الخطبة الأولى
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
منزلة الدعاء ومكانته
عباد الله: إن العبادة العظيمة، العبادة الشريفة، العبادة التي يحبها الله، العبادة التي لو تركت يغضب الله، العبادة التي هي عند الله بمكان، العبادة التي هي من أصل التوحيد، والدالة على التوحيد: الدعاء، دعاء الله تعالى، هذا الدعاء شأنه عظيم، يقرب من المولى، ويبرهن على التوحيد، وفيه صدق المناجاة، تفرج به الكربات، وتحقق به الحاجات، وتدفع به السيئات، وتستجلب به البركات، تفتح به الجنات، وينجي من النار والعذاب الأليم.
حال الافتقار في الدعاء
عباد الله: لو سألنا ما هي صفات الدعاء المستجاب؟
فيقول كثيرون: رفع اليدين، والتوجه إلى القبلة، وأكل الحلال، والصلاة على النبي ﷺ.
وهذا كله عظيم ومهم، ولكن هناك في الدعاء أسرار وخفايا ربما تغيب عن كثير من المسلمين؛ ومن ذلك: الافتقار، والاضطرار، والإسرار.
ومن ذلك: أن تدعو ربك شاكيا إليه، مظهرا حاجتك، الله يستجيب الذي يدعوه مفتقرا إليه.
تأمل في دعاء موسى ماذا فيه؟ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ [سورة القصص:24].
وصل موسى إلى مدين حافيا جائعا، طريدا خائفا، منهكا، متعبا، وبشهامته وحبه للخير، سقى للمرأتين قطيع الغنم كاملاً، وسط أولئك الرجال والرعاة، آوى إِلَى الظِّلِّ، في هذه الحالة من البؤس والافتقار والشدة، وهو يقول: رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ محتاج إلى خيرك يا رب سرعان ما جاء الفرج، فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء [سورة القصص:25] وجاء معها المأمن والمأوى والمأكل والعمل والزواج والطمأنينة والبيئة الطيبة، والصهر الصالح.
تأمل في دعوة أيوب: رب إني مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [سورة الأنبياء:83] لماذا لم يقل: اكشف ما بي، كان شكاية الحال كفاية عن السؤال، شكاية الحال هذه من أسباب الاستجابة العظيمة.
ويعقوب يقول: إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ [سورة يوسف:86]، إِنَّمَا أَشْكُو لاحظ -يا عبد الله- إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ الكربات كثيرة، نوائب الدنيا متعددة، ضغوط الحياة شديدة، وفي النهاية الإنسان لا بدّ أن يشكو، لا بدّ أن يخرج ما في نفسه، وإلا ينفجر، وإذا كان إخراج الحاجة للمخلوق فيه نوع ذل، والشكاية للمخاليق ليست حميدة، فإلى من تكون الشكاية إذًا؟ ومن الذي يستفرغ عنده الشدة والكربة، ويشكى إليه الحال؟ إنه الله ، وتكون الشكاية في هذه الحالة سؤال ودعاء بحد ذاته، ولذلك لما تقول: أنت القوي ونحن الضعفاء، أنت الغني ونحن الفقراء، أنت الحي الذي لا يموت ونحن نفنى ونموت، هذه من أسرار الدعاء العظيمة، عندما يخاطب الله بقوته وضعفنا، وعزه وذلنا .
في آية الدعاء في سورة البقرة يقول الله: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي [سورة البقرة:186]، ولذلك لا يحتاج الداعي إلى رفع الصوت، ومن فقه الأئمة في القنوت في الأدعية: عدم رفع الأصوات، وعدم الصياح فَإِنِّي قَرِيبٌ [سورة البقرة:186] أسمع "سبحان الذي وسع سمعه الأصوات" تقول عائشة: إني في ناحية البيت ما أسمع ما تقول المجادلة والله سيسمع وأنزل: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ [سورة المجادلة:1]، وقد فرج الله شكواها، وأجاب سؤالها، وكشف ما بها.
السر في إجابة الله لدعاء الأنبياء الأربعة كما في سورة الأنبياء؟
يقول الله في الآية: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي [سورة البقرة:186] عجبا هو يستجيب للدعاء، لكن قال: فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي لي في آية الدعاء ما معنى ذلك؟
معنى ذلك: أننا لا بد أن نستجيب له حتى يستجيب لنا، فكيف نستجيب له؟
أولهم: نوح نادى ربه في الكربة العظيمة، وقد هم قومه بقتله، ومن معه، بعد الاستهزاء والسخرية والحرب الشديدة الطويلة، والحصار، وأنواع الاضطهاد، ولما عم الطوفان الأرض ركبوا في السفينة تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ [سورة هود:42] هذه كربة أيضا، نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ [سورة الصافات:75] ماذا قال الله؟
في سورة الأنبياء فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ [سورة الأنبياء:76].
أيوب إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ [سورة الأنبياء:83] لبث في البلاء ثمانية عشرة سنة، حتى تركه القريب والبعيد، ولم يبق معه إلا زوجته الوفية، وواحد من إخوانه في الله: أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [سورة الأنبياء:83] شكى الحال فقط: فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا [سورة الأنبياء:84].
الثالث: ذا النون إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا [سورة الأنبياء:87] يعني لقومه الذين تمردوا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ يعني أن لن نضيق، وليس نقدر هنا بمعنى نستطيع، لكن معناها نضيق كما أن الله ذكر في الرزق فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ [سورة الفجر:16] ضيقه، فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ لن نضيق عليه ونبقيه في بطن الحوت، كان حسن ظنه بالله قائما أنه سينجيه، وحسن الظن أنا عند ظن عبدي بي وهذه مهمة جدا في الدعاء فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت: أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [سورة الأنبياء:87] هذه دعوته لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ [سورة الأنبياء:87، 88].
الرابع: زكريا كان قد تقدم به العمر، واشتعل رأسه شيبًا، وصارت امرأته عاقرًا، وبلغ من الكبر عتيا، يفتقد ولدا يكون معه نبيا ووليا، ويحمل هم الدعوة، ويكون في قومه مصلحا بعده، يقودهم بكتاب الله، ما يئس رغم أن المؤشرات كلها تدل على أنه لا أمل في الإنجاب: رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ [سورة الأنبياء:89، 90].
هذه هي الاستجابة منهم التي أدت إلى الاستجابة منه فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي [سورة البقرة:186] هذا تفسيرها.
حال الانكسار في الدعاء
لماذا كان دعاء الاستغفار سيد الأدعية؟ سيد الاستغفار هذا الدعاء لماذا؟ اللهم أنت ربي الإقرار بالربوبية هذه تنفعنا عندما نصيغ أدعيتنا لا إله إلا أنت الاعتراف بالألوهية، الرب السيد المالك المدبر الخالق الرازق، المحيي المميت، أفعال الله لا إله إلا أنت أنت المألوه المعبود المحبوب، لا نعبد غيرك، العبادة منا أفعال العباد لله وحده خلقتني الاعتراف بخلقه وأنا عبدك الاعتراف بالعبودية لله وأنا على عهدك ووعدك ماض على طريقك، سائر على هذا الصراط المستقيم، العهد الذي بيننا وبينك نحن قائمون به على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت الذنوب لها شؤم، المعاصي هذه تترتب عليها مصائب عظيمة في الدنيا والآخرة أبوء لك بذنبي وأعترف، وهذا مهم جدا في الأدعية، الله يحب الاعتراف، أن يعترف العبد بذنبه، وتقصيره في حق الله، الله يحب المعترفين بالذنب أبوء لك بنعمتك عليّ، وأبوء بذنبي الاعتراف بالنعمة له، والاعتراف بالذنب في حقه.
فاغفر لي جاء الطلب بعد كل هذه التوسلات بهذه الأشياء العظيمة فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت[1].
فكر معي -يا عبد الله- ما الذي يجمع بين الصائم والمظلوم والمسافر؟
هؤلاء الثلاثة ورد في النصوص الشرعية: أنهم من مجابي الدعوة: الصائم والمظلوم والمسافر، ستجد أن نفوسهم منكسرة لله، الصائم كسره الجوع والعطش، ما في أشر وبطر واستغناء، ودعاء من قلب غافل لاه، في انكسار، الحال حالته حالة الصائم جائع عطشان.
المظلوم كسره الظلم الذي وقع عليه، فهو ضعيف، مستضعف، حقه ذاهب، قد وطئ.
المسافر كسرته الغربة والبعد عن الأهل والوطن.
إذًا الله يستجيب في أحوال الانكسار، وفي أحوال الضعف، وفي أحوال إظهار الافتقار، وفي أحوال الشدة.
حال الاضطرار في الدعاء
ويستجيب في حال الاضطرار، انكسار، افتقار، اضطرار، وإسرار.
اضطرار: أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ [سورة النمل:62]، فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [سورة العنكبوت:65] لماذا؟ مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ [سورة لقمان:32] جاءتهم رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [سورة يونس:22] الله يقبل دعوة المضطر ولو كان كافرا في هذه الحال؛ لأن ما في أحد الآن إلا الله ينادي من؟ ينادي من؟ لما قال العلماء: إن الإنسان في الرخاء في بيته في مأمنه لا يقل حاجة إلى ربه عن الغريق المتعلق بلوح في البحر تلعب به الأمواج، انكسرت سفينة، يوشك على الغرق والموت، كلهم محتاجون إلى الله.
إذًا هذه قضية إظهار الاحتياج والشعور بالاحتياج إذا استطعت -يا عبد الله- في حال الرخاء أن تكون مضطرا، وتعيش نفسية المضطر، وحالة المضطر قد وصلت، أبشر.
حال الإسرار في الدعاء
الله يحب الإسرار في الدعاء: ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً [سورة الأعراف:55] تضرعا سؤال على خوف، خفية إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا [سورة مريم:3].
الله يحب الإلحاح في الدعاء، وأن تكثر من الطلب، وتواصل بلا ملل ولا كلل، ولا يئس.
هذه أمور -يا إخواني- إذا استجمعناها سيتغير حال دعائنا تماما، وتشهد عند ذلك من منح الكريم ما تندهش له.
اللهم آتنا سؤلنا، وقنا شر أنفسنا، وأقبل بنا عليك، واجعل قلوبنا معلقة بك، ارزقنا الجنة، وأعذنا من النار.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله، أشهد أن لا إله إلا هو وحده لا شريك له مجيب دعوة المضطرين، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله وإمام المتقين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وذريته وأزواجه وخلفائه الميامين وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد، اللهم أوردنا حوضه، واجعلنا في أهل شفاعته، وأدخلنا الجنة معه يا رب العالمين.
بعض صور إجابة الله للدعاء
عباد الله: بما أن الله كريم فلا بدّ أن يعطي، وبما أنه وعد بالاستجابة: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [سورة غافر:60] فلا بدّ أن يستجيب، هنا كيف نفسر قول بعض الناس: دعونا ودعونا ولم نر شيئًا؟
أولاً: الدعاء -كما قلنا- له شروط، وهناك أحوال تقوم بقلب السائل تجعل دعاءه عند الله بمكان، هؤلاء الثلاثة أصحاب الغار لما سألوا الله بأعمال الصالحة، وكانوا مضطرين، انطبقت الصخرة، يوشكون على الهلاك، هذه النفسية التي ينبغي أن يسأل الله بها، لا نفسية المستغني ولا الغافل اللاهي، والذي يدعو بطرف لسانه، والمعتدون في الدعاء.
عباد الله: الله لا بدّ أن يستجيب فأين الاستجابة؟ إذا صح الدعاء لا تحمل هم الإجابة احمل هم الدعاء، إذا صح الدعاء جاءت الاستجابة، لكن الاستجابة هذه لها صور، بمعنى الاستجابة تتنوع، أول استجابة في الدعاء، وهي الاستجابة التي لا نراها: كتابة أجر الدعاء، أليس الدعاء عبادة؟ أليس هو العبادة كما قال عليه الصلاة والسلام الدعاء هو العبادة[2] أليس هو التوحيد؛ لأنك تعترف به، تقول: رب، أكثر أدعية الأنبياء في القرآن: "رب" و "ربنا"؛ لأن الرب القادر المالك المتصرف، فعندما يقول: رب وربنا، فهو يعتقد أن بقدرته أن يجيبه، يستطيع على كل شيء قدير؛ لأنه الرب، فيكتب لك أجر الدعاء، وربما تتمنى يوم القيامة أنك واصلت في الدعاء وواصلت، وربما أنه لم يستجب لك شيء حتى تواصل من عظم ما ترى من أجر الدعاء، هذه أول استجابة.
وإذا زدت على ذلك تسكين النفس، وإذا زدت على ذلك التلذذ بمناجاته؛ لأن الدعاء هذا فيه لذة، فيه سرور، إذا صفت النية والقلب، إذا صارت النفس متوجهة إلى الله، إذا استجمعت هذه الأشياء المذكورة في أحوال الدعاء وأحوال الداعي، وشروط وواجبات، وسنن الدعاء، فإن هناك ولا شك لذة عظيمة تحصل به، ثم قد يؤجل وقد يعجل، والتعجيل واضح ما في إنسان ربما إلا يقول على الأقل هناك مرة دعوته فرأيت الاستجابة فورًا، أو أعرف شخصا دعاه واستجيب له في الحال، وقد يؤجل لحكمة منه سبحانه، ربما لا يكون في مصلحتك أن تعطى هذا الشيء، ربما يكون من مصلحتك أن تعطاه بعد مدة، ربما يعطيك خيرا مما سألت، وربما يصرف عنك أسوأ مما استعذت منه، وسألت صرفه، وهكذا..
فإذًا لا بدّ أن يستجيب ثق تماما أنه يستجيب، إذا توافرت الشروط لا بدّ أن يستجيب.
أمهر رجل في الدعاء عبر التاريخ
عباد الله: جرت العادة أن الناس إذا أرادوا فعل شيء نظروا في المهرة به فقلدوهم، وأصحاب الخبرة بالشيء فتبعوهم، من أمهر الناس في الأدعية في التاريخ على الإطلاق بعد نبينا ﷺ مباشرة: إبراهيم ، إبراهيم اشتهر بأدعيته، والله حكاها في القرآن العظيم، حكى كثيرًا منها، أدعية إبراهيم شاملة، أدعية إبراهيم متنوعة، أدعية إبراهيم للدنيا والآخرة، أدعية إبراهيم له ولذريته ولأهل بلده وللمسلمين كافة، أدعية إبراهيم للقريب والبعيد.
رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا [سورة البقرة:128] حتى نعرف كيف نعبدك وتب علينا.
رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي [سورة إبراهيم:40] مهتم بأولاده: وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ [سورة إبراهيم:35].
وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ [سورة الشعراء:84، 85].
ثم قال: وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ [سورة الشعراء:87، 88].
رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ [سورة إبراهيم:41] ليس فقط هو والأولاد والذرية، بل يدعو لهم بأنواع الخيرات فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ يريد لهم الأنس وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ [سورة إبراهيم:37]، قال: وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ [سورة البقرة:124] يريد أن يكون في ذريته أيضاً النبوة والكتاب.
ودعا للبلد: رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا [سورة البقرة:126] قبل أن يصبح بلدا، فلما جاءت جُرهم وقبائل العرب بعدما نبعت زمزم، وجاء إبراهيم ورأى البلد قد قام بالفعل، قال: رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا [سورة إبراهيم:35] مرة بالألف واللام، ومرة بدون الألف واللام، كان هنا بلد، كانت بدون، وصارت بلدا، هنا دعوة وهناك دعوة.
ويريد الخير لهم: وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ ماذا يفعل هذا الرسول؟ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ [سورة البقرة: 129].
اللهم إنا نسألك حبك، وحب من يحبك، وحب كل عمل يقربنا إليك.
ربنا اجعلنا مقيمي الصلاة ومن ذرياتنا، ربنا وتقبل دعاءنا، ربنا اغفر لنا ولوالدينا وللمؤمنين يوم يقوم الحساب.
اللهم أدخلنا الجنة بغير حساب ولا عذاب، واصرف عنا عذاب النار يا غفار اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما.
اللهم إنا نسألك الأمن يوم الوعيد.
اللهم اجعلنا في ظل عرشك يا كريم.
اللهم آمنا على الصراط.
اللهم اسقنا من حوض نبيك ﷺ يا كريم، نجنا في الدنيا وفي الآخرة.
اللهم إنا نعوذ بك من غلبة الدين، وقهر الرجال، اشف مرضانا، وارحم موتانا، واهد ضالنا، واجمع على الحق كلمتنا، آمنا في أوطاننا يا رب العالمين، اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين، من أراد ببلدنا هذا سوءا فامكر به وابطش به، واقطع دابره، واجعل كيده في نحره.
اللهم آمنا في الأوطان والدور وأصلح الأئمة وولاة الأمور، واغفر لنا يا عزيز يا غفور.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا كما ربونا صغارنا.
اللهم إنا نسألك أن تفرج عن إخواننا المستضعفين يا رب العالمين، وسع لنا في أرزاقنا، وبارك لنا فيما آتيتنا، واجعل ما آتيتنا عونا لنا على طاعتك.
اللهم إنا نعوذ بك من الذلة والقلة، والغفلة والعيلة، والقسوة والمسكنة، والشقاق والنفاق، وسوء الأخلاق، نعوذ بك من علم لا ينفع، وقلب لا يخشع، ونفس لا تشبع ودعاء لا يرفع، نعوذ بك من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء، أعطنا ولا تحرمنا، ولا تزدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا وآثرنا ولا تؤثر علينا، نعوذ بك من الضيق في الدنيا ومن ضيق المقام يوم القيامة.
اللهم إنا نعوذ بك من الجنون والجذام والبرص والبكم والصمم، وسيئ الأسقام يا رحيم يا رحمن.
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [سورة الصافات:180، 182].