الأحد 23 جمادى الأولى 1446 هـ :: 24 نوفمبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

كن نافعاً أينما كنت


عناصر المادة
مقدمة
أعظم الصدقات أداء حقوق الأخوة
نفع المسلم للمسلم من أسباب خيرية هذه الأمة
مسألة النفع القاصر والمتعدي على الغير
تنوع أوجه النفع والخير للمسلمين
فضل الحراسة في الثغور في سبيل الله
فضل تعلم وتعليم الناس العلم الشرعي
الإصلاح بين المتخاصمين
مجالات الإصلاح بين الناس
ثواب النفقة في أبواب الجهاد في سبيل الله
فضل بناء المساجد والشفاعة وإماطة الأذى
فضل السعي على الأولاد
مشاريع فيها نفع متعدٍ للمسلمين

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
حلف الله فقال في كتابه: وَالْعَصْرِ ۝ إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ وَالْعَصْرِ الليل والنهار أقسم بهما أن العباد خاسرون إلا من اتصف بأربع صفات؛ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِوهذا شامل لأفعال الخير كلها الظاهرة والباطنة وعملوا الصالحاتوَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ[العصر:3]. الإيمان والعمل الصالح والتواصي بالصبر على طاعة الله، وعن معصية الله، وعلى أقدار الله المؤلمة ، فبالأمرين الأوليين يكمّل الإنسان نفسه، وبالأمرين الآخرين يكمّل غيره وبتكميل هذه الأربعة الأمور يكون الإنسان قد سلم من الخسارة وفاز بالربح العظيم.
إذن، نجاة الإنسان موقوفة على سعيه في نفع الآخرين ونصحهم وتوصيتهم بالحق والصبر وقد قال الله –تعالى- وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[الحج:77]. وقال عن أصفيائه: وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ [الأنبياء:73].

مقدمة

00:01:27

أيها الإخوة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وعن فعل الخيرات نتحدث، وعن النفع المتعدي نتكلم، وقد اجتمعنا في هذا البلد الأمين، نسأل الله أن يديم أمنه، وأن يجعلنا إليه آيبين، وأن يعيننا فيه على ذكره وشكره وحسن عبادته.
ومرحبا بهذه الوجوه التي نسأل الله تعالى أن يحفظها يوم الدين من نار السَّموم، وأن يجعلها نيرةً بطاعته وأن يبيضها يوم تلقاه.
إخواني، الفرصة طيبة، والمشهد مجتمع، لنتحدث عن: "كن نافعاً أينما كنت" إنه شعار من شعار شباب الدين؛ "كن نافعاً أينما كنت"، ولقد أمر الله بالإحسان في كتابه فقال: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ  [النحل:90].لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ[النحل:30]. إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لَأَنْفُسِكُمْ[الاسراء:7].
نحن يجب أن نحسن إلى الناس وأن ننفعهم بشتى أنواع النفع والنبيﷺ أخبر أن أحب الناس إلى الله أنفعهم للناسخير الناس أنفعهم للناس[رواه الطبراني في الأوسط: 6026، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 176 ]. أنفعهم بالإحسان بالمال والجاه؛ لأن الناس عباد الله فان نفعهم نعمة يسديها الإنسان، ويدفع عنه نقمه، ويرتفع شرفاً وقدراً بدفع الآخرين.
قال ابن القيم -رحمه الله- : "وقد دلّ العقل والنقل والفطرة وتجارب الأمم على اختلاف أجناسها ومللها ونحلها على أن التقرب إلى رب العالمين، والبر والإحسان إلى خلقه، من أعظم الأسباب الجالبة لكل خير، وأن أضدادها من أكبر الأسباب الجالبة لكل شر، فما استُجلبت نعم الله تعالى، واستُدفعت نقمه بمثل طاعته، والإحسان إلى خلقه". [الجواب الكافي: 18].

كل معروف تبذله يا أخي للناس فهو صدقة، كما قال النبي ﷺ: كل معروف صدقة[رواه البخاري: 6021، مسلم: 1005]. وهذا الكلام مهم؛ لأن كل واحد عليه في كل يوم يقوم الصباح من النوم عليه ثلاثمائة وستين صدقة مقابل ثلاثمائة وستين مفصل من مفاصله؛ لأن النبي ﷺ أخبرنا بقوله: كل سلامى من الناس عليه صدقة[رواه البخاري: 2707، ومسلم: 1009].
هذه الصدقات الكثيرة من أين نحصلها؟ وكيف نجمعها؟ ثلاثمائة وستين صدقة، نفع الناس من أبواب الصدقات العظيمة التي تحصل بها يا أخي هذه الثلاثمائة والستين وزيادة لو أردت.
قال ﷺ: على كل نفس في كل يوم طلعت فيه الشمس صدقةٌ منه على نفسه، قال أبو ذر: "يا رسول الله، من أين أتصدق وليس لنا أموال؟ قال ﷺ: لأن من أبواب الصدقة التكبير، وسبحان الله، والحمد لله، ولا اله إلا الله، وأستغفر الله، وتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتعزل الشوكة عن طريق الناس، والعظم والحجر، وتهدي الأعمى، وتسمع الأصمّ والأبكم حتى يفقه، وتدل المستدل على حاجة له قد علمت مكانها، وتسعى بشدة ساقيك إلى اللهفان المستغيث، وترفع بشدة ذراعيك مع الضعيف، كل ذلك من أبواب الصدقة منك على نفسك، ولك في جماع زوجتك أجر قال أبو ذر: "كيف يكون لي أجر في شهوتي؟ فقال رسول اللهﷺ: أرأيتَ لو كان لك ولد فأدرك ورجوت خيره فمات أكنت تحتسب به؟ قلت: نعم، قال: فأنت خلقته؟ قال: بل الله خلقه، قال: فأنت هديته؟ قال: بل الله هداه، قال: فأنت ترزقه؟ قال: بل الله كان يرزقه، قال: كذلك فضعه في حلاله وجنّبه حرامه، فإن شاء الله أحياه، وإن شاء الله أماته، ولك أجر[رواه أحمد: 21484، وصححه الألباني في صحيح السلسلة الصحيحة: 575].

أعظم الصدقات أداء حقوق الأخوة

00:06:11

من أعظم الصدقات: أداء حقوق الإخوة، أداء الحقوق للإخوة حق المسلم على المسلم رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس[رواه البخاري: 1240، ومسلم: 2162].
يا أخي كل خطوة تخطوها إلى الصلاة صدقة.
يا عبد الله، إذا رفعت متاع صاحبك على سيارته وحملته عليها منفعة للآخرين فهذه صدقة.
أمرنا النبي ﷺ بسبع كما قال البراء بن عازب: بعيادة المريض واتباع الجنازة وتشميت العاطس وإبرار المقسم ونصر المظلوم وإفشاء السلام وإجابة الداعي[رواه البخاري: 5175، ومسلم: 2066].
لا ينبغي للمسلم -يا إخوان- أن يحتقر معروفاً مهما كان قليلاً؛ لأن النبي ﷺ قال: لا تحقرنّ من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلقٍ[رواه مسلم: 2626].
الوجه الطلق نفع متعدي يدخل السرور على أخيك هذا صدقة في ميزانك.

والأجر في نفع المسلمين عظيم فقد جاء في الصحيحين أن النبي ﷺ قال: من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرّج عن مسلم كربة فرج الله بها عنه كربه من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة[رواه مسلم: 2580]. زاد ابن أبي الدنيا: ومن مشى مع مظلوم حتى يثبت له حقه ثبت الله قدميه على الصراط يوم تزل الأقدام وحسّنة العلامة الألباني في صحيح الترغيب.
يا أخي: من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّسفرّج و أزال وكشف نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، والجزاء من جنس العمل، ومن يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة[رواه مسم: 2699]. ستر بدنه، رأيت عورة حاج نائم في المخيم مكشوفة سترتها، ستر بدنه، رأت امرأة شيئاً من جسد أختها مكشوفاً غير منتبهة إليه فغطته، من ستر مسلماً سترة الله في الدنيا والآخرة سترته فلم تظهر عيبه، سترته ستراً معنوياً، سترته بثوب وقد عري، ستراً مادياً، سترت عيبه فلم تسمح لأحد أن يغتابه، ولا أن يذمّه ،من فعل ذلك ستره الله في الدنيا والآخرة، فلم يفضحه بإظهار عيوبه وذنوبه، من نَفَّسَ عن مسلم كربة وكربة نكرة وهذه النكرة شرطية، والنكرة في سياق الشرط تفيد العموم، يعني: أي كربة، صغيرة أو كبيرة، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه[رواه مسم: 2699]. من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته[رواه مسلم: 2580]. يعني: من كان ساعياً في قضاء حاجة أخيه فان الله سيقضى حاجته.

في هذا الحديث كما يقول العلماء: "تنبيه على فضيلة عون الأخ على أموره، و إشارة إلى أن المكافأة عليها بجنسها من العناية الإلهية". في هذا الحديث فضل قضاء حوائج المسلمين، ونفعهم بما تيسر من علم، أو مال، أو معاونة، أو إشارة بمصلحة، أو نصيحة، أو غير ذلك، ورب رأي يساوي ملايين، أحياناً يعطيك الواحد رأياً لا يُقّدر بثمن، وهذا من النفع، إذن، فيه المعاونة والإشارة بالمصلحة والنصيحة، وفضل الستر على المسلمين، وفضل إنظار المعْسِر، وفضل المشي في حاجة الإخوان.
قال ابن عباس : "من مشى بحق أخيه ليقضيه فله بكل خطوة صدقة".
راجع لي مراجعة، هات نتيجتي، قدّم لي معك في الوظيفة، من مشى بحق أخيه، حصّل لي ديناً، كل خطوة صدقة، كما جاء عن ابن عباس، والحديث رجال إسناده ثقات.
تصوروا -أيها الإخوة- أن السلف كانوا لا يرون لأنفسهم فضلاً على صاحب الحاجة، بل يرون الفضل لصاحب الحاجة الذي علقها بهم ، قال ابن عباس: "ثلاثة لا أكافئهم رجل بدأني بالسلام، ورجل وسّع لي في المجلس، ورجل اغبرّت قدماه في المشي إلي إرادة التسليم علي، فأما الرابع فلا يكافئه عني إلا الله ، من هو هذا الرابع ؟اسمع، قال: "رجل نزل به أمر فبات ليلته يفكر بمن ينزله ، واحد صار عنده حاجة مضطر، يطلب مِنْ مَنْ أن يقضي له هذه الحاجة ثم رآني أهلا لحاجته فأنزلها بي.
قال ابن القيم – رحمه الله – في وصف شيخ الإسلام ابن تيميه: "كان شيخ الإسلام يسعى سعياً شديداً لقضاء حوائج الناس". وكان علي بن الحسين -رحمه الله- يحمل الخبز إلى بيوت المساكين في الظلام، فلما مات فقدوا ذلك، كان ناس من أهل المدينة يعيشون ولا يدرون من أين معاشهم، فلما مات علي بن الحسين فقدوا ذلك الذي كان يأتيهم بالليل".
ويكفينا يا شباب، يا أيها الناس، يا أيها الكبار والصغار، والنساء والرجال، والأولاد، أن السعي في نفع الخلق كان من صفات النبي ﷺ وأخلاقه، بماذا استدلت خديجة على أن ما حصل في غار حراء لا يمكن أن يكون شراً استدلت بِخُلُقْ النبي ﷺ قالت: "كلا، هذا ليس شراً، أبشر، "فو الله لا يخزيك الله أبداً، فو الله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكَلّ،َ وتكسب المعدوم، وتقري الضيف".
[رواه البخاري: 3 ، ومسلم: 140].
كان النبي ﷺإذا سئل عن حاجة لم يرد السائل عن حاجته.
قال جابر: "ما سئل رسول الله ﷺ شيئاً قط، فقال: لا. [رواه البخاري: 6034، ومسلم: 2311].
وقد شابه الصديق نبيه في صفاته حتى وصفه بذلك رجل من المشركين وليس من المسلمين واحد من المشركين شهد للصديق بأخلاقٍ مثل أخلاق صاحبه، لما خرج أبو بكر مهاجراً قبل الحبشة حتى إذا بلغ برك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارة حي من المشركين قال: أين تريد يا أبا بكر؟، قال أبو بكر: "أخرجني قومي من هذه البلد، فأنا أريد أن أسيح في الأرض فأعبد ربي" قال ابن الدغنة: "إن مثلك لا يخرج ولا يُخرج" لماذا؟ قال: فانك تكسب المعدوم وتصل الرحم، وتحمل الكَلّ،َ وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق". [رواه البخاري: 3905].
ألا تعجب كيف وصف ابن الدغنّة أبا بكر بالصفات التي وصفت بها خديجة النبي -عليه الصلاة والسلام-.
صلة الرحم معروفة، الإحسان إلى الأقارب بالقول والفعل الأقارب من جهة أبيك وأمك.
"تحمل الكَلَّ" الكَلّ أصله الثقل، وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ [النحل: 76]. ويدخل في هذا الإنفاق على الضعيف واليتيم والعيال وغير ذلك وهو من الكلال وهو الإعياء "وتكسب المعدوم" تكسب كسبتَ الرجل و أكسبته مالاً لغتان، تكسبه مالاً: تعطيه مالاً، تكسب المعدوم تكسب غيرك المال المعدوم، أو تعطيه إياه تبرعاً ويجد الناس عندك مالا يجدون عند غيرك، من نفائس الفوائد ومكارم الأخلاق، أو أنك تكسب المال المعدوم وتصيب منه ما يعجز غيرك عن تحصيله، ثم تجود به في وجوه الخير و أبواب المكارم، يسمى الرجل المعدم: الفقير، كالمعدوم الميت؛ لأنه لا يتصرف في المعيشة كتصرف غيره، "تَقْري الضيف" تُكرمه، يقال للطعام المقدم للضيف: "قِراً" "وتعين على نوائب الحق" جمع نائبة، وهي الحادثة، ما يحدث في الناس من المصائب، قال: "مثلك يا أبا بكر لا يخرج" باختياره؛ لأنه صاحب نفع متعدٍ لأهل البلد "ولا يُخرج" بغير اختياره.
استنبط بعض العلماء من هذا -لاحظ معي- إذا كنت مشتغلا بالدعوة أو نشر العلم استنبط بعض العلماء من هذا الحديث أن من كانت فيه منفعة متعدية يعني للناس لا يُمَكَنْ من الانتقال عن البلد إلى غيره بغير ضرورة راجحة، لو جاء يريد الخروج من البلد نقول له: لا، إلى أين تخرج؟ أنت تنفع الناس، ابق في البلد ابق هنا، الناس يحتاجونك، وهذا الذي استنبطوه مهم جداً في تقرير انتقال بعض الدعاة وطلبة العلم من البلدان التي صار لهم شأن فيها وتأثير قبل أن تخرج نقول له: انتظر، مثلك لا يَخْرُج ولا يُخْرَج.
وقد أمر النبي ﷺ كل مسلم يستطيع أن ينفع أخاه المسلم بأي وجه من وجوه النفع أن ينفعه فقال: من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل[رواه مسلم: 2199].
تقرأ على مريض رُقية من القرآن منفعة ينفعه، تدرّسه في الامتحانات منفعة، أي منفعة مباحة، طبع المؤمن يا إخوان كالنخلة، وكالنحلة، بنقطة، ومن غير نقطة، نخلة لا يسقط ورقها صيفاً ولا شتاءً، يفيد، رُطَب يفيد، سعف يفيد، بالظل يفيد صيفاً شتاءً، وكالنحلة أيضاً، متعدد المنافع، آثاره فيها العلاج النافع للناس .
ثم أن السعي فيما ينفع الناس من أسباب دخول الجنة والنجاة من النار، فقد روى البيهقي عن أبي ذر قال: "قلت: يا رسول الله، ماذا ينجي العبد من النار؟ قال: الإيمان بالله  قلت: يا رسول الله، إن مع الإيمان عملاً، لاحظ كيف الصحابي يفهم أن الإيمان لابد له من عمل، قال: يرضخ مما رزقه الله عطاء مال يعطي، قلت: يا رسول الله، أرأيت إن كان فقيراً لا يجد ما يرضخ به، قال: يأمر بالمعروف وينهى عن المنكرقلت: يا رسول الله، أرأيت إن كان لا يستطيع أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، قال: يصنع لأخرق وهو الجاهل الذي لا صنعة له يتكسب منها، قلت: أرأيت إن كان أخرق -هو أخرق هو نفسه أخرق- لا يستطيع أن يصنع شيئاً، قال: يعين مظلوماً قلت: أرأيتَ إن كان ضعيفاً لا يستطيع أن يعين مظلوماً، قال: ما تريد أن تترك في صاحبك من خير ليمسك أذاه عن الناس ، فقلت: يا رسول الله، إذا فعل ذلك دخل الجنة قال: ما من مؤمن يطلب خصلة من هذه الخصال إلا أخذت بيده حتى تدخله الجنة [رواه البيهقي في الشعب: 3057، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: 876].
أمسك عن الشر صدقة منك على نفسك، متى يكون الإمساك عن الشر صدقة؟ لو واحد انتبه فجأة قال: أنا لي ثلاث سنوات ما عملت مشكلة لأحد، أنا آخذ أجراً؛ لا، لا يكون الممسك عن الشر مأجوراً إلا إذا نوى الإمساك عن الشر، أما واحد ناسي نفسه في البيت، ثم قال: أنا لي زمان ما عملت مشكلة مع أحد، لا يكون مأجوراً حتى ينوي بإمساكه عن الشر وجه الله.
أيها الإخوة لما سُئِل النبي ﷺ أي الأعمال أفضل؟ قال: إدخالك السرور على مؤمن أشبعتَ جوعته، أو كسوتَ عورته، أو قضيت له حاجة حديث حسن. [رواه الطبراني في الأوسط: 5081، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: 954].

نفع المسلم للمسلم من أسباب خيرية هذه الأمة

00:20:27

من أسباب خيرية هذه الأمة على ما سواها من الأمم أنها أنفع الأمم لغيرها، فان هذه الأمة تنفع غيرها بأشياء كثيرة على رأسها: هداية الأمم الأخرى إلى الإسلام، وما يترتب على ذلك من دخولهم الجنة ونجاتهم من النار.
قال أبو هريرة في تفسير قول الله تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمران:110]. قال: خير الناس للناس تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام .معناه أننا نجاهد الكفار ونأتي بهم أسرى في السلاسل ثم إذا عاشوا مع المسلمين عرفوا صحة الإسلام فدخلوا فيه طوعاً فدخلوا الجنة[رواه البخاري: 4557].

مسألة النفع القاصر والمتعدي على الغير

00:21:08

وهناك في مسألة النفع موازين و أفضليات يا عباد الله فمن ذلك أن أبا ذر، لاحظ المواقف المتعددة له في قضية النفع وعمل الخير والأسئلة حول الموضوع سألت النبي ﷺ أي العمل أفضل؟ قال: إيمان بالله وجهاد في سبيله، قلت: فأيّ الرقاب افضل، قال: أعلاها ثمناً وأنفسها عند أهلها، قلت: فإن لم أفعل، قال: تعين ضائعاً أو تصنع لأخرققلت: فإن لم أفعل، قال: تدع الناس من الشر فإنها صدقة تتصدق بها على نفسك[رواه البخاري: 2518]. تعين ضائعاً، الضائع في الضياع الذي عنده فقراء وعيال، والأخرق الذي لا صنعة له.
وفي الحديث إشارة إلى أن إعانة الصانع أفضل من إعانة غير الصانع، مظنة الإعانة كل واحد يتصدق عليه، لكن الصانع فيه ناس عنده حرفة، عنده مهارة، لكن ما عنده أدوات، تشتري له أدوات، ما عنده محل تجهز له محلاً لشهرته بصنعته قد يغفل عن إعانته.

تنوع أوجه النفع والخير للمسلمين

00:22:18

أوجه النفع كثيرة جداً وكلما كان العمل أنفع للعباد كان أفضل عند الله لماذا كان الجهاد في سبيل الله من أفضل الأعمال؟ أي الناس أفضل؟ مؤمن يجاهد في سبيل الله بنفسه وماله[رواه البخاري: 2786].
لأن الجهاد يوصل به رب العالمين إلى الآخرين؛ الدين والدعوة، ويكون سبباً في فتح البلاد ودخول الإسلام فيها ودخول الناس في الدين أفواجاً، وإذلال الكفر، وحماية حوزة الدين، وحفظ حرمات المسلمين، ورعاية الثغور، وحراسة الحدود.

فضل الحراسة في الثغور في سبيل الله

00:22:57

ومما يتعدى نفعه -أيها الإخوة-: الحراسة في سبيل الله، عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله[رواه الترمذي: 1639، وصححه الألباني في المشكاة: 3829]. لأنهما لا تمسهما النار، حرص الصحابة على الحراسة في سبيل الله لأنه عمل متعد نفعه للمسلمين لأن فيه حراسة للمسلمين وكف الشر عن المسلمين.
في غزوة من الغزوات النبي ﷺنزل في شعب من الشعاب وقال: من رجلان يكلآنا في ليلتنا هذه من عدونا فقال رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار: "نحن نكلؤك يا رسول الله، فخرجا إلى ثَمِ الشِّعْب، ثم قال الأنصاري: "أتكفيني أول الليل وأكفيك آخره، أم تكفيني آخره وأكفيك أوله؟ فقال المهاجري: بل اكفني أوله وأكفيك آخره، فنام المهاجري، وقام الأنصاري يصلي، فافتتح سورة من القرآن فبينما هو يقرأ إذ جاء زوج المرأة، من هو زوج المرأة؟ -لابد أن نرجع للوراء في السيرة- أغار المسلمون على قوم من المشركين، فأصاب رجل من المسلمين امرأة لرجل من المشركين، وكان الرجل غائباً، فلما رجع بعدما انتهت الغارة أُخْبِرَ بما حصل لزوجته، فهذا الرجل حلف أن لا يرجع حتى يهريق في أصحاب رسول الله ﷺ دماً، قام الأنصاري في الليل يصلي الليل حراسة ، فجاء زوج المرأة فلما رأى رجلاً قائماً عرف أنه الذي يريده ربيئة القوم فينتزع له بسهم فيضعه فيه وهو قائم يقرأ في السورة التي هو فيها فلم يتحرك كراهية أن يقطعها ثم عادله زوج المرأة بسهم آخر فوضعه فيه فانتزعه فوضعه وهو قائم يصلي ولم يتحرك كراهية أن يقطعها، ثم عاد له زوج المرأة الثالثة بسهم فوضعه فيه فانتزعه فوضعه وهو يصلي، انتزع السهم ووضعه، ثم ركع فسجد، ثم قال لصاحبه: اقعد فقد أوتيتُ، فجلس المهاجري فلما رآهما صاحب المرأة هرب وعرف أنه قد نذر به" علم به، وإذا الأنصاري يموج دماً من رميات صاحب المرأة، فقال له أخوه المهاجري: "يغفر الله لك، ألا كنتَ آذنتني أول ما رماك، فقال: "كنت في سورة من القرآن قد افتتحتها أصلي بها فكرهتُ أن أقطعها، وأيم الله لولا أن أضيع ثغراً أمرني به رسول الله ﷺبحفظه لقطع نفسي قبل أن أقطعها" [رواه أحمد: 14865، وقال محققه الأرنؤوط: حديث حسن]. أنا مستعد أموت ولا أقطع سورة.

فضل تعلم وتعليم الناس العلم الشرعي

00:26:01

من أعظم العبادات المتعدية النفع إن لم تكن أعظمها على الإطلاق تعليم الناس العلم.. الدين.. الشريعة.. وثواب من علم الناس الخير عظيم جداً ومن ذلك أن له مثل ثواب من عمل بذلك العلم كما قال النبي ﷺ: من عّلم عِلماً فله أجر من عمل به لا ينقص من أجر العامل[رواه ابن ماجه: 240، وحسنه الألباني في صحيح الترعيب والترهيب: 80]. وفي البخاري: خيركم من تعلّم القران وعلّمه [رواه البخاري: 5027]. الجامع بين تعلم القرآن وتعليمه مكمّل لنفسه مكمل لغيره في نفع ذاتي ونفع متعدي ولذلك داخل في قوله تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ[فصلت:33] .الدعاء إلى الله يقع في أمور ومن ذلك تعليم القران.
ضرب الرسول ﷺ مثلاً جميلاً لهذا الذي يعلّم الناس الخير كمثل الغيث الكثير أصاب أرضاً فقبلت الماء وأنبتت الكلأ والعشب الكثير[رواه ومسلم: 2282]. وكانت المكافأة للذي يعلّم الناس العلم ويعلّم الناس الخير كانت المكافأة عظيمة جداً؛ حتى أن الله تعالى جعل أهل السماوات وأهل الأرض يستغفرون لمن يعلّم الناس الخير، وألهم الله - تعالى أنواع الحيوان الكبير والصغير، منها من النملة إلى الحوت الاستغفار للعالِم فقال ﷺ: إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرضيين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلّون على معلّم الناس الخير حديث حسن. [رواه أحمد: 21715، والترمذي: 2685، وحسّنه الألباني في المشكاة: 213].

يا أخي كم نوعاً من السمك في البحار؟ كم سمكة؟ كم نوعاً من البهائم؟ كم نوعاً من الحيوانات ؟ كم نوعاً من الطيور؟ كم واحداً ؟ كلها تدعو لمن يعلم الناس الخير؛ لأن نفعه يصل إلى الآخرين نفع متعدٍ يا جماعة فكروا في هذا الأمر والله العظيم إن هذا الحديث كافٍ جداً لتحميس ودفع الناس لتعليم الآخرين الخير، تَعَلَّم وَعَلِّم، لماذا كان العالِم يستغفر له من في السماوات ومن في الأرض؟ يا أخي النبي ﷺ قال: وإن العالم ليستغفر له -كم بليون- من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماءحديث صحيح. [رواه أبو داود: 3641، والترمذي: 2682، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 6297].
لو قال قائل لماذا تستغفر الحيوانات للعالم ؟
فالجواب:
 أولاً : كرامة من الله لمن حمل العلم الشرعي بين جنبيه.
ثانياً: أن نفع العالم قد تعدى حتى انتفعت به الحيوانات لأن العالم يقول للناس: حدّ شفرتك و أرح ذبيحتك، ولا تذبحها بحضرة الأخرى، واسقها ماءً وارفق بها، وإذا قتلتم فاحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فاحسنوا الذبحة[رواه مسلم: 1955]. ويقول للناس: في كل ذات كبد رطبة أجر [رواه البخاري: 2466]. حتى لو سقيت قطاً فلك أجر، شكرت الحيوانات هذا التعليم النافع لها لهذا المعلّم فألهمها الله الاستغفار له دائماً، أهل السماوات و أهل الأرض.

ولذلك فإن العلم الشرعي التعلم والتعليم من أعظم العبادات، سُئِل النووي: هل يجوز للمعتكف أن يقرأ القران ويقرئه غيره، وأن يتعلّم العلم ويعلّمه غيره؟ أجاب عن هذا فقال: "يجوز ولا كراهة في ذلك في حال الاعتكاف، وذلك أفضل من صلاة النافلة؛ لأن الاشتغال بالعلم فرض كفاية، فهو أفضل من النفل؛ ولأنه مصحح للصلاة وغيرها من العبادات؛ ولأن نفعه متعدٍ إلى الناس، وقد تظاهرت الأحاديث بتفضيل الاشتغال بالعلم على الاشتغال بصلاة النافلة" [المجموع شرح المهذب: 6/528].
حدّثني كاتب للشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- أن الشيخ كان يترك صيام النافلة في بعض الأيام ويقول: لأنه يضعفني عن القيام بحوائج الناس؛ لأن الشيخ يأتيه المستفتون وأصحاب الحاجات والشفاعات، وغير ذلك من الناس يأتونه، قال: يضعفني، الصيام نفعه للشخص، الأعمال الأخرى المتعدية التي تنفع الآخرين.
ولذلك أجاب العلماء في مسالة رفع الصوت بالقران، أيهما أفضل الإخفاء أم الجهر؟ إذا كان بدون رياء فان رفع الصوت أفضل؛ لأن العمل فيه أكثر، وفيه نفع متعدٍ كما قال العلماء؛ لأنه يوقظ قلب القارئ، ويجمع همّه، ويطرد النوم، ويزيد في النشاط، ويوقظ غيره من نائم، أو غافل، وينشطه، وهذه النيات إذا اجتمعت في هذا الشخص فإنه سيكون له نفع متعدٍ إلى الآخرين.
إن هذا الموضوع يجيبنا على سؤال يتردد في أذهان الكثيرين من الأخيار؛ وخصوصا أئمة المساجد في رمضان وغيره، هل البقاء يعلّم الجماعة دين الله ويصلي بهم في مسجدهم في البلد أو القرية أو القبيلة أفضل أم الذهاب إلى مكة؟
والجواب: أن النفع المتعدي مقدم بالجملة على النفع القاصر فالأفضل أن يبقى مع الناس ويكتب له أجر المسجد الحرام بالنية كما قال النبي ﷺ: إن في المدينة رجالاً ما سلكتم وادياً ولا قطعتم شعباً إلا كانوا معكم يعني شاركوكم في الأجر، قالوا: كيف وهم في المدينة؟ قال: حبسهم العذر [رواه البخاري: 2839].
وهذا عذره شرعي، فعلى طالب العلم الذي يكون في قرية ليس غيره يُعَلِّم فيها يحتاج الناس إليه فليستمر في عمله وأن ينوي بقلبه أنه لولا وجود هذا الواجب لذهب إلى المسجد الحرام واعتمر واعتكف وجاور، أما إذا وجد من ينوب عنه في هذه المهمة فله أن يذهب وخير له أن لا يطيل الغياب.
الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- سُئل هل يجوز للمعتكف أن يتصل بالتلفون لقضاء حوائج المسلمين؟
قال: نعم، يجوز للمعتكف أن يتصل بالتلفون لقضاء بعض حوائج المسلمين إذا كان التلفون في المسجد الذي هو معتكف فيه؛ لأنه لم يخرج من المسجد، وقضاء حوائج المسلمين إذا كان هذا الرجل معنياً بها فلا يعتكف أصلاً، إذا كان مسئول عن مستودع خيري مثلاً؛ لأن قضاء الحوائج أهم من الاعتكاف؛ لأن نفعها متعدٍ والنفع المتعدي أفضل من النفع القاصر، إلا إذا كان النفع القاصر من مُهِمات الإسلام وواجباته، مثلاً صلاة الفجر جماعة، هي نفسها أصلاً صلاة الفريضة لك أنت، فهذا ما يمكن تضييعه بأي عمل آخر لكن النوافل المقارنة في النوافل النفع المتعدي أفضل ولذلك قال العلماء: أن الداعية إلى الله عمله عظيم لحديث: لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حمر النعم [رواه البخاري: 2942]. من دعا إلى هدي كان له من الأجر مثل من تبعه[رواه مسلم: 2674].
إذن، القضية كبيرة.
فيا أيها المشتغل بالدعوة في المدارس في المساجد في المكتبات في المخيمات في الأحياء، يا أيتها المشتغلات في الدعوة في البيوت والمدارس والكليات المسالة مسالة عظيمة لماذا؟ لأن النفع متعدٍ وهذه وراثة الأنبياء
من العبادات المتعدية: الأذان، ولذلك كان فضله عظيماً، يغفر الله للمؤذن منتهى أذانه ويستغفر له كل رطب ويابس سمع صوته حديث صحيح. [رواه أحمد: 6202، وصححه الألباني في صحيح وضعيف الترغيب والترهيب: 233].
وفي رواية أخرى صحيحة: وله مثل أجر من صلّى معه[رواه النسائي: 646، والطبراني في الأوسط: 8198، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 1841].
فكيف بالإمام والخطيب المحتسب أيضاً الذي لا يأخذ أجره.
النصيحة للمسلمين ألم يقل النبي ﷺ: الدين النصيحة[رواه مسلم: 55].
ما هي النصيحة لهم؟
إرشادهم لمصالحهم في آخرتهم ودنياهم.
تعليمهم ما يحتاجون من أمر دينهم ودنياهم.
ستر عوراتهم، سد خلّتهم، دفع المضرة عنهم، جلب المنفعة لهم، توقير كبيرهم، رحمة صغيرهم، تخولهم بالموعظة، ترك غشهم، محبة الخير لهم، الذبّ عن أموالهم، وحماية أعراضهم، وهكذا كل أنواع النصيحة.
نفع المسلمين يمكن يكون بالدعاء لهم في صلاة الجنازة نحن ندعو للأحياء والأموات، اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وذكرنا وأنثانا وصغيرنا وكبيرنا، من دعا لأخيه بظهر الغيب قال الملك الموكل به: آمين ولك بمثل[رواه مسلم: 2732].

من ضمن النفع المتعدي نصرة المظلوم والظالم، كيف نصرة الظالم؟ تحجزه وتمنعه من الظلم فإن ذلك من نصره من ردّ عن عرض أخيه ردّ الله عن وجهه النار يوم القيامة[رواه أحمد: 27543، والترمذي: 1931، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 6262]. ولذلك أنت تقول في المجلس: اسكت، لا نعلم عليه إلا خيراً  إذا كان ذلك كذلك.

الإصلاح بين المتخاصمين

00:35:38

من أعظم النفع المتعدي: الإصلاح بين المتخاصمين لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً[النساء:114].
قال الشيخ العلامة السعدي -رحمه الله -: "لا خير في كثير مما يتناجى به الناس ويتخاطبون وإذا لم يكن فيه خير فانه لا فائدة منه كفضول الكلام المباح إما لا فائدة فيه كفضول الكلام المباح، و إما شر ومضرة محضة، كالكلام المحرم بجميع أنواعه ثم استثنى –تعالى- فقال: إلاّ من أمر بصدقة، يعني: من مال، أو علم أو أي نفع كان، أو معروف، وهو الإحسان والطاعة، وكل ما عُرف في الشرع والعقل حسنه، أو إصلاح بين الناس، الإصلاح لا يكون إلا بين متنازعين متخاصمين والنزاع والخصام والتغاضب يوجب من الشر والفرقة ما لا يمكن حصره، فلذلك حثّ الشارع على الإصلاح بين الناس في الدماء والأموال والأعراض، بل وفي الأديان وقال تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا[آل عمران:103] وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا[الحجرات:9]. وقال تعالى: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ[النساء:128].
ولذلك فإن الله تعالى ينجح عمل المصلحين ولا يصلح عمل المفسدين" [تفسير السعدي: 202].

مجالات الإصلاح بين الناس

00:37:07

من مجالات الإصلاح: الإصلاح بين الموصي والورثة، فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ[البقرة:182]. الإصلاح لحقن الدماء شيء عظيم جداً: لأن الخصومة بين المسلمين تحلق دينهم فتؤدي بهم للعداوة والبغضاء والظلم والبغي والتعدي كان السعي بإزالتها بالإصلاح أعظم من الصلاة والصيام والصدقة والنافلة، ولذلك قال ﷺ: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟، قالوا: "بلى يا رسول الله، قال: إصلاح ذات البين، وفساد ذات البين الحالقة[رواه أبو داود: 4919، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 2595]. أفضل الصدقة إصلاح ذات البين[رواه الطبراني في الكبير: 31، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: 2817].
يا أخي إذا أقسمتَ بالله العظيم أنك ما تصلح ولا تتدخل بين اثنين لشر جاءك من قبل و أتيحت لك فرصة التدخل بالمعروف كفر عن يمينك وتدخل لأن الله قال: وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا[البقرة:224] بما؟ وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ[البقرة:224].

من النفع المتعدي حتى تكون نافعاً أيضا أقيموا الشهادة لله وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا[البقرة:282].
حتى للصغار الأطفال يشهدون في المدرسة في مثل خصومة الصغار فيما بينهم .
أعمال النفع المتعدي كثيرة، نحن نحتاج أن نتعمق في هذه المسألة كيف نحن –مثلاً- نخدم العابدين؟ نعينهم على الطاعة نهيئ المساجد؛ خصوصاً في رمضان، نخدم المعتكفين، النبي ﷺ اهتم يصلي على جنازة شخص كان ينظف المسجد بعد شهر؛ لأن عمله عظيم في خدمة الناس وربما فاق من خدم الصائمين في السفر فذهب بالأجر والثواب؛ لأن نفعه إحسان تعدى إليهم وإلى غيرهم كما قال ﷺ لما قام المفطرون وابتعثوا الركاب وامتهنوا وعالجوا قال: ذهب المفطرون اليوم بالأجر[رواه البخاري: 2890].
ضربوا الخيام نصبوها سقوا الإبل، الصوام سقطوا الصيام في السفر نافلة ذهب المفطرون بالأجرلماذا؟ نفعهم تعدى إلى غيرهم.
المسلم ينفع غيره ولو كان جالساً في الطريق، ولو كان ماشياً في الشارع ولذلك النبي ﷺ لما قال: أعطوا الطريق حقه ماذا قال؟ غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر [رواه البخاري: 2465، ومسلم: 2121].
وجاء في روايات أخرى: وتغيثوا الملهوف، وتهدوا الضال[رواه أبو داود: 4817، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود: 4817]. جمعها ابن حجر الروايات في قوله:

جمعت آداب من رام الجلوس على الطريق من قول خير الخلق إنسانا
أفشِ السلام وأحسن في الكلام وشمّت عاطساً وسلاماً رُدّ إحسانا
في الحمل عاون ومظلوماً أعن وأغث لهفان اهد سبيلا واهد حيرانا
بالعرف مر و أنهى عن نكر وكُفّ أذى وغض طرفاً وأكثر ذكر مولانا

[فتح الباري لابن حجر: 11/11].
من النفع المتعدي بذل المال، تبذل المال يزيده صدقتك ما نقص مال عبد من صدقة  وإذا كان في سبيل الله بسبعمائة إلى أضعاف كثيرة كذلك يبارك لك فيه وينفعك في القبر والآخرة، إن الصدقة لتطفئ على أهلها حر القبور، وإنما يستظل المؤمن يوم القيامة بظل صدقته  حديث صحيح.
لما فقه الصحابة هذا جادوا بأنفس أموالهم بسخاوة نفس فتصدق أبو طلحة بأحسن ماله بستان بيرحاء.
أبو الدحداح اندفع لما نزلت: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ[الحديد:11].
قال أبو الدحداح: "يا رسول الله، وإن الله ليريد منا القرض؟ قال: نعم يا أبا الدحداحقال: أرني يدك يا رسول الله، فناوله يده قال: "فإني أقرضتُ ربي حائطي".
وكان له حائط فيه ستمائة نخلة بستان ستمائة نخلة، من الذي يسكن فيه زوجته أم الدحداح مع من؟ مع عيالهما، جاء أبو الدحداح بعدما تصدق بالبستان: يا أم الدحداح قالت: لبيك، قال: "اخرجي، فإني قد بايعتُ ربي " حديث صحيح. [رواه مسلم: 965].
هل قالت: يا مجنون، ما فعلتَ بنا وفي أولادك؟ قالت: "ربح البيع" وأثنت عليه خيراً.

لذلك النبي ﷺ ما نسي هذا لأبي الدحداح؛ لما مات أبو الدحداح وصلى على جنازته أخبر عن كثرة الأغصان المعلقة له في الجنة فروى مسلم عن جابر بن سمرة قال: "صلى رسول الله ﷺ على ابن الدحداح ثم أتى بفرس عري ونحن نمشي حوله فقال: كم من عذق معلّق أو مدلاً في الجنة لابن الدحداح [رواه مسلم: 965]. كم من عذق غصن النخلة، العذق النخلة بكاملها.
هناك قضية قسمة الأرزاق بين الخلائق، والمفارقة بينهم في ذلك وتثبيت نِعَمٍ عند الناس، ونزعها من آخرين في علاقة في أمور خفية لأشياء يقوم بها هؤلاء ويقصّر فيها هؤلاء.
خذ هذه اللطيفة من اللطائف في أقدار الله تعالى، قال النبي ﷺ تأملوا في هذا الحديث: إن لله أقواماً اختصهم بالنعم لمنافع العباد يقرهم فيها ما بذلوها يعني: يديم عليهم النعمة ما داموا يبذلونها في منفعة الخلق فإذا منعوها نزعها منهم فحولها إلى غيرهم، وفي رواية للطبراني: أن لله عند أقوام نعماً يقرها عندهم ما كانوا في حوائج الناس ما لم يملّوا، فإذا ملّوا نقلها إلى غيرهمحسنهما في صحيح الترغيب.

ثواب النفقة في أبواب الجهاد في سبيل الله

00:43:29

والنبي ﷺ حتى يعلّمنا مجالات أخرى أيضاً في قضية نفع الناس ونفع الخلق قال: من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له .وذكر من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا انه لا حق لأحد منا في فضل[رواه مسلم: 1728].
عندك مكان زائد في السيارة توصل فيه أحد وصله عندك سيارة زائدة تعيرها أحد أعرها عندك زيادة في المال أقرضه ما من مسلم يقرض مسلماً قرضاً مرتين إلا كان كصدقة مرة[رواه ابن ماجه: 2430، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 5769]. 
إذا كان معْسراً أنظره فان الله ربما يتجاوز عنك يوم القيامة ويقول لملائكته: نحن أحق به من هذا منه، من سرّه أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفّس عن معْسر أو يضع عنهرواه مسلم. من أراد أن تُستجاب دعوته، وأن تُكشف كربته فليفرج عن معْسر[رواه أحمد: 4749، وقال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 4/133] .

وإذا قضيتَ ديناً عن ميت نفعته بعد الموت وبردت جلدته في قبره، فكم يا ترى يكون لك من الأجر؟!
يا أيها الجماعة، إن هذه الأمور التي فيها نفع الخلق من أسباب النجاة من مهالك الدنيا ومن سوء الخاتمة صنائع المعروف تقي مصارع السوء[رواه الطبراني في الأوسط: 8014، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 3797].  كما قال ﷺ: أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة حديث صحيح. [رواه الحاكم في المستدرك: 7908، والطبراني في الكبير: 8015، والبيهقي في الشعب: 8636، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 2031].   
ألا تذكرون قصة أصحاب الغار، الرجل الذي كان واقفاً على والديه ليشربا يحسن إليهما، إلى أولاده بعدهما، الرجل الذي قعد بين رجلي المرأة وقام عنها صنع معروفاً عظيماً أنه أبقى المال الذي أعطاها، أعطاها مالاً كثيراً في وقت قحط أبقاه عندها، لكن أعظم الثلاثة على الراجح هذا الرجل الذي استأجر أجيراً بفرق من أرز، أجرة ما جاء أخذها تركها ومشى زرعها وحصد الزرع واشترى به بقراً وصارت كثيرة وتوالدت وكم مضى على ذلك من المدة ينمّي في مال غيره وينفع أخاه، عندما جاء طالبه بالمال، وظن أنه يهزأ به، فأخذه فاستاقه كله فلم يترك منه شيئاً" [رواه البخاري: 3465، ومسلم: 2743]. ولا حتى أعطاه أي شيء ما قال: أنت شريك ولا شيء فبسببه فرج عنهم التفريج النهائي.

فضل بناء المساجد والشفاعة وإماطة الأذى

00:46:30

كم يكون لباني المساجد من الخير وهو يمكن الناس من الصلاة والذكر والاعتكاف وحلق العلم وحلقات التحفيظ من بنى مسجداً لله بنى الله له بيتا في الجنة [رواه أحمد: 508، وقال محققه الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم].
ممكن يشترك مجموعة من الشباب أو من الناس من الأخيار رجالاً و نساءً في عمل خيري كلهم يدخلون الجنة بسهم واحد يصنعه صاحبه يحتسب به الخير والذي يناوله والذي يرمي به .
الشريط الإسلامي الذي يحاضر فيه ابتغاء وجه الله والذي يسجله وينسخه والذي يشتريه ويموله والذي يوزعه ويناوله ممكن يدخلون الجنة بشريط واحد، لماذا تستكثر على الله ذلك ؟ الله اكثر و أطيب.
الشفاعة يا أخي اشفع لأخيك اشفعوا تؤجروا النبي ﷺ أحياناً يطلب منه حاجة لا يقضيها فوراً لماذا؟ سؤال أنا أسألكم أجيبونا؟ النبي ﷺ يأتي واحد يطلب منه طلباً لا يلبيه له مباشرة؛ لأنه يريد من الصحابة الموجودين أن يشاركوا في الأجر فيشفعوا فهو لا يلبيها مباشرة حتى يقوم هذا يقول أعطه يا رسول الله، هذا مستحق يا رسول الله، هذا ما نعلم عليه كذا يا رسول الله، حتى يتيح الفرصة لأكبر عدد مشاركة في الأجر اشفعوا تؤجروا[رواه البخاري: 1432]. شفاعة حلال ليست شفاعة واسطة يسقط بها على حق غيره ويسقط بها حق غيره ويؤخذ ما ليس من حقه يسقط حداً من حدود الله هذه حرام.
النبي ﷺ شفع حتى في الأشياء الاجتماعية ولما قال: لو راجعتيه فإنه أبو ولدك يقول لبريرة لكي ترجع لزوجها. [رواه النسائي: 5417، وابن ماجه: 2075، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماحة: 2075].  

أما صلة الرحم فانتم تعرفون ما فيها من النفع في الدنيا والآخرة. و إطعام الطعام من أسباب دخول الجنة .
و إماطة الأذى عن الطريق فيه منفعة للمسلمين، قد يدخل به الواحد الجنة، ويُثاب المسلم على كل نفع أسداه ولو لحيوان بهيم، واحد دخل الجنة في كلب سقاه مما حصل له من الأجر في أمة سابقة من حفر ماءً لم يشرب كبد حي من جني ولا إنس ولا طائر الا أجره الله يوم القيامة[رواه ابن خزيمة: 1292، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: 271] 
لماذا فضّل بعض العلماء الزراعة على الصناعة والتجارة ؟ لحديث: لا يغرس المسلم غرساً فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا طير إلا كان له صدقة إلى يوم القيامة[رواه ابن حبان: 3368، وصححه الألباني في التعليقات الحسان: 3357]. وهكذا؛ لأن فيه نفع للناس.
لو غرستَ شجرة كل واحد وقف بسيارته تحتها فاستظل بظلها هو أو السيارة فأنت تؤجر على ذلك .

فضل السعي على الأولاد

00:49:43

السعي على الأولاد في سبيل الله، السعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله[رواه البخاري: 5353، ومسلم: 2982].

مشاريع فيها نفع متعدٍ للمسلمين

00:49:51

وأخيراً نريد أن نستعرض بسرعة -أيها الإخوة- مشاريع فيها نفع متعدٍ وأشياء تتواصى بها ختاما لهذا الموضوع:
أنتم في مكة من أعظم النفع الذي تقدمونه وكذلك كل حاج يأتي من مكان آخر تزود علماً وفقهاً قبل أن يأتي، تعريف الحجاج بالمناسك، تعريف الناس بأوقات العبادة، تنبيه النساء إلى أحكام الشريعة، تنبيه الحجاج على البدع لئلا يقعوا فيها، أنت في حي، يا أخي اعْرِف أحوال أهله، افحص عن المحتاجين فيه.
اجمع المعلومات عن الذين يستحقون المساعدة شفاعات عند الأغنياء .
جمع زكوات والصدقات.
زيارة المحتاجين.
قدم دعوةً مع الصدقة.
النساء والأرامل تقوم النساء عليهن من المسلمات.
زيارة المرضى في المستشفيات لرفع المعنويات.
رعاية أسر المساجين.
وجدوا رجلاً في مستشفى مؤخرة عمليته لأنه يحتاج فصيلة دم قام الشباب بسرعة بالجوالات اشتغلت الجوالات ما مضت مدة بسيطة جداً إلا والدم موجود في المستشفى وعملت العملية، كم كان لها اثر على ذلك الشخص.
أنت توصل نساء أهل بيتك لقضاء حوائجهن، والفسحة المباحة، وأخذهم من مكة للطائف في مكان مباح، كم يكون لها أثر على النفسيات واستعداد لتقبل الحق وقبول الدعوة.
إتاحة الفرصة للناس للاستفادة من المشايخ والدعاة بعقد الحلق، وإقامة المخيمات، وتنظيم المحاضرات، وتنسيق برامج الاستفتاء على الهاتف بين أهل الحي وعامة الناس وطلاب المدرسة وبين العلماء وطلبة العلم .
القيام على الحملات الخيرية في الحج .
الاهتمام بالعمالة وما اكثر الملايين الموجودة في الجاليات بيننا، تشفع لهذا عند كفيل وتقضي لهذا حاجة وتقدم لهذا مطوية بلغته دعوة بالمقدور، والميسور لا يسقط بالمعسور.
قرّب بين الجيران، اعمل لهم اجتماعاً، اجمع من أهل الحي من يمكن جمعه.
أتح العمل التطوعي للمتقاعدين، مت قاعداً، يموت قاعداً!! اجعل له مجالاً ينفع بدلاً من أن يموت وهو قاعد.
هناك كتب شرعية، واحد أتى بمشروع، قال: الطلاب في آخر السنة الدراسية يرمون الكتب في براميل القمامة وفي الشوارع وفي الطرقات وفي الأرصفة وفي الحارة وفيها آيات وأحاديث، اجمعوا لنا الكتب الدينية واللغة العربية أعطوها المؤسسات الخيرية ترسلها لمسلمين في الخارج فيستفيدون منها.
مشروع زيارة الأيتام أو دار الأيتام، لوحات حائطية، دعايات، حتى هذه الشاشات التجارية الدعائية الكبيرة المضيئة يمكن استعمالها حتى لوحات الشارع تجمع بعض الصدقات لكتابة عبارة تؤثر في نفس مارة تستفيد، حجابك. عفافك
تقديم المعونات للطلاب المحتاجين؛ وخصوصاً طلاب العلم الشرعي، حتى وجبة إفطار في مقصف المدرسة لطالب مسكين لا يشتري كل يوم، فلما رصدوا حالته لماذا لا يشتري مثل بقية الطلاب إذا به ليس عنده ما يشتري به.
يا أخي ضع صندوق شكاوي وأسئلة تأتى بإجابات جماعة المسجد إليهم من عالم، ربما تنقذ عن طريق فتح المجال لإبداء الشكاوى عند الطلاب، تنقذ أختاً من الانحراف، و أُماً من الفاحشة، ربما يكون هناك من الأشياء التي تقضي من الحاجات لهؤلاء مالا يخطر ببال، وقد أُنقذ بعضهم من الانتحار بسبب فتح مثل هذا المجال.
استيعاب أولاد الحي في حلقات التحفيظ، ومراكز النساء، ودور النساء، وهذه تعطي دارها ليكون تحفيظاً، وتلك تعطيه مؤقتاً غير الحج، نقبل، هناك خير كل السنة إلا عشرة أيام إلا أسبوعين.
التسميع على الهاتف حتى بين النساء ، أعمال الخير هذه ربما تكون مجالاً لاشغال الضرائر عن أذى الزوج.
إن صناديق الإقراض الخيري المنضبطة بما فيها من الكفيل والمتابعة والتحصيل أعمال خيرية، ونفع متعدٍ، وربما أُقْرِضَ عشرات الآلاف لأشخاص، وفرّجت كربات من صندوق بسيط أول ما نشأ، وإقراض الطلاب الجامعيين لحين استلام مكافآتهم، مجلس الحي والتعاون مع عمدة الحي.
أيها الإخوة: إن كثير من المنكرات تزول بالتعاون وإيصال الخبر والتعاون مع الجهات المسئولة لمكافحة منكر، أو رفع ظلم، أو منع جريمة، ومع رجال الأمن ومكافحة المخدرات وربما يقضى على شرور كثيرة، ولا تعلم ما ينالك من الأجر بسبب هذا الإبلاغ والتعاون.
صاحب مغسلة يضع مع الملابس مطوية، كل ما أعطاهم غسيلاً ، غسيل مكوي معلّق مصفف، هؤلاء أكثرهم شباب الذين يأتون بهذه الملابس يقرؤون، فلو فقدوها مرة قالوا: أين الذي كنتم تضعوه مع الثياب لماذا لم تضعوه، ربما نسيتم، إذا تعود الناس أن يأخذوا أشياء من الخير افتقدوها بعد ذلك.
أنت ماشي في الطريق -يا أخي- يوجد شباب على الأرصفة، ممكن تنزل على الطريق وتدعوهم بالكلمة الطيبة لو عصوك وآذوك وسخروا منك فقد قمت بعمل العمل الذي كان يقوم به الأنبياء فيواجهون بهذا فيصبرون فتؤجر وإذا انتفعوا أجرت أيضاً . نزل من سيارته لما وجد شباباً على طرب وبلوت ورقص في الشارع فقال: يا شباب أنا والله أمر بكم كل يوم وأنا طالع من عملي صَعُبَ عليّ وضعكم هذا اليوم، أنا من شهور أراكم، الموضوع أن الله خلقنا لكذا كذا، والجنة كذا، والنار والآخرة، وكلمتين طيبة، فسبّه واحد منهم سبّاً مقذعاً، لماذا؟ قال له بما معناه: اسمح لي أنك حيوان، لماذا؟ قال: أنت الآن تراقبنا من شهور وعندك كل هذا العلم وما وقفت إلا الآن؟ أين أنت من زمان؟ ثم أقلع، وإذا تاب رئيس الشلّة أخذ وراءه الشلة.
أيها الإخوة: إننا نحتاج فعلاً إلى إيصال الخير إلى الناس بكل طريق مطويات كتيبات أشرطة وهذه الأشياء فيها منافع لا تحصى، دلهم على الزواج ووفق بين رأسين بالحلال كما يقول العامة.
اشترك في الهيئات الخيرية فيها إيصال النفع للآخرين، وجّه العمل ليكون على الكتاب والسنة.
لو لاعبتَ الأطفال، لو عقدتَ لهم مسابقة، مسابقة لأهل الحي وجوائز يُسَرُّون بها كثيراً ولو سافرت وانقطعت أسبوعاً أو شهراً يقولون أين المسابقة؟ هناك ناس سافروا في أعمال الخير من خلفهم في أهليهم بخير فله أجر عظيم.
رعاية أسر المساجين ، المسجون يمكن أسرته تضيع إذا لم نقم أنا وأنت وهو بشيء بهذا الموضوع.
هناك أناس في البادية يحتاجون إلى إيصال الخير لهم ويكون ناس من أبنائهم يكلمونهم بلهجتهم يكون التأثير فيهم كبير، إننا نحتاج إلى إيصال النفع بسائر وشتى الأساليب، بالقنوات، والمواقع، والمقالات، زّود الجرائد والمجلات بمقالات هادفة، اعمل دورات لو كنت متخصصاً في بعض الأشياء؛ كمبيوتر، إسعافات أولية، خطابة، إدارة، ستجد أنك أوصلت خيراً. لو اجتمع مجموعة من الشباب وقالوا: هذا مسجد فيه ثلاجة تالفة، نُصْلِح الثلاجة بمال بسيط جمعوه وساعدهم الفني، قال: مادام ثلاجة مسجد نصف الأجرة لا تحقرنّ من المعروف شيئاً [رواه مسلم: 2626].
واحد يضع حلاوة في جيبه كلما راح للمسجد يعطي الأولاد في الطريق.
كان الشيخ ابن السعدي -رحمه الله- يفعل ذلك، إذا خرج من البيت تهافت إليه الأولاد؛ لأن معه حلوى في جيبه يعطيهم إياها، ربما قائل يقول: ما هذا العمل؟ يا أخي هذا فيه شيء عظيم وهو إدخال السرور على نفس مسلمة حتى لو كان طفلاً إدخال السرور على نفس مسلمة، أنت ممكن تقول نكتة بالحق وليست نكتة سخيفة، أو نكتة فيها استهزاء بالمسلمين أو...، تدخل سروراً على مسلم على نفس مسلم تؤجر عليها، ألست أدخلت السرور على نفسه؟ يضع الفكة في جيبه الريالات كلما حصل الأطفال يحضرون الصلاة قال هذه مكافأة لك وهذه مكافأة لك واحد ذاهب للمسجد، كان الشيخ عبد العزيز بن باز إذا ذهب إلى المسجد ماشياً ضرب بعكازه وعصاه باب الجيران: الصلاة الصلاة، يوقظهم للصلاة وهو ذاهبٌ لصلاة الفجر.
هناك ناس مسنون يحتاجون إلى إعانة وأعمى يعبر طريقاً وشخص يوقفك بسيارته وينزل النافذة ليسألك عن عنوان فتدله عليه ربما تدخل بذلك الجنة وما يدريك لا تحقرن من المعروف شيئاً[رواه مسلم: 2626].
إعارة الأغراض إلى الآخرين وعلى الآخرين أن يصونوها وأن يحفظوها وأن يعيدوها سليمة.
إننا -أيها الإخوة- لا يمكن أن نتخيل أحياناً مالا يمكن أن ينشأ عن المشروع الخيري، إعلان عن جمع ملابس للفقراء، ملابس قديمة، ملابس مستعملة بحالة جيدة، جاء شخص إلى الأمام قال: أعلنتم عن مشروع الملابس؟، قال: نعم،
قال: عندي أشياء خارج، قال: هاتها، قال: عندك عمّال، هو يحملها في شاحنة أو شاحنات، واحد يرفع لواء الخير وانظر ماذا يحدث من التقاطر وتوجيه الجهود لأجل عمل الخير.
هناك أذى في طرقات وربما يكون أمام بيت الجار وربما قصّر العامل في البلدية فأنت قمت بالمطلوب في إزالة الأذى فلك أجر كبير، ربما رسالة هاتف جوال يهدي الله بها ناس أنت تعرفهم أو لا تعرفهم.
أيها الإخوة: كانت تلك أمثلة ومشروعات و أبواب عملية المقصود منها ضرب المثال في هذا الموضوع الحيوي والمهم والخطير جداً؛ لأنه يؤدي إلى دخول الجنة؛ قضية مصيرية.
"كن نافعاً أينما كنت".
أسال الله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.