الخميس 20 جمادى الأولى 1446 هـ :: 21 نوفمبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

مع المحبرة إلى المقبرة


عناصر المادة
الخطبة الأولى
أهمية العلم
فضائل العلم والعلماء
حال السلف في طلب العلم

الخطبة الأولى

00:00:05

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أهمية العلم

00:00:29

الحمد لله العليم، علام الغيوب، الحمد لله الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام على محمد رسول الله خير عالم ومعلم، قد ندب إلى العلم، وحث عليه، ورغب فيه، ونبه إليه، العلم في الإسلام يسبق العمل يا عباد الله، فلا عمل إلا بعلم، كما قال تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِسورة محمد19.

العلم قبل القول والعمل، فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُسورة محمد19 ثم وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ.

وقد حذر الله تعالى من القول عليه بلا علم، فهي من أكبر الكبائر وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌسورة الإسراء36، وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَسورة البقرة169.

طلب العلم من أجل العبادات، وأفضل القربات، وهو حياة القلوب، ونور الأبصار، به يطاع الله ويعبد، وبه يعبد الرب ويوحد، به توصل الأرحام، ويعرف الحلال من الحرام، تعلمه حسنة، ودراسته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقه، وطلبه قربة، وهو الأنس في الوحدة، والصاحب في الغربة، والدليل في الظلمة، والنصر على الأعداء، طلبه شرف، وهو زينة، حكمه واجب، طلب العلم فريضة على كل مسلم[رواه ابن ماجه224]، بالعلم يحصن نفسه المسلم من الشبهات والشهوات، وكلما نال مرتبة فيه ازداد خشية لله، إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءسورة فاطر28، لم يأمر الله نبيه من الازدياد من شيء إلا من العلم، وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًاسورة طـه114.

أشرك الله أهل العلم في الشهادة على أعظم حقيقة مع ملائكته فقال: شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِسورة آل عمران18أي: يشهدون أيضاً، فاستشهدهم على أجل مشهود وقرن شهادتهم بشهادته وشهادة الملائكة، والله لا يستشهد إلا العدول.

قال النبي ﷺ: يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين[رواه البزار9423]حديث صحيح.

قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَسورة الزمر9، والذين يعلمون ويعلمون نفعهم متعدٍ، ولذلك فإن شرفهم عند الله عظيم، ومنزلتهم كبيرة، يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍسورة المجادلة11.

فضائل العلم والعلماء

00:03:43

لقد أثنى الله على أهل العلم بأن جعل كتابه آيات في صدورهم، وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ۝ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَسورة العنكبوت48-49. وأهل العلم أسرع الناس إدراكاً للحق وإيماناً به، إذا عرض عليهم عرفته قلوبهم فقبلوه وأقبلوا عليه، وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْسورة الحـج54.

يتواضعون، ويذعنون، فيعملون.

العلم رحمة وخير وهداية ومنة يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًاسورة البقرة269.  الحكمة القرآن والسنة، الحكمة وضع الأشياء في مواضعها، والعلم بصيرة ونور من الله، قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍسورة يوسف108، والذين ليس عنده علم يخبط خبط عشواء، حتى لو أراد أن يدعو لا يعرف إلى أي شيء يدعو، وهل يدعو إلى حق أم باطل، إلى سنة أم بدعة، لا يعرف.

العلم الذي يجعلك تعتقد العقيدة الصحيحة، وليس خرافات أو شعوذة أو بدع، العلم الذي يعصمك من الوقوع في التعصب المذموم، والجهل القاتل. العلم الذي يحصنك ضد شبهات الأعداء، العلم الذي يجعلك تسيطر على غرائزك وشهواتك، العلم الذي يجنبك الوقوع في المحرمات، العلم الذي يجعلك تنتقي أفضل الطاعات وتميز بين القربات، وتأتي بالأولويات، وتعلم الفرائض قبل السنن، فتأتي هذه قبل هذه، العلم بينة توضح الحقائق، وما أكثر الشبهات في عالمنا اليوم، ما أكثر الأمور التي لا تتبين لكثير من الناس، لكن صاحب العلم بالنور يعلمها، قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيسورة الأنعام57، بالعلم يهتدي الناس، والهداية أجرها عظيم فوالله لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم[رواه البخاري2942 ومسلم2406] قاله ﷺ لعلي كما في الحديث المتفق عليه.

الميزة في العلم عالية، حتى أن الله جعل فرقاً بين صيد الكلب المعلم والكلب غير المعلم. قال تعالى: يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْسورة المائدة4، إذا أرسلت كلبك المعلم الذي دربته على الصيد يصيد لك لا نفسه، وذكرت اسم الله فكل، لكن صيد الكلب غير المعلم يختلف حكمه.

بالعلم يحصل كل خير ويجتنب كل شر، تصلح الدنيا بعد صلاح الدين، من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع[رواه الترمذي2682]. تضع أجنحتها وضعاً حقيقياً تواضعاً لطالب العلم، ولما سمع بعض المستهزئين هذا الحديث وكان الإمام السجستاني أبو داود صاحب السنن يسير مع طلابه إلى مجلس علم رآهم رجل خليع مستهزئ فقال ساخراً بهم: ارفعوا أرجلكم عن أجنحة الملائكة لا تكسروها، استهزاءً، فما زال في موضعه حتى جفت رجلاه، شلت، وسقط فمات قال النووي وسندها - أي القصة - صحيح.

والعالم فضله عظيم ومنزلته عالية، فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم[رواه الترمذي2685]حديث حسن.

حتى النمل في جحرها تستغفر للعالم، فأكبر الحيوانات الحوت وأصغرها النمل والذر، تستغفر للعالم، وما بينهما كم طيراً في الهواء، وكم دابة على الأرض، كم حية؟ كل أولئك يستغفرون للعالم.

قدم رجل من المدينة على أبي الدرداء بدمشق قال: ما أقدمك يا أخي؟ قال: حديث بلغني أنك تحدثه عن رسول الله ﷺ، قال: أما جئت لحاجة؟ قال: لا، قال: أما قدمت لتجارة؟ قال: لا؟ ما جئت إلا في طلب هذا الحديث، قال: فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول: من سلك طريقاً يلتمس به علماً سهل الله به طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات كم واحد؟ ومن في الأرض كم واحد؟ حتى الحيتان في الماءكم سمكة هناك؟ وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر[رواه الترمذي2682]. رواه الترمذي. حتى النمل في جحرها تستغفر للعالم، فأكبر الحيوانات الحوت وأصغرها النمل والذر، تستغفر للعالم، وما بينهما كم طيراً في الهواء، وكم دابة على الأرض، كم حية؟ كل أولئك يستغفرون للعالم، العالم الذي يخشى الله، العالم الذي أفنى عمره في جمع العلم ليس عاكفاً على أبواب أهل الدنيا، ليس ممتنعاً عن إفادة الخلق، ليس مبتغياً بعلمه الدنانير والدراهم والمناصب، وإنما يريد بالعلم نفع المسلمين وليس الشهرة، الذي يعمل بعلمه وليس أول من يخالف، شبه العالم بالقمر وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب[رواه الترمذي2682]، قال العلماء: لأن القمر يمتد نوره إلى الآفاق، ويصل إلى بلدان العالم، ويضيء في الظلمة، وكذلك العالم يبلغ علمه إلى آفاق المعمورة، ويصل إلى البيوت والمساجد.

وهذا الذي يعلم الناس الخير ويدلهم عليه إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلمي الناس الخير[رواه الترمذي2685].

مرحباً بطالب العالم إن طالب العلم تحفه الملائكة بأجنحتها، ثم يركب بعضهم بعضاً حتى يبلغوا السماء الدنيا من محبتهم لما يطلب، هكذا قال رسول الله ﷺ لصفوان بن عسال المرادي لما جاء إلى رسول الله ﷺ يطلب العلم فرحب به وأخبره.

عباد الله، ورأس العلم كتاب الله خيركم من تعلم القرآن وعمله[رواه البخاري5027]،  من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيراً أو يعلمه كان له كأجر حاج تاماً حجته[رواه الطبراني7473]. إسناده لا بأس به.

معلم الناس الخير يستغفر له كل شيء حتى الحيتان في البحار، ويبقى الأجر محفوظاً بعد الموت ينمو ويتصل في القبر فيزداد صاحب العلم نعمة ونعيماً في قبره، إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علماً علمه ونشره. وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَسورة النمل16، ماذا ورث؟ ورث العلم والنبوة.

من علم علماً فله أجر من عمل به لا ينقص من أجر العامل[رواه ابن ماجه240] قاله ﷺ. وقال: ألا إن الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالم أو متعلم[رواه الترمذي2322]. حديث حسن.

الدنيا ملعونة لم يبق فيها شيء سليم إلا عالم ومتعلم، إلا علم يطبق وينشر، ويذكر الله به، ويعمل به، فهذا الباقي، والقسم الآخر ملعون.

حال السلف في طلب العلم

00:13:12

عباد الله: إنه يحتاج إلى تضحية، لا يستطاع العلم براحة الجسد. إنه يحتاج إلى بذل وسهر.

قال شعبة لأبي ربيع السمان التاجر: لزمت السوق فأفلحت، ولزمت أنا الحديث فأفلست. قال شعبة: إذا رأيت المحبرة في بيت إنسان فارحمه، وإن كان في كمك يعني في جيبك، شيء فأطعمه، لكن من الذي يفلح؟ ليس العلم مظاهر محبرة وأوراق.

إذا لم تكن هناك نفوس أبيات لها همم، إذا لم يكن فهم وفقه وحرص، إذا لم يكن سعي وطلب ابتغاء وجه الله، وليس لمماراة الناس والافتخار به في المجالس، والعلو به على الآخرين، وإنما يطلب العلم لمرضاة الله، إذا لم يكن وراءه ذلك فلا ترجو من صاحبه شيئاً.

قال أبو داود: كنت يوماً بباب شعبة، وكان المسجد ملأً، طلابه، فخرج شعبة فاتكأ عليَّ وقال: يا سليمان ترى هؤلاء كلهم يخرجون محدثين؟ قلت: لا، قال: صدقت، ولا خمسة، لماذا؟ قال: يكتب أحدهم في صغره، يتحمس، ثم إذا كبر تركه وانشغل بالدنيا، وظائف، مناصب، تجارة، ثم إذا كبر تركه، أو يشتغل بالفساد فإذا انتكس وانحرف وارتد على عقبيه فماذا ينفعه علمه؟. قال سليمان رحمه الله: ثم نظرت بعد ذلك فما خرج منهم خمسة.

فعلاً المجموعة الكبيرة ما بقي منهم الصفوة ما خرج منهم خمسة، لماذا؟ لأنه حماس في البداية وانقطاع بعد ذلك.

ولذلك محمد بن عبدوس، قالوا عنه: إنه صلى الصبح بوضوء العتمة ثلاثين سنة، خمسة عشر سنة لدراسة، ومثلها للعبادة، فكان سهره في الأمرين دراسة وعبادة.

وهكذا لا يدرك إلا بالسعي والطلب الحثيث.

دببت للمجد والساعون قد بلغوا جهد النفوس وألقوا دونه الأزرا
وكابدوا المجد حتى مل أكثرهم وعانق المجد من أوفى ومن صبرا
لا تحبس المجد تمراً أنت آكله لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا

ولذلك باع بعضهم سقف بيته في طلب العلم، وهلك بعضهم في البراري وهم يسافرون لطلب العلم، وخرج على بعضهم اللصوص فشلحوهم، كانوا في طلب العلم، وتوارى البخاري في بيت لا يخرج للدرس لم يبق عنده ثياب يخرج بها للعلم.

جمعت الرحلة بين محمد بن جرير الطبري، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، ومحمد بن نصر المروزي، ومحمد بن هارون الروياني، بمصر في طلب العلم، فأرملوا لم يبق عندهم شيء يقيتهم، نفذ طعامهم وزادهم وأضر بهم الجوع، فاجتمعوا ليلة في منزل يأوون إليه، ما العمل؟ هل يتكففون الناس، ما العمل وهم غرباء في البلد في طلب العلم؟ وفي النهاية لم يكن إلا الاضطرار -أي إلى السؤال- لكن من هو من هؤلاء العظماء يخرج لفعل هذا، فاتفقوا على أن يستهموا ويضربوا القرعة، فمن خرجت القرعة عليه سأل الطعام لأصحابه، فخرجت القرعة على محمد بن إسحاق بن خزيمة رحمه الله، صاحب الكتاب العظيم في الحديث، والكتاب العظيم في التوحيد، فقال لأصحابه: أمهلوني حتى أتوضأ وأصلي صلاة الخيرة، فاندفع في الصلاة فإذا هم بالشموع، ورجل من قبل والي مصر يدق الباب ففتحوا، فقال: أيكم محمد بن نصر؟ فقيل: هو هذا، فأعطاه صرة فيها خمسون ديناراً، فقال: أيكم محمد بن جرير؟ فقالوا: هو ذا فأعطاه صرة فيها خمسون ديناراً، ثم قال: أيكم محمد بن هارون؟ فقالوا: هو ذا، فأخرج صرة فيها خمسون ديناراً، فدفعها إليه، ثم قال: أيكم محمد بن إسحاق بن خزيمة؟ فقالوا: هو ذا يصلي، فلما فرغ دفع إليه صرة فيها خمسون ديناراً، ثم قال: إن الأمير كان قائلاً نائماً القيلولة بالأمس فرأى في المنام خيالاً يقول له: إن المحاميد قد طووا كشحهم جياعاً يعني في بلدك وأنت لا تدري، فاستيقظ فسأل: من المحاميد؟ هل هناك مجموعة من المحمدين؟ قالوا: نعم، أربعة يطلبون العلم دخلوا البلد، وأقسم عليكم إذا نفدت أن تبعثوا إليه ليمدكم.

وهكذا كان طلب العلم، قال أحمد بن نصر السمرقندي: لا ينال هذا العلم إلا من عطل دكانه، وخرب بستانه، وهجر من أجل ذلك.

وهذا تطبيقه صعب اليوم، لكن من الذي يعطي العلم بعض وقته، وفي كل يوم يطلب علماً، ولا يقال له: اترك الوظيفة، ولا عطل الدكان، ولكن هات بعض الوقت في طلب العلم، قالوا: ذهب بالوقت القنوات الفضائية، اعط العلم بعض وقتك، قال: ذهبت به الشلة في جلساتهم، اعط العلم بعض وقتك، قال: ذهبت به الأسواق والبضائع وشراء الهدايا والتحف.

وهكذا استهلكت الروابط القتالة أوقات الناس فلم يعطوا العلم ولا النزر اليسير، فصار الأكثر عالة إذا احتاج إلى مسألة يسيرة لا يدري ما جوابها.

كان العلماء يقرؤونه فيحفظونه، ويكررونه ثلاثين، أربعين، سبعين مرة، يكررونه ولم لا؟

أعاد الدرس فقيه في بيته مراراً، فقالت عجوز في البيت: قد والله حفظته أنا، قال: أعيديه، فأعادته، فلما كان بعد أيام قال: يا عجوز أعيدي ذلك الدرس، قالت: لا أحفظ، قال: أنا أكرر الحفظ لئلا يصيبني ما أصابك.

وهكذا كان الحديث يجعلهم يرحلون في طلبه في الآفاق، حتى الحديث الواحد يتتبعونه، هؤلاء علماء الحديث الذين سهروا الأيام والليالي وطافوا ورحلوا وتنقلوا. سمع شعبة حديثاً لأبي إسحاق، من عبد الله بن عطاء، قال: ممن سمعته؟ قال: من زياد بن مخراق. فجاء إلى زياد بن مخراق قال: ممن سمعته؟ وهكذا تتبعه، فكيف كانت القصة. سمع إسناداً فجاء إلى الشيخ قال لأبي إسحاق: من حدثك؟ قال عبد الله بن عطاء عن عقبة. أين شيخه؟ قيل: عبد الله بن عطاء بمكة فرحل.

1 - رواه ابن ماجه224
2 - رواه البزار9423
3 - رواه البخاري2942 ومسلم2406 
4 - رواه الترمذي2682
5 - رواه الترمذي2685
6 - رواه الترمذي2682
7 - رواه الترمذي2682
8 - رواه الترمذي2685
9 - رواه البخاري5027
10 - رواه الطبراني7473
11 - رواه ابن ماجه240 
12 - رواه الترمذي2322