الخميس 20 جمادى الأولى 1446 هـ :: 21 نوفمبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

59- العلاج بالطاقة في ميزان الشريعة


عناصر المادة
خطر كتب الفلسفة على عقيدة التَّوحيد
علاقة الانحرافات ببعض الدَّورات الحديثة
خطر الفلسفة الغربية والشَّرقية على عقيدة التَّوحيد
الطَّاقة الكونية من صلب الوثنيات الشَّرقية
ما المقصود بالثُّنائيات
ماذا نعني بالطَّاقة؟ وكيف دخلت إلى المجتمعات الإسلامية
أبرز العقائد التي تقوم على موضوع الطّاقة
ما هي فلسفة الأجسام السبعة؟
ماذا يقصدون بالطَّاقة، وكيف دخلت إلى بلاد الاسلام
منافات الطَّاقة لعيدة التَّوحيد
أهم الكُتب في الطَّاقة، وطرق التَّرويج لها
العلاج بالريكي

الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وبارك على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

خطر كتب الفلسفة على عقيدة التَّوحيد

00:00:16

فقد سبق الحديث عن صيانة التَّوحيد عن الأخطاء التي تحيق به، وأنَّه يجب على المسلم أن يحرس عقيدته من كُلِّ ما يصادمها، وأنَّ الأخطار التي تحيط بالعقيدة أو التي تُهدِّد العقيدة.

أخطارٌ متعددِّةٌ وكثيرةٌ، ومن ذلك ما يتعلَّق بالعقائد الأجنبية التي دخلت على المسلمين، ومن هذه الأشياء التي دخلت على المسلمين: صورٌ من الوثنيات والشِّركيات والشَّعوذة والدَّجل، ولعلَّنا نعود إلى بداية هذا الأمر من خلال حركة التَّعريب والتَّرجمة التي نشأت، ولأنَّ هذه الأشياء الدَّخيلة في الحقيقة كان لها بوابة، وهذه البوابة:

هي بوابة التَّرجمة غير المنضبطة، والموروثات الشَّرقية التي دخلت علينا اليوم في الدَّورات وغيرها كانت من نتاج هذه التَّرجمة، تُعتَبر حركة التَّرجمة وتعريب الكتب الفلسفية بذرة فساد عظيمة عاثت في الأمَّة شراً، وقد دخلت أشباه هذه العلوم على المسلمين في القرن الأول بعد فتح بلاد الأعاجم، لكن السَّلف رحمهم الله تعالى تصدُّوا لها ثُمَّ انتشرت زمن يحيى بن خالد البُرمكي، وانتشرت بعد ذلك في عهد المأمون وازدهرت حركة التَّرجمة غير المنضبطة وفتحت أبوابها على مصاريعها، وكانت تُترجم كتبُ اليونان والسِّريان والكتب الفارسية والقبطية وكتب الفلاسفة وعلم المنطق والميتافيزيقيا، والعجيب أنَّ بعض الخلفاء ما كان ينضبط بالشَّرع في حركة التَّرجمة؛ بل كان يكيل المال ويحثو المال لمن يترجم بغضِّ النَّظر عمَّا يترجم، حتى أن بعضهم كان يُتحف ملوك الرُّوم بالهدايا الثَّمينة ليعطوه كتب الفلاسفة مثل: كتب أفلاطون وأرسقراط وجالينوس وإقليدس، وكان مهرةُ المترجمين يُجلَبون ويُعطَون بغضِّ النَّظر عن عقائدهم، وكان كثيرٌ من هؤلاء المترجمين من اليهود والنَّصارى ما بين زنديقٍ حاقدٍ ونصرانيٍّ متربِّصٍ ومرتزق متهالك، ومن نظر في أسمائهم وسيرهم تبيَّن له حقيقةَ حالهم، مثل: يعقوب الرَّهاوي النَّصراني، ويوحنا بن ماسويا النَّصراني، وحنين بن إسحاق، وقسطا ابن لوطا، وأبو بشر متَّى بن يونس وغيرهم.
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ثُمَّ إنَّه لما عُرِّبت الكتب اليونانية في حدود المائة الثَّانية، وقبل ذلك وبعد ذلك وأخذها أهل الكلام وتصرَّفوا فيها بأنواع الباطل الأمور الإلهية ضل كثير منهم وحصل بسبب تعريبها أنواع من الفساد والاضطراب مضمومًا إلى ما حصل من التقصير والتفريط في معرفة ما جاء به الوحي من الكتاب والسنة". [مجموع الفتاوى: 5/22].

وقال الصفدي: "حدَّثني من أثق به أنَّ شيخ الإسلام رحمه الله كان يقول: ما أظنُّ أنَّ الله يغفل عن المأمون، ولا بُدَّ أن يقابله على ما اعتمده مع هذه الأمَّة من إدخال هذه العلوم الفلسفية بين أهلها". [لوامع الأنوار البهية: 1/9]. كتاب لوامع الأنوار البهية للسَّفاريني.
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "وقد توسَّع من تأخَّر عن القرون الثَّلاثة الفاضلة في غالب الأمور التي أنكرها أئمة التَّابعين وأتباعهم ولم يقتنعوا بذلك حتى مزجوا مسائل الدِّيانة بكلام اليونان، وجعلوا كلام الفلاسفة أصلاً يردون إليه ما خالفه من الآثار بالتَّأويل ثُمَّ لم يكتفوا بذلك حتى زعموا أنَّ الذي رتَّبوه أشرف العلوم وأولاها بالتَّحصيل، وأنَّ من لم يستعمل ما اصطلحوا عليه فهو عاميٌّ جاهلٌ". [فتح الباري: 13/253].

علاقة الانحرافات ببعض الدَّورات الحديثة

00:04:42

لو قال قائلٌ: ما هي علاقة هذا الموضوع بالانحرافات الموجودة في بعض الدَّورات؟ نحن لما ذكرنا أنَّ هناك منافذ دخل منها الشَّرُّ على الأمة وقلنا: إنَّ التَّسويق لأديان غيرنا قد حصل بعدَّة وسائل، فحركة التَّرجمة واحدٌ منها، فلما يُترجِم  ولا يعلِّق على ما يترجمه إذا خالف العقيدة والدِّين، ويأتي من يقرأ المترجَم بدون خلفية شرعية ماذا سيحدث؟ رُبَّما يتبنَّى بعضَ ما هو مكتوبٌ أو مطبوع أو منشور وهكذا، وما يُسمى اليوم بالانفتاح الثَّقافي عبر شبكة الإنترنت والقنوات، فالنَّاس تتابع وتشاهد في قناةٍ سُنِّية أو في قناة باطنية أو في قناة قاديانية أو في قناة كفرية أو في قناة بدعة، فهناك استهلاكٌ، وكذلك المواقع والكتب سواءً كان الكاتب ملحداً زنديقاً أو مسلماً أو منافقاً أو أنَّه ممن يتبنون المذاهب الهدَّامة الباطلة، وسواءً كان ثقةً أو غير ثقة، فهناك استهلاكٌ كما يستهلك اليوم هذه التي تُسمى بالأغذية السِّريعة وفي كثيرٍ منها ضارٌّ على الجسد، فكذلك استهلاك الأفكار وهذه المواد المقروءة مع وجود الفضول ومع وجود الدِّعاية لهذه الدَّورات، والتَّأثيرات الإعلامية والألقاب الفخمة ونحو ذلك، فمنها تدخل علينا مصائبٌ، إضافةً إلى الانهزامية حيث أنَّ هناك عدداً من المسلمين عندهم انهزاميةٌ نفسيةٌ؛ فما يأتي من الكُفَّار مقبولٌ ويُؤخذ ويُعتمد، وهؤلاء أكثر منا تقدماً وقوةً، فتُؤخذ أفكارهم الغثُّ والسَّمين، ولو كان هناك تقنية حقيقية لكان يُقال: هذا أشياءٌ تقنيةٌ مفيدةٌ خذوها، وأساليبٌ متطوِّرةٌ في الزِّراعة اعتمدوها، وأساليبٌ إداريةٌ حديثةٌ استفيدوا منها، وهناك أشياءٌ كفريةٌ إلحاديةٌ صليبيةٌ وثنيةٌ مجوسيةٌ بوذيةٌ هندوسيةٌ احذروا منها، لقلنا: هناك تمييزٌ وهناك من يأخذ المفيد ويترك الضَّارَّ، لكن المشكلة لما ينشأ شبابٌ صغارٌ على عالمٍ مفتوحٍ بقنواته ومواقعه وتواصلاته وسفرياته ومطبوعاته وترجماته فهنا تحدث الكارثة، والنَّبي ﷺ قال: لتتَّبعنَّ سننَ من قبلكم شبراً بشبرٍ وذراعًا بذراعٍ، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه [رواه البخاري: 3269]. وقد وقع ما أخبر به النَّبي ﷺ وجاءتنا هذه الطُّرق الدَّخيلة.

نحن الآن سنتكلَّم إن شاء الله عن قضية الطَّاقة ودورات الطَّاقة والعلاج بها وإلى آخره، وقبل أنَّ ندخل في الموضوع ونربط بين بداية حركة التَّرجمة وما دخل علينا من هذه الأشياء لا بُدَّ أن نُذكِّر بأصولٍ تتعلَّق بالعقيدة والتَّوحيد:
أولاً: إنَّ الدِّين عند الله الإسلام والتَّوحيد: اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [المؤمنون: 32]، والشِّرك أكبرُ منكرٍ على وجه الأرض: مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ  [المائدة: 72]، إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء: 48].لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر: 65]، وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ [آل عمران: 85].

وكذلك لا بُدَّ أنَّ نُذكِّر: بأنَّ الله هو مدبِّر الأمر: أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ [الأعراف: 54].  قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ[يونس:31].
وكذلك نُذكِّر: بأنَّ الغيب المطلق لله لا يعلمه إلَّا هو، قد استأثر بعلم المستقبل واختصَّ ذلك بنفسه: قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ[النمل: 65]. لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ[الكهف: 26]، عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ [الأنعام: 73]، إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ[يونس: 20]،

وكذلك نُذكِّر: بأنَّ دعاء غير الله والاستغاثة به فيما لا يقدر عليه إلَّا الله: كفرٌ أكبرٌ مخرجٌ عن الملة وشركٌ: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ ۝ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً [الأحقاف: 5-6].
وكذلك لا بُدَّ أنَّ نُذكِّر: بأنَّ الاهتداء بغير الإسلام بعد بعثة النَّبي عليه السَّلام من الكفر بالله، قال تعالى: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ [المائدة: 48].

وأيضاً لا بُدَّ أنَّ نذكِّر: بأنَّ الله من صفاته أنَّه الكبير المتعال العلي العظيم الذي علا على عرشه سبحانه، وهو فوق خلقه، ومباين منفصل عنهم، فذاته مستقلَّةٌ منفصلةٌ عن ذواتنا، لا تشبه ذواتنا ولا سمعه يشبه سمعنا ولا بصره يشبه بصرنا: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى: 11].الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه: 5]. أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ [الملك: 16]، إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ [فاطر:10].
وأنَّ الله كان الله ولم يكن شيءٌ معه ولم يكن شيءٌ قبله، ثُمَّ خلق الخلق، فهذه مسلَّماتٌ واضحةٌ جداً، وأنَّ الذين يعبدون من دون الله يعبدون أشياءً وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [النحل: 73].
قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ [الأنعام: 56]، وأنَّ من زعم أنَّ الله حلَّ في خلقه فقد كفر؛ لأنَّ الله ليس في خلقه: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه: 5].
ومن زعم أنَّ الخلق جزءٌ من الله فهو كافرٌ مرتدٌّ بطبيعة الحال، هذه المذاهب هي قضية أنَّ الله حلَّ في خلقه، وأنَّ الخلق جزءٌ من الله، فعقيدة وحدة الوجود، وعقيدة الحلول والاتحاد: هي عقائد كفريةٌ، وهذه الأصول الشَّرعية مهمةٌ قبل أنَّ ندخل في موضوع الطَّاقة.

خطر الفلسفة الغربية والشَّرقية على عقيدة التَّوحيد

00:11:51

وقلنا إنَّ حركة التَّرجمة لمَّا قامت وكان من بين المترجمين من غير المسلمين الكثير عُرِّبت كتبُ الفلسفة وعلمُ الكلام ودخل على عقائد المسلمين الشَّيء المهول مما يناقض توحيد الرُّبوبية وتوحيد الإلهية وتوحيد الأسماء والصِّفات، وتعرَّضت الأمة لزحفٍ فلسفيٍّ مضادٍّ لعقيدة التَّوحيد، وكانت فلسفة اليونان مثلاً من الفلسفات الأجنبية الخطيرة التي ألقت بضلالها على أناسٍ من المسلمين، فاجتالتهم الشَّياطين وافتتنوا بعلم الفلسفة والكلام، والآن كثيرٌ من المسلمين افتتنوا بالغرب؛ فالغرب عنده إلحادياتٌ فمن الغربيين من يُنكر وجودَ الله، ومنهم من يقول: يمكن أنَّ الله موجودٌ ويمكن ليس موجود فلسنا متأكِّدين، ومنهم من يقول: خلق الخلق وتركهم وليس له علاقة فيهم، فهم يشرِّعون لأنفسهم وليس لله أمرٌ ولا نهيٌ على العباد، فهناك كفرياتٌ كثيرةٌ عند الغرب، مثل: عقيدة التَّثليث: أنَّ الله ثالثُ ثلاثةٍ، وأنَّ المسيح ابن الله.
ماذا يوجد في الشَّرق؟ يوجد في الشَّرق كذلك: كفرياتٌ كثيرةٌ، فمثلاً: هناك من يعبد بوذا ويجعله إلهاً، وهناك من يعبد البقر والحجر والشَّجر والكواكب، ويعتقد أنَّ للكواكب تأثيرًا على النَّاس، وأنَّهم يُرزقون ويُشقون ويُسعدون بهذه النُّجوم والأشياء الفلكية، وأنَّ هذه تُدبِّر أشياءً في الأرض، وتُؤثِّر على النَّاس، إذًا الفلسفة الشَّرقية لا تقلُّ عن الفلسفة الغربية خطورةً، وأنَّ هذه الأشياء النَّابعة من الصِّين والهند اليوم: كالدِّيانة الهندوسية والبوذية والطَّاوية وهي دين الصين القديم؛ هذه ِأشياءٌ خطيرةٌ جداً.

الطَّاقة الكونية من صلب الوثنيات الشَّرقية

00:13:57

نأتي الآن إلى قضية الطَّاقة الكونية: الطَّاقة الكونية التي لها الآن دوراتٌ يحضرها أبناءُ وبناتُ المسلمين، ويدفعون مالاً عليها، فهذه من صلب الوثنيات الشَّرقية، فتقوم على مبدأ الثُّنائيات: اليانج اليانج، هذه عقيدة في الوثنيات الشَّرقية تعني الثُّنائية، لما نقول مثلاً: عند المجوس إلهُ الخير وإلهُ الشَّر وإلهُ النُّور وإلهُ الظُّلمة فهذا هو مفهوم الثُّنائيات، وممكن ينزل إلى أشياءٍ مثلاً: الحارُّ والبارد والجاف والرَّطب، وممكن يستعمل استعمالاتٍ أو يعبر به عن تعبيراتٍ عن أشياء مثلاً نقول لها فوائدٌ، مثل: الأغذية أنَّه يا أخي استعمل ثنائيات في الطَّعام تعدل المزاج، مثلاً: النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام كان يأكل الرُّطب بالبطيخ، أو بالقثاء ويقول: نكسر حرَّ هذا ببرد هذا [رواه أبو داود: 3838، والبيهقي: 14415، وحسَّنه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود: 3836].
لو جاء شخصٌ وقال: إنَّ هذه أيضاً الثُّنائيات في عالم الأطعمة مفيدة! نقول: نعم هذا في عالم الأطعمة وصفاتها مفيدةٌ، لكن لما تدخل الثُّنيائيات في العقيدة وتقول: إلهُ الخير وإلهُ الشَّرِّ وإلهُ الظَّلام وإلهُ النُّور؛ هذه مسألة أخرى، فالواضح أنَّه يحصل خلطٌ في كلمة الثُّنائيات.

ما المقصود بالثُّنائيات

00:15:47

ما هو المقصود بالثُّنائيات؟ فلازم نفهم أنَّ الثُّنائيات موجودة في شيءٍ يقال له: اليَانج في الوثنيات الشَّرقية، واليانج الذي هو الثُّنائيات منبثقٌ من شيءٍ كُليٍّ عندهم يُقال له: الطَّاو، وعندهم هذه من الفلسفات الشَّرقية، أنَّه لازم أن تجمع بين الثُّنائيات في نظام الحياة، والغذاء، والتَّأمُّل، نعيد مرةً أخرى: لو وقفت القضية على مراعاة أشياءٍ معينةٍ في الأطعمة لقلنا: رُبَّما تكون هذه من حفظ الصِّحة، لكن لما يقول: الثُّنائيات تدخل في التَّأمُّل، فيعني أنَّ ذلك عبادة، مثلاً: تُطالِع في الشَّمس وتتأمَّل، تغمض عينيك مثلاً وتتَّجه إلى الشَّمس، وتهيم بفكرك، أو تُركِّز، فهذه عندهم عبادةٌ مرتبطةٌ بالكواكب، فيها استقبال الكوكب بإغماض العينين والتَّركيز، ويقولون: إن التَّناغم مع الطَّاو الذي هو الكُلِّي، والذي هو مثل الإله عندهم، كأنَّ هذا الطَّاو هو الله -تعالى عن قولهم- أنَّ هذا الطَّاو تلتمس منه الأشياء، وتخرج منه مساراتُ الطَّاقة، وتدخل في الأجسام والحياة، ليقولون بعد ذلك: لازم تتَّحد مع الطَّاو، ولازم تترك مسارات الطَّاقة التي تخرج من الطّاو تدخل في جسمك، حتى تعيش سعيدًا، فإذا أردت أن تصل إلى طول العمر وعالم الخلود، فلازمٌ أن تتناغم مع الطَّاو فكريًا وجسدًا، فهذه الفلسفة الشَّرقية تبعث الآن من جديد في عالم الدَّورات وغيرها، وقد يُترجم بالنُّصوص الشَّرقية هذه إلى اللغة العربية والإنجليزية وغيرها، وقد ظهر في العصر الحديث اهتمامٌ شعبيٌ غير مسبوقٍ بمحتواها، بالذَّات ممن هم خارج الدَّوائر العلمية والبحثية الأكاديمية في الغرب؛ لأنَّ الأكاديميين والذين عندهم أبحاثٌ علميةٌ ماديةٌ لا يؤمنون بهذه؛ لأنَّ عندهم هذه لا تثبتها المختبرات، ولا تُبرهن عليها الأبحاث العلمية الحديثة، فمثلاً مع توالي هجرة كُهَّان الدِّيانات الشَّرقية للدُّول الغربية، بمعنى أنَّه لا يوجد طلبة صينيون أو يابانيِّون أو هنود ذهبوا إلى بريطانيا وأمريكا وكندا إلى آخره، أليس من هؤلاء المهاجرين إن صحت التَّسمية إلى تلك البلاد: هم كُهَّان شرقيون؟
يعني: أنَّهم رجالُ دينٍ شرقيون؟ بلى، فهؤلاء أثَّروا في الغرب في أشياءٍ كثيرة: في الأفلام، وفي الألعاب الإلكترونية، وفي المؤلفات، وفي التُّخصصات الجامعية؛ لأنَّه هناك دراساتٌ لاهوتيةٌ نصرانيةٌ، وهناك دراساتٌ للدِّيانات الشَّرقية في الجامعات الغربية، وكُتبٌ مؤلفةٌ ودوراتٌ، فالغرب خاويٌ، فماذا يعني عقيدة التَّثليث؟

هذه عقيدةٌ سخيفةٌ لا يقبلها العقل، ولذلك نجد أنَّ النَّصارى عندهم مشاكلٌ من جهة الإقناع، فمن أين الدِّين المقنع؟ فلمَّا جاءهم الشَّرقيون بغزوٍ دينيٍّ حصل أنَّه  عددٌ من الغربيين تأثَّروا بالدِّيانات الشَّرقية، وتمَّ تحوير بعض المفاهيم الفلسفية الشَّرقية، وإلبَاسها بلباس الفكر المشترك والعلم التَّجريبي، بل واخترعوا لها أسماءً من خارجها،  تظهر على أنَّها أسماءٌ علميةٌ، مثل: قضية الطَّاقة.

ماذا نعني بالطَّاقة؟ وكيف دخلت إلى المجتمعات الإسلامية

00:19:55

ما الذي يتبادر إلى الذهن عندما نطلق كلمة الطَّاقة؟ الطَّاقة الكهربائية والنَّووية، والطَّاقة الضَّوئية، وطاقةُ الهواء، وطاقةُ الرِّياح، فالنَّاس تحبُّ الطَّاقة ويقولون: نحن نريد طاقةً، ونريد تشغيل الأجهزة، فكلمة الطَّاقة Energy: هي كلمةٌ مستعملةٌ في الكتب العلميَّة والتَّخصُّصات في الفيزياء وغيرها، فالوثنيون الشَّرقيون وغيرهم يريدون تسويقَ مبادئهم وعقائدهم الضَّالة عبر كلماتٍ علميةٍ، حتى تنطلي على الشَّباب والأكاديميين، أو على النَّاس الذين عندهم دراساتٌ أو تخصصاتٌ علميةٌ، على الأقلِّ أنَّ العوام الذين عندهم مسحَةٌ من شيءٍ علميٍّ، أو المفتونون بالعلم الحديث، فلمَّا يأتوا لهم بكلمة الطَّاقة فستدخلُ إلى النَّفس دخولاً كبيرًا، فظهر ما يُعرف بحركة الفكر الجديد، أو حركة العصر الجديد، فماهي حركة الفكر الجديد أو العصر الجديد؟ هي نقل الوثنيات الشَّرقية إلى العالم الغربي، ثُمَّ إلى كُلِّ أنحاء العالم.
أمَّا بالنُّسبة لنا نحن المسلمون فقد دخلت على مجتمعاتنا من خلال ثلاث محاور رئيسية:
أولًا: الاستشفاء والطِّب البديل، فلما نذكر كلمة: الطِّب البديل: فبعض النَّاس يتبادر إلى ذهنه الأعشاب، فلا مانع إذا كانت الأعشاب؛ لأنَّ الله خلق فيها فوائد طبية للشِّفاء، لكن لما يقول: سأعالجك بالطَّاقة أو بالتَّأمُّل، فهذه ليست أعشابٌ، بل هذه قضية أخرى، لكن النَّاس تحصل لها أمراضٌ وتريد علاجًا، وإذا لم يحصل على العلاج في الأدوية المعروفة، فإنَّه من الممكن يريد أيَّ حلٍ حتى من الطِّب البديل، وليس الطِّب البديل هو الطِّب الشَّعبي والأعشاب فقط، لا، فهناك أشياءٌ شرقيةٌ دخلت ودخلت معها الوثنيات.

ثانياً: عبر تطوير الذَّات والتَّنمية البشرية، إذًا فكلمة التَّنمية البشرية كلمةٌ جذَّابة؛ لأنَّ سوق الدَّورات داخلٌ في التَّنمية البشرية، فدخلت الوثنيات الشَّرقية من بوابة التَّنمية البشرية والدَّورات، قد تقول: دخلت من خلال: الأفلام، والألعاب الإلكترونية، وحركة التَّرجمة، والكتب المطبوعات والرَّقمية، ومن خلال أمازون للتَّسوق، والمواقع إلكترونية، صحيحٌ فهذا كُلُّه منافذٌ، ومن الكُتُب المهمة في هذا: كتاب التَّطبيقات المعاصرة الشَّرقية للدَّكتورة هيفاء الرَّشيد، هذا كتابٌ جيِّد، حيث أنَّه يدرُس: كيف تسلَّلت ودحلت الفلسفات الشَّرقية على المسلمين، والمقصود بالفلسفات الشَّرقية: الوثنيات، الكفريات، الشركيات، فمثلاً لو جاء إلينا -نحن المسلمون- البوذيون بعقيدتهم البوذية وقالوا: إعلانٌ هامٌّ: عندنا ندوةٌ عن البوذية، وفضائلها ومزاياها، فكلُّ واحدٍ يقول لولده: انتبه؛ هذه البوذية كفرٌ، ونحن مسلمون، لكن لما توضع بعض مبادئ البوذيَّة في دورةٍ من دورات: تنمية المهارات، علاج الطِّب البديل، عنوان دورات التَّنميبة البشرية، فهذا شيءٌ طبيعيٌ، فنحن لما نتوقَّع من الأعداء أن يتحايلون علينا فلا يأتون صريحًا، فدخلت على المسلمين الآن وثنياتٌ كفرياتٌ من ديانات هندوسية بوذية طاوية.
وقلنا هذه الدِّيانة في الصِّين القديمة، دخلت علينا من خلال تطبيقات ودورات تطويرية وعلاجية، وتلقَّفها كثيرون بحُسنِ نيةٍ، وبعضهم عندهم لا شكَّ نيات سيئة، يقول أحد أستاذة علم الاجتماع الدِّيني بإحدى جامعات ولاية ميتشغن الأمريكية الدَّكتور دوجياس تشني: كثيرٌ من النَّاس يمارسون التشي كونغ، والتَّايشي شوان، يومياً دون أن يعرفوا أنَّهم يمارسون الطَّاوية، فهذا واحدٌ غربيٌّ هو قد درَّس هذه الأشياء، وقال: أنتم يا أيها الغرب مخترَقون، الوثنيون الشَّرقيون اخترقوكم وأدخلوا هذه فيكم، وأحَّدُ مُدربي الدَّورات من الزَّنادقة المعاصرين، ولا بأس أن نذكر اسمه: أحمد عمارة وله دوراتٌ، فالرَّجل هذا في الخليج وغيره يقول بالنَّص: سيدنا بوذا وهو في أغلب الأحوال نبيٌ قبل أن يعبده قومه كان دينه الإسلام، وديانته أو شريعته هي التَّعاليم الموجودة في الكتاب الذي أُنزل عليه، ففكرة الزَّعم أنَّ بوذا نبيٌ  الهدف منها: تسويق وتمرير عقائد بوذا؛ لأنَّ النَّاس  لما تسمع أنَّ بوذا نبيٌ، فيعني أنَّ كلام بوذا أحاديث نبويةٌ، إذًا مبادئ بوذا وتعاليم بوذا هذه وحيٌ.

أبرز العقائد التي تقوم على موضوع الطّاقة

00:26:10

وموضوع الطَّاقة والعلاج بالطَّاقة، وتطبيقات الطَّاقة، ودورات الطَّاقة: فما هي أبرز العقائد التي تقوم عليها؟
أولاً: عقيدة وحدة الوجود، وهي عقيدةٌ إلحاديةٌ، موجودةٌ في صميم الدِّيانات الهندية، والصِّينية، وهي معتقد غُلاةُ الصُّوفية، أنَّ كلَّ ما ترى بعينك فهو الله، أنا وأنت والجدار والباب والبناء والخشب والطَّاولة والسَّيَّارات والطَّائرات والمباني وناطحات السَّحاب والمصانع، كلها هي الله، فهذا الكون هو الخالق لنفسه، وكلُّ هذه هي صور من الخالق، أليس الكفر عجائبٌ وغرائبٌ وألوانٌ وأنواعٌ؟ فهذا واحد منها، ويقولون: العالم بما فيه إنَّما هو من التَّجلي الدَّائم، وأنَّ الموجود واحد وهو الله عند كل الديانات، عند الملاحدة يسمُّونه الكُلِّي، أحياناً يسمُّونه العقل الكُلِّي، وأحياناً يسمُّونه الطَّاو، وأحيانًا يسمُّونه أسامي متنوِّعة العقيدة.
ثانياً: غير وحدة الوجود: عقيدة فلسفة الفيض التي يثبت معتنقوها أنَّ هنالك عقلاً كليًا فعَّالاً، قد فاضت عنه عقولٌ عشرة تُدير الكون وتُدبِّره، والكواكب اعتقاد من اعتقادهم وما أكثرها.
ثالثًا: فلسفة الشَّكرات، فهناك مراكز الطَّاقة الرُّوحية الكونية في الفلسفة الشَّرقية، توجد في الجسم الطَّاقي هو نسبةً للطَّاقة، ولها مراكزٌ مماثلةٌ في الجسم، تُعرف بشبكات الأعصاب، إذًا يريدون أنَّ يقولوا: إنَّ هذا الجسم الطَّاقي مرتبطةٌ فيه مراكزُ طاقةٍ روحية، حيث أنَّها مرتبطةٌ بمناطق في جسدك تعرف بشبكات الأعصاب والأجسام، المعروفة السَّبعة في الأديان الشَّرقية، وأساس فلسفة الطَّاقة الكُلِّيَّة المنبثقة عن الكلي الذي هو مثل الطَّاو، وأنَّها تتحد مع الطَّاقة البشرية في جسم الإنسان عبر الشَّبكات، وأنَّ كلَّ واحدٍ عنده هالات أثيرية، وجسم أثيري، لازم تتناغم أو تتحد هذه الأشياء الموجودة في الجسم الأثيري مع ما في الجسم ومع ما في الكون ومع ما في الكُلِّي ومع الأشياء المنبثقة الكلية مع المراكز التي في الكون ومع المراكز التي بجسمك، حتى تكون صحيحَ الجسم سعيدَ النَّفس، خاليًا من الأمراض، ناجحًا في أعمالك وهكذا.

ما هي فلسفة الأجسام السبعة؟

00:29:17

ما هي فلسفة الأجسام السبعة؟ أنَّ النَّفس الإنسانية تتكوَّن من عدة أجساد، بعضهم قالوا خمسةٌ وبعضهم قالوا تسعةٌ، بحسب الفلسفات التي عندنا ويتفقون منها على: الجسم البدني، والجسم الأرضي، والجسم العاطفي،  والجسم العقلي، والجسم الحيوي، والجسم الأثيري، فالجسم البدني: هو الظَّاهر الذي نتعامل معه، وتنعكس عليه حالة الأجساد الأخرى.
أولاً: الجسم الأثيري: عندهم أهمها وأساس حياتها، ومنبع صحتها وروحانيتها وسعادتها، هل تأثَّرت هذه التَّطبيقات بإلحاديات الغرب؟ يعني: هل منطلقاتها من وثنيات الشَّرق وكفرياته؟
الجواب: نعم لقد تأثَّرت هذه الأطروحات بمذهب الوجودية: وهو مذهب فلسفي غربي له مدارس، يقوم على إعادة الاعتبار الكُلِّي للإنسان، ويعتبرون الأديان السَّماوية عوائق أمام الإنسان نحو المستقبل المُشرق، إذًا الفلسفة الوجودية تعادي الأديان كُلَّها، وتقوم على تقديس الإنسان أنَّه كُلُّ شيءٍ.
ثانياً: المذهب النَّفعي الذي يقوم على أنَّ معيار القبول والرفض هي المنفعة، فإذا وُجِدت منفعةٌ فهذا بوابة القبول، طبعًا المنفعة في نظرهم: المنفعة المادية، ولما نقول مثلاً: المنفعة المالية من أي شيءٍ جاءت؟ من احتكارٍ من غيره من تسلُّط.

ثالثًا: مذهب القوَّة: مذهبُ نيتشا: مذهبٌ يسعى بفلسفةٍ لإيجاد الإنسان المتفوِّق، الذي ينظر في نفسه ويكتشف قواه، بناءً على أنَّه هو الوحيد في الكون الذي له قوة وعقل، وليس هناك من شيءٍ آخرٍ، ولذلك يقول ليتشا: لقد ماتت جميع الآلهة، ولم يَعُد من أملٍ إلَّا ظهورُ الإنسان المتفوِّق، فالإنسان المتفوِّق هو كل شيء في الكون، سيِّد الكون، فهو يُدبِّر الأمر، فأقوى شيءٍ في الكون: الإنسان، وهو يُصرِّفه، وبالتَّالي هو يَرزُق، ويُنزِّل المطر، ويُرسل الرِّياح، فهذا الإنسان هو مركز الكون، وهو كُلُّ شيءٍ وأعظمُ شيءٍ في الكون، ما هو الإنسان المتفوِّق عند ميتشا؟
الذي زعم أنَّه يأخذ صفات القوَّة كاملةً، والصَّحة الجيِّدة؟ هل هو السُّوبر مان؟ فلا يحتاج إلى فكرة الإله؟ هذا إنسانٌ ذكيٌ وقوي جداً سليم، ولا يحتاج إلى إلهٍ يَرزُق ويلجأ للإله، فهذه الأفكار الوجودية: مذهب المنفعة، ومذهب القوَّة، داخلةٌ في التَّطبيقات والدَّورات الموجودة الآن باسم العلاج بالطَّاقة، والعلاج بالرِّيكي، والعلاج بالماكروبايوتك اتشي كونج، والعلاج بطاقة الأحجار الكريمة، والألوان والكريستال وبالأهرام، أو بالأشكال الهندسية، مثل: الأشكال الهرمية، وبعض ما يُسمى بالبرمجة اللُّغوية العصبية.

ماذا يقصدون بالطَّاقة، وكيف دخلت إلى بلاد الاسلام

00:33:31

ماذا يقصدون بالطَّاقة؟ وكيف ظهرت تطبيقات العلاج والاستشفاء بالطَّاقة في العصر الحديث؟ وما دخلها في موضوع الدَّورات؟ قلنا إنَّ كلمة طاقة: كلمةٌ مجملةٌ، وقد يكون لها مفهومٌ فيزيائيٌ مثل الطَّاقة الكهربائية النَّوويَّة الإشعاعية، وفي الغالب ليس هذا مقصود أصحاب الدَّورات في قضية دورات الطَّاقة والعلاج بالطَّاقة، معنى من معاني الطَّاقة: القُدرة والوسع،  هذا معنى لُغوي، وليس معنى علمي أو فيزيائي،  رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ [البقرة: 286].
وأيضاً لا يقصدون هذا المعنى، الطَّاقة بالمعنى الفلسفي الغيبي هذا هو مقصودهم، فإذًا الطَّاقة عند أصحاب الدِّيانات الشَّرقية: هي سبب وجود كُلِّ شيءٍ، وجوهر كُلِّ شيءٍ، وأساس الكون، وطاقة الحياة عندهم باعتبار عقيدتهم: أنَّ الطَّاقة مصدر الحياة فلا توجد حياة بدون طاقة، وسمُّوها: طاقةٌ كونيةٌ؛ لأنَّهم قالوا: لأنَّها تملأُ كُلَّ فراغٍ في الكون، وأنَّها هي التي تُسيِّر الكون، وتحفظ نظامه، فإذا جئت تفهم مدلول الطَّاقة عندهم فهي البديل عن الله تعالى عن قولهم، ويقولون: أنَّ حياة المرء طولاً وقصرًا مرتبطةٌ بمخزونه من الطَّاقة، فكلما اكتسبت طاقةً إضافيةً ستعيش أكثر، فلازم تبحث عن مسارات الطَّاقة وتخزنها، وفقدان الطَّاقة هو سبب الوفاة، وليس سبب الوفاة أنَّ الله يُرسل الملك يسحب الرُّوح، لا، أنَّ الجسم إذا خلا من الطَّاقة يموت، فإذا تأخذ طاقة زيادة ستعيش أكثر، والشَّباب أناسٌ يموتون في عزِّ الشَّباب، فإذا جئت على قضية القوَّة والحيوية، تصيبه سكتةٌ قلبيةٌ، وهو يتدفَّق طاقةً وحيويةً، والذي يحصل له حادثُ سيارة ويموت مخزون طاقة، وعلى أيَّة حالٍ فإنَّ عندهم: أنَّ مسألة فقدان الطَّاقة هي سبب الوفاة، واكتساب هو سبب الحياة، وأنَّ هذا سرُّ الخلود، وأنَّ الطَّاقة خالدةٌ باقيةٌ أبداً، وأنَّ الطَّاقة تُمكِّن الإنسان من الاتحاد بالحقيقة المطلقة، أو الطَّاو، وبذلك ممكن يعيش أبديًا، ولن يموت أبدًا، ولا يهرم، سبحان الله هذه قضية: يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى [طه: 120].

الفكرة الشَّيطانية التي أتى بها لآدم هي نفس هذا، فإنَّه أوحى الشَّيطان وسوَّل إليهم أنَّه إذا تريدون أن تعيشون بلا موت، تَصِحُّون بلا مرض، وتشبُّون بلا هرم، أمَّا آدم فماذا قال له؟  يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى [طه:120].  مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ [الأعراف: 20].
فهذه فكرة الخلد التي أوحى بها الشَّيطان، وأراد أن يَغُرَّ آدم بها ليأكل من الشَّجرة: هي فكرة الطَّاقة التي غرَّ الشَّيطانُ بها هؤلاء الوثنيين، وأنَّ هذه الطَّاقة هي كُلُّ حاجةٍ، فخذوا منها وخزِّنوا لتعيشوا خالدين ومخلَّدين، بلا  أمراضٍ، ولا شقاء، بل بسعادةٍ وقوةٍ كاملةٍ، عُمرٌ بلا نهائي لا هرم ولا موت، فأيُّ واحدٍ مؤمنٍ يعرف من خلال الواقع أنَّ كلامهم فاسدٌ، وهؤلاء الشَّباب الذين يموتون في ريعان الشَّباب! والهرم الذي نراه ونعايشه! وحكماء وملوك الصِّين والهند، ورهبان ورجال الدِّين الكُبار أينهم؟ وأين بوذا؟ تحت التُّراب، وهؤلاء المعلمون الاكابر لماذا لم يعيشوا؟ إذا اتحدوا بالطَّاو واتحدوا بالطَّاقة والمراكز العقلية في الكون، أليسوا هم فاهمون وهم اخترعوا واعتقدوا بها؟ فأين التَّطبيب بها؟ ولماذا لم يعش أولئك؟ ولماذا عندهم مثل ما عند غيرهم مشاكل وتعاسة وشقاء وأمراض واكتئاب وآلام نفسية وحزن وهمٌّ وغمٌ؟ لماذا الانتحار في اليابان والصِّين؟
بعض الذين يحاولون أسلمة الدَّورات هذه يحطُّ عليها طلاءً إسلامياً، مثل الذي يكتب على السَّمك ذُبِح حلال، لما جاء يترجم أعمال الوثنيات الشَّرقية بدَّل الطَّاقة، وقال: الله، أو قال: نورٌ، وأنَّ النُّور من الله، إذا كانت نجاسةٌ حسيةٌ عندك فكيف تُطَهِّرها؟ هل هي قابلة للتَّطهير؟
يعني: البول والغائط هل ممكن يصير نفسه طاهراً؟ فهذه وثنيةٌ كفريةٌ إلحادية، حتى لو جعلت عليها شكلاً إسلامياً، حاول بعضُهم من الذين يُدرِّسون الدًّورات أن يأسلم الطاقة بمصطلحات، فهي بالنُّسبة لهم مصدر استرازق وهذا الذي حاول ذلك هو الآن مدربٌ عالميٌ ومعتمد، وعنده وجمهوره من المسلمين، من الذين يسجِّلون في الدَّورات من المسلمين، ويدفعون مالاً، وإذا أراد أن يُدرِّسهم بهذه الصَّراحة الكفرية فيمكن لا يقبلون منه، فيأخذ هذه الكلمات ويجعل بدالها مثلاً طاقة: الرُّوح أو البركة، هذا لما قلنا حركة الأسلمة الوهمية السَّخيفة التي يقوم بها البعض هي من جنس تلبيس اليهود وتدليسهم:  يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ [ال عمران: 71].

منافات الطَّاقة لعيدة التَّوحيد

00:41:24

والحقيقة أنَّ الطَّاقة الحيوية هذه عند الفلسفة الشَّرقية هي المقابل الغربي للبرانا البانا في اللغة السَّنسكريتية، والكي في اللغة اليابانية، والتَّشي في اللُّغة الصِّينية، ويطلق عليها في بعض الدِّيانات الأخرى: الطَّاو، والماكرو، والمانا، كُلُّها مفاهيم متعلِّقة بنظرتهم للكون والوجود والإيمان بوحدة الوجود، لا تعتقد كُلُّ هذه الحركات والدِّيانات أنَّ هناك إلهٌ منفصلاً عن الخلق، وكُلُّها تقول شيئاً واحداً، وأنَّ هذه الطَّاقة أو هذا الطَّاو أو إلى آخره، يسري في جميع الموجودات، وأنَّه الوجود المطلق، والمحرِّك للكون، والمدبَّر لكلِّ الحركات في العالم، وهذا هو شرك الرُّبوبية؛ لأنَّه  لما تقول: هناك شركُ الأسماء والصِّفات، وشركُ الألوهية، أنَّك تُصرِف للقبر أو للميِّتِ أو لشخصٍ عبادةً لا يجوز أن تُصرَف إلا لله، فالعبادة لله فقط، وهذا شرك الأُلوهية، فما هو شرك الرُّبوبية؟ وما هو الكفر بالرُّبوبية؟
الرُّبوبية هي: توحيد الله بأفعاله، فنعتقد بأنَّ الله وحده  خلق ورزق ويميت ويحيي ويبعث ، ويُدبِّر الأمر، وينزِّل المطر، ويُرسل الرِّياح، وهو على كُلِّ شيءٍ قديرٌ، فالله القوي الغني ، فنحن نُوحِّد الله ربًا، فإذاً اعتقادهم هذا بالطَّاقة منافٍ لتوحيد الرُّبوبية، وهذا أسوأ من شرك الإلهية؛ لأنَّه عبارة صرف نوع من أنواع من العبادة للميِّت أو للحي أو القبر أو صاحب القبر، لكن هذا أسوأ؛ لأنَّه ينفي وجودَ الله، ويضع شيئًا آخر مكانه، في الفلسفية الطَّاوية يعتقدون أنَّ الكون نشأ من فراغ، وأنَّ الطَّاقة الكونية تشي هي الوجود الأول للعالم، ثم انفصلت وتمايزت إلى الين واليانج، ومن خلال تفاعلهما ظهر الكون الوجودي، وأنَّ الطَّاقة هي أسمى صور الوجود عندهم، وأنَّها الوسيلة للوصول للإشراق الطَّاوي، والاتحاد في الكون.
يقول أحدهم ممن يقدِّمون دورات الطَّاقة: سترى في نفسك بأنَّك المحيط لمجرَّد وصولك إلى مركزية الوجود، وستشعر بأنَّك جزءٌ لا ينفصل عن الوحدة الكونية، والطَّاقة الكامنة فيك المتجسدة من طاقة الخالق العظيم، روحه وروحي وروحي وروحه إن يشأ شئت وإن شئت يشأ روحه روحي وروحي روحه، يعني: الخالق والمخلوق واحدٌ اندماج كامل، يقول: وحينها ستصبح النَّاظر والمنظور والقارئ والمقروء، وستصبح الوجه والمرآة، هذا هو التَّعبير الكفر الشَّرقي، وهذا هو نفسه: أنَّ الخالق والمخلوق شيءٌ واحدٌ، نحن إندماج وأنت تسعى من استمداد من هذا الطَّاقة أو الطَّاو أو إلى آخره، تمثِّل الطَّاقة الكونية عند معتقديها القوة المطلقة للكون، وحركة العصر الجديد نيو إيج موف ممنت، هذه تضع القوة المطلقة، وهذه الطَّاقة الكونية في متناول جميع النَّاس، وأنَّها من فوائدها صحة البدن، وعلوُّ الهمَّة، وتحسُّن الأخلاق، وقوة الوعي، وتصبح روحانيًا، وعندك حبٌّ، وتصل بالأخير إلى النرفانا للخلود أنك لا تموت، وما يستخدمونه في التَّرويج لخرافاتهم بعض المصطلحات العلمية.
يعني: أكاديميًا، ويقولون أنَّ هذه العقيدة تدرَك بالتَّجربة، وأنَّنا رأيناها ولمسناها ووجدنا لها تأثيرًا ونفعًا، والحقيقة أنَّ تسميتها بالطَّاقة كما قلنا من باب الخداع، وكما أنَّ الشَّيطان قال لآدم هذه شجرة الخلد، يعني: هذه الشَّجرة نفسها مخلوقة، وأراد أن يوقع آدم، يدخلُ عليه من باب حبِّ الخلود، وتقدِّم الفلسفة هذه للنَّاس في اللُّغات الشَّرقية، وتُعرف بأسماء هذه الفلسفة، فتُعرَف باللُّغات الشَّرقية: ريكي شي كونغ فونغ تشوي تايشي يوغا، ويقولون هذه عملت قفزةً في عالم الطِّب البديل، وأحيانًا بعضُهم يعرض قضية العلاج بالطَّاقة، أو دورات الطَّاقة، وأنَّهم يقولون أنَّ الكلي هو الله، وأنَّ الذي يسمونه بالطَّاو هو مجرد كلمة بدل كلمة، وإلا فهو الله، والحقيقة أنَّه طاغوتٌ يُعبَد من دون الله تعالى الله.

أهم الكُتب في الطَّاقة، وطرق التَّرويج لها

00:47:36

من الكتب المهمَّة في الموضوع: أصل فلسفة الطَّاقة في الأديان الشَّرقية للدكتورة فوز كردي، كذلك ربط دورات العلاج بالطَّاقة بالكوارث الموجودة، وأنَّها تساعد على النَّجاة منها، يعني: إذا هناك وباءٌ فهذه تساعد في النَّجاة منه، وإذا ما تحب العلاج الكيميائي، هذا العلاجات الكيميائية لها آثار سلبية على البدن، إذاً فهذه تغنيك عنها، فظهرت قضية العلاج بالطَّاقة ودورات التَّنمية البشرية المتعلقة بالطَّاقة، ومراكز التَّغذية المتعلقة بالطَّاقة، والنَّوادي الصَّحية المتعلقة بالطَّاقة، ومراكز الطَّب البديل المتعلقة بالطَّاقة، انتشرت دورات كثيرة في المجتمع، جلسات العلاج بالطَّاقة، وهي كُلُّها معتقداتٌ فلسفيةٌ، وطقوسٌ وثنيةٌ مزجَت ببعض التَّمارين الرِّياضية، وبعض الكلمات العلمية الأكاديمية، وبعض الأوراق التي قُدِّمت استكتب لها مثلاً أشخاص من هنا وهنا، ليقولوا أنَّ لها فوائد، وبعض المنتسبين مثلاً إلى عالم الطِّب ليقولوا أنَّ لها تأثيرات جيدة ومفيدة، قال البرفسور فلان: أنَّها مفيدةٌ، وقال البروفسور فلان: أنَّها كذا وكذا، ومن الأشياء التي استخدموها في تسويق هذا الباطل: البندول كاميرا كرريان، التي تصوِّر التَّفريغ الكهربائي، أو التَّصوير الثَّرموني، أو تصوير شرارة الكرونا، أو جهاز كشف الأعصاب، أو جهاز قياس الطَّاقة الكونية في الجسد، في محاولة لجعل الطَّاقة الكونية شيئًا يقاس أجهزة ومؤشرات تقيسه للتَّرويج لهذا الموضوع للتلبيس على الناس لإدخال الوثنية فيهم لجعلهم يعتقدون بالعقائد الصِّينية والهندية والشَّرقية، وهكذا راجت وانتشرت، وتشتمل جميع البرامج المقدَّمة باسم الطَّاقة على نُسَبٍ متفاوتةٍ من الفلسفة الباطنية الكفرية، والمدرِّبون يُوغلون بنُسَب أيضاً متفاوتة في هذا.

العلاج بالريكي

00:50:09

لنأخذ تطبيقًا من التَّطبيقات وهو العلاج بالرِّيكي، الريكي: اسم لمجموعة برامج تدريبية، وتطبيقات علاجية استشفائية، تعتمد على الاعتقاد بالطَّاقة الكونية، وتقدَّم على أنَّها لتطوير النَّفس وتنمية القدرات، وإكساب المتدرِّبين قوةَ الشِّفاء الذَّاتية، وقوة العلاج بمجرد اللمس، يعتمد الرِّيكي على الاعتقاد بوجود الطَّاقة الكونية، والجسم الأثيري المحيط بالجسم المادي وما يتصل به من الشَّبكات التي هي مراكز الطَّاقة الرُّوحية الكونية،  التي توجد في الجسم الطَّاقي، والتي لها مقابل في شبكات الأعصاب الموجودة في الجسد، أو في البدن يفسر ريكي المرض، ما هو اختلال توازن الطَّاقة في جسم الإنسان؟ الشِّفاء، ما هو استعادة توازن الطَّاقة وتوازن العناصر الخمسة؟
طبيقات الرِّيكي بدأت في اليابان على يد مياكاو يوسوي، وكان أصلها دراسة معجزات الإبراء في النَّصرانية، وعند بوذا، بعد واحدٍ وعشرين يوم من الصِّيام خرج الرَّجل هذا بمبادئ، وأنَّه استطاع أن يدخل طاقة الإبراء الكوني في داخله، ومن ثُمَّ خرج ليعالج الآخرين،  لكن في الشَّرع وفي الدِّين الحقيقة أنَّ الشَّافي هو الله، فالشِّفاء بيده وحده، فكيف تقولون هذا عنده الشِّفاء؟ وأنَّ الإنسان يشفي باللمس؟ أو أنَّ هذا المدرِّب أو هذا الشَّخص يشفي، لاحظ: ونحن من خلال استعراض الأدلَّة من القرآن والسُّنَّة سنبيِّن إن شاء الله فساد هذه الأشياء.
وسنكمل هذا الموضوع غدًا إن شاء الله، أيضاً في درسنا بعد المغرب، ونسأل الله أن يثبتنا بالقول الثَّابت في الحياة الدُّنيا وفي الآخرة، ونسأله أن يجعلنا من الموحدين، وأن يحيينا على الإسلام والإيمان، وأن يميتنا عليه، إنه سميعٌ مجيبٌ جوادٌ كريمٌ، والحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.