رفع الصوت بالخطبة، وقد ذكر المصنّف حديث جابر للدلالة على هذه السنة، يعني الشيخ السعدي ذكر الحديث، ففي صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله قال: "كان رسول الله ﷺ إذا خطب احمرّت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه، حتى كأنه منذر جيش، يقول: صبّحكم ومساكم ، ويقول: بُعثتُ أنا والساعة كهاتين، ويقرن بين أصبعيه السبابة والوسطى ويقول: أما بعد ، هذه أما بعد سنة، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة [رواه مسلم: 867].
وهذا لا يشترط أن يكون في كل الخطبة، وفي كل الموضوعات؛ لكن النبي ﷺ كان يفعله كان يذكر.
قال النووي: "يستحب للخطيب أن يفخم أمر الخطبة" يعني: ما يخطب مثلاً بميوعة، ما يخطب بلين زائد؛ لأن مقام الخطبة ما يناسبه اللين الزائد، "ويجزل كلامه، ويكون مطابقًا للفصل الذي يتكلم فيه من ترغيب أو ترهيب، ولعل اشتداد غضبه ﷺ كان عند موضع يناسب من الترهيب" [شرح النووي على مسلم: 6/156].
فإذن، ليس معناه أنه هو كل الخطبة هكذا، ولكن فيها لما مر بموضع الترهيب والتذكير والموعظة "علا صوته، واحمر وجهه، كأنه منذر جيش".
وهنا تنبيه الآن علا صوته بدون مكبرات، مشكلة كثير من المساجد اليوم أن المكبرات التي فيها زيادة على المناسب لطاقة السمع في آذان الناس، وهذا يعني طبعًا الضجيج الصوتي يقاس في مقاييس علمية الدسبل هذا يقيسون به المعدل الصوت الخارج من الأجهزة، فبعض السماعات وكثير من السماعات في المساجد طريقة التركيب خطأ، وزن الصوت خطأ، وإضافة الصدى المبالغ فيه بدعة، كما قال الشيخ صالح الفوزان وغيره.
فإذن، مواقع مكبّرات الصوت لا بد أن تكون مناسبة، درجة الصوت لا بد أن تكون مناسبة، ما يزعمونه من المؤثرات لابد من استبعاد ما يصرف، بل بعض الصدى ما تفهم أصلاً الخطبة الكلام من بدعة الصدى، في بعض المساجد ما تفهم الكلام؛ لأنه يتداخل صدى، عملوا مؤثرات كأنه نشيد، أغنية غناء، يا جماعة هذه خطبة جمعة المقصود إفهام الناس، وإيصال صوت الإمام للناس، وزِّع المكبرات بطريقة صحيحة، ودرجة الصوت غير مزعجة للناس، وعندما تقول للخطيب يرفع صوته ما يأتي مثلاً على مكبرات شديدة ويقترب وهذا الصوت؛ لأن هذا يجعل المأمومين يصابون بصدمة عصبية في الإقلاع، وفي الخطبة.
فلابد من حُسن استعمال التقنية؛ لأن المقصود الآن إيصال الصوت للناس، إسماع البعيد، إسماع من لا يسمع، وليس المقصود إزعاج الناس، وإيذاء الناس، لا، وهذه مسألة مهمة، وهذا من واجبات الأئمة، ومن الأمانة الملقاة على الأئمة في المساجد والخطباء الاعتناء بهذا؛ لأنه كثيرًا ما يخالف إذا السماعة نازلة مزعجة ارفعها، إذا كانت تضرب في الأذن حطها في الوسط، ضع أشياء فوقية، أشياء موزعة، تصرف بحدود المتاح، يأتي واحد يقول: والله ما عندنا إمكانات، خلاص خذ أقرب ما يمكن إلى حصول المقصود الشرعي، وتحقيق المصلحة الشرعية.