الخطبة الأولى
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد:
اعتقادات اليهود المتعلقة بقرب نهاية الألفية الثانية
فإن الله قد أخبرنا في كتابه عن عداوة اليهود والنصارى وأنهم أعدى الأعداء، وأخبرنا عن كثير من مؤامراتهم التي يحيكونها على المسلمين، وأنهم لا يزالون يعملون مكراً الليل والنهار حتى يردونا عن ديننا لو استطاعوا، وأنهم لا يرضون عنا حتى نتبع ملتهم، وأنهم قد حسدونا على ما عندنا، وأنهم يريدونا أن نتبع ملتهم، والله قد حذرنا من شرهم ومكرهم، وإذا تأملنا أطول سورتين في القرآن: البقرة وآل عمران لوجدنا أنهما تتضمنان أموراً كثيرة مما يتعلق باليهود والنصارى، ومع اقتراب العام ألفين للميلاد، يتسارع النبض وتتلاحق الأنفاس، ويكثر الكلام عن أحداث عظام، ستحدث بزعمهم في هذا التاريخ، وأن من المؤسف حقاً -أيها المسلمون- أن يكون أهل الضلال والكفر والانحلال يعملون الليل والنهار لتحقيق نبوءاتهم المزعومة، والمسطرة في التوراة والإنجيل، بينما يغرق المسلمون في بحار الغفلة، لا يعملون بالحق الذي أنزله الله في القرآن إلا من رحم الله.
ومع اقتراب هذه المناسبة الألفية، لابد للمسلم أن يعرف شيئاً مما يدور حول اعتقادات اليهود والنصارى في العام ألفين، وماذا يريدون؟ وماذا يتوقعون؟ وماذا يعملون لأجل هذا المسلم؟ لأن من المطلوب منا ونحن المسلمين أن نعرف ماذا يدبر أعداؤنا، لا أن نعيش في غفلة عما يقومون به خصوصاً وأن كثيراً من هذه التدابير تحدث في بلاد فلسطين المسلمة، وليست في أقصى الأرض بعيداً عن بلاد المسلمين، وإنما القضية في قلب بلاد المسلمين.
هدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل
أما بالنسبة لليهود أعداء الله الذين يسابقون عقارب الساعة لهدم المسجد الأقصى قبل أن يحل العام ألفين، والذي يصادف عندهم ذكرى مرور ثلاثة آلاف سنة على بناء دولة إسرائيل الأولى، وأن دورة الزمان قد اكتملت عندهم، لتأتي دورة جديدة فيها إقامة ملكهم، وكذلك عند النصارى عقائد مشابهة.
فأما بالنسبة لليهود والمسجد الأقصى فقد تضاعفت أعداد جماعاتهم المتعاونة لبناء الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى، أكثر من خمسة وعشرين جماعة متخصصة في هذا الأمر.
والذين فتحوا النفق المشهور عام ألف وتسعمائة وستة وتسعين تحت المسجد للأقصى، بالإضافة للأنفاق الكثيرة التي حفروها تحته، والسُعار اليهودي المتلهف نحو هدم المسجد الأقصى تمثل في أمور كثيرة، والكيد للمسلمين: كان في عمليات إحراق وتفجير، وتدنيس، وتلطيخ بالقاذورات، وفتح النار على المصلين، وعندما يحين الموعد الذي ينتظرونه يمكن أن يقوم مئات الآلاف منهم بعمل ضخم وكبير؛ لهدم المسجد الأقصى وإزالته إذا لم يهبط المسجد من جراء الأنفاق الكثيرة التي يعملونها، أو يأملون أن تقع هزة أرضية في تلك المنطقة ولو بسيطة لينهار المسجد بعد أن حفروا تحته أنفاق كثيرة، فبقي على أساس هش.
وقد عقدوا المؤتمرات لإعادة بناء الهيكل، وجعلوا النجمة السداسية شعارهم على كثير من الأماكن، وتحرس هذه الجماعات اليهودية لإداء دورها المنوط بها.
وقد عقدوا المؤتمرات لإعادة بناء الهيكل، وجعلوا النجمة السداسية شعارهم على كثير من الأماكن، وتحرس هذه الجماعات اليهودية لإداء دورها المنوط بها.
بناء السور العازل
ثم يريدون إقامة سور عازل بين المسلمين واليهود، بطول ثلاثمائة وستين كيلو متراً، وارتفاع ثلاثة أمتار، بأبواب الكترونية، يريدون الفصل بين المسلمين واليهود، وأن يكون هذا الجدار مما يلي المسجد الأقصى بمعني حرمان المسلمين من الوصول إليه مستقبلا، وهذا الجدار والحاجز مبني على أمور مذكورة في توراتهم المحرفة التي تقول أن الملكوت الذي سيحكم العالم تحيط به المرتفعات حتى لا تصل إليه قوى الظلام، وستعلو جدرانها حتى يعود التوازن إلى العالم، وأما بالنسبة لنا فإن هذا الجدار الذي يبنونه الآن، وهذا السور المرتفع والطويل يمثل عندنا تطبيقاً عملياً، لقوله تعالى: لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ الحشر: 14، فهذا هو الجدار الذي يبنونه أحد الجدر الذي ربما سنقاتلهم من ورائه.
التهيئة للملك اليهودي العالمي:
ومع اقتراب العام ألفين الذي يعتقدون أنه ستقوم فيه الأحداث الكبرى التي تعيد ملكهم إلى العالم، لا بد من تهيئة وتوطئة؛ لإقامة ذلك الملك اليهودي العالمي، فأما دولتهم فقد أقاموها، وأما عاصمتهم فقد وحدوها على أن تكون القدس، وأما منبر دعوتهم وموضع قبلتهم فهو الهيكل، وقضيته قضية وقت، ثم تتوالى التجهيزات وتتابع، فيوضع حجر أساس للهيكل في عام ألف وتسع مائة وتسعة وثمانين، أي: قبل نحو عشر سنين في مدخل المسجد الأقصى إيذاناً بأن البناء قد بدأ، وهذا حجر الأساس، وهم يعتقدون بالشمعدان السباعي الذي يمثل أيام الأسبوع السبعة، والذي يعتقدون أنهم سيتوجون فيه على العالم، في اليوم السابع منه، ولذلك اتخذوه رمزاً لهم في عملاتهم وأوراقهم وواجهاتهم ومنصات احتفالاتهم ومنابرهم، فيرى اليهود أن هذا الشمعدان قد فقد، وأنه لا بد من البحث عنه، ثم أن نبوءاتهم المزعومة قد صدرت الفتاوى من حاخاماتهم بشأنها أنه لا يشترط الانتظار حتى تتحقق، بل يمكن العمل على تحقيقها، ولذلك قام أحدهم في هذا العقد المتأخر بعمل شمعدان ذهبي من ستين كيلو جرام من الذهب، فإذا لم يوجد الشمعدان الأصلي كان هذا بديلاً له، فهذه قضية الشمعدان.
البحث عن التابوت، وقضية البقرة الحمراء
ثم لا بد من البحث عن التابوت أين التابوت حتى يعود إلى هيكلهم، فهم لا زالوا يبحثون عنه، ويقولون أنه في أثيوبيا تارة، وفي غيرها تارة أخرى، ويجمعون المليارات لأجل عمليات والبناء، ليت المسلمين يجمعون عشر معشار ما يجمعه اليهود لنشر الدعوة الإسلامية في العالم، وهي دعوة الحق، وهؤلاء يجمعون المليارات لأجل إعادة بناء الهيكل، والإتيان باللوازم، إنهم يرون أن قدس الأقداس موضع القبلة الحقيقية في داخل أروقة الهيكل.
وأن المذبح لا بد أن يكون هناك، وقد شرعوا في بناء المذبح في منطقة قريبة من البحر الميت، وصمم بحيث يسهل نقله إلى الهيكل الذي سيقام على أنقاض المسجد الأقصى.
ثم عندهم قضية البقرة الحمراء، التي لا بد أن تولد حتى تكتمل القضية، معتمدين على نص لديهم في التوراة: بأن بقرة حمراء صحيحة لا عيب فيها ستولد، ثم بعد ثلاث سنين من ولادتها ستحرق بجلدها ولحمها ودمها، وأن رمادها سيرش تطهيراً للنجس الموجود لديهم؛ لأن الهيكل لم يعمره للعبادة إلا أناس مطهرون، وأن الطهارة لن تحدث، والنجس لن يزول إلا برش رفات هذه البقرة، وقد أعلن قبل فترة يسيرة جداً لديهم، أن البقرة الحمراء قد ولدت في مزرعة بحيفاء، ويريدون أن يتطابق ذبح البقرة وحرق الرماد مع هذه الألفية القادمة، ويقولون: ننتظر ذلك منذ ألفين سنة، وجود البقرة وولادة البقرة، ثم بناء الهيكل بعد ذلك، ولديهم بعض الاختلافات بين حاخاماتهم في شأن موعد ذبح هذه البقرة، ولكنهم مجموعون على العمل.
ونحن نعلم أن الله قد ذكر لنا ما يتعلق ببني إسرائيل والبقر في كتابه في موضعين في البقرة التي ذبحت، وكانت معجزة لموسى ليضرب ببعضها القتيل الذي لم يعرف قاتله، فيحيى بإذن الله فيخبر بقاتله، والموضع الثاني العجل الذي عبده قوم موسى من بعده بما أضلهم السامري، ويوجد إلى الآن طائفة من اليهود من عباد العجل يعلقون العجل قلادة في رقابهم، طائفه من طوائفهم، ومدرسة من مدارسهم موجودة إلى الآن.
اعتقادات النصارى في الألفية الثالثة
أيها الأخوة: إن هذه الألفية الثالثة التي يتحدثون عنها، في بدايتها للنصارى فيها أيضاً اعتقادات، وأمة النصارى مليار ونصف مليار من البشر، يوقنون أيضاً بأن المسيح سيعود في هذه الألفية، وأنه سينزل في موطنه الذي كان فيه؛ ولذلك يعدون العدة للاحتفال في بيت لحم، والناصرة، سيعود إلى المكان الذي ولد فيه، فليس الاحتفال عندهم في تلك المنطقة -وهي بلد إسلامي ملك المسلمين فتحه المسلمون وأزالوا أوضار الشرك منه- إنهم لن يحتفلوا في ذلك المكان، الذي تبنى فيه الفنادق بكثافة، وتنظم الأسفار السياحية إليه بكثافة، ليجتمع فيه أكثر من ثلاثة ملايين نصراني -تخيل يا عبد الله- ثلاثة ملايين نصراني يجتمعون في ذلك المكان، في هذه الألفية التي يتحدثون عنها، ليس احتفال بميلاد المسيح فقط، وإنما ترقباً لقدومه وعودته ونزوله في ذلك المكان وظهوره مرة أخرى، نحن المسلمين نعتقد أن المسيح لم يمت، وأن الله رفعه إليه، بخلاف النصارى الذين يقولون: مات، ويحهم يزعمون أنه ابن الله، وأنه مات، وقتل وصلب، وأنه سيكون في هذا المكان لقيادتهم مرة أخرى، ونحن نعتقد بأن المسيح رفعه الله إليه، وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ النساء: 157، وأنه سينزل في آخر الزمان عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، وليس في بيت لحم، ولا الناصرة، وإنما سينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، كما أخبر النبي ﷺ في الأحاديث الصحيحة، وسيحكم الأرض بشريعة الإسلام، ويقاتل اليهود والنصارى، وهذه المنارة البيضاء موجودة الآن، وهي إحدى منارات المسجد الأموي بدمشق، وسينزل المسيح ابن مريم عيسى في ذلك المكان، كما قال النبي ﷺ، والله أعلم بوقت نزوله، ولكن نحن في آخر الزمان، والأمر قد اقترب.
لقد استطاع اليهود، أيها الأخوة، أن يستغلوا بعض العقائد للنصارى لإقناعهم أن من مصلحتهم، أي: من مصلحة النصارى أن تقوم دولة اليهود، وأن ملك النصارى ومسيحهم لا يعود إلا بقيام دولة اليهود، ولذلك فإن إعطاء فلسطين من النصارى لليهود في أول هذا القرن، لم يكن إعطاءً عبثياً، وإنما هو مبني على تخطيطات وعلى نبوءات موجودة لديهم في كتبهم، ولما تردد هرتزل في قبول فلسطين، بعث إليه أحد النصارى الكبار بورقة من الكتاب المقدس بزعمهم تدل على قيام دولتهم في ذلك المكان.
فاليهود والنصارى يتواطئون اليوم على الاحتفال بهذه المناسبة والاستعداد لها استعدادات عظيمة، يحج ثلاثة ملايين من النصارى، وعلى رأسهم كبيرهم الذي يتابعهم في أعمال الشرك والكفر يوحنا بولوس، الذي هو شيخ كفرهم في هذا الزمن، سيجتمعون في ذلك المكان بالإضافة إلى احتفالاتهم في أنحاء العالم الأخرى، والقضية قريبة، والخطر داهم، ولكن كثيراً من المسلمين عن هذا غافلون.
ويزداد الهوس، ويضع النصارى كميرة مراقبة على البوابة في الأقصى، ويخصصون موقعاً في شبكة نسيج العنكبوت الانترنت لينقل لحظة بلحظة هذه البوابة؛ لأنهم يتعقدون بأن المسيح سيخرج منها، إن أولئك القوم الذين قاموا بهذه الصناعات، ووصلوا إلى الفضاء، ليسوا أمة علمانية بحتة كما يتصور البعض، وإنما هم أمة لهم اعتقادات، كما أن في المسلمين صحوة، وكذلك عند النصارى صحوة في باطلهم، وكما أنه حصل عند المسلمين رجوع من كثير من أبنائهم إلى الدين، فإن النصارى يعيشون على أعتاب الألفية القادمة، يعيشون صحوة دينية ولكنها شركية كفرية، ولذلك فإن الإقبال على الدين عندهم يزداد، وجمعياتهم الدينية وجمعاتهم تزداد، والقيام بالعمل على تحقيق نبوءاتهم يستشري، وعدد الذين سيحجون بزعمهم إلى بيت المقدس وبيت لحم والناصرة سيزاد، كل ذلك رجوع منهم إلى الديانة التي يعتقدون بها، وكبارهميقدرون ذلك يقدرون الكنيسة، ويقدرون المناسبة.
فإذاً، أيها الأخوة: القضية قضية كبيرة، وليست قضية سهلة، وستتزامن مع مشكلة لا علاقة لها بالموضوع في ظاهر الأمر، وهي انهيار الحاسبات في عام ألفين عندما لا تستطيع أجهزة الكمبيوتر أن تظهر المعلومات وتتعامل مع البرامج لأنها غير قادرة على قراءة الصفرين التي يتحدثون عنها، وبناء على ذلك يتوقع خبرائهم أن تتوقف كثيراً من الأنظمة المصرفية والملاحة الجوية، وكذلك مراقبة التلوث وإمدادات الطاقة، ونحو ذلك، فلذلك يتكلمون عن قضية تخزين مواد غذائية في البيوت، وسحب بعض من الأرصدة إن لم يكن كل الأرصدة في قبل هذا التاريخ حتى إذا تعطلت الأجهزة كان لديهم ما يأكلون به ويشربون ويشترون، إن هذا الأمر استغله بعض المتدينين لديهم، ليقولون أن بعض الانهيارات والاحداث المتسارعة في العالم في الألفية من أسبابها: مشكلة الصفر في عالم الحاسب الآلي، وأنهم إذا أقدموا على سبح الأرصدة ستنهار اقتصاديات، وستقع حروب نتيجة لذلك، فيربطون ما سيحدون في عالم الكمبيوتر، يربطونه إذا بمعتقداتهم في هذه الألفية القادمة، وهم يعتقدون أي النصارى بأن مسيحهم المنتظر لن يأتي إلى بعد فترة متواصلة من الأزمات والكوارث المتتابعة، من الحروب التقليدية والنووية وغيرها، والانهيارات الاقتصادية فهم يتوقعونها المتدينون منهم، ويربطون بين هذه المشكلة، وبين اعتقاداتهم.
أيها المسلمون: لماذا نكون من الغافلين؟ ونعمي أبصارنا، ونصم آذاننا عن تتبع ما يجري، ما دامت القضية تمثل لديهم أمراً كبيرا، نعم نحن نعلم بأن الغيب لا يعلمه إلا الله، ولا ندري هل ستمر الألفية مناسبة عادية فيها زيادة احتفالات، وفحش وغناء، وخمر، وسكر، وعربدة، وفجور، ومجون، وزيادة في الأنوار، أم أنه سيرافقها أحداث عظام من كوارث وحروب في العالم، هل ستكون المناسبة مجرد أعياد تعم العالم يدخلون فيها المسلمين وغيرهم، أم أنها ستكون معها كوارث وحروب؟ هذا أمر لا يعلمه إلا الله، ولكن المطلوب منا ولا شك أن نكون يقظين، أن لا نكون غافلين، أن نعلم ماذا يصنع القوم؟ وماذا يريدون؟ إننا لسنا أمة مهمشة في التاريخ بل نحن الذين قدنا العالم، بعد بعثة النبي ﷺ وأرغمنا أنوف اليهود والنصارى، ولم نكن في مؤخرة الأمم، إلا في هذه السنوات المتأخرة من عمر الزمن الذي كان بعد النبي ﷺ.
ونسأل الله أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، وأن يجعلنا من المستبصرين بسبل المجرمين، ونسأل الله أن يوقظ المسلمين من غفلتهم، وأن يردهم إلى دينهم، وأن يقئهم مكر أعداءهم إنه سميع مجيب قريب، أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي المتقين، وأشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
الاستعداد لمواجهة الخطر الداهم
عباد الله: لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُالحج: 67، وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَاالبقرة: 148، وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنْ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً المائدة: 48، وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْالبقرة:120، اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَالفاتحة: 6-7، اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضلال، المغضوب عليهم والضالون يجتمعون اليوم لكي يحققوا النبوءات المزعومة، يعملون ليلاً ونهارا بجد ونشاط بجهود متكاتفة، وتبرعات طويلة، وأموالاً هائلة تجمع من أجل الوصول إلى ما يضنون أنه سيحدث في هذه الألفية، فماذا أعد المسلمون؟ بأي شيء قمنا نحن لمواجهة هذا الخطر الداهم في هذه الجهود الجبارة، والحثيثة التي يقومون بها؟.
أيها الإخوة: إنه لا بد أن يكون عندنا استعدادات لذلك، وهذه الاستعدادات تكمن في عدة أمور ومنها:
الاستعداد العقدي، الإيمان بالله ، والتوكل عليه، الإيمان بالله الذي يؤدي إلى أن يتصل المسلم بربه اتصال الوثيقة، ويتوكل عليه وينيب إليه، ويثق بنصره ، وأن الله لن يتخلى عن دينه، وأنه سينصر الإسلام.
وقد أخبرنا نبينا -صلى الله عليه وآله وسلم- عن عدد من البشائر التي تدل على عودة الإسلام قوياً في آخر الزمن، ونحن في آخر الزمان ولا شك، لقد أخبرنا عن فتح القسطنطينية، ورومية والتي فيها الفاتيكان عاصمة النصارى في العالم، وأخبرنا كذلك أن الإسلام لا يترك بيت مدر ولا وبر في الحاضرة والبادية إلا ويدخله بعز عزيز أو بذل ذليل، وأخبرنا بأن المسلمين سينتصرون على اليهود، في معركة الد التي سيقودها المسيح ابن مريم حتى أن شجر اليهود التي يكثرون من زراعته الآن سينطق بما وراءه من اليهود المختبئين، وأن المسلمين سينتصرون على النصارى في معركة مرج دابق، وهي قرية بقرب حلب في بلاد الشام، معروفة قريبة من الحدود التركية، ستكون معركة جاء تفصيلها في صحيح الإمام مسلم.
في الحديث الصحيح عن النبي ﷺ، وأنهم سيحشدون لنا تسعمائة وستين ألفاً من جنودهم، ولكن أهل الإسلام سينتصرون عليهم، أخبرنا ﷺ بمعارك فاصلة بيننا وبين اليهود والنصارى تكون في آخر الزمن، وأخبرنا عن أحداث متلاحقة، وأخبار عظام ستكون في آخر الزمن، ونحن لا ندري هل هذه قريبة؟ هل سندركها في حياتنا أم لا؟ ولكنها في الجملة قريبة، فإننا في آخر الزمان ولا شك، وإذا كانت بعثة نبينا ﷺ هي أول أشراط الساعة الصغرى، وقد مضى عليها أكثر من أربع مائة سنة، فما بالك إذاً بما بقي، لا شك أنه شيء يسير جدا.
وكذلك فإن من الاستعدادات استعدادات علمية، بتعلم هذا الدين وتفقهه، وأن ننظر في الآيات والأحاديث التي تتحدث عن علقتنا باليهود والنصارى، وكيف يجب أن نتعامل معهم، ونحذر من مكرهم.
وكذلك فلا بد من استعدادات نفسية ببذل النفوس والأموال في سبيل الله، وإذا قام قائم المعركة في سبيل الله أن يكون المسلم على استعداد لبذل الغالي والرخيص، والنفيس والقليل لأجل دينه، فما فائدة الحياة أيها الأخوة، إذا كان سيعيشها الإنسان للذات بهيمية من طعام وشراب ولباس، واستمتاع بهذا الزائل الفاني، وما عند الله خير وأبقى.
وكذلك فإننا نجب أن نقوم بتحذيرات لأبناء المسلمين من خطط اليهود والنصارى في هذه الألفية وغيرها، ونحن قادمون على عيد عظيم لهم يحتفلون فيه جميعاً، وسيكون قمة احتفالاتهم الشركية الكفرية الإباحية المشتملة على الفحش والمنكرات، ستكون في قمة عبادتنا في العشر الأواخر من رمضان، لا شك أنها قضية كبيرة جدا المسلمون في قمة العبادة في العشر الأواخر من رمضان، واليهود والنصارى في قمة احتفالات الفحش في هذه الألفية التي يتحدثون عنها، وقد ذهب عدد من النصارى بعد أن باعوا ممتلكاتهم في أمريكا وغيرها، إلى أرض فلسطين، وهم يتوافدون ليقوموا بحركة ما: قتال أو انتحار جماعي أو غيره، ويقولون: أن زعيم طائفتهم سيموت هناك، هناك أحداث ولا شك، وأحداث عظام قادمة، فلا بد أن يكون لنا نحن المسلمين استعدادات لأجلها.
ولذلك فإن العودة إلى الدين والتمسك بالإسلام، وإقامة الحلال، وتحريم الحرام، وعمل الواجبات، وترك المحرمات، والالتجاء إلى الله، وتربية الأولاد على الإسلام هو الاستعداد الحقيقي للمواجهة، هذا استعدادنا الحقيقي للمواجهة العودة إلى الدين الذي شرفنا الله به، ونصرنا به ولن ينصرنا بغيره.
نسأل الله أن يجعل بلاد المسلمين آمنة مطمئنة، اللهم اجعل بلدنا هذا آمنا وسائر بلاد المسلمين، وقنا كيد الحاقدين والحاسدين، اللهم إننا نستجير بك من كيد اليهود والنصارى يا رب العالمين، آمنا من شرورهم، ورد كيدهم في نحورهم، وجعل الغلبة لنا عليهم أنك على كل شيء قدير، اللهم أقم علم الجهاد، واقمع أهل الزيغ والفساد والعناد، وانشر رحمتك على العباد، يا من له الدنيا والآخرة وإليه المعاد، اللهم انصر اخواننا في بلاد الشيشان، وفي غيرها من الأرض على الظلمة الكافرين يا رب العالمين، اللهم سدد رميتهم، اللهم صحح منهجهم، اللهم واجمع كلمتهم على التوحيد إنك بالإجابة جدير، وعلى كل شيء قدير والحمد لله أولاً وأخراً.