الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 هـ :: 22 نوفمبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

الأزمة المالية


عناصر المادة
الخطبة الأولى
طغيان الأمم سبب لهلاكها
فأذنوا بحرب من الله
مصلحة البشر تقوم بدون معصية الله
الله يمهل ولا يهمل
الخطبة الثانية
أخذ العبرة والعظة من الأزمة المالية
الدين أساس في الاقتصاد وفي كل الحياة
حل الأزمة موجود

الخطبة الأولى

00:00:04

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

الحمد لله بيده الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌسورة آل عمران: 26.

لله تعالى الملك التام، وملك البشر ناقص، وله الغنى الكامل، وغنى البشر يزول، أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍسورة البقرة: 107، وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُسورة النــور: 42، وهكذا يرينا الله في الواقع ملكه التام، وهيمنته العظيمة، وأن الأمر بيده، وأنه يرفع من يشاء، ويخفض من يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، ويغني من يشاء، ويفقر من يشاء، ويقوِّي من يشاء، ويضعف من يشاء، ولله الحكمة البالغة، وله القوة جميعاً: أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاًسورة البقرة: 165، وهو عليم خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا سورة الطلاق: 12.

طغيان الأمم سبب لهلاكها

00:02:25

طغى الكفار في البلاد؛ فأكثروا فيها الفساد، وعجت الخلائق إلى بارئها تشكو ظلم الجبابرة، وجعل الناس يتلفتون يميناً وشمالاً يرقبون الفرج، وقام سوق النفاق، وقالوا: هؤلاء أهل القوة لوذوا بهم، وعوذوا بهم، وكونوا معهم، واغتر الكفار بقوتهم: إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِسورة القصص: 4، وفرعون هذا العصر جعل أهلها شيعاً، وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ سورة القصص: 39، وهكذا استكبرت الأمم القوية: فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةًسورة فصلت: 15، وهكذا صاروا يستضعفون طائفة من الناس يذبحون أبناءهم، وينهبون ثرواتهم، ويتسلطون على رقابهم، ويحتلون أرضهم.

قام سوق الجبروت، وقام الغرور في الأرض، والله لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاًسورة النساء: 36 أي: متكبراً فَخُورًا أي: على عباده، وصاروا يمشون مرحاً في الأرض، فماذا فعل الله؟.

هؤلاء الذين وصل الأمر بهم إلى الكذب على الله فقالوا: إن الله اختارنا لقيادة العالم! هؤلاء الذين قال مؤرخوهم: نحن نهاية التاريخ! يعني: نحن نهاية التسلسل في تطور أمم الأرض، ونحن قمة التطور التاريخي للبشر، هكذا قال قائلهم، وهم يتباهون في صراع الحضارات، فماذا حصل؟.

نعم، إنهم قادوا العالم ولكن إلى أي شيء؟ إلى الهاوية، فهاهي البورصات العالمية تتراجع بالنسبة القصوى تارة، وتغلق منعاً للتداول تارة.

هاهو الزلزال المدمر يضرب في الأرض شرقاً وغرباً دون استثناء.

قادوا العالم، نعم لقد قادوه! ولكن إلى أي شيء؟ إلى الفوضى، والزلازل المالية، والدمار الاقتصادي، هكذا كما قال بعض مؤرخيهم ومفكريهم: لقد حلَّت لعنة الربا على الناس.

فهل تظن أن ربك لن يفعل شيئاً؟ وأنه سيترك الظلم في الأرض يسري والجبابرة يطغون فيها، ويبارزونه بالمعاصي، ويتجبرون ويسفكون الدماء، ويظلمون الناس، ويبغون في الأرض بغير الحق، ويخرجون عن شريعته، ويحاربونه بأنواع الربا في الأرض، ثم إنه لا يفعل لهم شيئاً؟

نعم، اجتمع الطغيان في الأرض، والتجبر والتكبر مع الربا وأنواع المبارزة لله بالمعاصي، فهل تظن -يا عبد الله- أن ربك لن يفعل شيئاً؟ وأنه سيترك الظلم في الأرض يسري والجبابرة يطغون فيها، ويبارزونه بالمعاصي، ويتجبرون ويسفكون الدماء، ويظلمون الناس، ويبغون في الأرض بغير الحق، ويخرجون عن شريعته، ويحاربونه بأنواع الربا في الأرض، ثم إنه لا يفعل لهم شيئاً؟ هذا مناقض لحكمته تعالى.

ولا يمكن أن يقع كل هذا البغي، وهذا العصيان، وهذا العناد والاستكبار، ثم لا يفعل لهم شيئاً؛ لأن سنته تعالى في كل الأقوام المتكبرة المتجبرة الطاغية الباغية أنه كان يأخذهم ويزلزلهم، ويدمرهم ويرسل عليهم أنواع العذاب، ومن لم يعرف سنة الله في خلقه فإنه لا يدرك هذا.

ماذا قالت عاد؟ قَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً سورة فصلت: 15، ماذا قال فرعون؟ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىسورة النازعات: 24 ماذا فعل الله؟ فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى ۝ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى ۝ أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا ۝ رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا ۝ وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا ۝ وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا سورة النازعات: 25-30.

فأذنوا بحرب من الله

00:07:36

عباد الله: إن الله محيط بالكافرين: أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌسورة فصلت: 54، وهكذا نرى إحاطته بهم، أحاط الله بهم لما افتروا عليه، وساروا في الأرض بغير الحق، ماذا فعل ؟ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُوْلِي الْأَبْصَارِ سورة النــور: 44 لكن من الذي يعتبر؟ الفوضى في العالم، وهكذا زلازل تعصف بأموال الأمم، خسائر، إفلاسات، نزف مالي، قمم استثنائية، وضخ سيولة، وإعلان عجز، وتبخر أموال، والقضية لم تتوقف على إفلاس مصارف وشركات، بل بلغت إلى إفلاس بعض الدول، وهكذا يقولون: الاقتصاد في خطر، العالم على حافة هاوية الكساد، انكماش، ثم كساد، ثم انهيار، أزمات خطيرة ستطال المليارات.

لكن بداية التفجر في فقاعة الربا، عندما أعلنوا الحرب على الله، لما قال الله تعالى: فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِسورة البقرة: 279، هدد الذين لا يتركون الربا بأنه سيحاربهم فكيف يحاربهم؟ هكذا نرى أنواع الحرب تتجلى في الواقع، هؤلاء الذين ساروا في الأرض بالربا، والربا يخرب البلاد والعباد، ماذا حصل؟

قروض ربوية، وأزمات الرهن العقاري، وإعادة تعليب القروض، ثم بيعها مرة أخرى بعد التأمين عليها، وإعادة عمل مشتقات ربوية منها مع رهن وبيعها على صناديق استثمارية ومستثمرين آخرين، وتتوالى العمليات الربوية، وهكذا تتنوع، ويتفنن اليهود وأذنابهم فيها، وتتفتق عقولهم عن بيع الوهم، وبيع ما لا يملك، وبيع الدين، وبيع المعدوم، وبيع الكالئ بالكالئ، وبيع ما لم يقبضه! خالفوا الشريعة بجميع الأنواع، جميع أنواع المخالفة: ربا، غرر، ميسر، ودخل التأمين على الخط، التأمين على القروض، سبحان الله! ميسر وربا مغلف في سلعة واحدة تباع في الصناديق الاستثمارية.

أتظن -يا عبد الله- أن ربك لا يفعل لهم شيئاً؟ أتظن -يا عبد الله- أن الله لما هدد بالحرب أنه تهديد وهمي، وأنه تهديد بلا حقيقة؟ كلا؛ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاًسورة النساء: 122، إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُسورة هود: 107، والله بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ سورة فصلت: 54، دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا سورة محمد: 10، أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَئِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَاءةٌ فِي الزُّبُرِ سورة القمر: 43، هل كفار اليوم بمنأى عن بطش الله؟ هل كفار اليوم عندهم حصانة من عذاب الله؟ هل كفار اليوم قد تمنعوا وامتنعوا من بطش الله؟ أبداً، والله هو القوي، والبشر ضعفاء، وانكشفت الأمور عن تبخر ترليونات، أين ذهبت؟

قال الله : يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا سورة البقرة: 276، والمحق يشمل محق الأصل، يشمل المحق الحسي، والمحق المعنوي، وإذا كان المحق المعنوي يعني زوال البركة، فإن المحق الحسي ذهاب المال كله أو بعضه، محق، هلاك، زوال، تلف، اضمحلال، تدمير، لا ترى شيئاً، سيولات تضخ اليوم في مصارف العالم، وتختفي تلقائياً، وفجأة ومباشرة، والضخ مستمر، وإلى متى سيضخون؟ هل سيطبعون العملات بغير رصيد كما فعل بعضهم؟ أم أنهم سيحملونها على دافع الضرائب المسكين؟ أم أنهم سيقترضون مرة أخرى بالربا؟.

..................................... وداوني بالتي كانت هي الداء

مصلحة البشر تقوم بدون معصية الله

00:12:58

عباد الله: إن القضية كارثة حقيقية والله، وعندما يتكبر البشر، ويقولون: نظام متقن، نظام محكم، ويقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض، والمفتونون بالغرب، والذين يقلدون الكفار: لا اقتصاد بلا مصارف، ولا مصارف بغير ربا!.

نحن نفهم أهمية المصارف، ودور المصارف، وعمليات المصارف، وتنظيم المصارف للعملية الاقتصادية، ومكانة المصارف الحيوية، ولكن عندما يقولون: لا مصارف بغير ربا! لماذا؟! يعني: هل الأشياء التي تنفع الناس لا يمكن أن تقوم إلا بحرب الله؟ هل مصلحة البشر تكون في المعصية الواضحة، والعدوان الصارخ على شرع الله؟ ألم ينزل الله قانوناً لمصلحة البشر؟ ألم يضع الله أحكاماً لمنفعة الناس؟ ألم يحد الله حدوداً لأجل ألا يطغى الناس؟ أليس شرع الله لمصلحتنا ومنفعتنا؟ أليست مخالفة الشريعة هي ضرر علينا؟ أليس تمرد البشرية على الله هو وبال على البشرية ستذوق نتائجه عاجلاً أم آجلاً؟.

وقد رأينا ذلك في أرض الواقع، حاربوا الله على مستوى العالم، نظام عالمي ربوي مطبق من أقصى الأرض إلى أقصاها، ما هي النتيجة؟ عقوبة مالية مدمرة، وشاملة وعامة من أقصى الأرض إلى أقصاها.

الله يمهل ولا يهمل

00:14:48

عباد الله: إن الله يمهل للظالم، ولكنه إذا أخذه لم يفلته.

إن الله يملي للظالم، ولكنه لا يتركه، وهكذا عرف الناس في أنحاء العالم ما معنى تحريم الربا؟ ما معنى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ۝ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ سورة البقرة: 278-279، تهديد ووعيد، حرب منكَّرة لبيان عظمتها وشدتها، حرب على الأعصاب، حرب على القلوب، حرب على الرخاء، حرب على الأرقام، حرب على الطمأنينة، حرب على الإنتاج، حرب من الله تعالى تمحق الأخضر واليابس، حرب من الله تزيل وتفقر أمماً، وخراب بلدان، وانهيار عام، حرب: فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ سورة البقرة: 279، والحرب من الله ليست كالحرب من غيره، الحرب من البشر قد تضر مكاناً، وتزهق أرواحاً في شيء محدود، وجزء معين، وتمتد، ولكن هذا الامتداد الذي نراه في حرب الله ليس كمثله شيء من حروب البشر، وربما تقع حروب البشر كمظهر من مظاهر حرب الله للبشر، وقد وقعت أزمات عالمية كبيرة قامت بعدها سوق الحروب بين البشر، فيحاربهم مباشرة وبالواسطة، يحاربهم بأشياء من عنده مباشرة وبأشياء يقيمها بينهم.

يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِسورة البقرة: 276، قال ﷺ: ما أحد أكثر من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى قلة حديث صحيح [رواه ابن ماجه برقم (2279)، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (5518)]؛ ولذلك جعله أشد من الزنا، وجعل كل مشترك فيه ملعون، فعن جابر أنه قال: "لعن رسول الله ﷺ الله آكل الربا، ومؤكله وكاتبه وشاهديه"، وقال ﷺ: هم سواء  رواه مسلم [رواه مسلم برقم (1598)].

يسمونها فائدة! أي فائدة في محاربة الله؟ يسمونها فائدة! أي فائدة في التمرد على شرع الله؟ تعسُّر شركات، نزول الأرباح، توقف المصارف، تأميم، انهيار، استحواذ، كساد، أزمات، خلل، تضخم، بطالة، وهكذا يتحولون من الوظائف إلى صندوق الإعاشات الاجتماعية.

ثم إن الجريمة مركبة تركيباً عجيباً: كفر، وادعاء أن لله ولداً وصاحبة، وإنكار وجحد رسالات الله، واستهزاء بمحمد ﷺ، وعدوان على دين الله الحق وهو الإسلام، والطغيان في الأرض، والظلم والتجبر والبغي والاستكبار فيها، إضافة إلى الزنا، الزنا! وقد قال ﷺ: إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله [رواه الحاكم في المستدرك برقم (2261)، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (679)]، فقد ظهر الزنا في الواقع، في الملاهي، والكازينوهات عندهم، وفي الأفلام، وسوِّق الزنا سينمائياً، وتلفزيوناً، وقنواتياً، ظهر الزنا، وظهر الربا ماذا بقي؟ أحلوا بأنفسهم عذاب الله.

يقول الناس: ما وقع لهم شيء! ما مسهم شيء! مسلسل الطغيان مستمر! مسلسل التجبر مستمر!

ولكن كانت الأمور تتراكم، كانت الفقاعات تتصاعد، كان هنالك أمور تجري في الخفاء، وتظهر لمن يراها منهم أولاً قبل الناس في الخارج، بيوع وهمية، مخالفات لأحكام البيع والشراء، إذا اشتريت بَيعاً فلا تبعه حتى تقبضه[رواه أحمد برقم (14892)، وقال الأرناؤوط وغيره في تحقيق المسند: صحيح لغيره (24/32)]، وكان علماء الإسلام  والفقهاء، والدعاة وطلبة العلم يحذرون من قضية البيع بلا قبض، ونهى أن تباع السلع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم، ويحذرون مما يسمى بالتورق المنظم، والتحايل على الربا، لكن الذين كانوا سادرين في الغي استمروا في العمليات المختلفة، فماذا كانت النتيجة؟.

التأمين ميْسِر، التأمين التجاري قمار، والله تعالى حرمه، وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ سورة المائدة: 90، فانظر إلى التركيبة العجيبة لهذه الجريمة: كفر وشرك، ومحاربة الدين الحق ونبي الحق، والاستهزاء به، والتجبر في الأرض، وفواتيرهم بالمليارات، ثم بالترليونات من جراء حروبهم تتراكم، والربا والزنا، وأنواع المعاصي، والمخالفات الشرعية، والجشع، ما هي النتيجة المتوقعة؟.

وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌسورة القصص: 80، قال الذين أوتوا العلم: لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَسورة القصص: 76، قال الذين أوتوا العلم: إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ سورة هود: 84، لكن الذي طمس الله على بصيرته ماذا تملك له؟ استمر الظلم، هل سيستمر الظلم هكذا بلا عقوبة؟ هل من سنن الله الكونية ترك الظلم يتفشى، وهذا الحرب على دين الله وشريعته بلا أي طائل يطال القوم؟ كلا، نزلت هذه الباقعة، وحلت المصيبة، ما الذي سيحدث؟

الله أعلم، إلى أين ستنتهي القضية؟ الله أعلم، ماذا بعد كل هذا الضخ؟ الله أعلم، ماذا بعد الانهيارات؟ الله أعلم، ما الذي سيحدث بين الناس؟ الله أعلم، وهكذا صارت القضية الآن استسلام كامل، ويقولون: لا نرى نوراً في نهاية النفق، لا ندري ماذا سيحدث؟ وماذا بعد؟ الله أعلم.

رجع الناس يحورون، يدورون محتارين: إلى أين نذهب؟ ما هي التوقعات؟ فشلت التوقعات، فقد كانت بعض الدراسات تقول: ألفين وتسعة رخاء، سنة رخاء اقتصاد في العالم، والآن يقولون: كلها خسائر وانكماش، وانحسار وانهيار، وتدهور وكساد، لما دخل العالم بعضه في بعض تجارياً، وهيمن الربا أصيب الجميع.

اللهم إنا نسألك أن تعافينا يا أرحم الراحمين، اللهم نجنا برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم إنا نسألك لبلدنا هذا النجاة ولبلاد المسلمين، اللهم أنقذنا يا أرحم الراحمين، اللهم إنا نسألك أن تعافينا برحمتك، وأن تنجينا بفضلك، وأن تغنينا يا واسع العطاء، اللهم إنا نسألك أن تجعل بلدنا هذا بخير وعافية، وبلاد المسلمين، وأن تدرأ عنا الغلاء والوباء يا رب العالمين، اللهم إنا نعوذ بك من الدمار والخراب، ونسألك أن تعمر بلادنا بالإيمان والأمن؛ إنك على كل شيء قدير.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم، وأوسعوا لإخوانكم يوسع الله لكم.

الخطبة الثانية

00:24:44

الحمد لله، وسبحان الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، والله أكبر.

أشهد أن لا إله إلا هو الحي القيوم مالك الملك، هو الغني ذو الرحمة ، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، وصفيه وخليله، ونبيه وأمينه على وحيه، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه، وأزواجه وذريته الطيبين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أخذ العبرة والعظة من الأزمة المالية

00:25:28

عبد الله: الاغترار بالدنيا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ سورة المنافقون: 9، وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا سورة الأنعام: 70،كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ سورة آل عمران: 185،فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُسورة لقمان: 33، الشيطان، أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ سورة الشعراء: 205.

اشتروا بالربا بيوتاً ومزارع، وأنشؤوا مصانع، وبنوا بكل ريع آية يعبثون، واتخذوا مصانع لعلهم يخلدون، وبطشوا في الأرض جبارين، وقالوا: من أشد منا قوة، واستكبروا وجنودهم في الأرض بغير الحق، وظنوا أنهم إلى الله لا يرجعون، فماذا كانت النتيجة؟.

أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ۝ ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ ۝ مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَسورة الشعراء: 205- 207.

الحياة الدنيا سراب، الحياة الدنيا غرور، الحياة الدنيا متاع، ولكن يوم القيامة كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةًسورة يونس: 45.

عندما تاجروا في الوهم، وما لا يملك، وبيع الديون، وبيع المشتقات الربوية، والهامش، ودخلت قضية الأسهم في عوالم من الميسِر والقمار، والغرر والجهالة والخداع، أسواق عالمية تنزل، الآن أليس ذلك نتيجة لما استعملوه فيها من أنواع المحرمات بوجوهها المختلفة؟!.

الدين أساس في الاقتصاد وفي كل الحياة

00:27:37

وقام أهل النفاق يقولون للذين أوتوا العلم والإيمان عندما أنكروا عليهم: ما دخل الدين بالاقتصاد؟ ما دخل الدين في المصارف؟ ما دخل الشريعة في التجارة العالمية؟ نفس الكلام الذي قاله قوم شعيب لنبيهم، اسمع يا عبد الله: قَالُواْ يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُسورة هود: 87، يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ هذا الدين الذي أنت عليه، الصلاة، أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء استهزؤوا به: إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ، فصل الدين عن الاقتصاد، فصل الدين عن المال، الدين في جهة، والمال في جهة يمشي! يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء اغتر القوم بالنظام الرأسمالي، وفرحوا بسقوط النظام الشيوعي، وقالوا: الرأسمالية بقيت وانتصرت، فماذا حل بالرأسمالية؟ هم اليوم يلعنون الرأسمالية، ويدخلون مؤممين، ومستحوذين على المصارف، وأين الرأسمالية؟ الرأسمالية حرية تتنافى مع قضية التأميم، فلماذا تؤممون؟ اعترف القوم بألسنتهم بفشل الرأسمالية، ويطالبون بأنظمة مالية جديدة، ووصفوا النظام الرأسمالي -المالي هذا- بأنه نظام مهترئ وبالي، ولا بد من الإتيان بنظام جديد، سبحان الله! أين ما كنتم تتبجحون به من قبل؟!.

حل الأزمة موجود

00:29:53

اعترف كبراء القوم قالوا: النظام المالي العالمي الآن على وشك الكارثة، قالوا: لا بد من إعادة بناء النظام النقدي المالي العالمي من جذوره، ما هو ترقيع "من جذوره"، يعني: لا بد من الإتيان بنظام جديد، فما هو النظام الجديد؟ وما هو البديل؟ وعما يبحثون اليوم؟ سبحان الله! يتخبط البشر، ويبكون في الأنفاق، يدورون في فراغ، وهم في أمر مريج، يصلون إلى طرق مسدودة، وكوارث وانهيارات، ثم يبحثون عن الحل! الحل كان موجوداً، الحل كان أمامكم، الحل هو الإسلام الذي أنزله الله رحمة للعرب؟! لا ليس للعرب فقط، أرسله الله رحمة لمن؟ للسود فقط؟ لا، أنزله الله رحمة للإنس فقط؟ لا، أنزله الله رحمة للعالمين، والعالمين جمع عالم، عالم تجمع على عوالم وعالمين، عالم الإنس، وعالم الجن، وعالم الطير، وعالم الدواب، والأرض تتأثر بالظلم والكفر، وعندما تطبق فيها الشريعة تنزل فيها البركة والخيرات، فيستفيد حتى الدواب، دواب الأرض تستفيد، الإسلام رحمة للعالمين.

قالوا: لا حل للمشكلات الاقتصاد العالمي إلا بأمرين: أن يكون معدل حدود الفائدة البنكية صفر، وأن تكون معدلات الضريبة بين اثنين وثلاثة في المائة! ما هو النظام الاقتصادي المالي الذي فيه الربا صفر؟ الإسلام، لا يوجد غيره، وما هو النظام الذي الزكاة فيه اثنين ونصف في المائة؟ الإسلام.

لقد اعترف كبارهم، والذين أخذوا جوائز نوبل للاقتصاد، والليبرالية، سموها الليبرالية المتوحشة، سبحان الله! الليبرالية المتوحشة، وقالت دراسات بعضهم من زمان، قالوا: لا حل للمشكلات الاقتصاد العالمي إلا بأمرين: أن يكون معدل حدود الفائدة البنكية صفر، وأن تكون معدلات الضريبة بين اثنين وثلاثة في المائة! ما هو النظام الاقتصادي المالي الذي فيه الربا صفر؟ الإسلام، لا يوجد غيره، وما هو النظام الذي الزكاة فيه اثنين ونصف في المائة؟ الإسلام، فهاهم إليه اليوم يرجعون، حتى نادى بعض كبارهم، ومحرريهم -الآن- في الأزمة: هل آن لوول استريت أن يتحول إلى الإسلام؟ لا بد أن نرجع إلى القرآن، ونقرأه بتمعن حتى نستخرج منه نظامنا المالي.

الآن بدؤوا يقولون: المصرفية الإسلامية؛ لأن هنالك إفلاس في المبادئ، إفلاس في النظريات، فقر، النتيجة معروفة من قبل، الإسلام للبشرية، للناس كافة؛ لأن الله يعلم الصغيرة والكبيرة: وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍسورة يونس: 61.

عباد الله: من الدروس والعظات والعبر المستفادة من هذه الأزمة الكبيرة التي لا زال العالم يعيش فصولها، اليوم الجمعة انهيارات كبيرة جداً في بورصات العالم شرقاً وغرباً، إقفالاً ومنعاً، فهم حائرون، حائرون! أذكياء، وخبراء، وعلماء،... حائرون! والحل موجود، سبحان الله! سبحان الله! هؤلاء البشر عندما يطغون، وعندما يتجاهلون الحق، ويرفضون الحق، ويعاندون الحق، ويأبون الحق، ثم ترغم أنوفهم، ويرجعون رغماً عنهم.

هل من المتوقع أن تجعل هذه الأزمة العالم يتجه إلى الإسلام؟ قد لا يحدث بدليل أن الله قد ابتلى أقواماً من قبل فما رجعوا: فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ سورة الأنعام: 42 ما رجعوا، أرسلنا عليهم الجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات، استكبروا، فليس بالضرورة اليوم أن يسلموا، قد يسلم بعضهم، قد ينتبه بعضهم، قد يتعلم بعضهم، لكن إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ سورة القصص: 56، فالعبرة تبقى لنا نحن المسلمين؛ فيرى المسلم الآن الكتاب والسنة عظيمة في عينيه، غنية في عينيه، إنها ثروة كبيرة جداً، إنه صلاح العالم.

ويؤخذ من هذه الأزمة علم الله الشامل، الدراسات أفلست وأخطأت، والنتائج غير الواقع: إِنَّ اللّهَ لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء سورة آل عمران: 5.

هناك قضية مهمة جداً: ماذا سيحدث غداً؟ بعد أسبوع؟ بعد شهر؟ ما أحد يعلم، فالمؤمن يتجه إلى الله عالم الغيب: إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِسورة الحجرات: 18، وهكذا يلتجئ المسلم إلى الله، يرحم الله لوطاً لقد كان يأوي إلى ركن شديد [رواه البخاري برقم (3372)، ومسلم برقم (151)].

هؤلاء ظنوا أن النظام المالي متقن، وركن شديد، قال ابن نوح: سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءسورة هود: 43.

إذا صارت عندهم المشكلات قالوا: أنظمتنا تحمينا، جبل يعصمنا من الأزمات الاقتصادية، لكن لا عاصم اليوم من أمر الله، لا عاصم اليوم من أمر الله إذا نزل.

ثم الأنظمة يجب أن تؤسس على تقوى من الله ورضوان، ليست جزئياً، ولا ترقيعياً، ولا أسلمة في الظاهر، ويؤتى بمنتجات الكفر وتلبس لباساً من الخارج، وتطلى طلاء، ويقال: أُسلمت، القضية نظام كامل: أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ سورة التوبة: 109.

لقد توعد الله الظالمين بالعذاب والنكال: وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَسورة الشعراء: 227، وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً سورة الأنبياء: 11 قصمنا! إذا كان الظهر إذا قُصم قُضي على الشخص، فالظهر والعمود الفقري اليوم في العالم هو الاقتصاد، إذا قُصم ذَهب: وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا سورة الكهف: 59، وعقاب الله للظالمين  مستمر: وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ سورة الرعد: 31، القارعة ممكن أن يكون لها صوت، قارعة تقرع الأسماع: زلزال، عواصف، صواعق، ويمكن أن تكون قارعة تقرع القلوب: هلع، ذعر، خوف في الأسواق العالمية.

هذا يغطي عينيه، وهذا يغطي فمه، وهذا يضع يديه على رأسه؛ من هول المصيبة، هلع هلع، أسواق الهلع، أسواق الذعر، قارعة بلا شك، فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِالنتيجة معروفة: فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ سورة النحل: 112.

هناك سنن كونية لا تتخلَّف، إذا كان الله أمدكم بما تعلمون، وأمدكم بأنعام وبنين، وجنات وعيون، فلا بد إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍسورة هود: 84.

عباد الله: فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ سورة فصلت: 15، فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍسورة الحاقة: 6، فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْسورة الأحقاف: 25.

ونحن اليوم لا بد أن نوجه كلمة للمسلمين، المسلمين الذين يسيرون على شريعة الله سيكونون بعافية، وستؤول القضية في الذين يطبقون الشريعة، ويحكمون بالشريعة إلى العلو قطعاً، والله ينجي الذين ينهون عن السوء.

الذين يبيِّنون الخير والشر، والحلال والحرام، ويأمرون الناس بالبر.

الذين يأمرون بالقسط هؤلاء سينجون قطعاً؛ لأن الله أنجا الذين ينهون عن السوء، فيا مسلم، إذا كنت تحكِّم شرع الله في نفسك، وفي أهلك، وفي مالك، وفيما وليت عليه؛ فأبشر بالخير، وأي مسلم يصاب بمصيبة في ضمن هذه المصيبة العامة التي حدثت، فإن عليه أن يرضى، ويسلم، ويعلم أن لله فيها حكمة: وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِسورة الشورى: 27 البغي حادث الآن على الأزمات، فكيف بدون أزمات؟ لله حكمة فيما يحدث، وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ سورة الشورى: 27.

عباد الله: لا بد من التواصي بقضية عدم الذعر والهلع، وعدم إثارة الذعر والهلع في نفوس المسلمين من إخوانك؛ لأننا نعتز بالدين، ونعتز بالشريعة، وهنا نلجأ إلى الله أن يحفظنا في بلداننا، في أموالنا، في أنفسنا، في أهلينا، في ذرياتنا.

اللهم إنا نسألك في ساعتنا هذه أن ترحمنا برحمتك، وأن تحفظنا بحفظك، وأن تنجينا بفضلك يا رب العالمين، اللهم إنا نسألك الأمن والإيمان، اللهم اغننا بحلالك عن حرام، وبفضلك عمن سواك، اللهم نسألك العفو والعافية في ديننا ودنيانا، وأهلينا وأموالنا، يا رب العالمين، اللهم أنقذ أموال المسلمين، اللهم أنقذ أموال المسلمين، اللهم أنقذ أموال المسلمين، وارزقهم رغد العيش يا رب العالمين، واجعلهم لشرعك محكمين، وبسنة نبيك ﷺ آخذين، اللهم أحينا مسلمين، وتوفنا مؤمنين، وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين، اللهم إنا نسألك الأمن في البلاد، والنجاة يوم المعاد.

نسألك العافية في الجسد، والصلاح في الذرية والولد، والأمن في البلد، يا رب العالمين، اللهم إنا نسألك عيش السعداء، ومنازل الشهداء، وحياة الأتقياء الأنقياء، يا سميع الدعاء.

عباد الله: سيتجه أولادنا إلى المدارس غداً، فعلينا أن نذكر بتقوى الله، والصحبة الطيبة، والنية الحسنة في طلب العلم.

إن كان علم الشريعة فلنشر الدين، وإن كان علم الدنيا فلإعزاز أمة الإسلام، والانتفاع بالعلوم لرفع شأنها قبل النظر في المصلحة الفردية.

إنها مسئولية كبيرة على أولياء الأمور، وعلى المعلمين بماذا سيستقبلون الطلاب غداً؟.

أول يوم مهم جداً في تأسيس ما بعده إلى آخر السنة، إعلان مبادئ لا بد أن يُستقبل في المدارس بإعلان مبادئ تؤخذ من الشريعة، وعبر وعظات، وتوضيح المقاصد الشرعية، ما هي المقاصد الإلهية الشرعية؟ تُبين.

اللهم إنا نسألك التوفيق لأولادنا أجمعين، ونسألك الرحمة لنا أجمعين، اللهم اغفر لنا ولآبائنا وأمهاتنا يا رب العالمين، ربنا اغفر لنا ولوالدينا وللمؤمنين يوم يقوم الحساب.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ۝ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ۝ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ سورة الصافات: 180-182، وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.

1 - رواه ابن ماجه برقم (2279)، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (5518)
2 - رواه مسلم برقم (1598)
3 - رواه الحاكم في المستدرك برقم (2261)، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (679)
4 - رواه أحمد برقم (14892)، وقال الأرناؤوط وغيره في تحقيق المسند: صحيح لغيره (24/32)
5 - رواه البخاري برقم (3372)، ومسلم برقم (151)