الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَسورة آل عمران102. يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًاسورة النساء1. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًاسورة الأحزاب 70-71.
أما بعد:
رحمة الله بمبعث النبي ﷺ
فقد كان العالم في جاهلية وظلمة يتخبط ويعيش حياة الحيرة والاضطراب والظلم والعدوان حتى شاء الله تعالى أن يبعث النبي ﷺ فسطعت شمس النبوة في أرجاء العالم، ونشر الله دينه، وقد اختصر النبي ﷺ حياة طويلة للمسلمين في كلمات قليلة بقوله: بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ[رواه الترمذي2629]، وفي الغربة وبين الغربتين وحولهما ندندن في هذه الخطبة، ولا نجد أفضل من يخبر عن كيفية زوال الغربة الأولى وكيف بدأ الإسلام أفضل من كتاب الله تعالى الذي يصف التحول في قوله : أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ سورة الأنعام122، على المستوى الفردي وعلى مستوى العالم أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِسورة الأنعام122، رآها شخص في المنام ثم هداه الله تعالى، رآها شخص في المنام تقرأ عليه ثم هداه الله تعالى، وهذه الآية لعموم العالم وهذه الأمة كانت ميتة فأحياها الله بالإسلام، حقاً إنه تصوير رائع عجيب تقف الأقلام حائرة في وصفه، وكذلك الأسلوب القرآني في كل حين، رحلة عجيبة من الموت إلى الحياة ومن الظلمات إلى النور هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِسورة الزمر29، مسافة هائلة ونقلة عظيمة، كذلك كان المسلمون قبل هذا الدين، قبل أن ينفخ الإيمان في أرواحهم فيحييها ويطلق فيهم، وتطلق فيهم هذه الطاقة الضخمة من الحيوية والحركة كانت قلوبهم مواتاً، وكانت أجسادهم ظلاماً، ثم إذا بتلك القلوب يتضح عليها الإيمان فتهتز وإذا أراوحهم يشرق فيها النور فتضيء، ويفيض منها النور فتمشي به بين الناس تهدي الضال وتلقط الشارد، وتطمئن الخائف، وتحرر المستعبد، وتكشف معالم الطريق للبشر، وتعلن في الأرض ميلاد الإنسان الجديد، الإنسان المتحرر من العبودية، الذي خرج من رق عبودية البشر إلى عبودية الله وحده، فنفخت روح الحياة حياة الإيمان من جديد، وأفيض على قلبه النور، وهكذا حصلت تلك النقلة، نقلة بعيدة.
حياة الجاهلية قبل بعثة النبيﷺ
إذا نظرنا أيها الإخوة إلى حياة الجاهلية قبل بعثة النبي ﷺ ماذا كان فيها؟ كانوا يعبدون الأصنام والأوثان والأشجار والأحجار ولكل قبيلة صنم مشهور، ورب منحوت، بل ربما كان لكل بيت في الغالب صنم خاص به، وكان في جوف الكعبة المشرفة وحولها ثلاثمائة وستون صنماً، وارتكس الناس في الشرك، وأمعنوا في الوثنية.
قال ابن إسحاق رحمه الله: واتخذ أهل كل دار في دارهم صنماً يعبدونه فإذا أراد الرجل منهم سفراً تمسح به حين يركب، وإذا قدم من سفره تمسح به فكان ذلك أول ما يبدأ به قبل أن يدخل على أهله، فلما بعث الله محمداً ﷺ بالتوحيد قالت قريش: أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ سورة ص5.
وقد كانت العرب اتخذت مع الكعبة طواغيت وهي بيوت تعظمها كتعظيم الكعبة، لها سدنة وحجاب وتهدي لها كما تهدي للكعبة، وتطوف بها كتطوافها بالكعبة، وتنحر عندها. وفي الصحيح عن أبي رجاء العطاردي قال: كنا في الجاهلية إذا لم نجد حجراً جمعنا حثية من التراب وجئنا بالشاة فحلبناها عليه، ثم طفنا بها. وربما اتخذ بعضهم إلهاً من تمر فإذا جاع أكله، فهل بعد هذا من سقوط وانحدار.
وجاء في حديث المغيرة مع رستم، قبل وقعة القادسية: وكنا قوماً نعبد الحجارة والأوثان فإذا رأينا حجراً أحسن من حجر ألقيناه وأخذنا غيره.
ولم تكن هذه الأصنام والأوثان وحدها هي المربوبات، بل كان هناك في الحقيقة مربوبات أخرى معبودة تسيطر على القلوب، ربما أكثر من سيطرة الإله الذي يزعمون عبادته، فالقبيلة كانت رباً يعبد ويطاع، ولا يجرؤ أحد من أفرادها على المخالفة عن أمرها، وكان قائلهم يقول:
وهل أنا إلا من غزية إن غوت | غويت وإن ترشد غزية أرشد |
حتى إن أكبر تهديد كان يمكن أن يتعرض له إنسان هو الخلع من القبيلة، فيصبح خليعاً منبوذاً لا يتحدث إليه أحد ولا يتعامل معه أحد، ومن هنا خضع الأفراد لسلطان القبيلة في غيها ورشدها سواء.
لا يسألونها حين تأمرهم بقتال أو سلب أو نهب أحلال هو أم حرام، فهذه هي حمية الجاهلية التي قال الله عنها: إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ سورة الفتح26، ولم تكن القبيلة هي صاحبة السلطان على قلوب الناس فحسب، بل كان عرف الآباء والأجداد سلطاناً قاهراً يستعبد الناس، ويحول بينهم وبين الاستقامة قال الله تعالى: وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ سورة البقرة170 كما كان الهوى رباً مطاعاً معبوداً، قال الله تعالى: أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًاسورة الفرقان43، كما كان عدم الإيمان باليوم الآخر يشكل حياة الناس في ذلك الوقت فما دام العمر قصيراً، ولا بد من الموت، ولا اعتقاد بحساب بعده فلماذا لا تنتهب اللذات قبل أن يفوت الأوان؟
وهكذا الغربيون اليوم، لا إيمان بالبعث، فلماذا لا يغرقون في الشهوات، ويحصلون من اللذات ما دامت الحياة هي الوحيدة، الحياة الوحيدة، كانت معرفة أهل الجاهلية بالله تعالى أيها الإخوة معرفة نظرية، يقرون بتوحيد الربوبية ويكفرون بتوحيد الألوهية، قال الله : وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ سورة يوسف106، قال طائفة من السلف: تسألهم من خلق السماوات ومن خلق الأرض ومن خلق الجبال قالوا: الله، وهم مشركون به.
فالإيمان بتوحيد الربوبية والكفر بتوحيد الألوهية هو الذي يفسر قوله تعالى: وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَسورة يوسف106، وقد أخبر الله تعالى عن إقرارهم النظري الذي ليس له أثر عملي، قال تعالى: وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ سورة الزخرف87، وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ سورة لقمان25.
وكان الخوف من الجن والاستجارة بهم والتعوذ بكبرائهم من دين أهل الجاهلية، قال تعالى: وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا سورة الجن6، كان الرجل يخرج بأهله مسافراً فيأتي الأرض أثناء الطريق فينزلها خائفاً فيقول: أعوذ بسيد هذا الوادي من الجن أن أضر أنا فيه أو مالي أو ولدي أو ماشيتي. كانوا يؤمنون بالخرافة والسحر والشعوذة، وكان إتيان الكهان والعرافين ديدنهم في كل ما يلم بهم من أزمات، كما يفعل اليوم، كما يفعل الكفار اليوم، كما يفعل أهل جاهليتنا.
وكانوا يطوفون بالبيت عرايا، وتقول المرأة:
اليوم يبدو بعضه أو كله | وما بدا منه فلا أحله |
ويتأولون: أنهم لا يطوفون بالبيت بثياب عصوا الله فيها، وماذا يفعلون هم إلا المعصية في ذات الأمر؟ وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ سورة الأعراف28، وكانوا يحلون ما حرم الله، يا جماعة، بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ[رواه الترمذي2629]، فالجاهلية ستتكرر واربط وقارن، وكانوا يحلون ما حرم الله ويحرمون ما أحل الله افتراءً على الله، ويبتعدون من المحدثات ما لم يأذن به الله، قال الله: سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ سورة الأنعام148.
كانت الأعراف الجاهلية هي الأعراف السائدة، وقد عبر المغيرة بتعبير حسن للغاية بين يدي ملك الفرس يزدجرد الذي قال له، يقول ملك الفرس: إني لا أعلم في الأرض أمة كانت أشقى ولا أقل عدداً ولا أسوأ ذات بين منكم، قد كنا نوكل بكم قرى الضواحي، الغساسنة والمناذرة ليكفوناكم، لا تغزوكم فارس ولا تطمعون أن تقوموا لهم، فإن كان عددكم كثر فلا يغرنكم منا، وإن كان الجهد – الفقر الحاجة- دعاكم فرضنا لكم قوتاً إلى خصبكم، إلى حين تخصب أرضكم، وأكرمنا وجوهكم وكسوناكم وملكنا عليكم ملكاً يرفق بكم، فقال المغيرة : أما ما ذكرت من سوء الحال فما كان أسوأ حال منا، وأما جوعنا فلم يكن يشبه الجوع، كنا نأكل الخنافس والجعلان، والعقارب والحيات، ونرى ذلك طعامنا، وأما المنازل فإنما هي ظهر الأرض ولا نلبس إلا ما غزلنا من أوبار الإبل والشاء والغنم، لباس الحرير لا نعرفه، ديننا أن يقتل بعضنا بعضاً، وأن يبغي بعضنا على بعض، وإن كان أحدنا ليدفن ابنته وهي حية كراهية أن تأكل من طعامه، وكانت حالتنا قبل اليوم على ما ذكرت لك، كانوا يشربون الخمور ويزنون ويرتكبون الفواحش، ويلعبون الميسر، ويئدون البنات ويقتلون الأولاد خشية الفقر، ويعتدي الأقوياء على الضعفاء، السلب والنهب، كانوا يسيؤون الجوار ويقطعون الأرحام، وكانوا يحتقرون المرأة أيما احتقار، ويمتهنونها حتى إنها تورث عندهم كسقط المتاع، وكان احتقار العبيد وازدراءهم سمة من سمات العصر الجاهلي، حتى ربما استعبد الأب ابنه إن كان من أمة سوداء. وكان التفاخر بالأحساب والطعن في الأنساب معلماً من معالم الجاهلية التي شيدت على بناء من العصبية القبلية المقيتة، وكان كثير من العرب خصوصاً من أبناء البوادي يحتقرون الزراعة والصناعة، ويرون أنها من عمل أهل الذلة والهوان، وأن الرجولة كل الرجولة السلب والنهب على الجياد بالسيوف.
ولم يكن هناك سلطان يجمعهم، كانوا متفرقين، المناذرة في العراق، والغساسنة في الشام، اصطنعت هاتين الدولتين اصطنعهما فارس والروم على الحدود بينهم وبين العرب فأديا دور الخدمة أحسن أداء، وبطش ملوكهم بقبائل العرب حتى بطش المنذر بن ماء السماء بقبيلة بكر العربية؛ لأنها رفضت طاعته وأسر عدداً كبيراً منهم، وأمر بهم أن يذبحوا على جبل أواره وأمر بالنساء أن يحرقن بالنار.
شمس النبوة المحمدية
ولا زالت تلك الحال والظلم والظلام والشرك والأوثان والفسق والآثام، والخرافة والدجل، والتقاتل والتفرق، والتشاحن والعصبية، والخصام المتواصل حتى أذن الله بأن تشرق شمس النبوة المحمدية.
وأضاءت لهم أنوار العقيدة الإسلامية وسرعان ما انقشعت دياجير الظلام وزالت أحجبة الشرك، فأقبلوا إلى هذا الدين الجديد بعد طول مكث في الحيرة والتردد والضياع، ينهلون من حياضه، بعدما كاد عطش الجهل والشرك يقتلهم، ويتشبثون به تشبث الغريق بحبل النجاة، ويكرهون أن يعودوا إلى الكفر كما كانوا أن يكرهون أن يقذفوا في النار، فارتفعت عبادة الشيطان في كل صورها، وحل بدلاً منها عبادة الرحمن، وأصبحوا بنعمة الله إخواناً متآلفين، لا فرق بينهم، بين سيد وعبد، ولا فضل لأبيض على أسود إلا بالتقوى، كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِسورة آل عمران110.
وصارت هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس بقضاء الله تعالى وقدره وتدبيره ، وخرج ذلك الجيل العظيم الذي لم تعرف البشرية مثله على الإطلاق، إنه الجيل الذي تم اللقاء فيه بين المثال والواقع، وبين النظرية والتطبيق، فترجمت تصورات الإسلام ومثله إلى واقع إلى عمل، وارتفع بالواقع البشري إلى درجة المثال، عايشوا الجاهلية من قبل ثم انتقلوا إلى الإسلام، فأدركوا بالممارسة عظم تلك النقلة، ولذلك قال عمر : لا يعرف الإسلام من لم يعرف الجاهلية. الذي ما عرف كيف كان الأمر لا يعرف نعمة الإسلام ولا يقدرها حق قدرها.
لقد أنشأتهم تلك العقيدة نشأة جديدة وصاغتهم حتى لكأنما ولدوا من جديد، فإذا هم يبذلون أرواحهم ودماءهم وأموالهم في سبيل الله، ويستعذبون القتل من أجل أن تحيا العقيدة، يقدمون من أجل العقيدة، يضحون من أجل الإسلام، من أجل الشريعة، لقد أدركوا نعمة هذا الدين، الذي نقلهم من الظلمات إلى النور، ومن الظلم إلى العدل، إن النقلة البعيدة أثرت في الصحابة ولذلك قدموا للدين، شعروا بالنعمة، فضحوا للدين، وعملوا للدين، فلا غرابة أن تحفل بسيرهم الأعاجيب، وأن تتحقق في حياتهم تلك المثل الرفيعة، لقد ضحوا تضحية لم يوجد لها مثيل، وكان الانطلاق من التقوى والأساس هو العقيدة، فإذا بالابن يقتل أباه المشرك، والأب يقتل ابنه المشرك، ولذلك لم تكن الأعراف والعادات والقبيلة والعشيرة والعصبية هي المتحكم في الموقف وإنما العقيدة هي التي كانت تتحكم في الموقف، فإذا بموازين الجاهلية ومعاييرها الظالمة تهتز وتضطرب، ثم تتهاوى وتسقط أمام موازين العقيدة، وكان الصحابة يضعون نحورهم أمام نحر النبي ﷺ يفدونه بأرواحهم، يقول الواحد منهم: يا رسول الله نحري دون نحرك.
وقام عمير بن الحمام أول قتيل قتل في سبيل الله في الحرب يقول في معركة بدر الكبرى، بعدما سمع النبي ﷺ يقول: والذي نفسي بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر إلا أدخله الله الجنة[ذكره ابن كثير في السيرة النبوية2/424]، قال عمير وكان في يده تمرات يأكلهن: بخٍ بخٍ، فما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء، فقذف التمر من يده وأخذ سيفه فقاتل حتى قتل، وهو يقول:
ركض إلى الله بغير زاد | إلى التقى وعمل المعاد |
والصبر في الله على الجهاد
وهذا المقداد بن عمر لما استشار النبي ﷺ أصحابه في مسيره إلى المشركين يقول: يا رسول الله امض لما أراك الله، فنحن معك، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون، ولكن اذهب أنت وربكم فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد – موضع بمكة بأميال- كان مهلكة، مفازة مهلكة لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه.
ويقول الآخر: والذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تكره بنا العدو غداً، إنا لصبر في الحرب، صدق عند اللقاء، لعل الله يريك منا ما تقر به عينك. فسر على بركة الله، فكانت مقدمات النصر موجودة ولذلك جاء النصر وجاءت النتيجة.
ودعموا الدين بالمال، وقدم أبو بكر المال كله في سبيل الله وأبقى لأهله الله ورسوله. والفاروق تصدق بنصف ماله وعثمان جهز جيش العسرة بأكمله، وتصدق عبد الرحمن بن عوف بمائتي أوقية، وتصدق عاصم بن عدي الأنصاري بتسعين وسق من تمر وتصدق رجل من الأنصار بصاع من تمر يقول: بت ليلتي أجر بالجرير على صاعين، والله ما كان عندي من شيء غيره، وهو يعتذر ويستحي ويقدم كل ما يملك، الصاع الذي عنده في سبيل الله، فأتيت بأحدهما وتركت الآخر لأهلي.
إذا بأولئك الفتيان الذين لم يكونوا يعرفون في الجاهلية إلا اللهو والعبث والضياع يتسابقون في ميادين الوغى والحروب، ويتطاولون بأقدامهم في المعارك كي لا يردهم رسول الله ﷺ لصغر سنهم، ولذلك لم يلتحق النبي ﷺ بالرفيق الأعلى إلا وكانت جزيرة العرب قد طهرت من رجس الأوثان والأصنام، واندحرت فلول الشرك، وعلت رايات التوحيد، بل ضرب النبي ﷺ بأقدام المسلمين أرض الروم.
وكان الذهاب في غزوة تبوك إيذاناً بسقوط دولة الروم، وبعد النبي ﷺ استمر خلفاؤه على العمل من بعده فأوغلوا في بلاد فارس والروم وتهاوت تلك الإمبراطوريات وتساقطت تلك الدول الواحدة خلف الأخرى، حصناً بعد حصن، ومدينة بعد مدينة، وأنفقت كنوز كسرى في سبيل الله، ويدخل ربعي بن عامر إلى مجلس قائد الفرس رستم وقد زين بالنمارق المذهبة والزرابي الحرير واليواقيت العظيمة، فيبسط بساطه، فيسأله رستم: ما جاء بكم؟ فقال: الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة.
وعلى ضفاف اليرموك هزم الروم وارتكس الصليب واندحر القسس والرهبان وغلب الموحدون، وفي حين كان يسلسل جيش الروم بالسلاسل والحبال حتى لا يفر جنوده كان الصحابة على الطرف الآخر يتبايعون على الموت في سبيل الله ويتدافعون شربة الماء بينهم، في الرمق الأخير، إيثاراً من الواحد للآخر، يقول للساقي: ادفعها إليه، فلما دفعت إليه نظر إلى الآخر فقال: ادفعها إليه، فتدافعوها كلهم ورحمهم حتى ماتوا جميعاً، ولم يشربها أحد منهم، وضربوا ذلك المثال في الإيثار الذي من النادر أن يوجد له مثيل.
وفي ساحة القادسية سحقت جحافل المجوسية وتضعضعت أركان الدولة الفارسية وتهدمت بيوت النيران وأطفئ نارها، وتساقطت أقاليم الفرس بأيدي المسلمين واحداً بعد واحد، حكموا البلاد بالشريعة ونشروا العدل فيها، وجاءت الهداية معهم إلى أهل تلك العباد فعرف الناس وذاقوا طعم الدين كما ذاقه الصحابة الذين كانوا مصاحف تمشي على الأرض، تنير للعالمين سبل السلام، وهكذا قاموا بالواجب ، ، . اللهم آمين، آمين، آمين يا رب العالمين.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
وأفسحوا لإخوانكم يفسح الله لكم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، أشهد أن لا إله إلا هو وحده لا شريك له رب الأولين والآخرين، وديان السماوات والأرضين. القائم على كل نفس بما كسبت لا إله إلا هو ولا رب سواه، وأشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، هو الرحمة المهداة والبشير النذير والسراج المنير، صلى الله عليه وعلى آله ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
حال المسلمين اليوم
وبعد تلك الوقفة مع عز الأمة في ماضيها وقوتها في حياة أسلافها وبكور وقتها، وبورك لأمتي في بكورها[رواه أبو داود2606]. ننظر اليوم حولنا فنرى أحوالنا في غاية العجب، وحال المسلمين في ذل لا يعلم به إلا الله، وقد استعبدتنا الأمم شرقاً وغرباً، وحصل ما أخبر به النبي ﷺ بقوله: يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير أكثر من أول، بل أنتم يومئذ كثير كذا مليار، بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت[رواه أبو داود4297]. وصف بليغ، وصف عظيم، وصف دقيق، قال ﷺ: إذا تبايعتم بالعينة، العينة ليست هي الربا لكنها وسيلة إلى الربا، مقدمة من مقدمات الربا، بيع العينة حيلة، إذا حصلت وأخذتم بأذناب البقر ورضيتم بالزرعانشغال بالزراعة وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم[رواه أبو داود3462]. انشغلنا بالدنيا، أقبلنا على المادة، تركنا الجهاد، كرهنا الموت في سبيل الله، تعلقنا بالدنيا، بالبيوت والقصور والسائقين والخدم والوظائف والأموال والاستثمارات، وأنواع الملهيات والألعاب والأشياء المسموعة والمنظورة، والشاشات والأفلام والمسلسلات، ولذلك لا يستغرب أبداً أن نصل إلى ما وصلنا إليه.
الأسباب التي أدت بنا إلى ما نحن عليه
أيها الإخوة: إن الأمر لم يقع فجأة، إن الأمر وقع تدريجاً، إن الأمة لم تستيقظ لترى نفسها فجأة بعد عزها في الليل ذليلة في النهار، أبداً، لقد وقع الأمر تدريجياً، نحن نعيش اليوم نتائج الركام الذي تراكم في القرون الماضية المتأخرة بما فيها هذا القرن وهذا الجيل من أجيال المسلمين التي ابتعدت عن الدين، ويمكن أن نلخص الأسباب التي أدت بنا إلى هذا الحال بأمور معينة أرجو أن نحفظها؛ لأنها في غاية الأهمية حتى نعرف من أين أوتينا، يحتاج كل أمر منها إلى شرح مفصل، ولكننا سنذكرها ذكراً مجملاً لتكون معروفة على وجه العموم، ولعله ييسر بعد ذلك الإتيان إلى تفصيلها.
أولاً: انحصار مفهوم العبادة في الإسلام، الذي ظن كثير من الناس به أن العبادة هي مجرد أداء الشعائر التعبدية فقط.
ثانياً: انتشار الفكر الإرجائي وعقيدة المرجئة التي هي فصل العمل عن الإيمان وأن المهم هو النية الطيبة وحدها، أن يكون ما في القلب سليم فقط، مهما كانت الأعمال والتصرفات بعد ذلك لا يضر. وكل من يصدق بالله فهو مؤمن كامل الإيمان، ما دمت مؤمن بالله مصدق به وبوجوده، وهو الذي كان يؤمن به أبو جهل بالضبط، فأنت مؤمن ولا حاجة بعد ذلك للنظر في الأعمال، أهم شيء القلب الطيب والنية الطيبة.
ثالثاً: انهيار عقيدة الولاء والبراء، الولاء للمسلمين والبراء من الكفار، ذلك الجدار الضخم والحاجز الصلب الذي كان يعزز المجتمع الإسلامي ويغذي الكراهية والجهاد ضد الكفار؛ لأنهم أعداء الله، فلا يمكن أن يقع تشبه من رجل عنده ولاء وبراء، ولاء للمسلمين وبراء من الكفار، لا يمكن أن يتشبه بهم فضلاً عن أن يعززهم أو أن ينصرهم أو أن يهنئهم بعيد ونحو ذلك من المظاهر، انهارت عقيدة الولاء والبراء.
رابعاً: غربة العقيدة الصحيحة ومحاربتها وذلك بأشياء منها انتشار علم الكلام والفلسفة، المنطق اليوناني، ليس في الشريعة فلسفة وعلم كلام، في الشريعة قال الله، قال رسوله، لكن انشغل المسلمون كثير منهم بعلم الكلام والفلسفة في بعض الفترات الماضية، وكذلك انتشرت مظاهر الشرك من القبور والأضرحة والتوسلات الشركية وغير ذلك، بالإضافة إلى انتشار البدع والخرافات وهذا عامل مهم جداً؛ لأنه نخر في أصل الأمة وهو التوحيد، وما فعلته الصوفية وطرق الصوفية في هذه الأمة.
وتخاذل أهل العلم ولم يقوموا بالدور المطلوب، وأغلق باب الاجتهاد وفتح باب التعصب المذهبي وانحدر المستوى العلمي وعم الجمود والجهل.
هذه بعض من أهم الأسباب التي أوصلتنا إلى ما نحن إليه اليوم.
سنة التدافع والمستقبل للإسلام
ولكن هل هذا الواقع سيستمر؟ هل هذا الحال سيدوم؟ الجواب: أبداً لا يمكن ذلك، أولاً: لأن من سنن الله تعالى التدافع بين الحق والباطل، وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُسورة البقرة251، والله لا يمكن أن يأذن بدوام الفساد في الأرض، ثانياً: أن الله تعالى أخبرنا في كتابه وعلى لسان رسوله بمبشرات ستقع وتقوم، والتاريخ دورات، دورة تأتي وتمضي، ثم دورة تأتي وتمضي، وسنن الله تعالى واحدة ولكن يتكرر وقوعها مرة بعد مرة عبر مئات وآلاف السنين، ولكن الناس يستعجلون ولا يرون إلا الحياة التي هم يعيشون فيها، السنوات والأيام التي يعيشون فيها، أما استعراض مسيرة التاريخ فقل من يفعله، لما كان بنو إسرائيل في ذل فرعون وبطشه وجبروته قتل أولادهم واستحيا نساءهم وسامهم سوء العذاب، لما أذن الله بأن يكونوا هم السادة، قال الله: ونريد، وإذا أراد الله انتهى كل شيء، وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم من بني إسرائيل مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ سورة القصص 5-6، ولذلك قتل أولادهم لأنه كان يخشى أن يكون زوال ملكة على يد واحد من بني إسرائيل، وقال الله: وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَسورة الأنبياء105، فإذن الله يريد أن يمن على الذين استضعفوا في الأرض ويجعلهم الأئمة ويجعلهم الوارثين بالمبشرات التي أخبرنا بها النبي ﷺ، فإنه أخبرنا أنه في أول الأمر أمر هذه الأمة خلافة راشدة على منهاج النبوي، ثم تحدث عن أطوار تنحرف فيها الأمور وتتغير إلى أن قال في آخر مرحلة: ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت.[رواه أحمد18406]وهذه الخلافة على منهاج النبوة لم تأت بعد، ولذلك فلا بد أن تأتي، ثم إقبال الناس على الإسلام اليوم واتجاه أعداد من الشباب إلى دين الله تعالى، الشباب الذين هم في سن اللهو والعبث يهتدون، قد لا نستغرب هداية الشايب، ولكن هداية شاب في عصر المغريات، قمة الفساد في الأرض في هذا الزمان هو العجب العجاب.
فوفود هؤلاء إلى طريق الهداية إلى طريق الإسلام يعبر عن بشارة بدأت مقدماتها في الوقوع، دخول أعداد من الكفار في دين الإسلام، في مصر بلغ عدد الذين جاءوا إلى لجنة الفتوى بالأزهر ليعلنوا إسلامهم خلال عام واحد ستمائة أجنبي ما بين رجل وامرأة، في مراكز توعية الجاليات عندنا إسلام الكفار سنوياً بالآلاف، بالآلاف، إقبال الكفرة على الإسلام حتى في ديار الغرب إنما يعبر ويوضح أن دين الله عائد إلى مسرح العالم وإلى الظهور من جديد، ويدخل من الأطباء والمهندسين والمفكرين وغيرهم أعداد إلى طريق الهداية، بل حتى الفنانين والفنانات، حصلت توبة عدد منهم، وهم الذين كانوا قد ارتكسوا في مستنقع الرذيلة إلى أسفله، ثم انهيار الشيوعية وسقوط الاشتراكية والمبادئ الزائفة والشعارات المضللة، والعقائد المنحرفة سقوطها معنى ذلك أنها لن تستمر، وستسقط الرأسمالية ولا بد، والمعسكر الغربي، ولكن سقوطه ربما يتأخر إلى حين يأذن به الله تعالى، وإلا فإن أسباب سقوط الحضارة الغربية قد قامت ولا شك، وأن الانهيار بدأ فعلاً عندهم كما صرح بذلك مفكروهم ومنظروهم، ولكن السقوط التام ربما لا يكون في حياتنا ولا في حياة أولادنا، إن الله يجلي الأحداث، وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَسورة الحـج47، وقال النبي ﷺ: ولكنكم تستعجلون[رواه البخاري3612]، ولكن قدر الله ماضي وسيأتي ولا بد، وما هو إذن المطلوب منا؟ هو العمل أيها الإخوة، العمل، فسواءً جاءت المنية وقد سقط الغرب أو لم يسقط فإن الإنسان يكون قد كسب عمره، وسواء رأى المسلم في حياته نصرة دين الله في الأرض أو لم يره فيكون قد عمل للدين؛ لأن المسألة في النهاية الجنة والنار، نسأل الله الجنة ونعوذ به من النار.
اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح ذات بيننا واهدنا سبل السلام، وأخرجنا من الظلمات إلى النور، اللهم أقم علم الجهاد، واقمع أهل الزيغ والفساد والعناد، وانشر رحمتك على العباد، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا يا رب العالمين، اللهم اجعل غيثنا قريباً، وفرجنا عاجلاً يا رب العالمين، أغث عبادك وبلادك وأحيي بلدك الميت، اللهم إنا نسألك الأمن يوم الوعيد والفوز بالجنة دار الخلود وأن تجعلنا مع الركع السجود يا حليم يا ودود.
وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.