الأحد 23 جمادى الأولى 1446 هـ :: 24 نوفمبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

الأسهم والشعارات المطبوعة على الملابس


عناصر المادة
الخطبة الأولى
حقيقة أسهم الشركات وحكمها
شروط شراء الأسهم في الشركات
الزكاة في الأسهم
يسمون الربا بغير اسمه
شراء الأسهم بأسماء الآخرين
الخطبة الثانية
خطورة الشعارات التي على الملابس
نماذج مخزية من الشعارات والكتابات
مصدر الملابس ذات الشعارات المحرمة

الخطبة الأولى

00:00:07

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَسورة آل عمران:102يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًاسورة النساء:1يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۝ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًاسورة الأحزاب:70-71.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

حقيقة أسهم الشركات وحكمها

00:01:13

أيها المسلمون: سنتحدث في هذه الخطبة عن أمرين، أمر كثر السؤال عنه، وأمر تفشى تفشياً عظيماً وخطيراً على صدور المسلمين، فأما الأمر الأول فهو ما يتعلق بالمساهمة في الشركات، ما حكم شراء الأسهم؟ وبيعها؟ والقضايا المتعلقة بالأسهم من القضايا التي كثر الكلام عنها اليوم، وكثر السؤال عنها جداً؛ نظراً للشركات التي تطرح أسهمها في السوق، وتدعو الناس إلى شراء هذه الأسهم، والناس ليسوا سواء، فكثير منهم لا يعلمون الحكم الشرعي في أنواع المساهمات، وما حكم التجارة بهذه الأسهم، ونحن نقدم نبذة مختصرة موجزة عن هذا الموضوع، لن نشبعه، ولن نوفيه حقه، والبقية الباقية على المسلم، وهو مستأمن على دينه فيما يقوم به من أنواع المعاملات.

أما شركات المساهمة فقد تكلم أهل العلم عنها، وقالوا بأنها من أنواع الشركات المباحة، ومن وسائل الاستثمار المباحة، وقالوا بأن السهم صك يمثل حصة في رأس مال الشركة المساهمة، وكل سهم جزء من أجزاء متساوية لرأس المال، وكل سهم يُنتج جزءاً من ربح الشركة يزيد وينقص تبعاً لنجاح الشركة، ويتحمل كل سهم قسطه من الخسارة؛ لأن صاحبه يملك جزءاً من الشركة بقدر أسهمه.

وللسهم قيم مختلفة، فمنها:

أولاً: القيمة الاسمية، وهي ما يكتب عليه عند إصداره، وهي مدونة، ومكتوبة عليه.

ثانياً: قيمة سوقية تتحدد في سوق الأوراق المالية، تتغير بحسب العرض والطلب، وأحوال السوق، وسمعة الشركة.

ثالثاً: القيمة الحقيقية، وهي القيمة المالية التي يمثلها السهم فيما لو تمت تصفية الشركة، وتقسيم موجوداتها على عدد الأسهم، والأسهم قابلة للتعامل والتداول بين الأفراد كسائر السلع، والاتجار بها بيعاً وشراء ابتغاء الربح، وقد استدل بعض أهل العلم على جواز بيع الأسهم بما ورد، وهو أن عبد الرحمن بن عوف لما توفي، وكان ذا مال راضى ورثته إحدى زوجاته -تماضر الأشجعية- على أن تأخذ مقابل سهمها في الميراث مبلغ ثمانية عشر ألف دينار، وكانت التركة تشمل نقوداً وعقاراً، ورقيقاً وحيواناً بعد استشارة عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه، ولم تكن الدِّقة في معرفة التركة، وتعدد أنواعها، وكونها غير مصفاة مانعاً من بيع ذلك السهم وشرائه.

وقد سئل الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى -المفتي السابق- سؤالاً عن الشركات المساهمة كشركة الكهرباء والإسمنت والغاز، ونحوها مما يشترك فيه المساهمون، ثم يرغب بعضهم في بيع بعض سهامهم، أو سهامهم كلها بمثل قيمتها التي اشتروها به، أو أقل، أو أكثر، حسب نجاح الشركة، ورأس مال الشركة.

وسئل الشيخ سؤالاً يتضمن: أن الشركة بعض ممتلكاتها نقد، وبعضها ديون على الآخرين، وبعضها ممتلكات وأدوات وآلات لا يمكن ضبطها بالرؤية، ولا بالوصف، فهل يجوز بيع الأسهم؟

فأجاب رحمه الله جواباً نقتطف منه ما يلي: "حكم هذه الشركة، ومساهمة الناس فيها لا ريب في جواز ذلك، ولا نعلم أصلاً من أصول الشرع يمنعه وينافيه، ولا أحد من العلماء نازع فيه"، إذا عُرف هذا فإنه إذا كان للإنسان أسهم في أية شركة، وأراد بيع أسهمه منها فلا مانع من بيعها بشرط معرفة الثمن، وأن يكون أصل اشتراكه فيها معلوماً، وأن تكون أسهمه منها معلومة أيضاً، فلا بد أن يطلع المشتري لهذه الأسهم على ما يمكن الاطلاع عليه بلا حرج ولا مشقة، ولا بد أن تكون هناك معرفة عن حال هذه الشركة ونجاحها وأرباحها، وهذا مما لا يتعذر علمه في الغالب؛ لأن الشركة تصدر في كل سنة نشرات توضح فيها بيان أرباحها وخسارتها، كما تبين ممتلكاتها من عقار ومكائن وأرصدة، فالمعرفة الكلية ممكنة ولا بد، وتتبع الجزئيات في مثل هذا فيه حرج ومشقة، ومن القواعد المقررة: "أن المشقة تجلب التيسير".

فالخلاصة إذن: أن الشركات المساهمة أصلاً في الشريعة جائزة، ووسيلة استثمارية مباحة، وأن شراء الأسهم، وبيع الأسهم إذا كان منضبطاً معلوم القيمة والحصة تماماً، وأن المشتري على علم بوضع الشركة جائز أيضاً، وأنه ربح مباح، ولكن يُشترط أن يكون مجال عمل الشركة مباحاً؛ كشركات الزراعة والتصنيع مثلاً، لا يداخله أمر محرم.

شروط شراء الأسهم في الشركات

00:07:11

يشترط لك -أيها المسلم- إذا أردت أن تشتري أسهماً في شركة ما أن تعلم:

أولاً: أن مجال العمل مباح في الشريعة، ثانياً: أن تعاملات الشركة ليس فيها أموراً محرمة، فمن مجالات العمل المباحة التصنيع والزراعة مثلاً، ومن مجالات العمل المحرمة، أو الخدمات المحرمة البنوك الربوية التي تصدر أسهماً -على سبيل المثال- لا يجوز شراؤها، ولا بيعها، ولا المساهمة فيها ولا الاتجار بهذه الأسهم، شراؤها حرام، ومكسبها حرام خبيث لا يجوز، ذلك أنها تقوم بعمل مجمع على تحريمه، إحدى السبع الموبقات في الكتاب والسنة، وكلام أهل العلم من المسلمين.

وكذلك شركات التأمين التي هي مبنية على القمار والتغرير، لا يجوز المساهمة فيها؛ لأن فكرة التأمين الحالية المشهورة في السوق الآن، المتداولة في الدنيا على وجه الأرض الآن، من أنواع العقود المحرمة القائمة على الميسر والقمار، لا يجوز للإنسان التعامل بالتأمين باختياره أبداً، لا يجوز أن يتعامل بالتأمين مطلقاً على الشكل الموجود المنتشر الشائع الآن، وبالتالي لا يجوز المشاركة في أسهم شركات التأمين لا بيعاً، ولا شراء، ولا اقتناء، ولا أخذ أرباح، وإن ذلك كسب خبيث ولا شك.

ومن شركات التصنيع المحرمة مثلاً: إذا كانت الشركة تقوم بتصنيع خمور، أو شركات بالملاهي تتضمن فسقاً وفجوراً، ونشر ذلك بين الناس، وبعض المسلمين لا يتورعون عن المساهمة في مثل هذه الشركات؛ فيشترون أسهماً في شركات في الخارج يعلمون بأن نشاطات هذه الشركات نشاطات محرمة، لا يجوز التعامل بها شرعاً، وأن ما يعود عليه منها هو كسب خبيث.

فإذن المساهم شريك، وإذا كانت الشركة فيها إثم وعدوان فإنه مساهم في الإثم والعدوان بحسب عدد أسهمه فيها، فمن كان يملك أسهماً في شركة تقوم بأعمال محرمة يجب عليه أن يتخلص منها فوراً، فيأخذ رأس ماله قيمة الأسهم فقط التي اشتراها أصلاً، والباقي يتخلص منه يعطيه لأي أحد يحتاجه، أو لأي مكان، أو جمعية خيرية يستفاد منه تخلصاً لا صدقة، فإن الله طيب لا يقبل إلا طيباً.

الزكاة في الأسهم

00:10:01

ليعلم أن الزكاة لا تطهر الأموال المحرمة، فإنك لو سكبت قطرات من العطر على نجاسة تراها بعينك فإن هذه لا تحيل النجاسة، وهذه الزكوات التي يدفعها بعض الفسقة من المسلمين عن أسهم محرمة، ويقولون: الزكاة تطهر المال المحرم، نقول لهم: كذبتم وخسئتم، فإن هذه الزكاة لا تطهر الأموال المحرمة، إذ لا بد من التخلص من الأموال المحرمة، فإن الزكاة لا تطهرها، والله طيب لا يقبل إلا طيباً.

وكذلك فإن الزكاة في الأسهم واجبة، فيرى بعض أهل العلم أن الأسهم المعدة للبيع والشراء يجب الزكاة في أصلها وربحها، في قيمتها السوقية، وفي أرباحها، والأسهم المعدة للاستثمار فقط من غير متاجرة بها، فالزكاة في الأرباح فقط إذا حال عليها الحول، ويرى بعضهم عدم التفريق، وأن الأسهم كلها تجب فيها الزكاة في أصلها وفي ربحها، في قيمتها الحالية السوقية، وفي أرباحها، فإذا حال عليها الحول، والأسهم في ملكك تنظر قيمتها في السوق الآن عند حلول الحول، عند اكتمال سنة هجرية كاملة عليها في ملكك، تنظر: كم تساوي الآن في السوق؟ فتخرج ربع العشر، اثنان ونصف في المائة، خمسة وعشرين في الألف من قيمتها الحالية في السوق، في كل ألف ريال خمسة وعشرين، وتضم زكاة الأرباح إلى زكاة القيمة الحالية في أي وقت خرجت الأرباح دون اعتبار للحول، وهذا هو الأحوط، والله تعالى أعلم.

وإذا أخرجت الشركة الزكاة على الأسهم في وجهها الصحيح، بالطريقة الصحيحة؛ سقطت الزكاة عن المساهم، وإذا لم تخرج الشركة الزكاة لأي سبب من الأسباب وجب على المساهم إخراج الزكاة عن أسهمه بنفسه.

يسمون الربا بغير اسمه

00:12:09

ونحن -مع الأسف أيها المسلمون والشكوى إلى الله تعالى- نعيش في عصر الهيمنة الربوية، التي طغى فيها الربا وعم، وغم عباد الله المؤمنين، وهذا جؤارهم إلى الله بالشكوى عن هذا الحال التي أدى إليها انتشار الربا بحيث لم يترك فجاً إلا ودخله، ولا جحراً إلا ونفذ إليه، حتى صار التخلص منه عسيراً غاية العسر، ولكن وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ۝ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُسورة الطلاق:2-3، فينبغي على المساهمين أن يتأكدوا من أن الشركات التي يساهمون فيها لا تقوم بالتعاملات الربوية، فقد تكون شركة في أصل عملها مباح كالزراعة والصناعة مباحة شرعاً، لكنها تضع أموالها في البنوك، وتأخذ على ذلك فوائد -يسمونها بغير اسمها-، ونحن المسلمين نسميها ربا مهما سموها به، والربا عند الله حرام، يأخذون هذه الفوائد -التي يسمونها بزعمهم فوائد-، فيدخلونها في حسابات الشركة، ويخرجونها في أرباح الشركة، ويوزعون منها على المساهمين، وهي ربا بنص الكتاب والسنة، ويدلك على ذلك أحياناً أن بعض الشركات تطرح أسهماً للاكتتاب، ثم تأخذ هذه الأموال فتضعها في البنوك الربوية، ثم تحتاج إلى أكثر من سنة لتبني مصنعاً، وبعد ستة أشهر إذا بهم يخرجون أرباحاً يوزعونها على المساهمين! من أين أتت الأرباح؟! والمصنع لم يكتمل بناؤه بعد! والمنتجات لم تطرح في السوق بعد! من أين أتت هذه الأرباح؟ فإذا تتبعت الأمر علمت بأنها عبارة عن ربا عن هذه الأموال المودعة في البنوك؛ ولذا ينبغي التأكد من هذا الأمر، فإن قال قائل: كيف نتأكد؟ وكيف لنا بذلك؟ ليس لنا منافذ للتأكد، وكيف نعلم؟ وهذه الأسهم مطروحة للشركة الفلانية، والشركة الفلانية؟ كيف نعلم هل فيها تعاملات ربوية أم لا؟ إننا لا ندري، ولا سبيل لنا لأن ندري.

فنقول أيها المسلمون: إن الأصل في الاشتراك الإباحة، فيباح لك أن تشترك حتى تعلم أن هناك أمراً محرماً بطريقة يقينية قطعية، فيجب عند ذلك أن تنسحب، وأن تتخلص مما أنت فيه من الاشتراك.

ولا يقل قائل: إنه ليس هناك طريقة للمعرفة أبداً، فإن الناس لا يعدمون صديقاً، أو قريباً قد يعمل في الشركة، أو يعرف أحداً يعمل في الشركة، أو في قسم المحاسبة فيها، أو أن تسأل اقتصادياً مسلماً يعرف الشركات التي في السوق، ويطلع على نشراتها، ويعلم ما فيها من الأشياء التي لا تعلمها أنت، ويستطيع أن يخبرك: هل فيها تعاملات ربوية أم لا؟ وكذلك أن تسأل أنت أيها الفرد المسلم أن تسأل إدارة الشركة، أو رئيس الشركة، أو رئيس العلاقات العامة، أو قسم المحاسبة، ونحو ذلك، تسأله هاتفياً أو شخصياً: هل شركتكم تتعامل بالربا؟ هل أنتم تدخلون في عمليات محرمة، وصفقات محرمة؟ ستقولون: إنهم قد يكذبون، ويقولون لنا خلاف الحقيقة والواقع، فنقول: لكن السؤال فيه فائدة على أية حال، ثم لا نستطيع اتهام جميع العاملين فيها أنهم من الكذبة الذين يخفون الحقائق، فقد يكون شخص يخاف الله، ويشعر بأن في رقبته أمانة عظيمة، أموال الناس لا بد أن ينصح ولا بد أن يخبر، فيصدقك القول بينك وبينه بما يتم في الشركة من المعاملات المحرمة، وإذا لم يكن ذلك مفيداً على الأقل تشعر إدارة الشركة، ويشعر المسئولون فيها أن الناس يهتمون بالأمر، وأنهم يسألون عن الربا هل هو موجود أم لا، وأنهم يسألون عن أنواع الصفقات هل فيها محرمات أم لا، وهذا دافع لهم -ولا شك- للتخلص من الأمور المحرمة الموجودة في هذه الشركة، فعليكم بالاتصال والسؤال إذا أردتم المشاركة في هذه الشركات، والتأكد قبل المساهمة فيها.

ثم إن هذه الشركات تصدر عادة تقريرات مالية سنوية، الميزانيات مثلاً، وإذا كان عندك شيء من الإلمام بالعبارات الاقتصادية والتجارية الدائرة في السوق تستطيع أن تعلم أحياناً هل فيها تعاملات ربوية أم لا، فإذا وجدت في الميزانية مثلاً بنداً يقال له: ودائع بأجل لدى البنوك، فإنك تعلم عند ذلك أن هذا أمر ربوي قطعاً، فما معنى ودائع بأجل لدى البنوك؟ ماذا تحتمل كلمة: ودائع بأجل لدى البنوك؟ إلا الربا بعينه، وكذلك: ودائع لدى بنوك في الخارج، أحياناً تعني بأنهم يتقاضون ربا.

وقد يقول أصحاب الشركات: إننا مضطرون لوضع الأموال في البنوك، لا سبيل لنا إلا ذلك، نقول: الضرورة معلومة ولا شك، ولا نقول لكم: ضعوا أموال الشركة في بيوتكم، فوضعها في البنوك ضرورة ولا شك في ذلك، ولا ينازع في هذا عاقل، لكن إذا أعطتكم البنوك فوائد، يعني: ربا بتعريف المسلمين، فإن من مسئوليتكم عزل هذا الربا عن أموال الناس، لا يجوز لكم إدخاله في أموال الشركة أبداً، تخلصوا منه بإعطائه للجمعيات الخيرية، والمراكز الإسلامية، أو أي شيء من الأشياء المباحة، تضعونه فيها تخلصاً لا تدخلوه في أموال الناس، ولا تدخلوه في أرباح المساهمين، وهذه من ضمن المسئوليات، ومن ضمن الأمانة، معنى الأمانة التي قال الله فيها: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا سورة الأحزاب:72، هذه أمانة، فإذا صار هناك أموال ربوية فيجب أن تُعزل، أمانة أن يستشار العلماء في طريقة البيع والشراء، فبعض الناس لا يراعون حق الله تعالى، ولا حرماته، ولا حدوده في بيوعهم ولا شرائهم، فينبغي اللجوء لأهل العلم والكتابة والاستفتاء، وهكذا -أيها الإخوة- ينبغي أن يكون المرجع إلى الشريعة في تعاملاتنا كلها.

شراء الأسهم بأسماء الآخرين

00:18:41

ويسأل الناس، ويقولون: نريد أن نشتري أسهماً بأسماء الآخرين، نأخذ منهم وكالة، ثم نأخذ إثباتاتهم الشخصية، ونذهب إلى الشركة، أو إلى البنك الذي فيه الاكتتاب، ونشتري أسهماً لنا نحن، ولكن بأسماء غيرنا.

فنقول: إن هذه العملية فيها محاذير شديدة، وكثيرة:

فمن ذلك: أن يُنظر هل هذا فيه تحايل أم لا؟.

ثانياً: إن هذا فيه إيغار للصدور بعد فترة عندما يرى الشخص الذي أعطاك الوكالة أن الأسهم لها أرباح، وهو لا يملك أن يتصرف في الأسهم التي هي باسمه، وأنت الذي تأخذ الفوائد منها، وتأخذ الأرباح.

ثالثاً: أن بعض الناس يقولون للأشخاص: هاتوا إثباتاتكم الشخصية نشتري بها أسهماً لنا، ونحن نعطيكم أجزاء من الأرباح، فينبغي أن يُنظر هل يجوز أن يعطى جزء من الربح مقابل استعمال إثبات الشخصية، أو مقابل استعمال الاسم؟.

كل هذا من الأشياء التي ينبغي أن يُعلم الحكم فيها، وأنا لا أقطع لكم بشيء الآن، اسألوا أهل العلم، وجهوا إليهم الفتاوي في الأمور قبل أن تأخذ إثباتات الناس لتشتري بها، اسأل أهل العلم، وهم موجودون متوافرون، والحمد لله، اتصل بهم، قل لهم: هل يجوز أن أشتري أسهماً بأسماء الآخرين؟ وينبغي أن تعطيهم المعلومات كاملة: هل الشركة راضية، أم لا؟ وما هي طبيعة التوكيل الذي استخرجته؟ وهكذا من المعلومات التي ستنبني عليها الفتوى، وحذاري من الركض وراء الدنيا، فإن الناس الآن لا يبالون من حرام اكتسبوا أم من حلال، لا يبالون بالقرش الذي يدخل جيوبهم، المهم الزيادة، فتراهم يتراكضون كالمجانين في البنوك: أين أسهم الشركة الفلانية؟ فوق في الأعلى، فيهرعون هرعاناً دون أن يفكروا: هل المشاركة حلال أم لا؟ هل الطريقة التي يشتري بها حلال أم لا؟ وهكذا.

فالمهم -أيها المسلمون- أن نعلم حدود الله ، وأن نراقب الله ، وأن نخاف يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار، وأن نعلم أن الدراهم المحرمة قد تكون كياً تكوى بها الجباه والجلود والظهور يوم القيامة، فحذارِ حذارِ، والاحتياط الاحتياط، والسؤال السؤال، والتحري التحري، حتى تكون أموالنا حلالاً.

نسأل الله أن يغنيَنا بحلاله عن حرامه، وبفضله عمن سواه، وأن يجعل أرزاقنا حلالاً، ومكاسبنا حلالاً، وأن يرزقنا الإنفاق في الحلال.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الثانية

00:21:27

الحمد لله الذي لا إله إلا هو وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ سورة آل عمران:26، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، صلى الله عليه، وعلى آله، وصحبه أجمعين، صلى الله عليه صلاة دائمة إلى يوم الدين.

خطورة الشعارات التي على الملابس

00:21:57

أيها المسلمون: هناك ظاهرة قد تفشت، وهي خطيرة، قد استهان بها الناس، بل إنهم لا ينظرون فيها، ولا يبالون إلا من رحمه الله، فعرف خطورة هذه القضية، ألا وهي هذه الشعارات والكتابات المطبوعة على كثير من القمصان والملابس التي يرتديها الناس في هذه الأيام، وقد وجدنا بالتتبع لهذه الأشياء أموراً جد خطيرة من المعروضات في السوق، أو التي يلبسها الناس، وكثير منهم من المسلمين على صدورهم، وجدنا عجباً، وجدنا ما يندى له الجبين، ووجدنا ما يخل بالعقيدة، ووجدنا ما يسبب الانحراف في الأخلاق، ومن أسباب تفشي الرذائل.

أيها المسلمون: لما دققنا في هذه الشعارات، وهذه الكتابات الموجودة على الفنايل والقمصان التي تباع، والتي يلبسها الناس، أو يذهبون إلى الخارج يشترونها ويلبسونها، ويأتون بها مع أمتعتهم، أو التي يذهب الكفار إلى بلادهم فيلبسونها، ويأتون بها إلى بلاد المسلمين، ويمشون في شوارع المسلمين، ويظهرونها يتباهون بها، وإننا نعلم أن بعض المسلمين عندهم من الغفلة ما يسبب أن يكون الشعار المكتوب على صدره الذي يعرضه بين الناس، أو يلبسه لأولاده أمراً مخالفاً للشريعة، ولكنه من غفلته لا يعلم، ولا يدري، ولا يدقق، فحذار حذار من هذه الأمور.

نماذج مخزية من الشعارات والكتابات

00:23:45

فمن أنواع هذه الشعارات والكتابات المطبوعة على القمصان، وعلى الملابس عموماً -رجالية ونسائية، بل حتى ملابس الأطفال- وجدنا شعارات للكفار مثل الصليب وغيره، حرام لا يجوز، كان ﷺ ينقض التصاليب، -كما ورد في الحديث الصحيح- إذا رأى صليباً نقضه، فحكه، أو أزاله، أو طمسه، أو نبشه، ونحو ذلك من أنواع الإزالة، لا يجوز بقاء شعار لدين الكفر الصريح الشركي ثالث ثلاثة تعالى الله عن قولهم، لا يجوز بقاؤه في بيت مسلم، ولا في ملابسه.

وجدنا دعايات لمشروبات محرمة كقوارير الخمور، وكؤوسها على الفنايل والملابس.

ووجدنا دعايات لعضوية أندية إباحية موجودة في بلاد الكفر، نادي كذا، ونادي كذا من أندية المجون والخلاعة، يلبسها بعض المسلمين، ويضعونها على صدورهم.

وجدنا صوراً لفرق موسيقية ماجنة مطبوعة على هذه الفنايل.

وجدنا كلمات منافية لعقيدة الإيمان بالغيب، مثل: هب نسيم الجنة، أو تذوق طعم الجنة، ونحو ذلك.

وجدنا شعارات للكفرة، مثل الأعلام المتضمنة لصلبانهم مطبوعة على الفنايل، ووجدنا كلمات فيها تمجيد لأعداء الدين من المشركين والكفار.

وجدنا صوراً للمغنين والفسقة الفجرة مطبوعة على الفنايل يلبسها المسلمون رجالاً ونساء.

وجدنا صوراً عارية، أو شبه عارية، وقل: إن العارية قد تكون نادرة، ولكن شبه العارية موجودة، وامرأة تركب دراجة نارية مكبرة على صدر اللابس.

وصور لملابس نسائية داخلية وعبارات فيها دعوة إلى الفحشاء، فمثلاً مكتوب على قميص عبارة معناها: انظر إلى هذه الجميلة ماذا تفعل، وعبارة أخرى مكتوب عليها: إلى الغرفة الحمراء، وعبارة مكتوب فيها: قبلني، أو المسني، ونحو ذلك، وعبارة مكتوب فيها: كيف تحصل على غاية الشهوة ومنتهاها، وعبارة: الولد الشاذ جنسياً، واسم لبار مشهور في بعض بلاد الكفر، وعبارة: أنا أمارس الجنس، مكتوبة على الصدور، على صدر من؟ ولد عمره سبع سنوات، أنا أمارس الجنس، وعبارة: أنا لست رجلاً ولا امرأة، وعبارة: طفل للبيع، وصوراً تمثل شخصيات تعبر عن الكسل والفوضى واللامبالاة كشخصية فيدو ديدو التي سبق أن أشرنا إليها، ويندر أن تدخل محلاً -والله بالتجربة والتتبع- من هذه المحلات التي تبيع الملابس إلا وتجد هذه الشخصية محفورة منقوشة في الملابس تعبر عن أي شيء؟ الكسل واللامبالاة، والارتماء والفوضوية، منكوش الشعر، يد بكم، ويد بلا كم، مظهر مقرف موجود، ويستخدم في الدعايات، مطبوع على الملابس.

يكفي -أيها الإخوة- أن يكتب بلغة أجنبية على صدور أبناء المسلمين، وتعلق صور الكفرة على صدور أبناء المسلمين من المغنين واللاعبين.

وبعض الناس يطبع صورته على الفنيلة، ومعلوم من فتاوى العلماء: أن التصوير بهذه الطريقة حرام، فكيف بعرضه على الصدر، والمشي به في الشوارع؟ وأجهزة مخصصة لهذا العمل.

مصدر الملابس ذات الشعارات المحرمة

00:27:47

هناك تجار لا يخافون الله يشترون ويطرحون في الأسواق بلا مبالاة، أحسنهم حالاً الذي يقول لك: والله -يا أخي- لا أدري ما هو مكتوب عليها، فكيف يحق لك إذن أن تشتريها؟!

وأناس يسافرون إلى الخارج يشترونها ويجلبونها، ويضعونها مع الأمتعة، إذا لم يكن هناك وازع داخلي في قلوب الناس من هذه الأشياء، فلا فائدة من وضع أكبر جهاز للتفتيش؛ لأنه لا بد أن تفوت أشياء، فإذن لا بد أن يوجد الوازع والاهتمام من المسلمين جميعاً في محاربة هذه الأشياء، صارت صدور المسلمين معارض للفحش والبذاءة، وعبارات الكفر، امش في السوق وانظر في هذه الأسواق التي يختلط فيها الناس، وانظر في صدور القوم ما هو مكتوب عليها، وما هو منتشر، يمشون بيننا ويتحركون، أين الواجب في مقاومة هذه الأشياء وإنكار المنكر، ليست هذه قضية المسلمين الأولى، لكنها قضية من القضايا التي نحياها نحن المسلمين، ونعيشها يومياً، بل اذهب وفتش ملابس أطفالك لترى ما هو مكتوب على هذه الملابس من العبارات التي تعرف معناها، والتي تحتاج إلى قواميس، والتي تحتاج إلى أناس من السوقة حتى يفسرون لك هذه العبارات التي لا توجد في القواميس.

فإذن احذروا -أيها المسلمون- من شراء مثل هذه الأشياء؛ لأن القضية صحيح أنها في المظهر لكنها قضية خطيرة، فيها نشر للكفر والفحشاء، والمنكر والبذاءة بين المسلمين.

نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجنبنا وإياكم الفتن ما ظهر منها وما بطن.