الأحد 30 جمادى الأولى 1446 هـ :: 1 ديسمبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

ما هي الأعذار التي تبيح التخلف عن الجماعة


أولاً: المطر الشديد الذي يشق معه الخروج للجماعة، والذي يحمل الناس على تغطية رؤوسهم، والإسراع من شدة المطر.

ثانيًا: الريح الشديدة ليلاً لما في ذلك من المشقة.

ثالثًا: البرد الشديد ليلاً أو نهارًا، وكذلك الحر الشديد، والمراد البرد أو الحر الذي يخرج عما ألفه الناس أو ألفه أصحاب المناطق الحارة أو الباردة؛ لأنك الآن لو فتحت المسألة وقلت في الحر الشديد: صلُّوا في بيوتكم، البرد الشديد: صلُّوا في بيوتكم، ومعلوم كل سنة يأتي فيها حر وبرد، لكن هذا الحر غير الذي ألفه أهل المنطقة أهل المكان، يعني: هذا شيء غير معتاد، ولا يحدث مثله في العادة، والذهاب إلى المسجد يمكن يترتب عليه ضرر، ومن قبل من زمان الناس يذهبون مشاة أو على دابة، ما كان هناك مكيفات ولا سيارات توصلهم بسرعة، سيذهب مشيًّا أو على الدابة بحركة بطيئة نسبية؛ لكن الآن مع وجود ما يوصل إلى المسجد، فلا ينبغي التساهل فيقال: والله الحر شديد، كل سنة في حر شديد، فيجب أن يقال هنا ما هو الفرق في هذه السنة، إذا أردت أن تتخذ هذا عذرًا، يعني ما هو الفرق، فينبغي أن يكون الفارق هنا واضحًا، يعني في ضرر عليه لو ذهب، مشقة بالغة لو ذهب، المطر هناك مطر مثلا، يعني لو ذهب يتحمل ويجمع الصلاتين، لكن أحيانًا يصير المطر شديد جدًا جدًا؛ بحيث يشق، وهناك مشقة واضحة في الذهاب، وقد يتعرض لانزلاقات وأشياء خطيرة، فيقال للناس: صلُّوا في رحالكم، لكن المطر الذي يمكن معه الذهاب إلى المسجد بنوع مشقة يذهب ويُجمع الصلاتين.

رابعًا: الوحل الشديد الذي يتأذى به الإنسان في نفسه وثيابه ولا يؤمن معه التلوث، وهذا إذا كان  فيه سيخوض.

خامسًا: الظلمة التي لا يبصر معها طريق المسجد، وهذه أيضا حالات، لاحظ الآن المدن فيها إنارات وفي السيارات فيها أنوار.

والعذر مذكور في حديث البخاري ومسلم عن نافع قال: أذّن ابن عمر بالصلاة في ليلة ذات برد وريح ومطر اجتمع فيها هذه الأشياء، فقال في آخر ندائه يعني الأذان: "ألا صلّوا في رحالكم، ألا صلّوا في الرحال" [رواه البخاري: 632، ومسلم: 697]، ويمكن هناك صواعق أحيانًا، في صواعق قد تتتابع، فهل يقال للناس: اخرجوا للمسجد؟ الصواعق ممكن تقتل، فإذن، هناك أحوال فعلاً يسقط فيها وجوب حضور الجماعة، وربما أحيانًا الجمعة.

يعني مثلاً الآن الحروب شوارع البلد تنهمر فيها القذائف، خلاص تسقط الجمعة، يصلوا في بيوتهم ظهرًا، نحن ما ندري الآن هذا الحصار جوع بحيث ما يجد شيئًا يقيم أوده ليصل إلى المسجد، يعني قد يصير فيه جوع شديد حصار خلاص ما يستطيع يذهب إلى المسجد لشدة الجوع، يصبح كالمريض، ملقى في البيت.

ولما قال ابن عمر هذا قال: إن رسول الله ﷺ كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة أو ذات مطر في السفر أن يقول: "ألا صلوا في رحالكم" كان الجيش إذا نزل ربما ضربوا أخبية مثل الخيام الصغيرة، وكل واحد أو اثنين يكون فيه مجموعة، يكونون فيها خلاص، فبدل ما يجتمع الجيش كله لصلاة الجماعة في حال المطر هذا، وفي العراء يعني جيش نازل في أرض مكشوفة، فيقال: "صلوا في رحالكم" في مثل هذه الحال، غير المدن والأبنية، لكن أحيانًا حتى المدن والأبنية يكون فيها شيء غير عادي، شيء مجاوز تعدى الحد الذي يستطيعه الناس، فعند ذلك حتى في المدن تسقط الجماعة، ويسقط وجوب الحضور.

أيضًا: الخوف، الخوف على النفس، الخوف على المال، الخوف على الأهل، يعني واحد مثلاً عنده مال يحتاج إلى إنقاذ، مثلاً سيول، مثلاً داهمت سيول مستودعات، مثلاً الخوف على الأهل، قد يكون دهم اللصوص مكانًا، وصار في رعب في الحارة في الحي مثلاً في خوف الآن قالوا هناك مجرم الآن، هناك مجرم داخل حي، واحد قد يستعمل سلاحًا قد يطلق نارًا يخلي أهله ويمشي، يحتاجون إلى حماية؛ إذًا هذا عذر الخوف تسقط به الجمعة والجماعة، وكذلك الخوف على النفس وضربنا مثالاً بقضية القصف العشوائي، وما يكون في الحروب.

سابعًا: حضور طعام تشتاقه نفسه، وتنازعه إليه، وكما قلنا سابقًا فصّل بعضهم بين الشخص إذا كان الطعام الذي وضع نفسه لا تتوق إليه، يعني ما هو جائع، ولا هو الطعام اللذيذ الذي يشتهيه، بل قد يوضع بين يديه طعام لا يشتهيه؛ فيحضر الجماعة، لكن إذا حضر بين يديه طعام يشتهيه، وقد يكون فيه جوع، فيقدّم العَشاء على العِشاء، والغداء على العصر مثلاً؛ مع أن الغداء الآن بعد الظهر من زمان الغداء من الغداة، وكان عندهم وجبتان واحدة في الصباح، وواحدة قبل المغرب.

ثامنًا: مدافعة أحد الأخبثين؛ لأن القيام إلى الصلاة مع مدافعة أحد الأخبثين، يعني البول أو الغائط يبعده عن الخشوع فيها، ويكون مشغولاً عنها، ومن الناس من يكون مبتلى مثلاً بسلس البول ونحو ذلك، ويحتاج أن يتفقد نفسه، وقد يحتاج أن يذهب إلى دورة المياه والخلاء كل مُدد متقاربة، يعني مثل مرضى السكري مثلاً قد يحتاج هذا، فالناس أحوالهم تختلف، وأمراضهم تختلف، أحوالهم الصحية تختلف.

وأيضًا تاسعًا: أكل ذي رائحة كريهة، كمن اشتهى بصلاً أو ثومًا أو كراثًا أو فجلاً فأكله، فتعذر زوال الرائحة، طبعًا بشرط أن لا يقصد بأكلها التخلف عن الجماعة، وإنما حضرت وأكل وبقيت الرائحة معه؛ لأنه لا يقال له: إذا حضرت مثلاً لا تأكل باقي نصف ساعة على الصلاة حرام عليك تأكل، لا يقال له، واحد يشتهي خلاص:  مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ  [الأعراف: 32]، يشتهي أكلها، لكن إذا بقيت الرائحة يقال له: لا تقرب المسجد لئلا تؤذي المصلين، فهو لما أكل كان مشتهيًا ولو لم يقصد بأكله التخلف عن الجماعة.

عاشرًا: العمل الذي لا يجد معه صاحبه من يقوده إلى المسجد، ولا يهتدي للطريق بنفسه، وبعض العميان ربما يتخذ من حرصه على الصلاة وسائل عجيبة، كما وجد حبل ممدود من مسجد إلى أحد البيوت، فلما سألوا عنه قالوا: هذا رجل ضرير يخرج من بيته فيمسك بالحبل ويمشي إلى أن يصل إلى المسجد، مربوط من البيت مربوط للمسجد، والعكس وهو راجع، من حرصه على الصلاة.

الحادي عشر: إرادة السفر، فمن تأهب لسفر مباح مع رفقة ثم أقيمت الجماعة وكان يخشى إن حضر الجماعة أن تفوته القافلة، الآن في مواعيد إقلاع: طائرة، حافلة، قطار، فأحيانًا يؤذن لكن لو انتظر حتى تقام الصلاة وصلى تفوته الطائرة، تفوته الحافلة، فيباح له في هذه الحالة أن يمضي بعد الأذان ويسافر ويصلي في المطار، في محطة القطار، في محطة الحافلات، في الطائرة، على الشروط المتقدمة المذكورة.

الثاني عشر: غلبة النعاس والنوم، فمن كان يعلم من نفسه إذا انتظر إقامة الصلاة أنه سينام وتفوته الصلاة كلها؛ فإنه يصلي ولو كان في بيته، ويتخلف عن الجماعة، لكن هذا ينبغي أيضًا أن يفتش الإنسان فيه عن نفسه، فيها تحايل، فيها تلاعب، فيها تساهل؛ لأن النفس أمارة بالسوء، فإذا فتحت الباب خلاص كل واحد يرجع من العمل متعبًا أخاف أنام، صلى ونام، يكون خلاص الآن وقت الصلاة أخاف أنام، صلى ونام، لكن لو عرف من حاله والتجربة والخبرة بنفسه وبدون تساهل ولا تلاعب أنه لو انتظر نام، لو انتظر الإقامة أو أراد أن يذهب للصلاة أنه سينعس وينام، وربما تفوته الصلاة يفوت الوقت؛ فهذا عذر، هذا قد يأتي أحيانًا مع السهر الطويل، قد يكون في عمل فيه سهر طويل مثلاً، فمن علم أنه سينام ويضيع الصلاة عن وقتها فإنه يصلي قبل أن ينام.

يصلي في الوقت، ما هو يصلي واحد مثلاً خائف تذهب الظهر يصلي في الصباح لا؛ لأن بعضهم قد يرجع من العمل الساعة العاشرة صباحًا، سهران طول الليل، يقول: خائف يضيع الظهر نصلي الآن؟ نقول: لا يقبل الله صلاة قبل وقتها، وفي الإنصاف يقول: "ومما يعذر به في ترك الجمعة والجماعة خوف الضرر في معيشة يحتاجها أو مال استؤجر على حفظه، وكنطارة بستان" [الإنصاف: 2/301].

يعني: الحارس، ينطر الناطور الذي ينطر، هذا الحارس، والحراسة قد تكون عذرًا له في ترك الجماعة؛ لأنه لو ذهب للجماعة يمكن يسرق المكان.

قال: "ويعذر أيضًا في تركها لتمريض قريبه" [الإنصاف: 2/301].

وفي فتاوى اللجنة الدائمة تمريضه لشخص لو تركه ليصلي جماعة هلك، أو أصابه جرح، وأمثال ذلك.

أحيانًا بعض العمليات الإشرافية على المرضى، يعني: التنفس وأجهزة وأشياء معينة تقتضي البقاء على رأس المريض، فلو غاب عنه دقائق ممكن يهلك، بعض الحالات، وبعض الحالات لا يأتي ويعمل عملية دورية إشرافية معينة يعملها ويمشي، يرجع بعد ساعة ساعتين، فهذه الأحوال المسلم عليه أن يتفقد نفسه فيها.