السبت 12 شوّال 1445 هـ :: 20 أبريل 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

47- ضوابط التكفير وخطورته، وصور من الغلو المعاصر في التكفير 3


عناصر المادة
المقدمة
الفرق بين التكفير المطلق وتكفير المعين
موانع التكفير
المانع الأول
المانع الثاني
شروط الإكراه
المانع الثالث

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبة أجمعين.
أما بعد:

المقدمة

00:00:12

فقد تحدثنا في الدرس الماضي في منزلق التكفير، وضوابط التكفير، وما هو التكفير الحق والتكفير الباطل، وذكرنا من الضوابط أنه لا يكفر أحد من أهل القبلة بكل ذنب وقع فيه ما لم يستحله، وبينا أن المقصود بالذنب ما دون المكفرات والنواقض، أما المكفرات المخرجة عن الملة ونواقض الإسلام فلا تدخل في هذه القاعدة، فالذنوب التي لا يكفرون بها مثل فعل الكبائر ترك الواجبات ما لم تستحل الكبائر أو تنكر الواجبات، وبينا أن أهل السنة والجماعة وسط بين الفرق المنحرفة، من غلاة التكفير الذين يكفرون بمجرد الذنب، والمرجئة الجفاة الذين يقولون لا يضر مع الإيمان ذنب، ويرفضون التكفير مطلقا، لا يكفرون أحدا بالمرة.
وقلنا: أن هناك من الغلاة أو من المنحرفين أهل التوقف والتبين، وكذلك الذين يكفرون بالتسلسل، والذين يكفرون بالمسائل الاجتهادية، والذين يكفرون من لم يكفر من كفروه، فإذا كفروا شخصا وما كفرته كفروه، وكذلك الذين يكفرون ويستحلون الدماء والأموال بناء على اللازم، يقولون: فلان قال كذا أو فعل كذا، يلزم منه يعني فعله نفسه ليس مكفرا، لكن يلزم منه، ويبنون لوازم على كلامه أو فعله، يستحلون بها دمه وماله، والقضية قضية لازم، وليست أن ذات القول أو  الفعل الذي ارتكب مكفرا، ثم ذكرنا أدلة هذا الضابط من الكتاب والسنة، وشرحنا ذلك استدلالا بقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء: 48].

ثم ذكرنا أن الاستحلال كفر سواء فعل الذنب أو لم يفعله، وهذا موضع اتفاق بين أهل العلم، كما ذكره شيخ الإسلام -رحمه الله- وغيره. وبينا المقصود بالاستحلال وأنواع ذلك، وضربنا الأمثلة.
ثم تكلمنا على ضابط أخر وهو التفريق بين التكفير المطلق وتكفير المعين، أو أن فعل الكفر لا يستلزم كفر الفاعل، وأنه ليس كل من وقع الكفر منه وقع الكفر عليه، وبينا أن المعين لا يكفر إلا إذا توفرت شروط الكفر فيه وانتفت عنه الموانع، وقامت عليه الحجة، لأنه ربما يكون جاهلا أو متأولا، يعني عنده شبهة أو مكرها أو غير ذلك.
ثم ذكرنا الطوائف التي غلطت في هذا ومنهم، طائفة رأت أن المعين لا يكفر أبدا، وهذا معناه إغلاق باب الردة، وإذا أردنا أن نكون أكثر دقة، تعطيل حد الردة، والأخرى قالت: إذا وجد الحكم العام على فعل من الأفعال بأنه كفر دخل فيه جميع الأفراد ممن وقع منهم هذا الفعل المكفر، وكفروهم بأعيانهم، ولا يلزم هذا لأنه قد يوجد الفعل المكفر من عدة أشخاص، ويكفر بعضهم ولا يكفر الآخرون، فقد يكفر مثلا زعماء الطائفة لأنهم يعلمون الحق، وقرأوا حجج أهل الحق، ولا يكفر العامة البسطاء السذج الذين لم يطلعوا على أدلة الحق، ولم تقم عليهم الحجة مع أن الفعل نفسه.

الفرق بين التكفير المطلق وتكفير المعين

00:04:30

ونستكمل -إن شاء الله تعالى- في هذا الدرس أدلة الضابط السابق، ونتكلم عن بقية الضوابط:
من الأدلة على هذا الضابط التفريق بين التكفير المطلق وتكفير المعين قول الله وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [الإسراء: 15]، فمن لم يبلغه أمر الرسول في شيء معين لم يثبت حكم وجوبه عليه.
قال  شيخ الإسلام -رحمه الله-: حكم الوعيد على الكفر لا يثبت في حق الشخص المعين حتى تقوم عليه حجة الله التي بعث بها رسله، قال تعالى: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [الإسراء: 15]، إذا لا نعذب من لم تقم عليه الحجة، ما أتاه الرسول، ما بلغه الوحي، ما بلغته حجة الله، ما وصلته، ما سمع بها، ما جاءته، ما أتاه رسول، ما بلغه، ما وصل إليه.
قال شيخ الإسلام: "وأن الأمكنة والأزمنة التي تفتر فيها النبوة" -ما معنى تفتر؟ تنقطع مؤقتا- يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ[المائدة: 19]، بين عيسى والنبي ﷺ رسول، ستمائة سنة في الأرض ليس فيها رسول، وهذا الانقطاع هذه المدة تمهيد لقدوم نبي عظيم أعظم من كل من سبق لكل أهل الأرض، يعني: الله قدر هذا، ولفت الأنظار إلى مكة بحادث ذي الفيل، لفت أنظار العالم فارس والروم والحبشة واليمن والكل لما تسامعوا أنه في جيش أبرهة قدم معه الفيل، وأن الله أرسل الطير الأبابيل، ولفت النظر في سنة ولادة محمد ﷺ إلى مكة، لفت نظر كأنه سيكون شيء هنا.
وقوله رحمه الله –تعالى-: "وأن الأمكنة والأزمنة التي تفتر فيها النبوة لا يكون حكم من خفية عليها أثار النبوة حتى أنكر ما جاءت به خطاء كما يكون حكمه في الأمكنة والأزمنة التي ظهرت فيها آثار النبوة" هذا في بغية المرتاد في الرد على المتفلسفة والقرامطة والباطنية لشيخ الإسلام رحمه الله [311].

من الأدلة الأخرى على هذا الضابط قوله تعالى: رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُل[النساء: 165]، وحديث أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: أسرف رجل على نفسه، فلما حضره الموت أوصى بنيه، فقال: إذا أنا مت فأحرقوني ثم اسحقوني ثم اذروني في الريح في البحر، فو الله لئن قدر عليّ ربي ليعذبني عذابا ما عذبه به أحد قال ففعلوا ذلك به فعلا الأولاد لما مات أبوهم بناء على وصيته أحرقوه، وانتظروا يوما فيه ريح عاصف، وذروه في البحر حتى تتفرق الذرات أبعد ما يمكن، وتصل في البحر وتغوص في قاع البحر، وتتفرق في البر والبحر، بحيث أنها لا تجتمع، فعل هذا كله خوفا من ربه لكن على جهل، يجهل أن الله يبعثه ولو حصل هذا، يجهل يظن أن هذا ينجيه، قال: ففعلوا ذلك به، فقال الله فقال للأرض: أدي ما أخذته فإذا هو قائم، فقال له: ما حملك على ما صنعت؟ فقال: خشيتك يا رب، أو قال: مخافتك، فغفر له بذلك رواه البخاري [3481]، ومسلم [2756].
قال شيخ الإسلام رحمه الله: فهذا رجل شك في قدرة الله، وفي إعادته إذا ذري، بل اعتقد أنه لا يعاد، وهذا كفر باتفاق المسلمين"، يعني من شك أو اعتقد أن الله لا يبعث ولا يعيد الأجساد كافر لكن ما الذي نجاه، نحن نعرف أن الكفر الأكبر لا يغفره الله، وأن صاحبه خالد في النار فكيف غفر له؟ جهله، أن هذا الرجل عنده جهل عظيم، وفعلها خوفا من الله، ما الذي جعله يوصي أولاده بهذه الوصية، يريد أن ينجو من العذاب لكن وصل الجهل به إلى أمور العقيدة الأساسية، بعض الناس في أطراف الأرض في أماكن معينه عندهم جهل في أمور أساسية من العقيدة مثل هذا الرجل.

قال شيخ الإسلام: "لكن كان جاهلا لا يعلم ذلك، وكان مؤمنا يخاف الله" -لاحظ قوله: كان مؤمنا- "أن يعاقبه، فغفر له بذلك" انتهى كلام شيخ الإسلام -رحمه الله- في الفتاوى [مجموع الفتاوى:3/ 231].
إذا هذا مانع من موانع تنزيل الحكم المطلق على هذا المعين، ما هو الحكم المطلق الكفر؟ وهذا المعين الرجل صاحب القصة، ما الذي منع من تنزيل الحكم المطلق على هذا المعين، الجهل.
وقال رحمه الله أيضا معلقا على هذه القصة: "فإن هذا جهل قدرة الله على إعادته، ورجا ألا يعيده بجهل ما أخبر به من الإعادة، ومع هذا لما كان مؤمنا بالله وأمره ونهيه ووعده ووعيده، خائفا من عذابه، وكان جهله بذلك جهلا لم تقم عليه الحجة التي توجب كفر مثله غفر الله له، ومثل هذا كثير في المسلمين" [الصفدية: 1/233].
هذا الكلام في وقت شيخ الإسلام، والآن لا يبعد أن يوجد في الأرض جهل، ولذلك من أعظم المسؤوليات على الدعاة اليوم أن ينشطوا لبيان أمور العقيدة للناس؛ لأن الله يريد أن تقوم الحجة، والعمل على تحقيق إرادة الله في قيام الحجة على الناس من أعظم الطاعات والواجبات الشرعية، والمنازل العليا في أهل الجنة للذي يشتغل في موضوع إقامة حجة الله على الخلق، هذا الرجل من أعظم أهل الجنة منزلة مع النبيين والصديقين والشهداء، الشهداء الذي يشهدون لله بالحجة، يدخل في الشهداء الذين يشهدون بالحق، ويعلمون الخلق.

والتقصير في هذا الباب سبب الإشكالات.
من الأسباب عدم نشاط الدعاة وطلبة العلم في تبليغ الدين وإقامة حجة الله على خلقه، وبيان أمور العقيدة للمسلمين، ولعامة المسلمين، وللمسلمين الجدد، ولذلك ترى التصدي لهذا الباب تبليغ الدين أركان الإيمان، وأركان الإسلام، وأمور العقيدة، وتشرح، وتبين، وتجعل فيها التعليم عن بعد وعن قرب، وعن الدورات، والكتاب، والخطابة، والرحلات الدعوية، لماذا؟ لتقام الحجة الرسالية، لتقام الحجة على الناس.
ومن أظهر الأمثلة على التفريق بين الإطلاق والتعيين في باب الوعيد سواء في التكفير، أو في اللعن، أو في غيره، ما ثبت في الصحيح أن عمر بن الخطاب أن رجلا على عهد النبي ﷺ كان اسمه عبد الله، وكان يلقب حمارا، وكان يضحك رسول الله ﷺ، وكان النبي ﷺ قد جلده في الشراب، فأتي به يوما فأمر به فجلد لأنه سكران، فقال رجل من القوم: اللهم العنه ما أكثر ما يؤتى به -لأنه لما جاء حكم تحريم الخمر كان الشرب منتشر في المجتمع، فلما جاء التحريم من الطبيعي في المرحلة الانتقالية أن يكون فيها ناس يسقطون حتى ولو من بعض الصحابة، لأن هؤلاء بشر وكانوا يشربون قبل التحريم، فلما نزل التحريم بعضهم لم يستطع التغلب على نفسه، وليسوا كثرة، وكان منهم هذا الرجل ومؤمن مسلم موحد يحب الله ورسوله، ما استطاع أن يتغلب على نفسه في الانتهاء، فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ[المائدة: 91]، فكان يسكر ويؤتى به ويجلد، ومرة جيء به، فقال رجل: لعنك الله ما أكثر ما يؤتى بك، قال النبي ﷺ: لا تلعنوه فو الله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله، فهذي شهادة بالوحي، رجل مؤمن لكن غلبته نفسه، فالنبي ﷺ نهى عن لعنه، الحديث رواه البخاري [6780].

ما وجه الدلالة منه على موضوعنا؟
اجتماع الإيمان والمعصية، ما علاقته بالموضوع، لعن المعين -هذة كلمة مهمة لعن المعين-.
قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "فنهى عن لعنه مع إصراره على الشرب لكونه يحب الله ورسوله، مع أنه ﷺ "لعن في الخمر عشرة، لعن الخمرة، وعاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وساقيها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومبتاعها وأكل ثمنها" [الترمذي: 1295، وصححه الألباني صحيح الترغيب: 2357]، لعن عام لا خاص. الصحابي لعن هذا الشارب المعين، وكأنه يقول: أطبق هذا الحديث العام، فالنبي ﷺ قال:  لا تلعنوه  معنى ذلك أن اللعن المطلق لا يستلزم لعن المعين، وأن اللعن المطلق على فعل لا يلزم منه لعن كل أحد فعل هذا الفعل لاحتمال أن يقوم به مانع يمنع من لعنه [مجموع الفتاوى: 10/329].
الكلام في التكفير لكن هذا فرع، فمسألة التكفير مثل الوعيد، مسألة التكفير مثل اللعن.
قال شيخ الإسلام -رحمه الله- معلقا على هذا: ولكن لعن المطلق لا يستلزم لعن المعين الذي قام به ما يمنع من لحوق اللعنة به، وهو أنه مؤمن يحب الله ورسوله، قال: وكذلك التكفير المطلق والوعيد المطلق، ولهذا كان الوعيد المطلق في الكتاب والسنة مشروطا بثبوت شروط وانتفاء موانع" مجموع الفتاوى[10/ 329].

هذا مثل المنتحر وردت نصوص صريحة أن المنتحر في النار، ولكن لا يجوز أن نحكم على منتحر معين بالنار لاحتمال أن يوجد فقدان شرط، أو وجود مانع من موانع انطباق الوعيد عليه، لكن الحكم العام المنتحر في النار، والمنتحر قد فعل ما يستحق دخول النار، لكن قد يدخل في المشيئة، قد يعفو الله عنه لسبب لشيء حسابه عند ربه.
سادسا : من قواعد في موضوع التكفير، لا تكفير إلا بعد التحقق من انتفاء الموانع، فلابد عند الحكم بالتكفير من التحقق من انتفاء الموانع التي وجودها يمنع من الحكم بالتكفير على المعين.
قال شيخ الإٍسلام -رحمه الله-: فإن نصوص الوعيد التي في الكتاب والسنة ونصوص الأئمة بالتكفير والتفسيق ونحو ذلك لا يستلزم ثبوت موجبها في حق المعين إلا إذا وجدت  الشروط، وانتفت الموانع، لا فرق في ذلك بين الأصول والفروع" انتهى [مجموع الفتاوى: 10/372].

موانع التكفير

00:21:00

والموانع التي تمنع من الحكم بالكفر ترجع إلى أربعة: الخطاء، والإكراه، والتأويل، والجهل، هذه الموانع الأربعة التي يمكن أن يمنع بها أو يمتنع بها إطلاق الكفر على شخص معين مع كون القول أو الفعل عموماً مكفراً.

المانع الأول

00:22:12

أما الخطاء: فهو انتفاء القصد، عبارة هي كفر لكن حصلت من شخص خطاء ولا يكفر بها، قال كلمة كفر بالخطاء ما قصده، مثلا: الذي أضل راحلته عليها زاد وطعام وشراب، فانتبه فإذا هي قائمة على رأسه، من تلقاء نفسها رجعت، فالرجل من الفرحة أراد أن يقول عبارة فيها ثناء على الله واعتراف له بالربوبية، وأنه تعالى قد رحم عبده، وأعاد إليه ما يبقي على حياته فقال:  اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطاء من شدة الفرح  [مسلم: 2747] هذه العبارة كفر أكبر مخرج عن الملة، هذا فرعون يقول: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى[النازعات: 24]،  مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي [القصص: 38]، هذه عبارة فرعونية كفرية واضحة، لكن هذا الرجل لا نحكم عليه بالكفر مع أنه قال كلمة الكفر، لأنه أخطأ من شدة الفرح، المنافقين قالوا كلمة الكفر في القرآن، وحكم الله عليهم بالكفر، ماذا قال الله: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا[التوبة: 74]، والله قد قرر كفرهم في كتابه، فالذي يقول كلمة الكفر كافر، لا تمييع للدين ولا تمييع في الدين، الله قال في كتابه في سورة التوبة عن المنافقين  يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا[التوبة: 74] فحكم الله عليهم بالكفر، وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ[التوبة: 74]، لكن هذا قال كلمة الكفر وما كفر بعد إسلامه؛ مالذي منع من إطلاق الكفر عليه؟ الخطاء، فمن أخطأ في اللفظ أو أغلق عليه الفهم أو غلبت عليه الدهشة فتكلم بما هو كفر بغير قصد لم يكفر، كالرجل الذي قال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح[رواه مسلم: 2747].
قال عياض: "فيه أن ما قاله الإنسان في مثل هذا -في حال دهشته وذهوله- لا يؤاخذ به" [إكمال المعلم بفوائد مسلم: 8/ 245].

قال ابن القيم: "وفي الحديث من قواعد العلم أن اللفظ الذي يجري على لسان العبد خطأ من فرح شديد، أو غيظ شديد، ونحوه لا يؤاخذ به، ولهذا لم يكن هذا كافرا بقوله: أنت عبدي وأنا ربك" [مدارج السالكين: 1/226].
وزاد الأمر توضيحا -رحمه الله تعالى- حيث قال: والله -تعالى- رفع المؤاخذة عمن حدث نفسه بأمر بغير تلفظ أو عمل، كما رفعها عمن تلفظ باللفظ من غير قصد لمعناه ولا إرادة، ولهذا لا يكفر من جرى على لسانه لفظ الكفر سبقا من غير قصد لفرح أو دهش وغير ذلك، كما في حديث الفرح الإلهي بتوبة العبد:  اللهم أنت عبدي وأنا ربك  أخطاء من شدة الفرح، ولم يؤاخذ بذلك" [إعلام الموقعين: 3/47].
وقال شيخ الإسلام: "قد اتفق أهل السنة والجماعة على أن علماء المسلمين لا يجوز تكفيرهم لمجرد الخطاء المحض" [مجموع الفتاوى: 35/100].
ومن أمثلة الخطاء كالذي يدوس على شيء يظنه من متاع البيت ثم يتبين أنه مصحف، فهو لما دعس عليه ما كان يعرف أنه مصحف في هذه الحقيبة أو في هذه المحفظة، والعامة كثير منهم أول يسيء يأخذه ويقبله، ويستغفر لو حصل منه ذلك، أو ألقى شنطة وبعدين تبين أن فيها مصحف يركض، فهذا ليس في قصده إهانة المصحف قطعا، وقد حصل منه ذلك من غير قصد، حصل خطاء وهذا هو موضوعنا الخطاء من موانع التكفير، فالخطاء مرفوع وموضوع عن هذه الأمة.

فعن ابن عباس عن النبي ﷺ قال: وضع الله عن أمتي الخطاء والنسيان وما استكرهوا عليه رواه الضياء في الأحاديث المختارة [190]، وابن ماجه [2045]، وحسنه شيخ الإسلام [الزهد والورع والعبادة:190]، ومن المعاصرين وصححه الألباني [صحيح الجامع:1731].
وقد ثبت عن النبي ﷺ أن الله استجاب هذا الدعاء، لما قال المؤمنون: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا[البقرة:286]،قال الله: قد فعلت [مسلم:126]، هذا الأول.

المانع الثاني

00:29:45

الثاني: الإكراه، ما هو الإكراه؟ حمل الإنسان على ما لا يرضاه، حمل الغير على ما لا يرضاه من قول أو فعل، ولا يختار مباشرته لو ترك بنفسه، لو تركته لحاله لا يسويها.
عرفه بعضهم الإكراه إلزام الغير بما لا يريده.
ومن قواعد الشريعة المتفق عليها بين أهل العلم التجاوز عن المكره إكراها مُلجئاً لا يستطيع التخلص منه بسبب ضعفه وقلة حيلته، وبسبب جبروت المكره وبغيه وطغيانه، فلو كان الإكراه حتى في الكفر فإنه لا يكفر، ولا يكون المكره أثما بحال، وقد دلت الأدلة على اعتبار انتفاء الإكراه عند تكفير المعين، ومعرفة هل صدر منه هذا الفعل أو القول المكفر  باختياره أم وقع ذلك منه وهو مكره، ومن أدلة ذلك قول الله –تعالى-: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ  [النحل: 106]، هذه الآية المراد بها أن من تكلم بكلمة الكفر فعليه غضب من الله وله عذاب عظيم، وأنه كافر بذلك، إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا[النحل: 106] من المكرهين فإنه كافر أيضا" الصارم المسلول [524].
وهذا كفعل عمار بن ياسر عن محمد بن عمار بن ياسر قال: "أخذ المشركون عمارا فلم يتركوه حتى سب النبي ﷺ وذكر آلهتهم بخير، يعني: أثنى عليها ثم تركوه، أطلقوه فلما أتى رسول الله ﷺ قال: ما ورائك؟
قال: شر يا رسول الله مصيبة ما تركت حتى نلت منك، وذكرت آلهتهم بخير.
قال كيف تجد قلبك؟
قال: مطمئن بالإيمان، قال: إن عادوا فعد"  مكره رواه الحاكم في المستدرك [3362].
قال الشيخ بن عثيمين معلقا: ومن الموانع أن يقع ما يوجب الكفر أو الفسق بغير إرادة منه، ولذلك صور:
منها: أن يكره على ذلك فيفعله لداعي الإكراه لا اطمئنانا به، فلا كفر حينئذ، لقوله تعالى: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النحل: 106].
ومنها: يعني مما يلحق بهذا من الموانع أن يغلق عليه فكره، فلا يدري ما يقول لشدة فرح، أو حزن، أو خوف، ونحو ذلك [القواعد المثلى: 89].
ودليله ما ثبت في صحيح مسلم عن أنس ابن مالك قال: قال رسول الله ﷺ وهنا يأتي الحديث السابق الذي سألنا عنه، والذي هو مثال وله علاقة بالتوبة، كأنه ضرب مثلا للتوبة، لكن أراد أن يضرب مثلا فقال: لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه أشد هذه أفعل التفضيل، يجي وراها عادة أيش من، أشد من، لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها، قد أيس من راحلته، فينا هو كذلك إذا هو بها  قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح [رواه مسلم: 2747].

شروط الإكراه

00:35:47

لكن هذا الإكراه كيف يكون؟ هل أي واحد يطلب منه الكفر يكون مكرها؟ هل أي تهديد يعتبر إكراها؟ هل مجرد الطلب يعتبر إكراها؟ أم أن الإكراه شيء يجب معرفة ماهيته حتى نعرف يعني ما هو الإكراه الحقيقي؟ ولذلك قالوا: إن له شروطا:
الأول: أن يكون فاعله قادرا على إيقاع ما يهدد به، أن يكون المكرِه قادرا على إيقاع ما يهدد به، والمكره والمأمور عاجزا عن الدفع عن نفسه، ولو بالفرار، يعني ما يستطيع يقاتل، ولا يواجه، ولا يجابه، ولا يدافع، ولا يهرب، وهذا المكرِه معه سلاح، عنده قوة يكره بها، وهذا أضعف منه، وهو قادر على إنفاذ، قادر أنه يطلق المسدس أو الرشاش السلاح قادر على الطعن.
ثانيا: أن يغلب على ظن المكرَه -المطلوب منه والمأمور بالكفر- أن المكرِه سيوقع وعيده وتهديده، ولا أنه إذا رآه مصرا سوف يتراجع، لا أن يغلب على ظن المكرَه أن المكرِه سيوقع وعيدا إذا امتنع.
الثالث: أن يكون ما هدده به فوريا، فقال: إذا لم تكفر سأضربك غدا هذا لا يعد إكراها، ويستثنى من ذلك الزمن القريب جدا، مثل أن يوثقه، ويقول إذا ما كفرت سأذهب وأحضر سكين، وأذبحك، ومدة يسيرة.

رابعا: أن لا يظهر من المأمور ما يدل على اختياره، فإذا كان المأمور أصلا يريد أن يكفر، فإذا يشترط لعدم الكفر أن لا يظهر من المأمور ما يدل على اختياره، وهذا مثاله في موضوع الطلاق، لأن طلاق المكره لا يقع، لو جاء أهل الزوجة فهددوا الزوج مثلا جاء واحد بمسدس وقال: طلق أختي، قل فلانه طالق، فقال: فلانة طالق طالق طالق ثلاثاً، هم ما أكرهوه إلا على مرة، فوقوع الثنتين منه الزيادة يدل على أنه ما عنده مانع، وهذي مصيبة بعض المسلمين أنهم إذا ادعوا أن الكفار أكرهوهم على فعل، فيفعل أكثر من المطلوب، ترى من أفعالهم أنهم ما هم مكرهين حقيقة، بدليل أنهم فعلوا أكثر من المطلوب، حتى أن الذين طلب منهم ما توقع أن يكونوا أوفياء لهذه الدرجة، مصيبة وانظر هذا الباب من يقوم به ممن يدعون الإسلام في خدمات للأعداء بادعاء الإكراه، من الأشياء التي تكشف كذبهم، أنهم ذهبوا إلى المدى البعيد وإلى النهاية، ونهاية المشوار، حتى العدو يقول: نحن كنا راضيين بعشر، ما كنا متوقعين أن تكون الاستجابة لهذه الدرجة، هؤلاء زادوا فوق الخطة، فهذا يدل على أنهم كذبة في الإكراه، تشابهت قلوبهم، ولذلك قدموا أكثر من المطلوب، مسألة ادعاء الإكراه فيما يفعله العبيد مع أسيادهم، وفي من يدعي الإكراه من المسلمين مع الأقوياء، ودرجة الرضوخ، ودرجة الاستجابة، ودرجة التفاعل، والله شيء مذهل.
يقول ابن حجر في فتح الباري: ولا فرق بين الإكراه على القول والفعل عند الجمهور، ويستثنى من الفعل ما هو محرم على التأبيد" [فتح الباري: 12/312].
مثال على إكراه لا يجوز للإنسان أن يفعله حتى لو قتل: قتل مسلم لو قالوا: اقتل هذا المسلم وإلا سنقتلك، نقول: كيف تقتل مسلما لتفدي نفسك من القتل؟ أليست الأرواح متساوية عند الشرع؟ فتنجي نفسك بقتل غيرك، لا يجوز لك ذلك.

إذا هذا حتى لو أكره عليه لا ينفذه حتى لو قتل يقتل شهيدا، ويحتسب الشهادة، هذه متفق عليها مالم يكن الشخص الآخر مستحقا للقتل، -ساحرا قاتلا- فلو كان الآخر مسلم معصوم الدم فلا يجوز قتله حتى لو هدد وأكره على القتل.
فيجب تحقق شروط الإكراه المعتبر حتى يكون مانعا من الحكم بالكفر، ولا يتساهل في ذلك، ولا يتبرع بقول الكفر، ولا ينزلق بقول الكفر لأدنى تهديد؛ ولهذا قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "تأملت المذاهب فوجدت الإكراه يختلف باختلاف المكره عليه، فليس الإكراه المعتبر في كلمة الكفر كالإكراه المعتبر في الهبة" لاحظ كلام شيخ الإسلام [الفتاوى الكبرى لابن تيمية: 5/490].
فيه دقة يقول: لو أكرهه على أن يهب ماله لشخص يتنازل عن ماله، درجة الإكراه في الكفر غير الهبة ونحوها، فإن أحمد قد نص في غير موضع على أن الإكراه على الكفر لا يكون إلا بتعذيب من ضرب أو قيد، ولا يكون الكلام إكراها، يعني لو شتموه يجب عليه أن يصبر ولا يكفر، ولا يقول الكفر انتهى. [الفتاوى الكبرى لابن تيمية: 5/490].

المانع الثالث

00:46:14

الثالث: التأويل أن يفعل الكفر اعتمادا على دليل أو شبهة، فيظن فعله صوابا وحقا، والتأويل الذي يعذر به هو التأويل السائغ الذي له وجه في الشرع أو في اللغة، كتأويل المتكلمين لليد بالقدرة، وإن كان تأويلا مخالفا للمعتقد السليم، أما تأويلات الباطنية لا تقبل، يعني: لو قال كفرا، أوقال كلام هو في عقيدة السلف باطل، لكن له تأويل وعنده في شبهة ممكن ترد لكن مدفوعة ومفندة عند أهل السنة، ممكن نمتنع عن تكفيره.
لكن التأويل غير المقبول ما يقبل كمانع من التكفير مثل: تأويلات الباطنية،
مثلا: قوله تعالى: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ[المائدة: 64] ما انحرف من انحرف من الأشاعرة وغيرهم إلا وعندهم نوع تأويل، ومنهم أئمة كبار الظن بهم أنهم لا يخالفون مراد الله عيانا بيانا معاندة، لا يمكن مثلهم أن يخالف عنادا فلهم نوع شبهة بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ[المائدة: 64]، يمكن اليد تستعمل في اللغة بمعنى القوة فقالوا: اليد هنا القدرة القوة وليست اليد الحقيقية.
أهل السنة يفندون ذلك بَلْ يَدَاهُ [المائدة: 64] هل هو مفرد أو مثنى أو جمع؟
مثنى.
هل يرد في اللغة بل قدرتاه بل قوتاه؟
لا، ترد في اللغة القوة والقدرة مفردة، فندوا شبهة الأشاعرة ولم يكفروهم.
والذي يريد أن يقرأ كلاما عظيما في هذا يثلج الصدر ويشفي يقرأ الرسالة المدنية لابن تيمية في هذا الموضوع تحديدا.

على أية حال اليد القوة والقدرة وشبهة الأشاعرة فهمنا أنه ليس عناد لله.
لكن الذي يقول: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ[المائدة: 64] الحسن والحسين، والصلوات الخمس: علي، الحسن، الحسين، محسن، فاطمة، إذا قلتها صليت الصلوات الخمس، الصوم حفظ أسرار الطريقة، الحج الذهاب إلى شيخ الطريقة، هل هذي تأويلات ممكن ترد في اللغة؟ لا يمكن، ولذلك هذا تأويل لا يقبل في دفع الكفر، بل يحكم عليهم بالكفر، ويقال: تأويلاتكم باطلة واضحة البطلان، ولا يمكن يكون واحد عنده شبهة، ما ترد بها شبهة، فهؤلاء إنما يقولون ما يقولون افتراء على الله ورسوله، وتحريفا لمراد الله ومراد رسوله، وتحريفا لآيات الله، كما بين شيخ الإسلام في التدمرية بين موضوع هذه التأويلات الباطلة.
تعال بعد ذلك إلى قضية الباطنية ابن سينا يقول: لا يوجد الجنة والنار، الجنة لكي النفوس تعمل الخير، والنار حتى تخاف فلا تعمل الشر.
قال ابن حجر -رحمه الله-: "قال العلماء: كل متأول معذور بتأويله ليس بآثم إذا كان تأويله سائغا في لسان العرب" يعني في اللغة العربية في له شاهد، قال: "إذا كان التأويل سائغا في لسان العرب، وكان له وجه في العلم" فتح الباري [12/ 304].
وقال الشيخ بن عثيمين -رحمه الله-: وهذا -يعني التأويل- نوعان:
الأول: أن يكون لهذا التأويل مسوغ في اللغة العربية، فهذا لا يوجب الكفران.

الثاني: أن لا يكون له مسوغ في اللغة العربية، فهذا موجب للكفر؛ لأنه إذا لم يكن له مسوغ صار تكذيبا، مثل أن يقول: ليس لله يد حقيقة، ولا بمعنى النعمة، أو القوة، أو القدرة هذا كافر، لأنه نفاها نفيا مطلقا، فهذا مكذب حقيقة ولو قال في قوله تعالى:بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ [المائدة: 64] المراد بيديه السماوات والأرض فهو كافر، لأنه في اللغة ما تحتمل، ولا ترد ولا يقبل منه هذا التأويل، قال: لأنه لا يصح في اللغة العربية، ولا هو مقتضى الحقيقة الشرعية، فهو منكر مكذب" [المجلى في شرح القواعد المثلى:158].
إذا ليس كل تأويل سائغا في الشرع، فلا تأويل في الشهادتين، ولا وحدانية الله -تعالى-، ولا ثبوت رسالة النبي ﷺ، ولا البعث، ولا الجنة والنار، وتسمية هذا تأويلا ابتداءاً غير مقبول، بل هي باطنية وزندقة.
فالتأويل السائغ لا يعود على الدين بالإبطال، وله وجه في لغة العرب، ويكون صاحبة قاصدا إصابة الحق لكنه أخطاء، وأنه من أهل العلم، ويحاول أن يسير على سننهم، هذا الذي يعذر.
وأما المحرفون للدين القاصدون هدم الشريعة، يقول صاحب إيثار الحق على الخلق: القاصدون هدم الشريعة حتى أركان الإسلام والإيمان، الباطنية، فليسوا من هؤلاء المعذورين.

قال ابن الوزير في إيثار الحق على الخلق: "وكذلك لا خلاف في كفر من جحد ذلك المعلوم بالضرورة للجميع، وتستر باسم التأويل، فيما لا يمكن تأويله، كالملاحدة في تأويل جميع الأسماء الحسنى، بل جميع القرآن والشرائع، والمعاد الأخروي من البعث والقيامة والجنة والنار" [إيثار الحق على الخلق: 377].
هؤلاء لا يبقون شيئا حتى الملائكة، يقولون: قوة الخير في  الكون، يعني لا يوجد ملائكة حقيقة لها أجنحة، والجن والجنة والنار والبعث، ليس المراد حقيقته هذه تعبيرات ليس لها حقيقة، هذا موضوع التأويل موضوع الجهل الباقي عندنا موضوع الجهل موضوع أيضا يحتاج إلى بسط نوعا ما، وهذا وصلى الله على نبينا محمد.