الأربعاء 16 شوّال 1445 هـ :: 24 أبريل 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

36- ما جاء في عبادة رسول الله ﷺ 3


الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فقد قال المصنّف -رحمه الله- في كتابه الشمائل المحمدية: باب ما جاء في عبادة رسول الله ﷺ:

عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "قام رسول الله ﷺ بآية من القرآن ليلة"، رواه الترمذي، وقال: حسن غريب. [رواه الترمذي: 448، وصححه الألباني في مختصر الشمائل: 233]. 

"وقام بآية من القرآن"، يعني: أحيا كل الليل بهذه الآية، واستمر يكررها في صلاته، فلم يقرأ في صلاته بغيرها، وهذه الآية هي قول الله تعالى: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [المائدة: 118].

وقد جاء ذلك في سنن ابن ماجه، عن النبي ﷺ قام بآية حتى أصبح يرددها، والآية: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ... ، وداوم على تكريرها، والتفكر في معانيها؛ حتى أصبح لما اعتراه عند قراءتها من الهول صار في حال من التأمل والتدبر في هذه الآية ما أشغله عن قراءة غيرها، فبقي يرددها حتى أصبح.

وهذه الآية أصلاً عن عيسى حكاية، يعني أن تعذب هؤلاء الذين قالوا هذه المقالة فإنهم عبادك مستسلمون لك، لا يمتنعون مما أردتَ بهم ولا يدفعون عن أمرهم ضرًا،  وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ : بهدايتهم إلى التوبة، فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ : في انتقامه لا يقدر أحد أن يدفعه، الْحَكِيمُ : في هدايته، فإذا هدى إليه من شاء من خلقه فلا يستطيع أحد أن يضله، وهذا يتضمن رد المشيئة إلى الله، فإنه الفعال لما يشاء، لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء: 23]، والآية فيها التبري من النصارى الذين كذبوا على الله وعلى رسوله، وجعلوا لله ندًا وصاحبة، وجعلوا لله ولدًا؛ تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا.

هذا الحديث يؤخذ منه: جواز تكرار الآية الواحدة طيلة قيام الليل، فإذن لو كررها مرتين أو ثلاث أو أكثر لا بأس، ولو قرأ قيام الليل كله بهذه الآية فلا بأس.

وعن عبد الله بن مسعود قال: "صلّيتُ ليلة مع رسول الله ﷺ فلم يزل قائمًا حتى هممتُ بأمر سوء"، هذا ابن مسعود يقول: "هممت بأمر سوء"، فقيل: وما هممت به؟ قال: "هممتُ أن أقعد وأدع النبي ﷺ" [رواه البخاري: 1135].

وقوله: "صلّيت ليلة مع رسول اللهﷺ" يعني: جماعة.

ففيه: جواز صلاة قيام الليل والنوافل جماعة؛ لكن هناك شرط، لو واحد قال: هل يستحب صلاة قيام الليل جماعة؟

فنقول في رمضان، أما في غير رمضان؟ قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "والاجتماع على صلاة النفل أحيانًا"؛ وحتى صلاة الضحى لا بأس، صلاة الضحى أن تُصلّى جماعة لا مانع، "والاجتماع على صلاة النفل أحيانًا مما تُستحب فيه الجماعة؛ إذا لم يُتخذ راتبة" [مختصر الفتاوى المصرية: 81]، يعني: إذا لم يكن شيئًا معتادًا، يعني يحصل أحيانًا، يحصل نادرًا، "وكذا إذا كان لمصلحة مثل أن لا يحسن أن يصلي وحده، أو لا ينشط وحده، فالجماعة أفضل إن لم تُتخذ راتبة"، يعني شيئًا مستمرًا دائمًا؛ لأنه لم ينقل الاجتماع في غير الفرائض إلا في رمضان في قيام الليل، هذا الذي داوموا عليه، أما غيره فلا يكون الاجتماع مداومًا عليه.

قال الشيخ ابن عثيمين: "صلاة النافلة جماعة أحيانًا لا بأس بها؛ لأن النبي ﷺ صلّى جماعة في أصحابه في بعض الليالي، فصلّى معه مرة عبد الله بن عباس، وصلّى معه مرة عبد الله بن مسعود، وصلّى معه مرة حذيفة بن اليمان -رضي الله عن الجميع-".

والحاصل: أنه لا بأس أن تُصلى بعض النوافل جماعة، ولكن لا تكون هذه سنة راتبة، كلما صلوا السنة صلوا جماعة، هذا غير مشروع، وكذلك إذا لم يحصل عن اتفاق مسبق مثلاً واحد قام يصلي الليل فقام واحد معه وانضم إليه، ولم يتخذوها أو لم يكن هذا عن اتفاق؛ كأن يقولوا يا شباب الليل اليوم قيام ليل جماعي أو جدول مثلاً، هذا قيام ليل جماعي، إذا لم يحصل عن اتفاق مسبق فلا يضر؛ لأن النبي ﷺ قام فقام معه ابن عباس انضم إليه، فلم ينكر عليه، ولم ينحه جانبًا أو يبعده، وإنما أذن له بالصلاة معه، فإذن، أشياء حصلت يعني بدون تخطيط مسبق، بدون اتفاق، هذه أشياء صارت نادرًا أحيانًا قليلاً من بعض المرات لمصلحة.

قوله: "فلم يزل قائمًا" يعني: أطال القيام جدًا، "حتى هممت بأمر سوء": قصدتُ ذلك وما هو؟ قال: أن أقعد وأترك النبي ﷺ يعني قائمًا، فأجلس أكمل صلاتي جالسًا وأتركه قائمًا.

وقيل المعنى: أن أتركه وأكمل الصلاة لوحدي ما أستطيع أن أكمل معه أصلاً.

والقول الثالث: أنه ينوي قطع القدوة، أن يقطع الاقتداء ليقطع الصلاة.

فإذن، قيل: يقطع الصلاة كلها، وقيل: يكمل الصلاة هو وحده ويترك النبي ﷺ يكمل وحده، وقيل: يصلي مع النبي ﷺ إلى آخر الصلاة، لكن هو جالس والنبي ﷺ قائم.

قال النووي -رحمه الله-: "واتفق العلماء على أنه إذا شقّ على المقتدي في فريضة أو نافلة القيام وعجز عنه، جاز له القعود، وإنما لم يقعد ابن مسعود للتأدُّب مع النبي ﷺ" [شرح النووي على مسلم: 6/63].

يعني نفترض مثلاً في صلاة التراويح واحد من المأمومين أصابه شيء؛ أصابه شد عضلي مفاجئ مثلاً، فاضطر للجلوس ما استطاع أن يكمل قائمًا، فلا بأس لا مانع يجلس يكمل الصلاة، به علة لمرض اشتد عليه، شيء من الألم، فجلس أثناء صلاة التراويح وصلى جالسًا مقتديًا بالإمام، لا مانع.

وقد اختلف الناس في القيام والسجود أيهما أفضل، يعني: في صلاة الليل الواحد يكثر من يطيل القيام أو يطيل السجود، أيهما أفضل القيام أم السجود؟

فرجحت طائفة أن القيام أفضل لقوله تعالى: وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة: 238]، وقول النبي ﷺ:  أفضل الصلاة طول القنوت [رواه مسلم: 164].

وقالت طائفة: السجود أفضل؛ واحتجوا بقول النبي ﷺ: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد [رواه مسلم: 482]، وحديث: ما من عبد يسجد لله سجدة إلا رفع الله له بها درجة وحطّ عنه بها خطيئة  [رواه ابن حبان: 1735، وصححه الألباني في التعليقات الحسان: 1732]، ولما قال ربيعة بن كعب الأسلمي: يا رسول الله أسألك مرافقتك في الجنة، قال: أعني على نفسك بكثرة السجود [رواه مسلم: 489].

وقال بعضهم: طول القيام في الليل أفضل، وكثرة الركوع والسجود في النهار أفضل، واحتجوا بأن النبي ﷺ كان يصلي الركعة بالبقرة وآل عمران والنساء، وبالنهار لم يحفظ عنه شيء من ذلك، بل كان يخفف السنن.

أين تظهر فائدة الخلاف هذا، لو سأل سائل فقال: هل الأفضل نكثر الركعات ونقصر القيام أو نقلل الركعات ونطول القيام؟ هذا البحث الآن هل الأفضل القيام أو السجود، يعني لو كان القيام أفضل فالواحد يطول القيام ولو قلّ عدد الركعات، إذا قل عدد الركعات سيقل الركوع والسجود، أم الأفضل يكثر الركوع والسجود يعني يكثر عدد الركعات ويقصر القيام في كل ركعة، هذا البحث.

فبعضهم انتهى إلى أن قيام الليل الأفضل فيه طول القيام، والنبيﷺ ما زاد على إحدى عشرة ركعة، لكن كان يطيل فيها، أما في النهار قالوا كثرة الركوع والسجود؛ لأنه ما نقل عنه أنه كان في النهار يصلي صلاة طويلة، غير الفرائض الآن نتحدث عن النوافل، عن النوافل، فلو واحد مثلاً يريد أن يصلي بين الظهر والعصر مثلاً، وآخر يريد يصلي في الضحى مثلاً، فقالوا هنا يكثر الركوع والسجود، والركوع والسجود فيها فضائل وميزات ومنها ما ورد أن العبد إذا ركع أو سجد وضعت عليه ذنوبه على ظهره، كلما أطال يعني في الركوع تساقطت ذنوبه وكفرها الله عنه.

قال ابن القيم -رحمه الله-: "قال شيخنا -يعني ابن تيمية- في هذه المسألة: الصواب أنهما سواء والقيام أفضل بذكره وهو القراءة، والسجود أفضل بهيئته" [زاد المعاد: 1/230]، يعني يقول ابن تيمية إن القيام أفضل من وجه، والسجود أفضل من وجه، يعني كل واحد له ميزة؛ فالقيام أفضل بماذا؟ لأن فيه قراءة قرآن، بالقراءة فيه صار له فضل، السجود أفضل بهيئته، لأن الواحد يضع أعلى شيء فيه في أدنى مكان لله رب العالمين، فهيئة الساجد فيها يعني خضوع وذل لله لا يوجد في القيام، فالسجود بهيئته أفضل، والقيام بقراءته أفضل، فهو يرى أن لكل واحد ميزة من جهة.

قال: "وذكر القيام أفضل من ذكر السجود": لاحظ الهيئة السجود أفضل، الذكر القيام أفضل، لأن القيام ماذا نقرأ فيه؟ قرآن، السجود أذكار، وهكذا كان هدْي رسول الله ﷺ، فإذا كان أطال القيام أطال الركوع والسجود كما فعل في صلاة الكسوف وفي صلاة الليل، وكان إذا خفف القيام خفف الركوع والسجود، وكذلك كان يفعل في الفرض كما قاله البراء بن عازب: "كان قيامه وركوعه وسجوده واعتداله قريبًا من السواء".

وقال الحافظ ابن حجر: "والذي يظهر أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال"، يعني هناك ناس يتلذذون بطول القيام ويحس نفسه أقرب إلى الله كلما أطال القيام وفي ناس يتلذذون بطول السجود، وكلما أطال السجود أحس أنه أقرب إلى الله وأخشع لقلبه، وأن قلبه مقبل على ربه، فلذلك يقول إن هذا يختلف باختلاف الأشخاص، كل واحد أدرى بقلبه، وما هو أخشع لنفسه.

ثم قال -رحمه الله-: عن عائشة: "أن النبيﷺ كان يصلي جالسًا فيقرأ وهو جالس فإذا بقي من قراءته قدر ما يكون ثلاثين أو أربعين آية، قام فقرأ وهو قائم، ثم ركع وسجد، ثم صنع في الركعة الثانية مثل ذلك". الحديث متفق عليه، رواه البخاري ومسلم.

وقوله: "كان يصلي جالسًا": هذا كان في آخر حياته ﷺ بعد ما كبر في السن، كما روى الشيخان عن عائشة -رضي الله عنها-: "أنها لم تر رسول الله ﷺ يصلي صلاة الليل قاعدًا قط حتى أسن" لما كبر بدأ يصلي جالسًا، من قبل ما صلى جالسًا، "فكان يقرأ قاعدًا حتى إذا أراد أن يركع قام فقرأ نحوًا من ثلاثين آية أو أربعين آية ثم ركع".

وروى مسلم عنها أنها قالت: "لما بدن رسول الله ﷺ وثقل كان أكثر صلاته جالسًا": والجلوس في الصلاة ليس له صورة مخصوصة لا تجزئ إلا عليها، بل تجزئ على صفات الجلوس، يعني لو واحد قال طيب الآن الذي سيصلي جالسًا كيف يجلس؟ في جلوس احتباء، في جلوس تربع، في جلوس قرفصاء، في جلوس تورك، في جلوس افتراش، فأي الجلسات يجلسها إذا صلى جالسًا، فليس هناك كيفية لا تجزئ الصلاة إلا بها في الجلوس، ولكن ورد ما يفيد أنه ﷺ صلى متربعًا، يعني في حال المرض مثلاً يصلي جالسًا كيف يجلس؟ يصلي متربعًا؛ يجلس كما تجلسون أنتم الآن متربعين، وقال القاضي عبد الوهاب: "وأفضلها التربع لأنه أوقر".

وقولها: "فإذا بقي من قراءته قدر ما يكون ثلاثين أو أربعين آية": فيه إشارة إلى أن الذي كان يقرأه أطول من هذا وأكثر، فهو كان يبدأ الصلاة جالسًا لما بدن وكبر في السن وثقل صار يصلي جالسًا، لكن قبل ما يركع بأربعين آية يقف ويقرأها واقفًا ثم يركع، فيعني كم آية يقرأ؟ يمكن أكثر من مائة في الركعة، لكن لما يبقى عليه ثلاثين أو أربعين يقوم فيقرأها واقفًا ثم يركع ليركع وهو في حال القيام.

قالت: "قام فقرأ وهو قائم ثم ركع وسجد": وفي هذا جواز القعود في أثناء النافلة ولو افتتحها قائمًا، كما يباح له أن يفتتحها قائمًا ثم يقعد، فإذًا ممكن يفتتحها قائمًا ويقعد، وممكن يفتتحها قاعدًا ويقوم، ولا فرق بين الحالتين خلافًا لمن منع ذلك.

قال النووي: "فيه جواز الركعة الواحدة بعضها من قيام وبعضها من قعود، وسواء قام ثم قعد، أو قعد ثم قام".

"ثم صنع في الركعة الثانية مثل ذلك" يعني: قرأ وهو جالس، "ثم قام وأتم قراءته ثم ركع وسجد": طيب بعض الناس عنده مثلاً آلام في الركبة، بعض الناس عنده ضعف في الساق مثلاً، بعض الناس قد يكون في كبر السن يشق عليه القيام، إذًا نقول لا تتركوا الصلاة يعني ولو شق عليك اجلس صل جالسًا.

وعن عبد الله بن شقيق قال: سألت عائشة عن صلاة رسول الله ﷺ وعن تطوعه فقالت: "كان يصلي ليلاً طويلاً قائمًا، وليلاً طويلاً قاعدًا، فإذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم، وإذا قرأ وهو جالس ركع وسجد وهو جالس"، وهذا حديث صحيح قد رواه مسلم رحمه الله أيضًا [رواه مسلم: 730].

والذي سأل عائشة في هذا الحديث عبد الله بن شقيق -رحمه الله- يسأل عن صلاة النبي ﷺ تطوعًا في غير المفروضة، قالت له: "كان يصلي ليلاً طويلاً قائمًا": يقوم إلى صلاة الليل فيصلي صلاة طويلة، "وليلاً طويلاً قاعدًا": يصلي النافلة أيضًا وهو قاعد في الليل، وهذا يدل على أنه كان تارة يصلي قائمًا وتارة يصلي قاعدًا، ففيه أن للمتنفل الحق في هذا وفي هذا، وأن للمتنفل الحق أن يترك القيام من غير عذر، ولكن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم في الأجر على النصف.

وقولها: "فإذا قرأ وهو قائم ركعة وسجد وهو قائم" يعني: إذا افتتح القراءة من قيام ويركع من هذا القيام ويسجد من هذا القيام، بمعنى أنه لا يجلس بعد أن كان قائمًا، وإذا قرأ وهو جالس ركع وسجد وهو جالس، أي إذا افتتح القراءة من جلوس يركع ويسجد من الجلوس.

هذا قد يفهم منه تضارب مع الحديث الذي سبق، الحديث الذي سبق يفهم منه أنه لو قام في أول الصلاة ممكن يقعد ولو بدأها قاعدًا ممكن يقوم قبل الركوع.

ولكن قال ابن حجر رحمه الله في الجمع بينهما: "هذا محمول على حالته الأولى قبل أن يدخل في السن جمعًا بين الحديثين" يعني: إذا بدأ الصلاة قائمًا ركع وهو قائم وإذا بدأ الصلاة قاعد ركع وهو قاعد قبل أن يسن، قبل أن يدخل في السن يتقدم به السن، ولما تقدم به السن كان ممكن يبدأ قاعد ثم يقوم قبل الركوع ممكن يبدأ قائم ويقعد قبل الركوع.

وقال بعض العلماء: "كان يفعل كلاً من ذلك بحسب النشاط وعدم النشاط"، وقال العراقي: "يحمل على أنه كان يفعل مرة كذا ومرة كذا، فكان مرة يفتتح قاعدًا ويتم قراءته قاعدًا ويركع قاعدًا، وكان مرة يفتتح قائمًا، ثم يقعد أو يقعد ثم يقوم".

فإذًا الكل جائز هذه الخلاصة؛ يعني سواء كان بدأ الصلاة قائمًا أكملها قائمًا، بدأ الصلاة قاعدًا أكملها قاعدًا، بدأ قائمًا ثم قعد، بدأ قاعدًا ثم قام الكل جائز.

وفي هذا جواز التنفل قاعدًا مع القدرة؛ لكن إذا كان من غير عذر له نصف الأجر، وإذا كان ما يستطيع ولو كان سليمًا لقام فله الأجر كاملاً، لو واحد مقطوع الرجلين، مقطوع الرجلين، والله يعلم من نيته لو كان له رجلان سليمتان لقام، فهذا ولو صلى قاعدًا فله الأجر كاملاً، لكن لو واحد قعد من غير عذر، فله نصف الأجر.

على أن بعض العلماء قال: إن تطوع النبي ﷺ قاعدًا كتطوعه قائمًا لأنه يؤمن عليه الكسل، فلا ينقص أجره بخلاف غيره، واحتجوا بحديث عبد الله بن عمرو في صحيح مسلم، قال: حُدِّثت أن رسول الله ﷺ قال: صلاة الرجل قاعدًا نصف الصلاة ، فأتيته فوجدته يصلي جالسًا، فوضعت يدي على رأسي، فقال:  ما لك يا عبد الله بن عمرو؟ قلت: حُدّثت يا رسول الله أنك قلت: صلاة الرجل قاعدًا على نصف الصلاة ، وأنت تصلي قاعدًا! يعني أنت ترضى بنصف الأجر؟، كيف هذا، قال:  أجل، ولكني لست كأحد منكم [رواه مسلم: 735]، فبعضهم فهم إن الصلاة بالنسبة للنبي ﷺ قاعدًا له أجره كاملاً، لأنه يؤمن عليه الكسل.

وعن حفصة أنها قالت: "ما رأيت رسول الله ﷺ صلى في سبحته قاعدًا، حتى كان قبل وفاته بعام، فكان يصلي في سبحته -يعني النافلة- قاعدًا، وكان يقرأ بالسورة فيرتلها حتى تكون أطول منها". رواه مسلم.

النبي ﷺ قال حديثًا فيه ذكر السبحة وأن معناها: النافلة، وذلك في قوله: "سيكون عليكم أمراء يؤخرون الصلاة عن ميقاتها، فصلوا الصلاة لوقتها واجعلوا صلاتكم معهم سبحة"، فيؤخر الصلاة عن وقتها، فماذا تفعل أنت؟ ما تستطيع أن تصلي علنًا قبله، تصلي في بيتك في الوقت وتجعلوا صلاتكم معهم سبحة يعني: تجعلوها نافلة، لأنه ما تعاد الصلاة في اليوم مرتين، يعني إذا صليت فرضًا الآن خلاص هذه حسبت فرض، الثانية لو صليت حتى لو صليت مع جماعة يصلون فرض؛ الثانية نافلة، ما يمكن الصلاة فرض مرتين في اليوم ما يمكن نفس الفرض ما يمكن، فما هو الفرض؟ الأول، ولو مثلاً صليت وحدك الظهر، ثم رأيت جماعة قلت فرصة أعيد الظهر الآن جماعة، فقمت وأعدت الظهر جماعة، أيهما التي وقعت فرضًا؟ الأولى، والثانية نافلة.

تقول: "ما رأيت رسول الله ﷺ صلى في سبحته قاعدًا" يعني: ما رأيته صلى في نافلة قاعدًا، "حتى كان قبل وفاته بعام": في آخر عمره، لأنه أسن وضعف عن القيام وبدن، وكان صابرًا طول عمره على القيام والاجتهاد في العمل، حتى تورمت قدماه، "وكان يقرأ بالسورة فيرتلها" يعني: بترسل وتأني ليتدبر القرآن، كان يقرأ حرفًا حرفًا، يرتل السورة، "حتى تكون أطول من أطول منها": فتصبح السورة القصيرة بترتيله أطول من السورة التي هي أطول منها إذا قرئت بدون ترتيل، فمثلاً تصبح مثلاً سورة البروج بالترتيل أطول من سورة عم بدون ترتيل مثلاً، يرتل السورة حتى تكون أطول من أطول منها إذا قرئت القصيرة بترتيل تصبح أطول من الطويلة بدون ترتيل.

وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن عائشة أخبرته: "أن النبي ﷺ لم يمت حتى كان أكثر صلاته وهو جالس". رواه مسلم، يعني أكثر نفله في حال القعود.

وعن أم سلمة قالت: "ما مات رسول الله ﷺ حتى كان أكثر صلاته قاعدًا إلا الفريضة، وكان أحب العمل إليه أدومه وإن قل".

وعن ابن عمر قال: "صليت مع النبي ﷺ ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته"، وهذا الحديث قد رواه البخاري بلفظ آخر وهو: "صليت مع النبي ﷺ سجدتين قبل الظهر، وسجدتين بعد الظهر، وسجدتين بعد المغرب، وسجدتين بعد العشاء، وسجدتين بعد الجمعة، فأما المغرب والعشاء ففي بيته".

الآن لفظة: "مع"، "صليت مع النبي ﷺ": ما المقصود؟ هل هي جماعة، أم أنه تابعه في العدد فصلى مثله، وليس أنه صلى جماعة، وهذا هو الصحيح، فقوله: "صليت مع النبي ﷺ ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء" يعني: تابعته على هذا العدد، فهو صلى وحده، لكن تابعه على هذه الأعداد، وهذه هي السنن الرواتب، وفيها أكثر من رواية، وهذه إحداها؛ "ركعتين قبل الظهر" وهي التي جاءت في رواية أخرى: "أربع قبل الظهر"، في حديث عائشة قال رسول الله ﷺ: "من ثابر على ثنتي عشرة ركعة من السنة بنى الله له بيتًا في الجنة؛ أربع ركعات قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر"، رواه الترمذي وهو حديث صحيح.

وعن أم حبيبة قالت سمعت رسول الله ﷺ يقول: "من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار". رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني.

فجاء قبل الظهر ركعتين، وجاء قبل الظهر أربع، فكيف يجمع بينهما؟

يقال: فعل هذا تارة، وهذا تارة، مرة صلى قبل الظهر أربع، ومرة صلى ثنتين، وبعد الظهر اثنتان، وأي ذلك فعلت أصبت السنة، أما بعد المغرب اثنتان، وبعد العشاء اثنتان، ولكن السنة أن تجعل ركعتي المغرب البعدية في البيت، وركعتي العشاء البعدية في البيت أيضًا.

الحديث هذا ممكن يدل على أن فعل النوافل الليلية السنن الرواتب الليلية في البيت أفضل من فعلها في المسجد بخلاف النهار، وفي ذلك نظر؛ لأن الحديث يقول: "خير صلاة الرجل أو المرأة في بيته إلا المكتوبة": يعني حتى نوافل النهارية الأفضل أن تكون في البيت، لكن النبي ﷺ كان ينشغل بالناس في النهار غالبًا، وبالليل يكون في بيته غالبًا، فكان من هديه ﷺ أن يصلي التطوع في البيت إلا ما كان لعارض، وقد جاء التأكيد على صلاة راتبة المغرب في البيوت، فعن محمود بن لبيد قال: "أتى رسول الله ﷺ بنو عبد الأشهل، فصلّى بهم المغرب، فلما سلّم قال: اركعوا هاتين الركعتين في بيوتكم" [رواه أحمد: 23628، وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه: 1165]. 

قال القاري في المرقاة: "هذا إرشاد لما هو الأفضل، والظاهر أن هذا هو لمن يريد الرجوع إلى بيته بخلاف المعتكف في المسجد"، فالمعتكف أين سيصلي السنن الرواتب؟ كلها في المسجد، المعتكف سيصليها كلها في المسجد.

وعن ابن عمر قال: حدّثتني حفصة: "أن رسول الله ﷺ كان يصلّي ركعتين حين يطلع الفجر وينادي المنادي"، قال أيوب: "وأراه قال: خفيفتين" [رواه أحمد: 4505، وصححه الألباني في مختصر الشمائل: 240].

وسبب نقل ابن عمر عن حفصة جاء في البخاري: كان يصلي ركعتين قبل صلاة الصبح، وكانت ساعة لا أدخل على النبي ﷺ فيها، وحدثتني حفصة: "أنه كان إذا أذن المؤذن وطلع الفجر صلى ركعتين"، طبعًا ابن عمر أخو حفصة، عبد الله بن عمر وحفصة بنت عمر، فرصة أن زوجة النبي ﷺ أخته، فكان يدخل في أوقات مختلفة ويستفيد، لكن في أوقات ما يدخل فيها، وما هو هذا الوقت الذي لا يدخل فيه؟ قبل صلاة الصبح، وقد مر معنا أن النبي ﷺ بعد ما كان يقوم الليل إن كان به حاجة لأهله أتى أهله الجماع، ثم اضطجع وقام بعد ما يؤذن ويغتسل للجنابة، يقوم بعد الأذان ويغتسل للجنابة ويمضي للمسجد، فهذا الوقت ما كان يدخل عليه قبل صلاة الصبح، "ولم يكن النبي ﷺ على شيء من النوافل أشد منه تعاهدًا على ركعتي الفجر". أخرجه الشيخان، كان يحافظ عليهما في الحضر والسفر، حين يطلع الفجر وينادي المنادي ويؤذن المؤذن يصلي ركعتين خفيفتين، وقد جاء هذا في حديث عائشة، قالت: "كان النبي ﷺ يخفف الركعتين اللتين قبل صلاة الصبح حتى إني لأقول هل قرأ بأم الكتاب": يعني من شدة التخفيف، مع أنه ﷺ كان يقرأ في ركعتي الفجر: بـ  قُلْ ‌يَاأَيُّهَا ‌الْكَافِرُونَ ، قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، وأحيانًا كان يقرأ آية بعد الفاتحة في الركعة الأولى، وآية بعد الفاتحة في الركعة الثانية، فما هي الآية التي كان يقرأها بعد الفاتحة في الركعة الأولى من سنة الفجر، ما هي؟ النبي ﷺ في سنة الفجر كان يقرأ:  قُلْ ‌يَاأَيُّهَا ‌الْكَافِرُونَ ،  قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، أحيانًا كان يقرأ بعد الفاتحة بآية من سورة البقرة، وبعد الفاتحة في الركعة الثانية آية من سورة آل عمران، فما هما هاتان الآيتان؟  قُولُوا ‌آمَنَّا ‌بِاللَّهِ ‌وَمَا ‌أُنْزِلَ ‌إِلَيْنَا هذه آية مائة وست وثلاثين من سورة البقرة، وفي الآخر منهما آية تشبهها: فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ ‌آمَنَّا ‌بِاللَّهِ ‌وَاشْهَدْ ‌بِأَنَّا ‌مُسْلِمُونَ ، في سورة آل عمران الآية الثانية والخمسين.

طبعًا البقرة فيها رد على اليهود، وآل عمران رد على النصارى، هاتان السورتان عظيمتان في الرد على أهل الكتاب، طيب الحديثان يدلان على استحباب قراءة شيء من القرآن بعد الفاتحة مع تخفيفها، مع أنها خفيفة لكن يقرأ إما سورة قصيرة أو آية واحدة.

وعن ابن عمر قال: "حفظت من رسول الله ﷺ ثمان ركعات؛ ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء"، قال ابن عمر: "وحدثتني حفصة بركعتي الغداة" يعني: الفجر، ولم أكن أراهما من النبي ﷺ، لماذا؟ لأنه ما كان يدخل عليه في هذا الوقت، ما كان يدخل عليه في هذا الوقت، إذًا المجموع سيكون عشر، وهذه إحدى كيفيات سنن الرواتب، والكيفية الأخرى اثنا عشر ركعة، أو المجموع العدد الآخر اثنا عشر ركعة، أربع قبل الظهر بدل الثنتين أربع.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والصلاة مع المكتوبة ثلاث درجات"، الصلوات النوافل هذه قيام الليل والسنن الرواتب درجات، في شيء أفضل من شيء، شيخ الإسلام يقول: "ثلاث درجات، إحداها: سنة الفجر والوتر، فهاتان أمر بهما النبي ﷺ ولم يأمر بغيرهما، وهما سنة باتفاق الأئمة"، كان ﷺ يصليهما في السفر والحضر، هذه آكد السنن الرواتب، الفجر والوتر، سنة الفجر ركعتا الفجر، والوتر أعلى السنن الرواتب وآكد السنن الرواتب، "الثانية: ما كان يصليه مع المكتوبة في الحض؛ر وهو عشر ركعات السنن الرواتب، وثلاث عشرة ركعة قيام الليل، الثالثة: التطوع الجائز في هذا الوقت من غير أن يجعل سنة لكون النبي ﷺ لم يداوم عليه ولا قدر فيه عددًا"، فلو واحد صلى مثلاً قبل العصر، صلى قبل العصر، كم يصلي إذا أراد يصلي، قبل العصر، الأربع هذه انتهينا منها، يصلي ما شاء الله، واحد يريد أن يصلي بين المغرب والعشاء غير سنة المغرب، كم يصلي؟ ما شاء الله أن يصلي، فهذه المرتبة الثالثة، وصلاة الضحى قريبًا من هذه قبل أن يصعد الإمام المنبر في صلاة الجمعة، كم يصلي؟ ما شاء أن يصلي.

وعن عبد الله بن شقيق قال: سألتُ عائشة عن صلاة النبي ﷺ قالت: "كان يصلي قبل الظهر ركعتين، وبعدها ركعتين، وبعد المغرب ركعتين، وبعد العشاء ركعتين، وقبل الفجر ثنتين"، [رواه مسلم: 730].

الأربع التي كان يصليها قبل الظهر، أربع مثنى مثنى يصليهما في بيته قبل أن يخرج لصلاة الظهر، بعدها يصلي ركعتين أيضًا، بعد المغرب ثنتين، وبعد العشاء ركعتين هذه في البيت مؤكدة، سنة المغرب والعشاء في البيت مؤكدة، وغيرها من السنن في البيت أيضًا الأفضل ولكن تأكيد تلك أكثر، الآن لو واحد يصلي في العمل، واحد الآن الناس الآن في صلاة الظهر غالبًا أين يكونون؟ في الأعمال، لو واحد قال: أنا إذا ما صليت سنة الظهر الآن في المسجد بعد الصلاة أنساها، أرجع البيت تعبان أنام، يحطوا الغداء أنشغل، فأصلي سنة الظهر في المسجد؛ لأن الانشغال يحدث نتيجة، فربما لا يصليها في البيت، أما المغرب والعشاء فغالبًا يكون الإنسان بعد المغرب في البيت بعد العشاء في البيت فيتأكد أن يصلي سنة المغرب في البيت.

الحديث الأخير في الباب: يقول عن عاصم بن ضمرة قال: سألنا عليًّا عن صلاة رسول الله ﷺ من النهار، فقال: "إنكم لا تطيقون ذلك، فقلنا من أطاق ذلك منا صلى، قال: "كان إذا كانت الشمس من هاهنا كهيئتها من هاهنا عند العصر صلى ركعتين، وإذا كانت الشمس من هاهنا كهيئتها من هاهنا عند الظهر صلّى أربعًا، ويصلي قبل الظهر أربعًا وبعدها ركعتين، وقبل العصر أربعًا يفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين والنبيين ومن تبعهم من المؤمنين والمسلمين"، الحديث رواه الترمذي في جامعه وحسنه، والنسائي، وكذلك حسّنه الألباني في الصحيحة. [رواه الترمذي: 598,، والنسائي: 874، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة: 237].  

قال ابن القيم: "وسمعتُ شيخ الإسلام ابن تيمية ينكر هذا الحديث، ويدفعه جدًا، ويقول إنه موضوع"، ويذكر عن أبي إسحاق الجوزجاني إنكاره.

ما معناه الحديث؟ سألنا عليًا عن صلاة النبي ﷺ من النهار، كيفية النفل الذي كان يفعله للتأسي والتعلم سألوا عليًا، قال: إنكم لا تطيقون ذلك، يعني المواظبة، قالوا: "من أطاق ذلك منا صلى": أخبرنا به نأخذ منه ما استطعنا، قال: "إذا كانت الشمس من هاهنا" يعني: من قبل المشرق، "كهيئتها من هاهنا عند العصر" يعني: من قبل المغرب، "صلى ركعتين": فهذا متى يكون؟ إذا ارتفعت الشمس من المشرق مقدار ارتفاعها من المغرب، "إذا كانت الشمس من هاهنا" يعني: من قبل المشرق، "كهيئتها من هاهنا عند العصر" يعني: من قبل المغرب، "صلى ركعتين": فإذا ارتفعت الشمس من جانب المشرق مقدار ارتفاعها من جانب المغرب وقت العصر صلى ركعتين، وهي صلاة الضحى، ويقال لها: صلاة الإشراق، "وإذا كانت الشمس من هاهنا": من جانب المشرق، "كهيئتها من هاهنا": عند الظهر، يعني: من جانب المغرب، عند الظهر قبل الاستواء صلى أربعًا وهي الضحوة الكبرى، في الضحوة إذن، صلاة الضحى والضحوة الكبرى، ويصلي قبل الظهر أربعًا، هذه بعد الزوال سنة الظهر، وبعدها ركعتين بعد الظهر، وقبل العصر أربعًا، وقد جاء حديث: رحم الله امرًا صلى قبل العصر أربعًا ، أخرجه أحمد والترمذي وأبو داود وحسنه الألباني وضعّفه بعض المحدثين. [رواه أحمد: 5980، والترمذي: 430، وأبو داود: 1271، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير:  3493].   

قال: "يفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين والنبيين ومن تبعهم من المؤمنين والمسلمين": هذا التسليم في التشهُّد، أو تسليم التحلل من الصلاة، فإذا قال السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، قصد السلام على عباد الله المؤمنين من الجن والإنس والملائكة، وقيل: المراد سلام التشهُّد الذي فيه السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.

قال الطيبي: "ويؤيده -يعني يؤيد حديث عبد الله بن مسعود- كنا إذا صلينا... ويؤيده يؤيد أن المراد بالتسليم التشهد وليس السلام حديث عبد الله بن مسعود: "كنا إذا صلينا قلنا السلام على الله قبل عباده، السلام على جبرائيل وكان ذلك في التشهد" [تحفة الأحوذي: 2/416]، فأبدلهم الله بالتحيات، الأفضل في نفل الليل والنهار أن يسلم من كل ركعتين.

الحديث هذا على أية حال حديث ذكر شيخ الإسلام -رحمه الله- شدد فيه أنه موضوع أو أنه لا يصح أبدًا، لكن صار عندنا الآن في النوافل ركعتان قبل الفجر، وركعتان قبل الظهر أو أربع قبل الظهر، متى قبل الظهر؟ بعد الأذان وقبل الإقامة قبل الفريضة، وركعتان بعد الظهر، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، طيب عندنا قيام الليل وقد أفضنا فيه في الدرس الماضي، عندنا صلاة الضحى ومعروف وقتها وهي من اثنين إلى اثنا عشر ركعة كل ذلك قد ثبتت فيه السنة، في عندنا صلاة الضحوة الكبرى، في أربعة ليست هي سنة الظهر القبلية يسميها بعض العلماء سنة الزوال أول ما تزول الشمس يصليها غير سنة الظهر القبلية، وهي التي ورد فيها أحاديث تفتح فيها أبواب السماء ويصلي أربعًا ليس فيهن تشهد يعني في وسطها، فهذه الصلاة يعني هناك خلاف في العلماء ما يسمى بسنة الزوال، سنة الزوال، سنة الزوال من أثبتها من العلماء قال هي أربع أول ما تزول الشمس، وغير أربع سنة الظهر القبلية، هذا يعني قول بعض أهل العلم نعم أنها سرد، لكن ذهب النووي -رحمه الله- وغيره إلى أن الأفضل في كل نوافل النهار أنها مثنى مثنى، وكذلك الليل، الأفضل فيها أن تصلى مثنى مثنى، والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.