الخميس 20 جمادى الأولى 1446 هـ :: 21 نوفمبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

أحكام المسابقات وأضواء على عاشوراء


عناصر المادة
الخطبة الأولى
حكم السباق والمسابقة بعوض وجوائز
أحكام المسابقة بغير عوض ولا جوائز
توسع الناس في العصر الحاضر في المسابقات التجارية
الخطبة الثانية
صيام يوم عاشوراء
حكم تخصيص عاشوراء بالتوسعة على العيال، أو اتخاذه مأتماً
دروس وعبر من يوم عاشوراء

الخطبة الأولى

00:00:07

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده، ورسوله.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَسورة آل عمران102. يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًاسورة النساء1يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۝ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًاسورة الأحزاب70.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

حكم السباق والمسابقة بعوض وجوائز

00:01:24

عباد الله: لما كثرة المسابقات وجوائزها، وانتشرت بين الناس؛ رأيت أن أنقل إليكم طرفاً من أقوال أهل العلم في مسألة السباق، وبعض أحكامه، والمسابقة، وما جاء عنهم فيها من أحكام.

فأما السباق أيها المسلمون: فإن الأصل فيه الجواز بالسنة، والإجماع؛ أما السنة فروى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ سابق بين الخيل المضمرة من الحفياء إلى ثنية الوداع، وبين التي لم تضمر من ثنة الوداع إلى مسجد بني زريق، وهذه مسافة معلومة سابق فيها النبي ﷺ أي أذن بالسباق فيها، والمسابقة: سنة إذا كانت بقصد التأهب للقتال بإجماع العلماء ولقوله تعالى: وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ سورة الأنفال60. وفسر النبي ﷺ القوة بالرمي، وقد روى البخاري رحمه الله أن النبي ﷺ خرج على قوم من أسلم ينتظلون فقال: ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان رامياً[رواه البخاري2899]. ولخبر أنس : كانت ناقة لرسول الله ﷺ تسمى العضباء؛ لا تسبق فجاء أعرابي على قعود له فسبقها فاشتد ذلك على المسلمين، وقالوا سبقت العضباء، فقال رسول الله ﷺ: إن حقاً على الله أن لا يرفع شيء من الدنيا إلا وضعه [رواه البخاري6501]. قال الزركشي رحمه الله: "وينبغي أن تكون المسابقة، والمناضلة فرض كفاية لأنهما من وسائل الجهاد، ومالا يتوصل إلى الواجب إلا به فهو واجب، والمسابقة بالسهام آكد لقول النبي ﷺ: ارموا واركبوا؛ لأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا[رواه الترمذي1637]. وقال الترمذي رحمه الله: "حسن صحيح"، ومعناه أن السهام تنفع في السعة، والضيق كمواضع الحصار بخلاف الفرس فإنه لا ينفع في مواضع الضيق بل قد يضر، ولذلك يكره لمن تعلم الرمي أن يتركه كراهة شديدة بل قد يكون حراماً لظاهر الخبر عن النبي ﷺ، أما إذا قصدت المسابقة غير الجهاد فالمسابقة حين إذن مباحة بالشروط الشرعية.

أحكام المسابقة بغير عوض ولا جوائز

00:04:13

واعلموا رحمكم الله: أن المسابقة تكون على جوائز وعوض، وتكون على غيرها، فإما المسابقة بغير عوض بغير جوائز كالمسابقة على الأقدام، وبالسفن، والبغال، والحمير، ونحو ذلك، والمصارعة، ورفع الحجر؛ ليعرف الأشد، والمسابقة على الأقدام قد وردت في السنة بين النبي ﷺ وعائشة، فمثل هذه المسابقات جائزة إذا كانت بغير جوائز وبغير عوض جائزة إذا كانت بغير جوائز، وبغير عوض كما ذكر في ذلك الفقهاء رحمهم الله تعالى، أما المسابقات التي فيها إيذاء للنفس أو التي فيها فعل محرمات أو التي فيها لبس قصير، وإظهار عورة، ودق طبول، ومزامير، وإضاعة للصلوات؛ فلا شك أنها حرام سواءً كانت بعوض، أو بغير عوض، أما النوع الثاني من المسابقات؛ وهو المسابقة بعوض وجوائز كغالب المسابقات اليوم فلا شك أن جمهور الفقهاء ذهبوا إلى أنه لا يجوز السباق بعوض إلا في النصل والخف والحافر لأجل حديث النبي ﷺ: لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر[رواه الترمذي1700]. لا سبق: لا جائزة تجعل للسباق، ولا عوض يجعل للسباق إلا في هذه الأشياء الثلاثة، قال ابن قدامة رحمه الله: "المراد بالنصل هنا السهم ذو النصل، وبالحافر الفرس، بالخف البعير" فهذا المقصود به المسابقة بجوائز وعوض في كل ما يعين على الجهاد، وذهب بعض الفقهاء رحمهم الله إلى إلحاق الرماح والرمي بالأحجار بمقلاع، والرمي بالمنجنيق ونحوه، والتردد بالسيوف والرماح؛ أن ذلك داخل فيما يجوز بعوض داخل فيما يجوز بعوض لأنه يعين في الجهاد، وكذلك المسابقة في عصرنا، وكذلك المسابقة في الرمي بالآلات الحديثة جائزة بعوض قياساً على ما ذكره النبي ﷺ قال الفقهاء رحمهم الله: "ولا تصح المسابقة بعوض على كرة الصولجان" وكان عندهم لعبة يركب فيها بعض الناس دوابا ويمسكون عصياً ويخذفون بالكرة بعضهم إلى بعض قال العلماء: لا تصح المسابقة بعوض يعني بجوائز على كرة الصولجان ولا على الشطرنج ولا على الوقوف على رجل واحدة لينظر من الذي يصمد أكثر ولا على معرفة ما في يده من شفع أو وتر فإن قال اعلم مافي يدي إذا كان خمساً أو ستاً أو سبعاً أو ثمانية شفعة أو وتراً ولك كذا أن هذا لا يجوز وكذلك سائر أنواع اللعب، اللعب كالمسابقة على الأقدام لأن هذه الأمور لا تنفع في الحرب اللعب بكرة الصولجان، والشطرنج ونحو ذلك؛ فإنه لا يجوز جعل الجوائز فيها، لا يجوز جعل الجوائز فيها فضلاً عن كون بعضها محرماً عند كثير من أهل العلم، ولا تصح المسابقة بعوض على الكلاب، ومهارشة الديكة، ومناطحة الأكباش بلا خلاف بين أهل العلم، وذهب بعضهم إلى جواز جعل الجوائز على مسابقات الغطس؛ لأنه يستعان به في الحرب فأنت ترى رحمك الله تعالى أنهم إنما أباحوا الجوائز على المسابقات التي فيها تدرب على الجهاد، وإعداد للعدة فيه لأن هذه أمة جهاد، ولا يجوز لها ترك الجهاد، ولو تركت الجهاد ذلت، ولأجل ذلك حثت الشريعة على كل ما يعين على الجهاد، وأباحت الجوائز في المسابقات على كل ما يعين على الجهاد، وأما غير ذلك فلا يجوز جعل الجوائز فيه على قول جمهور العلماء.

وألحق شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وتلميذه ابن القيم رحمه الله: جعل الجوائز على مسابقات حفظ القرآن الكريم، والحديث، ونشر العلم، والسنة، والدين، والشريعة الإسلامية قياساً على إباحة الجوائز في مسابقات الجهاد؛ لأن ذلك مما يرفع شأن الدين، ويقويه أما جعل الجوائز على مسابقات لا علاقة له بالعلوم الشريعة، ولا علاقة لها بالجهاد فإن جمهور العلماء على تحريم ذلك، وأن المال الذي يأخذ منه حرام لا يجوز.

توسع الناس في العصر الحاضر في المسابقات التجارية

00:09:20

أيها المسلمون: أنظروا رحمكم الله فيما توسع فيه الناس اليوم في جعل الجوائز على المسابقات، وما ذكره العلماء رحمهم الله وما جاء في حديث المصطفى ﷺ: لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر[رواه الترمذي1700]. فهذا واضح في جعل الجوائز لمسابقات الجهاد، أما غيرها مما لا يعين على الدين فلا يجوز جعل الجوائز على المسابقة عليه، وحتى المسابقات التي فيها جوائز إنما تشرع وتجوز بشروط ذكرها الفقهاء منها: تحديد المسافة، وتعيين أول المسافة، وتعيين الفرسين، أو البعيرين، وكذلك أن يكون هناك من يعين بدايته، ونهايته، وأن تكون كذلك عند جمهورهم فيها محلل لا يدفع من الجائزة شيئاً، وكذلك فإن لهم شروطاً في السباق بالسهام كأن يستوي عدد الرشق، والصفة الإصابة، ومعرفة قدر الغرض فهو الهدف الذي يرمى ونحو ذلك من هذه الأمور، وكذلك فإن هذه المسابقات التي توسع فيها الناس اليوم في كثير من الأمور التي لا تخدم الجهاد، ولا تعين على نشر الدين فإن كانت بغير عوض، وكانت المسابقة مباحة كالسباق على الأقدام، وغيره فلا بأس به، أو من يرفع حجراً فلا بأس به؛ إذا كان بغير جائزة أما إذا كانت في أمر محرم كنطاح الأكباش، ومهارشة الديكة، ونحو ذلك؛ فإنه حرام لا يجوز، لا بعوض ولا بغير عوض، فتأمل الآن حال هذه المسابقات التجارية، التي يكتبون فيها عن اسم المنتج، وصفته، ولونه، والذي يحلها له جائزة؛ عند جمهور أهل العلم أخذ الجوائز على هذه المسابقات لا يجوز؛ لأنه مخالف لحديث: لا سبق لا جائزة في سباق إلا في نصل، أو خف، أو حافر قارن الآن بين الحديث، وكلام أهل العلم، وبين التوسع الذي يحصل لتعلم رحمك الله أن القضية الآن لا تدور على الشريعة في كثير من الأمور؛ وإنما هي داخلة في تغرير، أو خداع، أو دعاية رخيصة، أو إضاعة لأوقات الناس، أو إفساد لسلع التجار الآخرين، ومنافسة غير شريفة ونحو ذلك، وقد كثر الحرام في الأموال، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

نسأل الله السلامة والعافية، نسأل أن يجعلنا من الذين يجورون على الشريعة، وأن يجعلنا من المتمسكين بها، الحريصين عليها، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفرواه إنه هو الغفور الرحيم، وأوسعوا، وأفسحوا لإخوانكم يفسح الله لكم.

الخطبة الثانية

00:12:40

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، أشهد أن لا إله إلا هو، رب الأولين والآخرين، أشهد أنه الحي القيوم لا يموت؛ والجن، والأنس يموتون، وأشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وعلى آله، وصحبه، وذريته الطيبين الطاهرين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

صيام يوم عاشوراء

00:13:09

عباد الله: مناسبة عاشوراء في الأمة الإسلامية مناسبة عظيمة، وشرعية، وقد جاء في الصحيحين عن ابن عباس قال: قدم رسول ﷺ المدينة فوجد اليهود صياماً يوم عاشوراء، فقال لهم رسول الله ﷺ:  ما هذا اليوم الذي تصومونه، قالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وأغرق فرعون وقومه فصامه موسى شكراً فنحن نصومه، فقال رسول الله ﷺ: فنحن أحق وأولى بموسى منكم [رواه مسلم1130]. نحن أمة التوحيد، وموسى من الموحدين، ونحن أحق وأولى بموسى منكم، فصامه رسول ﷺ وأمر بصيامه، إنتزع الفضيلة فلم يبقي لهم فضيلة وزيادة في الأمر كذلك إظهاراً للمخالفة فإنه ﷺ أمر بصيام يوم قبله وقال: لئن عشت إلى قادم لأصومن التاسع [رواه مسلم1134]. وصار المستحب صيام تاسوعاء وعاشوراء، كان عاشوراء صياماً واجبا، فلما فرض رمضان قال النبي ﷺ: إن عاشوراء يوم من أيام الله، فمن شاء صامه، ومن شاء تركه [رواه مسلم1126].

أول ما قدم المدينة صامه، وأمر بصيامه، فكان صياماً واجباً فرضاً، فلما فرض رمضان صار صيام عاشوراء مستحب ونسخت فرضيته، وقال: فمن شاء صامه، ومن شاء تركهرواه مسلم ولما قال ﷺ: عاشوراء يوم من أيام الله علمنا أنه شرف عظيم علمنا أنه شرف عظيم هذا اليوم لأن إضافة الشيء إلى الله تدل على عظمة هذا الشيء فلما قال يوم من أيام الله دل ذلك على شرف هذا اليوم وعظمته، وفي الصحيحين عن الربيع بنت معوذ تروي لنا قصة جميلة، وتعرض لنا لوحة فذة مما كان عليه المجتمع الأول، كانت العبادة في المجتمع الأول من الرأس إلى القاعدة كانت العبادة على جميع المستويات قالت: "فكنا بعد ذلك نصومه، ونصوم صبياننا الصغار منهم، ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن، يعني الطوب فإذا بكى أحدهم على الطعام، أي بسبب الجوع أعطيناه إياها حتى يكون عند الإفطار، يلهون الأولاد تصبيراً لهم على الصيام وفي رواية: "فإذا سألون الطعام أعطيناهم اللعبة تلهيهم حتى يتم صومهم" رواه مسلم رحمه الله هذا اليوم العظيم الذي صيامه إحتسب النبي على الله أن يكفر السنة التي قبله، ولا يحتسب ﷺ إلا على حق ووعد أكيد من الله .

أيها المسلمون: فصار الأفضل صيام تاسوعاء وعاشوراء، وإن صام عاشوراء ويوم بعده صح أيضاً، وإن صام عاشوراء وحده جاز أيضاً، وأما الذين صاموا الأربعاء والخميس فلا حرج عليهم في ذلك أبداً، ولو اكتشفوا أن عاشوراء الجمعة؛ فإن صيامهم الأربعاء لا حرج عليهم، كيف وقد أرغب النبي ﷺ في صيام المحرم، وأن أفضل شهر يصام بعد رمضان المحرم فأي صيام فيه شرعي موافق للشريعة فهو مستحب لأنه من محرم، فلا حرج عليك أيها المسلم، إذا صمت الأربعاء والخميس وإن أضفت إليه الجمعة احتياطاً فهو أحسن وأحوط لإصابة عاشوراء، فإن من صام الخميس والجمعة فإنه يصيب عاشوراء قطعاً في هذه السنة، ولو صام الأربعاء لا حرج عليه، ولو صارت ثلاثة أيام وفي رواية للميمون عن الإمام أحمد قال: "نصومهما"، يعين التاسع والعاشر، فإن اختلف في الهلال صام ثلاثة أيام احتياطاً، وابن سرين يقول ذلك، وممن رأى صيام التاسع والعاشر: الشافعي وأحمد وإسحاق، وإذا جاءتك مسألة فيها حكم من الشافعي، وأحمد، وإسحاق بن راهويه فحسبك بها.

لقد ظهر في هذا اليوم مخالفة النبي ﷺ لأهل الكتاب كانت اليهود من أهل المدينة وخيبر في عهد رسول الله ﷺ يتخذونه عيداً، وكان أهل الجاهلية يقتدون بهم في ذلك وكانوا يسترون به الكعبة يجددون الكسوة، وقد ورد شرعنا بخلاف ذلك ففي الصحيحين عن أبي موسى قال: "كان يوم عاشوراء يوماً تعظمه اليهود، وتتخذه عيدا، فقال رسول الله ﷺ: صوموه أنتم[رواه مسلم1131]، وفي رواية لمسلم: كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء يتخذونه عيدا ويلبسون نساءهم حلياً لهم وشارتهم؛ والشارة هي اللباس الحسن الجميل، والمظهر الحسن، فقال رسول الله ﷺ: فصومه أنتم، وهذا يدل على النهي عن اتخاذه عيداً، وعلى استقبال صيام أيام أعياد المشركين، لأن الصيام ينافي معنى العيد لأن العيد فيه توسع ومآكل ومشارب، والصيام فيه امتناعاً عن الأكل والشرب، لذلك لا يجوز صيام عيد الفطر، ولا الأضحى، ولا صيام الجمعة، ورد النهي عنه لأنه عيد أسبوع المسلمين، لما كان اليهود يظهرون الفرحة فيه أمر النبي ﷺ بصيامه، وإن كانوا صاموه فقد خالفهم بصيام يوم قبله، فلا يبقى في الشريعة موافقة لأهل الكتاب في شيء بالكلية.

حكم تخصيص عاشوراء بالتوسعة على العيال، أو اتخاذه مأتماً

00:19:38

أما مسألة التوسعة على العيال في عاشوراء فقد ورد فيه حديث حكم عليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بالوضع كما أبعد، وقد سئل عن حديث الإمام أحمدرحمه الله فقال: "لا أراه شيئا فلا تقوم به حجة"، وسّع على عيالك في سائر السنة، ولا تخلط عاشوراء بعيديات، ولا بتوسعة قال ابن رجب رحمه الله في كتابه لطائف المعارف: "وأما اتخاذه مأتماً أي اتخاذ عاشوراء مأتماً كما تفعل الرافضة لأجل قتل الحسين ابن علي فهو من عمل من ضل سعيه في الحياة الدنيا، وهو يحسب أنه يحسن صنعاً، ولم نؤمر نحن المسلمين، قال ابن رجب رحمه الله: "ولم يأمر الله ولا رسوله باتخاذ أيام مصائب الأنبياء، وموتهم مأتماً فكيف بمن دونهم كالحسين وغيره، لم يأمر باتخاذ يوم أحد الذي قتل فيه سبعون من المسلمين الأخيار الأبرار وقتل منهم سبعون لم يأمر باتخاذه مأتماً ولا يوم بئر معونة الذي قتل فيه سبعون من القراء من حفظة كتاب الله من الصحابة لم نأمر باتخاذه مأتماً ولا يوم وفاة النبي ﷺ لم يتاخذ عندنا مأتماً، وأما أهل الشرك يفعلون المآتم والله يريد أن يعذبهم في الدنيا بأيديهم قبل الآخرة يعذبون أنفسهم بأيديهم ويصدون الناس عن دين الله ليأخذ الناس الفكرة السيئة عن دين هذا فعل أصحابه وأهله والكفرة مهرة في اقتناص مثل هذه الفرص إعلامياً.

أيها المسلمون:

دروس وعبر من يوم عاشوراء

00:21:52

يوم عاشوراء يذكرنا بالتوبة إلى الله ، هذا يوم من أيام الله نجى الله فيه موسى صامه النبي ﷺ، فهو موسم عبادة يذكرنا بالتوبة إلى الله تعالى قال بعض السلف: "آدم أخرج من الجنة بذنب واحد، وأنتم تعملون الذنوب، وتكثرون منها وتريدون أن تدخلوا بها الجنة؟

تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجي درج الجنان بها وفوز العابد
ونسيت أن الله أخرج آدماً منها إلى الدنيا بذنب واحد

العجب ممن عرف ربه ثم عصاه وعرف الشيطان ثم أطاعه، أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًاسورة الكهف50. نريد أن يكون هذا اليوم موسم انطلاقة للطاعة، والعبادة، والتوبة، والاعتراف بالذنب، ربنا إنا ظلمنا أنفسنا فغفر لنا وارحمنا، نريد أن يكون هذا اليوم تجديد للعهد مع الله تعالى، وتجديد عقد التوبة مع الله ، أيها المسلمون: لا نريد أن يكون منعطفاً، أو انتكاسات، تقول احدى النساء تزوجته وهو ملتزم في الدين، في أول سنة صار يدخن، وفي السنة الثانية عكف على أهل السوء والفسق، وفي السنة الثالثة صار يشرب الخمر، وبعد ذلك ترك الصلاة بالكلية، إذا سافر لأهله، أو جاءه ضيف قام يصلي مجاملة، فإذا ذهبوا ترك الصلاة، وتقول الأم المسكينة صبرت عليه، وتعبت عليه، وعالجته، وأدخلته المستشفى من المخدرات، ثم يخرج فيرجع إلى رفقاء السوء، ويقول لي تبت وتبت أقلعت كيف أصدقه كيف يتوب، وأنا أرى بين أغراضه إبر المخدرات، وعليها أثر الدم؟ نريد أن يكون هذا اليوم توبة إلى الله، نريد أن نجعل هذا اليوم عودة إلى الله، نريد أن نجعله ذكر لله تعالى، وصلت إليكم معشر الأمة رسالة من أبيكم إبراهيم بعد وفاته مع النبي ﷺ مرفقة قال ﷺ: رأيت ليلة أسري بي إبراهيم فقال يا محمد: أقرأ أمتك السلام مني السلام وأخبرهم أن الجنة عذبة الماء، طبية التربة، وأنها قيعان، وأن غراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر[رواه الترمذي3462]. وقال ﷺ: من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة[رواه الترمذي3464]. قال الحسن رحمه الله: "الملائكة يعملون لبني آدم في الجنان يغرسون، ويبنون، من قال سبحان الله وبحمده؛ غرسوا له نخلة، ومن بنا بيت لله؛ بنا الله له بيت في الجنة فربما أمسكوا -توقفوا عن الغرس والبناء- فيقال لهم: مالكم لماذا توقفتم؟ فيقولون: حتى تأتينا النفقات" نبني بغير ونفقات ونغرس بغير نفقة حتى تأتينا النفقة، وقال الحسن: "فابعثوهم بأبي أنتم وأمي على العمل، ابعثوا الملائكة على العمل، اجعلوا الملائكة تعمل لكم في الجنة بذكر الله تعالى، أرض الجنة اليوم قيعان، والأعمال الصالحة لها عمران، بها تبنى القصور، وتغرس أرض الجنان، فإذا تكامل الغراس والبنيان انتقل إليه السكان، رأى بعض الصالحين في منامه قائلاً يقول له: قد أمرنا بالفراغ من بناء دارك واسمها دار السرور فأبشر، وقد أمرنا بتنجيدها وتزيينها والفراغ منها إلى سبعة أيام فلم كان بعد سبعة أيام مات فرؤي في المنام، فقال: أدخلت دار السرور وأنا في سرور فلا تسأل عما فيها لم يرى مثل الكريم إذا حل به المطيع، رأى بعضهم كأنه أدخل الجنة، وعرض عليه منازله، وأزواجه رأى بعض الصالحين في المنام كأنه أدخل الجنة، وعرض عليه حور العين فلما أراد أن يخرج تعلق به أزواجه وقالوا له: بالله حسن عملك فكل ما حسنت عملك ازددنا نحن حسنناً، العاملون اليوم يسلفون رؤوس أموال الأعمال فيما تشتهي الأنفس، وتلذ الأعين إلى أجر يوم المزيد في سوق الجنة، فعجلوا رحمكم الله بالأعمال وقدموها أمامكم، وانتخلوا بخير ما بحضرتكم.

اللهم تب علينا، واغفر ذنبنا، واقض ديننا، واشف مريضنا، وارحم ميتنا، واهد ضالنا، اللهم آمنا في أوطاننا ودورنا، واجعلنا في بلدنا هذا آمنين مطمئنين، من أرادنا بسوء فاكشف زيفه، واجعل شأنه في تباب، وأمره إلى خراب يا رب العالمين، اللهم وفق ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك، وسنة نبيك محمد ﷺ، اللهم انصر المجاهدين في سبيلك يا رب العالمين، انصر اخواننا الذين يقاتلون لإعلاء كلمتك يا أرحم الراحمين، وهاهم وقد اجتمع عليهم الغرب، والشرق ولا ناصر إلا الله، ولا معين إلا هو سبحانه، وأنتم ترونهم في بلاد البوسنة، وكشمير والشيشان، لا منقذ لهم إلا الله، اللهم إنا نسألك أن تنصرهم على عدوهم، وأن تسدد رميتهم، وأن تجمع كلمتهم على التوحيد يا رب العالمين، وهاهم قد اقتحموا المنطقة التي وقف عندها العسكريون النازيون الالمان في الحرب العالمية، ولم يستطيعوا اقتحامها، وسموها بوابة موسكو قد اقتحمها المجاهدون المسلمون في بلاد البوسنة، وانتزعوها من أيدي الصرب وقتل الله منهم أكثر من مائة، واختار الله شهداء نسأل الله أن يجعلهم كذلك، وأن يغفر لهم، وأن يرفع درجتهم في عليين، ونسأل الله أن يرزقنا وإياكم الشهادة، وأن يجعلنا يوم الدين من الفائزين سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ۝ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ۝ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.

1 - رواه البخاري2899
2 - رواه البخاري6501
3 - رواه الترمذي1637
4 - رواه الترمذي1700
5 - رواه الترمذي1700
6 - رواه مسلم1130
7 - رواه مسلم1134
8 - رواه مسلم1126
9 - رواه مسلم1131
10 - رواه الترمذي3462
11 - رواه الترمذي3464