الأربعاء 10 جمادى الآخرة 1446 هـ :: 11 ديسمبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

ما هو الأفضل للعامي القول بتحديد مسافة السفر أم الرجوع إلى العرف ؟

فإذا جئت الآن إلى الشيء العملي، الآن الناس تقول: ماذا نعمل؟

لو قلت يا جماعة لاحظ أنا الآن أتكلم كثمرة عملية بعيدًا عن قضية التحقيق العلمي الآن، التحقيق الدقيق، لو قال عامة الناس: هذا الأخ قال: أنا غدا سأخرج مسافة، سأخرج خط الجبيل أبو حدرية، خط الجنوب، خط الرياض، خط القصيم، عنده مزرعة، عنده مشروع، عنده قرية، في مدينة، في هجرة؛ كم بالاختصار، بالخلاصة اعطونا شيء، لو قلت له: والله يا أخي ما عندنا تحديد والمسألة عُرفية والله يسهل أمرك، العامي ماذا سيعمل؟

أريد أن أقول أنه قد يترجح لطالب العلم أحيانًا قول، لكن لا يسع العمل به إلا لطلبة العلم، العامة يمكن ما يسعهم العمل به، يعني: افرض الواحد الآن درسنا المسألة، افترض رجحنا القول بأنه لا تحديد، وأن المسألة عرفية، طيب زيد وعبيد وسعيد وخالد وعمرو ومحمد وأحمد هؤلاء، وما هو العُرف عند الناس الآن؟ تعال نقول الآن من الخُبر إلى الجبيل كم المسافة؟ مائة وعشرة، مائة كيلو، اذهب اسأل العامة الذين هنا في المساجد والناس؛ قل: يا أخي أنت تعتبر من الخبر إلى الجبيل في حدسك وإحساسك ورؤيتك واجتهادك ومنطقك وإذا وزنتها عندك كذا في نفسك تعتبره سفر؟ فممكن تجد واحد يقول لك: لا ما أعتبره سفر، أنا كل يوم أروح، أنا عملي في الجبيل أصلًا أخرج الصباح وأرجع المغرب، كل يوم، ليس سفرًا عندي.

وممكن تذهب إلى واحد آخر يقول لك: والله أنا ما لي شغل في الجبيل أصلًا، وإذا كنت سأذهب الجبيل يمكن يعني أستعد لهذا للمشوار، أستعد وأتأهب، ومعناها أطلع الصباح وأرجع آخر الليل، يعني: آخذ معي شيئًا من الزاد، فيعني هذا سفر، لو أحلت العامة الآن إلى عُرف غير واضح ومضطرب، فهل هذه نصيحة أو توجيه أو يعتبر من الحكمة؟ من هنا إلى لندن سفر؟ فهمنا هذا مجمع، ممكن يقول أجمعنا عليه، الأشياء الثانية الناس الآن يخرجون كل يوم، هذا حرض والسفانية هذا ربيع وهذا خريف، وهذا عمل وهذا علاج، وهذا زيارة قريب وهذا مشروع سكني، وهذا مقاول، وهذا عنده سفلتة...

فأقول: إن طالب العلم لو ترجح له كلام شيخ الإسلام وابن القيم وغيرهم ومن المعاصرين كما قلنا محمد بن إبراهيم والشنقيطي وابن عثيمين والسعدي، ولو ترجح هذا القول كيف تنقله للناس؟ كيف يعمل به الناس؟ طالب العلم ماشي قد يتحرى ويحاول أن يعرف ما هو العُرف، ولذلك أرى -والله أعلم- أن العامة لا يسعهم إلا قول الجمهور، تقديره بالثمانين، وهو الذي ذهب إليه الشيخ ابن باز وعلماء اللجنة الدائمة من المعاصرين يعني؛ لأن العامة تريد شيئًا، تدخله في فضاء بعد كل هذا الشرح ما استفدنا شيئًا، العامي ما يعرف أنه استفاد من كلام العلماء والصحابة والاطلاع عليهم فائدة، ما يعرف، يقول لك: كذا اعطني واحد زائد واحد يساوي اثنين، لا تضيعونا، فلو قررت لهم قضية العرف يعني لا يسع أكثرهم العمل به، لا يسع.

فالخلاصة: أن مذهب الجمهور أحوط وأيسر في ضبط ما يعد سفرًا وما لا يعد سفرًا، وإن كان قول الظاهرية وشيخ الإسلام والذين قالوا بعدم التحديد، قد يكون أقوى من ناحية النظر والدليل، مرة أخرى: مذهب الجمهور قد يكون هو الأحوط والأيسر في ضبط ما يعد سفرًا، والأنفع للعامة، وفيه سهولة بالنسبة لهم في العمل، خلاص تقول له ثمانين كيلو، ولا بأس أن تقول له هذا تقريب وليس تحديد، يعني ما هو تسعة وسبعين ونصف لا، تقريبًا ثمانين، تقريبيًا تسعة وسبعين ممكن، ثمانية وسبعين ممكن وفوق؛ خمسة وثمانين، تسعين، مائة، خلصنا ما دام حددنا الحد الأدنى كل ما فوق ذلك فهو سفر.

قال الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله-: الأولى في هذا أن ما يعد سفرًا تلحقه أحكام السفر من قصر وجمع وفطر، وما لا فلا، ولكن إذا عمل المسلم بقول الجمهور، فهذا حسن من باب الاحتياط؛ لئلا يتساهل الناس فيصلوا قصرًا فيما لا ينبغي لهم ذلك لكثرة الجهل وقلة البصيرة، ولا سيما عند وجود السيارات، فإن هذا قد يفضي إلى التساهل حتى يفطر في ضواحي البلد، واليومان، -يعني مسيرة اليومين- يقول الشيخ: هما سبعون كيلو أو ثمانون كيلو تقريبًا.

وذكر شيخ الإسلام -رحمه الله- أن هذه المسألة من مسائل الاجتهاد، فمن فعل بقول بعض العلماء لم ينكر عليه، ولم يُهجر، يعني سواء أخذت بقول الجمهور أو بقول ابن تيمية وغيره لا حرج، ليست من مسائل التبديع والتفسيق، والذي يوالى عليها ويعادى فيها لا.