الخميس 11 جمادى الآخرة 1446 هـ :: 12 ديسمبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

ما معنى صوم رمضان؟


عناصر المادة
الخطبة الأولى
مفهوم فرضية رمضان
فوائد الصيام، وأجره
الإيمان بفرضية صيام شهر رمضان، وفعل الطاعات فيه
الخطبة الثانية
الدعوة في رمضان
على من يجب الصيام؟
من أحكام الصيام

الخطبة الأولى

00:00:05

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

مفهوم فرضية رمضان

00:00:30

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَسورة البقرة183. استسلمت النفوس للأمر  كتب: فرض، ولأنه من الخالق ، وعلينا أن نطيع وننفذ؛ فقد انساقت نفوس المؤمنين لهذا الأمر الكريم رغبهم فيه فقال: وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَسورة البقرة184، وأرشدهم إلى شكره على فرضه بقوله: وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَسورة البقرة185.  وحببه إليهم، وخففه عليهم؛ لئلا تستثقل النفوس ترك العادات، وهجر المألوفات، فقال : أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍسورة البقرة184. ورحمهم، ونأى بهم عن الحرج والضرر، فقال سبحانه: فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَسورة البقرة184. فلا عجب أن تقبل قلوب المؤمنين على الرب الرحيم في هذا الشهر الكريم يخافونه من فوقهم، ويرجون ثوابه والفوز العظيم.

كان الصيام اختياريًا، ثم فرض صيام عاشوراء وصار واجبًا إلزاميًا، ثم نزل التخيير بصيام رمضان وكان من لا يريد الصوم عليه أن يخرج فدية، ثم نزل الأمر بإلزام الجميع بصوم رمضان؛ إلا العاجز وصاحب الرخصة كالمريض والمسافر وهكذا تدرج الشرع بهم ليصل بهم إلى هذه المرحلة النهائية في فرض هذا الشهر عليهم، ولما كان قدر هذه العبادة عظيمًا كان لا بدّ للمسلم أن يتمعن جيدًا في معنى رمضان ما هو رمضان؟ ما هو المطلوب؟ ما هي الغاية؟ ما هو الهدف؟ لماذا نصوم؟ أقبل الشهر فبأي شيء استعددنا له؟ إنه من مباني الإسلام العظام بني الإسلام على خمس [رواه البخاري8، ومسلم16].

إن إفطاره بغير عذر كبيرة قال النبي ﷺ في الرؤية التي رآها ورؤيا الأنبياء حق: حتى إذا كنت في سواء الجبل أي في وسطه إذا بأصوات شديدة قلت ما هذه الأصوات؟ قالوا هذا عواء أهل النار ثم انطلق بي فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم مشققة أشداقهم تسيل أشداقهم دمًا قلت من هؤلاء؟ قالوا الذين يفطرون قبل تحلة صومهم[رواه ابن خزيمة1986].حديث صحيح، إذن كانت العقوبة في مكان المعصية حيث أنهم يأكلون بلا عذر في رمضان مشققة أشداقهم؛ مكان دخول الطعام  وما حوله، تسيل أشداقهم دمًا هكذا العقوبة لأنهم لم يلزموا بما فرض الله قال الحافظ الذهبي رحمه الله: "وعند المؤمنين مقرر أن من ترك صوم رمضان من غير عذر أنه شر من الزاني ومدمن الخمر بل يشكون في إسلامه ويظنون به الزندقة والانحلال".

فوائد الصيام، وأجره

00:04:52

الصيام تحد للنفس، ولذلك يلفت أنظار حتى الكفار ليقولوا ماذا لديكم ما هذا الصيام؟ وقد التفتت أنظارهم بأحداث قدر الله أن تجري وتحدث، وصار الإسلام محط أنظار الكفار أكثر من ذي قبل ومن هنا كان لا بدّ من إحسان عرضه على الآخرين، وتعريفهم بماهيته والله قد جعل في ديننا ما يجذب غيرنا، ولذلك ترى كثيرًا من الخدم من غير المسلمين يلفت نظرهم هذا الشهر لماذا؟ لماذا الإمساك عن الطعام والشراب هذا الصيام السر بين العبد وربه يذكرك الإخلاص: إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به[رواه البخاري1904، ومسلم1151]. إنه عبادة فريدة من نوعها ولذلك قال في الحديث: الصوم لا عدل له[رواه النسائي2222]. رواه النسائي، ودعوة الصائم لا ترد وله فرحتان يتذكر عند فطره فرحًا، وعند لقاء ربه نوعًا آخر من الفرح أكبر، وأعظم فرح بإباحة ما كان حرامًا عليه عند الإفطار، وفرح بتممة نعمة الله عليه بإكمال هذا اليوم والفرح الآخر عند لقاء الرب بالثواب المكتوب المسطور عنده سبحانه وهذا الصيام يأتي يوم القيامة شافعًا يقول: أي رب منعته الطعام والشراب بالنهار فشفعني فيه[رواه الطبراني في الكبير88]. هذا الصوم الذي هو جنة، وحصن حصين من النار، من صام يومًا في الجهاد في الطريق إلى الغزو باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفًا، ومن صام يومًا ابتغاء وجه الله ختم له به دخل الجنة، وتغير رائحة الفم الكريهة تنبه العباد إلى أن الميزان عند الله يختلف عما عندهم عندكم الرائحة كريهة، وعنده الرائحة أطيب من المسك، في الجنة باب الريان يدخل منه الذين يكثرون من صيام النافلة، الذين يتميزون بهذه العبادة عن غيرهم فيصومون كثيرًا هذا الباب العظيم الذي إذا دخلوه أغلق فلم يدخل غيرهم إذن هناك مزايا هناك مزايا أشياء تميز أصحاب العبادات وأنواع العبادات عن الآخرين هذا الركن العظيم من أركان الدين لم يخلِ الشارع منه المسلمون من الخير العظيم؛ ففتح لهم أبواب الجنة عند دخوله، وغلق أبواب جهنم عندها، وسلسل الشياطين، وقال للناس اعبدوني هذا صراط مستقيم.

وأعنتكم بكف الشياطين فكفوا أنفسكم الأمارة بالسوء وكفوا شياطين الإنس صيامه يعدل صيام عشرة أشهر مضاعفات ومكافآت من الكريم .

الإيمان بفرضية صيام شهر رمضان، وفعل الطاعات فيه

00:08:47

لا بدّ من الإيمان بفرضيته، واحتسابه الأجر عند صومه؛ ليحصل الفضل العظيم في قوله: من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه[رواه البخاري38، ومسلم760]. ولله عند كل فطر عتقاء لماذا فرض علينا؟ للتقوى لتحقيق التقوى، فعل ما أمر، وترك ما نهى عنه وزجر؛ من أعظم الأسباب التي تعين على القيام بأوامر الدين، الصوم وسيلة إلى شكر النعم؛ لأنه كف للنفس عن المباحات، وهي من النعم فيتذكر العبد قدرها، ويعرف قيمتها؛ لأن النعمة إذا فقدت عرفت فيحمله ذلك على القيام بالشكر، والصوم وسيلة إلى ترك المحرمات؛ لأن النفس إذا انقادت للامتناع عن الحلال طمعًا في مرضاته تعالى، وخوفًا من عقابه فأولى أن تنقاد للامتناع عن الحرام، وما أكثر الحرام في هذا الزمان! وما أكثر الحرام في هذا الزمان! انفتحت أبواب الحرام المخدرات الخمور، والمسكرات دخلت في البيوت يخفونها عند الحدود، ويهربونها ويشربونها في سهراتهم، واجتماعاتهم على الباطل كثر الحرام فعل الفواحش بأنواعها ذكورًا وإناثًا، كثر الحرام شجعت القنوات قنوات المجاري الفضائية على هذا الحرام، وهكذا أغرى به الناس سافروا من أجله في الحضر، والسفر يغشونه الحرام انتهكوا حدود الله انتهكوا حرماته جاء هذا الصيام ليقول لهم: إذا تركتم الحلال بالنهار، فأولى لكم أن تتركوا الحرام بالليل والنهار تغلبتم على شهوتكم ها أنتم امتنعتم عن الطعام والشراب والنكاح ها أنتم جعتم وفطمتم أنفسكم عن شهوة النساء فما أحراكم أن تفطموها عن المحرمات؟ العلاقة بين العفة والصيام واضحة في الشريعة يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطيع فعليه بالصوم فإنه له وجاء[رواه البخاري5065، ومسلم1400]. العلاقة بين الشهوة الجنسية والصيام واضحة.

عباد الله: هذا يعطف قلوب أغنيائنا على فقرائنا ويمد الجسور فترى فيه نفقات في هذا الشهر لا تراها في غيرها وإعلانًا بانتصار العبد على عدوه إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّاسورة فاطر6.والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم وبالصيام تضيق مجاري الشيطان فيضعف وتضعف وسوسته قال شيخ الإسلام رحمه الله: "ولا ريب أن الدم يتولد من الطعام والشراب وإذا أكل أو شرب اتسعت مجاري الشياطين التي هي الدماء في العروق وإذا صام ضاقت مجاري الشياطين فتنبعث القلوب إلى فعل الخيرات وترك المنكرات".

الأمة تحتاج إلى تدريب وخصوصًا في هذا الزمان لمواجهة الأعداء وهناك منازلة مرتقبة لا بدّ أن تحدث وعندما يتحدث بعض الغربيين عن صدام الحضارات ويحاول بعضهم وبعض المنهزمين منا أن يصرفوا الأمر عن ذلك ويقولون إن الصدام لن يقع فنحن نعرف بأن الله قدر أن يقع ولا بدّ أن يقع لأن الله أخبر بأن هذا سنة إلهية وقدر محتوم لا بدّ من وقوعه وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُسورة البقرة251.وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًاسورة الحج40لا بدّ الصراع بين الحق والباطل قضية مفروغ منها منتهية لا يمكن أن يعيش أهل الأرض في سلام وأمان بأديان مختلفة، وعقائد متنافرة لا بدّ أن يحدث الصدام، وهذا شيء مكتوب، وعندما لا يريده المسلمون يحدث لهم كما هو الواقع؛ فيأتي الأعداء لإحداث الصدام، هم الذين يحدثونه إذا تولى المسلمون عن الجهاد يقدر الله أن الأعداء يأتون بأنفسهم لكي يحصل، ويقوم، وتعلوا رايته، وهذا الصيام فيه تدريب للنفوس على مواجهة الشدائد، وفي الجهاد شدائد، وفي منازلة الأعداء شدائد فيذكر من يصوم بأنكم على المواجهة خذوا الأهبة واستعدوا ستجوعون وتعطشون قد يشتد عليكم الحر وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّاسورة التوبة81. في مخمصة المخمصة المجاعة والشدة الجوع وهكذا تأتي مخمصة مصغرة في هذا الصيام تعويد المؤمنين على الزهد في الدنيا، وفي شهواتها، والترغيب فيما عند الله التوسع في المطاعم والمشارب في النهار انتهى تمامًا فيذكره بحقيقة الدنيا ويرغبه فيما عند الله ويعطيه دفعة عظيمة في التغلب على نفسه ها قد انتصرت على نفسك منعت نفسك من الطعام والشراب إذن أنت تستطيع أن تمتنع التدخين وعن المسكرات وعن المحرمات أنت تستطيع ما دمت فعلت ذلك بالنهار أنت تستطيع تعويد المؤمنين على الإكثار من الطاعات وهذا غالب في الصيام فيقال للناس ها أنتم قد زادت قراءتكم للقرآن قد زاد ذكركم ودعاؤكم قد زاد صلاتكم قد زاد طول وقفوكم لربكم معنى ذلك أنكم تقدرون فواصلوا إذن اكتشفوا في أنفسكم هذه الطاقات القدرة على المواصلة في العبادة القدرة على التطويل بقراءة القرآن إذن عندكم طاقات لماذا لا تستعملوها؟ اغتنم فراغك قبل شغلك اغتنم صحتك قبل مرضك اغتنم حياتك قبل موتك واغتنم شبابك قبل هرمك انتبه لما أودعناه فيك من القدرات فاستعملها في عبادة الرب يا معشر المسلمين: ها هو الصيام ها هو الصيام يلقنا درسًا في إعلان مبدأ وحدة المسلمين صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته[رواه البخاري1909]. الحال حال متفرقة ومتنافرة متبعثرة تقطع المسلمون صاروا في الأرض قطع فهذا الصيام يأتي ليوحد الجميع في هذه العبادة فتمتد الجسور المعنوية ويشعر الإنسان باشتراكه مع أخيه المسلم في شيء واحد في مشارق والأرض ومغاربها فترجع النفوس والعقول والقلوب إلى المبدأ الأساسي الذي كانت عليه الأمة في أولها، أنها أمة واحدة أنهم جماعة واحدة أنهم كتلة واحدة هذه العبادات من الحكيم العليم الخبير فهو يقول للمسلمين الذين تفرقوا اليوم دولًا وتفرقوا مجتمعات وتفرقوا نفوسًا وشيعًا يقول لهم أنتم إذا كنتم على الملة وعلى الصراط المستقيم بهذه العبادة التي وحدتكم فكونوا كذلك دائمًا قبل رمضان وبعد رمضان يا أمة التوحيد التي تصوم من غروب الشمس إلى الفجر ولذلك سبحان الله عندما ينظر المسلم في صيام الكفار وأهل البدع لا يجد أنهم يصومون في كثير من الحالات في هذا الوقت لا يصومون من طلوع الفجر إلى غروب الشمس لا يصومون من طلوع الفجر إلى غروب الشمس فترى بعضهم يصوم ويتعدى بصيامه المغرب إلى طلوع النجم بدلًا من غروب الشمس وتجد هؤلاء النصارى يصومون لكن يصومون عن أمور من المنتجات والمشتقات الحيوانية في زعمهم وهم يأكلون ويشربون من البقولات وأنواع العصائر والفواكه والخضروات وغيرها وهكذا تجد المسلمين قد نبهوا بهذا التوقيت سواء في اليوم أو في الشهر إلى مبدأ الوحدة الذي ينبغي أن يكون بينهم.

اللهم إنا نسألك أن تسلمنا في رمضان، وإلى رمضان، وأن تسلم لنا صيامنا، وأن تتقبله منا يا رب العالمين، اللهم بلغنا شهرك الكريم، وامنن علينا بعفوك العظيم، إنك أنت الرحمن الرحيم، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم، وأوسعوا لإخوانكم يوسع الله لكم.

الخطبة الثانية

00:21:01

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، أشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين وأشهد أن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين

الدعوة في رمضان

00:21:16

عباد الله: أيها المسلمون: أيها الدعاة إلى الله: هذا شهركم فرصة عظيمة، هوت أفئدة الناس إلى المساجد، ها هم يدخلونه في حال رقة نادرة، ولا بدّ من انتهاز الفرصة بالمواعظ المرققة، والدروس المناسبة، والكلمات النافعة في المساجد، في المدارس، في المكاتب، في الأماكن المختلفة؛ يا أيها الآباء في البيوت: عليكم واجبات انتهاز الفرصة لتربية الأسرة على الإيمان، تربية الأسرة على تميزها عن الكفار؛ إنها أسرة مسلمة، السحور فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب، هو خير ومخالفة لهم، وإنه بركة! نعم سحور المؤمن التمر تعجيل الإفطار؛ لكي يقول للمسلم: يا عبد الله هذا الله ! فرض عليك وقتًا معينًا، عجل الإفطار، وأخر السحور، ولا تكن هناك ذريعة للزيادة في العبادة، وهكذا التنبيه على إدراك حقيقة هذا الشهر الذي انشغل عنه الناس، وطمسته القنوات الفضائية، طمست معاني هذا الشهر، حولته إلى شهر فوازير، ومسلسلات، وأفلام، ومباريات، وحوله الشباب إلى جلسات فارغات، وكثرة اللهو بالسيارات، وازدحام الأسواق، والأرصفة، والطرقات؛ نريد أن نتجنب هذا المسلك الذميم! بل حتى التجارة، والتخفيضات، وكثير من الملاهي، والمنكرات صار هذا الشهر محلًا لها صار محلًا لها لتفريغ رمضان من محتوياته، ومن معانيه إنها خطة مدبرة والله يجري من الأحداث ما يذكر به هؤلاء، ومن ذلك أن بعض أهل الفسق الذين كانوا يشاركون في عمل الفوازير قد ابتلاهم الله ! كما جاءت أخبارهم بذلك عقوبات، وسرطانات، ووفيات، وإهلاكات عباد الله: لا بدّ أن نستعد بشحن النفوس بالإيمان، وطاعة الرحمن، وليس بشحن مستودعات البيوت بالأطعمة، وأن نقبل على هذا الشهر بالجود، هذا شهر الكرم بالعلم والمال والجاه والبدن والخلق، وكذلك نتدارس القرآن؛ لأنه شهر مدارسة القرآن الذي كان جبريل يراجع القرآن مع النبي ﷺ فيه إنه شهر قيام واحترام للعبادة وصلاة التراويح وعدم إيذاء المسلمين في المساجد لا بالروائح ولا بالأطفال المشاغبين اللاعبين كذلك القيام مع الإمام حتى ينصرف ومن فعل ذلك فله أجر عظيم ولا بأس بالتهنئة بدخول الشهر وقد قال النبي ﷺ: أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عليكم صيامه[رواه النسائي2106].فبين لهم ورغبهم فيه وهكذا يفعل الأئمة والخطباء إنه شهر مؤقت بدخول هلاله ينبغي إذن الاهتمام به بتراءي الهلال صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته [رواه البخاري1909]. لا للحسابات ولا لما يأتي به الفلكيون وإنما للرؤية فلو رآه عامي من عوام المسلمين عامي ثقة لا عنده علم بالفلك ولا بالحسابات وجب على جميع الأمة الصوم.

على من يجب الصيام؟

00:25:37

عباد الله: يجب الصيام على كل مسلم بالغ عاقل مقيم قادر سالم من الموانع كالحيض والنفاس يؤمر به الصبي لسبع إن أطاقه، وكذلك أجر الصيام له ولوالديه أجر التربية، والدلالة على الخير، كان الصحابة يصومون صبيانهم، ويجعلون لهم اللعب ليلهوهم بها إذا بكوا من الجوع عن الطعام وهكذا فإنه ينبغي أن يكون الحماس لتربية الأهل عليه، وتعاهد الأولاد به، وأن نعرف بأن الكافر إذا سلم، والصبي إذا بلغ، وصاحب الغيبوبة إذا أفاق ورجع عقل فاقد العقل إليه أثناء النهار؛ يمسكون بقية اليوم، ولا يلزمهم القضاء؛ لأنهم لم يكونوا من أهل الوجوب في أول الوقت، وكذلك فإن الذي يأتي إليه عقله أحيانًا يأتيه عقله ويذهب عنه أحيانًا، كحال بعض كبار السن إذا رجع إليه عقله أمر بالصيام إن كان قادرًا، وإن ذهب عنه عقله يترك أمره بالصيام؛ لأنه ليس مكلفًا، وغير المكلف لا قضاء عليه ولا فدية، أما إذا كان كبيرًا في السن غير مستطيع، أو مريضًا مرضًا مزمنًا تخرج الفدية عنه طعام مسكين إذن الخرف الذي فقد التميز يسقط عنه التكليف، ولا فدية ولا إطعام.

من أحكام الصيام

00:27:23

والمسافر يفطر بإجماع أهل العلم، سواء شق عليه الصيام في السفر، أو لم يشق، ويشترط أن لا يكون سفره سفر معصية عند جمهور العلماء، ولا يجوز أن يسافر للاحتيال على الفطر لا يفطر المسافر إلا إذا جاوز حدود البلد، وما اتصل به من بنيان مأهول، وكذلك فإن المسافر إذا كان في المطار، وكان المطار خارج البلد جاز له الإفطار فيه لأنه خرج من البلد، وإذا غربت الشمس فأفطر على الأرض ثم أقلعت به الطائرة فرأى الشمس لم يلزمه الإمساك، وكان صومه ذلك اليوم تامًا، وإذا أقلعت به الطائرة قبل غروب الشمس، وهو صائم، وأراد إتمام ذلك اليوم في السفر فلا يفطر إلا إذا غربت، ولو كان في مكانه في الجو، ومن ابتدأ الصيام، وهو مقيم ثم سافر أثناء النهار جاز له الفطر، وللمسافر أحوال منها أن يشق الصوم عليه فيتأكد في حقه الإفطار، ومنها أن لا يشق الصوم عليه فإذا أراد أن يصوم فليصم لأنه أسرع في إبراء الذمة وأسهل عليه في الغالب، ويدرك الزمن مع إخوانه، وإن أراد أن يفطر فلا يستطيع أن يمنعه رخصة الله ، ومن كان الصوم يسبب له ضررًا أو هلاكًا فيحرم عليه الصيام.

عباد الله: إن المريض إذا خرج بالصحة، وشق عليه الصيام فلا شك أنه يجوز له الفطر وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَسورة البقرة185. وإذا ثبت في الطب، أو علم الشخص من عادته، وتجربته أن الصيام يجلب له المرض، أو يزيده، أو يؤخر البرء عنه؛ يجوز له الفطر! والمريض له أحوال:

الأول: أن لا يتأثر بالصوم كالزكام اليسير، والصداع اليسير، ووجع الضرس فهذا لا يحل له أن يفطر؛ لأنه في الحقيقة ليس مريضًا خرج عن حد الصحة! إنما هي علة خفيفة.

والحال الثاني: أن يشق عليه الصوم، ولا يضره فهذا يكره له الصوم، ويسن له الفطر.

والحال الثالث: أن يضره الصوم ككثير من المصابين بمرض الكلى، والقرحة الشديدة المزمنة، ونحو ذلك والسكري الشديد لو صاموا أضر بهم أضر بأعضائهم، فهؤلاء إذا لم يكن لهم علاج يرجى وشفاء يرجي فإنهم يفطرون، ويطعمون عن كل يوم مسكينًا فدية وأما بالنسبة للحائض والنفساء فيحرم عليهما الصيام، وتقضيان بعد ذلك، وكذلك المرأة المرضعة أما دم الاستحاضة لا يمنع الصيام كما لا يمنع الصلاة؛ لأنه دم عرق، وليس دم يرخيه الرحم الذي هو دم الحيض.

عباد الله: إن النية لا بدّ منها، وهذه النية مشترطة في الصيام؛ لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل، ما هي النية؟ إنها عزم القلب على فعل الشيء عزم القلب على فعل الشيء، إذن لا تحتاج إلى تلفظ، التلفظ بها بدعة كل من علم أن غدًا رمضان وهو يريد صومه فهذه نية، كل من علم أن غدًا من رمضان وهو يريد صومه فقد نوى ولذلك يحتاط الإنسان بالاستيقاظ قبل الفجر في ليلة اليوم الذي لا يدرى هو ثلاثين شعبان أو واحد رمضان حتى يتأكد هل أعلن فينوي قبل الفجر المهم أن تكون عنده نية في الليل قبل فجر اليوم الأول من رمضان.

اللهم إنا نسألك أن تتقبل منا، وأن تتوب علينا، وأن تغفر ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، اللهم إنا نسألك أن تثبت أقدامنا، وأن تنصرنا على القوم الكافرين، اللهم إنا هدنا إليك فتب علينا، اللهم تقبل توبتنا، واغسل حوبتنا، اللهم إنا نسألك أن توحد صفوف المسلمين يا رب العالمين، اللهم اجمع كلمة المسلمين على الحق، اللهم إنا نسألك الهداية والرحمة والمغفرة، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهم إنا نسألك أن تمتعنا بصوم رمضان، وأن تجعلنا ممن يقبل فيه عليك يا رب العالمين، اللهم اجعلنا من ضاعفت لهم الأجر، وغفرت لهم الوزر، إنك أنت أرحم الراحمين، اللهم إنا نسألك النصر على الأعداء، وعيش السعداء، وميتة الشهداء، وحياة الأتقياء، ومرافقة الأنبياء، اللهم إنا نسألك أن تجعل خزيك وعذابك على اليهود الظالمين، وعلى الصليبين الحاقدين، وعلى سائر المشركين والكافرين، اللهم انتقم منه، وفرق شملهم، وشتت جمعهم، وأنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، اللهم اجعل المسلمين آمنين في أوطانهم، وبلدانهم، وأنزل عليهم الأمن، والإيمان، والبركة، والرحمة يا رحمن، اللهم إنا نسألك أن تجعل حياتنا في طاعتك، وأن تجعل مماتنا على دينك يا أرحم الراحمين، سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ۝ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ۝ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

1 - رواه البخاري8، ومسلم16
2 - رواه ابن خزيمة1986
3 - رواه البخاري1904، ومسلم1151
4 - رواه النسائي2222
5 - رواه الطبراني في الكبير88
6 - رواه البخاري38، ومسلم760
7 - رواه البخاري5065، ومسلم1400
8 - رواه البخاري1909
9 - رواه النسائي2106
10 - رواه البخاري1909