الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
نص قصة الرجل الذي قدم الضيف على أطفاله
ومن دروس الإيثار؛ هذا الحديث: عن أبي هريرة : "أن رجلا أتى النبي ﷺ، فبعث إلى نسائه"، رجل فقير جاء للنبي ﷺ: "فبعث إلى نسائه، فقلن: ما معنا إلا الماء"، وهذا أعظم رجل وأكبر رجل في الدولة، وهو النبي ﷺ القائد، رأس الناس، لا يوجد في بيته إلا ماء"ما معنا إلا الماء، فقال رسول الله ﷺ: من يضم هذا؟، وفي رواية: من يضيف هذا؟.
فقال رجل من الأنصار: أنا، فانطلق به إلى امرأته، فقال: أكرمي ضيف رسول الله ﷺ، فقالت: ما عندنا إلا قوت صبياني، فقال: هيئي طعامك، وأصبحي سراجك، ونومي صبيانك، إذا أرادوا عشاء، فهيأت طعامها، وأصبحت سراجها، ونومت صبيانها، ثم قامت كأنها تصلح سراجها فأطفأته، فجعلا يريانه أنهما يأكلان، فباتا طاويين، فلما أصبح غدا إلى رسول الله ﷺ، فقال ﷺ: ضحك الله الليلة من فعالكما-أو عجب- من فعالكمافأنزل الله: وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ[الحشر: 9].[رواه البخاري: 3798].
شرح حديث "قصة" الرجل الذي قدم الضيف على أطفاله
هذا رجل فقير مسكين، جاء إلى النبي ﷺ يقول: يا رسول الله أصابني الجهد؟ أي المشقة من الجوع، إني مجهود.
وكان الرجل فيهم لا يتكلم إلا إذا بلغ به الأمر، المبلغ العظيم الذي لا يطاق.
جوع أبي هريرة رضي الله عنه وصبره
أبو هريرة لزم النبي ﷺ على شبع بطنه فقط، ما كان يصفق مع الناس في الأصفاق، وبالأسواق، مع قدرته على الصفق بالأسواق، لكنه ما كان يصفق في الأسواق، وإنما يلزم مصدر العلم؛ النبي ﷺ، يفرش له -النبي ﷺ رداءه، ثم يبسطه مرة أخرى، بعدما دعا له، فما نسي شيئاً بعدها.
مع أن أبا هريرة جاء في العام السابع للهجرة، بعد معركة خيبر، مع وفد دوس المسلمين، الذين كان فضل عظيم في إسلامهم للطفيل بن عمرو الدوسي، جاء بسبعين بيت من دوس كلهم أسلموا، منهم أبو هريرة .
يأتي الرجل هذا في العام السابع من الهجرة، يحفظ النبي ﷺ مات بعدها بثلاث سنين، الرجل هذا ينقل لنا أكثر من خمسة آلاف حديث.
يقول أبو هريرة : "يقول الناس: أكثر أبو هريرة ! أكثر أبو هريرة !".
يقول الناس يتعجبون من كثرة أحاديثه، كان يشغلهم الصفق بالأسواق، وكنت ألزم رسول الله ﷺ على شبع بطني، ومتفرغ للسماع، يضع أذنه عند فم النبي ﷺ.
وهذا كان عمله، متفرغ لهذا العمل تماماً، ما عنده شيء آخر مطلقاً، جهاد وطلب علم،فقط.
هذا الرجل الذي حفظ هذه الآلاف، كان يخر، يقول: "والله إن كنت لأخر على وجهي من الجوع" أقع على وجهي من الجوع، فيأتي الناس يمسكونه ويعصرونه، ويقرؤوا عليه، يظنون به جنة، صرعه الجن، وسقط من صرع الجن، وما به جن، ما به إلا الجوع.
يقولون: مجنون! به جني! ما فيه جن، لكن الجوع، لكن لا يتكلم.
"ولقد وقفت على طريقهم يوماً، فاستوقفت أبا بكر، سألته عن آية من كتاب الله، وهو يعلم حكمها، ويعلم معناها، ويعلم نصها، ما سألته إلا ليشبعني، لكن ما فطن".
وما كان أبو هريرة ، ليقول له: عشيني! وغديني! لكن مع الشدة، قال: أسأله يمكن يتفطن في حالي! فيأخذني معه! فأجابه ومشى!.
"فاستوقف عمر سأله عن الآية" لعله يتفطن لحاله، ما انتبه، أخذ بالظاهر وأجاب.
ثم رآني أبو القاسم ﷺ، فعرف ما في وجهي وما في نفسي، وقال: أبا هر الحق[رواه البخاري: 6246].
لباس الصحابة وعيشهم
في البرد ماذا كان لباسهم؟نحن في البرد ماذا نلبس؟وثياب بعضها فوق بعض، وصوف تحت، وعباءة فوق، وجوارب، وسيارات، وسخانات، ومكيفات تدفئ، ودفايات؟!!
أبو هريرة ، كيف كان يعيش في الصفة في المسجد النبوي؟
يمكن ما يجد رداءً .
كيف يعيش؟
ما في إلا جهاد وعلم فقط، ليس له بيت! يأوي إليه!.
ومع ذلك تمر الأيام، ويصبح أبو هريرة أميراً على مصر من الأمصار، فامتخط مرة، فمسح بثوب من كتان، فقال: "الحمد لله الذي جعل أبا هريرة يمتخط في الكتان، والله إن كنت لأخر على وجهي من الجوع" ما بين منبر النبي ﷺ وبيته، يخر من الجوع.
ولكن الصحابة: العظمة فيهم: ما تغيروا بعدما فتحت عليهم الدنيا، هذا مع أن أبا هريرة صار عنده أموال، وصار عنده إمارة، ويحمل حزمة الحطب على ظهره، ويقول: "طرقوا للأمير، طرقوا للأمير!" طريق طريق للأمير! وهو حامل حزمة الحطب على كتفه !.
هكذا كانت معيشتهم، الواحد منهم لا يجد خاتم حديد، يتزوج به.
وماذا يساوي خاتم الحديد؟
ليس خاتم ذهب ولا فضة.
خاتم فضة -الآن- بخمسين ريـال.
خاتم الحديد كم يساوي؟!
ما يجد خاتم حديد، قال: "يا رسول الله ولا خاتم حديد" ليدفعه مهراً، ليتزوج، ويعف نفسه.
مبادرة الإنسان إلى فعل الخير بنفسه:
هذا الرجل من الأنصار، جاء إلى النبي ﷺ، فقال: "يا رسول الله أصابني الجهد" لم يبق أي تحمل!.
النبي ﷺ أول ما يبدأ بنفسه، وبعض الناس لما تأتيه أبواب الخير، يحيل على الآخرين: يا فلان أعطوا هذا! انظروا حلا لهذا!.
اخرج أنت من جيبك؟!
لا، يتركه على الناس!.
النبي ﷺ يبادر بالخير بنفسه أولاً، فيرسله إلى نسائه، فكل واحدة يرسل إليها رسولا تخبر بأن ما عندها إلا ماء: "ما عندي إلا ماء".
شظف عيش النبي صلي الله عليه وسلم
ما عنده ﷺ في بيته، وهو بإمكانه يدعو دعوة واحدة، فتأتيه كنوز الأرض من الذهب والفضة.
لكن أراد أن يكون عبداً رسولاً، ولم يرد أن يكون ملكا، أراد أن يعش عبدا، ويموت عبداً.
عبداً رسولا، يعتقل الشاة ويحلبها، ويفلي شعره، ويخصف نعله، ويخيط ثوبه، ويعين أهله في البيت.
واختار أن يعيش في بيت ثلاثة أشهر، الهلال ثم الهلال ثم الهلال، لا يوقد في أبيات النبي ﷺ نار.
ما هو إلا ماء، وعلى بعض الهدايا، وعلى أشياء تأتيه من الجهاد من نصيبه، أو من بيت المال، مما فرضه الله له.
وعاش على الكفاف، فدعا لأهله أن يرزقهم الله الكفاف، يعني ما يكفيهم فقط.
ومات ﷺ ودرعه مرهونة عند يهودي بشعير لأهله.
بقي الشعير عند عائشة -رضي الله عنها- بعد موت النبي ﷺ مدة، حتى كالته، ففني[انظر الحديث: رواه البخاري: 6451، ومسلم: 7641]. انتهى وذهب.
فالنبي ﷺ بعث إلى نسائه، يطلب منهن ما يضيف هذا الرجل، والضيف له حق، وخصوصاً إذا كان جائعاً، فقلن: "ما معنا إلا الماء!" ما عندي إلا الماء!.
لعل كان هذا الكلام قبل أن يفتح خيبر، فلما فتحت خيبر صار في انفراج اقتصادي في المجتمع المدني، وقبل خيبر كان الوضع شديد جداً، وبعد خيبر أفآء الله على رسوله، وجاءت الغنائم، وجاءت الأشياء،صار في نوع من السعة، لكن ليست السعة التي جعلت الناس ملوكا في قصور، وإنما صاروا يجدون شيئاً يأكلونه، أو شيئاً يطبخونه.
عرض النبي صلي الله عليه وسلم على الصحابة استضافة الرجل الفقير
يقول ﷺ لما عجز أن يدبر حلاً من عنده للرجل، قال من باب المواساة بين المسلمين: من يضم هذا؟-من يضيفه- أو يضيف هذا؟، وفي رواية: ألا رجل يضيفه هذه الليلة يرحمه الله؟ [رواه البخاري: 4889] يدعو له بالرحمة، من يأخذ الضيف يطعمه، مقابل أن الله يرحمه؟
اسم الرجل الذي قدم الضيف على أطفاله
فقال رجل من الأنصار، قيل: أنه ثابت بن قيس.
وقيل غير ذلك.
وفي رواية: أن رجلاً من الأنصار مر عليه ثلاثة أيام لا يجد ما يفطر عليه، ويصبح صائماً، حتى فطن له رجل من الأنصار، يقال له: ثابت بن قيس".
يعني واحد يبحث فما يجد شيئاً يفطر به، فيصوم! حتى تفطن له واحد!يتفطنون لبعضهم!.
والواحد كان ينظر فيوجه الآخر، وذاك يدهن وجهه بالدهن، حتى لا يظهر عليه الجفاف من كثرة الصيام!.
وكانوا يكتحلون حتى لا يظهر عليهم النعاس أنهم كانوا قائمين الليل!.
الدهن والكحل لإخفاء الصيام وقيام الليل!.
واكتشف ثابت بن قيس رجلاً: ثلاثة أيام لا يجد طعاماً، فأخذه.
لكن في هذه القصة، قيل: أن الرجل هو ثابت.
وقيل: هو عبد الله بن رواحة.
وقيل غير ذلك.
وقد جاء: فقام رجل من الأنصار، يقال له: أبو طلحة.
ولكن هذا غير أبي طلحة المشهور، صاحب البستان؛ لأن أبا طلحة غني، وهذا الرجل في القصة: "ما في إلا عشاء الصبيان" ولذلك هو أبو طلحة آخر، كما رجح ذلك الحافظ بن حجر -رحمه الله تعالى-.
مخادعة الرجل وزوجته لأطفالهما حتى ناموا بدون عشاء
على أية حال: أياً ما كان هذا الرجل، فهو رجل من الصحابة، فطن لما أصاب أخاه، أو أنه لما سمع النبي ﷺ يدعو بالرحمة: ألا رجل يضيف هذا؟ قال رجل من الأنصار: "أنا يا رسول الله" أنا أضيفه، فأخذ الرجل، وذهب به إلى بيته، فقال لزوجته: "أكرمي ضيف رسول الله ﷺ" قالت المرأة: "ما عندنا إلا قوت صبياني!" فالرجل اقترح!.
الاقتراح الثاني: قال للمرأة: "هيئي طعامك!" هذا الموجود للصبيان "وأصبحي سراجك!" أي: أوقدي السراج! السراج ينير! الإجراء الثالث، قال: "ونومي صبيانك" إذا أرادوا عشاءً! نوميهم! اجعليهم يأوون إلى مضاجعهم! ثم قال لها: "ونطوي بطوننا الليلة!" أنا وإياك نصبر، ونطوي بطوننا الليلة! والأولاد ينامون! وطعام الأولاد نقدمه لهذا الضيف!.
لأن هذا ليس ضيفاً عادياً، إنه ضيف رسول الله ﷺ! ثم إنه إنسان ملهوف! جائع! يحتاج إلى طعام! من جميع الجهات الرجل ينبغي أن يقدم!.
تقديم الطعام للرجل الفقير
فالمرأة نومت صبيانها! وأوقدت سراجها! وقدمت الطعام!.
ولما وضعوا الطعام أمام الضيف لابد من حركة لأجل أن يأخذ الضيف راحته في الأكل، فقامت كأنها تصلح سراجها.
-الآن- دخلنا في التمثيل! حركات تمثيلية! فتظاهرت بأنها تصلح السراج! فأطفته عمداً، لكن تحت ستار الإصلاح! صار المكان مظلما.
زيادة في إراحة الضيف، ونفي الحرج عن الضيف، جعلا يريانه أنهما يأكلان! معناها في تظاهر بأصوات وهيئات، وحركات! أنهما يأكلان!.والضيف لا ينظر! لا يرى يعني حقيقة أنهما يأكلان أم لا! لأن السراج قد أطفئ! ما يرى! يعني من جهة الرجل ينقص الأكل أو لا ينقص! ومن جهة المرأة ينقص الأكل أو ما ينقص!.
لو قيل: كيف؟ هل جلسا؟
نعم، قبل نزول آية الحجاب.
بطبيعة الحال كان يمكن أن تجلس المرأة مع الضيف.
يحتمل أيضاً أنها نزلت بحجاب كامل، وأصلاً كانت البيوت أكثر الناس عنده غرفة واحدة فقط.
مكونات غرفة النبي صلي الله عليه وسلم
غرفة النبي ﷺ ما هي؟
غرفة سقفها واطئ، إذا وقف يكاد رأسه أن يمس السقف، وإذا سجد لابد عائشة -رضي الله عنها- تقبض قدميها؛ لأنها إذا ما قبضت قدميها سيسجد على قدميها، فإذا أراد ﷺ يقوم الليل، وعائشة مضطجعة، المكان ما يكفي لاضطجاع واحد، وصلاة واحد آخر، المكان لا يكفي إلا واحد، يسجد فقط!إذا، معنى ذلك، قالت: "فكان يغمزني، فأقبض رجلي فيسجد".
هذه هي بيت؟! ثلاث غرف! نوم! وصالة! ومطبخ! وحمامين! -طبعاً- غير الدور، والدورين، والثلاثة! والقبو! والكراج! والملاحق!.
بل غرفة واحدة، هكذا..
فتظاهرا أنهما يأكلان، لكي يأكل، ويرتاح الرجل، ويأكل ويأخذ راحته في الطعام، ويأكل كل الطعام، ويدفعان ما بين يديه، هو يأكل وما يدري ماذا يحدث في الحقيقة!.
لأنه ليس فقط المهم أن الضيف يرتاح من جهة المعدة! لكن يرتاح أيضاً نفسياً! لا يأتي في نفسه أنه قد أخذ أكل الأولاد! وإلا أخذ أكل الرجل وزوجته!.
لذلك لما قال الله : وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ[الحشر: 9].
الإيثار الممدوح وضابطه
يعني -الآن- واحد منا إذا أطعم، أو أعطى شيئا، تصدق بما زاد عن حاجته، هذا في الغالب، وما زاد عن حاجة حاجة حاجته أيضاً، وعنده في البيت طعام لشهر، أو أكثر، يتصدق بطعام يوم، لكن هذا تصدق بالطعام الذي لا يملك غيره.
وإذاً، صبر الأولاد! جوع الأولاد! ليس سهلاً على النفس!.
لكن مع ذلك، ممكن يتحمل الإنسان جوع نفسه، وألم جوعه! لكن ما يتحمل أولاده أمامه جائعين! منظر مؤذ أن الإنسان يرى أولاده طاويين أمامه بدون طعام! أو الولد يبكي من الجوع!.
هذا من أشد المناظر والأشياء إيلاماً للأب بدافع الشفقة! والأم بدافع الأمومة التي تنطوي عليها نفسها!.
ومع ذلك، فالرجل والمرأة آثرا ضيف رسول الله ﷺ على أنفسهما، وعلى أطفالهما: وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ[الحشر: 9].
ولو في حاجة وشدة! يؤثرون! هذا هو الإيثار الحقيقي!.
أما إنسان يعطي ما زاد عن حاجته، فهذا لا يسمى إيثاراً.
الإيثار: أن تقدم الغير على نفسك.
أنت محتاج! والغير محتاج! فتقدم حاجة الآخر على حاجة نفسك!
ولذلك قال بعضهم: "ما غلبني رجل مثلما غلبني شاب من بلخ، قالوا: وما ذاك؟قال: سألني كيف الإيثار عندكم؟ أو كيف ماذا تفعلون؟ ما حالكم في الشدة، وإذا صار في شدة؟قال: إذا وجدنا أكلنا، وإذا فقدنا صبرنا.قال: والله حالنا نحن إذا وجدنا أكلنا، وإذا فقدنا صبرنا.
قال: هذا ما تفعل كلاب بلخ عندنا.
نفس المبدأ! يعني نفس المنهج!.
قال: وأنتم كيف عندكم الحياة؟!
قال: نحن إذا فقدنا صبرنا! وإذا وجدنا آثرنا!.
قال: نحن أناس! عندنا الشعب! إذا فقدنا صبرنا! وإذا وجدنا آثرنا!.
ولذلك يقول: "ما غلبني أحد كما غلبني شاب من بلخ!".
يقول الله : وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ[الحشر: 9].
عظمة القرآن القرآن في قلوب الصحابة المنزل بشأنهم:
فالآية نزلت في صميم القصة، وصميم المعنى، وصميم الواقع، ولذلك أثرها على الصحابة ليس كأثرها علينا! لأننا ما عشنا الذي عاشوه، ولا الظرف التي نزلت فيه الآية!.
الفرق في الفقه والوعي: أن الصحابة الآيات كانت تنزل على معان في نفوسهم! لأنهم يعرفون القصة والحادثة التي نزلت بها الآية!.
الرجل هذا نفسه، كيف يكون شعوره وآية من كتاب الله تنزل بسببه؟! كيف يكون إيمانه؟!
يعني الله العظيم الخالق يتكلم بشيء حدث لهذا الرجل؟!.
محنة عائشة -رضي الله عنها- وصبرها
يعني عائشة -رضي الله عنها- كانت تقول: "ولشأني أحقر في نفسي من أن ينزل الله في وحيا يتلى!"[شعب الإيمان: 9/252].
في قصة الإفك لما اشتد عليها الظلم، والمنافقون يتكلمون، ويشيعون الإشاعات! والناس تتلقف الإشاعات: عائشة مع صفوان! كانوا وحدهما! حصل! حصل شيء! عائشة وصفوان! وعائشة وصفوان! واختلوا في الصحراء! وعائشة وصفوان! وصار بينهما ما صار بينهما! وعائشة وصفوان! وكلام ينتشر!.
والنبي ﷺ يوحى إليه، لكن الله أراد أن يبتليه، ويزيد في رفع درجاته، فما نزل الوحي فوراً بالقضية.
شهر وعائشة -رضي الله عنها- بكاء! حتى لا يرقأ لها دمع! وبعد ذلك انقطع الدمع! صار حتى الدمع غير موجود! جفت الدموع في مآقيها! غم وهم!.
والنبي ﷺ يدخل عليها، فيقول: يا عائشة: إن كنت ألممت بذنب فاستغفري اللهرواه البخاري: 4141 ومسلم: 7196 ].
يعني أول واحد وصل له كلام عن أهله، ولا يدر صح أو خطأ، فلا هو بالذي يثبت التهمة، ولا بالذي ينفيها، وهو لا يدرِ الحقيقة: إن كنت ألممت بذنب فاستغفري [رواه البخاري: 4141 ومسلم: 7196 ].
إن كان حصل شيء، ولكن يخبر بظنه الحسن، يقول: يا جماعة! يا أيها الناس! أهلي ما علمت عليهم إلا خيرا! تكلموا في رجل -والله- ما كان يدخل على أهلي إلا معي![انظر الحديث رواه البخاري: 4141 ومسلم: 7196].
والمنافقون يزيدون، يريدون تحطيم البيت النبوي! يريدون إيذاءً؛ لأن الإيذاء يختلف! الإيذاء أصناف! هذا -الآن- إيذاء لكل المجتمع المسلم! لأنه طعن في بيت النبوة! وفي النبي ﷺ!.
يعني يريدون أن يقولوا: أن تحتك امرأة غير عفيفة! وأنت النبي! قائد الأمة! تعلمنا العفاف! وتحتك امرأة غير عفيفة؟!.
هذا القصد كان شنيعاً جداً جداً، والأذى على النبي ﷺ.
ومن الطرف -أيضاً- الآخر؛ أبي بكر أفضل الأمة من بعده! أبو عائشة! أبو الزوجة! وأم الزوجة أم رومان! ومجتمع الصحابة متكدر لما حصل!.
بعض حكم وفوائد الابتلاء
لينزل الفرج بعد ذلك من الله ! بعد ما حصل الاختبار والابتلاء! و لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ[الأنفال: 42].
ويتبين الأمر، ومن الذي كان يقول: سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ[النــور: 16]؟
ومن الذي تحدث؟ ومن الذي سمع كلام المنافقين وانجر؟ ويكون في المسألة ضحايا! وفي المسألة الله له حكم في الابتلاءات! الله يريد أن يكشف حقائق نفوس الناس!.
من أحداث كثيرة يتبين: أن الله يجري أقداراً في الواقع، ليكشف نفوس الناس؛ هذا جبان! هذا شجاع! هذا يفر! هذا يصمد! هذا يؤثر! هذا يبخل! هذا يجزع! هذا يرضى! هذا يسخط على القضاء والقدر!.
الله يريد من الأحداث أن يكشف الواقع؛ النفوس، الله يريد أن يبتلي؛ ليمحص، ليستخرج: مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنْ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ[آل عمران: 179].
ما يطلع على الغيب، إنما يجري الأحداث؛ لتنكشف الأشياء.
أما أنه يقول : أن هذا سيفعل! وهذا سيفعل! فلا، يدع الأمور، يقدرها، وتكشف الأحداث عن واقع الناس، وعن النفوس.
فعائشة -رضي الله عنها- ما كانت تتوقع أصلاً أن القضية تحل بآية! أو قرآن! فغاية ما كانت تتصور: رؤيا، أن الله يري نبيه ﷺ رؤيا في المنام: أن زوجتك عفيفة وشريفة وطاهرة! وأن الكلام كذب! وأن المنافقين كذبة! وأن هذا افتراء! هذا كان غاية أملها ومناها، ورؤيا الأنبياء حق، تقول عائشة -رضي الله عنها- : "ولشأني أحقر في نفسي من أن ينزل الله في وحيا يتلى"[شعب الإيمان: 9/252].
لأن هذه الآية: وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ[الحشر: 9].
يعني الآية هذه ستقرأ إلى قيام الساعة، ونحن سنقرأها في الصلاة، وكل المسلمين يقرؤون، حتى الكفار بعضهم ربما يقرأها!.
هي آية نزلت، ومعان جليلة، لكن متعلقة بقصة حدثت، فالذين نزل التنزيل عليهم، وعاينوا التنزيل، ورأوا آثار الوحي، وأن القصة تحدث من هنا! والآيات تنزل من هنا، هؤلاء إيمانهم غير إيماننا.
عظمة شأن الرجل وزوجته اللذين استضافا ضيف رسول الله صلي الله عليه وسلم
فما هو شعور الرجل وزوجته عندما تنزل آية من الحكيم الخبير، العظيم الكبير، المتعال الخالق، مدبر الكون؟! بشأن ما حصل في الغرفة؟! في إطفاء النور والسراج؟! والأكل الذي صار؟!.
ولذلك، فإن الذي حصل من هذا الرجل والمرأة كان شيئاً عظيما.
ثم المسألة ليست قضية فقط أعطوه الأكل، المسألة ماذا كان في القلب!.
يعني مسألة احتساب الأجر، مسألة الإيمان الذي في القلب،فما سبق أبو بكر الناس -فقط- بكثرة الصيام والصلاة والنوافل، وإنما سبقهم بشيء وقر في قلبه، الإيمان، أو احتساب الأجر.
هذا يُطعم! وهذا يُطعم! كثير من الناس يُطعمون في رمضان! لكن من الذي يبلغ الدرجة العالية؟! من الذي أنفق محتسباً يرجو بكل أكلة أكلها مسلم من طعامه أجراً عند الله؟! ويحسن الظن بربه أنها تقع عند الله موقعاً! وأن الله يضاعفها ويربيها لصاحبها! حتى تعظم وتكبر! وهذا ظنه بربه، وأنفق يرجو ويخاف أن لا يقبل منه! ويرجو رحمة ربه!.
المعاني هذه التي يولدها الإيمان في نفس المنفق؛ إنها كانت عند هذا الرجل وزوجته شيئاً عظيماً، استحقا نزول آية بشأنهما تقرأ إلى قيام الساعة!.
الصبر ساعة
لذلك في الصباح لما غدا الرجل على النبي ﷺ.
الليلة تنتهي! والجوع هو ساعات ويذهب! ويرزق الله في اليوم التالي والذي بعده! هو صبر ساعة! هي المواقف العظيمة!.
ماذا قال القعقاع؟ المدد الذي جاءه، والطلب آلاف، أرسل له أربعة آلاف، يأتيه أربعة أشخاص!الواحد بألف! والمعركة مشتدة! والعدو بأسهم شديد! وخبراء في القتال! جيوش منظمة! قد خاضت معارك عظيمة! الفرس والروم أصحاب تجارب قتالية كبيرة! خاضوا معارك! جيوش منظمة! واستخدام فيلة! وأسلحة أكثر مما عند الصحابة بكثير! وتفوق عددي رهيب!.
ويأتي رجل يقول: "اصبروا، النصر إنما هو صبر ساعة".
أنت تصبر، وهو يصبر، لكن من الذي يصبر للنهاية؟ من الذي يصبر أكثر من الآخر؟
فقط ساعة! أنت -فقط- أصبر أكثر من ساعة! لو صبرت بعده ساعة انهزم، وولى الأدبار.
الرجل هذا صبر هو وزوجته وأولاده ساعة! لكن الموقف من الذي يصبر عليه؟ الليلة هذه كيف مرت بتعبها وشقائها، وبكاء الأولاد، وتألم الأبوين؟!
لكن الاحتساب ينسي المرارة، هذه نقطة مهمة جداً، من لمح فجر الأجر، هان عليه ظلام التكليف.
-الآن- التكليف شاق -مثلاً- الصيام فيه جوع، فيه عطش، لكن لو صبرت إلى أن يأتي المغرب، أحياناً فقط يؤذن الأذان، لو ما أكلت يذهب الجوع؛ لأنه -الآن- انتهى الحظر! يعني ذهب الشيء الممنوع، فالآن فك الحضر والمنع.
إذًا، حتى لو ما أكلت يمكن ما تسأل كثيراً عن الطعام والشراب؛ لأنهما كان ممنوعاً كان عنه السؤال، ومراودة النفس، والتصبير، ونحو ذلك.
-فالآن- الذي صبر في هذه الليلة، جاؤوا في الصباح للنبي ﷺ! الليلة مرت!.
كثيراً من المواقف الصعبة قد تمر بالمسلم، هب أن رجلاً فقيراً معدماً لا يجد راتبا! ولا وظيفة! ولا كذا! وواحد مبتلى بعاهة! أو مصاب بمرض خطيرا! سرطان!الآن العمر الذي في السرطان صعب جداً، وآلام مبرحة لا شك، لكن نحن نعلم قطعاً يقيناً أنها ستمضي، أين ذهب الذين قبلنا؟!
ماتوا!.
فالعمر سيمضي، فالذي يعمره في طاعة الله، أو يصبر فيه على الشدائد، هذا هو المنتصر.
الليلة هذه مرت كما سيمر العمر كله، لكن مرتب عبادة من نوع نفيس!.
إخلاص الرجل وزوجته
غدا الرجل على رسول الله ﷺ هل قال الرجل: -والفرق الإخلاص-: الآن يا رسول الله لقد أخذنا ضيفك وأكرمناه! وما قصرنا معه! واسأله إن كنا قصرنا معه في شيء! هذا هو أمامك! سله! أبشرك أعطيناه قوت الصبيان! ما خلينا شيء في البيت! من أجلك يا رسول الله؟!
أبداً، ولا حصل شيء من هذا الكلام مطلقاً! لكن المفاجأة كانت أنهم لما غدوا على رسول الله ﷺ في الصباح، على مجلس العلم المعتاد- الفقير، وصاحب البيت- .
ضحك الله -تعالى- من صنيع الرجل وزوجته
المفاجأة: أن النبي ﷺ الآن يقول ويبادر: لقد ضحك الله الليلة من فعالكما، أو عجب الله من فلان وفلانة.
والله إذا ضحك من عبد، فليبشر هذا العبد؛ لأن ضحكه سبحانه هو الصفة التي نثبتها له على ما يليق بجلاله وعظمته، ليس كضحك المخلوقين، ضحك حقيقي، يدل على رضاه بما حصل.
-الآن- الصحابي لما يقال له النبي ﷺ: ضحك الله، أو عجب ربك مما صنعت.
ربك! ليس النبي ﷺ يعجب! الرب بنفسه عجب، وضحك، من صنيعه وزوجته، كيف تكون فرحة الصحابي؟ وكيف يزداد إيمانه؟
مواقف نحن ما شهدناها، لكن ثق أنك الموجود في ذلك الموقف كم يزيد إيمانه؟!
بلغوا الرتبة العليا في الإيمان.
نحن نسمع القصة ولابد أن يزيد إيماننا، ونتأثر من القصة، ونقول: رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ [الحشر: 10].
ونترحم عليهم، ونترضى عنهم، وكيف حصلت هذه القصة العجيبة! ونتأثر منها!.
لكن هو نفسه الصحابي عندما يسمع: أن الله ضحك، وعجب من فعله، وتنزل آية، كم يزيد إيمانه؟
هذا الشيء الذي فاتنا نحن، لكن نحن لا نسخط على قضاء الله، ونقول: لماذا لم نكن في ذلك الزمان؟ ولماذا ما عشناه؟
الله يفعل ما يشاء.
وعلى أية حال: لنا عزاء في أشياء كثيرة، في تدبر سيرتهم، ومعرفة ما فعلوا، والاقتداء بهم.
وددت أنا قد رأينا إخواننا قالوا: ألسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: أنتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد [رواه مسلم: 607]. من أشد أمتي لي حبا ناس يكونون بعدي يود أحدهم لو رآنى بأهله وماله[رواه مسلم: 7323 ].
للعامل فيهم مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله قالوا: يا رسول الله أجر خمسين منهم؟ قال: أجر خمسين منكم[رواه أبو داود: 4343، والترمذي: 3058،وصححه الألباني لغيره، كما في صحيح الترغيب والترهيب: 3172].
-طبعاً- غير أجر الصحبة؛ لأن أجر الصحبة هذا شيء لوحده.
فلنا عزاء في أشياء كثيرة في الحقيقة، لكن ينبغي أن نقدر لماذا كان الصحابة بتلك المنزلة العالية؟
لأنهم كانوا في هذه المواقف، ابتلاهم الله، فظهر خيرهم، ظهر معدنهم الأصيل الجميل.
ضحك الله الليلة أو عجب من فعالكما، رضي الرب عن جود الرجل، وكرم زوجته وإيثارهما، وأنزل : وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ [الحشر: 9].
استمرار الخير في أمة محمد صلي الله عليه وسلم
وعملية الإيثار، والمواقف هذه، الخير في الأمة يتوالى، يعني الموقف هذا لما ينقل للجيل الذي بعده، يتأثر ويولد مواقف مشابهة.
نعم، فرق في الأجر، لكن يوجد أجر.
-الآن- هذه الاستفادة الحقيقية من السيرة؛ لأن السيرة -أيها الإخوة- ليست قصص نمتع بها أنفسنا، وأحداث جميلة، وتجلس تسمع وأنت مستأنس بما تسمع، ليست القضية أن نشنف أسماعنا فقط، القضية أن نتعامل مع الحدث تعاملاً يولد أشياء مشابهة.
قصص رائعة في الإيثار
ولذلك أهدي لرجل رأس شاة، فقال: "إن أخي وعياله أحوج منا" فبعث به إليه، فلم يزل كل واحد يبعثه إلى الآخر، حتى رجعت إلى الأول، بعد سبعة، بدون اتفاق، كل واحد يقول: جاءه رأس شاة، يعني يطبخه أكله نفيسة، عند بعض الناس على الأقل.
قال: أنا هذا جاءني! -طيب- جارنا هذا ما عنده شيء! أنا أؤثره! أرسل الشاة إلي! دقوا الباب وأعطوه! الجار الآخر مسلم ومؤمن وصاحب دين! هذا جاره الآخر ممكن أنه جائع ما عنده شيء! طاوٍ: مَا يُؤْمِنُ مَنْ بَاتَ شَبْعَانَ وَجَارُهُ طاوٍ إِلَى جَنْبِهِ[مصنف بن أبي شيبه: 11/24].
إذاً، الحديث يقتضي أن ندفعه: وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ [الحشر: 9].
الآية تقتضي أن ندفعه! دفعه إلى الثالث! والرابع! والخامس! الجار السادس فكر بمن؟!
بالشخص الأول!.
هكذا يعني بدون تخطيط، وبدون تنسيق فيما بينهم، وبدون دور معين اتفقوا عليه، رجعت إلى الأول، فإذا بالرأس الذي أهداه رجع إليه!.
وكذلك لما حصل في بعض المعارك: ثلاثة من الجرحى المسلمين، يقدم الماء إلى الواحد منهم، فيقول: أعط صاحبي. الثاني يقول: أعطه الآخر، وسقاية الجرحى صعبة، ويؤتى بالماء، وقد لا يوجد غيره الآن إلى أن يأتي ماء مدد آخر، وكل واحد يرفض أنه هو الذي يستأثر، وأنه يشرب قبل الآخرين، حتى لو كان الماء يكفي الثلاثة، لكن من الذي يبدأ؟ كيف أنا أبدأ قبله؟
هو يبدأ أيضاً، ويدفع للثاني، ويدفع للثالث، ويعيده للأول، فإذا الأول قد مات! ويذهب إلى الثاني فإذا الثاني قد مات! والثالث! فماتوا كلهم على عمل جهاد وإيثار!.
هذه الخاتمة التي يُفرح بها.
وهذا الحديث الذي نتعلم منه في هذا الموقف العظيم في الإيثار: أن نؤثر الآخرين، ونتفقد أحوال الناس.
وكيف أن الأب انطوى، وانطوت الأم، وقد طوت أولادها، وقد جبلت نفسها على الشفقة بالولد؟!
ولكن يقدم الإنسان ما فيه المصلحة الأكبر، ينظر إلى المسألة الأخروية، وليس فقط إلى المسألة الدنيوية.
نسأل الله أن يرفع منزلتهم عنده، وأن يرضى عن صحابة نبيه، وأن يجزل لهم الأجر، ويجزيهم خير الجزاء عن الإسلام والمسلمين.
ونسأله أن يجعلنا ممن يقتدي بهم، ويسير على طريقهم، إنه سميع مجيب.