الأربعاء 6 ربيع الآخر 1446 هـ :: 9 أكتوبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

ليلة سبع وعشرين


عناصر المادة
الخطبة الأولى
تحري ليلة القدر
الحكمة من صدقة الفطر وفوائدها
أحكام صدقة الفطر
من أحكام العيد
الخطبة الثانية
ليلة القدر وأقسام الناس فيها
هم اليهود

الخطبة الأولى

00:00:05

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

تحري ليلة القدر

00:00:26

عباد الله: ونحن في آخر أيام هذا الشهر العظيم، وفيه هذه الليلة الكريمة المباركة لا ندري هل انقضت أم لا زالت ستأتي في بقية شهرنا، وأخفاها الله لنتحرى، هذا التحري الذي قال النبي ﷺ عنه: أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر [رواه البخاري (2015)، ومسلم (1165)]، فالتحري قصد الوصول إلى المطلوب، والرغبة في تحصيله، ولا يكون التحري إلا في مواطن الحب وصحة الموافقة.

كان النبي ﷺ يتحرى صوم الإثنين والخميس، وكان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة، وهذا التحري الذي كان من النبي ﷺ لهذه الليالي، والذي كان من الصحابة رضوان الله عليهم يدل على محبة الشيء، والاهتمام به، والسعي إلى تحصيله، والحرص عليه.

هذا التحري الذي هو انشغال حتى إصابة المقصود، ونخن نحتاج إلى الاجتهاد في هذا الشهر الكريم أشد الحاجة، وتحري إصابة ليلة القدر لا يكون إلا بطاعة الله، والانشغال ببيوت الله، والتشمير لمرضاة الله، والإكثار من ذكر الله، والحرص على دعاء الله، والمواظبة على الصلاة، وصف الأقدام فيها تحرياً لإصابة ليلة القدر، هذا التحري يدل على قوة الإيمان في النفس، هذا التحري لساعة الجد، هذا التحري الذي هو ترك التقصير، والابتعاد عن لصوص وقطاع طريق الطاعة، هذا التحري الذي فيه السهر، هذا التحري الذي فيه التعب، إنك تتحرى الشيء؛ إنك حريص عليه، إنك تقدر هذه القضية حق قدرها.

إن الله أعطاك في كل سنة -يا أيها الإنسان من أمة محمد ﷺ تعويضاً عن نقص عمرك بالنسبة لبقية الأمم السابقة، أعطاك أكثر من عمر إنسان معمَّر، أكثر من ثلاث وثمانين سنة في كل سنة، أعطاك من ثلاث وثمانين سنة في كل سنة! أين؟ في هذه العشر الأواخر، إذا أصبتها كأنك عشت أكثر من ثلاث وثمانين سنة تعبد الله، والسنة التي بعدها، والسنة التي بعدها، في كل سنة تُعطى أكثر من ثلاث وثمانين سنة، فهل يغفل عن هذا عاقل؟ وهل يمكن أن يفرِّط في هذا مؤمن؟.

الحكمة من صدقة الفطر وفوائدها

00:03:58

عباد الله: وفي ختام شهرنا صدقة فرضها الله علينا: قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى ۝ وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىسورة الأعلى:14-15، قال بعض المفسرين: تطهَّر من الشرك، معنى تزكى، وقال بعضهم: أعطى صدقة الفطر: وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىأي: صلاة العيد، قال شيخ الإسلام رحمه الله: ومما ذكره السلف قالوا في: قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىتطهر من الشرك، ومن المعصية بالتوبة، وعن أبي سعيد وعطاء وقتادة: صدقة الفطر، ولم يريدوا الآية لم تتناول إلا هي، بل مقصودهم أن من أعطى صدقة الفطر، وصلى صلاة العيد، فقد تناولته الآية، هذه الآية وما بعدها، ولذلك كان يزيد بن حبيب كلما خرج إلى الصلاة خرج بصدقة، ويتصدق بها قبل الصلاة، ولو لم يجد إلا بصلة.

لما قدم الله الصلاة على النحر في قوله: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْسورة الكوثر:2، وقدم التزكي على الصلاة في قوله: قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى ۝ وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىسورة الأعلى:14-15هذه إشارة إلى أن صلاة عيد الأضحى تكون قبل النحر: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْسورة الكوثر:2.

وقوله: قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى ۝ وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىسورة الأعلى:14-15صلاة عيد الفطر تكون بعد شعيرة هذه الزكاة وإخراجها.

لماذا فرضت هذه الزكاة؟ قال ابن عباس عليه رضوان الله: "فرض رسول الله ﷺ صدقة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين" رواه أبو داود 1609، فالصدقة من تمام طهرة الصوم، ومن الذي لا يحتاج إلى تطهير؟! من الذي لم يخرق صيامه بغيبة أو نميمة أو كذب؟! من الذي لم يخرق صيامه بنظرة محرمة، أو سماع محرم؟ من الذي لم يخرق صيامه بشيء من لغو أو رفث؟! فكلنا نحتاج إلى تطهير، لقد حصلت خروقات، ولإتمام العمل لا بد من إغلاق الثغرات، فشرع الله بحكمته -وهو العليم الخبير الرحيم الكريم- شرع لنا ما نرتوا به هذه الخروق، ونغلقها، وهي صدقة الفطر، طهرة للصائم من اللغو والرفث، وأيضاً، وطعمة للمساكين، فمن تمام طهرة الصوم.

عباد الله: نبدأ بما بدأ الله به: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْسورة الكوثر:2في عيد الأضحى نبدأ بما بدأ الله به: قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى ۝ وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىسورة الأعلى:14-15صدقة الفطر قبل العيد، ولذلك من تأخر فأداها بعد العيد لم تكن زكاة فطر، وإنما هي صدقة من الصدقات.

يغنى الفقراء بها عن السؤال والطواف هذا المفترض، أطعموهم وسدوا حاجتهم لكي يفرحوا بالعيد مثلكم، إنها تقوية للعلاقات الاجتماعية بين أفراد الأمة، إنها أيضاً مساعدة للفقير على قوت يومه، وإذا وجد الفقير -وهذا من عجائب زكاة الفطر- إذا وجد الزيادة على قوت يومه فيجب عليه هو أن يتصدق حتى يشعر بعز العطاء بدلاً من ذل الأخذ، فيكلف الفقير الذي يجد أكثر من قوت يومه بإخراج زكاة فطره.

إن الفلاح هو العاقبة: قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىسورة الأعلى:14تثبيت أواصر المودة بين أطراف المجتمع، تطهير النفس من الشح والبخل، أليست صدقة، زكاة: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَاسورة التوبة:103؟ تعويد النفس على البذل والعطاء، والسخاء والكرم، جلب للبركة: وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُسورة سبأ:39،  يا ابن آدم أنفق؛ أنفق عليك[رواه مسلم (993)].

إن المسلم يتذكر بها ما حصل من الخوض واللهو بالباطل، ولغو الكلام والرفث، إنه يتذكر أشياء من الذنوب والآثام، إنه يحرص أن يكون صيامه كاملاً، أن يستفيد من الشهر على أحسن ما يمكن، إنها تطهير للنفس: "طهرة للصائم من اللغو والرفث"، وهو فحش الكلام، زكاة الفطر لشهر رمضان كسجدتي السهو للصلاة؛ تجبر نقصان الصوم كما يجبر السجود نقصان الصلاة.

والعجيب أنها تخرج حتى عن الأطفال، وغير المكلفين، كل من ترعاهم أنت حتى لو كان طفلاً منغولياً، أو كان فاقداً للعقل، أو كان خرفاً صار يهذي، لو كان المريض مرضاً مزمناً لا يستطيع الصوم، فهو يخرج صدقة الفطر، أو كان كبيراً في السن لا يستطيع الصوم فهو يُخرج أيضاً.

أحكام صدقة الفطر

00:09:45

فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر، وقت وجوبها غروب الشمس من آخر يوم من رمضان، من ولد له ولد، أو أسلم شخص قبل غروب الشمس، وجاء وقت الوجوب، وهو موجود حي مسلم؛ فإن عليه الفطرة

أجمع العلماء على أنها فرض، فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر، وقت وجوبها غروب الشمس من آخر يوم من رمضان، من ولد له ولد، أو أسلم شخص قبل غروب الشمس، وجاء وقت الوجوب، وهو موجود حي مسلم؛ فإن عليه الفطرة، لكن لو ولد بعد الغروب، أو أسلم بعد الغروب؛ فإنه لا تلزمه، لكن تستحب صدقة، أما من مات قبل غروب الشمس؛ فليس عليه صدقة فطر، ومن مات بعد غروب الشمس -شمس ليلة العيد، شمس آخر يوم من رمضان ودخول ليلة العيد-؛ فعليه صدقة الفطر، تجب على المسلمين، كما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما: "فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، -وكان الشعير طعامهم في ذلك الزمان-، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين" [رواه البخاري (1503)]، تجب على المستطيع؛ فالمعسر لا فطرة عليه، والاعتبار باليسار والإعسار بحال الوجوب، يُخرجها الإنسان المسلم عن نفسه، وعن من ينفق عليهم من الزوجات والأقارب، فإن أخرجوها عن أنفسهم فهو أولى.

ويراعي الأبناء ويراعي الأولاد الأب الذي يريد أن يخرج عنهم حتى لو كانوا مقتدرين، ولا حرج أن يخرج عنهم حتى لو كانوا مقتدرين، فإن أخرج الولد ثم أخرج عنه أبوه فلا حرج أيضاً، ويخرج الإنسان عن نفسه وزوجته -وإن كان لها مال-، وأولاده المحتاجين إليه، ووالديه الفقيرين، والبنت التي لم يدخل بها زوجها زكاة فطرها على وليها وأبيها، ويبدأ بالأقرب فالأقرب، والحمل في بطن الأم يُستحب الإخراج عنه ولا يجب، وإن مات من وجبت عليه الفطرة أُخرجت من تركته.

إنها صاع بصاع النبي ﷺ، كما جاء في حديث أبي سعيد : "كنا نعطيها في زمان النبي ﷺ صاعاً من طعام" رواه البخاري [رواه البخاري (1508)]، ووزن الصاع يختلف باختلاف ما يملأ به؛ لأنه وحدة حجمية، والصاع هذا من بركة المسلمين، الصاع هذا من مقاييس المعتمدة في شريعة الإسلام، الصاع هذا له أهمية خاصة؛ ولذلك عندما يتفوق أهل الإسلام على غيرهم يفرضون مقاييسهم، وعندما يتفوق غيرهم عليهم يفرض الغير مقاييسهم، على أية حال إخراج الوزن لا بد من التأكد أنه يعادل ملء الصاع المخرج منه، ويكفي ثلاثة كيلو غرامات من الرز عن الشخص الواحد.

إنها تخرج من طعام الآدميين من تمر أو بر، أو رز أو عدس، وغيرها، وقد جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما: "أن رسول الله ﷺ فرض زكاة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير على كل حر أو عبد، ذكر أو أنثى من المسلمين" رواه البخاري [رواه البخاري (1503)]، وكان الشعير يوم ذاك من طعامهم، هكذا إذن قال أبو سعيد: "وكان طعامنا الشعير والزبيب، والأقط والتمر" رواه البخاري [رواه البخاري (1510)].

تخرج من غالب قوت البلد مما يستعمله الناس مما اعتادوه، أما إخراجها من الأنواع الرديئة، أو من طعام البهائم ونحو ذلك، فهو يدل على قلة ورع وتقوى صاحبه، فإن هذه الزكاة ينبغي أن تكون طيبة، ولا يجزئ إخراجها من الثياب أو الفرش، أو الأواني أو الأمتعة، وغير ذلك، وإنما تخرج من طعام أهل البلد القوت الذي يُقتاد عليه، وإخراجها نقوداً قال به بعض العلماء لكنه غير راجح؛ لأن النبي ﷺ عينها طعاماً مع وجود الدنانير والدراهم في عصره، ومن أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد[رواه البخاري (2697)، ومسلم (1718)]، وإخراجها نقداً مخالف لعمل الصحابة، وقد عين الشرع جنسها ووقتها؛ فلا يجوز إخراجها من غير جنسها، كما لا يجوز إخراجها في غير وقتها، والقيمة غير منضبطة، فعلى أي شيء تخرج؟ ولا ندري نحن عن الحكمة كلها، فقد يكون في ذلك كسراً للاحتكار، وفي أوقات الحروب والمجاعات توجد أموال نقود ولا توجد أطعمة إلا شحيحة، ثم إن الشرع أرادها أن تكون ظاهرة، ولذلك تجمع في المساجد، يجمعها عمال بيت المال، تجمع على مرأى من الناس، أما جعلها نقداً؛ فسيصيرها خفية، ويقول الناس: الفقير يحتاج، والفقير يبيعها بخسارة، فنقول: إن للفقير للمال -للنقد- مصادر أخرى كزكاة المال، فلماذا زكاة المال؟ وكذلك أنواع الصدقات.

عباد الله: تعطى إلى الأصناف الثمانية في قول الجمهور، وذهب بعض العلماء واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية إلى تخصيص صرفها للفقراء والمساكين بالذات، ويجوز صرف صدقة واحدة إلى جماعة من الناس كما يجوز صرف عدة زكوات إلى فقير واحد.

أيها المسلمون: ينبغي أن يُفرق أيضاً بين إخراجها نقداً للفقير، وبين توكيل الغير بإعطائه النقد ليشتري هو طعاماً، فهذا لا حرج فيه، فأنت تضعها في صندوق مثلاً ليشترى بهذا النقد طعاماً يوزع، أو تعطيها نقداً لوكيل لك، أو جمعية موثوقة، أو شخص موثوق ليشتري بها طعاماً للفقراء، فهذا لا حرج فيه أيضاً، هذا توكيل، وينبغي أن يوكل الثقة بإيصالها إلى مستحقها، أما غير الثقة فلا، قال عبد الله بن المؤمل: سمعت ابن أبي مليكة ورجل يقول له: إن فلاناً أمرني أن أطرح زكاة الفطر في المسجد، قال ابن أبي مليكة: أفتاك العلج بغير رأيه، اقسمها، يعني: أنت تولى قسمتها، فإنما يعطيها ابن هشام -وهو الوالي الذي كان يجمعها في المسجد-، قال: فإنما يعطيها ابن هشام أحراسه، ومن شاء، أي: من غير مستحقيها.

عباد الله: إن إخراجها قبل صلاة العيد لا بد منه؛ لأن النبي ﷺ أمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة، وهناك وقت استحباب ووقت جواز، فوقت الاستحباب صباح يوم العيد قبل صلاة العيد.

وكذلك استحب الشرع تأخير صلاة العيد يوم الفطر لأجل هذا ليتسع الوقت على المخرجين، كما يسن تعجيل صلاة عيد الأضحى ليذهب الناس لذبح ضحاياهم، أما وقت الجواز فهو قبل العيد بيوم أو يومين، ففي البخاري عن نافع قال: "كان ابن عمر يعطي عن الصغير والكبير، حتى أنه كان يعطي عن بنيَّ" فيجوز للإنسان أن يتبرع بصدقة الفطر عن غيره، وتبرأ ذمة الغير بهذا، "حتى أنه كان يعطي عن بنيَّ، وكان يعطيها الذين يقبلونها" أي: الذين يأخذونها لتوزيعها "وتجمع عندهم، وكانوا يعطَون قبل الفطر بيوم أو يومين"، فيجوز ذلك إذن في اليوم الثامن والعشين، والتاسع والعشرين، فإذا كان رمضان ثلاثين فإنها أيضاً تجمع في يوم ثلاثين.

قال ابن قدامة رحمه الله: وأما زكاة الفطر فإنه يفرقها في البلد الذي وجبت عليه فيه، أين أفطر؟ أين أنهى رمضان؟ هذا مكان تفريقها، وهو سبب وجوب الزكاة، أما زكاة المال في المكان الذي فيه المال.

عباد الله: فإذا لم يعرف فقيراً في مكان جاز أن يعطيها لفقير في مكان آخر.

من أحكام العيد

00:18:06

وبعد ذلك صلاة العيد شعيرة أخرى عظيمة، حتى أوجبها بعض العلماء، واستدلوا بأن النبي ﷺ أمر بإخراج النساء يوم العيد، حتى الحيض، حتى التي ليس عندها جلباب تستعير جلباباً، مع أن بقاء النساء في بيوتهن خير لهن، وصلاة المرأة في بيتها خير من صلاتها في المسجد، ومع ذلك أمر بإخراج النساء، فلو كانت صلاة العيد مشروعة لهن في البيوت لما فعل ذلك، بل هذا يُفهم منه الوجوب، وكان أصحاب النبي ﷺ لا يصلون العيد والجمعة إلا مع وجود مساجد كثيرة بالمدينة، فدل ذلك على أن العيد كان عندهم من جنس الجمعة.

أيها المسلمون: إن التجمل في العيد باللباس الحسن سنة، كما قال عمر للنبي ﷺ عن الحلة: "يا رسول الله، ابتع هذه؛ تجمل بها للعيد والوفود" متفق عليه[رواه البخاري (948) بلفظه، ومسلم (2068)]، والنبي ﷺ حث على التزين في مجامع الناس كالجمعة، وكان يستقبل الوفود بذلك، وكان معتاداً عندهم التجمل للعيد، قال محمد بن إسحاق: قلت لنافع: كيف كان ابن عمر يصنع يوم العيد؟ قال: "كان يشهد صلاة الفجر مع الإمام، ثم يرجع إلى بيته فيغتسل غسله من الجنابة، ويلبس أحسن ثيابه" يغتسل كسغل الجنابة "ويلبس أحسن ثيابه، ويتطيب بأطيب ما عنده، ثم يخرج حتى يأتي المصلى، فيجلس فيه حتى يأتي الإمام، فإذا جاء الإمام صلى معه، ثم يرجع فيدخل مسجد النبي ﷺ فيصلي، ثم يأتي بيته" إسناده حسن[كتاب بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث (207)].

وعن ابن عمر: أنه كان يلبس أحسن ثيابه للعيدين، قال ابن قدامة: ويستحب أن يتنظف، ويلبس أحسن ما يجد، ويتطيب ويتسوك.

ويستحب أن يأكل قبل الخروج إلى المصلى: "كان رسول الله ﷺ لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات" رواه البخاري [رواه البخاري (953)]، قال ابن عباس: "كان الناس يأكلون يوم الفطر قبل أن يخرجوا"، قال أيضاً: "إذا خرجت يوم العيد -يعني: يوم الفطر-؛ فكل ولو تمرة"، والحكمة من الأكل قبل الصلاة ألا يظن ظان لزوم الصوم حتى يصلي العيد، فكأنه أراد سد ذريعة الزيادة على الصيام، وإعلان بانتهاء شهر الصيام، وقد كان عليه الصلاة والسلام إذا أكل يأكلهن وتراً.

التكبير، إنه من أخص خصائص هذا العيد: وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْسورة البقرة:185إذا تم شهرنا وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَسورة البقرة:185، فإننا نكبر بمجرد غروب شمس آخر يوم من رمضان، ودخول ليلة العيد يبدأ وقت التكبير إلى أن يظهر الإمام، ويخرج على الناس يتوقفون عن التكبير، وهذا من السنن المهجورة التكبير ليلة العيد، التكبير في الأسواق، التكبير في الشوارع، التكبير في البيوت، التكبير في المكاتب، التكبير في الأماكن المختلفة، التكبير إعلانه سنة، هذا من شعائر أهل الإسلام، من هوية البلد، من شخصية المجتمع الإسلامي.

تقول أم عطية: "أمرنا رسول الله ﷺ أن نخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور، وأمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين" رواه مسلم [رواه مسلم (890)]، فلماذا يخرجن ولا صلاة؟ الجواب: "فأما الحيض فيعتزلن الصلاة، ويشهدن الخير، ودعوة المسلمين" [رواه أحمد (20269)] إذن شهادة الحائض لهذا المشهد فيه فضل عظيم، ودعوة المسلمين مستجابة، فهي تحضر معهم لتشملها البركة، ليعلم الناس أن الحائض وهي في الحيض لها نصيب من الخير، ونصيب من البركة، ونصيب من الطاعة، ونصيب من العبادة، وأنها من هذا المجتمع، فما أجمل هذا الدين وما أشمله، وما أكمل النعمة وأتمها به؟.

عباد الله: التكبير إذا رئي هلال شوال، التكبير: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد، وورد تثليثه يعني: ثلاثاً ثلاثاً، يظهره المقيم والمسافر في الأماكن المختلفة، يصلي ويرجع من طريق آخر كما هي السنة؛ ليشهد له الطريقان عند الله، ولإظهار شعائر الإسلام في الطريقين، وللصدقة على المحتاجين في الطريقين، ولزيارة الأقارب في الطريقين، ولإغاظة المنافقين واليهود، هكذا فعل عليه الصلاة والسلام، وللتفاؤل بتغير الحال إلى المغفرة والرضا من الله .

والتهنئة وردت عن الصحابة: تقبل الله منا ومنكم، سُئل شيخ الإسلام عن التهنئة في العيد، قال: أما التهنئة يوم العيد يقول بعضهم لبعض إذا لقيه بعد صلاة العيد: تقبل الله منا ومنكم، ونحو هذا، فقد روي عن طائفة من الصحابة أنهم كانوا يفعلونه.

عباد الله: هذا ديننا، هذه شريعتنا، وهذا دين لم يحصل قبل مثله في البشرية، فهو أتم الأديان وأكملها، فالحمد لله على النعمة.

اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، واجعلنا لك ذاكرين، لك شاكرين، إليك تائبين منيبين أواهين.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

00:24:26

الحمد لله، أشهد أن لا إله إلا الله، الله أكبر وسبحان الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الرحمة المهداة، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه.

ليلة القدر وأقسام الناس فيها

00:24:49

عباد الله: ونحن مقبلون على ليلة سبع وعشرين كان أبي يحلف: والله الذي لا إله إلا هو إنها لفي رمضان، وما يستثني، ووالله إني لأعلم أي ليلة هي، هي الليلة التي أمرنا بها رسول الله ﷺ بقيامها، هي ليلة صبيحة سبع وعشرين، وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها، وهذا أحد مذاهب العلماء فيها وهو تعيينها في هذه الليلة، ولكن الراجح أنها ليلة مبهمة من العشر الأواخر، وأرجاها أوتارها، وأرجى الأوتار ليلة سبع وعشرين، وثلاث وعشرين، وإحدى وعشرين، وقال بعضهم: إنها معينة لا تنتقل، وقال بعضهم: إنها تنتقل؛ فتكون سنة هكذا، وسنة هكذا، وقد تتكرر سنوات في ليلة معينة، ثم تنتقل، فالله تعالى أعلم، أخفاها عنها لمصلحتنا؛ لنجتهد في العبادة.

"رأى رجل أن ليلة القدر ليلة سبع وعشرين، فقال النبي ﷺ: أرى رؤياكم في العشر الأواخر؛ فاطلبوها في الوتر منها" رواه مسلم [رواه مسلم (1165)]، وآيتها أن تطلع الشمس يومئذ لا شعاع لها، تطلع الشمس لا شعاع -وهو ما يرى من ضوئها عند بروزها مثل الحبال والقضبان مقبلة إليك إذا نظرت إليها، فهذا الذي تراه ممتداً منها بعد الطلوع هو الشعاع-، وقيل: هو انتشار ضوئها، فجعل الله لها علامة، وقيل: بل لكثرت اختلاف الملائكة في ليلتها، ونزولها إلى الأرض، وصعودها بما تنزل به سترت بأجنحتها وأجسامها ضوء الشمس وشعاعها، فلذلك تخرج صبيحة ليلة القدر حمراء ضعيفة مثل الطست لا شعاع لها، مستديرة لا وهج لها.

أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر[رواه البخاري (2015)، ومسلم (1165)].

عباد الله: هذا الاجتهاد، هذه الطاعة، هذه العبادة، فمن الناس من شمر عن ساعد الجد لا يكاد يفارق المسجد، ومنهم من قد اعتكف، وهذه نعمة عظيمة والله، وهي سنة محمد بن عبد الله ﷺ، أين هؤلاء المعتكفين في المساجد ممن اشتغلوا بورق اللعب، وعمل جداول للمباريات، وإنارة الملاعب، وهكذا يحضرون في الأرصفة والأسواق، ويشتغلون بالمشتريات والتخفيضات، وآخرون يتنقلون بين القنوات.

عباد الله: شتان شتان، والله لقد فاز هؤلاء السابقون، وخسر أولئك المبطلون، ولكن الندم يوم لا ينفع الندم، كان ﷺ يستنفر في هذه العشر، وفي ليلة سبع وعشرين أطال القام جداً بالناس حتى خشوا أن يفوتهم الفلاح -السحور-، كانت تلاوة القرآن تسمع من كل مكان في بيوت المسلمين، وفي مساجدهم، وتُتحرى تلك الليلة، لعلك تصاب بنفحة من نفحات الرحمن؛ فتسعد بها أبد الدهر، إنما هي صبر ساعات، وستنقضي، فإذا كنت من أهل هذه البركة فاحمد الله: قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَسورة يونس:58، فمن تفرغ للطاعة في هذه الليالي فليفرح، وحق له أن يفرح؛ لأن الله قال: قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَسورة يونس:58.

لما أدرك أهل الفساد حاجة أهل الشهوات إلى شهواتهم، جعلوا لهم من هذا الشهر مطية، وصار بعض الناس يحرصون على الحلقات النهائية من المسلسلات -الحلقات الأخيرة- أكثر من حرصهم على ليلة القدر، فوا أسفاه على هذه العقول، وا أسفاه على هذه الصياغة التي صاغها إعلام الشر لهذه النفوس.

ولما أدرك أهل الفساد حاجة أهل الشهوات إلى شهواتهم، جعلوا لهم من هذا الشهر مطية، وصار بعض الناس يحرصون على الحلقات النهائية من المسلسلات -الحلقات الأخيرة- أكثر من حرصهم على ليلة القدر، فوا أسفاه على هذه العقول، وا أسفاه على هذه الصياغة التي صاغها إعلام الشر لهذه النفوس.

عباد الله: فلنجاهد أنفسنا، ولنخرج من هذا القمقم، ولنعلم بأن الدنيا فانية ملعونة إلا ذكر الله وما والاه، وفي الوقت الذي يستعد فيه هؤلاء المعتكفون، ويتزودون، وهكذا لا يزال المرابطون في المساجد بين التراويح والقيام، بين الصلاة الأولى والثانية، والكل تراويح وقيام، وبعضهم يعتكف ليلة، وبعضهم بعض ليلة، وبعضهم بين الصلوات على حسب قدرته، ولأن بعضهم مكلف بوظائف وعقود وأعمال لا بد من القيام بها؛ فهو يعتكف ما استطاع، والحمد لله أن هذا مما يثاب عليه الإنسان، وانتظار الصلاة بعد الصلاة يكون في صلاة، هؤلاء الذين يستعدون هذا الاستعداد ينشغل طائفة أخرى من المتسولين -وما أكثرهم- بحيلهم وكذبهم وتدليسهم مع الأسف، ومن الناس من يذهب إلى المقاهي وأماكن الاستراحات، فوا أسفاه على ضياع الأوقات.

دعوني على نفسي أصيح وأندب بدمع غزير واكف يتصبب
دعوني على نفسي أصيح فإنني أخاف على نفسي الضعيفة تعطب
وإني حقيق بالتضرع والبكاء إذا ما هدى النُّوَّام والليل غيهب
وجالت دواعي الحزن من كل جانب وغارت نجوم الليل وانقضَّ كوكب
كفى أن عيني بالدموع بخيلة وإني بآفات الذنوب معذب
فمن لي إذا نادى المنادي بمن عصى إلى أين التجائي إلى أين أهرب
وقد ظهرت تلك الفضائح كلها وقد قرب الميزان والنار تلهب
فيا طول حزني ثم يا طول حسرتي لأن كنت في قعر الجحيم أعذب
فقد فاز بالملك العظيم عصابة تبيت قياماً في دجى الليل ترهب

الناس في ليلة القدر أصناف وأشتات، فهنيئاً لمن انشغل بطاعة الله عن معصية الله، وهنيئاً لمن تنافسوا بالخيرات.

عباد الله: نأخذ مما نحتاج بقدر، الناس لهم حاجات نعم، وأطفالنا يحتاجون إلى ملابس وأغراض العيد نعم، لكن لا يكون همنا الصفق بالأسواق في هذه الليالي الفاضلة إلا على قدر الحاجة، ومن كان مقتصداً أصلاً فقد قضى هذا منذ زمن؛ ليتفرغ في العشر الأواخر للصلاة والعبادة، أما الذي لا يدرك إلا اللحظات الأخيرة، فهو في هذه الأوقات النفيسة يطوف ويصفق بأسواق الدنيا، كان الصالحون قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ۝ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَسورة الذاريات:17-18، يطيلون، يعملون، يجتهدون، ثم يهتمون، ويخافون من رد العمل: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَسورة المؤمنون:60، إنها احتساب في هذه الأيام لدى الوهاب لعله أن ينيلك الثواب، من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه[رواه البخاري (1901)، ومسلم (760)] ما هو شغلك الشاغل يا عبد الله؟ ما هو سعيك؟ ما هو هدفك؟ أن تكون من المتقين، هذه التي من أجلها فرض الصوم:لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَسورة البقرة:183، والقبول مربوط بهذا، قال تعالى: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَسورة المائدة:27، يا ليت شعري من المقبول فنهنيه، ومن المحروم فنعزيه، أيها المقبول هنيئاً لك، أيها المردود جبر الله مصيبتك.

يا عباد الله: فإذا انشغل التجار بصف البضائع وبيع مشتريات العيد، وانشغلت النساء بعمل الحلوى، وهكذا في تفصيل الملابس، وغشيان أماكن الخياطة والزينة، فإن هنالك من عباد الله من هو مشغول بحمد الله وبطاعة الله.

ولله من شهر الصيام مودِّع على كل محتوم السعادة يُكرم
تنزل فيه الذكر من عند ربنا فيُبدأ بالذكر الجميل ويُختم
ولله فيه من ليال منيرة أضاء بنور الوحي منهن مظلم
وصابت سحاب الدمع يمحى بمائها من الصحف أوزار تخط ومأثم
ولله فيه ليلة القدر قد غدت على ألف شهر في الثواب تُقدم
تبيت بها حتى الصباح بإذنه ملائكة السبع الطباق تسلم

عباد الله: هذا وإننا لا زلنا نحتاج إلى الدعوة حتى في هذه الليالي، فقد أظهر تحقيق أن بعض الشباب لا يصومون، وأنهم بدؤوا العملية بتحد فيما بينهم، واعجباً تحدي الله! يتحدى بعضهم بعضاً من الذي يفطر، ومن الذي لا يصوم في هذه الأيام، وبعضهم يقول: لا أصلي، فما الفائدة من صوم بلا صلاة؟! ولا يصوم لأنه لا يصلي، ويقول: ما الفائدة من صوم بلا صلاة؟!

عباد الله: معنى ذلك أنه يوجد جانب من المجتمع يحتاج إلى دعوة، فهناك أناس ما عرفوا الله بعد، فهناك أناس غائبون عن المشهد بالكلية، فأنت تحضر في الجمعة، وتحضر في الجماعة، وهنالك من شغله الكفر، أو الفسق والمعصية واللهو عن الطاعات، فأين الدعوة؟ أين النصيحة؟ أين القيام بالمسئولية؟ قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُسورة التحريم:6.

يا عبد الله: كم أضعنا من الأشياء؟ كم أضعنا من الليالي؟

أيا ليلة القدر الشهير مكانها أضعنا وحق الله قدرك من قدر
فوا أسفا كم ذا التكاسل والونى تغافلت يا مغرور عن ليلة القدر
وقوم على باب الكريم وقوفهم يناجون مولاهم قياماً إلى الفجر
فيا حسنهم والليل أسدل جنحه وأدمعهم تهمي كمنسكب القطر
أطالوا على باب الكريم وقوفهم ومن لازم الأبواب يظفر بالبر
مضى عنك ريعان الشباب ولم تتب فماذا لهول الحشر أعدت من حذر
أفق كم أطلت النوم وأقصر فإنما لياليك أحداج تسوق إلى القبر
ألا إنما الدنيا فديتك فتنة وفتنتها من أعظم الوزر في الحشر

هم اليهود

00:36:29

ثم لا ننسى إخواننا المنكوبين والمستضعفين، والذين يقصفهم اليهود اليوم بالصواريخ والطائرات في أرض فلسطين، وهكذا صاروخ يتطاير شظاياه ليصيب عدداً من المارة، ويُقتل أطفال في هذه الليالي العشر من شهر رمضان في أرض فلسطين، لم يوفر دماءهم هؤلاء اليهود الملاعين، بل إنهم قد قصفوا الأحياء السكنية، بل قصفوا مستشفى، واستقبل أحد المستشفيات سبعة من القتلى، وستة جرحى، وفي مستشفى آخر أيضاً حالات خطيرة: خمسة أطفال جرحى، واثنان من القتلى.

هذا طبع اليهود، أهل الكذب والبهت، أبعد الناس عن الرحمة، وأقربهم من النقمة، عادتهم البغضاء، وديدنهم الشحناء، بيت السحر والكذب، لا يرون لمن خالفهم حرمة: و لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً سورة التوبة:10، ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّسورة البقرة:61، لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَسورة المائدة:82، وهكذا كانوا سبب مقتل الأنبياء، ودسوا السم للنبي ﷺ؛ فمات بسببه، وأثاروا النعرات، وأطلقوا عنان الفتن، وحبكوا المؤامرات، ونشروا الفساد في الأرض، وألهوا الناس بالرياضات، وأفسدوا الإعلام والاقتصاد.

يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفاً[رواه مسلم (2944)]،وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍسورة البقرة:96، لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍسورة الحشر:14، وقد جعل الله لهم عقاباً خاصاً شديداً أليماً: فَبَآؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍسورة البقرة:90، لعنهم الله ، ومسخ منهم قردة وخنازير، وضرب عليهم الذلة والمسكنة: وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَمًاسورة الأعراف:168، "خرج رسول الله ﷺبعدما غربت الشمس، فسمع صوتاً؛ فقال:يهود تعذب في قبورها" رواه البخاري ومسلم [رواه البخاري (1375)، ومسلم (2869)]، فأسمع الله نبيه أصوات اليهود وهم يعذبون في القبور: "مر رسول الله ﷺ على يهودية يبكى عليها" يبكي عليها أهلها، "فقال: إنهم ليبكون عليها، وإنها لتعذب في قبرها" رواه البخاري ومسلم [رواه البخاري (1289)، ومسلم (932)]، هذا في القبر، أما يوم القيامةفيُدعى اليهود، فيقال لهم: من كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عزير ابن الله، فيقال لهم: كذبتم، ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد، فماذا تبغون؟ قالوا: عطشنا ربنا فاسقنا، فيشار ألا تردون، فيحشرون إلى النار كأنها سراب يحطم بعضها بعضاً، فيتساقطون في النار رواه البخاري [رواه البخاري (4581)]، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله ﷺ قال:والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار[رواه مسلم (153)].

فعجباً للذين يهرولون وراءهم، ويسعون في استرضائهم، ويعقدون معهم مصالحهم، ويربطون المصالح بهم، ويقولون: نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَسورة المائدة:52.

اللهم عليك بهؤلاء اليهود يا رب العالمين، اشدد وطأتك عليهم، وأخرجهم من بيت المقدس أذلة صاغرين، اللهم قاتلهم وزلزلهم، وألق الرعب في قلوبهم، ومزقهم شر ممزق، واجعل عليهم رجزك وعذابك، اللهم قاتل هؤلاء الذين يقاتلون المسلمين من الصليبيين والمشركين، اللهم اجعل بأسهم بينهم، اللهم اضرب قلوب بعضهم ببعض، اللهم إنا نسألك أن تزلزل الأرض بهم، وأن تسقط عليهم عذاباً من فوقهم، اللهم ائتهم من حيث لا يحتسبون، انصر الإسلام وأهله، اجعل فرج المسلمين قريباً، ارحم المستضعفين من المسلمين، وأغثهم يا رب العالمين، وانشر الأمن والإيمان في بلادنا وبلاد المسلمين، واجعلها عامرة بذكرك وشرعك يا رب العالمين، من أرادنا بسوء فكده، ومن أراد الإسلام بسوء فخذه، اللهم إنا نسألك أن تختم بالصالحات أعمالنا، وتغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وأن تجعلنا الجنة مثوانا، وتعتق رقابنا من النار.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ۝ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ۝ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

1 - رواه البخاري (2015)، ومسلم (1165)
2 - رواه مسلم (993)
3 - رواه البخاري (1503)
4 - رواه البخاري (1508)
5 - رواه البخاري (1503)
6 - رواه البخاري (1510)
7 - رواه البخاري (2697)، ومسلم (1718)
8 - رواه البخاري (948) بلفظه، ومسلم (2068)
9 - كتاب بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث (207)
10 - رواه البخاري (953)
11 - رواه مسلم (890)
12 - رواه أحمد (20269) 
13 - رواه مسلم (1165)
14 - رواه البخاري (2015)، ومسلم (1165)
15 - رواه البخاري (1901)، ومسلم (760) 
16 - رواه مسلم (2944)
17 - رواه البخاري (1375)، ومسلم (2869)
18 - رواه البخاري (1289)، ومسلم (932)
19 - رواه البخاري (4581)
20 - رواه مسلم (153)