الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
حقوق الاقارب
عباد الله: إن الله قد اشتق للرحم من اسمه اسماً، فسماها الرحم من الرحيم، ومن الرحمن، ويوم القيامة يضرب الصراط على متن جهنم، فتجعل الرحم في جنبة والأمانة في الجانب الآخر، ولا يجوز إلا من يقوم بهذين الحقين وحقوق الله تعالى، وإلا فلا يكون مسلَّماً، فإن الناس على الصراط ثلاثة أنواع: ناجٍ مسلَّم، ومخدوش، ومكردس في نار جهنم، نسأل الله السلامة والعافية.
الرحم: أقرباؤك من جهة أبيك وأمك، وكل من تناسل من جدك الرابع فنازلاً كما ضبطه بعض أهل العلم عليك صلتهم بحسب المستطاع، من الناس من صلته سنوية، ومنهم شهرية، ومنهم أسبوعية، ومنهم يومية، ومنهم بالخطاب والكتاب، ومنهم بالاتصال، ومنهم بالزيارة والمواجهة، والبر: إيصال المعروف إلى الرحم، إلى أرحامك بأي وسيلة تستطيعها، هذا هو البر، إيصال المعروف إلى الأقارب بكل وجه تستطيعه، وأما قطع الرحم كبيرة عظيمة، فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْسورة محمد22.
أسباب خلافات الأقارب
الخلافات بين الأقارب يا عباد الله: مع الأسف صارت ظاهرة منتشرة، وهذه خطيرة للغاية، وللخلافات بين الأقارب أسباب، فمن ذلك الحسد، فيحسد أخاه على نعمة أعطاه الله إياها، وهذه الأخت تحسد الأخرى بأن راتب زوجها أعلى من راتب زوجها هي، ونحو ذلك من الأشياء جناح في العائلة يحسد الجناح الآخر، وأولاد العلم من هؤلاء إلى أولاد العم من الطرف الآخر، وهكذا.
يا عباد الله: هذه قسمة الله بين عباده، أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍسورة الزخرف32.ابتلاءً ما ذنبه أن رزقه الله أكثر مما رزق الآخر، هذه قسمة ربنا، وأحياناً تكون الخلافات بسبب النميمة، نقل الكلام من هذا الطرف إلى هذا الطرف، وزوجة هذا الأخ تفسد ما بينه وبين أمه، وأم هذا تفسد ما بينه وبين زوجته، ونحو ذلك، فبالنميمة التي تسير تكون الفرقة.
ومن يطع الواشين لا يتركوا له | حبيباً ولو كان الحبيب المقرب |
ولذلك ذمه الله وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍسورة القلم12. ويل له يمشي بين الناس بالنميمة، فيعذب في قبره كما أخبر عليه الصلاة والسلام: إنهما ليعذبان: أما أحدهما فكان يمشي بين الناس بالنميمة(رواه البخاري218، ومسلم292).
ومن أسباب الخلافات بين الأقارب أيضاً عادات غير موافقة للشرع كفرض البنت لابن عمها مثلاً، فما بالكم لو كانت لا تريده، أو لا تطيقه، أو كان مدمناً صاحب مخدرات ونحو ذلك، فما ذنبها؟ قال العلماء: إذا كان الأب لا يوجب على ولده أكلة لا يريدها فمن باب أولى أن لا يوجب عليه امرأة لا يريدها أو يوجب عليها رجلاً لا تريده، ولكن قد لا تعرف البنت مصلحتها؛ ولذلك جعل الله الولي فتميل إلى شخص لعلاقة محرمة مثلاً يخدعها يستجلبها، ويكون فيه وبال، ولذلك فإن مهمة الولي أن يختار لموليته الأكفأ والأصلح وهذه أمانة وليس أن يفرض عليها من لا تريد أو تبغض وتكره مع سعيه في استصلاحها واجتذابها إلى الخير، وتحبيب الطرف الأدين إليها في الخطبة وأمور النكاح.
ومن الأسباب أيضاً في الخلافات بين الأقارب: عدم العدل بين الأولاد، يؤدي إلى الخصومة فيما بينهم، ولذلك فإن النبي ﷺ جاءه البشير والد النعمان، وقد وهب لولده هبة يريد أن يشهد رسول الله ﷺ عليها، فقال له ﷺ، هذه نباهة المفتي في حال المستفتي قال: أكل ولدك نحلتهم مثل الذي نحلت ابنك هذا، أعطيتهم مثل الذي أعطيت ابنك هذا؟ قال: لا، قال: فإني لا أشهد على جور، أشهد على هذا غيري، ثم نبهه، فقال: أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء(رواه مسلم في معناه1623). فإذا لم يعدل بينهم كان سبباً للخصومة فيما بينهم، والشيطان ينزغ يا عباد الله، وأحياناً يكون السبب في الخلاف بين الأقارب شراكة مالية، وقد ذكر ربنا في كتابه أن الشركاء يظلم بعضهم بعضاً في العادة، الكثير منهم هكذا، قال سبحانه: وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، كم هم؟ كم نسبتهم؟ قال: وَقَلِيلٌ مَا هُمْسورة ص25. الذي يتحرى العدل حتى في القريب قليل، فيدخلون أحياناً بلا كتابة شروط ولا كتابة نسب ولا كتابة بنود بينهم، ويقولون: لن نختلف ثم يختلفون، إذا كان الله قد أمر بكتابة الدين وهو علاقة محدودة قرض، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُسورة البقرة282.إجراءات لأجل كتابة قرض، وهي معاملة محدودة، إعطاء مال لرده بعد ذلك كما هو، فما بالكم بشركة فيها بيع وشراء ووكالة، وقد يكون فيها أيضاً رهن وحوالة، ويكون فيها معاملات كثيرة، فهي أجدر بالضبط وأجدر بالكتابة حتى لا يختلف الشركاء فيتعادون فلا يكلم الإخوان بعضهم بعضاً، ولا يدخل أولاد العم بعضهم بيوت بعض، وهكذا.
عباد الله: قد يكون الميراث سبباً للخلاف بين الأقارب، قال تعالى: وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَّمًّاسورة الفجر19.تأكلون التراث يعني الميراث في قول بعض أهل العلم بالتفسير، وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّاسورة الفجر20، فيكون مثلاً بعض أولاد الأب يديرون الشركة والآخرون لا علاقة لهم وخصوصاً الإناث، فإذا توفي أراد بعض من لا علاقة له الخروج من الشركة، فيريد الآخرون إرغامه على لبقاء فيها، لماذا؟ لمصالح لهم هم، ولا يجوز إجبار الشريك على البقاء، يريد أن يخرج، لا يفهم في الشركة ومعاملاتها، نعم يبينوا ويكتبوا له، ويطمئنوه، ويبينوا له، وإن شئت الإطلاع والدخول والميزانيات، وحضور مجلس الإدارة، ونحو ذلك، ولكن مع كل هذا قد لا يريد الاستمرار، فيجبر، ويكون لبعض الشركاء مصالح في البقاء وآخرون يريدون المغادرة وإنشاء أشياء خاصة بهم، أو بأولادهم، فلا يجوز الإجبار، فتحدث الخلافات وتحدث القطيعة، تحدث القطيعة، وأحياناً، يكون العناد هو السبب، وآراء فردية، نريد أن نحافظ على بيت العائلة، ممنوع أحد يبيع حصته، لماذا؟ إذا كان الشرع أعطاه الحصة فلماذا الإجبار على أن يبقى؟ نعم يسترضى يقنع ولكن إذا أصر، اشتروا حصته، أنتم أيها الآخرون المصرون، أما أن يجبر هو فلا.
يا عباد الله: الخلافات بين الأقارب تكون على أسباب تافهة أحياناً، كما تكون على أسباب عظيمة، العجيب أن الخلاف بين بعض الأقارب قد يكون على شطف سلم عمارة، وقد يكون على ولدها الصغير ضرب ولد الأخرى الصغير، ويتدخل هذا من هذا الطرف وهذا من هذا الطرف ويغضب لكل واحدة منهن زوجها، وهذه تستثيره من هنا، وتلك تستثيره الآخر من هناك، ولد صغير ضرب الولد الآخر، وربما نسي الولدان وتسامح الولدان وأكملا اللعب والكبار يتصارعون، ويختلفون، والقطيعة، وأحياناً تعصب لنادي كروي خلاف بين الأقارب، سبحان الله، كما يكون الخلاف أيضاً بسبب مزحة، لكن مزحة ثقيلة، مزحة سخيفة، يا عباد الله كلمة.. كلمة لكن جرحت، كلمة لكن آلمت، كلمة لكن كانت سبباً في إيغال الصدور، ولذلك قال الله: وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْسورة الإسراء53. ولذلك المزاح إذا كان سبيلاً للقطيعة الخلاف البغض فلا وألف لا.
وترى الفتى يلقى أخاه وخدنه | في بعض منطقه بما لا يغفر |
ويقول كنت ملاعباً وممازحاً | هيهات نارك في الحشا تتسعر |
ألقيتها وطفقت تضحك لاهياً | وفؤاده مما به يتفطر |
أوما علمت ومثل جهلك غالب | أن المزاح هو السباب الأكبر |
ولذلك ينبغي أن نتقي كل هذا، وأحياناً يكون الخلاف بين الأقارب بسبب ظلم عظيم.
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة | على النفس من وقع الحسام المهند |
مات زوجها وعندها يتيم، هي امرأة لا تدبر المال، فماذا تفعل للمحافظة عليه أو تنميته؟ نظرت يميناً ونظرت شمالاً فلم تجد إلا أخاها خال الولد فوثقت به، وقالت: أخي لن يضيعني، فأعطته المال فنماه واستثمره حتى غدا مالاً عظيماً وماتت المرأة وكبر اليتيم، فجاء إلى خاله يقول: أي خالي أعطني مالي، فماذا تراه أجاب؟ ليته قال: أعطيته لأختي من زمان، أعطيتها البعض وجحد البعض الآخر، أنفقناه عليك وعلى دراستك، قال له بالحرف الواحد: أنا ما لي أخت أصلاً.
يا عباد الله يا مسلمون أيها الناس: إلى هذه الدرجة يكون الظلم جحد مال الأرملة واليتيم، يحمل حب المال الإنسان على الكذب العظيم وأكل حقوق الآخرين، نسأل الله السلامة والعافية.
نسأل الله أن يعافينا في أقاربنا وأرحامنا وعلاقاتنا، وأموالنا، إنه سميع مجيب.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله، أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، خلق فسوى، وقدر فهدى، الكبير المتعال الحي القيوم، القائم على كل نفس بما كسبت، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله الرحمة المهداة، البشير، والنذير، والسراج، المنير، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، صلى الله عليه وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وذريته، وأزواجه، وخلفائه الميامين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
آثار خلافات الأقارب
عباد الله: إن لهذه الخلافات آثار عميقة قد تكون أحياناً موقفاً عابراً يطوى ولا يروى، ولكن قد تكون له آثار غائرة في الصدور، ومواقف لا تنسى، وأحوال لا تغفر، ويتسبب الأمر في النهاية إلى تباعد وتحاشي وعدم قربان البعض للآخر ثم قطيعة و لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه يعني في الدين فوق ثلاث ليالٍ، وأمام هذا يا مسلمون يجب أن نفكر ملياً كيف نحتوي الخلافات بين الأقارب، ماذا نفعل؟ ماذا نفعل؟ جاءت الشريعة بإحسان الظن والنهي عن الحسد، وجاءت الشريعة بالكلام الطيب والأمر بالصلة والنهي عن القطيعة وتغليظ هذا، ويحتاج كثير من الأقارب في الحقيقة إلى وعظ، عملية وعظ حتى تصلح الأمور وتعود المياه إلى مجاريها، وعظ، وعظ، من واحد يحسن الوعظ حتى يجمع الشمل ويقرب، ولو كان من خارج العائلة، ولو كان جاراً من الجيران.
والصلح سبيل عظيم لإزالة القطعية، أباح الله من أجله الكذب، ليس الكذاب الذي يقول خيراً وينمي خيراً[رواه البخاري2692، ومسلم2605]. وتثني، يقول: فلان ذكرك بخير وهو ما ذكره بخير، وربما يبالغ له في الكلام لأجل استصلاح نفسه وتنقل خيراً عن الطرف الآخر، لا بد، لا بد، ومقابلة الإساءة بالإحسان يا عباد الله، مقابلة الإساءة بالإحسان، وأن تدعو ربك وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُواسورة الحشر10.فما بالكم بالذين يورثون القطيعة، فيقول لأولاده: أنا أمنع أن يمشي عمكم في جنازتي، وإذا مشى عمكم في جنازتي أنا غضبان عليكم إلى يوم الدين، خلِّ غضبك في جيبك ولن ينفع هذا الغضب شيء بل سيضر وليس لهم أن يطيعوك في معصية الله، وغضبك عليهم لن يضرهم، لن يضرهم إذا أطاعوا الله.
توريث القطيعة يا عباد الله: توريث القطيعة، لا تمنعوا، ثم التمزق النفسي الذي يعيشه الأولاد في الأسرة، ما بالكم ببنت تكلم خالها مسارقة؛ لأن أباها حرَّج عليها ومنعها ظلماً، الرجل من الأخيار لا ذنب له، خلاف وقع بينهما، خلاف مالي، خلاف في الرأي، خلاف في كذا، والأولاد لا يكلمون عمهم إلا مسارقة، وهذا لا يصل هذا إلا خفية، القضية قضية خطيرة، وقطع الرحم هذا له شؤم عظيم في الدنيا والآخرة، وهذه أشياء حسابات مسددة، والمسألة إذا وصلت للخطوط شديدة الحمرة كعقوق الوالدين أسوأ قطيعة للرحم، في أسوأ الدرجات، فكيف سيكون الحال، ثم إذا تفككت الأسرة وتفككت الأسرة الكبيرة، وتفكك ما بعدها، ستفكك المجتمع يا عباد الله، ولذلك لا بد من ضرورة الصلح والصلح خير، لا بد من السعي لإزالة الآثار، لا بد من الحكم بالعدل، حتى لو وصلت القضية إلى الذهاب للشرع لأجل فك هذه الخصومة ليرتاح الجميع، فليكن التحاكم إلى الشرع شيء طيب إذا لم يستطيعوا حله بينهم، أما المنافقون لا يريدون وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ، ثم التروي التسامح، سعة الصدر، الصبر، الاحتمال.
وإن الذي بيني وبين بني آبي | وبين بني عمي لمختلف جدا |
أراهم إلى نصري بطاءً وإن هم | دعوني إلى نصر أتيت لهم شدا |
إذا أكلوا لحمي وفرت لحومهم | وإن يهدموا مجدي بنيت لهم مجداً |
وإن ضيعوا غيبي حفظت غيوبهم | وإن هم هووا غيي هويت لهم رشدا |
ولا أحمل الحقد القديم عليهم | وليس رئيس القوم من يحمل الحقد |
لهم جل مالي إن تتابع لي غنى | وإن قل مالي لم أكلفهم رفداً |
اللهم أصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام، وأخرجنا من الظلمات إلى النور، اللهم اسلل سخائم قلوبنا، طهر قلوبنا من النفاق، وأعمالنا من الرياء، وألسنتنا من الكذب، وأعيننا من الخيانة، اللهم ألف بين قلوبنا، واجمع على الحق كلمتنا، استر عيوبنا واقض ديوننا، وارحم موتانا، واشف مرضانا يا رب العالمين، يا أرحم الراحمين، يا إله الأولين والآخرين، اغفر لنا أجمعين، وآبائنا وأمهاتنا يا رب العالمين، اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ، اللهم إنه قد نزل في البلاد، والعباد من البلاء ما لا يعلمه إلا أنت، وإخواننا المستضعفون في الشام، وبورما، وسائر الأرض يئنون، وأنت أرحم الراحمين، اللهم طال البلاء، وعظم الكرب، واشتد الخطب، وأنت الحي القيوم إلى من تكلهم، إلى عدو يتجهمهم، إلى قريب تملكه أمرهم، نعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن يزداد بلاؤهم، اللهم اكشف الغمة، لا كاشف لها إلا أنت، اللهم ارفع البأس لا يرفعه إلا أنت، اللهم اكشف ما نزل بإخواننا من ضر يا رب العالمين، اللهم ارحم ضعفهم واجبر كسرهم، واحمل حافيهم، وآو شريدهم، وأطعم جائعهم، وداو جريحهم، وارحم ميتهم، وسدد رميهم، وانصرهم على عدوهم، يا إلهنا يا سميع الدعاء إنك على كل شيء قدير، أنزل بالمجرمين الذين يقتلون إخواننا أنزل بهم عذابك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، اللهم اهزمهم شتتهم دمرهم، اللهم اجعل أمرهم في سفال وشأنهم في وبال، لا ترفع لهم راية، ولا تحقق لهم غاية، واجعلهم لمن خلفهم عبرة وآية، يا رب العالمين يا قوي يا متين أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، شردهم ومن معهم ومن حالفهم يا رب العالمين لا يعجزك شيء في الأرض ولا في السماء، آمنا في الأوطان والدور وأصلح الأئمة وولاة الأمور واغفر لنا يا عزيز يا غفور، واجعل بلدنا هذا آمناً مطمئناً رخاءً سخاءً وسائر بلاد المسلمين، وانشر رحمتك على عبادك في الأرض يا رب العالمين، واجعل بلاد المؤمنين المسلمين آمنة مطمئنة بشرعك وذكرك يا ربنا.
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.