الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أيها المسلمون:
أهمية الدعوة إلى الله
يا عباد الله: إن الدعوة إلى الله هي طريق الأنبياء، وهي الوظيفة العليا، والطريق النفيس الذي سار فيه الأئمة والصالحون، هذا السبيل الذي قال الله تعالى فيه: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ سورة يوسف108، وهي المنهاج الصحيح، ورسالة الأنبياء، قال الله : وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ سورة فصلت33، فهي الوظيفة الشريفة التي لما ضاعت تأخر المسلمون بسبب قلة الدعاة، وانتشر الفساد، وعم الجهل بالدين، بسبب قلة الدعاة، انتشر المنكر، وفشت الشهوات بين الناس، وبسبب عدم القيام بواجب الدعوة تأخرنا، وبسبب عدم القيام بأعباء الدعوة صار هناك تخلف عن الإسلام بين الكثيرين من أبناء المسلمين.
من صفات الداعية
ولما كان النفر الذين انتدبوا أنفسهم للدعوة إلى الله تعتريهم من الآفات ما يعتريهم، كان لا بد لهم أن ينقوا أنفسهم وأن يتجردوا لله ، فهذه الصفة المهمة من صفات الداعية إلى الله ؛ لأنه بدونها لا يمكن لداعية أن ينجح، ولا أن يصيب الهدف، ولا أن تنفتح له مغاليق قلوب الناس، لا بد من التجرد والإخلاص لله تعالى، أيها الدعاة إلى الله ، كم رأينا ممن يتباهى وينتفش بقوله وفعله وكبريائه واستعلائه، ويتكلم بعجب وأستاذية حتى يظن أن الناس يشيرون إليه بالبنان، فإذا ألقى كلمة أو درساً تسلل العجب إلى قلبه، تارة يقول لنفسه: إنني أنا فلان الذي حركت القلوب، وإنني الداعية النشيط، وإن عملي الذي لا يلحق شأوه ودعوتي التي لا يشق لها غبار، ونظراتي المسددة وأعمالي الموفقة، وتلك هي الهاوية، إن الكبر والعجب الذي يقضي على الإخلاص، إنه الداء الخطير المقعد الذي يحطم الهمة، ويمنع من التضحية والبناء والبذل، ويجعل قلب الداعية يتآكل من داخله، كيف يصح أن يزكي الإنسان نفسه، والنبي ﷺ يقول: إن قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء[رواه مسلم2654]. أليس هو نبينا ﷺأثبت الناس قلباً وأشدهم حباً لله وعبادة له يقول في دعائه: اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك.[رواه مسلم2654]رواه مسلم.
وهو الذي يصلي حتى تتورم قدماه، ويقول: أفلا أكون عبداً شكوراً[رواه البخاري1130].
ويوصي أصحابه بأن يتواضعوا لله ، ويوصيهم بالمداومة على العبادة حتى لا ينقذف في قلوبهم العجب، ولا الركون إلى أفعالهم، بل المواصلة والاجتهاد في العمل، فهو يقول لمعاذ بن جبل : إني لأحبك يا معاذ، فلا تدع أن تقول في دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.[رواه أبو داود1522]رواه أبو داود وهو حديث صحيح.
معشر الدعاة إلى الله، يا طلبة العلم: إن الخوف من الله، والانكسار بين يديه، والثقة به وحده هو الذي يهذب النفس، ويروضها، ويطامن من كبريائها، ويحد من غرورها وعجبها، فالمرء ينشط، ويضحي بنفسه، وماله، ويبذل قصار جهده لخدمة الدين، وهو يلح في الدعاء ويتضرع إلى الله يسأله القبول ويخشى على عمله، كما قالت عائشة رضي الله عنها للنبي ﷺ في قوله : وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ سورة المؤمنون60 أهم الذين يزنون ويسرقون ويشربون الخمر؟ فقال: لا يا بنت الصديق، هم الذين يصلون ويصومون ويتصدقون يخافون أن لا يقبل منهم، أولئك الذين يسارعون في الخيرات.[رواه الترمذي3175]رواه الإمام أحمد والترمذي، هكذا كان النبي ﷺ يعلم أصحابه فماذا كانت النتيجة؟ خرج جيل ينكر نفسه، ينكر ذاته، يحتقر عمله، خرج جيل لا يأمن سوء الخاتمة على نفسه، خرج جيل يخاف الله .
وهذا عمر بن الخطاب ، ذلك الرجل القوي في دين الله، الذي أعز الله به الإسلام وقوى به المسلمين وزير رسول الله ﷺ، الذي إذا سلك فجاً سلك الشيطان فجاً آخر، حينما علم أن الرسول ﷺ أخبر حذيفة بأسماء المنافقين ذهب إليه ملحاً عليه في السؤال، هل سماني لك رسول الله ﷺ؟ هل سماني لك رسول الله ﷺ في أسماء المنافقين، إنه شيء عجيب جداً، عمر الفاروق لا يأمن على نفسه النفاق، عمر الفاروق الذي فرق الله به بين الحق والباطل شهد الغزوات والمشاهد مع النبي ﷺ هو الذي لا يأمن على نفسه أن يكون ممن ذكر لحذيفة في أسماء المنافقين، وحينما جاءه ابن عباس مواسياً لما طعن يقول: يا أمير المؤمنين لقد صحبت رسول الله ﷺ فأحسنت صحبته، ثم فارقته وهو عنك راضٍ، ثم صحبت أبا بكر فأحسنت صحبته، ثم فارقته وهو عنك راضٍ، ثم صحبت صحبتهم فأحسنت صحبتهم، ولئن فارقتهم لتفارقنهم وهم عنك راضون، ما هو الظن به بعد كل هذا الثناء، وهل أحس بالعجب والخيلاء؟ إنه يقول لابن عباس راداً عليه: أما ما ذكرت من صحبة رسول الله ﷺ ورضاه فإن ذلك منٌ من الله تعالى منَّ به عليَّ، وأما ما ترى من صحبة أبي بكر ورضاه فإن ذاك منٌ من الله جل ذكره منَّ به عليَّ، وأما ما ترى من جزعي فهو من أجلك وأجل أصحابك. القلق ماذا سيحدث لكم بعدي، ومن الذي سيكون الخليفة، وكيف ستسير أموركم؟ أما جزعي فهو من أجلك وأجل أصحابك، والله لو أن لي طلاع الأرض ذهباً لافتديت به من عذاب الله قبل أن أراه، رواه البخاري.
الله أكبر بهذه النفوس الحية التي تظهر الحاجة والافتقار إلى الله، وتلتجئ بالصدق مع الله، واليقين به، بهذه النفسيات تنجح الدعوة وتؤتي ثمارها، هذه النفوس التي تحمل الأعباء والتكاليف، هؤلاء الأشخاص الذين يكونون على مستوى التضحية، كلنا أيها الإخوة ينبغي أن نكون دعاة إلى الله تعالى، كل بحسب ما عنده من العلم، كل بحسب ما عنده من الأسلوب الذي يرى ويجتهد أنه الأمثل في القيام بهذه الفريضة وهي الدعوة إلى الله .
إن مما يحارب العجب ومما يقوي الإخلاص، ومما يكسب الدعوة نجاحاً الاستغفار إلى الله تعالى، استغفار الله تعالى، فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِسورة غافر55، وَاسْتَغْفِرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًاسورة النساء106، فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ سورة محمد19.
لقد استجاب النبي ﷺ لنداء ربه وهو يقول له: إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا رأيت ثمار الدعوة، رأيت النتيجة، رأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً، ماذا تفعل؟ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًاسورة النصر1-3، حتى لا يدخل عجب، حتى لا يشعر بأنه قد فعل شيئاً كثيراً فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ.
العجب العجب عند رؤية النتائج والناس يدخلون في الدين ماذا يكون القول؟ استغفر الله، الاستغفار، وهكذا فعل النبي ﷺ وتأولها في ركوعه قائلاً: سبحانك اللهم ربنا، يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي يتأول القرآن.[رواه البخاري817] وهو الذي كان يقول: يا أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب إليه في اليوم مائة مرة[رواه مسلم2702]، يقول: استغفر الله العظيم، استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، وأتوب إليه[رواه الترمذي3577]، يقول ابن عمر : نسمعها في المجلس قبل أن يقوم مائة مرة، مائة مرة، يسمعونها من النبي ﷺ قبل أن يقوم، ولو لا هذه لكان هناك غين على قلبه، فتور شيء يعتري القلب مثل السحابة، ظلمة، لولا هذه الكلمات لأصابه ذلك، يقول ﷺ: استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، وأتوب إليه، هكذا كان ﷺ يقول.
وبعد الوضوء استغفار، وعند القيام لله استغفار، وفي استفتاح الصلاة استغفار، وفي آخر الصلاة استغفار، وإلى موته، وعند موته ﷺ يقول: اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى[رواه الترمذي3496].
هكذا كان ﷺ يفعل، وهكذا كان يعلم الأمة، وعلم الصديق خير أصحابه، خير الأمة من بعده، علمه ماذا؟ دعاءً يقوله في آخر صلاته، ما هو؟ جاء الصديق إلى النبي ﷺ يقول: يا رسول الله علمني دعاءً أدعو به في صلاتي وفي بيتي، قال: قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كبيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم. ذكر العلماء أن هذا الاستغفار يقال بعد الاستعاذة من أربع في آخر التشهد، اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كبيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم[رواه البخاري834]، الصديق يقول: اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كبيراً، فماذا فعلنا نحن؟ ماذا فعلنا نحن؟ ما هو حالنا نحن؟
كان الرجل إذا أسلم علمه النبي ﷺ الصلاة ثم أمره أن يدعو بهؤلاء الكلمات اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني[رواه مسلم2697]، وعلمهم سيد الاستغفار، وعلمهم وعلمهم من أنواع الاستغفار وطلب المغفرة، من الذي يطلب المغفرة؟ المذنب المخطئ المقصر، فإذا استشعر العبد دائماً أنه مقصر سعى في العمل، أما إذا أحس بأنه قد فعل ما عليه وقدم ما وجب فهنا لأي شيء يعمل؟
أيها الإخوة: إن هذه التربية الدينية التي يربينا الإسلام عليها فيها أسرار عظيمة، إن شعور المسلم دائماً أنه مقصر هو الذي يدفعه للمواصلة أولاً وللمزيد ثانياً.
ولذلك فإن شعور الداعية بأنه مقصر وهو كذلك فعلاً، وهذه هي الحقيقة مهما عمل فلا زال هناك متطلبات وواجبات لم يقم بها، إن هذا الشعور أن يحدث الإنسان نفسه دائماً بأنه مقصر، هذه مسألة مهمة أيها الإخوة، أن يحدث الإنسان نفسه دائماً بأنه مقصر في تربية أولاده، في حقوق زوجته، في دعوته لأهله وأقربائه، وللناس، في العبادة، في عبادته لربه أن يحس دائماً أنه مقصر، وهذه هي الحقيقة، إذا كان هذا الإحساس حياً في النفوس كان هناك المزيد من العمل والمواصلة في العمل.
نسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله لا إله إلا الله، وسبحان الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وإنا لله، أشهد أن لا إله إلا الله الحي القيوم، وأشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
شعار الدعاة إلى الله
أيها المؤمنون، أيها الإخوة: إن الاندفاع للعمل لهذا الدين بغير كلل ولا ملل إنه شعار الدعاة إلى الله، إنها الخصلة التي تنبئ عن استشعار المسؤولية والخطاب الموجه من الله لنا نحن البشر، فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَسورة هود112، وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ سورة الزخرف44 ستسألون عن المسؤولية في حمل الدين وتبليغ الدين، كم من عامل كافر بيننا من امرأة أو رجل، ماذا قدمنا لهم؟ كم من منسلخ من الدين بين ظهرانينا ماذا فعلنا من أجلهم؟ كم من فاسق سادر في شهوته ومعاصيه ماذا قمنا به من الحق لأجل ردعه ورده إلى الصراط المستقيم؟ كلنا لنا أقرباء، لنا معارف وأصدقاء، ولنا عمال يعملون لنا، أو يعملون معنا، ماذا فعلنا من أجلهم؟
زملاء يدرسون وموظفون للمكتب مشاركون، بل إن مسؤوليتنا حتى عن الناس الذين غابوا عنا، ولو كانوا في أطراف الأرض ممن نستطيع أن نقدم لهم شيئاً ينبغي علينا أن نقدم لهم.
أمثلة من العلماء في الدعوة
أيها الإخوة: لقد ضرب علماؤنا رحمهم الله الأمثلة في المواصلة في أعمالهم، في العلم والعمل، كان أحدهم ينسخ بالليل في الحر، فإذا اشتد الحر على جسده جلس في إجانة ماء، إناء يغسل فيه الثياب يتبرد به.
نقض مالك سقف بيته فباع خشبه لأجل طلب العلم.
تفقدوا البخاري أياماً غاب عنهم بالبصرة فإذا هو في بيته ليس عنده ثياب ولذلك لم يستطع الخروج إليهم، فجمعوا له دراهم اشتروا له ثوباً، كسوه إياه ليندفع معهم في كتابة الحديث.
وبعضهم كان يصبح ليس له مأكل، ويمسي ليس له مأكل من انشغاله بطاعة الله .
واليوم ماذا نجد؟ الانشغال بالمادة الولوغ في الدنيا، التفاخر والترف والإسراف في صرف المال، بدلاً من أن تجمعهم موعظة أو تدارس علم أصبح يجمعهم لهو ولعب على حساب أوقات فاضلة، أصبحت المجالس تمر فيها الساعات من غير فائدة تلقى، أو ذكر لله يتلى، لقد وقعوا في موديلات السيارت وأسعارها، وما في البر من الأمور، لقد اختفت المصاحف والأسوكة من بعض الجيوب لتملأها الهواتف النقالة وأجهزة النداء، أين مصحفك الصغير أو استبدلت به ذلك النقال؛ لأن الجيب لا يتسع لاثنين؟
إن من الخطورة أيها الإخوة أن يفكر بعضنا حتى بأمور من الطاعات لأجل الدنيا، في إمامة أو أذان ليحصل به شيئاً من المال أو سكن، أن تكون هذه هي القضية الأساسية في تطلب مثل هذه الأعمال إنه أمر مؤسف وخطير جداً.
أهمية تلمس واقع الناس
إن مما ينبغي مما ينبغي ويجب على الدعاة إلى الله أن يتلمسوا واقع الناس، ماذا يعاني منه الناس، لقد أتتنا هذه الموجات الشريرة، أو الموجات لا ذنب لها ولكن ما تحمله من الشر، لقد أتتنا الموجات بما تحمله من الشر من الفضاء الخارجي لتنشر الرذيلة بين الناس، بدون وعي منهم ولا إدراك لخطورتها، ومن أدرك لم يعمل على تجنيب نفسه وأهله الشر، والمسألة ليست مسألة شهوات فقط، إنها تسميم للعقول، إنها نقض للأصول الشرعية، ما قولكم إذا جعل حكم مسلم به في كتاب الله وعلى لسان رسول الله ﷺ، جعل مثاراً وعرضة ومجالاً للاستفتاء، من يوافق على تعدد الزوجات؟ ومن لا يوافق؟ من الذي يؤيد التعدد ومن الذي يعارض؟ ويقول القائل: الربا مختلف فيه، بعضهم أباحه وبعضهم حرمه، عندما تصل القضية أيها الإخوة لجعل المسلمات والأصول الشرعية والأحكام المستقرة إلى قيام الساعة، الأحكام المحكمة ليست منسوخة، عندما تجعل الأحكام الشرعية مجالاً للأخذ والعطاء والرد والقبول، والتأييد والمعارضة، وذكر السلبيات والإيجابيات عند ذلك تعلم فعلاً أن المسألة تسير بتخطيط اليهود والنصارى، وأعداء الدين من المنافقين لزحزحة المسلمين عن هذا الدين.
ثم يخرج عليك البسطاء والسذج والجهلة ليقولوا لك: المسألة فيها خلاف، والمسألة لها سلبيات وفيها إيجابيات، أحكام شرعية تهتز الثقة بها، وبدلاً من أن يكون الاستسلام هو الموجود في النفوس لهذه الأحكام تجد التشكك، بل ربما الإنكار في قلوب الناس، وإن الأمة ولله الحمد لا يزال فيها خير من داعية يدعو وناصح يحذر، وراد يحتسب الأجر في الرد والبيان، وهذه وظيفة الأنبياء والرسل، البيان والإيضاح، لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْسورة النحل44.
نسأل الله أن يوفق الدعاة العاملين وأن يرزقنا السير في سبيل سيد المرسلين، اللهم إنا نسألك أن تجعلنا ممن ثبتهم بالإيمان والدين، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك، اللهم اجعلنا بحبلك مستمسكين، اللهم انصر بنا الدين يا رب العالمين.
اللهم أخز اليهود والنصارى، أفشل خططهم، اللهم اجعل كيدهم في نحورهم واجعل تدبيرهم منقلباً عليهم، اللهم إنا نسألك أن تعز دينك وأولياءك، اللهم أبرم لهذه الأمة أمراً رشيداً تعز فيه أهل طاعتك وتذل فيه أهل معصيتك، اللهم عجل فرج المسلمين، اللهم إنا نسألك الرحمة للموحدين، اللهم ارحم موتى المسلمين من أهل التوحيد يا رب العالمين. اللهم نور عليهم قبورهم، واغفر لهم وارحمهم، اللهم إنا نسألك أن تعاجلهم بمنك وإحسانك يا رب العالمين، أبدلهم دوراً خيراً من دورهم وأهلاً خيراً من أهليهم، اللهم اجعل الجنة مأوانا ومأواهم، وأعذنا من النار ومن غضبك يا جبار.
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.