الخطبة الأولى
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله.
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
بعض أهوال يوم القيامة
عباد الله: كانت آخر وصية من الله إلى البشرية قوله تعالى في سورة البقرة: وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ [سورة البقرة:281]. فذكرهم ذلك اليوم العظيم، يوم عبوس قمطرير، يوم عقيم، سمي باليوم الآخر؛ لأنه لا يوم بعده، يوم طويل، طوله خمسين ألف سنة.
الناس واقفين تحت الشمس، تدنو الشمس حتى تكون على قدر ميل من رؤوس العباد [1]، لا يحترقون، لكن كما جاء في الحديث تصهرهم صهرًا، فيغوص العرق في الأرض سبعين ذراعًا، لكن في ناس في الظل، ظل العرش.
هذا اليوم الطويل الذي طوله خمسين ألف سنة، أضعاف أضعاف حياتنا التي نحيياها، كم نعيش؟ سبعين؟ ثمانين؟ ذاك خمسين ألف، وبعده الجنة والنار، ولا يوجد فيها أيام، الوقت مفتوح.
هذا اليوم -يا عباد الله- فيه أحداث عظام، وخطوب جسام، فيه حشر العباد، وخروج العباد من قبورهم عراة غرلًا، غير مختونين، وحفاة غير منتعلين: كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ [سورة المعارج:43]، هناك علم، كأن هناك شيئًا يجتمعون إليه، يخرجون سراعًا: كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ[سورة القمر:7] إلى ذلك المكان حيث تحيط بهم الملائكة أطواقًا.
في ذلك اليوم، و يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ [سورة إبراهيم:48]، هناك في الزحام الشديد، وليس للإنسان إلا موضع قدميه: يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ [سورة المطففين:6]، مع دنو الشمس، وتقريب جهنم: وجيء يومئذ بجهنهم لها سبعون ألف زمام، على كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها[2]، أربعة آلاف وتسعمائة مليون ملك، خمسة مليار، يجرون جهنم، وكل نفس تأتي يوم القيامة: مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ [سورة ق:21] سائق يسوقها، وشهيد يشهد عليها.
يسجد السجدة الطويلة تحت العرش، يأتي الله في ظلل من الغمام والملائكة، في مشهد رهيب تنخلع له القلوب، مجيء الله، تَشَقَّقُ السَّمَاء بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنزِيلًا [سورة الفرقان:25]، وجنود الملك يأتون أفواجًا: وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا [سورة الفجر:22]، لبدء الحساب، وتتطاير الصحف، وآخذ صحيفته بيمينه، وآخذ صحيفته بشماله، وتنصب الموازين، والميزان له كفتان، وله لسان، والحوض، حوض محمد ﷺ، أكبر أحواض الأنبياء، مربع، عظيم يصب فيه من ميزاب من نهر الكوثر، في الحوض ذلك الماء أبيض من اللبن، وأحلى من العسل، والماء البارد العذب الزلال، وكيزان فيه كعدد نجوم السماء[3]. طوبى لمن شرب -اللهم اجعلنا ممن يرد حوضه- ويضرب الصِّراط على متن جهنم، ولا بدّ من العبور للجميع، كل واحد حتى أهل الجنة سيعبرون، أما أهل النار سيسقطون فيها، وكذلك المنافقون، والسرعة في العبور على حسب الأعمال الصالحة.
حال أهل المتصدقين والبخلاء يوم القيامة
عباد الله: في ذلك اليوم قبل دخول الجنة والنار، قبل نعيم الجنة وعذاب النار، في أحوال للناس؛ فشتان شتان بين من يكون في ظل صدقته يوم القيامة، وقد أخبر النبي ﷺ أن الإنسان في ظل صدقته كلما كانت الصدقة أعظم كان الظل أعظم، ومن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه[4].
شتان شتان بين هؤلاء، وبين من يأتي يوم القيامة يتحول ماله الذهب والفضة إلى صفائح تحمى بالنار، ويكوى بها جنبه وجبينه وظهره: هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ[سورة التوبة:35]، يتحول ماله إلى ثعبان أقرع شجاع قد سقط شعر رأسه لكثرة سمه، فيطوقه، ويأخذ بلهزمتيه، يقول: أنا مالك، أنا كنز وقرأ النبي -عليه الصلاة والسلام- الآية: وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [سورة آل عمران:180][5].
ويبطح لصاحب الغنم والإبل والبقر التي لم يؤد حقها، وزكاتها، بقاع قرقر، أرض مستوية يوم القيامة، تَطَؤُهُ بأظلافها، وتعضه بأسنانها، وتنطحه بقرونها كلما انقضت أخراها أعيد عليه أولاها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار[6].
حال أهل العدل والظلمة يوم القيامة
شتان شتان -يا عباد الله- بين من يكونون على منابر من نور عن يمين الرحمن، من هم؟ أهل العدل الذين يعدلون في أهليهم، وما ولوا[7] من الولايات، من الإدارات التي أداروها، وحكموا بين الناس بالعدل، حتى بين طفلين صغيرين، أهل العدل على منابر من نور يوم القيامة، وبين من يأتي يوم القيامة وعلى رقبته صامت من مال ذهب أو فضة، يأتي ظلم أخذ قدر شبر من الأرض، قيد شبر يطوق من سبعين أرضين يوم القيامة[8]، أخذ شبرًا من أرض بغير حق، أخذ كيلو، كيلو مترات، سيطوق إلى الأرض السابعة الشبر هذا، أو الكيلو، أو الكيلوات، إلى الأرض السابعة حول عنقه.
ويأتي يوم القيامة، كما أخبر ﷺ على رقبته بعير له رغاء، أو شاة لها خوار، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر، فيقول: يا رسول الله أغثني؟ فأقول: لا أملك لك من الله شيئًا قد أبلغتك[9]. ومن غل، سرق من المال العام يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [سورة آل عمران:161].
حال المتحابين في الله والمتكبرين يوم القيامة
شتان شتان -يا عباد الله- بين من يكون القيامة على منابر من نور يغبطهم النبيون والصديقون والشهداء، من هؤلاء؟ قال: الذين تحابوا في الله، يغبطهم النبيون والصديقون والشهداء، منابر من نور[10]، يعني تكريم، منابر من نور، ترتفع الأبصار إليهم، تغبطهم، من يغبطهم؟ النبيون، ناس تحابوا في الله، ليس لأنساب بينهم ولا لأموال ولا لمصالح، ولا لخفة دمه وسيارته وشكله، لا، أحبه لله في الله، لدينه لطاعته لعبادته لدعوته لعلمه، لله، أحبه لله، المتحابون في الله هذا شأنهم، وبين من يأتي يوم القيامة كأمثال الذر في المقاس والحجم، كالنمل الصغار، على صور الرجال، الصورة صورة الرجل، والمقاس والحجم حجم نملة، يطؤهم الناس بأقدامهم، من هؤلاء؟ قال: المتكبرون، العظمة والكبرياء رداؤه وإزاره تعالى من نازعه واحدًا منهما، بالكبر والغطرسة، طرحه في النار، ولا يبالي[11]، ويحشرهم هكذا.
حال حفاظ كتاب الله وحال المرابين يوم القيامة
شتان شتان -يا عباد الله- بين من يأتي يوم القيامة تظله تلاوة الزهراوين: البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان أو غيايتان ، أو فرقان من طير صواف تظلانه[12]، قرأ، حفظ، عمل، علم، أصحاب الزهراوين: البقرة وآل عمران، وبين من يأتي يوم القيامة في غاية الذل والمهانة، آكل الربا يقوم من قبره كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس؛ كما ورد في سورة البقرة: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ [سورة البقرة:275]، من الصرع، يقوم تارة، ويقع أخرى، ويتعثر، ويتخبط، غير العذاب الذي سيكون بعد ذلك.
حال المؤذنين وحال المحبين للشهرة يوم القيامة
شتان شتان -يا عباد الله- بين من يأتي يوم القيامة طوال الأعناق اشرئبت أعناقهم إلى فضل الله ورحمته، وثوابه، من هم؟ المؤذنون[13] أمناء الناس على صلواتهم وإفطارهم، وسحورهم، يدعونهم إلى الصلاة، من أذن محتسبًا، طالبًا الأجر والثواب، يدعو الناس إلى أعظم عمل، إلى فريضة الله، أطول الناس أعناقًا يوم القيامة، وبين من يأتي يوم القيامة بثوب مذلة؛ لأنه كان يلبس ثوب شهرة في الدنيا يريد أن يرفع الناس إليه أبصارهم، افتخارًا، فيلبس ثوب مذلة، ثم تلهب فيه النار [14].
النائحة المعترضة على قضاء الله وقدره، لطمت الخدود، وشقت الثياب، وقطعت الشعر، ونادت بالويل والثبور، اعتراضًا على حكم الله وقضائه، لها سربال من قطران، ودرع من جرب[15].
والذي يصب في أذنه الآنك، الرصاص المذاب يوم القيامة؛ لأنه استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون[16].
بين من يأتي يوم القيامة يخير من الحلل أيها شاء يلبسها، ويخير من الحور العين أيها شاء، من هم؟ واحد، كظم غيظه، غضب، لكن كتم غضبه لله، وقادر أن ينفذه، وأن يبطش، ورجل ترك اللباس تواضعًا لله[17].
حال الشهداء وحال القتلة يوم القيامة
شتان -يا عباد الله- من يأتي يوم القيامة، الدم اللون لون الدم، والريح ريح المسك، جرح في سبيل الله[18]، زعفران، وبين من يأتي يوم القيامة المقتول يجره إلى الله، ورأسه بيده، تشخب أوداجه دمًا، حتى يدنيه من العرش، يقول: يا رب سل هذا فيم قتلني؟[19].
حال أهل الطاعة وأهل المعصية يوم القيامة
شتان -يا عباد الله- بين من يبعث يوم القيامة ملبيًا، مات في الإحرام، مات وهو محرم على طاعة[20]. وبين من يأتي يوم القيامة بغاية الذل، لا ينظر الله إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم؛ عدة أصناف، ذكر منهم: المنان، يعطي ويؤذي، المنفق سلعته بالحلف الكاذب، يقوم بعد العصر يحلف بالله: أعطيت بها كذا وكذا، وأعطيت بها كذا وكذا، وهو كذاب[21]، اشتروا بآيات الله ثمنًا قليلاً، اشتروا بعهد الله ثمنًا قليلاً، اشتروا بأيمانهم ثمنًا قليلاً.
الرجلة من النساء، هكذا في الحديث، البويات، الرجلة من النساء، الديوث الذي يرى الخبث في زوجته وبناته، طلوعًا وخروجًا، وهو في البيت، وخارج البيت، ولا يغير شيئًا، قال: ملك كذاب، وعائل مستكبر[22]، يعني فقير ومتكبر، يتكبر على ماذا؟ إذا كان تكبر الغني سيعاقب عليه، فكيف بتكبر الفقير، والملك الكذاب، لا يحتاج إلى الكذب، عنده قوة؟ فلماذا يكذب؟ وأيضًا المسبل إزاره، ويجر ثوبه.
أيضًا ذكر من هؤلاء واحدًا لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلاً يوم القيامة، ما معناها؟ لا فريضة ولا نافلة، لا يقبل منه المنتسب إلى غير أبيه[23] هذا فيه تضييع حقوق النسب والمحرمية، والإرث، وأشياء تترتب على العبث في الأنساب.
يوم القيامة يأتي الصيام والقرآن يشفعان يقول القرآن: منعته القيام، منعته النوم بالليل، قام بي يقرأ، والصيام يقول: منعته الطعام بالنهار والشراب، فلا يزالان يشفعان حتى يشفعان في صاحبهما، صاحب القرآن، صاحب الصيام[24].
حال المغتابين يوم القيامة
شتان شتان بين هذا، وبين من يأتي يوم القيامة يقام، ويقال له: خذ من حسنات صاحبك ما شئت، قال عليه الصلاة والسلام: فما ظنكم؟ ما ظنكم بالذي سيحدث كما سيأخذ؟ يقال: خذ ما شئت، والناس يوم القيامة يحتاج الواحد إلى الحسنة، من هو؟ استودعه أهله وذهب في سبيل الله فخانه فيهم، يا ويله! استودعه زوجته، قال: عندك في كفالتك في رعايتك أمانة عندك، فخانه فيهم، ويوم القيامة سيأتي من ضرب هذا، وشتم هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا[25]، بالحسنات والسيئات، قصاص، خذ من حسناته، وكما ذكر الإمام الأوزاعي -رحمه الله- عن ناس يقال للواحد منهم يوم القيامة: قم خذ حقك من فلان، فيقول: ما لي حق عليه، فيقال: بلى، قال فيك يوم كذا وكذا كذا وكذا، قال فيك، اغتابك، أنت ما تدري، لكن يوم القيامة سيظهر، كل شيء، كبير وصغير.
المصورون الذين يصورون ذوات الأرواح، يقال لهم يوم القيامة أحيوا ما خلقتم[26]، انفخوا فيها الروح، تضاهون خلق الله، وليس بنافخ[27].
والذي كذب في المنام، يقال له: اعقد بين شعرتين[28]، ولن يستطيع أن يعقد بين شعرتين، التكليف بالمحال نوع من العذاب، حتى الذي يتفل تجاه القبلة في الصلاة، قال ﷺ: جاء وتفله بين عينيه[29].
خوف وخشية المؤمنين من يوم القيامة
عباد الله: هذا يوم عظيم، هذا يوم يخشاه أهل الإيمان، يخشون الله واليوم الآخر، يخافون يومًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا[سورة الإنسان:8، 9].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، اللهم قنا شر ذلك اليوم، واجعلنا ممن يأتيك فيه بقلب سليم.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الكبير المتعال، الغني ذو الرحمة: كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ [سورة الأنعام:12]، نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ [سورة الحجر:49، 50]، قال: أنا الغفور ما قال وأنا المعذب، قال: أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ رحمته سبقت غضبه: رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ [سورة الأعراف:56]. وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله الرحمة المهداة، البشير والنذير، والسراج المنير، سيدنا وإمامنا وحبيبنا وقدوتنا، محمد بن عبد الله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وذريته الطيبين وأزواجه وخلفائه الميامين، وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم احشرنا في زمرته، وأوردنا حوضه.
تكريم الطائعين وإهانة العاصين يوم القيامة
عباد الله: يأتي ناس يوم القيامة مجاورين لمحمد بن عبد الله، الساعي على الأرملة والمسكين أنا وهو يوم القيامة كهاتين، الساعي سواء تصدق وإلا هو جمع له مالًا، وقام بمعاملاتهما.
شتان شتان بين هذا وبين يأتي يوم القيامة شر الناس منزلة عند الله، من هو؟ ذو الوجهين يأتي هؤلاء بوجه، وهؤلاء بوجه[30]، وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ [سورة البقرة:14].
شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من يفضي إليها وتفضي إليه، ثم ينشر سرها، ويهتك سترها، زوجته[31].
شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من تركه الناس اتقاء فحشه، ثلاثة أصناف في الأحاديث الصحيحة.
شتان شتان بين من يأتي يوم القيامة مكرما: نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا [سورة مريم:85] مكرمين.
وبين من يأتي يوم القيامة اللعانون لا يكونون شهداء يوم القيامة، ولا شفعاء، الذين يكثرون اللعن، يحرمون من هذا[33].
يأتي يوم القيامة شاب وشايب، شاب نشأ في طاعة الله في ظل العرش[34] رب ولدك من الآن حتى يدرك هذه الميزة، حتى لو وصل مرحلة البلوغ والمراهقة ما عنده هذه الترهات، ولا علاقات محرمة، ولا وقوع في السفاسف، نشأ في طاعة الله. وشايب يقول ﷺ: من شاب شيبة في الإسلام كانت له نورًا يوم القيامة[35] هذا الشيب الذي يكرهه الناس ويبغضونه، ونتف، ومحاولات، لماذا؟ كانت له نورًا يوم القيامة، هذا ما شاب في الإسلام، في تلاوة القرآن، وفي الذهاب إلى المساجد، وفي الصدقات، وفي حلق الذكر، وفي تعليم القرآن، وتعلمه، شاب شيبة في الإسلام، هذا الرجل الذي دعته امرأة ذات منصب وجمال إلى نفسها، قال: إني أخاف الله رب العالمين، هذان اللذان تحابا في الله واجتمعا عليه، وتفرقا عليه، هذا الرجل الذي قلبه معلق في المساجد، من يوم ما يخرج هو في لوعة حتى يعود إلى المسجد، هذا الذي ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه، وهذاالإمام العادل صاحب العدل[36]، ناس في ظل العرش يوم الدين، أولئك يغرقون في العرق، وهؤلاء في الظل آمنين: وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ [سورة النمل:89]. طوبى لهم.
اللهم اجعلنا منهم يا رب العالمين، اللهم اجعلنا منهم يا رب العالمين اللهم اجعلنا منهم يا رب العالمين، شوفوا -يا إخوان- والله الذي لا إله إلا هو أن نعرف الآن ما سنقدم عليه بالتفصيل أحسن ما نفاجأ به بعد ذلك، اللهم اجعلنا ممن يأتيك بقلب سليم، اغفر لنا ولوالدينا وللمؤمنين يوم يقوم الحساب، اللهم اجعلنا في ظل عرشك، وآتنا صحائفنا بأيماننا، وبيض وجوهنا، وثقل موازيننا، وأوردنا حوض محمد بن عبد الله ﷺ، واجعلنا من أهل شفاعته، وسلمنا على الصراط يا أرحم الراحمين، أدخلنا الجنة بغير حساب ولا عذاب، وأعتق رقابنا من النار، يا وهاب، اللهم هبنا لفضلك ورحمتك، اللهم رحمتك أوسع من ذنوبنا، فاغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسررنا وما أعلنا، وما أسرفنا، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت، اغفر لموتانا واشف مرضانا، اللهم اقض ديوننا، واستر عيوبنا، يا ستير، اللهم ارفع البأس عن المسلمين، أغث إخواننا المستضعفين يا أرحم الراحمين، من لهم سواك، من لهم غيرك، ليس لها من دونك كاشفة، اكشف الضر، ارفع البأس عن أمة محمد ﷺ، آمنا في الأوطان والدور وأصلح الأئمة وولاة الأمور، واغفر لنا يا عزيز يا غفور، يا رحيم يا ودود، يا ذا العرش المجيد، أنت فعال لما تريد، لا تفرق هذا الجمع إلا بذنب مغفور، وعمل مبرور، وسعي متقبل مشكور.
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [سورة الصافات:180 - 182].
- ^ الحديث في البخاري: (1475).
- ^ كما جاء في صحيح مسلم: (7343).
- ^ انظر الحديث في مسلم: (604).
- ^ انظر الحديث في البخاري: (1423)، ومسلم: (2427).
- ^ انظر الحديث في البخاري: (4565).
- ^ انظر الحديث في مسلم: (2337)، (2339)، (2343).
- ^ انظر الحديث في مسلم: (4825)
- ^ ينظر الحديث في البخاري: (3195)، ومسلم: (4222)
- ^ رواه البخاري: (3073)، ومسلم: (4839).
- ^ انظر الحديث في الترمذي: (2390)، وأحمد: (22117)، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح: (5011).
- ^ انظر الحديث في أبي داود: (4092)، وابن ماجه: (4174)، وأحمد: (9348)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه: (3365).
- ^ انظر الحديث في مسلم: (1912).
- ^ انظر الحديث في مسلم: (878).
- ^ انظر الحديث في أبي داود: (4031)، وابن ماجه:(3607)، وأحمد: (5664)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه: (2905).
- ^ انظر الحديث في مسلم: (2203).
- ^ ينظر الحديث في البخاري: (7042).
- ^ ينظر الحديث في مسند أحمد: (15657)، وحسنه الألباني في الصحيحة: (717).
- ^ ينظر البخاري: (2803).
- ^ انظر الحديث في الترمذي: (3029)، والنسائي: (4005)، وأحمد: (2683).
- ^ رواه البخاري: (1265)، ومسلم: (2953).
- ^ انظر الحديث في البخاري:(7212)، ومسلم: (310)، وأبو داود: (4089)، والترمذي: (1211).
- ^ انظر الحدريث في مسلم: (309).
- ^ انظر الحديث في مسلم: (3393).
- ^ انظر الحديث عند أحمد: (6626)، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: (1429).
- ^ رواه مسلم: (6744).
- ^ انظر الحديث في البخاري: (5957)، ومسلم: (5655).
- ^ انظر الحديث في البخاري: (5963)، ومسلم: (5663).
- ^ انظر الحديث في الترمذي: (2283).
- ^ انظر الحديث في سنن أبي داود: (3826)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: (284).
- ^ انظر الحديث في البخاري: (7179)، ومسلم: (6796).
- ^ انظر الحديث في البخاري: (3615).
- ^ انظر الحديث في البخاري: (6032)، ومسلم: (6761).
- ^ انظر الحديث في مسلم: (6775).
- ^ رواه البخاري: (660)، ومسلم: (2427).
- ^ رواه الترمذي: (1634)، والنسائي: (3144)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: (2093).
- ^ الحديث في البخاري: (660)، ومسلم: (2427).