من الملاحظات كذلك في كتب المذاهب أن الحنفية اشترطوا لصحة صلاة الجمعة: إذن السلطان بذلك أو حضوره أو حضور نائب عنه، إذ هكذا كان شأنه على عهد رسول الله ﷺ، وفي عهد خلفائه الراشدين، فإذا لم يوجد أحدهما لموت أو فتنة أو ما شابه ذلك وحضر وقت الجمعة، كان للناس حينئذ أن يجتمعوا على رجل منهم ليتقدمهم فيصلي بهم الجمعة، هذا في مذهب الحنفية. [البحر الرائق شرح كنز الدقائق: 7/8].
أما أصحاب المذاهب الأخرى فلم يشترطوا لصحة الجمعة أو وجوبها شيئًا مما يتعلق بهذا، لا إذنًا ولا حضورًا، ولا إنابة، قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: "لكن لو قيل بالتفصيل، وهو أن إقامة الجمعة في البلد لا يشترط لها إذن الإمام، وأنه إذا تمت الشروط وجب إقامتها، سواء أذن أم لم يأذن، وأما تعدد الجمعة فيشترط له إذن الإمام".[الشرح الممتع: 5/26]
فالشيخ بالتفصيل قال: اشتراط الإذن إذن الإمام للتعدد، لا لإقامة الجمعة، أصلًا لو ما في إلا جمعة واحدة خلاص ستقام ما ينتظرون إذنًا، لكن إذا صار في أكثر من جمعة، هنا يشترط الإذن للجمعة الثانية.
والهدف واضح، الهدف حتى ما تصير فوضى، فلابد من إمام يحدد لهم تقام جمعة ثانية أو ما تقام، وإلا كل الناس لو ساروا على أهوائهم لحصلت هنالك فوضى في العبادات، حتى في العبادات، قال الشيخ: "وأما تعدد الجمعة فيشترط له إذن الإمام؛ لئلا يتلاعب الناس في تعدد الجمع، فلو قيل بهذا القول لكان له وجه" قال: "والعمل عليه عندنا لا تقام الجمعة إلا بعد مراجعة دار الإفتاء".
يقول الشيخ ابن عثيمين: "وهذا القول لا شك أنه قول وسط يضبط الناس؛ لأننا لو قلنا إن كل من شاء من أي حي أقام الجمعة بدون مراجعة الإمام أو نائبه لأصبح الناس فوضى، وصار كل عشرة في حي ولو صغيرًا يقيمون الجمعة". [الشرح الممتع: 5/26].