الخميس 20 جمادى الأولى 1446 هـ :: 21 نوفمبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

08- الصوارف عن الحق


عناصر المادة
المقدمة
صارف الظلم والجهل
صارف التقليد الأعمى والغلو في الرجال
العلاج الشرعي للتقليد الأعمى
صارف اتباع الهوى وتحكيم العواطف
صارف الحسد
صارف الغلو والتنطُّع في الدين
صارف الكبر
صارف المنصب والرئاسة
صارف ربط الحق بالداعين له
صارف الحزبية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

المقدمة

00:00:22

فقد تحدثنا -أيها الأخوة- عن الموقف من الحق، وقد ذكرنا أن الناس قد انقسموا فيه إلى فرقين كما قال الله تعالى: فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ[الأعراف: 30].
وهناك يتبين لنا أن الموقف الصحيح من الحق هو الإيمان به، وإتباعه، وقبوله، والتسليم، والانقياد له، والتمسك به، والدعوة إليه، ونصرته، والدفاع عنه، وأن على المسلم أن يتجرّد في طلب الحق، ويعترف به، ويقبله مِن أيّن كان، وتطرّقنا إلى موقف أهل الباطل من الحق، وأن منهم من يكتمه، ومنهم يلبس الحق بالباطل، وبالتأويل الفاسد، وإتباع المتشابه، وإنزال الأدلة على غير مناطاتها، والتلاعب بالألفاظ، وتسمية الأشياء بغير أسمائها.
وتكلمنا عن التكذيب بالحق، ورفضه، واستدراج اللهُ للمكذبينَ، تكلمنا عن الجدال بالباطل، وطبيعته، وعن الإعراض عن الحق، وصدّ الناس عن الحق، والتشويش عليه، ومنع وصوله، وإلقاء الشبهات حوله، وفتح باب الشهوات للناس؛ لصرفهم عن الحق، والتخذيل، وإثارة الفتن؛ لإشغال الناس عنه، ثم تكلمنا عن نُبذة عن الصراع بين الحق، والباطل.
في حلقتنا الأخيرة في هذه الدورة نتحدث -إن شاء الله تعالى- عن "الصوارف عن الحق"، والتعامل معها، وهذا الموضوع موضوع مهم؛ لأنه من مجاهدة النفس؛ ولأن الشيطان له أساليب كثيرة في الصرف عن الحق.
وهناك أحوال أحيانا تكون بالإنسان وتصرفه، فما هي الصوارف عن الحق؟

صارف الظلم والجهل

00:02:16

أولا: الجهل، والجهل نقيض العلم، واعتقاد الشيء على خلاف ما هو عليه، وهذا أصل كل بلية، وشر، وظلال الخلق، وانحرافهم ناتج من الجهل.
والجهل، والظلم أصل كل شر كما قال الله : وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا [الأحزاب: 72]، ومن جَهِل الشيء عاداه، فكثير من الناس ينصرفون عن سنن معينه لجهل بها، وربما لو سمعوا بها لكذبوا بها رفضوها، قالوا: لا نعرف؟ فلا يتبعون؛ لأنهم لم يكونوا يعرفونه لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ[الأنبياء: 24]، بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ[يونس: 39]، كذّبوا بالقرآن وهم جاهلون بمعانيه، ومقاصده.
ومن أشراط الساعة أن يقِلّ العلم، ويظهر الجهل، فظهور الجهل سبب للانصراف عن الحق، والإعراض عنه، قال شيخ الإسلام: "إذا انقطع عن الناس نور النبوة، وقعوا في ظلمة الفتن، وحدثت البدع، والفجور، ووقع الشر بينهم" [مجموع الفتاوى: 17/310].
والله لا ينتزع العلم انتزاعا من صدور العباد، ولكن ينتزعه بقبض العلماء، حتى إذا لم يبقَ عالم اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسُئِلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا، وأضلوا [رواه البخاري: 100، ومسلم: 6971].
والجهل قد يؤدي إلى أشياء كثيرة، حتى في تفاصيل الأمور؛ فقد يؤدي بالإنسان أن يشتغل بالنوافل على حساب ضياع الفروض، وقد يشتغل بعمل جوارح لا يواطئه عمل القلب، ويمكن أن يكون العمل على خلاف السنة، وقد لا يتحرز من آفات المفسدة بعد العمل.
 والحل أمام هذا هو التعلم، الجهل يواجه بالتعلم وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ [آل عمران : 187]، الرسول ﷺ مصدر التعلم الوحي الإلهي هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ ويُزَكِّيهِمْ ويُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ والْحِكْمَةَ[الجمعة: 164]، والحكمة هي السنة.
فالعلم سبيل الهدى، يُستضاء به في ظلمات الجهل، وُيعرف به الله، وكيف يُعبد، والحلال والحرام، وهو ميزان العبد.

أخو العلم حيٌ خالد بعد موته وأوصاله تحت التراب رميمُ
وذوا الجهل ميتٌ وهو ماشٍ على  الثرى يُظن من الأحياء وهو عديمُ

[وفيات الأعيان: 3/96].


العلم نجاة من الفتن، وحِصن قوى من الشُّبهات، ومن أين للإنسان أن يعرف الحق من الباطل إلا بالعلم.
سُئِل ابن مسعود : أيُّ العمل أفضل؟ قال: العلم، فأعاد عليه السائل، قال: "العلم"، ثم قال: "ويحك، إن مع العلم بالله ينفعك قليل العلم وكثيره، ومع الجهل بالله لا ينفعك قليل العلم ولا كثيره" [سنن البيهقي: 364].
وذلك الرجل الذي قتل مائة نفس، كان علاجه بالعلم، لا بالجهل، كما فعل الأول، فقد أضاف إليه غِلّاً وجريمة أخرى، ثم سأل عن أعلم رجل في الأرض، فدُلّ على رجل عالِم، فقال: إنه قتل مائة نفسٍ، فهل له من توبة؟ قال: نعم، ومَن يحول بينه وبين التوبة [رواه مسلم: 7184].
وقد جرت للشيخ عبد القادر الجيلاني -رحمه الله- من مشايخ أهل السُّنة الذين ادّعاهم المبتدعة، وانتسبوا إليهم، ونسبوا إليهم طريقة باطلة، حصل له موقف نجّاه الله فيه بعلمه، قال: "رأيتُ مرة عرشاً عظيماً، وعليه نور
فقال لي: يا عبد القادر، أنا ربك، وقد أحللتُ لك ما حرّمتُ على غيرك، فقلتُ: اخسأ يا عدوا الله، فتمزّق ذلك النور، وصار ظلمه.
وقال: يا عبد القادر: نجوتَ مني بفقهك في دينك، وعلمك، لقد فتنتُ بهذه القصة سبعين رجلا، فقيل للشيخ: كيف عرفتَ أن هذا شيطان؟، قال: "بقوله: أحللتُ لك ما حرّمت على غيرك!، وقد علمتُ أن شريعة محمد ﷺ لا تُنسخ، ولا تُبّدل؛ لأنه قال: أنا ربك، ولم يقدر أن يقول: أنا الله الذي لا إله إلا أنا.

صارف التقليد الأعمى والغلو في الرجال

00:06:52

ثانيا: من أسباب الصرف عن الحق: التقليد الأعمى، والغلو في الرِجال، وآراء البشر، وكان الكفار يعرضون، ويذكرون في سبب الإعراض هذا، وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ يعني: على طريقة، وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ[الزخرف: 23].
ويصرّون على التقليد الأعمى، قال: أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ[الزخرف : 24]، هذا الاحتجاج من الضالين بتقليدهم لآبائهم الضالين صدّهم عن الحق، تعصبٌ محضٌ: أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ هل تتبعوني؟ كان الجواب: إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ماهي النتيجة فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ[الزخرف: 25]، والتقليد الأعمى هو حجة قوم نوح، مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ[المؤمنون: 24].
وحجة كفار قوم إبراهيم، قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ[الشعراء: 74]، مع أنه ناقشهم نقاشاً واضحاً، إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ ۝ قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ ۝ قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ ۝ أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ الجواب: قَالُوا بَلْ وجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ[الشعراء: 70-74].
في قصة موسى: مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ[القصص: 36]، كفار قريش وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ هذه المعروفة مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ [ص: 6 - 7].
فكونهم ما سمعوا بهذا الدين إلا (من تالي)، هذا يعني: في الملة الآخرة، مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ، يعني: ما سمعنا بهذا الدين إلا في الوقت الأخير الآن، ولم ندرك عليه آبائنا، فردّوه.
وبعض كبار السن أحيانا تقول له: الحق كذا، والدليل كذا، يقول: أول مرة أسمع بهذا، هذا دين جديد!، إذا كان صاحب جهل، -ولا شك أن هذا قول مرفوض-، ولو جاءنا أحدُ الناس بخلاف ما نعرف من الحق، وبخلاف ما نعرف من الأدلة، نقول له : أنت مبتدع، وهذا فرق كبير بين هذه الحالة، وهذه الحالة.
 وقد حكى الإمام المحدث عبد الرحمن بن بطّة -رحمه الله- حالة مع أهل زمانه من المقلدة، فقال: "عجبتُ من حالي في سفري، وحضري مع الأقربين، والأبعدين، والعارفين، والمنكرين، بمكة وخراسان، وغيرهما من الأماكن أكثر مَن لقيتُ بهام -موافقا أو مخالفا- دعاني إلى متابعته على ما يقوله، وتصديق قوله، والشهادة به، فإن كنتُ صدّقتُ فيما يقول، وأجزتُ له ذلك كما يفعله أهل هذا الزمان سمّاني موافقاً، وإن توقفت في حرف من قوله، أو في شيء من فعله سمّاني مخالفاً، وإذا ذكرتُ في واحد منها أن الكتاب والسّنة قد ورد بخلاف ذلك سمّاني خارجياً، وإن قرئ عليه حديث التوحيد سمّاني مشبِّهاً، وإن كان في الإيمان سمّاني مرجئاً، وإن كان في الأعمال سمّاني: قدرياً، وإن كان في فضائل أبي بكر، وعمر، سمّاني ناصبياً، وإن كان في فضائل آل البيت سمّاني ناصبياً، وإن سكتُّ عن تفسير آية أو حديث فلم أُجب إلا بهما سمّاني ظاهرياً، وإن أجبتُ بغيرهما سمّاني باطنيا، وإن أجبتُ بتأويل سماني: أشعرياً.
وإن كان في القنوت سماّني حنفيا، وإن كان في القرآن - قول القرآن غير مخلوق- سمّاني: حنبلياً، وإذا ذكرتُ رجحان ما ذهب كل واحد إليه من الأخيار، إذا ليس في الحكم والحديث محاباه، قالوا: طعن في تزكيتهم.
ثم قال: "ثم أعجب من ذلك أنهم يسمونني ما يشتهون من هذه الاسماء، ومهما وافقتُ بعضهم عاداني غيره، وإن ذاهنت ما عنده أسخطُ الله تعالى، ولن يغنوا عني من الله شيئا" [ذيل طبقات الحنابلة: 1/10].

العلاج الشرعي للتقليد الأعمى

00:11:03

وعلاج التقليد الأعمى أن يُواجَه بالأدلة، وبيان الهدى: أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ[الزخرف: 24]، وينبغي أن يُؤخذ الناس بالحكمة والموعظة الحسنة؛ لأن هؤلاء مشوا على شيء عشرات السنين مثلاً، فنقلهم عنه في غاية الصعوبة؛ لذلك البدع المسُتَحكِمة التي تحولت إلى عادات من أشد ما هو موجود في تغيير المنكر.
والطبع غلاب، والتقليد طاغي، وسنة الآباء، والأجداد مهيمنة، وراسخة قوية، فإذا كانت عادة ما عليه الآباء والأجداد مخالفة للدين، مخالفة للدليل، فيجب أن يبيَّن للناس أننا متعبدون بقول الله ورسوله، لا بمذهب الآباء والأجداد، ولا بالعادات والتقاليد، بل إننا مُتَعبدون بالوحي وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ۝ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى[النجم: 3 - 4].
سأل رجل الإمام أحمد: أكتب الرأي؟ قال: "لا تفعل، عليك بالآثار والحديث"، قال السائل: إن فلان كتبه، قال: "فلان لم ينزل من السماء". [طبقات الحنابلة: 1/328].
قال ابن القيم -رحمه الله-: "اتخاذ أقوال رجل بعينه بمنزلة نصوص الشارع لا يٍُلتف إلى قول من سواها، بل ولا إلى نصوص الشارع، إلا إذا وافقت نصوص قوله هو، فهذا والله الذي أجمعت الأمة على أنه محرم، ولم يظهر في الأمة إلا بعد انقراض القرون الفاضلة" [إعلام الموقعين: 2/236].

صارف اتباع الهوى وتحكيم العواطف

00:12:38

كذلك من الصوارف عن الحق: إتباع الهوى، وتحيكم العواطف، الهوى: هويَ، يهوي بصاحبه، سقوط، يميل الإنسان به إلى ما يلائمه، وقد يُطلق الهوى بمعني: المحبة والميل، فالهوى: ميل النفس إلى شيء تحبه، وتهواه مطلقا.
إتباع الهوى إذا مالت النفس، وهوت إلى الشيء الباطل، هذا مداخل الشيطان التي يصد بها عن الحق.
ومن أعظم ما يواجه به ذلك تجريد النفس من الهوى، مقاومة داعي الهوى، كبح جماح النفس، وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا[العنكبوت : 69]، النفس هي التي تميل، وهي التي تهوى، فإذا كفّها عن هذا الميل إلى الباطل فسيكون ميلها إلى الحق، فإذا جاهدها ستهوى الحق بعد ذلك.
ومن أعظم أسباب رفض الحق: أنه ثقيل، وله تبِعات، والنفس تحب الدَّعة، والكسل، والراحة، والتخفُّف من التكاليف، وبعض الناس يبدأ باستقامة مدة، ثم ينتكس.
من أسباب الانتكاس: أن بعض الناس ربما ضعفت نفسه عن تحمل التكاليف، فوجد كُلْفة ومشقة في المسألة؛ فيها إصباغ الوضوء على المكاره، وصلاة الفجر في الجماعة في المساجد، صلوات، وحضور دروس، وتعلم العلم، وهذا حرام لا يجوز؟، وهذا كذا، ويجب أن نفعله، وهذا المنكر ننكره، ويجب أن نقول بالدعوة، لا يتحمل كل هذا، فيقول: دعنا من هذه التكاليف، يريد رحلات، وسياحات، وسفريات، وألعاب، وترفيه.
يقول: دخلنا، وجربنا ولم نتحمل، سبحان الله! النفس لا تحب الجِد، تريد الراحة، تريد اللعب واللهو، تريد لذّة فقط.
ولذلك أحيانا لو يُذكر موضوع طلب العلم مثلاً في مجلس ما اشتهاه الناس، ولا هشّوا لأجله، بينما لو ذُكر موضوع الزواج هشُّوا لذلك، لو ذكرتَ الدعوة إلى الله، والصبر كذا، ومقاومة البدع ما اشتهاه الحاضرون.
تكلم عن تعدُّد الزوجات، ولا شك أن الكلام في النكاح، وفي تعدد الزوجات حلال، لكنه حلال تهواه النفس، أما الأول فلا تهواه النفس.
 ومن رحمة الله -تبارك وتعالى- أنه شرع لنا أشياء تهواها النفس، وأشياء لا تهواها النفس، فعندنا أجر في إصباغ الوضوء عن المكاره، وصلاة الفجر في المسجد، وعندنا أجر في إتيان الرجل أهله، ولم يجعل الله الأجر مقتصراً على العبادات المحضة فقط، ومن من رحمته -جل وعلا- أنه جعل لنا حتى فيما تهواه النفوس أجر، إذا كان حلالا، وصار الإنسان في نية حسنه، حتى الأكل والنوم يؤجر عليه، لكن بعض أبواب الأجر، وبعض الحق لا تهواه النفوس.
والله حتى تستسيغ النفوس، يعني: حُبِّبَ إلي من الدنيا النساء والطيب لكن وجُعِلت قرةُ عيني فيي الصلاة [رواه أحمد: 14069 ، والنسائي: 3939، وقال الألباني حسن صحيح: 3939].
فالنفس تميل إلى الطيب والنساء، أما الصلاة ثقيلة!، وهذه مسألة تحتاج أيضاً إلى مجاهدة.
ويجب أن نقوم بالحق؛ سواء كان ثقيلا أو خفيفا، سواء وافق أهواءنا أو لم يوافق أهواءنا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [القصص: 50].  وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ [ص: 26]، ومتابعة الهوى توجب الضلال، أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ[الجاثية: 23].
وكما قال الشاعر:

إذا المرء لم يغلب هواه أقامه بمنزلة فيها العزيز ذليل

[ذم النفس والهوى: 1/13]


إن كان عزيزاً فإن هواه سيذله، فقد تجد أحد الناس رجل، ومنصب، وشيء، يعمل علاقة محرمة فتذله تلك المرأة.
يقول ابن عباس: "كان الرجل في الجاهلية يعبد الحجر الأبيض زماناً، فإذا رآى غيره أحسن منه عبد الثاني وترك الأول". [تفسير ابن كثير: 6/113]، استحسن الأول، هويه، فاتخذه دينا، فالدين على الهوى، شكل الحجر أجمل عبدناه وتركنا الأول، أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء، ويَهْدِي مَن يَشَاء[فاطر : 8].
مثاله الآن الديمقراطية، إذا كانت فيها مصلحةٌ لقوم تبِعوها، وإذا لم يروا فيها المصلحة، وجاءت بآخرين أكلوها.
"إن أخوف ما أخاف عليكم اثنتين، طول الأمل، وإتباع الهوى، فأما طول الأمل فينسي الآخرة، وأما إتباع الهوى فيصد عن الحق" ، هذا كلام على بن أبي طالب . [الزهد لأحمد بن حنبل: 1/130].
قال الحسن -رحمه الله-: "إن هذا الحق ثقيل، وقد جاهد الناس، وحال بينهم، وبين كثير من شهواتهم، وإنه والله ما يسير على هذا الحق إلا من عرف فضله، ورجا عاقبته" [الزهد لأحمد بن حنبل: 1/278]، هذا الحق ثقيل؛ لأنك إذا أردت أن تبلغه تصطدم بأهواء الناس.
لو قلت: أريد أن أنهاهم عن بدعة، أو عن منكر، وهم مقيمون عليها، متعلقة بها نفوسهم، كم سيؤذوك؟
ولذلك الحق له تبعات، وهذه مسألة دقيقة، وأذكر شخصا قال: أنا كنتُ أصلى الجمعة عند فلان، ثم ما عدتُ أصلى الجمعة عنده قالوا: لماذا؟ قال: يا أخي تعبنا، كل الخطبة مسؤوليات شرعية، لا يتكلم لنا عن أمر معروف، لا يتكلم لنا عن أمر بالمعروف، خطبة ثالثة: الدعوة إلى الله، خطبة رابعة: الصبر على الأذى في سبيل الله، خطبة خامسة: تعلم العلم، وبذل تحمل المشاق في سبيل تعلم العلم، والحفظ، وكذا، وخطبة.
نذهب لخطيب آخر، يقول لنا: الجنة، النظافة، الصحة، إن الله جميل يحب الجمال [رواه مسلم: 275]، خفيفة، أما هذا يحملنا مسؤوليات، ومسؤوليات.
 وينبغي على الخطيب أن يعرض الدين من كل ما يمكن عرضه؛ سواء يعني كان هناك أشياء ثقيلة، أو خفيفة، توافق الهوى، أو لا توافق الهوى، يعني: يعرضها، لكن بعض الناس سبحان الله، لا يريد أن يسمع عبارات مثلا، "ويجب أن"، "ويحرم أن"، لا يحب يسمع هذا، ويحب أن يسمع أشياء، يقول: دعونا نسمع مثلا وصف الجنة، لكنه لا يحب أن يسمع وصف النار، لماذا؟ يقول: دعك من بقية الصورة!، هاتِ وصف الجنة، لكن لا تأتِ بوصف النار.
قال شيخ الإسلام: "وصاحب الهوى يعميه الهوى، ويصمه، فلا يستحضر ما لله ورسوله في ذلك، ولا يطلبه، ولا يرضى لرضا الله ورسوله، ولا يغضب لغضب الله ورسوله، بل يرضى إذا حصل ما يرضاه لهواه، ويغضب إذا حصل ما يغضب له بهواه" [منهاج السنة النبوية: 5/176].


أذكر مرة أني خطبتُ الجمعة، وكان الموضوع عن الزكاة؛ ركن من أركان الإسلام، فجاء أحد الناس بعد الصلاة، قال: الكلام الذي قلته لا بأس به، لكن هناك موضوع آخر أهم من هذا الموضوع بكثير.
قلت له : ما هو؟ قال: الذي بجانبي كان يلعب بالسواك، ويقشر رجله، وكيف هذا، وهذا، وهذا، هذا أهم من موضوع الزكاة؛ ركن من أركان الإسلام، وهذا يلعب بالسواك، ويقشر رجله!، يعني: مخالف للأدب والذوق العام، صحيح أن هذا الفعل لا يليق، ولا ينبغي، لكن  الجهل يجعل عنده اختلال في تنزيل الأشياء منازلها، ما الذي جعله يقول هذا الموضوع أهم من كل الذي قلته في الخطبة؟ أنه ما نبهتُ على أنه يلعب بالسواك، ويقشر رجله؟
يا أخي: نحن لا ننكر أن لعبه بالسواك، وتقشيره رجله ليس من الذوق؟ وليس من الأدب؟ ولا يراعي مشاعر الناس، وإذا كان في المسجد لا يراعي آداب المسجد، لكن أين الاعظم؟ الزكاة، ركن من أركان الإسلام، أم هذه؟
لكن بعض الناس -سبحان الله-، جعلَ الجهلُ عنده اختلال في تكوين ووزن الأشياء.
والخوارج عندهم شيء من هذا، في عام 37 للهجرة، كان بعض الخوارج يسيرون في أحد الأماكن، فرأوا الصحابي الجليل عبد الله بن الخبّاب، ومعه وُلَيَده، يعني: أمَهٌ حامل، فأخذوه، وأسروه معها، فبينما هم يسيرون لقي معهم خنزيرا لأهل الذمة، فضربه واحد من الخوارج بسيفه فشق جلده، لم يقتله، وإنما شق الجلد فقط، فقال له آخر: تفعل هذا، والذمي له حق، والرسول ﷺ أوصانا بأهل الذِّمة؟  لا بد أن تصلح خطأك.
فذهب، واستحله، وأرضاه، وأعطاه، وبينما هم يمشون سقطت تمرة من نخلة، فأخذها أحدهم، فقال له الآخر: بغير إذن، ولا ثمن، أين الورع؟ فألقاها، ثم قدّموا عبد الله بن الخبّاب الصحابي، فقتلوه، فقالت الأمة: اتقوا الله، إني امرأة حبلى، فذبحوها، وبقروا بطنها، وقتلوا جنينها" [البداية والنهاية: 7/318].
شق خنزير لأهل الذمة فذهب ليعوض، وتمرة، لا تأكلها بغير إذن!، ومال لا يحق لك؟ بينما قتلوا الصحابي، وأمته، وولدها!، وينبغي علينا في معالجة هذه الأهواء خشية الله، ومراقبته في السِّر والعلن، وتحري الصدق، والعدل، والقسط، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ [المائدة: 8]، فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا [النساء: 135].
ولابد أن نستحضر عواقب إتباع الهوى السيئة، فكم فوّت من فضيلة؟ وكم أوقع في رذيلة؟ وكم كسر جاها؟ وكم أصاب بمرض؟ وأيضا فإن ترويض النفس على إتباع الحق واجب، أيُّ الجهاد أفضل؟ قال: أن تجاهد  نفسك، وهواك في ذات الله  [حلية الأولياء: 2/249].


ولما جاء رجل، وسأل عبد الله بن عمر عن الجهاد، فال: "ابدأ  بنفسك فجاهدها، وابدأ بنفسك فاغزها". [رواه البيهقي في الزهد الكبير: 380]، أول شيء تبدأ به غزو النفس، وجهاد النفس، ثم الإكثار من مجالسة أهل التقوى، والخشية، والعدل، والإنصاف، والرؤية الصحيحة للأمور، وأهل العلم، والدين، والأمانة، أهل الحكمة، والفِطنة، والكياسة.
والابتعاد عن أهل الأهواء، وأهل الجهل، وأهل التقليد الأعمى، وأهل التعصب، وأهل الغلو، العلم العلم.
أيها الأخوة، والأخوات، الوقوف مع النصوص الشرعية؛ تعظيم الآية، تعظيم الحديث، تعظيم العلماء، تعظيم شرح الآية، كان إبراهيم التيمي يدعوا، ويقول: "اللهم اعصمني بكتابك، وسنة نبيك ﷺ من اختلاف في الحق، ومن إتباع الهوى بغير هدى منك، اعصمني من سبيل الضلال، ومن شبهات الأمور، ومن الزيغ، واللبس، والخصومات"، [الزهد لأحمد بن حنبل: 1/364].
ثم لا بد للإنسان أن يحاسب نفسَه الخداعة؛ يرغّبها، ويرهبها.

صارف الحسد

00:25:48

من الصوارف عن الحق: الحسد، لأنه يجعلك ترفض الحق من قرينك، أو مثيلك؛ لأنه جاء منه، وهذا الحسد مصيبة، وبعض الناس يرفض الحق لأجل أن فلان قاله، والحاسد لا يرى فضلاً للمحسود، ولا يأخذ منه شيئاً، الحاسد لا يرى المحسود شيء، ولا يقيم له وزناً، ولا يرى له فضلاً، ولا يرى له منطقاً، ولا قولاً، فكيف سيأخذ منه؟ وقد حسد اليهود العرب أن النبي -عليه الصلاة والسلام- بُعث منهم، رفضوا النبي حسَداً؛ لأنه لم يكن يهودياً منهم، وهل منع إبليس من السجود إلا الحسد؟ فإنه لما راءه فُضِّل عليه اختار الكفر على الإيمان.
ما الذي منع اليهود من إتباع عيسى عليه السلام؟ وقد علموا أنه جاءهم بالبينات؟ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا، لماذا؟ حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ[البقرة: 109].
ما الذي منع حُيي بن أخطب، وأخاه من إتباع النبي ﷺ؟
تقول صفية: "كنتُ أحبَّ ولدَي أبي إليه، وإلى عمي أبي ياسر، لم ألقاهما قط مع ولدهما إلا أخذاني دونه، قالت: فلما قدم رسول الله ﷺ المدينة، ونزل قباء في بني عمر بن العوف، غدا عليه أبي حُيي بن أخطب، وعمي أبو ياسر بن أخطب مُغلَّسَين، فلم يرجعا حتى كانا مع غروب الشمس.
 هذه رؤية تقصّي الأحوال والحقائق من زعيمي اليهود، قالت: فأتيا كالّين، كسلانين، ساقطين؛ من التعب يمشيانِ الهوينا، قالت: فهششتُ، يعني: على العادة، جئتُ مقبلهً عليهما، فهششتُ عليهما كما كنتُ أصنع، فو الله ما التفتَ إلي واحد منهما، مع ما بهما من الغم.
قالت: وسمعتُ عمي أبو ياسر يقول لأبي حيي بن أخطب: أهو هو؟ قال: نعم والله، هو مكتوب عندنا، نفس الصفات قال: أتعرفه وتُثْبِتُه، قال: نعم، قال: فما في نفسك منه، قال: عداوته –والله- ما بقيت". [دلائل النبوة: 2/533].
هنا الشاهد، قال: عداوته –والله- ما بقيتُ، هذا الحسد، وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا [النمل: 14]،  ظلماً وعلواً، كما فعل اليهود مع عبد الله بن سلام، يا معشر اليهود، ماذا تقولون فيه؟ قالوا: خيّرنا، وابن خيِّرنا، وسيدنا، وابن سيدنا، أعلمنا، وابن أعلمنا، قال: أفرأيتم إن أسلم؟ قالوا: حاشا لله، ما كان أن يسلموا، قال: يا ابن سلام، اخرج عليهم، أُخرج عليهم، وكان قد اختبأ، فخرج، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، يا معشر اليهود: اتقوا الله، فو الله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أنه رسول الله، وأنه جاء بحق، فقالوا: شرُّنا، وابن شرِّنا، وتنقصوه، قال: فهذا الذي كنتُ أخاف يا رسول الله" [رواه البخاري: 3621].


قال العلاّمة المعلمي معدداً أسباب عدم الاعتراف بالحق: قال: "الحسد؛ وذلك إذا كان غيره هو الذي بين الحق، فيرى أن اعترافه لذلك يكون اعتراف بذلك المبيّن للحق، والعلم، والإصابة" [القائد إلى العقائد: 1/10]، فكيف يعترف له بالإصابة والفضل، لا يمكن، في نفسه حسد، يحسده.
قال الإمام الحميدي: "كان أحمد بن حنبل قد أقام عندنا بمكة على سفيان بن عيينة، فقال لي ذات يوم، أو ذات ليلية: "هاهنا رجل من قريش له بيان، ومعرفة، فقلت له: فمن هو؟، قال: محمد بن إدريس الشافعي.
وكان الإمام أحمد قد جالسه في العراق، فجلس إليه الحميدي، ودارت مسائل، يقول الحميدي: "فلما قمنا، قال لي أحمد بن حنبل: "كيف رأيت؟ قال: "فجعلتُ أتّتبع ما كان أخطأ فيه، وكان ذلك مني من الحسد، فقال لي أحمد بن حنبل: "فأنت لا ترضى أن يكون رجل من قريش يكون له هذه المعرفة، وهذا البيان؟ تمر مائة مسألة يخطئ خمسا، أو عشرا، اترك ما أخطأ، وخذ ما أصاب"، قال الحميدي: وكان كلامه وقع في قلبي فجالسته، وغلبتهم عليه، صار هو أقرب للشافعي، فلم نزل نقدم مجلس الشافعي حتى كان بقرب مجلس سفيان". [الجرح والتعديل: 7/203].
هذا اعتراف بعد ذلك بصاحب الفضل، والعلم.
طبعا الحسد يواجه بمجاهدة النفس، ويواجه يعني: من المحسود أيضا بالصبر، وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ [الأحزاب: 48]، فلا انتقام، ولا تشفّي.

دع الحسود وما يلقاه من كمده كفاك منه لهيب النار في جسده
إن لمت ذا حسد نفست كربته وإن سكت فقد عذبته بيده

[غذاء الألباب شرح منظومة الآداب: 2/223].
والحاسد لا بد أن يستعين بالله في تطهير قلبه أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ[الزخرف: 32]، ويجب أن تُصرف قوة الحسد إلى الغبطة في الحق، أنك تغبط واحد أن أتاه الله علماً، حفظاً، تتمنى أن تكون مثله بدون أن تتمنى زوال النعمة عنه.
وإذا كانت أمور دنيوية قل لنفسك: تحسدين على حطام الدنيا؟ وقُوّام الليل لا تحسدينهم، لماذا؟ رحم الله إمراء عرف نفسه، وعرف الدنيا.

صارف الغلو والتنطُّع في الدين

00:32:20

كذلك من الصوارف التي تصرف عن الحق الغلو، والتنطع في الدين؛ فبعض الناس يترك الحق بسبب غلوه وتشدده، فيدخل متشدّداً متنطعاً في الدين، فيترك الدين كله، بما فيه من الحق، والسماحة، والأشياء الصحيحة التي لم يدخل بها؛ لأن المدخل لا بد أن يكون صحيحا، لكن الذين دخلوا بالكفر، وقد خرجوا به.
وهناك أناس يدخلون بالغلو، وينفرون، لماذا؟ نحن يجب أن لا نجعل المستحب واجباً، ولا يجوز تحريم ما أحلّ الله؛ لأن هذا من المنفرّات.
وبعض الناس تصيبه الوسوسة؛ والوسوسة إذا أصابت الانسان فهي عذاب، فترى الموسوس يجلس ساعات في دورة المياه، ويعيد الأعمال مرات وكرات، فيها تعذيب، فيها إيذاء بدني، أحيانا في قضية استخراج النجاسات نتبع سبُلًا ما أنزل الله بها من سلطان.
ولذلك قال بعضهم عبارة حكيمة: احذروا من شراسة تتبعها انتكاسة، ما أنزل الله من سلطان، ما هي هذه الاعاذات؟ أنك تغسل النجاسة خمسين مرة، وتغسل الكرسي خمسين مرة، والأرض والحمام خمسين مرة، والثياب خمسين مرة، وتعيده، ولا تخرج من دورة المياه إلا بعد ساعتين أو ثلاث، وخرج وقت الصلاة، ولم يخرج هو خرج من دورة المياه!.
خرج وقت الصلاة وما خرج هو من الحمام، وإعادة تكبيرة الإحرام، وإعادة الفاتحة.
كذلك الحال في الصيام، أنا كنتُ كذا، وضعتُ يدي على فمي، بعد ذلك حصل كذا، ولا أدري، ربما جاء لعاب مرة أخرى، فهل أنا أفطرتُ؟ ربما أفطرتُ، لا بد أن أعيد، كأني حسيت أن هناك غازات، كأني.
يا أخي، هل سمعت صوتاً؟ أو شممت ريحاً، ليس عنده يقين، كله كأني، وكأني، وكأني، وكأني، وضاع الدين، الناس لا تتحمل هذه الطريقة الوسواسية في الطهارة والصيام، وبعد ذلك يذهب للطلاق، ويقول: كأني طلقت، ربما أني طلقت، قلت لك: أنا لا أدري، كأني طلّقت، أنا سألتُك، وخذ من هذه العذابات، هو، وأهله على الناس، على أُمّه، على أبيه، على عمه، على كذا، وبعد ذلك رسائل، أستحلفك بالله جاوب، أنت ما زلت، أنا يمكن طلقت، وأنا لا أدري، أنا قلت: أني ما أتزوج عليها، إذا تزوجت فهي طالق، معناها الآن: أي زوجة سأتزوجها سوف تطلق، والآن تزوجتُ وعقدت على واحدة، معناها الآن: طلقت، وبما أنه ليس فيه دخول، إذاً ليس هناك عِدّة، خرجت من عصمتي، أعيد عليها بعقد جديد، وروح، وخذ دوامه.
وبعض هؤلاء لو علم معلومتين فرعيتين يصير هذا وبال عليه؛ لأنه سيستعملها في تطوير الوسوسة، ومزيد من الجدال للشيوخ، وأنت لم تجاوبني، أنت تكتم العلم!، أنت في النار، أحيانا، واحد من الموسوسين هؤلاء خلاص يعني: هو يجيب جواب واحد، وأنا لن أسامحك، وأنا متعلق فيك إلى يوم القيامة، إيذاء للعباد، ورى  بعض.


 كذلك شخص أراد حفظ القرآن في شهر، وحمل هذا الموضوع، هو ليس من أصحاب الذاكرة القوية، يعني: يحفظ من أول مرة، بعد ذلك فشل، فقرر أن ينتقم من نفسه أبشع انتقام، فحرم نفسه النوم و الأكل، و السرير، ولا كذا،
كانت النتيجة أن انقطع عن دراسته، وباع مكتبته، وأثاثه، والنهاية، مستشفى الأمراض النفسية أو العصبية.
وهذه الأشياء من خطوات الشيطان، وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ[البقرة: 168].
هذه امرأة لا تغسل الصحون في نهار رمضان، تقول: أخاف أن يرتد شيء من الصحون على الفم، ويدخل، وهذا يبصق بعد الوضوء أضعاف، أضعاف، الآن الشرع لم يكلفنا أن نبصق بعد الوضوء، والله العظيم، ليس هناك حكم هكذا.
بالغ في المضمضة، والاستنشاق إلا أن تكون صائماً [رواه أصحاب السنن الأربعة، وصححه الألباني: 2048]، أي في المضمضة، يعني لكن بغير مبالغة، والمضمضة أن تدخل الماء، وتديره في الفم، وتخرجه، ما قال: وتصبغ بعض الوضوء مأتيين مرة، حتى يجفّ حلقه، ويجرح حلقة، ويتألم، يصير هذا الصيام عبأ عليه.
والشيطان يفوت الحق على المسلم بهذه الوسوسة، والغلو، والتنطع، فيشغله بالوسوسة عن صلاة الجماعة، ثم عن وقت الصلاة كلها، فكم من الحق يفوت؟ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ[النساء : 171]، إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه [رواه البخاري: صحيح البخاري: 39]، وبعض الناس يأخذ هذا بالمفهوم الباطل والمنحرف، يقول: أنت يا أخي لم يكلفك الله ان تشدد على نفسك كل هذا، ساعة وساعة، يعني: اسمع أغاني،،وتعرف على بنات، شوف الدنيا، شوف حياتك.
يريد أن ينقله من هذا الانحراف إلى الانحراف المقابل؛ لأن المفهوم الحقيقي للاستقامة عند بعض الناس مجهول
والنبي ﷺ قال: هلك المتنطعون [رواه مسلم: 6955]، المفرّطون، والعصاة، وأتباع الهوى كما تقدم.
وهذا الغلو، وهذه الوسوسة تُعالج بالعلم، بمعرفة ما الذي طلبه منا الشرع، هذا فقط ولا نزيد.
وقد نهى الشرع عدد غسلات الوضوء إلى ثلاث، وأن من زاد فقد أساء وتعدَّى وظلم؛ لقطع الطريق على الوسواس.

صارف الكبر

00:39:03

من الصوارف عن الحق الكبر؛ وأهم تعريف للكبر على الإطلاق هو: "بَطَرُ الحق"، وغَمْطُ الناس، ومعنى بَطَرُ الحق:
دفعه، وإنكاره، ورفضه، ومعنى "غمطُ الناس": احتقارهم، وانتقاصهم، وازدرائهم، الشارع عرّف لنا الكبر تعريفاً دقيقاً جدا، هذه الآفة العظيمة، وهذا الخلق الباطل الذي يصد عن الحق، وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ[النمل : 14] ، لماذا؟
ظُلْمًا وَعُلُوًّا[النمل : 14]، كِبراً، وغطرستاً، واستكباراً عن إتباع الحق.
وقد جمع اليهود الباطل من أطرافه؛ جمعوا كبراً على حسدٍ، على  بغيٍ، على كل الأنواع، كل بيمينك، لا استطيع، لاستطعت، "فما رفعها إلى فيه بعد ذلك". [رواه مسلم: 5387]، لماذا؟ الكبر، هو يستطيع.
جبل بن أيهم الغسّاني ملك نصارى العرب، أسلم أيام عمر ، ثم ارتد، لماذا ارتد؟ يروى أنه وطئ رجلا من مزينة بدمشق، فلطمه ذلك المزني، فرُفع الأمر إلى أبي عبيدة، فقالوا: هذا لطم جبل، قال: عبيدة فليلطمه جبل، قال يعني لطمه بلطمه، فقالوا: أو ما  يقتل؟ قال: لا، قالوا: فما تقطع يده؟ قال: لا، أنما أمر الله بالقود؛ القصاص، لطمه لطمه إذا لطمه بلطمه، فقال جبل: أترون أني جاعل وجهي بدلا من وجه مزني من ناحية المدينة؟ بئس الدين هذا، ثم أرتد نصرانيا, وترحل بأهله حتى دخل أرض الروم.
والقصة المشهورة أن جبلة بن الأيهم الغساني كان يطوف بالبيت، لما أراد أن يسلم كتب إلى عمر بن الخطاب يستأذنه بالقدوم  عليه، فسُرّ ذلك عمر، والمسلمون؛ لمكانة هذا ال الرجل في قومه.
فقال عمر له: "أقدُم، لك ما لنا، وعليك ما علينا، فخرج جبله في خمس مائة فارس، فلما دنى من المدينة لبس تاجه، وألبس جنوده ثيابا منسوجة من الذهب والفضة، ودخل المدينة فلم يبقَ أحدٌ إلا نظر إليه، حتى النساء، والصبيان، فلما انتهى إلى عمر رحّب به، وأجلسه أدناه، ثم أراد جبله الحج، فشهد الحج  مع عمر، وبينما هو يطوف بالبيت إذا وطئ على إزاره رجل من بني فزاره فحلّه، فالتفت إليه جبلة مُغْضَبا، وهذا داسه في الزحام ليس قصداً، وانحلّ الإزار، رآى جبلة هذه كبيرة، فلطم ذلك الرجل الفزاري لطمتةً هشم بها أنفه، وقال: لولا حرمة البيت لضربت عنقك
 فقال عمر: أنت الآن أقررت أنك لطمته، فإما أن ترضيه، وإلا أقَدْتُه منك، قال: أتقيده مني، وأنا ملك، وهو سواقة؟ قال عمر: "يا جبلة، إن الإسلام جمع بينك وبينه، فما تفضله بشيء إلا بالتقوى"، قال جبلة: والله لقد رجوتُ أن أكون في الإسلام أعز مني في الجاهلية.
 وهذه نفخة من الشيطان، أنظروا التلبيس، قال: قد كنتُ أظن أن أكون في الاسلام أعز مني في الجاهلية ، فقال عمر: "دع عنك هذا"، هذا الكلام الباطل، "فإن لم ترضِ الرجل أقدتُه منك، إما أن ترضيه فيتنازل لك عن حقه، وإلا القصاص.


قال جبلة: إذاً أتنصر، قال: أضرب عنقك، قال: أخِرني إلى غدٍ يا أمير المؤمنين، قال: لك ذلك، ثم هرب هو وأصحابه من الليل وسار إلى القسطنطينية وتنصر، ثم بعد مدة ندم، وقال:

تنصرَّتِ الأشراف من عار لطمةٍ وما كان فيها لو صبرت لها ضرر
تكنفني منها لجاج ونخوةٌ وبعتُ لها العين الصحيحة بالعور
فيا ليت أمي لم تلدني وليتني رجعتُ  إلى القول الذي قال لي عمر
ويا ليتني أرعى المخاض بقفرةٍ وكنت أسير ي ربيع أو مضر
ويا ليت لي بالشام أدني معيشةٍ أجالس قومي ذاهب السمع والبصر

[البداية والنهاية: 8/71].
وهكذا بعض الناس إذا دخل أي طريق منحرف فإنه لا يتراجع، وينتهي وهو على مقيم الباطل، وأحيانا يشعر بندم، لكن كأنه يقول: فات الأوان؛ مع أنه ما فات الأوان، وأنه لا زال على قيد الحياة، والشمس ما طلعت من مغربها، والروح ما بلغت الحلقوم.
وهذا عبد الله، الذي كان يسمي نفسه عبد الله القصيمي، صاحب كتاب "الصراع بين الإسلام والوثنية"، مع أنه كان ذا يراع، ودبّج أشياء، وكتب في الدفاع عن التوحيد، ورد على الشبهات، وفنّد، وأجاد، لكن كان عنده كبر عظيم، هو الذي قال:

ولو أن ما عندي من العلم والفضلِ يقسم في الآفاق أغنى عن الرسلِ

كان يرى أن الذي عنده من العلم يغني عن الرسل، وأنه لو لم تأتِ الرسل لكفى البشرية العلم الذي عنده، وقال:

لو أنصفوا كنتُ المقدّم في الأمر ولم يطلبوا غيري لدى الحادث النكرِ
ولم يرغبوا إلا إلي إذا ابتغوا رشاداً وحزماً يعزبان عن الفكرِ
ولم يذكروا غيري متى ذُكِر الذكى ولم  يبصروا لدى غيبت البدرِ
فما أنا إلا الشمس في غير بُرجها وإن وقفتُ فما في الناس من يجرِ

قال: وحُقّ لي أن أتكبر بما عندي من الإمكانات والطاقات!.


وقد ردّ عليه الشيخ ابن باديس، وعبد الرحمن السعدي، ومحمد عبد الرزاق حمزة، وغيرهم، لكن الرجل مات ولم تُعرف له توبة من إلحاده، السبب هو الكبر، قال الله: سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا [الأعراف: 146]، طمس على أعينهم، وعلاج الكبر أنه لا بد للانسان أن يراغم نفسه، وأن يتفكر من أين خرج؟ وماذا كان؟ وما هو أصله؟

صارف المنصب والرئاسة

00:46:04

من الصوارف عن الحق: المنصب، الرئاسة، الوجاهة، وهذه التي جعلت رؤساء اليهود ككعب بن الأشرف، وغيره يرفضون إتباع النبي ﷺ والله قال: وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً[البقرة: 41].
هؤلاء جعلتهم رئاساتهم يتركون إتباع محمد ﷺ، وكذلك عبد الله بن أُبي ما الذي جعله يقول: أيها المرء، لا أحسب من هذا، إن كان ما تقوله حقاً فلا تؤذنا في مجالسنا، وارجع إلى رحلك، فمن جاءك منا فاقصص عليه، لا تغبروا علينا، وقد بيّن الصحابي السبب قال: "يا رسول الله، لقد أعطاك الذي أعطاك، ولقد اصطلح أهل هذه البحيرة يعني: المدينة أن يتوجوه، ويجعلونه ملكا، فيعصبوه بالعصابة، عمامة الملك، فلما رد الله ذلك بالحق الذي أعطاكه شرِق، - غصَّ بذلك-، فذلك فعل به ما رأيت" [رواه مسلم: 4760].
حكى ابن القيم عن بعض علماء النصارى سبب عدم إسلامهم، قال: "ولقد ناظرنا بعض علماء النصارى معظم يوم، فلما تبين له الحق بُهِت، فقلت له: وأنا، وهو خاليان: ما يمنعك الآن من إتباع الحق؟ نحن الآن ليس أمامنا أحد من الناس، ولا أتباع لك، فقال لي: إذا قدمت على هؤلاء الحمير -يقصد أتباعه- فرشوا الثياب تحت حوافر دابتي، وحكموني في أموالهم، ونسائهم، ولم يعصوني فيما أمرهم بهم، وأنا لا أعرف صنعة، ولا أحفظ قرآناً، ولا نحوا، ولا فقها، فلو أسلمت لدُرتُ في الأسواق أتكفف الناس، فمَن  الذي يطيب نفسا بهذا؟ فقلت له: هذا لا يكون، وكيف تظن بالله أنك إذا أسلمت، وأثرت رضاه على هواك يخزيك، ويخرج، ولو فرضنا أن ذلك أصابك فما ظفرت به من الحق، والنجاة من النار، ومن سخط الله، وغضبه فيه أتم العوض عما فاتك، قال: حتى يأذن الله"[هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى: 1/119].
كذلك عندما تقول لبعض الشباب: يا أخي، يقول لك: إن شاء الله، يستعملون المشيئة في رفض النصيحة، وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا ۝ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ[الكهف: 23 - 24]، وأصبحت المشيئة الآن تستعمل في رفض النصيحة وبعض الناس عندهم تصورات فاسدة، وقراءات غربية، وشرقية هي سبب رفضهم للحق؛ لأنه اقتنع بكلام البروفسور الفلاني، والأخصائي النفسي الفلاني، والكاتب العلاني، وكاتب القصص الفلاني، والروائي الفلاني، عندهم تصورات فاسدة، هذا سببه أنهم يقرؤون، ويطلعون، يقرؤون أشياء تؤسس في أنفسهم خطوط تمنع قبول الحق، تصير عندهم منطلقات فاسدة.
مثلا هناك بعض الناس من يعتقد مثلاً: أن الحق دائما مع الأكثرية، وقد قال الله: وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ  [الأنعام: 111]، وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ[يوسف: 103]، وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ[الأعراف: 17] ، أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ[الفرقان: 44]، وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ[الأنعام: 116].
هناك بعض الناس عنده مبادئ خاطئة، والميزان عنده هو القوة، والضعف؛ الأقوى هو على الحق، والأضعف على غير الحق!، من الأقوى فنتبعه، هذا مبدأ الكفرة الذين خالفوا الرسل، أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ [الشعراء: 111]، وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ[هود: 27] .

صارف ربط الحق بالداعين له

00:50:04

من أسباب رفض الحق: ربطه بالداعي له، فإذا كان الداعي للحق أخطأ أو زلّ قالوا: انتهى الأمر، مادام أن هذا أخطأ الخطأ الفلاني، إذاً الكلام الذي قاله باطل، وليس صحيح!.
والعالم قد يقول كلام حقاً، والداعية يقول كلاما حقاً، ثم يزل هذا الداعية، يقصر، لا تقل: زلّتُه معناها: أن كلامه باطل، لا، لا تربط هذا بهذا، الحق لا يُعرف الرجال، اعرف الحق تعرف أهله، يُوزن الرجال بالحق.

 

صارف الحزبية

00:50:50

من أسباب رفض الحق أن بعض الناس يعتقدون أن الحق محصور بطائفة معينه، أو حزب معين، أو جماعة معينة، وقَالَتِ الْيَهُ