الخطبة الأولى
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
عباد الله: ها قد انقضت تلك العشر العظيمة بما كان فيها من عمل، وها هو قد انتهى موسم الحج بما فيه من الفضل والأجر، فمنهم من حلق رأسه فكان له بكل شعرة سقط حسنة، ورميه للجمار مدخور له، ووقفوا بعرفة فباهى الله بهم ملائكته، وأعتق من النار من أعتق في ذلك اليوم المشهود، وكذلك على تلك الصُعد المباركة وقفوا في مزدلفة وباتوا في منى، وكان الفوز العظيم بطواف الإفاضة فإن من طافه وكان حجه مبروراً خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، ضحى المضحون في البلدان تقبل الله أجرهم، وعمل من عمل الصالحات نسأل الله أن يضاعف لهم.
قواعد تعامل المؤمن وتجارته مع الله
عباد الله: لا زلنا في شهر ذي الحجة وهو شهر محرم من الأشهر الحرم العمل فيه عظيم، ويقدم علينا شهر المحرم بعد ذلك شهر عظيم محرم آخر، والمسلم الحصيف يتتبع الأجر فيعمله، ويريد أن يتاجر مع الله وهذه المتاجرة يا عباد الله فيها قواعد، فمن قواعد المتاجرة مع الله أولاً: أنه لا أجر بلا عمل، ولذلك يقول سبحانه: آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِسورة البقرة82. آمَنُوا وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سورة آل عمران57. في مواضع كثيرة من كتابه.
ثانياً: أنه لا أجر بلا توحيد يقوم عليه وإخلاص معه، ولذلك لا يتقبل الله من المشركين كل أعمالهم الخيرية، كما قال تعالى: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًاسورة الفرقان23. لماذا؟ سألت عائشة النبي ﷺ: إن ابن جدعان رجل كان في الجاهلية يكرم الضيف ويصل الرحم ويفعل ويفعل، يتصدق، فماذا له عند الله؟ فأخبرها: أنه ليس له عنده شيء لأنه: لم يقل يوماً رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين[رواه مسلم214]. فالله لا يقبل عملاً إلا إذا كان صاحبه موحداً له قاصداً وجهه، ولذلك الرياء يحبط الأعمال كما أن الكفر والشرك لا يقوم عليه أجر ولا ثواب، ولكن من عدل أنه يعجل لهؤلاء ثوابهم في الدنيا، فيعطيهم إياها صحة ومالاً وولداً وشهرة ونحو ذلك.
ومن قواعد التعامل مع الله والتجارة: أن المؤمنين يرجون الأجر بخلاف غيرهم ولذلك قال تعالى: وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ[سورة النساء104]. لماذا؟ لأن المؤمن يؤمن بالله الذي سيضاعف أجره، ويجزيه على عمله، ويوفيه ثوابه، وكذلك يؤمن باليوم الآخر الذي فيه هذا الجزاء وهذا الحساب، ولذلك المؤمنون يرجون من الله ويخافون ثوابه ويخشون اليوم الآخر وما فيه.
قواعد الأجور ومضاعفتها عند الله
وكذلك من قواعد هذا: أن الله يكتب الحسنة بعشر أمثالها ولكنه لا يضاعف السيئات، وهذا من رحمة الكريم ، إذا عمل العبد عنده حسنة أعطاها له الواحد بعشرة إلى أضعاف كثيرة إلى سبعمائة ضعف إلى أكثر من ذلك، الواحد بسبعمائة مذكور في قوله تعالى: مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ واحدة أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍسورة البقرة261. المجموع سبعمائة، هل هي تتوقف المضاعفة على هذا؟ كلا وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءسورة البقرة261. زيادة، بحسب ماذا؟ إخلاصهم وإتباعهم للسنة، ومراعاة هذه الأمور التي أخبرهم عنها في مضاعفة الأجر والثواب، لكن السيئة بواحدة وتعظم كيفاً لا كماً إذا فعلت في مكان فاضل أو زمان فاضل كالحرم وهذه الأشهر الحرم، لكن من ترك سيئة لله يكتبها الله حسنة، لماذا؟ يقول الله للملائكة: إنما تركها من جرايَ[رواه مسلم129]. يعني: لأجلي، ولذلك إذا ترك العبد السيئة لله كتبها الله عنده حسنة، فماذا نريد بعد ذلك، هذا كرم الرب، وهو الكريم سبحانه، ومن هنا كان لا بد للعبد أن يحافظ على أعماله يا عباد الله، ويراعي القواعد بينه وبين ربه، فلا يحبط العمل برياء ولا شرك ولا كفر ولا ردة؛ لأن الكلمة والواحدة قد يرتد بها العبد ويخرج عن دينه، وكذلك يحرص أن لا ينقص من أجر العمل وليس فقط أن لا يهدمه، فمثلاً جاء في الحديث الصحيح: من اتخذ كلباً نقص من أجره كل يوم قيراط[رواه أحمد20564]. القيراط مثل الجبل، هذا من المنقصات وليس من المحبطات، فلذلك ينبغي أن يحذر الإنسان، استثنى قال: إلا كلب ماشية أو كلب زرع أو كلب صيد[رواه البخاري3324ومسلم1574]. كما جاءت بذلك النصوص، والمؤمن الحقيقي يتحسر على فوات الأجر، ولذلك لما أرسل ابن عمر إلى أبي هريرة يسأله: هل فعلاً كل جنازة بقيراط الصلاة عليها، فلما رجع المرسل بالجواب بالإيجاب كان في كف ابن عمر حصيات فضربهن في الأرض متحسراً وقال: لقد فرطنا في قراريط كثيرة.
ومن القواعد يا عباد الله: أن العبد إذا كان معتاداً لعمل صالح فمنعه مانع قهري فإن الأجر يكتب، ولذلك أخبر نبينا ﷺ بأنه: إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له مثلما كان يعمل صحيحاً مقيماً[رواه البخاري2996]. هو على فراشه في المستشفى وأجر صلاة الجماعة يكتب، هو في طريق السفر وأجر صلاة الجماعة يكتب؛ لأنه لما كان في البلد حاضراً صحيحاً كان يحافظ على صلاة الجماعة، فمن اعتاد عملاً صالحاً منعه منه مانع قهري يكتب أجره ويستمر، كريم سبحانه كريم، وهذا من فضل اعتياد الأعمال الصالحة والمحافظة عليها، واحد معتاد كل شهر ينفق كذا، جاءته جائحة في أحد الشهور، يكتب أجره، هذه جائحة لا يد له فيها.
ومن قواعد الأجور كذلك: أن الأجر على حسب النصب والتعب، كما قال ﷺ: أجرك على قدر نصبك[رواه الحاكم1733]، فهؤلاء الذين حجوا بعضهم احتبسوا في الحافلات ساعات، أو في محطات القطار، فماذا لهم؟ لهم أجر، أليس قد تعبوا، أليس قد نصبوا، أليس قد جهدوا؟ ولذلك كان المشاؤون إلى المساجد بالليل يبشرون بالنور التام يوم القيامة بشر المشائين بالليل إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة[رواه أبو داود561]؛ لأن المشي في الليل أعظم من المشي في النهار لأنه أشق، ولا تلغي الكهرباء هذا الأجر إن شاء الله.
ولكن يا عباد الله يشترط أن تكون المشقة شرعية، يعني صارت بسبب شرعي، عمل مشروع صار فيه النصب وليس عمل بدعي مثلاً، ولا تتقصد المشقة لذاتها، ولكن إذا حصلت بقدر من الله صار الأجر عليها.
مراعاة ترتيب الأعمال الأكثر أجرًا
ولكن هذا أيضًا له استثناءات، فإننا نجد مثلاً أن بعض الأعمال الأخف أكثر أجرًا أحيانًا، لماذا؟ لأن السُّنة جاءت بذلك، مثال: تخفيف سنة الفجر أفضل من تطويلها، لماذا؟ لأن السنة جاءت عن النبي ﷺ بذلك، لما خرج على أم المؤمنين قال: ما زلتِ على ذلك؟، أي: ظللتِ على الحالة التي تركتك عليها طوال هذه المدة. قالت: نعم، قال: لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلتِهن لوزنتهنّ: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته[رواه مسلم2726].
إذًا: هناك أشياء من الحصافة والذكاء ينبغي التنبه لها، لأنها -وإن كانت أقل في الجهد- لكن أكثر في الأجر؛ لأنها مشروعة.
وقريبًا من هذا -يا عباد الله- في قواعد الأجور مراعاة تفضيل الأعمال التي جاء بها الشرع، يعني مثلاً: جنس الصلاة أفضل من تلاوة القرآن، والصلاة تشمل قراءة القرآن، وتلاوة القرآن أفضل من الذكر، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، والذكر أفضل من الدعاء.
هذا في الجملة، فالترتيب هو الذي جاء في الشرع، فلذلك الإنسان يحرص على الأعمال التي هي أعلى عند الشارع وأكثر أجرًا وأفضل، لكن في بعض الأحيان يكون المفضول أكثر أجرًا بسببٍ في الشرع، فمثلاً تلاوة القرآن بعد الفجر وبعد العصر أفضل من الصلاة، لأن الشرع نهى عن الصلاة بعد الفجر وبعد العصر.
قلنا: إن الذكر أقل من تلاوة القرآن في الأجر؛ لكن الذكر في السجود أفضل من تلاوة القرآن في السجود، بل تلاوة القرآن في السجود منهي عنه؛ لأن الشرع جاء بذلك.
الصلاة قيام الليل أفضل من إكرام الضيف في الأجر، لكن؛ إذا حضر الضيف إكرامه أفضل من قيام الليل؛ لأن هذا هو واجب الوقت الآن، وهذا من قواعد الأجر: أن واجب الوقت يقدم على الأعمال الأخرى ولو كانت أصلاً هي أفضل.
عباد الله:
تنزيل العاجز عن العمل منزلة الفاعل إن صدقت نيته
نزل الله العاجز منزلة الفاعل لأنه صادق النية ولا يستطيع: وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ، جاؤوا يريدون الخروج في سبيل الله لكن ما عندك مراكب ودواب تحملهم، فمن صدقهم يبكون: تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَسورة التوبة92. ولا يجدوا مالاً ولا مركباً يركبون يخرجون عليه.
فلذلك قال ﷺ: إن بالمدينة أقوامًا ما سرتم مسيرًا، ولا أنفقتم نفقة، ولا قطعتم واديًا إلا كانوا معكم، يعني: شاركوكم الأجر، لماذا؟ قال: حبسهم العذر[رواه البخاري4423].
من قواعد الأجور -يا عباد الله- أن من دل على هُدىً وبابَ أجرٍ كان له مثل أجر مَن فعله؛ لأنه دل عليه وأرشد إليه، ولذلك النبي ﷺ أكثر الأمة أجرًا لأنه دلهم على كل أبواب الخير، ومهما عملنا فله مثل أجورنا بالإضافة إلى أجره الشخصي فلا يضره أحد.
ولذلك، فالعلماء والدعاة عند الله بمكانٍ، ويسبح للعالِم الحيتان في البحر والنمل في الجحر لفضله وعظيم أثره، والدلالة على الخير، وفتح الأبواب للناس، ودعوتهم إليها، ودلهم عليها، وتشجيعهم عليها، وبيان الفضل والأجر فيها، والتحميس والتحفيز.
وكذلك، فإن الذي يعمل فيه فضل وزيادة على من لا يعمل وإن دل على ذلك، وهذا في المضاعفة، فإن قيل: كيف يستويان؟ قيل: يستويان في أصل الأجر، مثل حديث: رجل آتاه الله مالاً فعمل به في طاعة الله، ورجل ما عنده مال لكن يقول في نفسه ويقول بلسانه: لو أن لي مال فلان لعملت بعمله، قال: فهما في الأجر سواء[رواه ابن ماجه4228]، ما معنى: في الأجر سواء؟ يعني في أصل الأجر؛ لكن يبقى للفاعل العامل ميزة هي ميزة المضاعفة. فيشتركان في أصل الأجر فيكونان سواءً، وللعامل ميزة المضاعفة.
اللهم وفقنا لما يرضيك، وتقبل عملنا يا رب العالمين، نسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله، أشهد أن لا إله إلا الله، خلق فسوى وقدّر فهدى، يحكم ما يشاء ويفعل ما يشاء ولا معقب لحكمه، خلق السماوات والأرض بالحق، يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل، لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون، وأشهد أن لا إله إلا هو الحي القيوم مالك الملك، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، الرحمة المهداة، البشير والنذير، والسراج المنير، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته الطيبين، وخلفائه الميامين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ونبيك الأمين، صاحب اللواء المعقود، والمقام المحمود، والحوض المورود، والشافع المشفع عندك يا رب العالمين.
من خصائص هذه الأمة: مضاعفة الأجور
عباد الله: إنّ هذه الأمة عظيمة، وقد ذكر العلماء أن مضاعفة الأجور من خصائصها، فليست لمن كان قبلنا مثل ما هي لنا، نحن أمة محمد ﷺ أعطانا الله هذه الميزات؛ وأن تعيْش الأمة في جو الأفضلية هذا يدفع للعمل، وما فيه من العطاء، فعندما تعرف أن عمرك هذا بالنفيس ورأس مالك، وهذه السلعة الغالية، ينبغي أن تستثمره في أفضل الأعمال.
وإذا كان لصوص الدنيا يأخذون ما خف حمله وغلا ثمنه فينبغي أن نحرص على ما هو أكثر أجرًا، وهذا من الفقه؛ ولذلك الصحابة كانوا يسألون كثيرا: ما أحب الأعمال إلى الله؟ لأنهم يعرفون أن العمر قصير، ومن الذكاء الاستثمار في أفضل عائد.
وتتبع ما أخبر به النبي ﷺ الصحابة مهم للمسلم حتى يعمل أحب الأعمال إلى الله، على أنه كان يدل بعضهم أحيانًا على عمل هو فيه أعظم من آخر؛ لأنه يجيد أكثر من الآخر، أو لأن الناس يحتاجونه منه أكثر من الآخر، كالصدقة من الغني مثلاً لكثرة المحتاجين وقدرته على البذل أكثر من غيره.
ومن المحفزات التي جاءت بها الشريعة أنها ذكرت لنا تفصيلات في الأجور تحمس للعمل، فقد أمرنا بعمل الصالحات على وجه العموم، لكن جاءت تفصيلات في الأعمال، فإذا أردت بيتًا في الجنة فابنِ لله مسجدًا في الدنيا، وإن لم يكن عندك مال فاقرأ: "قل هو الله أحد" عشر مرات.
حافظ على السنن الرواتب، اثنتي عشرة ركعة في اليوم يُبْنَ لك بيت في الجنة، تريد الستر في الآخرة: مَن ستر مسلمًا ستره الله[رواه البخاري2442، ومسلم2580]. استر عليه لا تفضحه عندما يستخفي بشيء، أما المجاهر المفسد فلا بد من التحذير منه.
إذا أردت أن تخير من الحور العين ما شئت فكظم الغيظ شيئ عظيم؛ فمن كظم غيظه، وكف غضبه، خيّره الله من الحور عين، والتخيير مكافأة.
أعمال تدخلك الجنة
نحن نعلم -أيها الإخوة- أن أعمالنا ليست ثمنًا للجنة؛ لأن الجنة أعظم بكثير، ومهما عملنا فلن نشكر نعمة واحدة كنعمة التنفس، لكن هذه الأعمال أسباب: ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَسورة النحل32. الباء بما كنتم ليست الباء الثمنية؛ لكن هي الباء باء السببية.
إذا كنت تريد بالاجتماع بالنبي ﷺ والقرب منه في الجنة فما عليك إلا أن تكفل يتيمًا وترعى أرملة؛ لأن: الساعي على الأرملة كالمجاهد في سبيل الله[رواه البخاري5353، ومسلم2982]. و أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين[رواه البخاري5304].
إذا كنت تريد النور يوم القيامة وأن تكون في ظل العرش يوم القيامة فهذه قصة السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، أخبَرَ أنهم في ظل العرش يوم القيامة والحر شديد، وزحام، وجهنم قُرّبت لها سبعون ألف زمام، على كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها، فيجتمع على الناس ثلاثة أسباب للحر والعرق: تقريب جهنم، والزحام، ودنو الشمس من رؤوس الخلائق. فما الذي سيظلك؟
وقد ورد بالإضافة إلى السبعة إنظار المعسر؛ لأن المال له قيمة وبريق وجاذبية، وقل من الناس من يتحمل فراق المال وبُعده عنه، وتأجيل القبض؛ فلذلك جعل إنظار المعسر جزاءه أن يكون في ظل العرش.
وهكذا، نجد للأعمال أجور ومقابلات مفصلة أحيانًا لكي يتحمس العباد للعمل، فهذه أشياء في اللباس، وهذه أشياء في الزوجات، وهذه أشياء في ورود الحوض المورود، والثبات على السنة، إذا أردت أن يبيّض الله وجهك يوم القيامة احرص على السنة وابتعد عن البدعة؛ إذا أردت القرب من النبي ﷺ، كذلك إذا أردت أن تكون من أول الداخلين إلى الجنة تدخل الجنة بلا حساب ولا عذاب فيها ميزات، لا يتطيرون ولا يتشاءمون، وعلى ربهم يتوكلون؛ لا يسترقون، لا يأتون السحرة والكهان. وهكذا، وهكذا من الأعمال...
نسأل الله أن يتقبل منا أجمعين، وأن يغفر لنا ذنوبنا إنه أرحم الراحمين، اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات يا سميع الدعوات، اللهم اجعل الجنة مثوانا، واختم لنا بخاتمة الخير يا رب العالمين، اللهم اورثنا الفردوس الأعلى وأدخلنا الجنة بلا عذاب، وأدخلنا الجنة مع الأبرار وأدخلنا برحمتك عبادك الصالحين، اللهم هيأ لنا من أمرنا رشدا هيأ لنا من أمرنا رشدا هيأ لنا من أمرنا رشدا يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث اللهم اغثنا برحمتك، اللهم إنا نسألك في مقامنا هذا أن تغيث اخواننا المستضعفين، اللهم أعنهم يا رب العالمين اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم يا قوي، اللهم إنا نسألك أن تنزل على إخواننا المستضعفين في الشام وفي بورما وسائر الأرض برداً وسلاماً من عندك وسكينة وصبراً من لدنك اللهم ثبت أقدامهم وانصرهم على القوم الكافرين، اللهم آوي شريدهم وارحم ميتهم، اللهم ابرئ جريحهم اللهم تقبل شهيدهم، الله احمل حافيهم، اللهم أمن خائفهم يا رب العالمين، اللهم إنا نسألك أن تجعل المسلمين لهم عوناً ومدداً،
اللهم إنا نسألك أن تجعل بلدنا هذا آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، اللهم اجعل أوطاننا عامرة بذكرك قائمة بأمرك اللهم إنا نسألك الرحمة لإخواننا الذين ماتوا وقتلوا وكان الأسبوع الماضي أيها الإخوة حافلاً بالآلام، ونسأل الله أن يتغمد المسلمين برحمته وأن يعين المصابين وأن سشفيهم وأن يجبر قلوب أهليهم إنه سميع مجيب اللهم آمنا في الأوطان والدور وأصلح الأئمة وولاة الأمور واغفر لنا يا عزيز يا غفور، واسع لنا في أرزاقنا وبارك لنا في دورنا وأولادنا وذرياتنا وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.