الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله واحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد:
محاسبة النفس
فإن انقضاء الأيام، وتصرم الأعوام، يذكر المسلم بمحاسبة نفسه على ما كان منه، والله يحصي على عباده مثاقيل الذر وهم غافلون، فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُسورة الزلزلة7-8، وإذا كان أهل الدنيا يُحاسب بعضهم بعضاً، ويقدم في نهاية كل عام كشف الحساب متضمناً للأرباح والخسائر، والموقف المالي، فإن المسلم يعلم أن ربه يُحاسب الناس في الآخرة، وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًاسورة الكهف49، في ذلك اليوم العظيم يسيِّر الله تعالى الجبال، وتنشق السموات، وتكون الأرض قاعاً صفصفاً، ويحشر الله الخلائق، فلا يغادر منهم أحداً، ويُجمع الأولون والآخرون من بطون الفلوات، وقعور البحار، ويجمعهم تعالى بعدما تفرقوا، ويعيدهم كما كانوا، فيعرضون عليه صفاً، يستعرضهم، وينظر في أعمالهم، ويحكم فيهم بحكمه العدل وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍسورة الأنعام94، أي: بلا مال، ولا أهل، ولا عشيرة، ولا ثياب ما معهم إلا الأعمال التي عملوها، وتحضر الملائكة كتب الأعمال التي كانت قد خطتها، ورفعتها، وحفظتها، فتعظم الكروب، وتكاد الصم الصلاب تذوب، ويشفق المجرمون من هول الخطوب، فإذا رأوها مسطرة قالوا: يَا وَيْلَتَنَا، وقال : وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍسورة يس12، في ذلك اللوح المحفوظ، وهنا يوقن بالهلاك كل من كان لا يرجو حساباً، وكذب بآيات الله كذاباً، والله تعالى أحصى كل شيء وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًاسورة النبأ29، ويسمى ذلك اليوم بيوم الحساب، وحساب الخلق في ذلك اليوم على الله، إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْسورة الغاشية 25-26، فهو يتولاه بنفسه سبحانه، ومن صفاته أنه سريع الحساب، وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِسورة الرعد41، يحاسب الخلائق كلهم كما يحاسب نفساً واحدة فلا يعسر عليه شيء، ولا يضطرب، ولا يختل أمر، بل الحساب بدقة للجميع، وهو يقدر على أن يحاسبهم جميعاً في وقت واحد كما يحاسب نفساً واحدة، وهذا الحساب عظيم تجثوا لهوله الأمم على الركب، وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَسورة الجاثية 28-29، هذا البروك من الهول، والشدة، والخوف، والذعر، وانتظار حكم أحكم الحاكمين ، وينزل الله ليفصل القضاء، ومعه الملائكة صفوفاً ينزل في الغمام، والملائكة ليحاسب العباد، ويأمر الحفظة الذين كانوا يكتبون الأعمال بإبراز ما لديهم، والحساب يوم القيامة قائم على أمور فمن ذلك:
أسس الحساب يوم القيامة
- من أسس الحساب يوم القيامة: أنه مبني على عدل الله تعالى، وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَسورة الأنبياء47 فلا تظلم نفس شيئاً سواء كانت مسلمة، أو كافرة، وهذا الحساب المبني على العدل لا يخلو من فضل، وتجاوز، وإحسان لمن يراه الله تعالى أهلاً لذلك وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًاسورة طه112، لا يخاف زيادة في سيئاته، ولا هضماً ونقصاً من حسناته.
- ومن الأسس: أن العبد يوم القيامة يوفى كل العمل فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍسورة الزلزلة7، الهباء التي ترى في أشعة الشمس، أو النملة الصغيرة من الخير، أو من الشر سيلقاه، وسواء كان فتيلاً، أو نقيراً، قال سبحانه عن أهل الجنة: وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًاسورة النساء124، وهي النقرة الصغيرة التي تكون في ظهر النواة، وقال : وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاًسورة الإسراء71، وهو الخيط الذي يكون في شق النواة طولاً، وعن عائشة: أن رجلاً قعد بين يدي النبي ﷺ فقال: يا رسول الله! إن لي مملوكين يكذبونني، ويخونوني، ويعصونني، وأشتمهم، وأضربهم، فكيف أنا منهم؟ قال: يُحسب ما خانوك وعصوك وكذبوك وعقابك إياهم، فإن كان عقابك إياهم بقدر ذنوبهم كان كفافاً لا لك ولا عليك، وإن كان عقابك إياهم دون ذنوبهم كان فضلاً لك، وإن كان عقابك إياهم فوق ذنوبهم اقتص لهم منك الفضل فتنحى الرجل، فجعل يبكي ويهتف، فقال رسول الله ﷺ: أما تقرأ كتاب الله وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَسورة الأنبياء47،) فقال الرجل: والله يا رسول الله ما أجد لي ولهؤلاء شيئاً خيراً من مفارقتهم أشهدكم أنهم أحراراً كلهم.[رواه الترمذي3165 وهو حديث صحيح].
- من أسس المحاسبة يوم القيامة: أنه لا يؤخذ أحد بجريرة أحد، قال : وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىسورة فاطر18، فكل أحد يُجازى بعمله، ولا يُحمل خطيئة غيره، وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ، أي: نفس مثقلة بالخطايا والذنوب تستغيث بمن يحمل عنها بعض أوزارها لا يُحمل منه شيء على غيرها وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى، من أقاربها، فهذا الضال ضلاله على نفسه، وهذا المهتدي أجره له.
- ومن أسس المحاسبة يوم القيامة: جبر النقص في الفرائض من النوافل التي يعملها صاحب الفريضة، فعن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيء قال الرب : انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل بها ما انتقص من الفريضة ثم يكون سائر عمله على ذلك[رواه الترمذي413 وصححه الألباني في صحيح الجامع2020]، يعني: الصيام أيضاً، والزكاة أيضاً، وهذه فائدة الصدقة المستحبة بعد الزكاة الواجبة، وفائدة صلاة النافلة بعد أداء الفريضة، وفائدة صيام الأيام البيض وغيرها من الأيام المستحبة والفاضلة وصيام النفل المطلق عموماً بعد صيام رمضان.
- من أسس المحاسبة يوم القيامة: أن الحساب يكون بمقابلة الحسنات والسيئات، فهنالك ميزان فيه كفتان، توزن الحسنات والسيئات، وبحسب الراجح في الميزان يكون المصير، فمن زادت حسناته ولو بواحدة نجا، ومن كانت سيئاته أكثر بواحدة دخل النار، ومن استوت حسناته وسيئاته كان من أهل الأعراف.
- من أسس المحاسبة يوم القيامة: أن الحساب يكون بمقابلة الحسنات والسيئات، فهنالك ميزان فيه كفتان، توزن الحسنات والسيئات، وبحسب الراجح في الميزان يكون المصير، فمن زادت حسناته ولو بواحدة نجا، ومن كانت سيئاته أكثر بواحدة دخل النار، ومن استوت حسناته وسيئاته كان من أهل الأعراف، قال الله تعالى: وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُم بِمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يِظْلِمُونَسورة الأعراف8-9، وهذا كقوله تعالى: فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌسورة القارعة 6-11.
- ومن أسس الحساب يوم القيامة: أن من هم بحسنة في الدنيا فلم يعملها جُزي عليها بحسنة كاملة، كما قال ﷺ: إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، والمراد هنا: العزم المصمم الذي يوجد معه الحرص على العمل كما ذكر ابن رجب رحمه الله في معنى هم بالحسنة.
- ومن أسس الحساب في المقابل: أن من هم بسيئة ولم يعملها إن كان تركها لله كتبت حسنة كاملة، كما جاء في الحديث الصحيح ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة[رواه البخاري6491]، وفي رواية: قالت الملائكة: ربي ذاك عبدك يريد أن يعمل سيئة، فهم يستأذنونه هل يكتبونها عليه أم لا، فقال: ارقبوه فإن عملها فاكتبوها له بمثلها، وإن تركها فاكتبوها له حسنة إنما تركها من جراي [رواه مسلم129]، يعني: لأجلي وخوفاً مني، وأما إن هم بمعصية، ثم تركها خوفاً من المخلوقين، أو مراءاة لهم فقيل: إنه يُعاقب على تركها بهذه النية؛ لأنه كان عنده خوف المخلوقين مقدماً على خوفه من الله، وأيضاً: إذا سعى في حصول السيئة بما أمكنه عزماً وتصميماً، وصل إلى مرحلة العزم والتصميم فإنه يؤاخذ عليها، كما قال ﷺ: إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، فقلت: يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصاً على قتل صاحبه[رواه البخاري31]، إذن: إذا ترك السيئة خوفاً من الله كتبت له حسنة، إذا تركها خوفاً من المخلوقين قيل يُعاقب، إذا تركها وكان عازماً على فعلها لكن لم يتمكن قُتل وكان يريد قتل الآخر فإنها تكتب عليه.
- من أسس الحساب يوم القيامة: أن الحسنة التي يعملها العبد تكتب بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، والله يضاعف لمن يشاء، قالﷺ: فإن هو هم بها، أي بالحسنة، فعملها كتبها الله له عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة[رواه البخاري6491]، فيا ويل من غلبت آحاده عشراته، بل من غلبت آحاده أكثر، معنى ذلك أن سيئاته كثيرة، وأن الحسنات قليلة.
ومن الأعمال ما ليس لثوابه حد معين من الحسنات؛ كالصبر، وداخل فيه الصيام، وقد قال تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍسورة الزمر10، ومن ذلك كلمات لا تعلم الملائكة كم يكتبون لها من الأجر فيستفتون ربهم فيأمرهم أن يبقوها كما هي ليوم القيامة ليجزي عبده بها، والأعمال التي يقوم بها العبد في الزمان الفاضل، والمكان الفاضل تُضاعف كأعمال رمضان، وعشر ذي الحجة، والأعمال في الحرمين وهكذا.
- ومن أسس الحساب يوم القيامة: أن من عمل سيئة فإنها تكتب عليه سيئة واحدة ولا تضاعف، وهذا فضل من الله تعالى كما قال في الحديث: فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له سيئة واحدة[رواه البخاري6491]، لكن السيئة في الزمان الفاضل، والمكان الفاضل تعظم كيفاً لا كماً، تعظم قدراً لا عدداً، مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَسورة الأنعام160، فسيئة رمضان أعظم، وسيئة مكة أعظم، وأنت تعصي السلطان على بساطه أسوء من أن تعصيه بعيداً عن قصره ومكانه.
- ومن أسس المحاسبة يوم القيامة: المقاصة بين العباد بالحسنات والسيئات، قال ﷺ: يُحشر الناس يوم القيامة عراة غُرلاً بُهماً، إذن: غير مختونين، وليس معهم شيء، ثم يناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب أنا الملك أنا الديان، ولا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار وله عند أحد من أهل الجنة حق حتى أقصه منه، ولا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة ولأحد من أهل النار عنده حق حتى أقصه منه، حتى اللطمة قلنا: كيف؟ وإنما نأتي الله عراة غرلا بُهما، ما معنا أموال نعوض؟! قال: بالحسنات والسيئات، [رواه أحمد15612 وهو حديث صحيح]، ولذلك دعانا ﷺ للتحلل ممن ظلمناهم، قال: من كانت له مظلمة من أخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فطرحت عليه[رواه البخاري6534]، وقد صح عن عبد الله بن مسعود أنه قال: "يؤخذ بيد العبد فيُنصب على رؤوس الناس وينادي مناد هذا فلان بن فلان فمن كان له حق فليأتي، فتفرح المرأة أن يدور لها الحق على أبيها أو على أخيها أو على زوجها" تريد حسنات من أي مصدر ولو من أقرب الناس، "قال: فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ سورة المؤمنون 101، فيأتون فيقول الرب: آتي هؤلاء حقوقهم، فقول: يا ربي فنيت الدنيا فمن أين أوتيهم؟ فيقول للملائكة: خذوا من أعماله الصالحة فأعطوا كل إنسان بقدر طليبته فإن كان ناجياً وفضل من حسناته مثقال حبة من خردل بعد القصاص ضاعفها الله حتى يدخله بها الجنة"، ثم تلا ابن مسعود: إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًاسورة النساء40، قال: "وإن كان عبداً شقيا قالت الملائكة: ربنا فنيت حسناته وبقي طالبون كُثر، فيقول: خذوا من أعمالهم السيئة فأضيفوها إلى سيئاته وصكوا له صكاً إلى النار"، [تفسير الطبري]، فالمفلس إذن من هو؟ قال ﷺ: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطُرحت عليه ثم طُرح في النار[رواه مسلم2581]، هذا التحذير من العدوان على الخلق، وأكل الحقوق، هناك حقوق كثيرة اليوم مأكولة من العامل، أو من رب العمل، من المؤجر، أو من المستأجر، من المستقدم، أو من الخادم والسائق، أو من صاحب مكتب الاستقدام، كذلك من البائع، أو من المشتري، أطراف كثيرة اليوم تتصارع في الدنيا يأكل بعضهم حقوق بعض، شركاء صاحب المساهمة، والمساهمون في الأرض، تأخير، تعطيل، مماطلة، تسويف، تعقيد، موظفون، ومراجعون، يوم القيامة هنالك حقوق كثيرة ستظهر، وسيكون الحساب، ومن كمال عدل الله تعالى أنه سيقتص حتى من البهائم يوم القيامة، قال ﷺ: لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء، أي: التي لا قرون لها، من الشاة القرناء[رواه مسلم2582]، ثم يقال لها: كوني تراباً، لكن لابد من حساب لابد من قصاص، وعن أبي ذر : أن النبي ﷺ رأى شاتين تنتطحان فقال: يا أبا ذر! هل تدري فيما تنتطحان؟ قال: لا، قال: لكن الله يدري وسيقضي بينهما[رواه أحمد20927 وهو حديث صحيح]، فإذا كان هذا حال الحيوانات، والبهائم، والدواب، فكيف بأصحاب العقول وأصحاب الألباب.
اللهم اهدنا إلى الحق والصواب، وأجزل لنا الثواب، واغفر لنا يا سريع الحساب، اللهم خفف حسابنا، وثقل موازيننا، وآتينا صحائفنا بأيماننا، وكفر عنا سيئاتنا، وأدخلنا الجنة مع الأبرار، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله الكريم الوهاب، غافر الذنب، وقابل التوب، سريع الحساب، أشهد أن لا إله إلا هو وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، علمه ربه الحكمة، وفصل الخطاب، ورضي الله عن الآل والأصحاب، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
عباد الله:
- إن من أسس المحاسبة يوم القيامة: أن أعمال الكفار لا وزن لها قال تعالى: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًاسورة الفرقان23، فجميع أعمالهم الخيرية، وعندهم مؤسسات الآن خيرية بالمليارات، ويزعم بعض الأغنياء في العالم أنهم قد تفرغوا لإدارة مؤسساتهم الخيرية التي تقيم المنشآت الصحية، والتعليمية، والإغاثة، والإطعام، ونحو ذلك الله أعظم معروف عنده التوحيد، وجعله أصلاً للأعمال، وأساساً لها، يوجد توحيد تقبل الأعمال، لا يوجد توحيد تنسف الأعمال، قال : وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْسورة النور39، أي: هذه الخيريةوَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِسورة النور39، بقيعة يعني: بقاع لا شجر فيه ولا نبت، كسراب بقيعة، الباء حرف جر، قيعة يعني قاع، كسراب بقيعة لا نبت فيها ولا شجر، يحسبه الظمآن، من بعيد شديد العطش يظنه ماء فيقصده ليزيل ظمأه، وهكذا الكافر يوم القيامة يرى أعماله من بعيد فيظنها ستنجيه، حتى إذا جاءه لم يجده شيئا فندم ندماً شديداً، وازداد ظمأه، وانقطع رجاءه وهكذا يرى الكفار يوم القيامة أعمالهم الخيرية سراباً، ووجد الله عنده فوفاه حسابه، لا نقص ولا شطط، لن يعدم منه قليلاً، ولا كثيراً، وهكذا القلوب إذا ما زكت بالتوحيد والأعمال الصالحة، وقال سبحانه: مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد، بعض الناس الآن يخفف من شأن الكفر ويقول: كأن الكفر هذه مدرسة من المدارس، وأن الكفار على أنواعهم مقبولون، وأن هؤلاء الكفار لهم اعتبار مثل المسلمين، والوزن واحد، والجميع سواء، لا، قال تعالى: مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُسورة إبراهيم18، فأعمالهم في بطلانها، وذهابها، واضمحلالها؛ كالرماد أدق الأشياء، وأخف الأشياء، والله يضرب الأمثال لتتدبر يا عبد الله! مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ، خفيف دقيق، اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ، شديد الهبوب، رماد ماذا يبقى منه؟ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ، ولا مثقال ذرة، أجمع العلماء على أن الكفار لا تنفعهم أعمالهم الصالحة، ولا يثابون عليها بنعيم، ولا تخفيف عذاب، وإن كان بعضهم أشد عذاباً من بعض، قالت عائشة: يا رسول! ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم، ويطعم المسكين، فهل ذلك نافعه؟ قال: لا ينفعه إنه لم يقل يوماً رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين[رواه مسلم214]، من عدل الله تعالى أنه يجزي الكافر بحسناته في الدنيا، قال ﷺ: إن الله لا يظلم مؤمناً حسنة يُعطى بها في الدنيا ويجزى بها في الآخرة، وأما الكافر فيُطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا، يعني: يعطيه صحة، زيادة في الأموال، شهرة بين الناس، أولاداً سعة، كله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يُجزى بها[رواه مسلم2808]، وفي رواية: إن الكافر إذا عمل حسنة أطعم بها طعمة في الدنيا، وأما المؤمن فإن الله تعالى يدخر له حسناته في الآخرة ويعقبه رزقاً في الدنيا على طاعته[رواه مسلم2808]، وهذا فيه شيء من الإجابة عن سؤال: لماذا أجساد الكفار والغرب عندهم قوة، وصحة، وطول، وجمال، وعندهم طبيعة، وأمطار، وخضرة، وعندهم تقدم علمي، وتقني، وعندهم أسباب القوة، استمتاع، وعندهم تلذذ، وتنعم، وعندهم ترف؟
خذ الجواب: من فضل الله تعالى أن الكافر إذا أسلم كتب له أجر الأعمال التي عملها في حال كفره، فعن حكيم بن حزام قال: "قلت: يا رسول الله! أرأيت أشياء كنت أتحنث بها في الجاهلية قبل الإسلام من صدقة أو عتاقة"، عتق رقاب "أو صلة رحم فهل فيها من أجر؟ فقال النبي ﷺ: أسلمت على ما سلف من خير[رواه البخاري1436 ومسلم123]، يعني: أن هذا الكافر إذا أسلم من فضل الله يثبت له أعماله الصالحة التي عملها قبل إسلامه، فيجازيه بها خيراً في الآخرة، وتحسب له في كفة حسناته.
- من أسس المحاسبة عند الله: - وهذا شيء لابد أن نفهمه-، أن المحاسبة لها أصول، كتب تدرس في الدنيا، أصول المحاسبة، لا يدرس أحد المحاسبة في قسم من الأقسام، وفي كلية التجارة، وفي كلية الأعمال، وفي كلية إلا ويمرون على أصول المحاسب، فينبغي للمؤمن أن يفهم كيف تُحسب الأمور؛ لأن في ذلك له موعظة، وتذكير، وتصحيح، ويعرف بناء على ماذا سيحاسب يوم القيامة؟! القضية خطيرة جداً.
- من أسس المحاسبة: الستر للمستتر، والإشهار للمجاهر، يوم القيامة يشهر به، ويفضح، فمن الناس من يقرره الله بذنوبه بينه وبينه، ويضع عليه كنفه وستره، ومنهم ويخذله، ويفضحه أمام الأشهاد، كما دلت على ذلك النصوص الشرعية، قال ﷺ: إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ، يعني: حجابه وستره ويستره فيقول: أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقرره بذنوبه فيقول له أقرأ، وفي رواية: ويقرره بذنوبه ويقول له: أتعرف؟ أتعرف؟ فيقول: نعم، أي رب أعرف، حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه هلك، قال: سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم فيُعطى كتاب حسناته ، وفي رواية: فيلتفت يمنة ويسرة فيقول: لا بأس عليك إنك في ستري لا يطلع على ذنوبك غيري، انظروا إلى الفرق بين المستتر بسيئاته والمجاهر، اليوم منافقون، وناس مردوا على النفاق يجاهرون بالمعاصي، ويفتحون أمكنتها، ويدعون إليها، ويجاهرون بشتم أهل الطاعة والإيمان، وانتقاد شريعة الرحمن، والطعن في الأحكام، مجاهرة علانية، مقالات، كلمات، ثم إذا عمل من الفواحش ما عمل صورها، ونشرها، وتحدث بها في المجالس، وفاخر بها، قال ﷺ: وأما الكافر والمنافقون فيقول الأشهاد: هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين[رواه البخاري2441 ومسلم2768].
من ستره الله في الدنيا فكشف ستر الله تعرض لمقته وعذابه، وحري به أن يكشف الله عنه ستره في الآخرة كما كشف هو ستر الله المسبل عليه في الدنيا، كالمجاهر الذي أظهر معصيته، وكشف ما ستر الله عليه، ومن ستره الله في الدنيا فكشف ستر الله تعرض لمقته وعذابه، وحري به أن يكشف الله عنه ستره في الآخرة كما كشف هو ستر الله المسبل عليه في الدنيا، كالمجاهر الذي أظهر معصيته، وكشف ما ستر الله عليه قال ﷺ: كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول: يا فلان، يحدث أصحابه، يحدث الناس،
ومن الأعمال التي فيها فضيحة يقينية الغدر، قال ﷺ: لكل غادر لواء عند إسته يوم القيامة يرفع له بقدر غدره، يعني: عند الدبر، يقال: هذه غدرة فلان بن فلان[رواه مسلم1735- 1738]، كما في الحديث الصحيح.
- من أسس المحاسبة: تبديل السيئات بحسنات للتائبين المصلحين، تابوا وأصلحوا، فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍسورة الفرقان70 كما جاء في الآية، هذا الذي له مكان كل سيئة حسنة.
- من أسس المحاسبة يوم الدين: إحباط الحسنات ببعض السيئات، قال تعالى عن سيئة الردة: وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَسورة البقرة217، وهذه ردة أحياناً تجدها عبارة، جملة في مقالة، في جريدة، يقول مثلاً: والبشرية مقدمة على اكتشاف الجين الذي يسبب الهرم فنتخلص من قضية الموت، ونحل مشكلة الموت، فلا يوجد موت، وتخلد البشرية، يعني: تكذيب بالبعث، تكذيب النبي ﷺ في مقاله، تكذيب الوحي، ردة عظيمة، رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع العطش، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر[رواه ابن ماجه1690وصححه الألباني في صحيح الجامع3488] رياء يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَىسورة البقرة264، يخبر الناس بما عمله رياء، يريد السمعة، ويؤذي الفقير، ألم أعطك كذا، ألم أعطك كذا في يوم كذا، يمن ويؤذي، انتهاك حرمة الله في الخلوات، ليس لله عنده هيبة ولا وقار، قال ﷺ: لا أعلمن أقواماً من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاً فيجعلها الله هباء منثوراً، قال ثوبان: يا رسول الله! صفهم لنا جلهم لنا، أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم، قال: أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون، يعني: قيام الليل، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها[رواه ابن ماجه4245 وهو حديث صحيح]، ما يوفر حرمة إذا خلا بحرمة ما يقصر أبداً ينتهز الفرصة، فإذن هذا بين الناس، لكن إذا خلا ترك صلاة العصر يحبط العمل كما ورد في الحديث الصحيح، والتألي على الله يحبط العمل والله لا يغفر الله لفلان[رواه مسلم2621].
- ومن أسس المحاسبة: محاسبة العبد على آثار أعماله في الدنيا، يعني: من سن في الإسلام سنة حسنة، أحيا سنة، دعا الناس إلى سنة، دعا الناس إلى خير، علم العلم، أقرأ القرآن، فله مثل أجر من عمل به وهكذا صاحب البدعة والذي يُعلم الشر، والذي يعلم السحر، والذي يُعلم الكفر، والذي يُربي الأتباع والمنتسبين للمعاهد على هذا الكفر.
- ومن أسس الحساب: إطلاع العباد على ما قدموه قال الله تعالى: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًاسورة آل عمران30، وكل واحد يدخل النار لا يدخل إلا وهو مقتنع تماماً بدخول النار وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْسورة الملك10-11، فهناك اعتراف كمال ويقين وقناعة لكل من يدخل النار أنه مستحق لدخول النار، ومن الناس يا عباد الله! من تراه في الأرض مبغوضاً مذموماً مقبوحاً مسبوباً مشتوماً مرجوماً، لماذا؟ لأن الله إذا أبغض شخصاً قال لجبريل: إني أبغض فلاناً فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلاناً فأبغضوه، فيبغضونه ثم توضع له البغضاء في الأرض[رواه مسلم2637] فترى أهل الأرض يبغضونه حتى بعض كفارهم، وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍسورة الحج18.
عباد الله: في ختام العام يقع بعض الناس في بعض أنواع البدع، أو الاعتقادات الخاطئة، فمن ذلك تقصد تخصيص آخر كل عام هجري بعبادة كقول: اختم عامك بصيام، أو دعاء معين، ويرسل ذلك عن طريق الجوال وغيره، وهذه بدعة فلم يرد في السنة مطلقاً ختم العام الهجري بعبادة معينة، أو دعاء معين، وبعض الناس يعتقد أن العام له صحيفة كل عام هجري، وهذا غير صحيح، فإن صحائف الأعمال التي وردت في الأدلة الشرعية، وعرض الأعمال إما العرض اليومي، ويقع في كل يوم مرتين كما ورد في الحديث الصحيح، أو عرض أسبوعي، ويقع مرتين الاثنين والخميس، وعرض سنوي، ويقع في شهر شعبان، فهذه الأيام وهذه الشهور والأسابيع التي تعرض فيها الأعمال على الله تعالى، فلا مدخل للقول بأن هناك صحيفة للعام الهجري تطوى، وتكتبها الملائكة، وترفع مثلاً، وكذلك يعمد بعضهم إلى إقامة احتفالات بمناسبة نهاية العام، وبداية عام جديد، وهذا فيه تقليد، واضح للكفار، فإن الكفار في الكريسمس وغيره يحتفلون بذلك بأعياد بدعية، ونحن المسلمين ليس لنا إلا عيد الفطر، وعيد الأضحى، وهذه الجمعة.
نسأل الله أن يرزقنا إتباع السنة، وأن يغفر لنا ذنوبنا أجمعين، اللهم إنا نسألك الأمن في البلاد والنجاة يوم المعاد، اللهم إنا نسألك أن تصلح أحوالنا، وأن تقضي ديوننا، وأن تشفي مرضانا، وترحم موتانا، وتستر عيوبنا، وتغفر ذنوبنا، اللهم إنا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات، ونسألك رفع الحصار عن إخواننا المحاصرين، والنصر للمظلومين، اللهم اجعل بأسك على الكافرين المجرمين، اللهم اهزمهم وشردهم في الأرض يا رب العالمين، اللهم اجعل شأنهم إلى زوال، بدد قوتهم، وشتت شملهم، واجعل دائرة السوء على أعدائنا إنك على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير، آمنا في الأوطان والدور وأصلح الأئمة وولاة الأمور واغفر لنا يا عزيز يا غفور.
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [سورة الصافات: 180-182].