الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد:
أهمية حسن الظن بالله
فإن أعظم نعم الله علينا أن عرفنا توحيده ، وإن الإنسان إذا عاش على التوحيد ومات عليه نجى يوم الدين، وللتوحيد معانٍ عظيمة وكثيرة، ومن ذلك حسن الظن بالله تعالى، هذه المسألة العظيمة التي يغفل عن معانيها كثير من المسلمين، ولا يدري كيف يحسن الظن بربه، وربما كان الكثير يعيشون على سوء الظن برب العالمين، فيوردهم ذلك موارد الهلكة يوم القيامة.
حسن الظن بالله عند الموت
إن حسن الظن بالله هو ظن ما يليق بالله تعالى، واعتقاد ما تقتضيه أسماؤه الحسنى وصفاته ، وقد جاء في الحديث الصحيح أن رسول الله ﷺ قال: لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن بالله الظن[رواه مسلم2877]، يرجوه ويأمل عفوه، إن لحظة الموت ليس فيها عمل، انقطعت الأعمال، وليس إلا حسن الظن بالله أن يغفر له في تلك الحال، وإذا كان سيئ الظن بربه في تلك اللحظة فالويل له، ولكن من الذي يرجو رحمة ربه عند الموت إلا مسلم له قلب كان يعبد ربه ويوحده، ولا يوفق لحسن الخاتمة إلا من أخذ بأسبابها وقدر الله له ذلك، وتحسين الظن بالله أن يظن أنه يرحمه ويرجو عفوه، وما وعد به أهل التوحيد من الدخول في الجنة، وما أعده لهم ، ولذلك كان السلف رحمهم الله يحرصون على ذلك أشد الحرص، قال المعتمر: قال أبي حين حضرته الوفاة: يا معتمر حدثني بالرخص لعلي ألقى الله وأنا أحسن الظن به.
وعن إبراهيم قال: كانوا يستحبون أن يلقنو العبد محاسن عمله عند موته لكي يحسن الظن بربه ، فإذا كان للعبد محاسن فلقنها له عند وفاته، فالويل لمن لم يكن له محاسن من عمله، فبأي شيء يذكر به عند موته.
إن حسن الظن بالله تعالى عند الاحتضار وقرب الموت ليس هو فقط المعنى الوحيد لحسن الظن بالله، بل إن حسن الظن يشمل أموراً كثيرة ومن ذلك أنه يظن بأن الله يغفر له إذا استغفر، ويظن بأن الله يتوب عليه إذا تاب، ويظن بأن الله سيقبل منه إذا عبده وعمل له، ويظن بأن الله سيجيب دعاؤه إذا دعا، ويظن بأن الله سيكيفه إذا طلب منه وتوكل عليه.
وهكذا فإن حسن الظن بالله أمر واسع والعيش بدونه عيش مر وحنظل، فكيف يطيق العيش بدون حسن الظن بالله، كيف يطيق ذلك شخص مسلم، إن حسن الظن بالله يجب أن يلازمنا طيلة حياتنا، حتى الممات من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه[رواه البخاري6507].
مقتضيات حسن الظن بالله
أيها الإخوة: إن من أحسن الظن بالله عمل، من كان يظن أن الله سيجيبه سيدعو، وإن كان يظن أنه لن يستجيب فلأي شيء يدعو، إن كان يظن أن الله سيغفر فإنه سيستغفر ويتوب، وإن كان يظن أنه لن يغفر له فلأي شيء يتوب ويستغفر، وإن كان يظن أن الله سيجزيه بالجزاء الحسن وهو الجنة التي وعد بها المتقون فإنه سيتقي ويعمل لأجل تحصيل الجنة، وإن قال في نفسه: الجنة للأنبياء والصحابة، وليس لنا فيها نصيب، فما هو الدافع عنده للعمل إذن؟ إن حسن الظن بالله يدفع إلى العمل، وهذا هو لب الموضوع، وهذه هي القضية الحساسة والخطيرة والدقيقة التي يجب علينا أن نفهما يا عباد الله. حسن الظن بالله يدفع للعمل لله، ومن لم يفهم ذلك فإنه سيعيش في يأس، أو سيترك العمل.
إن حسن الظن بالله هو أعلى درجات التوكل كما قال ابن القيم رحمه الله، فعلى قدر حسن ظنك بربك ورجائك له يكون توكلك عليه.
وحسن الظن بالله يدعو إلى التوكل على الله، ولا يتصور أن يتوكل العبد على ربه وهو يسيء الظن به، وحسن الظن بالله يمكن أن يتحول إلى غرور عند كثير ممن لا يفقهه، ولذلك ترى العصاة يقولون: سيغفر لنا، بل قال اليهود: سيغفر لنا، بل قال اليهود: نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُسورة المائدة18، بل قال اليهود: لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَىسورة البقرة111، لكنهم غرهم الغرور وهو الشيطان فإن حسن الظن إذا لم يقترن بالعمل فهو خدعة من إبليس، إن حسن الظن إذا لم يقترن بالخوف من الله فسيؤدي إلى ترك العمل والغرور، ولذلك فاعلم يا عبد الله أنك إذا خفت من الله مع حسن ظنك به فهذا هو المطلوب.
ومن الناس من يعتمد على أن الله سيغفر له فيعصي ما شاء، ويفعل مساخط الرب، لماذا؟ لأنه غفل عن الخوف من ربه، وأكثر الخلق بل كلهم إلا من شاء الله يظنون بالله غير الحق ظن السوء، كما قال ابن القيم رحمه الله بوجه من الوجوه، قال: فإن غالب بني آدم يعتقد أنه مبخوس الحق، ناقص الحظ، وأنه يستحق فوق ما أعطاه الله، ولسان حاله يقول، ولو ما قالها بلسان الفم: ظلمني ربي ومنعني ما أستحق، ونفسه تشهد عليه بذلك، ولكن لا يتجاسر على التصريح به بلسانه، ومن فتش نفسه وتغلل في معرفة دفائنها وطواياها رأى ذلك كامناً فيها كمون النار في الزناد، فاقدح زناد من شئت ينبئك شراره عما في زناده، ولو فتشت من فتشته لرأيت عنده معاتبة للقدر ولوماً لما كتب الله، وأنه ينبغي أن يكون كذا وكذا ولكن القدر جعله كذا وكذا، وهكذا مستقل ومستكثر، وإذا نجوت من هذه يا عبد الله فأنت على خير عظيم.
فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة | وإلا فإني لا إخالك ناجياً |
وأثر حسن الظن بالله على المؤمن في حياته كبير وكثير، فإن الإنسان المسلم إذا أحسن الظن بربه فإنه يعتقد بأن الله سينصر دينه، ولن يتخلى عن المجاهدين في سبيله، وأنه لن يترك الدعاة بل يوفقهم إذا أرادوا وجهه، ومن هنا ينطلق الدعاة للعمل، وإلا فلو أساء هؤلاء الظن بالله وقالوا: لا فائدة من الدعوة، ولا فائدة من العمل للدين فإن الله لن ينصر دينه، وإن الله سيبقي الكفار متسلطين على المسلمين، وإن الله سيبقي الهيمنة لهؤلاء اليهود والنصارى، وعند ذلك يغزوه اليأس، ويترك العمل، أما من كان يظن أن الله سينصر دينه وأن المستقبل للإسلام، وأن الأحاديث التي جاءت بذلك لابد أن تتحقق، وأن أمر الكفار إلى زوال، وأن الله يفتح قلوب العباد للدعاة المخلصين، وأن الله ينصر المجاهدين إذا استوفوا شروط النصر، عمل وجاهد ودعوة وتحرك لأمر الإسلام ومصلحته، فانظر يا أخي كيف يكون حسن الظن بالله دافعاً للدعوة والعمل، وكيف يكون سوء الظن بالله مقعداً يصاب صاحبه باليأس، مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء ثُمَّ لِيَقْطَعْسورة الحج15حبل متدلي ثم ليقطع، فهل ينفعه وهل يفيده ذلك، فأحسنوا الظن بالله أنه سينصر دينه، وأنه لا يتخلى عن أوليائه ، فمهما أظلمت الدنيا، وتسلط الكفار وتجبر الجبابرة، وطغى الطواغيت فإن هناك رباً أنزل ديناً لن يتخلى عنه ، اعملوا فكل ميسر لما خلق له[رواه البخاري4949].
حال السلف في هذه المسألة
أيها الإخوة: إن السلف رحمهم الله قد اعتنوا ببيان هذه المسألة والتزاماً اعتناءً شديداً، وكان سعيد بن جبير رحمه الله يقول في دعائه: اللهم إني أسألك صدق التوكل عليك وحسن الظن بك.
وقال عبد الله بن مسعود قبل ذلك: والذي لا إله غيره ما أعطي عبد مؤمن شيئاً خير من حسن الظن بالله ، والذي لا إله غيره لا يحسن عبد بالله الظن إلا أعطاه الله ظنه، ذلك بأن الخير في يده .
وقال سفيان الثوري رحمه الله: ما أحب أن حسابي جعل إلى والدي، تأمل في هذه الجملة، حساب يوم القيامة، يقول: ما أحب أن حسابي جعل إلى والدي فربي خير لي من والدي.
أيها المسلمون: إن حسن الظن بالله من الإحسان، وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَسورة البقرة195، من ذلك حسن الظن بالله، وهو الذي بلغ ببعض الناس مراتب بعد موتهم، قال عمار بن يوسف: رأيت حسن بن صالح في منامي، فقلت: قد كنت متمنياً للقائك، فماذا عندك فتخبرنا به؟ فقال: أبشر، فلم أر مثل حسن الظن بالله شيئاً.
أحوال المغترين لحسن الظن بالله
أيها الإخوة: إن الفهم الدقيق لهذه المسألة يجنبنا أحوال المغترين والجهلة بالله .
قال ابن القيم رحمه الله: وكثير من الناس يظن أنه لو فعل ما فعل ثم قال: أستغفر الله زال الذنب وراح، وقال لي رجل: أنا أفعل ما أفعل -أي من الذنوب والمعاصي - ثم أقول: سبحان الله وبحمده مائة مرة فيغفر ذلك لي كله، وقال آخر من أهل مكة: نحن أحدنا إذا فعل ما فعل زنا، خمر، لواط، سرقة، رشوة، اعتداء، ظلم، نحن أحدنا إذا فعل ما فعل ثم اغتسل وطاف بالبيت سبعاً محي ذلك عنه، وقال لي آخر: أليس قد صح في الحديث أن عبداً أذنب ذنباً فاستغفر فغفر له ثم عاد إليه فاستغفر فغفر ثم عاد فاستغفر فغفر، ثم جاء في الحديث: قد غفرت لعبدي فليعمل ما شاء[رواه مسلم2758]. وهذا الضرب من الناس قد تعلق بنصوص الرجاء وترك نصوص الخوف، هذه مشكلتهم، أتوا من جهلهم وعدم فقههم، حتى قال قائلهم:
وكثر ما استطعت من الخطايا | إذا كان القدوم على كريم |
وكان بعضهم يستعيذ أن لا يذنب، ويستعيذ من العصمة، من أين أتي هؤلاء؟ من فهمهم الخاطئ لحسن الظن بالله ، إن حسن الظن بالله يجب أن يقترن بالعمل وبالخوف من الله، وبغير هذا لا يكون حسن ظن بالله، حسن ظن شرعي مبني على التوحيد، فتذكروا يا عباد الله حسن الظن بالله يكون شرعياً إذا عمل وخاف من الله، ثم أحسن الظن به فهذا الذي ينجو، هذا الذي ينجو.
أيها المسلمون: إن الله سيجزي المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات جزاءً سيئاً بسبب سوء ظنهم بربهم، قال : وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِسورة الفتح6 فهم ظنوا أن الله لا ينصر رسوله ﷺ، وظنوا بالله ظنون الشرك فأشركوه معه ، وقالوا: هذا ولده وهذه صاحبته، وقالوا: هذا الولي هو الباب، فنحن نأتي الباب، ويصرفون أنواعاً من العبادة لظنهم أن ذلك حسن جائز، وهكذا، ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِسورة ص27.
نسأل الله أن يرزقنا جميعاً إحسان الظن به والتوكل عليه، والعمل لدينه، اللهم ارزقنا فعل الخيرات وترك المنكرات، وحب المساكين، وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، رب الأولين والآخرين، وخالق السماوات والأرضين، لا إله غيره ولا رب سواه، خلق فسوى وقدر فهدى، مالك الملك، يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء ويذل من يشاء، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، خلقنا وأحسن إلينا، فأنزل كتباً وأرسل رسلاً، ودعانا إلى عبادته ، وصلى الله وسلم على النبي المختار المصطفى من العباد، محمد بن عبد الله أشهد أنه رسول الله، والرحمة المهداة، البشير والنذير والسراج المنير، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلى أزواجه وذريته وآله الذين ساروا على نهجه واقتفوا أثره.
أهمية العمل مع الاستغفار
عباد الله: حدث أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: قال الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لا شركاً أكبر ولا شركاً أصغر ولا شركاً خفياً، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة[رواه الترمذي3540]رواه الترمذي وحسنه.
عباد الله: إن دعاء الله ورجاء الله يكون على عمل، فأنت ترجو ماذا إذا لم يكن عمل، أليس يعمل المؤمن ثم يرجو أن يقبل منه، أليس يعمل المؤمن ثم يرجو أن يضاعف له أجر عمله، أليس يعمل ثم يرجو أن يدخل جنة ربه، فلا بد من العمل، ثم أي دعاء صادق وتوبة واستغفار ورد بها الحديث، أي استغفار صحيح؟ إذا كان المستغفر مصراً مستهتراً في المعاصي لا يخاف ربه.
إن الاستغفار والدعاء والرجاء في هذا الحديث مقترن بما في قلب المستغفر والراجي من الخوف من الله، فإذا حصل ذلك وحصل معه توحيد صحيح، وهذه أهمية التوحيد غفر الله لهذا ولا يبالي ولو كانت ذنوبه قراب الأرض أي: ما يقارب ملأها، ولو بلغت عنان السماء أي: سحابها وما علا منها، فإنه رحيم ودود غفور تواب يغفر ولا يبالي، إذا كان العبد مستقيماً حسن الظاهر والباطن غفر الله له.
فضائل شهر شعبان والعمل فيه
عباد الله: إننا قد صرنا في شهر عظيم أخبر النبي ﷺ عنه بميزات منها: أن الأعمال ترفع فيه إلى الله، شهر شعبان سماه العرب بذلك قيل: لتشعبهم في طلب المياه، وقيل: لتشعبهم في الغارات، أخبر النبي ﷺ أنه شهر يغفل الناس فيه، لماذا؟ لأنهم يعظمون قبله شهراً ويعظمون بعده شهراً، فيعظمون قبله رجب وهو من الأشهر الحرم، ويعظمون بعده رمضان وهو ما هو في الفضل والمنزلة، فيغفلون عن هذا الشهر الذي في الوسط شعبان بين رجب ورمضان، وعبادة الله في أوقات الغفلة فيها أجر عظيم، ولذلك كان من كان من السلف يحييه بالصلاة ما بين المغرب والعشاء؛ لأنها أوقات الغفلة، ولذلك كانت العبادة في الهرج، أي: في الفتنة كهجرة إلى النبي ﷺ في الأجر، ولذلك كان ذكر الله في الأسواق وهي أماكن الغفلة في وسط الغافلين فيها أجر خاص، وشعبان أخبر النبي ﷺ أنه شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان.
وقد ذكر العلماء في سبب الإكثار من صيامه ﷺ في شعبان أموراً، وقد أخبرت أمهات المؤمنين عن كثرة صيامه حتى قالت أم المؤمنين: يصوم شعبان إلا قليلاً، فكان يصوم أكثر الشهر، قال بعضهم: إنه كان يقضي فيه النوافل التي فاتته من أيام البيض وغيرها بسبب سفره ومرضه، فتجتمع فيقضيها في شعبان؛ لأنه كان إذا عمل عملاً أثبته وإذا قام بنافلة داوم عليها، ولو فاتته لسبب قضاها، فكان يقضي فوائت نوافل الصيام عبر العام في شعبان، وقال بعضهم: إنه كان يكثر الصيام من شعبان لأن نساءه كن يقضين ما عليهن من رمضان الذي قبله في شعبان، فكان يصوم معهن مراعاة لحالهن، وقال طائفة ثالثة من أهل العلم، وهو القول هو الراجح إن شاء الله: إن السبب من الإكثار في صيامه في شعبان ﷺ هو أنه شهر ترفع الأعمال فيه إلى الله، وشهر فاضل، وأنه يحب أن يرفع عمله وهو صائم، ولا مانع أن تكون الأسباب كلها مجتمعة.
إن الصيام في شعبان هو كالنافلة قبل الفريضة كما في الصلاة، فكما أن صلاة الظهر مثلاً لها سنة قبلية وسنة بعدية كذلك الصيام في رمضان له سنة قبلية وهو الصيام في شعبان، والإكثار منه، وسنة بعدية وهي ستة شوال بعد رمضان، والنوافل تجبر نقص الفرائض، فالصيام في شعبان يجبر نقص الفريضة الذي يحصل منا ولابد في رمضان بما نخرق صومنا من غيبة ونميمة وكذب وظلم، وغفلة وعدم إحسان العبادة ونحو ذلك، فنحن إذن بحاجة.
وكذلك فإن من صام في شعبان في أوله لا يشمله النهي الذي ورد عن النبي ﷺ من الصيام في النصف الثاني من شعبان، فلما قال: إذا انتصف شعبان فلا تصوموا[رواه أبو داود2337] وأخبر بعدم الصيام قبل رمضان بيوم أو يومين استثنى العلماء من هذا الذي كان يصوم في النصف الأول من شعبان وله عادة كصيام الخميس أو الاثنين والخميس، أو صيام يوم وإفطار يوم فإنه يكمل على عادته، وكل من كان عليه أيام من رمضان الماضي وجب عليه أن يبادر إليها قبل دخول رمضان الآتي، فحثوا المريض الذي شفي، والحامل التي وضعت فأرضعت وزال عذرها على قضاء ما فاتهم من الأيام في هذا الشهر قبل أن يدخل رمضان.
اللهم اجعلنا ممن يخافك ويتقيك، اللهم اجعلنا من أهل طاعتك وتقواك، اللهم أسعدنا بتقواك، واجعل عملنا في رضاك يا رب العالمين، اللهم انصر المجاهدين في سبيلك، اللهم إنا نسألك النصر العاجل لإخواننا المسلمين، اللهم انج المستضعفين من المؤمنين، اللهم انج المستضعفين من المؤمنين، اللهم انج المستضعفين من المؤمنين في بلاد الشيشان وسائر الأرض يا رب العالمين، اللهم ارحم ضعفهم واجبر كسرهم، وارزقهم الصبر على مصابهم، اللهم وحد صفهم، واجمع كلمتهم على التوحيد، اللهم أفرغ عليهم صبراً، وثبت أقدامهم وانصرهم على الروس الكافرين، اللهم إن الروس قد بغوا على إخواننا في بلاد الشيشان فأحنهم الغداة يا رب العالمين، أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، اللهم خالف بين كلمتهم، وألق الرعب في قلوبهم، اللهم أنزل عليهم عذاباً من فوقهم، وزلزل بهم الأرض من تحتهم، اللهم رد كيدهم، اللهم فرق صفهم وجمعهم، اللهم اضرب بعضهم ببعض يا رب العالمين، أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، اللهم وعذب من والاهم من اليهود والمنافقين والساكتين عما أصاب المسلمين يا رب العالمين، اللهم إنك على شيء قدير، وأنت ناصر المستضعفين وغياث المظلومين، اللهم فكن مع إخواننا يا رب العالمين، أنصرهم ولا تنصر عليهم وأعنهم ولا تعن عليهم، واهدهم ويسر هداهم إليهم.
إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءوَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.