الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد:
فوائد الزكاة وعقوبة مانعها
فإن الله خلقنا واستخلفنا في المال، وجعل له تعالى حقاً فيه، وحقاً لعباده، وهذه الزكاة قديمة من شرائع الأنبياء، وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَالأنبياء:73، إنها من صفات عباد الله المؤمنين كما قال تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَالمؤمنون:4، إنها تطهير للنفس عن الشح والبخل: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَاالتوبة:103، إنها من مباني الإسلام، وأركانه العظام كما في حديث: بني الإسلام على خمس وإيتاء الزكاة[رواه البخاري8 ومسلم16] من أداها ذاق طعم الإيمان، وعندما يخرجها مؤتجراً -أي طالباً للأجر- فله أجرها، إنه مواساة من الأغنياء للفقراء، ومن منعها كان عقابه في الدنيا أليماً، فإنها تؤخذ منه رغماً عنه كما ﷺ: ومن منعها فإنا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا[رواه أبو داود1575] وإذا تمنع وتسلح يقاتل كما فعل الصديق ، واحتج بقول النبي ﷺ: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله[رواه البخاري25 ومسلم20]، قال أبو بكر: "والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله ﷺ لقاتلتهم على منعها"، وأما في الآخرة فقد قال تعالى: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَالتوبة:34-35، لقد أعرض عن الفقير بجبهته التي في وجهه، ثم بجنبه، ثم بظهره، فولى ولم يعطهم شيئاً، وهكذا تكوى بها جباههم، وجنوبهم، وظهورهم، وقال ﷺ: من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته مثل له ماله يوم القيامة شجاعاً أقرع وهو الثعبان العظيم الذي سقط شعره لكثرة سمه، له زبيبتان ، أي نقطتان سوداوان فوق عينيه، أو بجانبي فمه، وقيل: نابان، يطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بلهزمتيه، يعني: بشدقيه، ثم يقول: أنا مالك، أنا كنزك، ثم تلا النبي ﷺ قول الله: وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَآل عمران:180، الآية[رواه البخاري1403ومسلم988] هؤلاء الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله، ويحبسون الأموال، ويكدسونها، ويراكمونها، ويظنون ذلك في مصلحتهم، لكنه شر عليهم، فإذا كان يوم القيامة يقول ﷺ: إلا جاء كنزه يوم القيامة شجاعاً أقرع يتبعه فاتحاً فاه فإذا أتاه فر منه فيناديه خذ كنزك الذي خبأته فأنا عنه غني، فإذا رأى أنه لابد منه سلك يده في فيه، يتوقف مانع الزكاة عن الهرب، ويواجه المصير المحتوم لهذا الثعبان العظيم، ويعطيه يده ليقضمها فيقضم يده، وهكذا قال ﷺ: فيقضمها قضم الفحل[رواه مسلم988]، وإذا كانت ماشية، ولم يؤد حق الله فيها وهي سائمة، قال ﷺ وأخبر: بأنها تطأه وتعضه وتنطحه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار[رواه مسلم987]،
ولاوي الصدقة، يعني: مانع الصدقة من الملعونين على لسان رسول الله ﷺ كما جاء في الحديث الصحيح، وهؤلاء الذين يمنعون الزكاة شؤمهم يعم، قال ﷺ: لم يمنع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا[رواه ابن ماجه4019]، هذه الزكاة هي رحمة من الله، نماء، زيادة، طهر، بركة، دليل على صحة إيمان مخرجها، إنه يزداد بها بركة، وكذلك يزداد المجتمع بها صلاحاً، إنها تزيل التحاسد والتباغض، إنها تخرج ما في قلوب الفقراء إذا رأوا مال الأغنياء، فعند ذلك يحل الوئام، وتحل المحبة، تعبد الله تعالى بإخراج جزء واجب شرعاً في مال معين لطائفة، أو جهة مخصوصة في وقت مخصوص، إنها تلحق الإنسان بالمؤمن الكامل لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه[رواه البخاري13ومسلم45]، إنها تقرب العبد إلى ربه، إنها تزيد في ماله حقيقة، وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَالروم:39، ففي الدنيا يبارك لهم، وفي الآخرة أجرهم مضاعف عند ربهم، والله يمحو بها الخطايا، وينجي بها من حر القيامة، وهي من أسباب دخول الجنة، ومن أسباب طلب العلم في الحقيقة أيضاً؛ لأنه يتعلم المسائل التي لابد منها ليعرف كيف يؤدي زكاة ماله من أنواع الأموال، والأنصبة، والمستحقين، ونحو ذلك، إنها تعود النفس على البذل، على الكرم، على الإعطاء، إنها تستوجب اتصاف المزكي بصفات عظيمة؛ كالرحمة، والعطف، والراحمون يرحمهم الله، إنها تشرح الصدر، قال ابن القيم رحمه الله: "البذل والكرم من أسباب انشراح الصدر"، لكن لا يستفيد منه إلا الذي يعطي بسخاء وطيب نفس، ويخرج المال من قلبه قبل أن يخرجه من يده، أما من أخرج المال من يده لكنه في قرارة قلبه فلن ينتفع بهذا البذل.
عباد الله: كم في الأرض من فقراء المسلمين؟ كم في البلاد من المعدمين المساكين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً، قد تسلط عليهم عباد الصليب، وأعداء الله، ففي إخراج الزكاة مزاحمة لهؤلاء المشركين، ومنع شرهم، وكف شركهم عن المسلمين، إن فيها إنقاذاً لإخواننا من براثن الشرك، إن فيها تقوية لهذه الأمة عموماً فإن إغناء الفقراء يجعلهم يتفرغون لأمور أخرى مما فيه إعزاز الأمة، إنها سبب في منع الجرائم المالية كالسرقات، والنهب، والسطو، إنها تجعل المجتمع الإسلامي أسرة واحدة، إنها تذكر الغني بفضل الله عليه وأحسن كما أحسن الله إليك، ما نقصت صدقة من مال بل تزيده.
عباد الله: هذه الزكاة التي لابد من النية عند إخراجها، فلو أخرج صدقة عادية في السنة، ثم جاء وقت الزكاة فلا يجوز أن يحتسب تلك الصدقة من الزكاة؛ لأنه لم ينو عند إخراجها أنها زكاة، وكذلك أخذ وإعطاء، تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم.
الفروق بين الزكاة والضريبة
وأيضاً فإن هناك فرقاً عظيماً بين الضريبة والزكاة، فالزكاة تدفع بنية التقرب إلى الله، والضريبة تدفع بالإكراه، والزكاة حق قدره الشارع، وليس لرغبات البشر وأهوائهم نصيب فيه، بخلاف الضرائب، والزكاة توزع في مصارف شرعية معينة بخلاف الضريبة، والزكاة فريضة ثابتة ما دام في الأرض إسلام ومسلمون، بخلاف المكوس التي تزداد، وتنقص، وتلغى، وتوضع، ولذلك فإنه لا يمكن أن تحتسب الضرائب من الزكاة، وأما ما أخذ من الناس باسم الزكاة فإنه يعتد به، وذكر شيخ الإسلام رحمه الله وغيره أن ما أخذه ولاة الأمر باسم الزكاة يجزئ، ويعتبر من الزكاة، بخلاف ما أخذ بغير اسمها فإنه لا يعتد به.
بعض أحكام الزكاة
إن لها وقت إخراج معين، وهذا يدل على دقة هذه الشريعة، وتراها تجب بحسب التعب، فأنت ترى أن الزرع إذا كان يسقى بالجهد، والتعب، بالنواضح والسواقي، باستخراج الماء، بالحفر، بالتمديدات، فإن فيه نصف العشر، وإذا سقي بماء السماء العشر، وبينهما ثلاثة أرباع العشر، وإذا وجد ركاز في الأرض الخمس، وهكذا تجد من الزكاة ما هو في أموال شائعة، والذهب والفضة أغلب ما يتداوله الناس من النقد، وقد يوجد ما هو أجود منها من المعادن كالبلاتين فلا يجب فيه الزكاة إلا إذا أعد للبيع فصار من عروض التجارة، إنك تجد أن هذه الزكاة على المسلمين؛ لأنها تطهر، وأما الكافر فلا يطهر، ولا يستفيد من إخراجها، وإنما يحاسب على ماله يوم القيامة، إنك تجد أن الزكاة على المال الحلال، أما المال الحرام فلا زكاة فيه؛ لأنه يجب التخلص منه أصلاً كله. أوجبتها الشرعية على الأحرار؛ لأن العبيد مملوكون للسيد هم وما ملكوا، وتجد هذه الأنصبة المتفاوتة المرتبة من الحكمة الإلهية، وأن المال لابد أن يكون مملوكاً ملكاً تاماً، فلو كان مغصوباً، أو ضائعاً، أو كانت مساهمة متعثرة لا يمكن بيعها بأي قيمة، ولا التصرف فيها، أو أموال محبوسة فإنه ليس فيها زكاة. إنك تجد أن الأموال التي ليس لها مالك معين؛ كأموال الأوقاف، وصناديق البر، وأموال الجمعيات الخيرية، وما جمع لبناء المساجد ليس فيها زكاة، وكذلك ثلث وصية الميت التي أوصى بها في جهات البر العامة.
إنك تجد الرحمة في فرض هذه الزكاة فإنها لا تجب في السنة مرتين، ولا ثلاث، وإنما مرة واحدة إذا حال الحول القمري، بهذه السنة الهجرية، وليس السنة الشمسية أو الميلادية؛ لأن أغلب الشركات تبني ميزانيتها على السنة الميلادية فيؤخرون الزكاة، ويأكلون على الفقراء أحد عشر يوماً في السنة، عندما توقت على هذا الميزان الشرعي يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّالبقرة:189، فهذه السنة القمرية بهذه الأشهر إذا دارت على المال وجبت الزكاة، إنك تجد أن زكاة الزروع والثمار مراعاً فيها تعلق الفقراء بموسم الحصاد، فهم يأتون المزارع، يأتون إلى أصحاب الزروع والثمار، إن نفوسهم تتطلع عند الحصاد إلى شيء يسدون به جوعتهم، ولذلك وجبت زكاة الزروع والثمار وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِالأنعام:141، إنك تجد أن زكاة نتاج السائمة مبني على بلوغها أعداد معينة، وإذا صارت للبيع والشراء صارت من عروض التجارة، وكذلك فإن الذهب والفضة التي يتعامل الناس بها في الغالب ما يقوم مقامها من الأوراق النقدية اليوم تجب فيه الزكاة.
عباد الله: إنها شيء عظيم، وإنها أنصبة وشروط، وإنها مواساة، فلو كان يأخذ راتبه وينفقه أولاً بأول، ولا يبقى منه شيء في نهاية الشهر فلا زكاة عليه، وإذا قال: أنا أريد أن أزكي كل راتب إذا استلمته، فأخرج في الألف خمساً وعشرين، فنقول: هذا فضل منك وإحسان، هذا مستحب وليس بواجب، ولك أجره، وإنما الواجب إذا حال الحول على شيء من هذه الرواتب وقد بلغ نصاباً، وكذلك فإن المال الذي باليد عليه الزكاة إذا حال الحول، وبلغ النصاب، ولو كان على الإنسان ديون، وهذا يؤدي إلى تسديد الديون قبل حلول الحول، ولذلك كان عثمان الخليفة يأمر من عليه دين بتسديده قبل أن يطوف عماله لإحصاء الزكاة وأخذها، ولذلك كان الراجح من أقوال أهل العلم أن الدين لا يخصم من الزكاة ما دام المال موجوداً عندك، في تصرفك، وفي ملكك لم تسدد به دينك، وحال عليه الحول فقد وجبت فيه الزكاة، إنك تجد كذلك في فتاوى العلماء أن الديون التي عند الناس إذا كانت عند مماطل ظالم يتهرب ولا يسدد ما عليه ولا يعطيك حقك، أو عند فقير مسكين أمر الله بإنظاره فقال: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍالبقرة:280، فإن هذه الأموال عند هؤلاء لا زكاة فيها، فإذا قبضت زكاها ولو بعد سنين مرة واحدة عن كل ما مضى، وهكذا المال الذي في اليد فيه الزكاة ولو كان يرصده لقضاء دين، أو نكاح، أو نفقة دراسة، أو بناء مسكن ما دام المال عنده، وحال عليه الحول ففيه الزكاة، إنك ترى أن عروض التجارة تقوم بحسب حالها في السوق، فهؤلاء دخلوا في تجارة الأسهم فصارت خاسرة تتدحرج أسعار الأسهم إلى الأسفل في نزول، فإذا أرادوا أن يحسبوا الزكاة يحسبوها على السعر الحالي عند حلول الحول سواء ارتفعت أو انخفضت؛ لأن هذه الأسهم ترتفع وتنخفض، فإذا أعدت للتجارة، واشتراها ليتاجر فيها فإن فيها الزكاة عند حلول الحول، وقد يحتاج إلى بيع شيء منها لإخراج الزكاة فيجد أن الذي يبيعه شيئاً يسيراً اثنان ونصف في المائة، وهذه الأراضي التي اشتراها ليبيعها ينتظر ارتفاع السعر هي بنية التجارة، ففيها الزكاة، فيحسب الزكاة على قيمتها وسعرها في السوق كل سنة، فإذا لم يوجد عنده سيولة ليخرج الزكاة جاز أن يؤخر الإخراج إلى حين البيع، وهذه مراعاة لحاله، فيحسب الزكاة في كل سنة على سعر الأرض عند حلول الحول قل أو كثر، فإذا باع الأرض أخرج الزكاة عن ما مضى مجموعاً من السنين الماضية.
حكم تعلم أحكام الزكاة
عباد الله: ينبغي أن يتعلم المسلم كيف يزكي أمواله، ما هو الذي تجب فيه الزكاة، وما الذي لا تجب فيه، فيرى من المواساة أن كل ما يملكه مما يعد للاستعمال كالبيوت والمساكن، والدور، والاستراحات، والأثاث، والملابس، والسيارات، وآلات الورشة، وديكورات المحلات، وآلات المصنع، لا زكاة فيها؛ لأنها غير معدة للبيع، وإنما للاستعمال والحرفة، وليجني منها ما يبيعه فتكون الزكاة في الذي يبيعه إذا كانت الآلات تصنِع، فالزكاة فيما يُصنَع؛ لأنه هو المعد للبيع، وهكذا البضاعة إذا كسدت لا يطالب العلماء التجار بإخراج الزكاة عن قيمتها التي استوردها بها، ولا على ما كانت تساوي به في أيام عزها، وإنما يقولون: احسب زكاتها على قيمتها الحالية الآن، ما هو السعر الذي تجد به مشترياً الآن؟ ما هو السعر الذي تجد به من يشتري أرضك الآن؟ ما هو السعر الذي تجد به من يشتري بضاعتك المخزنة الآن؟ عند حلول الحول تحسب، وعندما لا توجد سيولة يخرج منها؛ فإنه يجوز له التأخير إلى أن يجد، وإذا كان يستطيع أن يبيع منها شيئاً بدون ضرر عليه ليخرج الزكاة فعل ذلك، وإذا كانت البضاعة ينتفع بها الفقير كالبطانيات، والثياب، والطعام؛ لأنه يبيع أطعمة، فيجوز أن يجعل الزكاة من هذا الذي يبيعه ما دام ينتفع به الفقير كالثلاجة، والمكيف مثلاً، وهكذا ولله الحمد نجد هذه الشريعة شريعة يسر فيه مواساة، وفيها واجبات، وفيها حقوق، وفيها أمور مرتبة، ومنظمة، وأنصبة، وحول، وما يشترط له الحول وما لا يشترط، إنها لمن لدن حكيم خبير، عليم بصير، إنه يعلم ما يصلح وما يُصلح. عباد الله: يجب علينا ونحن في هذا الشهر الذي اعتاد الكثيرون فيه إخراج زكاتهم؛ أن نحرص على تعلم أحكام الزكاة، وعلى الاتصال بأهل العلم لسؤالهم، فإن المسلم عليه أن يبرأ ذمته، وأن يلقى الله وقد أدى ما عليه. اللهم طهر قلوبنا من الشح يا رب العالمين، اللهم اجعلنا من أهل الكرم وأكرمنا يا أكرم الأكرمين، اللهم إنا نسألك أن ترزقنا حبك، وحب ما تحب، وحب كل عمل يقربنا إليك. أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، الذي خلق فسوى، وأعطى كل شيء خلقه ثم هدى، أشهد أن لا إله إلا الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صاحب المقام المحمود، والحوض المورود، والشافع المشفع يوم يقوم الشهود، أشهد أنه رسول الله، بلغ فأحسن التبليغ، وعلمنا فأحسن التعليم، وتركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فصلوات الله وسلامه عليه إلى يوم الدين، اللهم صل وسلم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آله إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آله محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم.
طريقة أعداء الإسلام في محاربة الدين عن طريق المسلسلات
عباد الله: ما فتأ أعداء الإسلام يرمونه بالسهام، ويريدون أن يحرفوا المسلمين عن دين رب الأنام، وهكذا يعرضون هذه المنكرات العظام في هذا الشهر الكريم، نيل من أهل الإسلام، زعزعة للثوابت، خلخلة للقواعد الشرعية، استهزاء بأمور الشريعة بأحكامها وسخرية من عباد الله الصالحين، ولا معنى لأن يغار المسلمون من رسامين دنمركيين وبابا حاقد، ثم لا يغارون مما يعرض في مسلسلات، وتمثيليات، تُقدم في هذا الشهر الكريم، وقد أراد أعداؤنا لصوص رمضان سرقة بركة هذا الشهر، وسرقة تأثير هذا الشهر، وسرقة الإيمانيات التي تغمر الناس في هذا الشهر، لما نظروا إلى هذا الصيام وما يفعله بالقلوب، وإلى هذا القيام وما يحدثه في النفوس، وإلى هذا القرآن وماذا تفعل تلاوته في هذه المهج والعقول، علموا أنه لابد من شيء يسرقون به هذه الآثار الطيبة، ويزحزحون المسلم عما كسبه بالنهار يزحزحونه بآثام في الليل متوالية، فرسخوا قضية لا رمضان بلا مسلسلات، تلازم بين المسلسلات ورمضان بحيث لا يمكن أن تجد مؤخراً رمضان بلا مسلسلات، وركزوا الدعايات والإعلانات في جميع الأماكن على هذه القضية، وقامت القنوات العفنة بعمل الدعايات، خارقة حرمة الشهر الكريم، ترويج عجيب، صفحات، ولوحات، وأشياء متحركة، وثابتة، وضوئية، ومرسومة، ومطبوعة، وموزعة، ومنشورة، لأي شيء؟ مسلسلات شهر رمضان، هل يحتاج الناس في رمضان إلى صور النساء المتبرجات؟ إلى الموسيقى والطرب؟ فكيف إذا كانت القضية زيادة على هذه المعاصي بالسخرية من الأمور الشرعية، وكذلك ما تقطر به هذه المسلسلات حقداً على أهل الدين، ترى ليالي رمضان اليوم ضائعة بين الكوميديا الساخرة، والدراما الحزينة بزعمهم، فيتلاعبون بعواطف المشاهدين، والناس أكثرهم مستهلكون تعرض عليهم البضائع، فيأخذون ثم يحدث التنافس بين هذه القنوات من هو صاحب المركز الأول، وعدد المشاهدين الأكثر، ثم إن لهؤلاء أهل الفن العفن عناية خاصة برمضان، وتركيز على رمضان، فأنت تجد أن رمضان يخص بأشياء لا تعرض في بقية السنة، بل ربما يروج في أشهر السنة الأخرى لما سيعرض في رمضان،
كان السلف رحمهم الله يسألون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يسألون الله بعد رمضان أن يتقبل منهم، وهؤلاء إعدادات، واستعدادات لرمضان، ومن تلبيس الشيطان على أهل هذه الصناعة الذين قاموا بالنيابة عنه بالدور المطلوب؛ لأنه لما صفدت الشيطان في الليل شياطين الجن، غار شياطين الإنس على أوليائهم المصفدين، من الذي سيقوم بدورهم؟ ومن الذي سيملأ الفراغ؟ ومن الذي سيتولى الإفساد فسعوا للإفساد بكل طريق، وكانت هذه المنكرات القولية والعملية، وحتى لا تصبح القضية مثيرة للجميع عمدوا إلى تطعيمها وخلطها بأشياء أخرى مما يسمى بالنقد الاجتماعي الهادف فترى هناك حلقات كما نسمع عن انتقاد البيروقراطية، والروتين المعقد، وأشياء تنتقد؛ كالإهمال في المستشفيات، ونحو ذلك من الأخطاء التي يجب تبيين أمرها، والعمل على تصحيحها، ثم تتداخل مع هذه، أو مع هذا النقد للمظاهر الاجتماعية الخاطئة، وما يكون في حياة الناس من الاستغلال، والرشوة، والمحسوبيات، ونحو ذلك، يكون معها مشاهد، وحلقات، لانتقاد أحكام شرعية من جهة، والسخرية بأهل الدين ولمزهم من جهة أخرى، فليت شعري على أي شيء يفطر الناس، وإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة، وقال ﷺ: سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين وينطق فيها الرويبضة، قيل: وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة[رواه ابن ماجه4036] رجل تافه يتكلم في أمر العامة، ما أعظم انطباق هذا الوصف النبوي الذي جاء في الحديث النبوي على هؤلاء الرويبضات التافهين السخفاء في المسلسلات، هل هؤلاء قدوة فعلاً؟ حياتهم، سيرتهم، كلماتهم، مواقفهم، مآثرهم، هل هؤلاء قدوة لأبنائنا، وبناتنا، ونسائنا، ورجالنا؟ هل هؤلاء الممثلين قدوات أم أنهم مجموعة من الفسقة، وأصحاب المعاصي، والمنكرات، والسقط، والمتخلفين، وإذا نظرت إلى حياتهم العادية، ومعيشتهم لا تجد فيها من الأشياء العظيمة، أو من المآثر الشريفة، أو من الأعمال الصالحة، يرابطون في المساجد، ويعتكفون، ويتعاقبون بين حج وعمرة، ويطعمون الطعام، ويفشون السلام، ويصلون بالليل والناس نيام، وأخلاق فاضلة، إنك تجد فعلاً كما قال النبي ﷺ: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة، أمر العامة؛ لأنه يعرض على الملايين في هذه المسلسلات، تافه ينقل كلامه عبر الأثير للعامة، وحركاته، ومشاهده، وغاية ما فيها الإضحاك، واللمز، والسخرية الذي يؤدي إلى انبساط بعض النفوس، وقهقهة تشتعل في المجلس، وناس يتناقلون ما قاله هذا الممثل في المسلسل، وهذه الحلقة.
فما هو هذا الإصلاح؟ وما قيمة الإصلاح إذا كان هناك جزء من الإصلاح موجود، أو نقد هادف بجانب سخرية من أحكام شرعية، أو عباد الله الصالحين، ما قيمة نقد هادف إذا كان مغموراً في بحر سيئات كثيرة، ومخالفات شرعية متعددة، يهونون فيها من شأن الأحكام الشرعية، أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَالمائدة:50، يسخرون بأهل الخير والصلاح، زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِالبقرة:212، وقال : وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًاالأحزاب:58،
إذا رأى الأشرار الأخيار قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَالمطففين:32، متطرفون، رجعيون، متزمتون، وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَالمطففين:33، الله أرسل ملائكة تكتب أعمال العباد، فَالْيَوْمَ يوم القيامة الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَالمطففين:34-36، هناك ارتباط في النصوص الشرعية بين الكفر وبين الاستهزاء بالمؤمنين، وإذا سألتهم لماذا فعلتم كذا، وهذا خطر، وحكمه الشرعي كذا، قالوا: إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُالتوبة:65، تمثيلية، مسلسل فكاهي، كوميديا، قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْالتوبة:65-66، ماذا قال المنافقون في تلك الوقعة، هل سبوا الله علناً؟ لا، هل سبوا الرسول ﷺجهراً؟ لا، لا يستطيعون ذلك، مهما كان عندهم وقاحة، ومهما كان عندهم كفر، ومهما كان عندهم عناد، لكن هم يعرفون أن السب الصريح لا يمكن للجمهور أن يقبله، الجمهور لا زال فيه خير، الجمهور مسلم فما يقبل السب العلني الواضح الصريح، إذن ما هي الخطة؟ الذي قال المنافقون في غزوة تبوك عن الصحابة هو: "ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء"، لاحظ قرائنا، يعني: هؤلاء حفاظ القرآن، مثل هؤلاء المتطوعين، يلمزون المطوعين من المؤمنين، "ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً، ولا أجبن عند اللقاء"، فاتهموهم بأنهم أهل أكل، وأهل طعام، وجبناء، فهم لم يسبوا الله والرسول صراحة؛ لكن استهزءوا بالصالحين، بالمسلمين، بالقدوات، بالمؤمنين، وهذه الخطة التي تجدها في أفلام الكوميديات العربية اليوم، التي نسمع عنها، استهزاء بالصالحين، هناك نموذج لابد من محاربته، ومحاصرته، والقضاء عليه، نموذج المسلم المتدين المحافظ على دينه المتمسك بشرع الله، الحريص على الأحكام الشرعية الذي يطبقها في نفسه وأهله، الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويطلب العلم، ويريد الحكم الشرعي، ويدعو إلى الله، هذا لابد من شطبه وإلغاءه من المجتمع؛ لأن هذه الفئة هي التي تضر الكفار والمنافقين حقيقة، هذه أخطر فئة عليهم، ولذلك يناصبونهم العداء، ويحاربونهم، ويسخرون منهم، فإذا كانت السخرية بأي شخص يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْالحجرات:11، حتى لو مؤمن سخر من مؤمن حرام، فكيف إذا سخر المنافق من المؤمن لأجل إيمانه،
وليس هناك أي سبب يدعوه للسخرية منه غير التمسك بالدين، فلو كان سخر منه لشكله لكانت معصية، وفسق، وخروج عن طاعة الله، لو سخر منه مثلاً لخلق فيه، لطبع، لرائحة فمه الكريهة، لنسبه، لثيابه، لوضعه المعيشي، لطريقته في إدارة المنزل، في إدارة الشركة، سخر منه في قضية من القضايا الدنيوية، لكن أنت ترى أن المسلسلات تنصب على السخرية من أهل الدين لأجل تدينهم، ومن أهل الصلاح لأجل صلاحهم، ومن أهل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأجل أنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ومن أهل القضاء لأنهم يقضون بالشريعة؛ لأنه لا يوجد أي سبب آخر، هم ما سخروا من شكل، أو سخروا من طريقة دنيوية، هو القضية منصبة على الجانب الشرعي، يسخرون منهم لأجل دينهم، أو تمسكهم، وهكذا تجد أيضاً في بعض هذه المسلسلات سخرية من عامة المسلمين أحياناً لشعب، أو قبيلة، والله قال: وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُواالحجرات:13وليس لتباغضوا، أو تتسابوا، أو تتشاتموا، وقال: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌالحجرات:10، وتجد كذلك أن في بعض هذه المسلسلات حرص على فصل الدين عن الحياة، ما لا الدين والاقتصاد! ما لا الدين وهذه العلاقات الاجتماعية، الدين في المسجد، للصلاة، والصيام، والحمد لله نحن نصوم، ونصلي، ونزكي، ونحج، فالنبي ﷺ قال: بني الإسلام على خمس[رواه البخاري8 ومسلم16]، إذا أقمت أعمدة ولم يكن هناك بنيان، فأقمت ماذا؟ وضعت الأعمدة، وتركت البنيان، والبنيان فيه صلة الرحم، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإكرام الضيف، والصدق، والرحمة، والأخلاق الفاضلة، والمعاملة الحسنة، وفيه أذكار، وأدعية، وتلاوة قرآن، فيه أشياء كثيرة، الدين مليء بالخير.
عباد الله: نجد أن هذه المهاجمة للبيئات الصالحة، مثلاً: مركز صيفي فيه أخيار، حلقة تحفيظ قرآن، محكمة شرعية، ما معنى ذلك؟ معنى ذلك أن الهجوم لأجل أن هذه بيئات شرعية، أو فيها صلاح، أو فيها مصلحون، أو فيها خير، أو فيها أخيار، ولذلك الخطة تشويه سمعة هذه البيئات الطيبة، شن الغارة عليها، جعلها مسخرة، وهزل، وأنها فعلاً فيها إفساد، وفيها وفيها، وقد يقول قائل: ألا يوجد من تصرفات بعض هؤلاء الذين يقومون بأمور من الخير، والدين، والقضاء، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ألا يوجد عندهم أخطاء؟ فنقول: نعم، يوجد عندهم أخطاء، أليسوا بشراً، هل هم ملائكة؟ لكن أنت الآن لا تقتصر على تبيين الخطأ بالطريقة الشرعية، لو كانت القضية عادية، لا تسخر بها علناً، وإنما تذهب إلى هذا المخطئ وبينك وبينه تسر إليه بهذا، ولا تنصحه في الجماعة.
تعمدني بنصحك في انفرادِ | وجنبني النصيحة في الجماعة |
لماذا؟ حفاظاً على المشاعر، فكيف إذا كانت القضية الآن في تعميم نقد المخطأ ليشمل كل أهل الصلاح، فيخطأ مثلاً أحد المحتسبين في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيتشدد في قضية مثلاً ليست شرعاً فيها هذه الشدة مثلاً، فيكون اللمز، والغمز، والسخرية، والاستهزاء، والهجوم على كل المحتسبين، يخطأ قاضي مثلاً فربما تهاون بالدوام بالعمل، فيعمم هذا على كل القضاة، والمحاكم، والذين يحكمون بالشرعية من خلال المشهد، والتمثيلية.
أهمية هذا الموضوع
أيها الإخوة: القضية خطيرة جداً، ولها أبعاد، وأهل النفاق يعملون ليل نهار، ولا شك أن هذا العمل يحتاج إلى إنكار، ومواجهة، وإلا عم العذاب الجميع إذا سكتوا عن هذه المنكرات التي لها طبيعة العلنية، والتي فيها الاستهزاء بالشرع مع هؤلاء الناس الذين يتولون إقامتها، وتجد كذلك من المتناقضات، والطيش، والسفه، والحمق، ومظاهر الدناءة، وخرم المروءة كثير في هذه المشاهد، وأقل ما يقال عنهم أنهم خُرّام مروءة، فالمروءة تمنع القيام بمثل هذه الحركات، وإذا قالوا هذا أسلوب نقد من خلال المسلسلات، وأن للفن رسالة، مشاهد، تمثيلية، المقصود نقد الممارسات الاجتماعية الخاطئة، فنحن ننقد الجميع، يعني: ننقد القاضي، ورجل المرور، والكل، والمدرسين. نقول: هل هذا هو النقد؟ ومن الذي يبين الخطأ، وكيف يتم بيان الخطأ؟ وكيف لا يتعدى؟ وهل يصح مثلاً أن تستهزئ برجال المرور كلهم، وتسبهم، وتلعنهم، وتشوه سمعتهم لأجل أن رجل مرور أخطأ عليك، فركب مخالفة أنت لا تستحقها، أليس هذا ظلماً واعتداء؟ ماذا يعتبر في الشريعة؟ حتى عند العقلاء ماذا يعتبر تعميم الحكم على الجميع؟ أليس ظلماً وتعدياً.
وبعض الناس يجد في هذا تنفيس يقول: هذه المسلسلات تنفس عنا، يوجد احتقان من خلال الممارسات الاجتماعية الخاطئة، فنحن ننفس من خلال المسلسل، الإصلاح أن تذهب، وتنصح المخطئ فرادى وجماعات، يذهبون إلى هذا المخطئ ينصحونه، وإذا ما استجاب ينصحون رئيسه، ويكتبون، هذه طريقة الإصلاح يخاطبون، أما من خلال تنفيس فقد علمنا ماذا فعلت المسلسلات العربية السابقة في التنفيس أيام هزائم العرب على أيدي اليهود، وقد استعمل اليهود هذه الكوميديا العربية سابقاً في تخدير الأمة عند المصائب العظيمة التي مرت بها من خلال الهزائم النكراء.
عباد الله: إن هذا دين وأمانة في أعناقنا، ومسئولية، ويجب أن نقوم لله بالنصح، ويجب أن نبين بالحجة والبرهان.
اللهم إنا نسألك الطيبات، وفعل الخيرات، وترك المنكرات، وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين، اللهم تقبل صيامنا، وقيامنا، ودعاءنا، اللهم اختم بالصالحات أعمالنا، اللهم اجعلنا ممن صام رمضان إيماناً واحتساباً، وقامه إيماناً واحتساباً، واجزنا بالجزاء الأوفى يا رب العالمين، اللهم اجعلنا من أهل الفردوس الأعلى، أدخلنا الجنة مع الأبرار، أصلح نياتنا، وذرياتنا، وارحمنا ووالدينا وإخواننا المسلمين، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين يوم يقوم الحساب، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، أحينا مسلمين، وتوفنا مؤمنين، وألحقنا بالصالحين، اللهم هذا شهرك، وهذه جمعتك، ونحن عبادك نحتاج إلى رحمتك فلا تفرق هذا الجمع إلا بذنب مغفور، وعمل مبرور، وسعي متقبل مشكور، اللهم اجزنا به الجزاء الأوفى، اللهم انصر عبادك المؤمنين، وأذل الشرك والمشركين، وأهل النفاق والبدعة يا رب العالمين، اللهم انصر أهل السنة في العالمين، اللهم ارفع لواء هذا الدين، اللهم من أراد بأمن بلدنا وبلاد المسلمين سوء فامكر به، واقطع يده، ورد كيده في نحره، اللهم آمنا في الأوطان والدور، وأصلح الأئمة وولاة الأمور، واغفر لنا يا عزيز يا غفور.
إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.