الخطبة الأولى
إن الحمد لله نستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَآل عمران: 102، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًاالنساء: 1،يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًاالأحزاب: 70-71، أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وجوب دفع الزكاة وأهميتها
عباد الله: إن الله قد أوجب علينا فرائض لابد من القيام بها، وعلى رأس هذه الفرائض أركان الإسلام الخمسة، ومن هذه الأركان الزكاة، الزكاة التي هي فرض أمر عظيم يجب القيام به، ولها فوائد كثيرة، فوجوب الزكاة لا يخفى على أحد، وهو مما علم بداهة من دين الإسلام، قال الله : وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَالبقرة: 110، وأخبر أنه يقبل الزكاة ويضاعف عليها، فقال: وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَالروم: 39، الذين يضاعف لهم الأجر والثواب من الله ، وهي لغة: أنماء والزيادة والصلاح، فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًاالكهف: 81، أي: صلاحاً، وهي من شعائر الأنبياء، قال الله -تعالى- عن إبراهيم وآله: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَالأنبياء: 73، وامتدح الله إسماعيل، فقال : وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِمريم: 55، وامتدح الله المؤمنين فقال: وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَالمؤمنون: 4، ولا شك أنها تطهير للنفس من الشح والبخل كما قال : خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا التوبة: 103فهي تطهير وتزكية، وبالإضافة إلى فائدتها لصاحب المال، فهي سد لحاجة المصارف الثمانية، وهي نجاة من المفاسد الاجتماعية والخلقية الناشئة عن عدم سدها، ولذلك يوجد في المجتمع كثير من الانحراف والفواحش بسبب الفقر، وقد يدفع الفقر بعض النساء إلى ارتكاب الفاحشة من أجل جمع المال للإنفاق على من تحت يدها، ومن عندها في البيت، وهذا واقع ومعروف، أذكر لكم أن إحدى النساء التي اشتبه في أمرها لما طرق عليها الباب، ودفع إليها زكاة أجهشت بالبكاء، وقالت: أين أنتم منذ زمن بعيد؟
فلا شك أن عدم إخراج الزكاة والصدقات، من الأسباب التي يؤدي إليها وقوع بعض الناس في الفواحش، وإخراج الزكاة دافع للتجارة والاستثمار وتحريك المال، كما قال عمر: "ابتغوا في أموال اليتامى لا تأكلها الصدقة"، اتجروا بها حتى لا تأكلها الصدقة.
عقوبة مانع الزكاة في الدنيا، وفي اللآخرة
الزكاة أحد الأمور التي أمر النبي ﷺ أن يقاتل الناس عليها، أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلو ذلك عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله.
ولذلك لما امتنع المرتدون، امتنع بعض العرب عن دفع الزكاة مع بقائهم على الإسلام، قاتلهم أبو بكر الصديق، قال له عمر: كيف تقاتل الناس، وقد قال رسول الله ﷺ: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحق الإسلام، وحسابه على الله؟ فقال أبو بكر بفقهه: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله ﷺ لقاتلتهم على منعه، فقال عمر: فوالله ما هو إلا أن رأيت أن الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق. ، قال النبي ﷺ: من أعطاها مؤتجراً بها فله أجرها، من يبتغي الأجر بإخراج الزكاة فله أجرها، ومن منعها فإنا آخذوها وشطر -إبله وشطر- ماله عزمه من عزمات ربنا -تبارك وتعالى- لا يحل لآل محمد منها شيء.
إذاً عقوبة تارك الزكاة ومانع الزكاة أن تؤخذ منه الزكاة بالإضافة إلى شطر ماله، عقوبة يأخذها منه السلطان إذا امتنع عن الزكاة.
وهؤلاء الذين يمتنعون سيكون لهم يوم القيام عذاب أليم، يكون كنز أحدكم يوم القيام شجاعاً الحية الذكر من الأفاعي أقرعقد سقط شعر رأسه لكثرة سمه يفر منه صاحبه، فيطلبه، ويقول: أنا كنزك قال والله لن يزال يطلبه حتى يبسط يده فيلقمها إياه فيلقمها فاه، يدخل مانع الزكاة يده في فم هذا التنين، وهذا الشجاع الأقرع، فيقضمها، كما أن يده قد بخلت عن إخراج الزكاة في الدنيا، هكذا يحصل له.
وقال ﷺ: من أتاه الله مالاً فلم يأدي زكاته مثل له يوم القيامة شجاعاً أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة يأخذ بلهزمتيه بشدقيه يقول: أنا مالك أنا كنزك، ثم تلا النبي ﷺ هذه الآية: وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِآل عمران: 180، فالمال الذي بخل به بالدنيا سيكون شجاعاً أقرع يطوقه يوم القيامة حول عنقه.
أصناف الزكاة
واعلموا -أيها الإخوة- أن الشريعة قد أوجبت الزكاة في أصناف معينة، ولم تجبها في كل شيء فقد أوجبتها مثلاً في النقدين الذهب والفضة، والسائمة بهيمة الأنعام الابل والبقر والغنم، وكذلك في عروض التجارة، والخارج من الأرض، وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِالأنعام: 141، الزروع والثمار.
أما بالنسبة للنقدين، الذهب والفضة، فإن النبي ﷺ قال: ليس في أقل من عشرين مثقالاً من الذهب، ولا في أقل من مئتي درهم صدقة، فعلمنا نصاب الذهب والفضة.
فإذا سألت: كم يكون بهذه الغرامات؟ فلتعلم أيها المسلم أن المثقال هو أربع غرامات ونصف تقريباً، وبناءاً عليه يكون نصاب الذهب في حدود خمسة وثمانين غرام، ونصاب الفضة في حدود ستمائة غرام، فمن ملك خمسة وثمانين غراماً من الذهب حولها وأكثر منها، ومن الفضة ستمائة تقريباً تجب عليه الزكاة، ولا تجب الزكاة في المعادن الثمينة، وإن كانت أغلى من الذهب والفضة، كالألماس والبلاتين إلا إذا أعدت للتجارة، وأقلام وساعات الذهب للرجال بطبيعة الحال لا يجوز استعمال ساعات وخواتم الذهب للرجال، لكن إذا كان عنده أشياء ذهبية مصنوعة من الذهب، فإذا بلغت نصاباً مع غيرها من السبائك والممتلكات الذهبية، فإنها إذا بلغت نصاباً تخرج زكاتها.
وقد قال بعض العلماء: بتكميل بعض النصابين من الآخر، فإذا كان عنده ذهب وفضة لم يبلغ منهما نصاب الواحد منهما نصاباً، ولكن إذا جمعا بلغا، قالوا: بإخراج الزكاة، واتفقوا على تكميل كل منهما بعروض التجارة، وإذا نقص النصاب شيئاً يسيراً جداً فإنه يزكيه احتياطاً، وإذا كان الذهب والفضة مخلوطاً بغيره فإن الذهب يقدر والفضة تقدر من قبل الخبراء من الصاغة ونحوهم، فلو كان فيه فصوص من ألماس ومعادن أو حجارة كريمة كما يسمونها، قدر الذهب لوحده أو الفضة لوحدها، فإذا بلغ نصابا ً أخرجت الزكاة.
والزكاة على ثمن الذهب الذي عندك ليس على سعر شراءه، ولا على سعر بيعه عند الصاغة، ولكن على سعر بيع ذهبك أنت الآن، لو أردت أن تبيعه كم يساوي عند حلول الحول؟ كم يساوي تخرج الزكاة؟.
والصحيح أن حلي المرأة تجب فيه الزكاة، كما جاء في الحديث الصحيح عن المرأة التي جاءت إلى النبي ﷺوفي يد ابنتها مسكتان من ذهب سواران قال: أتأدين زكاة هذا؟، قالت: لا، قال: أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار.
إذاً: هذا التهديد لا يكون إلا على ترك واجب، فإذاً تجب منه إخراج الزكاة، يجب على من على صاحبت الحلي على الزوجة، ولو كان أهداه لها زوجها؛ لأن العبرة بصاحب المال، فإذا تبرع زوجها بإخراج الزكاة عنها فهو مأجور والحمد لله، وإن لم تجد مالاً، أوراق نقدية باعت من الحلي قطعة بقيمة الزكاة، فأخرجت زكاة حليها، ولا يقولن قائل: ستفنى الحلي؛ لأن النصاب معرف، فلو أنه مع السنوات زكي فنقص ونقص ونقص، فإنه يصل إلى النصاب، فإذا صار أقل من النصاب لم تعد به الزكاة، فلا يقال: إن الحلي سيفنى وينتهي بالكلية، والذي أهوى جمع الأشياء الذهبية والفضية ونحوها فلابد أن يدخلها، فإن بعض الناس لديهم من التحف من الأسف ما فيه ذهب وفضة كثير، فعليهم ألاَّ ينسوا إخراج زكاته، وكذلك فإن من كان عنده بنات كل واحدة منهن لها حلي، فإنه يحسب نصاب كل واحدة على حدة، ولا يجب عليه أن يجمع الجميع، فإذا بلغ عند إحداهن ثلاثون غراماً لا تجب فيه الزكاة، والأخرى خمسون غراماً لا تجب فيه الزكاة، والثالثة ستون لا تجب فيه الزكاة، وبلغ عند الرابعة تسعين أو مائة أو عند الزوجة أكثر، أو أكثر من النصاب تجب فيه الزكاة، ينظر إليهن كل على حدة.
ومن كانت تجهل حكم إخراج الزكاة في السنوات الماضية فلا شيء عليها؛ لقيام الشبهة من الاختلاف الحاصل في الأقوال في مسألة زكاة الحلي، وينبغي على الناس ألاَّ يبخلوا في إخراج حق الله في المال.
هل في الرواتب زكاة ؟
أما بالنسبة للرواتب: فإن كان يصرف الراتب أولاً بأول، فلا يبقى منه شيء في آخر الشهر هذا ديدنه وحاله وعادته فلا زكاة في الرواتب؛ لأنه لا يحول على شيء منها الحول، أما إن كان يدخر منها أو له أشياء أخرى من الإيجارات والاستثمارات والعوائد، فإنه ينظر إذا حال عليه الحول كم رصيده المالي؟ فيخرج في الألف خمس وعشرين ريال والحمد لله.
الزكاة يسيرة في الألف خمسة وعشرين لو قال ربنا: ادفعوا نصف المال لدفعنا أو أكثر فهو صاحب المال، لكن قال: في الألف خمسة وعشرين، في أمرنا في الألف خمس وعشرين أمر يسير.
وكل الحقوق المالية لا تستطيع أخذها الآن مثل مكافئة نهاية الخدمة، أو الأشياء التي يقتطعوها من راتبك ولا تستطيع أخذها الآن لو طالبت ما أعطوك، قالوا: انتظر حتى تنتهي خدمتك في الشركة أو المؤسسة ونحوها فلا زكاة فيها؛ لأنه مال غير مقدور عليه، فإذا قبضته فزكه مرة واحدة، وأموال اليتامى والمجانين يجب على أوليائهم إخراج الزكاة عنهم.
زكاة عروض التجارة
والتجار أصحاب عروض التجارة يقومون سلع التي عندهم في المخازن والمحلات ونحوها، ويجردونها في آخر السنة عند حلول الحول، ثم يخرجون الزكاة على قيمتها الحالية في السوق عند حلول الحول، لو أراد أن بيعها كم تساوي عند حلول الحول؟ لو أراد أن يبيعها كم تساوي؟ كم سعرها في السوق عند حلول الحول؟ لا سعر الشراء، كم سعرها في السوق الآن لو أراد أن بيعها؟ على قيمتها خمسة وعشرين في الألف.
والأراضي المعدة للبيع تدخل في عروض التجارة، والذي يبيع المكائن هذه من عروض التجارة.
أما بنسبة لعروض التجارة، فإن الإنسان إذا نوى البيع تجب عليه الزكاة فلو اشترى أرضاً بنية أن يبيعها الآن أو مستقبلاً، المهم أنه يريد أن يبيعها تجب عليه الزكاة، ومن كان يبني بيوتاً ويبيعها فهي من عروض التجارة تجب فيها الزكاة على قيمتها الحالية عند حلول الحول.
وأما الأراضي المعدة للاستثمار بالإيجار أو بناء مشاريع أو سكن ونحوها فليس فيها زكاة، ومن كانت نيته مترددة في البيع، أو في الإيجار، أو البيع، أو البناء فإنه لا زكاة فيها؛ لأنه لم يجزم بالبيع، فإذا جزم بالبيع ابتدء بالحول، فإذا حال الحول وهو جازم بالبيع ففيها الزكاة.
والتجار الذين يبيعون الجملة والمفرق يخرجون الزكاة على سعر بيع الجملة لما يباع بالجملة، والزكاة على سعر بيع المفرق لما يباع بالمفرق، والذي يبيع بالنوعين جملة ومفرق فإنه يقدر تقديراً بين الجملة والمفرق بحسب تجارته وحاله وبيعه من خبرته السابقة، ويخرج الزكاة.
ولو أتى ببضاعة لم ينزلها في السوق، ولم يعرف سعرها نظر كم يبيع التجار فيخرج الزكاة، كم يبيعون السلع المشابه لها بناءً عليها يخرج الزكاة، فإن لم يوجد لها مثيل قدرها تقديراً كم تساوي في السوق؟ وأخرج الزكاة، فإن لم يدري انتظر حتى يبيع ويعرف السعر عملياً يخرج الزكاة، أو يقدر ويخرج، فإذا باع وكانت أكثر أخرج الفرق وأضافه عما مضى مما أخرجه من الزكاة.
وكذلك فإن المحلات التي فيها أشياء للبيع والاستبدال مثل محلات الغاز، أسطوانات الغاز فما كان فيها معداً للبيع وجب إخراج الزكاة عنه، وأما الاستبدال فإن الزكاة في الأرباح أرباح الاستبدال.
ومن جاءه مال قبل تمام الحول، فإذا كان أرباحاً ونماءً للمال الأصل فحوله حول أصله لا ينتظر به حولاً جديداً، كأرباح التجارة والأسهم، ونتاج بهيمة السائمة حولها حول أصلها، أما إذا كان المال المستفاد ليس من الأصل الذي عنده من مصدر آخر فإنه يستقبل به حولاً جديداً.
وكذلك فإنه إذا حال الحول على التركة وجبت الزكاة على الورثة كل واحد يخرجها من نصيبه، وإذا كانوا لا يستطيعون قبض التركة، فهي محجوزة عند المحكمة فلا زكاة فيها حتى يستطيعوا التصرف في المال؛ لأنها قد تحجز لسنوات لوجود قصر، أو لسبب من الأسباب، ونحو ذلك.
وإذا كان عند إنسان بضاعة بالدين أخذها بالدين من التجار ليبيع في المحل، فالصحيح أن عليها الزكاة؛ لأن الدين عقد تمليك، فلو قيل له: البضاعة التي تبيعها في المحل ملك لمن؟ قال: ملكي أنا، لكن عليه قيمتها دين، القيمة دين أما هي البضاعة ذاتها دخلت في ملكه.
زكاة بهيمة الأنعام
وكذلك فإن الإبل والبقر والغنم عند الفلاحين إذا كانوا يربونها للبيع فهي من عروض التجارة، يجب إخراج الزكاة فيها، وأما إن كانت ليست للبيع وإنما لهم فإن كانت ترعى من الأرض فإن فيها زكاة السائمة المعروفة، من أربعين إلى مائة وعشرين في الغنم فيها شاة، وهكذا، وإن كان يطعمها هو من ماله فلا زكاة فيها، فإن كانت معدة للبيع أخرج الزكاة في جميع الحالات سواء يطعمها من جيبه أو تأكل من الأرض.
وأما صداق المرأة، تأخر الصداق، فإن كان زوجها غنياً متى طالبته أعطاها فعليها الزكاة، وإن كان فقيراً وكان المؤخر كثيراً مثلاً لا يستطيع أداءه إليها، فإنه ليس عليها زكاة، وإن كان الصداق مؤجلاً إلى حين الفرقة أو الطلاق، فهي مادامت زوجته ليس لها حق فيه حتى يموت أو يطلق، فليس عليها زكاة أيضاً، ومن كانت تخشى لو طالبت أن يطلقها فليس عليها زكاة أيضاً.
زكاة الأسهم، والدين
وأما الأسهم فإن على قيمتها الحالية عند حلول الحول هي وأرباحها الزكاة، فإن كانت الشركة التي يملك الأسهم فيها تخرج الزكاة فلا زكاة عليه، وينتبه إلى قول الأسهم في الشركات الشرعية، الأسهم الحلال أما أسهم البنوك فهي سحت وحرام، وكيف يخرج الزكاة من مال حرام؟ وهل يقبل الله هذا؟ كلا لا يقبل الله، إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، فانتبه يا عبدالله! وارجع إلى الله، وطهر مالك من الحرام، قبل أن يأتي يوم لا مال ولا درهم، ولكن حسنات وسيئات.
كذلك فإن كل ما أعده الإنسان لحاجته واستعماله الشخصي فإنه لا زكاة فيه، كالمأكل والمشرب والملبس والمركب ونحو ذلك، ولو كان عنده عدة سيارات، وأثاث البيت فلا زكاة فيه، والسيارات الخصوصية، أو سيارات الأجرة ليس فيها زكاة، إنما الزكاة في الأجرة إذا حال عليها الحول، كل ما أعد للاستعمال غير الذهب والفضة ليس فيه زكاة، والعمارات المعدة للإيجار ليس فيها زكاة، الزكاة في الإيجار إذا حال عليها الحول، وكذلك المستودعات المؤجرة ونحو ذلك، والورش والمحلات ليس فيها زكاة، وما في محتوياتها من ما لا يباع كالرفوف، والديكورات، وأدوات النجارة، والحدادة، والتجهيزات الكهربائية، وآلات الحساب، والموازين كلها ليس فليها زكاة، إلا إذا أعدها للبيع، والخضروات والفواكه ليس فيها زكاة؛ لأنها ليست ثمراً ولا حباً، فقد جاء في الحديث ليس في الخضروات زكاة، وكذلك فإن الأراضي الزراعية ليس فيها زكاة، وإنما الزكاة في الغلة، وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِالأنعام: 141، وأموال صناديق البر، والصناديق الخيرية، ليس فيها زكاة، والمبالغ المعدة لبناء مسجد الداخل في حساب خاص أو للأعمال الخيرية لا زكاة فيها.
والدين لا يمنع الزكاة، فلو كان عليك دين وعندك أموال تخرج الزكاة على أموالك إذا حال عليها الحول، مادامت عندك الأموال ما سددت الدين، والأموال عندك، وحال عليها الحول تجب عليك فيها الزكاة، والأموال المعدة لقضاء الدين، أو للزواج، أو لبناء البيت ما دامت عندك وحال عليها الحول تجب فيها الزكاة، وكذلك فإن التجار الذين عليهم ديون ما داموا ما سددوا الديون، وعندهم أموالهم تجب فيها الزكاة، وإذا كنت أسلفت شخصاً مالاً، فلو كان غنياً ليس بمماطل، لو طالبته أعطاك عليك الزكاة، ولو كان فقيراً أو معسراً أو مماطلاً لو طالبته ما أعطاك ليس عليك الزكاة حتى تقبضها، ولا يجوز إسقاط الدين بالزكاة على الصحيح، فلا يجوز أن تقول لأنسان أسلفته مالاً: أنا عندي زكاة هذه السنة سأسامحك بالدين وأحسبه من الزكاة، الصحيح أنه لا يجوز ذلك لأن الله قال: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً التوبة: 103، وقال: تؤخذ من أغنيائهم وترد فقرائهم، وهذه العملية التي عملها ليست فيها أخذ ولا إعطاء، ثم إنه قد انتفع؛ لأن هذا المال رديء ليس محصل شبه معدوم، فكيف يجعل الزكاة التي تخرج عن طواعية من نفس من ماله هي هذه المال الرديء المعدوم الذي لا يرجى أن يأخذه.
وكذلك فإن الإنسان يخرج من الطيب الجيد، وليس من الرديء أو المعدوم والمفقود، فإذاً لا تصح هذه العملية، هذا بالنسبة لبعض أحكام الزكاة نسأل الله أن يرزقنا الفقه في كتابه وسنة نبيه ﷺ وأن يطهر أنفسنا من البخل والشح، وأن يجعلنا وقافين عند حدوده، مؤدين لحقوقه، والله تعالى أعلم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله مالك الملك، الحمد لله رب العالمين، أشهد أن لا إله إلا هو وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، هو الأول، والآخر، والظاهر، والباطن، وهو بكل شيء عليم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد الرحمة المهداة، الشافع المشفع، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
هو الذي حذرنا من منع الزكاة فقال: ما من صاحب ذهب ولا فضة، لا يؤدي منها حقها، إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، فأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه وجبينه، كلما بردت أعيدت له، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله، إما إلى الجنة، وإما إلى النار، ولا صاحب إبل لا يؤدي منها حقها ومن حقها عليه حلبها يوم وردها إذا وردت الماء، وهناك مساكين، يحلب ويعطيهم ومن حقها عليه حلبها يوم وردها، إلا إذا كان يوم القيامة، بطح لها بقاع قرقر، أوفر ما كانت أعظم ما كانت وأكبر ما كانت لا يفقد منها فصيلاً واحداً تطأه بأخفافها وتعظها بأفواهها، كلما مر عليه أولاها رد عليها أخراها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد، وهكذا البقر والغنم تطأه بقرونها وأضلافها كما أخبر النبي ﷺ .
مصارف الزكاة
يا أيها الناس: أدوا زكاة أموالكم مؤتجرين بها، طالبين الحسنات من الله مبتغين وجه الله، لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِرغبة نفس ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ البقرة: 177، وقال الله في أهل الزكاة: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌالتوبة: 60، إذا كان للإنسان دخل يكفيه لطعامه، وشرابه، وكسائه، وسكنه، وأموره الضرورية من أي مصدر كان من التقاعد، أو الضمان الاجتماعي، أو غيره، أو قريب، ينفق عليه فلا يسمى فقيراً، ولا مسكيناً، وكل من لا يجد حاجة من الحاجات الضرورية له فإنه فقير ومسكين، ولو كانت من ضرورات هذا العصر كالثلاجة، والمكيف، فهذه ليست في هذه الزمان ليست من الكماليات، وإنما هي أشياء ضرورية، فمن كان لا يملك ذلك في هذه البلاد الحارة –مثلاً- فإنه يعد فقيراً، ولا يجوز إعطاء الزكاة لتارك الصلاة، أو المرتد عن الدين الذي يسب الدين، ولو كان أقرب قريب، ويجوز إعطاء الزكاة للمديون المطالب بالدين الآن، وليس عنده ما يسدد، إذا كان مديوناً مطالباً بالدين، الآن مطالب ما عنده ما يسدد، فيعطى من الزكاة.
وأصحاب الجنايات، والديات، يعطون من الزكاة، يعطى الزكاة للناس الفقراء والمساكين من المسلمين، فلا يجوز إعطائها لغير مسلم أبداً، لا نصرانياً، ولا يهودياً، ولا هندوسياً، ونحو ذلك من الملل الكفر.
يعطى الزكاة للناس الفقراء والمساكين من المسلمين، فلا يجوز إعطائها لغير مسلم أبداً، لا نصرانياً، ولا يهودياً، ولا هندوسياً، ونحو ذلك من الملل الكفر.
يعطى الأقرباء؛ لأن الصدقة على ذي الرحم صدقة وصلة، إلا على الوالدين وإن علو، الجد والجدة تلزمك نفقتهم لا يعطون من الزكاة، والأولاد وإن نزلوا ذكراً وإناثاً لا يعطون من الزكاة، والزوجة أنت مكلفاً بالإنفاق عليها، لا يجوز أن يحابي بها أحداً، ويجوز إعطاؤها للأخ الفقير، والأخت الفقيرة، وابن الأخ الفقير، وابن الأخت الفقيرة، والخال الفقير، والخالة الفقيرة، والعم الفقير، والعمة الفقيرة، وأولادهما الفقراء، وزوجاتهم الفقراء، وزوج الأخت الفقيرة مثلاً، وهكذا وزوجة الأب ليست والدتك، زوجة أبيك إن كانت في عصمته لا يجوز أن تعطيها أنت مكلف بالإنفاق على زوجها وهو أبوك، وإن كانت أرملة أو مطلقة جاز إعطاؤها.
ويجوز أن تعطي المرأة زكاتها لزوجها الفقير؛ لأنها ليست مكلفة شرعاً بالإنفاق عليه، وإن كانت الزكاة قليلة فصرفها على أسرة محتاجة قد يكون أولى من توزيعها في أسرة كبيرة لا ينتفع كل واحدة منها بشيء قليل، والفقير يعطى ما يكفيه وعائلته لمدة سنة، إلى أن يحين وقت الزكاة التي بعدها، يجوز أن تعطيه نفقة سنة.
ويعطى الشاب الذي يجد العنت، ويخشى من الوقوع بالإثم، ويريد الزواج، ولا يستطيع الزواج يعطى ما يكفي زواجه، ولا يجوز إعطاؤها للأقرباء مقابل النفقة الواجبة، لكن يجوز أن يعطيهم فيما سوى النفقة، كأن يقضي ديناً عن أبيه ليس مكلفاً بقضائه، ويجوز دفع الزكاة لتسديد دين ميت ليس له مال، ولا ورثة يؤدون.
وإذا جاءك إنسان يطلب زكاة، فأنت ترى حاله، وظاهر أمره، وكلامه، فإذا استوثقت منه مما ظهر من حاله أنه من أهل الزكاة يعطى من الزكاة، ويذكر أنها لا تحل لغني ولا لقوي مكتسب؛ لأنه قد يكون قوياً، لكن لا يستطيع الاكتساب، لظرف أو لآخر لا يستطيع العمل، مع أنه قوي، شاب، لكن لا يستطيع العمل، فيعطى منها، ولا يجوز لرجل أن يقبل الزكاة وقد اغتنى بعد فقر؛ لأن بعض الذين يعطون العوائل، العائلات، الأيتام يكبر يتوظفوا العائل يصبح فيها من يعمل، فيجب على الأغنياء وأصحاب الزكاة أن يتقوا الله، ويراجعوا حال الذي يعطونه كل سنة، هل لا زال من أهل الاستحقاق أم لا؟ لأن بعض الناس يخرجون على العادة مع أن أحوال الناس الذي يعطونهم قد تغيرت، ولا يجوز لرجل أن يقول: أعطني زكاة أوصلها لآخر فقير، ثم يأخذها لنفسه؛ لأنه وكيل، فلا يجوز أن يأخذها، ولو كان فقيراً لابد أن يقول: إنني أريد أن آخذها لنفسي، لأني محتاج إليها، وكذلك فإن الزكاة التي يراد دفعها للجمعيات الخيرية لابد من التأكد أنها تصرف للمستحقين في وقتها الصحيح.
ولذلك، يا عباد الله! يجب الاستيثاق ممن تعطى الزكاة إليه، لا تعطى لمن هب ودب، لا تعطى لأي جمعية أو هيئة، وإنما يستوثق من حالهم، هذه زكاة ليست لهو ولا لعب، هذه فريضة ركن من أركان الإسلام، أعط من تثق به أنه يوصلها إلى مستحقيها، تأكد من ذلك، ابحث، أخرج من بيتك، انزل عن كرسي مكتبك، وابحث لأن بحثك تؤجر عليه، وهذا هو الورع أن تتحرى من تعطي الزكاة لمن تعطي الزكاة، فإن لم تعلم تعطي من تثق به إن لم تعرف أحداً من أهل الزكاة، تعطي ثقة معروفاً بدينه وأمانته ليوصلها.
أحكام مختلفة في الزكاة
ويجوز إعطاء الزكاة لزعماء القبائل والوثنيين إذا رجونا إسلامهم. وكذلك فإن مما ينبه عليه أن بعض الناس يظن أن الزكاة لابد أن تخرج من نفس المال، فلو كان عنده مال في البنك، ومال في بيته يعتقد أن زكاة المال الذي في البنك يجب أن تكون من المال الذي في البنك، والصحيح أنه لا يجب فلو أخرجت زكاة مال البنك من المال الذي في بيتك أو العكس جاز ذلك، المهم أن عليك زكاة ألف تخرجها ألف من أي مكان أخذتها، من مالك الذي في البيت، في البنك، كان لك مال عند شخص أخذته منه وأخرجت منه الزكاة كل هذا صحيح.
ولا يجوز ترك الزكاة لبناء المساجد، ولا لطباعة المصاحف، ولا للكتب؛ لأنها ليست من مصارف الزكاة، ولا فرش المسجد، ولا ترميمه هذه من الصدقة.
ولابد من النية عند إخراج الزكاة، فلا يجوز أن يعطي شخص صدقة على أنها صدقة، وبعد أن يعطيه يقول: نويت أنها زكاة لا يصلح عند الاعطاء لابد أن تكون النية نية زكاة حتى تحسب زكاة.
ويجوز نقل الزكاة من بلد إلى بلد إذا صارت هناك حاجة.
وأما بالنسبة لشراء أشياء للفقير من أموال الزكاة، فإن الأصل أن يعطى الفقير المال، هو الذي يأخذ المال ويتصرف فيه، لا تتصرف بالمال نيابة عنه إلا إذا وكلك راضيا دون حرج أو إحراج، أو أنه كان أحمق لا يعرف كيف يصرف وينفق لا يعرف مصلحة نفسه، فعند ذلك يجوز لمن لا يحسن التصرف أن يشترى له بها، أو خشي أن يشتري بها محرمات لفسقه، فيشترى له بها أشياء، عنده عائلة لكن قد يشتري بها مخدرات فعند ذلك تعطى للمرأة مثلاً، زوجته الفقيرة؛ لأنها فقيرة تعطى، أو أنه يشترى له بها أشياء من مال الزكاة إذا كان لا يحسن التصرف.
ومن كان يتضرر بإخراج الزكاة الآن جاز له أن يؤخر شهراً أو شهرين حتى تتوفر عنده سيولة، لكن لا يؤخر كثيراً لأن هذا حق لله وللفقراء.
ومن أخرج زكاة في مصرف ليس من مصارف الزكاة وعلم فعليه أن يعيد إخراجها. ومن لم يخرج الزكاة عن سنوات ماضية ثم تاب إلى الله هي باقية في عنقه في ذمته دين عليه لابد أن يخرجها.
اتقوا الله يا عباد الله وأخرجوا زكاة أموالكم فإن النبي ﷺ قال: بشر الكانزين برضف حجارة محماه بالنار يحمى عليه في نار جهنم، فيوضع على حلمة ثدي أحدهم حتى يخرج من نغض كتفيه، من بين كتفيه ويوضع على نغض كتفيه حتى يخرج من حلمة ثدييه يتزلزل، من الألم يوم القيامة، هكذا قال الله -تعالى-:وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَالتوبة: 34-35.
اذهبوا شر المال بالزكاة، كما قال النبي ﷺ: من أدى زكاة ماله فقد ذهب شره، أخرجوا النفيس، والواجب من الوسط الواجب من وسط المال، لكن حاول أن تخرج من أحسن ما عندك من الزكاة، كما قال النبي ﷺ: ثلاث من فعلهن طعم طعم الإيمان: من عبد الله وحده، وعلم أن لا إله إلا الله، وأعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه رافدةً عليه كل عام، ولم يعطي الهرمة، ولا الدرنة الجرباء، ولا المريضة، ولا الشرط اللئيمة، أو الرزيلة من المال ولكن من وسط أموالكم فإن الله لم يسألكم خيره ولم يأمركم بشره، وإنما قال من الوسط وإذا أخرجت من النفيس كان لك الأجر على ذلك.
حكم الاحتفال بالقرقيعان:
وفي هذا الأسبوع القادم يحتفل كثير من الناس بعادة يسمونها القرقيعان، وهذه أيها الإخوة، فيها عدة محاذير؛ لأن تخصيص يوم في السنة يحتفل به يفرح به الناس والأطفال كفرحهم بالعيدين، أو أشد لاشك أن في مضاهاة للشريعة في أمور الأعياد، وكذلك ما يحدث فيه من العادات القبيحة كرقص النساء البالغات، أو تقديمه في علب الفضة، ولا يجوز استخدام علب الفضة لا في حفلات الملكة، ولا في هذا الذي يسمونه القرقيعان، ولا في غيره لأن هذه من أواني التي حرمها الله، وغير ذلك من طواف بعض الأولاد لإيذاء الناس في أبوابهم، وبيوتهم، ولذلك فحذروا من كل ما هو شر وابتعدوا عنه.
اللهم إنا نسألك أن تجعلنا ممن يخافك ويتقيك، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.
اللهم إنا نسألك أن تغفر ذنوبنا، وتتجاوز عن سيئاتنا، اللهم فرج هم المهمومين، ونفس كرب المكروبين، وارفع البلاء عن أهل الإسلام يا رب العالمين، وفك أسر المسجونين من الموحدين، واستر عيوبنا، وآمن روعاتنا، واقض ديوننا، إنك أرحم الراحمين.
اللهم إنا مسنا الضر وأنت أرحم الراحمين، فكشف ما بنا من ضر إنك أنت الرؤوف الرحيم، اللهم أنزل على إخواننا المضطهدين في الأرض رحمة من عندك، تنصرهم بها وتكشف البلاء عنهم يا رب العالمين. إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَالنحل: 90، فاذكرو الله العظيم يذكركم.