الأحد 23 جمادى الأولى 1446 هـ :: 24 نوفمبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

ما هي كيفية الجلوس في الصلاة


ثم قال المصنّف -رحمه الله-: ويجلس على رجله اليسرى، وينصب اليمنى؛ وهو الافتراش، وجميع جلسات الصلاة افتراش إلا في التشهد الأخير فإنه يتورك؛ بأن يجلس على الأرض ويخرج رجله اليسرى من الخلف الأيمن.

وفي كلام المصنف -رحمه الله- بيان كيفية الجلوس في الصلاة سواء كان الجلوس بين السجدتين أو في التشهد الأول أو الأخير أو في أي تشهد في الصلاة؛ لأن الإنسان يمكن أن يتشهد في صلاة المغرب أربع مرات، كمن دخل في التشهد الأول مع الإمام في صلاة المغرب فهذا واحد، ثم قام مع الإمام للثالثة فلما جلس الإمام للتشهد الأخير فهذا الثاني بالنسبة للمأموم المسبوق، فلما سلم الإمام قام هذا المأموم فأتى بالركعة الثانية بالنسبة له ثم جلس؛ لأن بعد الركعتين في المغرب تشهد، فصارت ثلاث تشهدات، ثم أتى بالركعة الثالثة والأخيرة وجلس للتشهد الأخير فهذا الرابع.

فالآن يمكن أن يكون في الصلاة أكثر من تشهد خصوصًا إذا دخلت أنت مع الإمام في التشهد الأول في الصلاة الثلاثية والرباعية، فماذا تفعل في التشهدات؟ وكيف تجلس؟ كلها افتراش إلا الأخير، وصفة الافتراش أن يثني رجله اليسرى فيبسطها، ويجلس بوركه عليها، وينصب رجله اليمنى، ويجعل أطراف أصابعها إلى القبلة.

ويدل على سنية هذا الجلوس ما رواه مسلم -رحمه الله تعالى- عن عائشة -رضي الله عنها-: "أن النبي ﷺ كان يفرش رجله اليسرى، وينصب رجله اليمنى" [رواه مسلم: 498].

وعن ميمونة زوج النبي ﷺ قالت: "كان رسول الله ﷺ إذا قعد -يعني في الصلاة- اطمأن على فخذه اليسرى" [رواه مسلم: 497].

وفي البخاري عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: "إنما سنة الصلاة أن تنصب رجلك اليمنى، وتثني اليسرى" [رواه البخاري: 827]، فالافتراش في الجلوس إذن سنة ثابتة عن النبي ﷺ في الصلاة.

ويلاحظ أن بعض الناس يفترش اليسرى، ولكن لا ينصب اليمنى، وقد يكون لعلة في قدمه، أو ثقله، أو كبر سنه، فلا حرج، لكن من قدر على نصب اليمنى فلماذا لا ينصبها!.

وقد ثبتت هذه الهيئة والكيفية من الافتراش عن النبي ﷺ، والذي يطبق السنن حديثًا يعني ما كان يهتم بهذا، وما كان يعلم هذا، ثم بدأ يتعلم سنن الصلاة، وأن الجلسات في الصلاة سواء بين السجدتين أو التشهدات غير التشهد الأخير في الثلاثية والرباعية؛ كل هذه الجلسات افتراش، وأنه يفرش اليسرى يجلس عليها، وينصب اليمنى، ويثني أصابعها إلى القبلة، أول ما يطبق هذه السنن ربما يشعر بشيء من الصعوبة، وأن ثني الأصابع بالنسبة له فيه شيء من الألم، وهذا واقع؛ لأن مرونة أصابع ومفاصل وعظام أقدام الناس تختلف؛ فمنهم من يسهل أن يثني ويوجه، ومنهم من يصعب عليه ذلك.

لكن بالممارسة والتعود، كما أن الحلم بالتحلم، والصبر بالتصبر، يمكن أن يصل إلى الكيفية الواردة في السنة من نصب اليمنى وثني الأصابع لتتجه إلى القبلة؛ لأن افتراش اليسرى، سهل تفترش اليسرى وتجلس عليها، سهل، لكن نصب اليمنى وثني أصابع قدم اليمنى إلى القبلة فيه صعوبة على بعض الناس، والمسلم يتحرى حديث النبي -عليه الصلاة والسلام-: "صلوا كما رأيتموني أصلي"؛ لما في هذا من الفضل.

وقد روى النسائي عن عبد الله بن عمر قال: "من سنة الصلاة أن تنصب القدم اليمنى، واستقباله بأصابعها القبلة، والجلوس على اليسرى" وصححه الألباني. [رواه النسائي: 1158، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن النسائي].

وابن عمر كان في بعض هيئاته للصلاة لا يستطيع أن يطبّق السنة؛ لأنه في حادثة معينة اعتدى عليه اليهود فثدَّعوا يديه ورجليه؛ فصار لا يستطيع أن يأتي بكل هيئة السنة في صلاته، فلاحظ عليه بعضهم ذلك، فأخبره عن السبب.

فما ورد من أن ابن عمر كان لا يعمل ببعض هذا مع أنه يكاد يكون أشد الصحابة حرصًا على السنة من جهة الالتزام بها، حتى أنه ربما أتى في بعض الأحيان بما ليس من سنن العبادة، كبعض سنن العادة من شدة التحري، لكن في مثل هذا كان عدم إتيانه ببعضها نتيجة اعتداء يهودي عليه.

ويمكن أيضًا أن يكون من نتيجة كبر السن أيضًا، وأيضًا قد يكون لثقل الوزن سبب في هذا عند بعض من ينقل عنهم شيء من المخالفة لهذه السنن، فالشاهد أن ما ينقل عن بعض السلف مثلاً في هذا من خلاف الهيئات هذه: له أسباب، وليس يعني أنهم مفرطون أو غير حريصين على السنة كلا.