الثلاثاء 10 رمضان 1445 هـ :: 19 مارس 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

الأسرة الفائزة


عناصر المادة
الخطبة الأولى
نعمة الأسرة
أسباب التفكك الأسري
واجبنا نحو الأسرة
الخطبة الثانية
أخبار الأسر الإسلامية في القرآن

الخطبة الأولى

00:00:07
 
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

نعمة الأسرة

00:00:50

عباد الله: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ [سورة الروم:20]، وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [سورة الروم:21] هذا خلق الله الذي خلق الزوجين الذكر والأنثى، وخلق من النفس الأولى زوجها وهي حواء، فكان في ذلك تكوين الأسرة، هذه النعمة العظيمة، وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً [سورة النحل:72].

فهكذا إذن الأسرة في البشر، الزوجان ومنهما الأبناء، والبنات، والأحفاد، والحفيدات، كانت الأسرة منذ نشأتها من آدم وحواء على الدين، على الفطرة، على التوحيد، على الإسلام العام، وعلى شرع الله ، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء [سورة النساء:1] هكذا قاعدة الحياة، هكذا هذا الرباط الوثيق، وهذا المجتمع المصغر الذي تتكون منه المجتمعات الكبيرة جعله الله قائماً على المحبة، والرحمة، والألفة، يسكن كل زوج إلى زوجه، وجعل الرحمة بالصغار، والبر من الصغار والأولاد بالأبوين هو عماده العلاقة بين أفرادها، الأبوان يربيان، الأب ينفق والأم تتابع، وهكذا ليكون مجتمعاً صالحاً يعبد الله، ينمو فتنمو البشرية، وعندما علم إبليس بأن هذه الأسرة المكونة من الزوجين والأولاد وكان قد اتخذ البشر عدواً، وآلى على نفسه أن يخرجهم عن طاعة الله إلى معصيته قام بالمؤامرات، فلا يزال يسعى في إفقاد الألفة والمودة بين أفراد الأسرة، لا يزال يوقع الأبوين في التغافل، ولا يزال يوقع الأبوين في الانشغال والالتهاء عن القيام بالمهمة، والشعور بالمسئولية، لا يزال يسعى في إضعاف العلاقات، وقطع الأرحام، وعدم التواصل، لا يزال يسعى في القسوة من الكبار على الصغار، وفي إفقاد الأدنى بر الأعلى، حتى صار وباء الطلاق منتشراً في كل نصف ساعة حالة طلاق، في مجتمع واحد في بلد واحد، ويرسل إبليس سراياه ثم يسأل كل واحد عما فعل، فيجيب كل واحد: لم تصنع شيئاً، حتى إذا جاءه جندي من جنوده يقول له: لم أتركه حتى فرقت بينه وبين زوجه، فيقول: أنت أنت، إذن هذا هو الإنجاز العظيم عند إبليس أن تقع الفرقة.

أسباب التفكك الأسري

00:04:57

والآن تفكك أسري، طلاق بأعداد كبيرة وتفرق، وهروب فتيات، وعقوق وقطيعة، لماذا؟ بعد عن الالتزام بأوامر الله: وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا [سورة طه:124] عدم التنشئة الصالحة منذ البداية، والإهمال، وعدم قيام الراعي بنصيحة رعيته في الأسر، إقرار المنكرات في البيوت، الله يغار، وهذه منكرات تنتشر مرئية مسموعة بالأجهزة المتنوعة، وأيضاً قسوة وغلظة وتنفير وفي المقابل دلال زائد وتمييع وشكوك وشبهات، وإذا ابتغى الراعي الريبة في الناس أفسدهم، ولذلك نهينا عن التخون وتلمس العثرات، فإذا ظهر المنكر وجب القيام لله.

واجبنا نحو الأسرة

00:06:12

أيها المسلمون: لا بد أن نقاوم هذا، وأن نسعى لإعادة الأسرة إلى منهاج النبوة والطريق الإلهي الذي يريده ربنا ، بتقوية علاقتها بالله : مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً [سورة النحل:97] بأمر الأسرة بطاعة الله، ما هي أوامر ربنا وما هي النواهي؟ ما هو الفقه؟ ما هو العلم؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا [سورة التحريم:6] إلزامهم بالطاعة: وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا [سورة مريم:55]، المتابعة والصبر على هذا: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا [سورة طـه:132]، التعب من أجل إحياء الأسرة على الدين والعبادة: من يوقظ صواحب الحجرات[1]، وهكذا: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع[2].

لا بد من إحياء الاعتزاز بالإسلام في نفوس أفراد الأسرة، وأما التبعية للغرب والشرق، والتقليد الأعمى، أو الذوبان، وفقدان معالم الهوية الإسلامية في نفوس أفراد الأسرة فإنه شر عظيم، لا بد من التعليم المستمر

أيها المسلمون: لا بد من إحياء الاعتزاز بالإسلام في نفوس أفراد الأسرة، وأما التبعية للغرب والشرق، والتقليد الأعمى، أو الذوبان، وفقدان معالم الهوية الإسلامية في نفوس أفراد الأسرة فإنه شر عظيم، لا بد من التعليم المستمر: يا عائشة استعيذي بالله من شر هذا، فإن هذا هو الغاسق إذا وقب[3]، لما نظر النبي ﷺ إلى القمر وعائشة معه.

تحفيظ القرآن للأولاد منذ الصغر وتعليمهم الأحاديث، معاني الآيات وشروح الأحاديث بما يتناسب مع سنهم ومستواهم.

وأيضاً: إعطاء وقت كافٍ للأهل، وعدم الاشتغال بمجالس ليلية وأشغال نهارية؛ لأن الخسارة الحقيقية: إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [سورة الزمر:15] فإذا خسر أهله في الجنة من الحور العين، وأيضاً: يخسر أهله الذين كانوا معه في الدنيا، فإن كانوا في الجنة فارقهم إلى النار وإن كانوا في النار فلا يستفيد منهم شيئاً وهو معهم: فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ [سورة الصافات:33].

عباد الله: نار جهنم أشد حراً: كَلَّا إِنَّهَا لَظَى ۝ نَزَّاعَةً لِّلشَّوَى [سورة المعارج:15، 16]، ولذلك قال: قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [سورة التحريم:6].

لا بد من لقاءات بأهل البيت، لا بد من مصارحات مفاتحات مناقشات، لا بد من زرع الخير، لا بد من زرع العقيدة والإيمان، أي إيمان؟ إيماناً بالله بأسمائه وصفاته وأفعاله وقضائه وقدره، بغرس تعظيم الله في نفوس هؤلاء الأولاد، خوف الله، رقابة الله علينا، اليوم الآخر وما فيه، ماذا بعد الموت؟ ماذا في الآخرة من الجزاء، والحساب، والحوض، والميزان، والصراط، والجنة والنار؟

عباد الله: لا بد من تفهم وتقبل حتى لا ينفر أولادنا عنا لا ذكوراً ولا إناثاً، وهذا لا يكون إلا بخلق حسن، ومعاشرة جميلة، لا بد من مراعاة الآداب والأخلاق مع تعليم العقيدة والإيمان والحلال والحرام: يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك[4]، إنعاش نفوسهم بمشاورتهم وإعطائهم القدر والاعتبار: وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ [سورة آل عمران:159]،  فهم الطباع وإتاحة المجال للهو المباح: يا عائشة تشتهين تنظرين؟ قالت: نعم، فأقامني وراءه خدي على خده، حتى إذا مللت قال:  حسبك؟  قلت: نعم[5]. فنظرت إلى مباح.

عندما تقوم الأسرة أساساً على الدين، كما قال شريح القاضي عندما استنطقته امرأته في يوم عرسه ماذا تريد مني؟ فقال: الحمد لله أحمده وأستعينه وأصلي على النبي وآله وسلم، وبعد: فإنك قلت كلاماً إن ثبتِ عليه يكون ذلك حظك، وإن تدعيه يكن حجة عليكِ، أحب كذا وكذا وأكره كذا وكذا، وما رأيتِ من حسنة فانشريها، وما رأيتِ من سيئة فاستريها، فقالت: كيف محبتك لزيارة أهلي؟ فقلت: ما أحب أن يملني أصهاري، كل يوم كل يوم، وإنما أتعاهدهم شيئاً فشيئاً، فقالت: من تحب من جيرانك أن يدخل دارك فآذن له ومن تكره فأكره؟ قلت: بنو فلان قوم صالحون وبنو فلان قوم سوء، قال شريح: فبت معها بأنعم ليلة، فمكثت معي عشرين عاماً لم أعقب عليها في شيء إلا مرة وكنت لها ظالماً.

أيها المسلمون: عندما نؤاخي أولادنا ونرفع لواء الحب بيننا وبينهم وتكون هنالك العاطفة فيكون هنالك الشم، والتقبيل، والضم، والملاعبة، والمسابقة، والاهتمام بالمشاعر، واحتواء المشاكل، والاحترام المتبادل، فليس الأب بشرطي في البيت، وإنما هو معلم، وقدوة رحيم مثال، يحل المشكلات، ينفق ليس بخيلاً، وهكذا حتى يلقى الله ويكون له من بعده ولد صالح يدعو له، فيأتيه أثر دعائه في قبره: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ [سورة الطور:21]، وهكذا: وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا [سورة الكهف:82] فاستفادا من صلاح أبيهما في الحياة وبعد الممات، وكما تزرع ستحصد يا عبد الله رحم الله والداً أعان ولده على بره، أما ذاك الذي جاء يشكو ابنه إلى أمير المؤمنين أنه لا يبره، فقال الولد: يا أمير المؤمنين إن أبي لم يفعل شيئاً من ذلك معي، أما أمي فكانت زنجية لمجوسي، وسماني جعلاً، ولم يعلمني من القرآن حرفاً، إذن هنا يكون الخلل.

عباد الله، شعورنا بالمسئولية الإيمانية نحو الأسرة، الزوجة تجاه الزوج والزوج تجاه الزوجة، الأبوان تجاه الأولاد والأولاد تجاه الأبوين، أين بر الوالدين؟ أين القيام بحقوق الوالدين؟ أين طاعة الوالدين؟ أين السهر على الوالدين؟ أين تمريض الوالدين؟ أين إجابة دعوة الوالدين؟ أين إيصال الخير للوالدين؟ أين كف الأذى عن الوالدين؟ أين الدعاء لهما: وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [سورة الإسراء:24] .

اللهم إنا نسألك أن تجعلنا في أمن وإيمان وخير وعافية وصلاح واستقامة، أصلح نياتنا وذرياتنا وبيوتنا، يا رب العالمين اجعلنا مقيمي الصلاة ومن ذرياتنا ربنا وتقبل دعاء، ربنا اغفر لنا ولوالدينا وللمؤمنين يوم يقوم الحساب.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

00:14:54

الحمد لله أشهد أن لا إله إلا الله، وسبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله البشير والنذير والسراج المنير، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وذريته الطيبين وخلفائه الميامين وأزواجه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أخبار الأسر الإسلامية في القرآن

00:15:20

عباد الله، لقد حفل القرآن الكريم بأخبار الأسر الإسلامية العظيمة، بأخبار الأسر الإسلامية المشرفة، بأخبار الأسر الإسلامية النبوية، بتلك الأخبار من الأسر من القدوات، بالنماذج المختلفة:

وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ [سورة القصص:23] فهذا موسى عندما يقابل تلك الأسرة العظيمة التي أنشأها ذلك الرجل الصالح، والتي بقي منها هاتان البنتان، ما خرجتا للعمل إلا للضرورة: وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ، وبدون اختلاط، قَالَ مَا خَطْبُكُمَا بعيدتان عن الرجال قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء ويبتعدوا وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ لا يستطيع العمل، غاية الحياء، هذه نتيجة التربية، سقى لهما ثم تولى إلى الظل ودعا الله فجاء بالفرج، الأب كبير لا يستطيع الإتيان أرسل بنته تقول على استحياء: إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ [سورة القصص:25] ولست أنا الذي أدعوك، ظرف الدعوة واضح ما في لبس ولا غموض ولا شبهة ولا ريبة، لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا [سورة القصص:25] ويلتقي موسى بهذه الأسرة العظيمة المؤمنة لكي يكون نتاج نتيجة هذا اللقاء الزواج بتلك البنت التي تريد الخلاص من العمل خارج البيت وما فيه من إيذاء: يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ [سورة القصص:26] ويتزوجها موسى ويظهر من شهامته ومروءته ما يظهر ليقوم بالعمل في مقابل المهر عند هذا الرجل فيكفي المرأتين الخروج والمنفعة مشتركة والحمد لله، وعشر سنين مع أن الشرط ثمانية لكن رسول الله إذا قال فعل، ويظهر رفق موسى بأهله في تكوين الأسرة الجديدة المنبثقة عن أسرة السابقة: وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ [سورة النور:26]،  فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا لا يريد بهم خطراً، لا يدري من عند النار، إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ آتيكم منها فتطمئنون، أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ فتستدفئون لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ [سورة القصص:29] هذه الرحمة.

أخبار أسرة لقمان العظيمة الذي قال لولده يبني قواعد الإيمان في نفسه: يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ [سورة لقمان:13] بدأ بالتحذير من الشرك بعد تقرير قواعد التوحيد بعبادة الله، وبعدها بر الوالدين، وبعدها أن طاعة الله مقدمة على طاعة الوالدين، وبعدها تعظيم الله في قلب الولد: يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ [سورة لقمان:16]، وبعدها الأمر بالشريعة والأحكام: يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ، وبعدها الأمر بالأخلاق الإيمانية: وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ [سورة لقمان:17]، والتعامل مع الناس والأخلاق الحسنة: وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ۝ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ [سورة لقمان:18، 19] وهكذا.

في القرآن أخبار الأسر الإيمانية أسرة آل عمران الذي مات وزوجته حامل فنذرت ما في بطنها لبيت المقدس أن يكون خادماً في ذلك المسجد، وكان هذا من عبادات بني إسرائيل، لكن وضعتها أنثى، الدعاء المسبق ينفع في صلاح الولد، وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ [سورة آل عمران:36] ماذا كانت النتيجة؟ فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا، ولو رحل الوالدان لا يضيع الله الأولاد، الصلاح ينفع: وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا [سورة آل عمران:37] وصارت عند نبي يربيها ويعلمها، ماذا كانت هذه نتيجة التربية؟ تصلي في المحراب قائمة، اقنتي واركعي مع الراكعين، عبادة مستمرة، اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ [سورة آل عمران:42]، وهكذا كانت النتيجة أيضاً رزق لمريم في الدنيا قبل الآخرة.

حتى جانب المشكلات لمسته أخبار الأسر في القرآن كما حصل ليعقوب ربى أولاده، يوسف استفاد من التربية جداً هو وأخوه الأصغر، الأولاد الآخرين حصل منهم ما حصل من التقصير نحو أبيهم والعقوق

حتى جانب المشكلات لمسته أخبار الأسر في القرآن كما حصل ليعقوب ربى أولاده، يوسف استفاد من التربية جداً هو وأخوه الأصغر، الأولاد الآخرين حصل منهم ما حصل من التقصير نحو أبيهم والعقوق، فكيف تعامل الأب مع المشكلة؟ وماذا حصل في هذه الأحداث العظيمة؟

ونجد أن هناك أسراً فيها أب كافر وابن مؤمن إبراهيم وأبوه آزر، وأسر فيها أب مؤمن وابن كافر نوح وولده، لكن بقية الأولاد كانوا صالحين.

عباد الله: أسر فيها أب مؤمن وابن مؤمن إبراهيم وإسماعيل، يتعاونان على طاعة الله: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ [سورة البقرة:127] وأدعية أدعية: رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا [سورة إبراهيم:35]، رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ [سورة إبراهيم:37]،  وهكذا يهتم بالذرية وصلاح الذرية: رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي [سورة إبراهيم:40] وزكريا ويحيى وداود وسليمان إنها أسر إيمانية عظيمة قامت على توحيد الله .

اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، اللهم إنا نسألك في مقامنا هذا أن تفتح علينا برحمة من عندك تغفر بها ذنوبنا، وترفع بها شاهدنا، وتحيي بها قلوبنا، وتستر بها عيوبنا، وترحم بها موتانا، وتشفي بها مرضانا، وتهدي بها ضالنا، وتستر بها عيوبنا، وتقضي بها ديوننا، وتجمع بها شملنا، يا أرحم الراحمين أخرجنا من الظلمات إلى النور، وأعمر قلوبنا بالإيمان واليقين، اللهم آمنا في الأوطان والدور وأصلح الأئمة وولاة الأمور واغفر لنا يا عزيز يا غفور.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ۝ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ۝ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

  1. ^  رواه البخاري (1126).
  2. ^  رواه أبو داود (495).
  3. ^  رواه الترمذي (3366).
  4. ^  رواه البخاري (5376).
  5. ^ .رواه البخاري (950).