الجمعة 20 رمضان 1445 هـ :: 29 مارس 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

ما حكم جلود السباع وهل تطهر بالدباغ؟


أن يكون من جلود السباع؛ مثل جلد الأسد، والنمر، والفهد، والذئب، والدب، وابن آوى، وابن عِرس؛ فهذه الجلود وما أشبهها نجسة، سواء ذُبحت أو ماتت أو قتلت؛ لأنها وإن ذُبحت لا تحل، ولا تكون طيبة؛ فهي نجسة.

لكن السؤال هو: هل الدباغ ينفع أم لا؟ يعني تأخذ حية تذبحها أو ما تذبحها هي نجسة، يعني ذبحتها قتلتها ضربت رأسها بحجر، خلاص هذا حيوان غير مأكول اللحم، فكيفما أزهقت روحه فهو نجس، فالجلد نجس لا يجوز استعماله.

لكن السؤال هو: هل الدباغ يؤثر فيه؟

اختلف العلماء في هذا، وسواء قلنا بطهارة هذه الجلود بالدباغة أم لا، فلا يجوز استعمالها على كلا الحالين؛ لما ورد من النصوص الصحيحة في النهي عن استعمالها، أي جلود السباع؛ لأن جلود السباع حتى لو قلنا بطهارتها لا يجوز استعمالها لوجه آخر غير قضية النجاسة، قضية الاستعمال المنع لوجه آخر.

قيل: أشياء من مسألة الملابسة المؤدية إلى انتقال بعض صفات الملابس للملابِس، نعم، وقيل: قضية الخيلاء وأن جلود النمار هذه كان تجعل فيها خيلاء فنهى عنها، جلود السباع، وجلود النمار، لكن ممكن نأخذ حيوانات أخرى ليست من السباع وغير مأكولة اللحم وننظر في حكم الدبغ ماذا يحدث بها.

أما بالنسبة للدليل على عدم جواز استعمال جلود السباع حديث أبي المليح عن أبيه: "أن النبي ﷺ نهى عن جلود السباع أن تفترش" رواه الترمذي، وصححه النووي والألباني. [رواه الترمذي: 1770، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي: 1771].

وعن المقدام بن معدي كرب: "أن رسول الله ﷺ نهى عن لبس جلود السباع، والركوب عليها" رواه أبو داود، وهو حديث صحيح. [رواه أبو داود: 4131، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي: 4131].     

فهذا يدل على عدم جواز الانتفاع بجلود السباع حتى لو قلنا بطهارتها بالدباغة.

قال الترمذي -رحمه الله-: "وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ وغيرهم أنهم كرهوا جلود السباع وإن دُبغ، وهو قول عبد الله بن المبارك وأحمد وإسحاق، وشددوا في لبسها، والصلاة فيها"، [رواه الترمذي: 1728].

وقال بعض العلماء: "إن النهي عن جلود السباع المقصود بها استعمالها قبل دباغتها؛ قال النووي: وهو ضعيف، إذ لا معنى لتخصيص السباع حينئذ، بل كل الجلود في ذلك سواء"، انتهى.

والصواب أن النهي عن جلود السباع ليس بسبب عدم تطهير الدباغ لها، وإنما لما يحدث في نفس مفترشها أو لابسها من الكبر والخيلاء، أو سريان شيء من طباع السباع إلى اللابس بالمخالطة والملابسة، فيصبح عنده شيء من العدوانية أو الخيلاء، والتجبر، ولأن فيها تشبهًا بالجبابرة؛ ولأنها زي أهل الترف والإسراف، كما في تحفة الأحوذي، وحاشية السندي على ابن ماجه.

وعلى هذا فلا يجوز استعمالها سواء قلنا بطهارة جلدها بالدباغ أم لا.

قال ابن الصلاح: "فهذه الأحاديث قوية معتمدة، والتأويل المتطرق إليها غير قوي، وإذا وجد الموفق مثل هذا عن رسول الله ﷺ في مثل هذا المضطرب فهو ضالته ومستروحه لا يرى عنه معدلاً".[فتاوى ابن الصلاح: 2/474].