الخميس 20 جمادى الأولى 1446 هـ :: 21 نوفمبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

مسلسل الابتلاء


عناصر المادة
الخطبة الأولى
الابتلاء سنة كونية
فتنة النساء
فتنة المال
الخطبة الثانية
الابتلاء بتسلط الأعداء
الحرب على الإسلام وعقائده

الخطبة الأولى

00:00:05

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:

الابتلاء سنة كونية

00:00:28

فإن الله قد شاء بحكمته أن تكون الفتنة للعباد ليتبين أهل الخير من أهل الشر، وليتبين أهل الفساد من أهل الصلاح، وليتبين أهل الثبات من أهل الزيغ الذين يرتدون على أعقابهم إذا تعرضوا للفتن والمحن، والله جعل هذه الفتن في الدنيا لعباده بعضهم ببعض، فقال : وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُم بِبَعْضٍسورة الأنعام:53، وقال : وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَسورة الفرقان:20، وهذه الآية جديرة بأن يتأمل فيها العبد: وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَسورة الفرقان:20، فابتلى الله الأتباع بالأنبياء، ابتلى المدعوين بالدعاة، كما ابتلى الدعاة بالمدعوين، وابتلى الأغنياء بالفقراء، كما ابتلى الفقراء بالأغنياء، وابتلى المرضى بالأصحاء، كما ابتلى الأصحاء بالمرضى، وابتلى الرجل بزوجته، كما ابتلى الزوجة بزوجها، وابتلى الأب بأولاده، كما ابتلى الأبناء بأبيهم، وهكذا يبتلي عباده بعضهم ببعض لينظر كيف يعملون.

أيها المسلمون، إن هذا الابتلاء سنة إلهية لا بد منها، والله والله يكشف الحقائق عبر هذه الابتلاءات وهذه الفتن؛ ولذلك إذا واجه الداعية إلى الله صعوبات وابتلاءات، فإنه يتذكر الطريق الطويل طريق الأنبياء الذين ابتلوا فيما سبق، ويقول الداعية لنفسه: أين أنت؟! والطريق تعب فيه آدم، وأوذي فيه نوح، ورمي في النار الخليل، وأضجع للذبح إسماعيل، وبيع يوسف بثمن بخس، ولبث في السجن بضع سنين، ونشر بالمنشار الأنبياء، وذبح زكريا وولده يحيى، وقاسى الضر أيوب، وبكى داود، وهكذا أخيف عيسى في سبيل الله، وعالج الفقر وأنواع الأذى محمد ﷺ.

أيها المسلمون، أيها الإخوة: إن هذه الأنواع من الابتلاءات تثبت العبد المؤمن في الحقيقة، لماذا؟ لأنه لا يفاجأ بها، فهو يعلم أنها سنة إلهية، وأن الله يريدها أن تحدث، الم ۝ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ۝ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَسورة العنكبوت:1-3، وهذه الدنيا أليست دار ابتلاء وامتحان؟ أليست هذه الدنيا داراً يُرى فيها العبد الثابت، ويرى فيها من استقر على طاعة الله؟ ألسنا نتعرض فيها لأنواع الشبهات والشهوات؟ ألسنا نرى فيها من أنواع التشكيك كما نرى فيها من أنواع إثارة الغرائز ما نرى؟ فمن عرف أن هذه القضية حادثة، وأنه لا بد منها؛ وطَّن نفسه على المواجهة، وعلم بأن هذا الشر الذي يحدث إنما يراد لحكمة، فهذا الكلام نقوله اليوم عندما يرى الدعاة إلى الله صعوبة المهمة وسط هذا الركام الهائل من المثيرات والملهيات، ومن الشبهات والشهوات التي تسلط على الناس حتى يكاد يقول الواحد منهم: إنني أدعو فلاناً إلى الله ، وأسير معه فترة من الزمن، ثم لا تلبث قناة فضائية، أو مجلة داعرة، أو شابة خبيثة، ونحو ذلك من أصدقاء السوء أن يذهب بهذا الشخص الذي أنفقت معه من الوقت كذا وكذا، وربما أنفقت عليه من المال تألفاً وإحساناً كذا وكذا، فكيف يذهب هذا التعب أدراج الرياح، وربما تأسف وتحسر على هذه النهاية، ولكن العزاء -أيها المسلم، أيها الداعية- أن الله فرض علينا العمل لدينه، وأمرنا بالدعوة إلى سبيله، ولم يكلفنا بالنتائج، فهو الذي قال: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَسورة النحل:125، وهو الذي قال: لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْسورة البقرة:272.

إذن: إذا قمت بالواجب المطلوب في الدعوة، ثم لم تحصل النتيجة والثمرة؛ فلا تذهب نفسك حسرات، فالنبي ﷺ قاسى ما قاسى، وأعرض عنه أكثر قريش، ولم يستجب له إلا شُذَّاذ من القبائل، قلة وندرة، نزاع من القبائل، شذوا عن ماذا؟ عن مذهب قومهم حتى سموهم صابئة، والصابئ في لغة العرب من غير دين قومه؛ ولذلك لا تأسفنَّ، ولا تحزننَّ إذا ما انتكس، وارتد من تدعوه، أو توقف عن السير، وتعثر في هذا الطريق، طريق الشهوات، وطريق الشبهات الممتلئ بهما العالم اليوم، وقد تجتمع على الإنسان هاتان الشهوتان حتى لا يستطيع رؤية الحق.

يُقضى على المرء في أيام محنته حتى يرى حسناً ما ليس بالحسن

ثم أنت -أيها المسلم، يا عبد الله- تعلم يقيناً أن لكل فتنة علاج، فعلاج الشبهات بالعلم، علاج فتنة الشبهات بالعلم، ومن كان ذا علم وافر كان الشيطان عنه أبعد في تضليله وتشكيكه.

فتنة النساء

00:08:37

أيها الإخوة: إن هناك من الفتن ما تمور به اليوم شوارع المسلمين وأسواقهم ألا وهي فتنة النساء، والنبي ﷺ أخبرنا أن هذه الفتنة ليست بجديدة، وأن أول فتنة بني إسرائيل هي النساء، شهوة الجسد، وفتنة العشق، الافتتان بالصور، هذه الشهوة، وهذه الفتنة التي تقود إلى الزنا ونظائره.

عباد الله: إن لهذه الفتنة مقدمات، لقد زُيِّن النساء للرجال، وكان ذلك أمراً في النفس، ومات النبي ﷺ بعدما قال لنا في التحذير الخطير: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء[رواه البخاري (5096)، ومسلم (2740)]، ففتنة النساء أشد من جميع الأشياء، ويقال في النساء فتنتان:

الأولى: أنها تحمل الرجل على قطيعة أقاربه إذا كانت سيئة تريده أن ينقطع عن أهله كمثل أمه وأخواته، وكذلك فتنتها بأن تحمله على جمع المال من حرام، وعدم المبالاة وإنفاقه كذلك في سبل ما لا يجوز شرعاً.

الثانية: فتنة الأولاد بجمع المال لأجلهم من الحرام أيضاً، وهكذا وقد أخبر ﷺ أن الولد مجبنة يجعل أباه جباناً عن الخروج في الجهاد؛ لأنه يتذكر يتم أطفاله، ومجهلة؛ لأنه يحمل أباه على ترك الخروج للعلم قضاء للوقت مع أولاده، وكذلك مبخلة؛ لأنه يحمل أباه على ترك الإنفاق في سبيل الله لأنه يرى أن أولاده أولى بهذا المال، وهو كذلك محزنة [رواه الحاكم في المستدرك (5284)] إذا صار مريضاً، وهذا أمر طبيعي عادي يؤجر عليه الإنسان إذا صبر، وأما الهم اللازم والغم الدائم، فهو إذا صار الولد عاقاً، فهو مجبنة مبخلة، مجهلة محزنة إلا من اتقى الله، وأعانه الله على أولاده.

عباد الله: إن قضية فتنة المرأة التي تصرع ذا اللب:

يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به وهن أضعف خلق الله إنساناً

هذه وصية السلف باتقاء الفتنة في النساء حتى ولو كان في عبادة، فقال ميمون بن مهران: "ثلاث لا تبلون نفسك بهن: لا تدخل على السلطان، ولا تصغين بسمعك إلى هوى -أي إلى بدعة-؛ فإنك لا تدري ما يعلق بقلبك منه"، وهذا الكلام مهم جداً؛ لأن بعض الناس عندما يستمع إلى بعض الإذاعات، أو يشاهد بعض القنوات، أو يفتح على بعض المواقع في شبكة نسيج العنكبوت يعمد إلى قراءة ما لدى القوم الآخرين، ويقول: سأطلع على ما يوجد في الأديان الأخرى، والمذاهب الأخرى، وبعضها ينتسب للإسلام، فيسمع لخطبائهم في إذاعاتهم -بعض الأحيان- فضولاً وحباً لمعرفة المجهول، واستكشافاً من حب الاطلاع، لكن ميمون بن مهران يقول: "ولا تصغين بسمعك إلى هوى -إلى بدعة-؛ فإنك لا تدري ما يعلق بقلبك منه"، وانتبه يا أخي لهذه الكلمة الدقيقة من هذا الرجل من السلف، عالم من كبار العلماء، ميمون بن مهران، يقول ميمون: "ولا تصغي بسمعك إلى هوى؛ فإنك لا تدري ما يعلق بقلبك منه" إذن يمكن أن يعلق بقلبك شيء وأنت لا تدري، ليس الخطر أن تفتن وأنت تدري، ولكن قد يعلق بقلبك شيء مما تسمع وترى في هذه الإذاعات والقنوات، خصوصاً ما كان منها لأهل البدع، انتبهوا -أيها الإخوة-، الذين يتكلمون بأشياء من القرآن والسنة، والكلام الإسلامي، لا تدري ما يعلق بقلبك منه، ثم قال: "ولا تدخل على امرأة وإن قلت أعلمها كتاب الله"، فإذن قد يدخل الشيطان من باب الدين، ويقول لشخص: علمها التجويد، علمها القراءة، ومن الأبواب كذلك الرقية، وما أدراك ما الرقية؟! فقد يدخل أيضاً من باب الرقية؛ فيفتن الشخص عن دينه، ويلقيه في وحل الشهوات، فيصرعه في الهوى والعشق، وكذلك في القذارة، وأنواع الفحش، وهكذا.

إذن: -أيها الإخوة- هذه الفتنة العظيمة التي أخبرنا عنها النبي ﷺ لا بد من أخذ الحساب لها، وقد قيل في قول الله تعالى: وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًاسورة النساء:28، قال طاووس رحمه الله: ذلك في أمر النساء خاصة، وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًاسورة النساء:28فسره ابن عباس: أي: لا يصبر على النساء.

إذن: عندما تأمر الشريعة بأمور فيها تحصين لغض البصر، وعدم الخلوة؛ فإن هذه الأوامر لحكم عظيمة في التحصين يجب أن ينتبه لها المرء المسلم.

فتنة المال

00:16:01

وأما الفتنة الأخرى التي حذر منها ﷺ عندما قال لنا: إن هذا المال خضرة حلوة [رواه البخاري (1465)، ومسلم (1052)]قصد ﷺ أن ينبهنا إلى الجاذبية الموجودة فيه، خضرة حلوة، إن هذا المال خضرة حلوة، فهو جذاب ولذيذ؛ ولذلك لا يبالي كثير من الناس من أين أخذه، وإنما يجري وراء جاذبيته، ينسى المنعم فيه تارة؛ فيعصيه في المال، ويعصيه بعدم المبالاة من أين جهة أخذ المال؛ ولذلك تجد بعض الذين يسقطون حتى وهم في شيء من القوة في دينهم يحصل لهم السقوط صرعى في هذه الفتنة؛ لهاثاً وراء جمعه، وأخذاً له من غير حق، وإنفاقه فيما حرم، والاشتغال به.

أيها الإخوة، إن هذه الفتن التي نُبئنا عنها عظيمة، وتأمل في قول الشاعر في المال:

النار آخر دينار نطقت به .....................

دينار تنتهي بكلمة "نار" ديـ.. "ـنار".

النار آخر دينار نطقت به والهم آخر هذا الدرهم الجاري

الدرهم، الدر.. "هم".

والمرء بينهما إن كان ذا ورع معذب القلب بين الهم والنار
النار آخر دينار نطقت به والهم آخر هذا الدرهم الجاري
والمرء بينهما إن كان ذا ورع معذب القلب بين الهم والنار

فليعلم العبد أن هذا المال قد يقوده إلى النار، ويجره إلى المعاصي، ويبتلى بسببه، وقد لا يقدر على تحصيله مثل فلان؛ فيقوده إلى الحسد، وقد يحصله أكثر من الآخرين؛ فيقوده إلى الكبر والعجب، وقد يلتهي به عن صلاح قلبه، وذكر الله، والدعوة إلى سبيله.

نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن يثبت أمام الفتن، وممن يتغلب عليها.

إني بليت بأربع يرمينني بالنبل قد نصبوا علي شراكا
إبليس والدنيا ونفسي والهوى من أين أرجو بينهن فكاكا
يا رب ساعدني بعفو إنني أصبحت لا أرجو لهن سواك

اللهم ثبتنا على الدين، اللهم إنا نسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، اللهم إنا نسألك عيشة تقية، وميتة سوية، اللهم إنا نسألك الأمن يوم الفزع، والفوز بالجنة، والنجاة من النار.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

00:19:59

الحمد لله معز من أطاعه، ومذل من عصاه، أشهد أن لا إله إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وأشهد أن محمداً رسول الله الرحمة المهداة، الشافع المشفع، وحامل لواء الحمد يوم الدين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

الابتلاء بتسلط الأعداء

00:20:23

عباد الله: ويُفتن المسلمون عن دينهم، ويتوالى مسلسل الفتن: وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِسورة البروج:8، ويترك النصارى في الفلبين العالم مشغولاً بعملية خطف لرهائن لكي ينتقموا من المؤمنين بمئات الآلاف في جزيرة مندناو الفلبينية، ويقصفوهم بالطائرات، ويحرقوا بيوتهم، ويغتصبوا نساءهم، ويشردوا أطفالهم، ويقتلوا رجالهم، وهكذا تشرد أكثر من ستمائة ألف مسلم في جنوب الفلبين في هذه الأيام، وعلا النصارى على المساجد فغرزوا راياتهم الصليبية فوق مناراتها، ونُشرت تلك الصور على العالم، وسقطت بلدة كانت تسمى بأبي بكر الصديق، فيها منارات للعلم والإيمان، ومجالس للذكر، ودروس العلم والفقه في الدين، وكذلك كان فيها من أمور الخير ما فيها فوائد عظيمة، ومجالس كبيرة، ويكفي أنها بيئة تحمي المسلمين، فسقطت هذه البلدة أو القرية الصغيرة التي كانت أهم مكان للمسلمين في الفلبين على الإطلاق، ولا يُحمد على مكروه إلا الله .

ونحن بهذا نذكر أنفسنا بهذه الفتن، وأن الله إذا قدرها يصطفي فيها شهداء، ويبلوا فيها الأولياء، فيثبتون؛ فترتفع الدرجات عند الله، وكذلك فإنه ينظر في حال هؤلاء المسلمين، ماذا عملوا بمفهوم الجسد الواحد -الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى-؟.

إن الفتنة اليوم في المسلمين في جنوب الفلبين فتنة عظيمة جداً، والمحنة كبيرة، ولكن نسأل الله أن يجعل مما فعله الكفار دافعاً للمسلمين للانتقام منهم، والعودة إلى تجييش قواهم لمحاربة الكفر والصليب وأهله، والله غالب على أمره، وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِسورة آل عمران:140، فلهؤلاء تارة، ولهؤلاء تارة، حتى لقد شهد الغرب أنفسهم بأن هذا السقوط لتلك القاعدة الإسلامية في الفلبين ربما يكون على المدى الطويل شوكاً في حلوق النصارى من جراء حرب العصابات التي سيشنونها على الكفار، ونسأل الله أن يمد المسلمين بالعون من عنده، وينزل عليهم نصره وتثبيته، إنه سميع مجيب.

ولا تزال كذلك المحن بإخواننا في الشيشان، وهؤلاء الجبناء ينتقمون من المدنيين العزل، وتتزايد أعداد الذاهبين إلى بلاد الإنجوش فراراً بأنفسهم، ويوجد في جيوب الكفار من النصارى أوراقاً أخذوها من الكنيسة لحفظهم كما قالوا، ويقوم من القساوسة فيهم من يحمسهم على دك المسلمين في بلاد الشيشان إعلاناً وإيذاناً بصليبية تلك الحرب، وإخوانهم يَمُدونهم، ويُمِدونهم في كل باطل لأجل الحرب على الإسلام وأهله.

الحرب على الإسلام وعقائده

00:25:01

ثم نرى بعد ذلك في خبرين متواليين أمراً عجيباً في قضية الهجوم على المسلمين في مقدساتهم، وفيما يؤمنون به، فتخرج "والت دزني" في موقعها على شبكة الإنترنت لتدعو إلى بناء مدينة في بلاد المسلمين يقولون في الموقع: سندخل العهد الجديد باكتساب عدد من ملايين المسلمين، وستنشأ نسخة فنية من المسجد العظيم في مكة، وعندما ترى هذه النسخة الديزنية من الكعبة لن تملك نفسك من الشعور بالمهابة والاحترام، ويختم مقالهم: دعونا نرحب جميعاً بمحمد ميكي في عائلتنا الديزنية! من هو ميكي؟! فأر، جرذ.

وهكذا لو سألت اليوم أطفالنا: هل يحبون دزني أم لا؟ فسيقولون لك: إن غالب ما يطلعون عليه هو من منتجات تلك الشركة العالمية، ثم يظهرون صورة للكعبة حولها الطائفين بملابس الإحرام، وقد أزيلت الكعبة من مكانها ووضع بدلاً منها كرة بلورية دزنية شعاراً لهم، وأن المسلمين سيؤمون هذه المدينة كما يؤمون الكعبة، وهذا من الغرض في ما قدموه وأعلنوه، وهذه ليست قضية صغيرة؛ لأن حجم تلك الشركة ومبيعاتها بالبلايين ومنتجاتها في كل دول العالم.

ثم تقوم شركة عرض أزياء يهودية في أحد فنادق فلسطين بالتطاول على الإسلام وأهله، وتُكتب آيات قرآنية على ملابس العارضات، ثم تمشي العارضات على إيقاع خلفيته تلاوة من آيات القرآن الكريم، إيقاع موسيقي مع خلفية لتلاوة القرآن الكريم تسير عليها العاهرات، وقد كُتبت على أزيائهن هذه الآيات القرآنية، وتناقل العالم هذا الخبر، ومن اطلع عرف.

فهم يحاربوننا في ديننا وعقيدتنا، ويُقتلون إخواننا، ثم يستهزئون بمقدساتنا، بكتاب ربنا، وبنبيه ﷺ، وهذا الهجوم العارم لتحطيم معنويات المسلمين، وإذلال المسلمين على مستوى عالمي، إذلال الكل؛ لأن الحقيقة أن الضربة موجهة للكل، لكننا بالرغم من فداحة هذه المصيبة، وعظم هذا الشر، فإننا نسأل الله أن يقلب النتائج لصالح الإسلام والمسلمين، وأن يجعل من أفعال هؤلاء الكفار عبرة للمسلمين يرجعون فيها إلى المزيد من التمسك بدينهم، وأن يعتبر حتى فسقة المسلمين بما يحدث فتقوم الغيرة في أنفسهم لله ورسوله وكتابه وإخوانهم المسلمين.

هذا ما نتأمله، أن تكون مثل هذه الأحداث والأخبار دافعاً للمسلمين للغيرة، أن تستخرج من نفوسهم تلك القوى الكامنة وتستثار، وأن يرعوي بعض أولئك، فيرجعوا إلى دينهم، ويعرفوا عدوهم، هذا الذي قلدوه، هذا الذي مشوا خلفه، هذا الذي قصوا شعرهم مثل شعره، هذا الذي لبسوا مثل ملابسه، هذا الذي أُعجبوا به، ماذا يفعل بدين، ماذا يفعل بإخواننا المسلمين، هذا هو الأمل في أن توقظ مثل هذه الأشياء الغيرة الدينية في نفوس المسلمين.

اللهم إنا نسألك العزة للإسلام وأهله، أعز الإسلام والمسلمين، أعز الإسلام والمسلمين، أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الكفرة والمشركين يا رب العالمين.

اللهم عليك بأعداء الدين فإنهم لا يعجزونك، اللهم عليك بأعداء الدين، اللهم عليك بأعداء الدين، اللهم أشغلهم بأنفسهم، وأوقد نار الحرب بينهم، وأنزل عليهم عذاباً من فوقهم، وأتهم من تحت أرجلهم، اللهم إنا نسألك أن ترينا يوماً قريباً تعز فيه دينك.

اللهم إنا نسألك الأمن والأمان لبلدنا هذا ولسائر بلاد المسلمين، آمنا في الأوطان والدور، ووفق الأئمة وولاة الأمور، وتب علينا يا عزيز يا غفور.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ۝ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ۝ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.

1 - رواه البخاري (5096)، ومسلم (2740)
2 - رواه الحاكم في المستدرك (5284) 
3 - رواه البخاري (1465)، ومسلم (1052)