو الكفر أو البدعة أو المنكر؟ إذا رأت منكراً أمامها؟
المشكلة أننا أحياناً نثور لأنفسنا أكثر مما نثور للدين، المشكلة أحياناً أن يوجد أيضاً عند النساء من تثور لنفسها وتنتقم لنفسها، ولا تفكر بالانتقام لله ورسوله، ولذلك النساء في هذا المقام أربعة أقسام: من تغضب لربها، ولا تغضب لنفسها، وهذه أعلى المراتب، وهذه منزلة النبي ﷺ، لربه ينتقم ويقتل ويضرب، وفي سبيل الله وفي الجهاد وفي المعارك، ولكن لنفسه لا ينتقم، هذه أخلاق الأنبياء، ينتقم لله، إذا انتهكت حدود الله، انتهكت حرمات الله، ويحمر وجهه، ويعلو صوته، ويقول: أتشفع في حد من حدود الله؟ ، ويقول: أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله؟ ، ويقول: يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيضعها في يديه للرجل الذي لبس خاتماً من ذهب؟
ويصعد المنبر ويقول: أفلا قعد في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى إليه أم لا؟ ، في ذلك الذي أخذ الزكاة وأخذ هدايا، وقد أرسله النبي ﷺ عاملاً من عمال بيت المال ليس له حق في أموال الناس، ولا يقبل هدايا، الموظف ما يقبل هدايا من الناس، موظف الدولة، موظف الشركة، لا يقبل هدايا من الناس.
المهم أن من النساء من تنتقم لنفسها لا تنتقم لربها، وهذه أسوأ المراتب، فهي إذا ديس على شيء من عزتها المزعومة، أو مست كرامتها بشيء بسيط ثارت ثورة كبيرة، وإذا خاصمت فجرت، والصاع ترده بعشرة، ومنهن من تنتقم لله، لكن لا تنتقم لنفسها، وهذه أحسن المراتب.
ومنهن من تنتقم لله وتنتقم لنفسها، وهذا يحسب يوم القيامة، يحسب ما خانوك وكذبوك وعصوك وعقابك إياهم، النبي ﷺ لما جاءه رجل قال: أنا عندي عبيد يغشونني يسرقونني يظلمونني وأنا أضربهم وأعقابهم؟ قال: يحسب ما خانوك وكذبوك وعصوك وعقابك إياهم، عند الله ميزان، ميزان عدل دقيق، لا يخطئ، فيحسب العقاب الذي عاقبته، والأخطاء التي أخطئوا عليك، وهكذا أنتِ، فانتبهي -يا أمة الله-.
من النساء من تنتصر لنفسها ولربها، وهذه فيها دين وغضب.
ومنهن لا تنتصر لا لنفسها ولا لربها، وهذه فيها جهل وضعف، فهي جبانة وهي أيضاً ليست بصاحبة دين، ما يتحرك فيها شيء إذا رأت منكراً، ما عندها حمية لله ولرسوله ودينه، ولا عندها غيرة على الأحكام الشرعية.
ومنهن من تنتقم لنفسها ولا تنتقم لربها، وهذه امرأة سيئة يحركها الشيء الشخصي ولا يحركها الشيء الشرعي.
والكامل الذي ينتصر لله ويعفو عن حقه، المرأة الكاملة التي تنتصر لحق الله وتعفو عن حقها، وتسامح مع القدرة على الانتقام.
أنواع النساء من حيث الحكمة
المرأة في الحكمة أنواع، والحكمة خلق عظيم، من النساء من هي حكيمة، حكيمة في التصرف مع زوجها، حكيمة في التصرف مع أهلها، حكيمة في التصرف مع أولادها، حكيمة في التصرف مع أخواتها.
من حكمتها مثلاً: أنها لا تخسر الشخصيات، وهذا الحكمة موضوع كبير، لكنني سأقتصر في الحديث فقط عن هذه النقطة: الحكمة في عدم فقد الشخصيات، يعني الزوج مثلاً تحسن التبعل والمعاملة، ولذلك لا تخسر زوجها، إن معاملتها معه تجذب الزوج ولا تخسره، وحتى لو الخطأ من الزوج أو ما منها خطأ، يعني الله ضرب لنا مثلاً في القرآن الكريم سنتعرض له: امرأة يعني كبرت في السن ما فيها عيب، الرجل لما شاف المرأة كبرت في السن أراد امرأة صغيرة، فكر أن يطلق التي عنده ليتزوج الصغيرة، هذه قالت: ماذا في؟ هل في اعوجاج؟ هل ظلمتك؟ هل قسوت عليك؟ هل قصرت في كي ثوبك وطبخ طعامك وكنس بيتك والعناية بولدك؟ قال: لا، كل شيء فيكِ تمام، لكن أنا أريد امرأة صغيرة في السن، أنت الآن في الخمسينات وأنا أريد امرأة في العشرينات -طيب- استشفت أنه يريد أن يطلقها، فبالحكمة قالت: يا رجل أنت الآن لماذا تريد أن تطلقني؟ قال: لأنني أريد أن أتزوج امرأة صغيرة أعيش معها يومياً، ولا أطيق أن آتي يوماً هنا ويوماً هنا، قالت: يا رجل ما بيننا من العيش والملح أكبر من هذا، وأنا سأسامحك في حقي، وبدلاً من أن تطلقني أمسكني، وأهب يومي لزوجتك الجديدة، وإن شئت أن تأتيني يوماً في الأسبوع أو يومين أنا مسامحة، أنت تريد أن تطلقني لماذا؟ قال: أنا أريد أن أتزوج امرأة أخرى ولا عندي قدرة على أن أفتح بيتين وأنفق عليهما، قالت: يا رجل ما بيني وبينك من العشرة والعيش والملح أكبر من هذا، أنا امرأة موظفة أنا أتكفل ببيتي، وأنا أنفق على بيتي، أمسكني ولا تطلقني، ويبقى الأولاد معنا جمعياً، ويحسون أن لهم أباً وأماً، وتعال متى ما أردت، -طبعاً- ممكن الآن تقفز بعض النساء من الكراسي، وتقول: يا شيخ أنت تتحدث الآن وتوجه النساء إلى هذا، وتارك الرجل الذي يقول هذا الكلام الذي فيه وفيه؟
نقول: طيب إنني الآن لا أتحدث إلى رجال، وإنما أتحدث إلى النساء، الحكمة ليست كلها في هذه القصة، الحكمة مسألة طويلة وقصة عريضة، لكن قصدت الإشارة إلى آية في كتاب الله: وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا ، وكثير من النساء لا يعرفن هذه الآية، ولا يعرفن تفسيرها، إِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا أن الرجل الآن يتركها ويطلقها، فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ [النساء: 128] الصلح مثل ماذا؟ يعني ما معنى الصلح الذي ذكره الله؟ أن تتنازل له عن شيء من المهر أو شيء من النفقة أو شيء من المبيت كما قدمنا، الصلح خير يعني خير من ماذا؟ قال المفسرون: الصلح خير من الطلاق مثلاً، فتتنازل عن شيء من حقها لأجل أن يبقيها بدلاً من أن يطلقها ويتشرد الأولاد، امرأة حكيمة، هذه حكمة، الموازنة بين المصالح والمفاسد، وتقدير الأمور من العقل والحكمة، المرأة تحتاج إلى حكمة ينبغي نشر قضية الحكمة بين النساء، هذه امرأة مثلاً ما خسرت، كان ممكن تخسر زوجها لكن بحكمتها ما خسرت.
مثلاً بعض النساء تريد أن أولادها يكونون بارين تماماً بها، وإذا نقص البر قامت عليهم، وقالت: غضبي عليكم إلي يوم الدين، غضبت عليك إلى يوم الدين، غضبت عليكِ إلى يوم الدين، يا تفعل كذا وإلا أنا غاضب عليك إلى يوم الدين؟
-طيب- أول مرة فهمنا الولد اتعظ، البنت اتعظت أطاعت أمر الأم، أطاع أمر أمه، نفذ لها ما تريد، نزل على رأيها، فعل ما رغبته.
-طيب- ثاني مرة: وأنت عاص وأنا غاضبة عليك إلى يوم الدين؟ يا أمي كذا مصلحتي هذا علي ضرر كذا؟ لا، أنا سوف أغضب عليك، وأدعي عليك في الليل وفي النهار، وأن الله يجعلك فقيراً مريضاً، أذعن عن كراهية.
المرة الثالثة أذعن بعد تردد طويل.
المرة الرابعة قال: اغضبي من هنا إلى يوم الدين، أيش أسوي لك أنت وهذا الشيء الذي تهددين به؟
هذه امرأة ما فيها حكمة، من هذه الجهة خسرت الولد، الولد ترك البيت ومشى، وبعد ذلك ماذا استفادت؟ فلذلك قضية عدم خسارة الأولاد والبنات، ممكن المرأة تصبر أحياناً، الأم تصبر على خلل في البر، وعلى نقص في الطاعة من أجل أن يبقى معها الولد بجانبها، والبنت بجانبها تتألف القلب، تألفوا قلوبهما.
كذلك الأخت في الله من الحكمة ما تخسر أختها، تعارضتا في رأي نفعل كذا في المركز، لا، نفعل كذا، نفعل كذا في الحفلة، لا نفعل، الطبق الخيري نفعل بالطريقة هذه، لا نفعل بالطريقة هذه، نضع رسوماً ما نضع رسوماً، الرسوم خمسة وإلا عشرة، خمسة قليل، عشرة كثير، نقاشات.
-طيب- ممكن بعض الأخوات تكسب الموقف، يعني تكون صاحبة لسان، وصاحبة حجة، وصاحبة قوة، وتحرج الشخصية الأخرى، تحرجها وتسكتها وترد عليها وتفحمها، هي كسبت موقفاً لكن خسرت شخصية، ولذلك القاعدة في الدعوة تقول: "كسب الشخصيات أهم من كسب المواقف بشرط عدم التنازل عن المبادئ"، ما نفعل حراماً أو نترك واجباً، هذه لها حكمة.
ومن النساء ما عندها حكمة فتفقد الزوج، وتفقد الولد، وتفقد البنت، وتفقد الصديقة، وتفقد الأخوات في الله، وتفقد الجارة، وتفقد الضرة، وتفقد.. تستجلب عداوات، ما في أكثر من أعدائها في البلد، لا تركت أحداً من شرها، ولا عافته في حاله، ولذلك الحكمة مهمة، والحكمة خلق عظيم.
والمرأة في ملك اللسان أنواع: من النساء من تمسك لسانها وتحفظ لسانها، وتطبق حديث معاذ: وأمسك عليك لسانك ، وكلام ابن مسعود وأبي بكر: "وليس شيء أحق بطول سجن من اللسان"، وهو أسرع الأعضاء حركة، وهذا العضو الذي لا يتعب مهما تحرك اللسان لا يتعب، يتعب الحلق والحنجرة تتعب، ولا يتعب اللسان.
-طيب- اللسان هذا يورد المهالك، يفقد العلاقات، يسبب عداوات، ويورد المهالك والدركات في النار، من النساء من تمسك لسانها، إذا دعاها الشيطان لغيبة نميمة أمسكت لسانها.
ومنهن تطلق لسانها في كل أحد، من النساء من تمسك لسانها لا تذيع أسرار الغير، هذه مشكلة في المجتمع الآن قضية إذاعة الأسرار، تطلع المرأة على سر أختها وسر جارتها، وسر قريبتها، فإذا بالخبر انتشر مع أنها استكتمتها: وأحلفك بالله ما تقولي، بالله عليك، بالله يبقى سر فيما بيننا؟ وإذا به ينتشر، من النساء من هي وكالة أنباء من غير مكتب، وهذا كثير في النساء:وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ[يوسف: 30]، انتشر الخبر وكانت أنباء عاجلة جداً، وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ [يوسف: 30]، بغض النظر عن الخبر المنقول، وصحة الخبر المنقول، وإن الخبر المنقول عن ظالم وإلا عن مظلوم، لكن الشاهد السرعة، وقد ابتلانا الله بجوالات وهواتف زاد من نشر الكلام بين النساء، ولذلك لا بد للمرأة أن تضبط لسانها، وتمسك نفسها، وأنها فعلاً تفكر في عواقب الأمور، هو الواحد إذا لم يفكر في عواقب الأمور افترى لسانه، وافترى في الخلق.
أنواع النساء من حيث الرجوع للحق
في مسألة الرجوع للحق مثلاً النساء أنواع: منهن من هي راجعة إلى الحق دائماً، إذا ذكرت بالله ذكرت، وإذا ذكرت بخطئها اعترفت، وهكذا..
ومنهن من هي مصرة على الباطل دائماً رأيها هو الصواب، وكلامها هو الصحيح، وما قالته لا يأتيه الباطل، سبحان الله! ذاك كتاب الله: لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ [فصلت: 42]، لكن بعض النساء تأخذها العزة بالإثم، لا تعترف أبداً، لا تعترف مطلقاً مهما نوقشت، مهما حوسبت، مهما بين لها، مهما تعددت الآراء، وتكاثرت من أخواتها في الله مصرة مصرة، لكن يعني تلك امرأة العزيز التي ورد ذكرها لها موقف، على أية حال هي لها مواقف سيئة في القصة، لكن الحق يقال أيضاً ولها مواقف طيبة قيل: إنها تابت، قيل: إنها أسلمت الله أعلم: قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ [يوسف: 51]، أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ اعترفت، والآن بعض النساء ربما تفعل معصية أو جريمة وترمي بها امرأة بريئة، فلا تكتفي بأنها تفعل الجريمة، لكن ترمي بها امرأة بريئة: وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ [النساء: 112] هذا ارتكب بهتاناً، هذا عصى وأتى بإثم عظيم، ولذلك فينبغي على المرأة المسلمة أن تكون راجعة إلى الحق.
بعض النساء أحياناً تعترف ببعض الأشياء، ولا تعترف ببعض الأشياء، تناقش في مشكلة عملتها تعترف بجزء من القصة، وتنكر جزءًا آخر، لماذا؟ اعترفي بالحق كله، هذا يرفعك في أعين الناس، الاعتراف يرفع الإنسان، الاعتراف بالحق من التواضع.
أنواع النساء من حيث العلو والفساد
أيتها الأخوات: أيضاً هناك في مسألة العلو والفساد النساء فيها أقسام: من النساء من تريد العلو على الناس والفساد في الأرض، وهذه معصية الرؤساء المفسدين كفرعون وحزبه، وهؤلاء هم شرار الخلق عند الله، إذا تولت إدارة مدرسة، إدارة قطاع مؤسسة، مكتباً، شيئاً من الأشياء، استعلت وأفسدت، يعني تكبرت على الحاضرات وعلى من حولها، واستعملت المنصب في الإفساد، فتنشر الشر، وتدعو إلى الرذيلة، وتؤلب الأطراف على بعضها، وتوقع بين النساء، وتجعلهن شيعاً وأحزاباً، يتقاتلن أمامها، تفعل هذا الفعل كثير من المديرات، تفرق بين من عندها، وتنقل كلام هذه لهذه وهذه لهذه، وتوقع بينهن، وتجعل هذه عيناً على هذه، وهذه جاسوسة على هذه، لنقل الأخبار والأحوال، وهكذا.. هذا بالإضافة إلى أنها ترى نفسها كل شيء، ولا ترى الناس شيئاً، وتتبختر في مشيتها، وتتباهى بفستانها، وهكذا.. فهذه تريد علواً في الأرض وفساداً على مذهب فرعون.
ومن النساء من تريد الفساد بلا علو؛ مثل السراق والمجرمين، وهؤلاء المشتغلات بأنواع الفساد والإفساد -نسأل الله السلامة والعافية- من سفلة النساء اللاتي ربما تكون جارّة إلى الرذيلة، فهي قد لا تكون متكبرة لكنها تنشر الفساد في البلد، وتدل على الشر، وتدل على الرذيلة، وربما تأخذ مالاً على ذلك، وربما تفتح بيتاً للبغاء -والعياذ بالله-، وهذا شر عظيم، وفساد مستطير.
ومن النساء من تريد علواً بلا فساد، فعندها المهم أن تأتي الطالبات يبجلنها، يقبلن رأسها، ويقبلن يديها ويكرمنها: وشيختي، وفلانة،وتريد إذا راحت مكانا أن يقام لها من المكان، وتعظم بالألقاب الفخمة، وهكذا.. فهي عندها مشكلة، عندها مرض نفسي، عقدة نفسية، قضية الاستعلاء، ولو كانت صاحبة دين، يعني ممكن تروح في رمضان للحرم، وتصوم الاثنين والخميس، وأيام البيض، وقيام الليل، وكل يوم تقرأ جزءاً من القرآن، تختم في شهر، أو تعوض الذي فاتها في أيام الحيض، عندها عبادة، لكن الكبر موجود، احتقار الآخرين موجود.
وأما النساء اللاتي لا يردن علواً في الأرض ولا فساداً، وإنما يرون العلو بالمنهج والدين والعزة:وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ[آل عمران: 139]، هؤلاء النساء اللاتي نبحث عنهن، في وضعهن في المواضع التي تصلح المجتمع، وخصوصاً المجتمع النسائي، ويجب أن يتبوأ المناصب في المراكز النسائية هذا النوع من النساء، يجب البحث عنهن، من هي المرأة التي لا تريد علواً ولا فساداً؟ صاحبة العلم والدعوة والمنهج، علوها بمنهجها، علوها بعلمها، وليس علوها هو تكبرها على الأخريات.
أنواع النساء من حيث المخالطة
ثم إن النساء كذلك في قضية المخالطة أقسام: فمن النساء -أيتها الأخت- من إذا خالطتيها مثل الداء، مرض، ومنهن مثل الغذاء لا يستغنى عنها في اليوم والليلة، ومنهن مثل الدواء كالطبيبة.
إذًا أنت لا بد أن تنظري في هذا الواقع من حولك النساء اللاتي مخالطتهن كالغذاء الداعيات الفاضلات المعلمات المربيات القدوات، هذه أعز من الكبريت الأحمر، هؤلاء قلة ندرة -نسأل الله أن يكثرهن-، ابن القيم قال: "إذا ادلهمت الخطوب فزعنا إلى ابن تيمية" ما هو إلا أن نسمع كلامه، ونراه ونجلس إليه، يذهب ما بنا"، أين النساء من هذا النوع؟ يثبتن غيرهن.
وهناك من النساء مخالطتها كالدواء يحتاج إليه عند المرض، لا يحتاج إليها دائماً، لكن عند المرض، عند الحاجة يعني مثل الطبيبة عند الحاجة.
ولكن من النساء من مخالطتهن كالداء كالمرض المعدي الجرب الذي يفسد، يفسد المخالط لهن.
وربما يكون من النساء من هي ثقيلة دم، بمعنى أنها كما قال أحد العلماء في قضية الثقيل: الابتلاء به مصيبة، ولكن أحياناً يعني لا بد للمرأة منه، وإن من نكد الدنيا على المرء أن يرى عدواً ما له من صداقته بد، إن من نكد الدنيا على المرأة أن ترى عدوة ما لها من صداقتها بد، مثل ما يحدث أحياناً بين زوجة الابن وأم الزوج، الحماة والكنة، عدواً ما لها من صداقتها بد، وربما تراها ثقيلة ولكن ما الحل؟ هي إن طلعت وإن نزلت فهي أم زوجها وجدة أولادها، ولا يمكن التخلص منها.
وبالمناسبة الزعم بأن هذه عداوة لا بد منها، وأنها مستحكمة، وأن لازم كل أسرة فيها مشاكل بسبب القضية هذه غير صحيح؛ لأننا أحياناً نعطي انطباعاً من خلال العادات الاجتماعية كأنها مشكلة ليس لها حل، غير صحيح، هي مظنة المشاكل، نعم، لماذا؟ اشتراك في شيء واحد، هذه أمه، وهذه زوجته، هذه تريده من جهة، وهذه تريده من جهة أخرى، هذه أمه تقول: خذني للسوق، وزوجته تقول: خذني للسوق، أمه تقول: اشتر لي، وهذه تقول: اشتر لي، أمه تقول: تعال اجلس معي واسهر معي، والزوجة تقول: تعال اسهر معي أنا أولى، الاشتراك في شيء واحد، غيرة، فعداوة، فظلم واعتداء، لكن هل هذه المشكلة غير قابلة للحل؟
وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا [الطلاق: 2]، وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ [الإسراء: 53].
إذًا، ممكن لها حل بهذه الآيات: الصبر والتقوى، وقول التي هي أحسن.
الحل لمشكلة: الكنة والحماة من كتاب الله: الصبر والتقوى، وقول التي هي أحسن، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ [الإسراء: 53]، كما قلت قبل قليل عن الحكمة، المرأة الأم يعني لا تشد الابن إليها حتى يتمرد في النهاية، والزوجة لا تشد زوجها إليها حتى تكتسب عداوة أمه، وربما تفقده في النهاية، لا بد من التوسط في الأمور، وإعطاء كل ذي حق حقه.
أنواع النساء من حيث الدعوة
وأخيراً: فإن النساء أنواع في الدعوة والدعاة؛ فمنهن من تدعو إلى الفساد، فهذه سقف الفساد، وهذه فسادها عريض، وهذا تعريض ببعض أهل الفساد من النساء، وخصوصاً الكاتبات في الصحف، فمنهن من تدعو إلى الفساد، وتكتب في التحرر، وتكتب في نشر الرذيلة، وهكذا..
ومنهن من هي داعية أو داعمة لداعية، أين خديجة من امرأة نوح وامرأة لوط؟ هذه في واد، وهذه في واد، خديجة تقول: "والله لا يخزيك الله أبداً"، وهذه تدل قومها على الضيوف لفعل الفاحشة بهم، أو تدل قومها على من أسلم حديثاً ليأخذوهم ويفتنوهم عن دينهم، هذه الخيانة.
إذًا، النساء أنواع هذه تدعم الدعوة، وهذه تدعو إلى الفساد، هذه تنشر الخير، وهذه تنشر الشر، ولذلك ينبغي على النساء أن يكن ناشرات للخير، كافات عن الشر.
وبالنسبة للأزواج:وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ[الأحزاب: 34] هذه امرأة زوجها شيخ، عالم، طالب علم، وتلك مسكينة مبتلاة زوجها فاسق عاص ديوث يتفرج على الأفلام الخليعة، بل يدعوها للتفرج على الأفلام الخليعة، هذه ما حالها؟ مسكينة، وإذا كان زوجها كافراً مرتداً تاركاً للصلاة، مغلقاً عليها الباب، تريد أن تذهب إلى أهلها أبوها قال: ما لي شغل فيك أنت وعيالك ارجعي لزوجك؟ تقول: زوجي مرتد، ما يصلي أبداً، يسب الدين، يقول: ما لي دخل ما أتحمل مسؤوليتك؟
وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي يعني الخلاصة هذه مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ ، زوجي كافر وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [التحريم: 11].
وهكذا في دعاء لله حتى تنفرج الغمة، وتنكشف الكربة، ويحصل الفرج من الله -عز وجل-.
وأحياناً الفرج يكون بالموت، وأحياناً يكون قبل الموت، والإنسان عليه أن يعبر هذه الحياة على ما يرضي الرب -سبحانه وتعالى-.
أسأل الله -عز وجل- أن يجعلني وإياكن من الذين يقولون الحق وبه يعدلون، وأن نكون ممن أقامهم على منابر من نور عن يمينه يوم الدين، وأن يجعلني وإياكن من الذين يدخلون جنات النعيم بغير حساب، ويرزقنا الفردوس الأعلى، وأن يسددنا ويثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأن يجعل لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، وأن يهبنا للمحسنين، إنه أكرم الأكرمين، وأرحم الراحمين.