الخميس 20 جمادى الأولى 1446 هـ :: 21 نوفمبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

محبوبات المحبوب 2


عناصر المادة
الخطبة الأولى
دليل الصدق في محبة الله
مواساة المسلمين بعضهم لبعض
الأزمة المالية

الخطبة الأولى

00:00:00

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد:

كل ما كان لغير الله فهو ضائع
00:00:27

فقد قال الله في كتابه العزيز: وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَىالنجم:42، فكل شيء يفعل لغير الله فهو ضائع، وكل عمل وشخص يُحب لغير الله فسيندم صاحب ذلك عليه، إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَىالنجم:42، أي: نهاية الأشياء إلى الله، ومرجعها إليه وينبغي أن تكون محبوباتنا لأجله، وأعمالنا له سبحانه، وإذا أحب العبد ربه صدقاً سعى إلى تحقيق ما يحبه الرب، ونظر في الأعمال التي يحبها سبحانه ما هي فقام بفعلها، والأشخاص الذين يحبهم الله من هم فقام معهم، يصحبهم ويرافقهم، والأماكن التي يحبها الله ما هي فيأتيها، والأزمان التي يحبها الله ما هي فيحرص على فعل الطاعات فيها، وهكذا يدور العبد مع محبوبات ربه دائماً.

الأعمال، والأشخاص، والأحوال، والأماكن، والأزمنة التي يحبها الله
00:01:40

وإذا تفكرنا فيمن يحبهم الله تعالى، وفيما يحبه الله من الأعمال، والأشخاص، والأحوال، والأماكن، والأزمنة، فسنجد أن الكتاب والسنة قد حفلا بشيء كثير، ومن ذلك:

- أحب الأديان إلى الله الحنيفية السمحة، كما أخبر ﷺ، فالحنيفية ملة التوحيد، توحيد بلا شرك، تحديد الوجهة إلى الله، بأن تميل عن كل ملة إلى ملة الإسلام، والسمحة هي التي فيها رفع الضرر، وزوال الأذى.

- يحب الله المؤمنين الأخيار، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّامريم:96، أي: سيحبهم، ويجعل لهم مودة في قلوب الناس.

- يحب الله الفرائض، وتليها النوافل، وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضت عليه[ رواه البخاري (6502) ]، أي: فرائض الصلاة، وفرائض الزكاة، وفرائض الصدقات، وفرائض الصيام، وهكذا وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه [ رواه البخاري (6502) ].

- سأل صحابيٌ النبي ﷺ: أي العمل أحب إلى الله، لأنهم كانوا حريصين على ما يحبه الله، فقال ﷺ:  الصلاة على وقتها، أي: في أول الوقت، قال: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قال: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله[ رواه البخاري (527) ومسلم (85) ]، فالصلاة على وقتها من أحب الأعمال إلى الله.

- من الأعمال التي يحبها الله الصلاة في الجماعة، وكلما كثرت الجماعة كانت أحب إلى الله، كما قال ﷺ: وصلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاة الرجل مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كانوا أكثر فهو أحب إلى الله  [ رواه النسائي (843). وصححه الألباني في صحيح الجامع (2242) ].

- يحب الله من الصلوات صلاة الوتر، قال ﷺ: إن الله وتر يحب الوتر[ رواه الترمذي (453). وصححه الألباني في صحيح الجامع (1829) ]، فيحافظ المؤمن على صلاة الوتر؛ لأن الله يحب هذه الصلاة.

- حرص الصحابة على السؤال، فعن رجل من خثعم أنه قال: يا رسول الله أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: إيمان بالله، قلت: يا رسول الله ثم مه؟، قال: ثم صلة الرحم ، قلت: يا رسول الله أي الأعمال أبغض إلى الله؟ قال:  الإشراك بالله قلت: يا رسول الله ثم مه؟ قال: ثم قطيعة الرحم، قلت: يا رسول الله ثم مه؟ قال: ثم الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف [ رواه أبو يعلى (6839). وحسنه الألباني في صحيح الجامع (166) ]، فهذا مما يبغضه.

- يحب الله أصحاب الأخلاق الحسنة؛ لأنه ﷺ جاءه رجل فقال: من أحب عباد الله إلى الله؟ قال: أحسنهم خلقاً [ رواه الطبراني في الكبير (471) والحاكم (8214). وصححه الألباني في صحيح الجامع (179) ]، وهو: بذل المعروف، وكف الأذى، والتواضع.

- يحب الله العبد التقي الخفي الغني، فالتقي الذي يجعل بينه وبين عذاب الله وقاية بفعل ما أمر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَالتوبة:4، والغني ليس المقصود غنى المال، وإنما غنى النفس، هذا الغنى الذي يجعله ليس بشره للدنيا ولا متطلع لما في أيدي الناس؛ لأنه ﷺ قال: ليس الغنى عن كثرة العرض، أي: كثرة الأموال والمتاع،  ولكن الغنى غنى النفس[ رواه البخاري (6446) ومسلم (1051) ]، والخفي هو: البعيد عن الشهرة، والبعيد عن الأضواء.

احرص على إخمال ذكرك في غنى وتملىّ بالأوراد والأذكار
ما العيش إلا في الخمول مع الغنى وفي الاشتهار نهاية الأخطار
واقنع فما كنز القناعة نافذاً وكفى بها عزاً لغير مماري

- يحب الله الزهد في الدنيا، قال ﷺ: ازهد في الدنيا يحبك الله[ رواه ابن ماجه (4102). وصححه الألباني في صحيح الجامع (922) ].

- يحب الله الإكثار من ذكره، سأل معاذ النبي ﷺ، "أي الأعمال أحب إلى الله تعالى" فقال: أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله[ رواه الطبراني في الكبير (181). وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1492) ]، وقال: أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، لا يضرك بأيهن بدأت[ رواه مسلم (2137) ]، وقال: كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم[ رواه البخاري (6682) ومسلم (2694) ]، فهذه هي أحب الكلمات إلى الله، فينبغي على المؤمن أن يحرص عليها.

- يحب الله سورة: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌالإخلاص:1، وقد بعث النبي ﷺ رجلاً على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بقل هو الله أحد، فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي ﷺ فقال: سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟ فسألوه؟ فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها، فقال ﷺ: أخبروه أن الله يحبه [ رواه البخاري (7375) ومسلم (813) ]، رواه البخاري ومسلم.

قال ابن القيم: "فدل على أنَّ من أحب صفات الله؛ أحبه الله وأدخله الجنة" [ مفتاح دار السعادة (1/77) ]، فنحن نحب صفات ربنا سبحانه، فمن صفاته الرحمة، والكرم، والرضا، والمحبة، وله وجه، ويد يليق به، وهو سبحانه له الكبرياء في السماوات والأرض، وصفاته عظيمة.

- يحب الله الإصلاح بين الخلق، قال ﷺ لأبي أيوب: ألا أدلك على صدقة يحبها الله ورسوله: تصلح بين الناس إذا تفاسدوا، وتقرب بينهم إذا تباعدوا[ رواه البيهقي في الشعب (11094) والطبراني (7999). وحسنه الألباني الترغيب والترهيب (2818) ].

- يحب الله التوكل، بأن تفرغ قلبك إلا منه، وأن تعتمد عليه فقط، وأن تلجأ إليه وحده، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ آل عمران:159.

- يحب الله العدل، بأن تعدل بين الأولاد، وبين الموظفين، وبين الزوجات، وبين كل من ولِّيت عليهم، قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَالمائدة:42.

- يحب الله من الأعمال الذي داوم عليه صاحبه وإن قل، أي: من النوافل؛ لأن الفرائض لابد من الإتيان بها، قال ﷺ: إن أحب الأعمال إلى الله ما دام وإن قل [ رواه البخاري (5862) ]، فالديمومة على الأعمال الصالحة وعدم الانقطاع عنها صفة يحبها الله، فينبغي أن يكون عملنا ديمة.

- يحب الله المساجد، ويكره الأسواق، قال ﷺ: أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها[ رواه مسلم (671) ] رواه مسلم، فالمسجد يذكِّر بالله، والسوق يصرف عنه، وهذا لا يعني تحريم النزول إلى السوق، ولكن يكون بقدر، وعند الحاجة، ولا يطيل، ويذكر فيه ربه.

- يحب الله التوابين من ذنوبهم على الدوام، ويحب المتطهرين من الفواحش والآثام، والمتطهرين من الأخباث والأنجاس.

- يحب الله الصبر، قال تعالى: وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَآل عمران:146، عند ورود البأساء، والضراء، والنعماء، فهو يصبر عند الطاعة لأجلها وعليها، ويصبر عند نزول المصيبة، ويصبر عن الحرام فلا يأتيه.

- يحب الله المؤمن القوي كما في الحديث، قوي بإيمانه، قوي بجسده، قوي بتدبيره، قوي بعمله، قوي بإتقانه، قوي في أمره بالمعروف وفي نهييه عن المنكر، وفي الصدع بالحق.

- يحب الله الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف[ رواه مسلم (2593) ]، فيحب الرفق في الأمر كله حتى في فتح الأشياء، وفي التعامل مع الجمادات، فكيف بالتعامل مع الزوجة، والأولاد، والبهائم.

- يحب الله الحلم والأناة، كما قال ﷺ لأشج عبد القيس: إن فيك خلصتين يحبهما الله: الحلم والأناة[ رواه مسلم (17) ]، فالحلم العقل، والأناة التثبت وترك العجلة، قيل: عاشت بنو تميم بحلم الأحنف بن قيس أربعين سنة، خاصمه رجل مرة فقال له: لئن قلت واحدة لتسمعن عشرة، أي: أرد عليك، فقال له الأحنف: لكنك إن قلت عشرة لم تسمع مني واحدة.

- يحب الله السماحة في المعاملة، قال ﷺ: إن الله يحب سمح البيع، سمح الشراء، سمح القضاء[ رواه الترمذي (1319). وصححه الألباني في صحيح الجامع (1888) ]، حديث صحيح، فالسمح في المعاملة بأن يترك له الباقي ولا يستقصي في طلب حقه، يؤجل المعسر، وينظره، ويسامحه، وعنده سهولة في البيع والشراء والاقتضاء في أخذ الحق، قال الحسن: يا عبد الأعلى، أما يبيع أحدكم الثوب لأخيه فينقص درهمين أو ثلاثة، قال: لا، والله ولا دانق واحد، قال الحسن: فما بقي من المروءة. ويروى أن الحسن باع بغلة له فقال المشتري: أما تحط لي شيئاً يا أبا سعيد قال: لك خمسون درهماً، أزيدك، قال: لا، رضيت، قال: بارك الله لك. فهذا خلق يحبه الله .

- يحب الله الكرم، ومعالي الأمور، كما قال ﷺ:  ن الله كريم يحب الكرم، ومعالي الأخلاق، ويكره سفسافها [ رواه الحاكم في المستدرك (151). والطبراني في الكبير (5928). وصححه الألباني في صحيح الجامع (1801) ]، وما أكثر من يتصف اليوم بسفساف الأخلاق، أي: الأخلاق الوضيعة، والحالات التي فيها خرم للمروءة، فيتلبسون بألبسة وقصات شعر، وحلق معدنية، ويوجدون في أماكن معينة، ليست من معالي الأخلاق أبداً.

- يحب الله إدخال السرور على المسلم، كشف الكربة، وقضاء الدين، وطرد الجوع، كما جاء في الحديث: أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس[ رواه الطبراني في الكبير (13646). وحسنه في الألباني في الترغيب والترهيب (2623) ].

وأسعد الناس ما بين الورى رجل عليه من أعين المولى عنايات
ساع على قدم بالخير ما برحت تقضى على يده للناس حاجات

- يحب الله غيرة، ويكره غيرة، قال ﷺ:  إن من الغيرة ما يحب الله ، ومنها ما يبغض الله ، ومن الخيلاء ما يحب الله ، ومنها ما يبغض الله ، فأما الغيرة التي يحب الله فالغيرة في الريبة[ رواه النسائي (2558) وأبو داود (2659). وحسنه الألباني في صحيح أبي داود (2388) ]، كأن وجدت أدلة وبراهين، ومقدمات سيئة، ومؤشرات فاسدة، وهناك أقوال، وأعمال حقيقية ملموسة تدل على وجود سوء، فلابد أن يغار الرجل هنا على بنت، أو زوجة، أو أخت، أو أهل، أو جارة، وأما الغيرة التي يبغضها الله فالغيرة في غير ريبة، موسوس، شكاك، يمتحن من أمامه بلا سبب، ولا يوجد ما يدل على ريبة، ولا توجد أشياء يشتم منها الفساد، ولا أرقام، ولا مكالمات، ولا دخول إلى أماكن سيئة، ومواقع سيئة، ولا توجد أي بينة، ولا دليل، ولا مؤشر، وهو يرتاب، ويشك فيمن حوله، فهذا يبغضه الله.

- يحب الله الإتقان في العمل، إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه[ رواه الطبراني في الأوسط (897). والبيهقي في الشعب (5312). وحسنه الألباني في صحيح الجامع (1880) ]،  وبعض الناس يستدل فقط بهذا الحديث على إتقان الأعمال الدنيوية، إتقان صناعة، أو إتقان صفقة، أو إتقان وظيفة، وينسى إتقان الصلاة، وإتقان الصيام، وإتقان الحج، وإتقان الطواف، وإتقان السعي، وإتقان تلاوة القرآن، والحديث يشمل الأمرين جميعاً.

- يحب الله الذي يزور شخصاً من أجله، زار رجل أخاً له في الله في قرية فأرصد الله له على مدرجته، أي: على طريقه، ملكاً فلما أتى عليه، قال: أين تريد؟ قال: أريد أخاً لي في هذه القرية، قال: هل لك عليه من نعمة تربها، أي: تنهض بسببها، وتقوم بإصلاحها، وتأتيه من أجلها، قال: لا، غير أني أحببته في الله ، قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه[ رواه مسلم (2567) ]، حقت محبتي للمتحابين فيَّ، والمتباذلين فيَّ، والمتجالسين فيَّ، والمتصادقين فيَّ، والمتواصلين فيَّ، والمتزاورين فيَّ[ رواه أحمد (21497). وصححه الألباني في صحيح الجامع (4321) ]، كما جاءت بذلك الأحاديث.

- يحب الله الجمال، جمال الأخلاق، وجمال الإيمان، وجمال القلب، وجمال الباطن، كما يحب من عبده أن يكون نظيفاً جميل الثوب، جميل الرائحة.

- يحب الله أن يرى أثر النعمة على العبد، من غير إسراف، ولا خيلاء، ولا تبذير، والسبب في ذلك كما قال العلماء: ليأتيه أهل الحاجة، فإذا رأوه على شيء مما أنعم الله به عليه عرفوا أنه صاحب غنى، فقصدوه لحاجاتهم، فلذلك يظهر أثر النعمة ليعرفه المحتاجون.

- يحب الله العطاس، ويكره التثاؤب؛ لأن العطاس يدل على النشاط، وخفة البدن، والتثاؤب يكون مع ثقل البدن، وامتلائه.

- يحب الله الأسماء الحسنة، أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن[ رواه الترمذي (2833). وصححه الألباني في صحيح الجامع (161) ].

عباد الله:

دليل الصدق في محبة الله

00:18:04

من كان صادقاً في محبة ربه؛ فليقدم البراهين، والأدلة على ذلك، بإتيان ما يحبه الله من الأعمال، ومحبة من يحبهم الله من الأشخاص، وإتيان الأماكن التي يحبها ، والحرص على الأوقات التي يحبها تعالى.

عباد الله:

مواساة المسلمين بعضهم لبعض

00:18:23

مع تغير الأحوال الجوية في هذه الأيام، والانتقال من فصل إلى فصل، نتذكر إخواناً لنا في العراء، قد هدم اليهود بيوتهم، وقصفوها، وسووها بالأرض، فلم يعد لهم مكان يأوون إليه، فنصبوا تلك الخيام على ضعفها، وهذه الأم تحاول منع المياه أن تدخل الخيمة بلا فائدة، وتحاول مع زوجها إقامة عمود الخيمة في غزة بفعل العواصف لتسقط الخيمة؛ لأنهما لا يقويان على إقامة العمود في ظل العاصفة، ومع البرد لا يوجد للثلاثة إلا بطانية واحدة، ويوزع هؤلاء الأولاد على أصحاب البيوت القريبة في المساء؛ لأنهم لا يقوون على النوم في هذه الظروف القاسية لكي يجمعوهم في صباح اليوم التالي، لتقعد الأسرة على أطلال البيوت المهدمة تنتظر فرج الله، وأناس في النعيم يلعبون بالترافيان خمس ساعات تحت المكيفات، والأجواء، والبيوت الفارهة، والترف، ويتابعون القنوات، وآخرون من المسلمين في هذه الأحوال الشديدة العصيبة.

أيها الإخوة:

الأزمة المالية

00:20:05

الدنيا لا تستمر لأحد، وها قد أرى الله العالم آية: مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍالنحل:96، ولا زالت تداعيات الأزمة المالية تتوالى، أكثر من ستمائة ألف يفقدون وظائفهم في أمريكا في أسبوع واحد منصرم، وكذلك الأرقام في الخسائر المتوالية للشركات، والإفلاسات، وتداعيات الأزمة المالية، عرض التقاعد المبكر على الموظفين، وتنزيل المزايا بعد إيقاف التوظيف، بل وتسريح الموظفين في أكبر عملية يشهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية، وانكماش اقتصادي، وهبوط للناتج المحلي، صيناً، وهنداً، شرقاً، وغرباً، لم يخلو مكان في العالم من التأثر بهذه الأزمة الفريدة من نوعها، بل طالت حتى تخريب أنظمة الحاسوب في بعض الشركات من قِبل من تم الاستغناء عنهم، ونقل أسماء، وبيانات، وبيع أسرار، وتخريب، والمسألة لا زالت في تفاعلها، وهذه التقارير التي تأتي تخيف لكنها تذكر المؤمن، مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُالنحل:96، حتى لو في أقصى الدنيا وعند أغنى البلاد مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍالنحل:96، قال : إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍص:54، عجيب! سيولة العالم تتآكل، والأموال تضمحل، وترليونات تتبخر، وثروات تتلاشى، مِن تربع على عرش ثروة ضخمة، إلى انهيار كامل، مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍالنحل:96، وليست القضية اليوم أن الثورة تذهب من مكان منهوب إلى مكان آخر ناهب، أو من مستضعف إلى قوي، وإنما تذهب من الجميع، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةًالبقرة:248، إن هذا الذي يحدث يذكرنا بأن الدنيا كلها فانية، بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ۝ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىالأعلى:16- 17، وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلأَبْرَارِآل عمران:198، ولا يحدث في العالم شيء ظاهره شر إلا ولله فيه حكمة؛ لأن الله تنزه عن أن يكون في فعله شر محض، فلابد أن يكون فيه خير بوجه من الوجوه، وقد يكون من الخير التقاط الأنفاس من قبل اللاهف وراء الدنيا ليتفرغ قليلاً لعبادته، والإقبال على ربه، قال في كتابه العزيز: وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌالشورى:27، كل يوم هو في شأن، يغني ويفقر، يُعطي ويمنع، يقبض ويبسط ، إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُالإسراء:30، أي: يضيق ويمنع، إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًاالإسراء:30.

اللهم اغننا ولا تطغنا، أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، اللهم أغننا بحلالك عن حرامك، واكفنا بفضلك عمن سواك يا رب العالمين، استر عوراتنا، آمن روعاتنا، اقض ديوننا، ارحم موتانا، اشف مرضانا، أبرئ جرحانا، فك أسرانا، يا رب العالمين، اللهم اجعل بلدك هذا آمناً مطمئناً، رخاء سخاء رغداً، وسائر بلاد المسلمين، اللهم أنعم علينا بالخيرات، وأنزل علينا البركات، وكفر عنا السيئات، وارفع لنا الدرجات يا سميع الدعوات، آمنا في الأوطان والدور، وأصلح الأئمة وولاة الأمور، واغفر لنا يا عزيز يا غفور، أصلح نياتنا وذرياتنا، وبارك لنا فيما آتيتنا، واجعله عوناً على طاعتك.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ۝ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ۝ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

1 - رواه البخاري (6502)
2 - رواه البخاري (6502)
3 - رواه البخاري (527) ومسلم (85)
4 - رواه النسائي (843). وصححه الألباني في صحيح الجامع (2242)
5 - رواه الترمذي (453). وصححه الألباني في صحيح الجامع (1829)
6 - رواه أبو يعلى (6839). وحسنه الألباني في صحيح الجامع (166)
7 - رواه الطبراني في الكبير (471) والحاكم (8214). وصححه الألباني في صحيح الجامع (179)
8 - رواه البخاري (6446) ومسلم (1051)
9 - رواه ابن ماجه (4102). وصححه الألباني في صحيح الجامع (922)
10 - رواه الطبراني في الكبير (181). وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1492)
11 - رواه مسلم (2137)
12 - رواه البخاري (6682) ومسلم (2694)
13 - رواه البخاري (7375) ومسلم (813) ، رواه البخاري ومسلم
14 - مفتاح دار السعادة (1/77)
15 - رواه البيهقي في الشعب (11094) والطبراني (7999). وحسنه الألباني الترغيب والترهيب (2818)
16 - رواه البخاري (5862)
17 - رواه مسلم (671) رواه مسلم
18 - رواه مسلم (2593)
19 - رواه مسلم (17)
20 - رواه الترمذي (1319). وصححه الألباني في صحيح الجامع (1888) ، حديث صحيح
21 - رواه الحاكم في المستدرك (151). والطبراني في الكبير (5928). وصححه الألباني في صحيح الجامع (1801)
22 - رواه الطبراني في الكبير (13646). وحسنه في الألباني في الترغيب والترهيب (2623)
23 - رواه النسائي (2558) وأبو داود (2659). وحسنه الألباني في صحيح أبي داود (2388)
24 - رواه الطبراني في الأوسط (897). والبيهقي في الشعب (5312). وحسنه الألباني في صحيح الجامع (1880)
25 - رواه مسلم (2567)
26 - رواه أحمد (21497). وصححه الألباني في صحيح الجامع (4321)
27 - رواه الترمذي (2833). وصححه الألباني في صحيح الجامع (161)