من السنن التي ذكرها بعض الفقهاء: الدعاء للمسلمين في الخطبة الثانية.
فذهب جمهور العلماء إلى مشروعية الدعاء في خطبة الجمعة واستحبابه للمؤمنين والمؤمنات، وفي مصالح المسلمين الدنيوية والأخروية، كما في المغني، والإنصاف، والبدائع.
ويكون دعاء للمسلمين بالأمور العظيمة من نصرة الإسلام والمسلمين، وكبت أعداء الدين، ونحو ذلك، بل ذهب الشافعية إلى أن الدعاء في الخطبة الثانية ركن من أركانها" [المجموع: 5/236].
ماذا يوجد من الأدلة حول الموضوع؟
روى سمرة بن جندب أن النبي ﷺ كان يستغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات كل جمعة" ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد، وقال: رواه البزار والطبراني في الكبير، وقال البزار: لا نعلمه عن النبي ﷺ إلا بهذا الإسناد، وفي إسناد البزار يوسف بن خالد السمتي؛ وهو ضعيف" [مجمع الزوائد: 2/191]، كما ذكر ذلك ابن حجر -رحمه الله- في بلوغ المرام وقال: رواه البزار بإسناد ليّن" [بلوغ المرام: 134].
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: "وروي أن النبي ﷺ كان يستغفر للمؤمنين والمؤمنات في كل جمعة، فإن صحّ هذا الحديث فهو أصل في الموضوع، وحينئذ لنا أن نقول إن الدعاء سنة، أما إذا لم يصح فنقول إن الدعاء جائز، وحينئذ لا يتخذ سنة راتبة يواظب عليه؛ لأنه إذا اتخذ سنة راتبة يواظب عليه فهم الناس أنه سنة، وكل شيء يوجب أن يفهم الناس منه خلاف حقيقة الواقع أو خلاف حقيقة ما جاء في الدين فإنه ينبغي تجنبه" الشرح الممتع. [الشرح الممتع: 5/66]
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة، برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله-: دعاء الإمام في الخطبة للمسلمين مشروع؛ كان النبي ﷺ يفعل ذلك، ولكن ينبغي للإمام أن لا يلتزم دعاء معينًا؛ بل ينوع الدعاء بحسب الأحوال، أما كثرته وقلته فعلى حسب دعاء الحاجة إلى ذلك، وكان النبي ﷺ يكرر الدعاء ثلاثًا في بعض الأحيان، وربما كرره مرتين، فالسنة في الخطيب أن يتحرى ما كان يفعله النبي ﷺ.
وقال الشيخ: محمد رشيد رضا في الدعاء في خطبة الجمعة في مجلة المنار، ولا ينبغي أن يلتزم دائمًا لئلا يظن العوام أنه واجب، وإذا كان ملتزمًا في بلد وخُشي من سوء تأثير تركه في العامة؛ فينبغي للخطيب أن يتقي سوء هذا التأثير بأن يذكر على المنبر أن هذا دعاء مستحب على إطلاقه، ولم يطلبه الشرع في الخطبة فهو ليس من أركانها ولا من سننها وإلا بقي مواظبًا عليه.