الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
ملخص الدرس الماضي
فقد تقدم معنا في شرح كتاب "منهج السالكين" للشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله تعالى- في أحكام النجاسات: ذكر ما يعفى عنه من النجاسات، وذكرنا أن مذهب جمهور أهل العلم: عدم العفو عن شيء من النجاسات إلا يسير الدم والقيح، وأن الأدلة لم تفرق بين كثير النجاسة وقليلها.
وذهب الحنفية وغيرهم إلى العفو عن يسير جميع النجاسات؛ لأن اليسير يشق التحرز منه، فعفي عنه، وضربوا مثلًا لذلك برشاش البول كرؤوس الإبر الذي لا يدركه الطرف، وما يحمله الذباب من النجاسات لا يدركه الطرف؛ فمثل هذا لا شك يعفى عنه؛ لأنه يشق على الناس التحرز من نجاسات يحملها الذباب، والشرع ما جاء لإعنات الناس، ولا لإحراجهم، ولا للمشقة عليهم.
ولا شك أن التحرز من مثل هذا اليسير جدًا التحرز منه يشق جدًا، ولذلك يسقط التحرز هذا، والإنسان غير مطالب في الحقيقة شرعًا بالتحرز من مثل هذا.
إذن، التحرز مما لا يرى أو لا يكاد يرى هذا لا يطالب به الإنسان شرعًا، وقد اختار هذا القول أيضًا وهو اليسير للغاية من النجاسات والتسامح فيه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، وتلميذه ابن القيم.
وذكرنا أن النجاسة في معدنها لا حكم لها، يعني البول في المثانة هل له حكم؟
لا.
متى يكون له حكم؟
إذا خرج، وهكذا البراز، وهكذا الدم في العروق والأوردة والشرايين ليس له حكم، متى يكون له حكم؟ متى نقول هذا نجس؟
إذا خرج وسال وغادر معدنه وفارقه.
وذكرنا أن الأقرب القول بطهارة دخان النجاسة، وأن البخار المتصاعد من الماء المتنجس لا يعتبر نجسًا.
وبينا اختلاف العلماء في جواز الانتفاع بالأشياء النجسة أو المتنجسة، وما هو الفرق بين النجس والمتنجس؟
النجس هو نجس العين كالعذرة الغائط نفسه.
والمتنجس ما أصيب بنجاسة من الطاهرات كالقماش كالسجاد، هذا إذا أصابته نجاسة يسمى متنجسًا.
وذكرنا أن أقرب الأقوال في المسألة جواز الانتفاع بالنجاسات في سائر وجوه الانتفاع ما لم يتضمن ذلك ملابستها ومخالطتها وملامستها فإنه لا يجوز.
إذن، أي انتفاع بالنجاسة فيه ملامسة للبدن لا يجوز.
الانتفاعات الأخرى، استعمال الميتة وقودًا يطلى بها السفن، الاستصباح بشحوم الميتة، إيقاده وجعله مصدر للإنارة، إشعاله، قلنا : بما أنه لا يلابس ولا يخالط الإنسان فلا بأس به، فيجوز استعماله بدون ملابسة ومخالطة، وأن قول النبي ﷺ لا، هو حرام [رواه البخاري: 2236، ومسلم: 1581] لما سئل: أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس؟ قلنا: الضمير في قوله: هو حرام يرجع على البيع على التحقيق والراجح، وأن بيع الميتة محرم ولو اشتمل على منافع.
فإذن، البيع هو المحرم.
وأما الاستعمال في غير الملابسة والمخالطة، فالراجح جوازه، والخبيث إنما تحرم ملابسته ظاهرًا وباطنًا، يعني لا يجوز أكله باطنًا، ولا يجوز الادهان به ظاهرًا أو ملابسته ومخالطته ظاهرًا، لكن شيء بعيد عن هذا، بعيد عن الملابسة والمخالطة ظاهرًا وباطنًا الراجح جوازه، وباب الانتفاع أوسع من باب البيع من الناحية الفقهية، باب الانتفاع في الشريعة أوسع من باب البيع، باب البيع أضيق، فالله إذا حرم شيئًا حرم ثمنه فلا يجوز بيعه، لكن يمكن أن ينتفع به بوجه آخر غير قضية الملابسة وغير قضية البيع، والخبيث إنما تحرم ملابسته باطنًا وظاهرًا كالأكل واللبس، وأما الانتفاع به أبعد من ذلك فلا يحرم، وليس كل ما حرم بيعه حرم الانتفاع به، فلا تلازم بينهما، فلا يؤخذ تحريم الانتفاع من تحريم البيع.
ثم تكلمنا عن مسألة التداوي بالنجاسة، وقلنا : الخمر لا يجوز التداوي بها مطلقًا، لقول النبي ﷺ إنها ليست بدواء، ولكنها داء [رواه مسلم: 1984].
وأما سائر النجاسات الأخرى ففيها خلاف بين أهل العلم، فمنهم من منع التداوي بجميع النجاسات لعموم الأدلة التي تمنع من التداوي بالمحرمات، وأن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها.
ومنهم من أجاز التداوي بالنجاسات دون الخمر، وهذا في مذهب الحنفية والشافعية.
ومنهم من فرق بين ظاهر البدن وباطنه فلا يجوز التداوي بها أكلًا وشربًا؛ لأن هذا باطل، ويجوز التداوي بها عن طريق ملابسة الجسد إذا وجدت الحاجة إلى ذلك، وهذا مذهب المالكية، ومذهب شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- واختاره من المعاصرين الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين.
ذكرنا أن النجاسة ثلاثة أوصاف: رائحة ولون وطعم، وربما يستغرب البعض موضوع الطعم، ويقول كيف من أوصاف النجاسة الطعم؟ كيف ستدخل النجاسة؟ كيف تدرك هذه الصفة؟ وهل فيه أحد سيستطعم النجاسة حتى نقول : هناك أحكام متعلقة بهذا، فما هو الجواب؟ لما ذكر الفقهاء من صفات النجاسة الطعم ماذا يقصدون بها؟
عندنا مسائل :
الجلالة، الحيوانات المتغذية على النجاسة، إذا ظهر طعم النجاسة في لحمها، والنبات إذا سقي بمياه المجاري والنجاسات بحيث ظهر ذلك في طعم الثمر، هنا تأتينا قضية أوصاف النجاسة اللون والرائحة والطعم، فتظهر عندنا الآن تطبيقات من جوانب أخرى لموضوع صفات النجاسة، وبالتالي ستترتب على ذلك أحكام، ما حكم الحيوانات التي تتغذى بالنجاسات؟
الموضوع هذا طرحه مهم من عدة جهات، يوجد أحيانًا في بعض الأماكن حيوانات تتغذى على نجاسات، وأحيانًا يقوم بعض أصحاب المداجن بوضع مزارع الدواجن بوضع مواد غذائية تشتمل على ميتة يأتون بعظام ميتة ودم الميتة ويطحنونها ويخلط ويجعل في أطعمة الدجاج، ونحوه للتسمين، وهذه أشياء قد يكون فيها خطورة صحية، هنا ممكن تتجلى المسألة عندنا، أو تأخذ أبعاد مثل ما ذكر في انفلونزا الدجاج، وانفلونزا الخنازير، وجنون البقر، أن بعض الحيوانات التي ظهرت فيها هذه الأمراض لوحظ أنها كانت تغذى بأعلاف مخلوط فيها ميتة ودم، أو مخلوط فيها أشياء خنزيرية، فالموضوع مهم من الناحية الصحية، ومن الناحية الشرعية في قضية النجاسة والطهارة، ما حكم تعاطي أو أكل لحوم هذه الحيوانات؟
وبالمناسبة استعمال هذا في الأعلاف مع الأسف عملية مشهورة، يعني في أنحاء من العالم يستعملونها ويقولون : هذا يسمن أو يجعلها مكتنزة باللحم فينتج عن ذلك مآسي صحية.
حكم الجلالة من الحيوانات
على أية حال، الحيوان الذي يتغذى على النجاسات يسمى عند العلماء بالجلالة، وقد جاء ذكر الجلالة في حديث ابن عباس أن النبي ﷺ نهى عن المجثمة، ولبن الجلالة، وعن الشرب من في السقاء[رواه الترمذي: 1825، وكذلك صححه الإمام النووي -رحمه الله-، وقال ابن حجر: "هو على شرط البخاري"، وصححه الألباني].
ما هي المجثمة؟
المجثمة هي كل حيوان ينصب ليتخذ غرضًا وهدفًا في الرمي ليقتل، وتكثر في الطير والأرانب مما يجثم بالأرض، يعني يلتصق بها ويلزمها.
وعن ابن عمر قال: "نهى رسول الله ﷺ عن أكل الجلالة وألبانها" [رواه الترمذي: 1824].
وعن عبد الله بن عمرو أن رسول اللهﷺ نهى يوم خيبر عن أكل لحوم الحمر الأهلية، وعن الجلالة، وعن ركوبها"، وهذا أين علاقته في موضوع في الباب ركوب الجلالة؟ العرق أنه قد يرشح منها عرق فيه رائحة النجاسة، فيختلط ببدن الإنسان الراكب لها وثيابه، قال: "وعن الجلالة وعن ركوبها وعن أكل لحمها" [رواه النسائي: 4447، وأحمد: 7039، وحسنه ابن حجر -رحمه الله- في الفتح].
من هذه الأحاديث: يتبين لنا أن المنهي عنه بالنسبة للجلالة ثلاثة أمور:
أولًا: أكل اللحم.
ثانيا: شرب اللبن.
ثالثا: الركوب.
قلنا : الجلالة يؤخذ اسمها من الجلة، والجلة في اللغة هي البعر كما ذكر القاسم بن سلام -رحمه الله- في "غريب الحديث"، وابن قتيبة كذلك.
وقال أبو داود -رحمه الله-: الجلالة هي التي تأكل العذرة.
وقال أحمد -رحمه الله-: الجلالة ما أكلت العذرة من الدواب والطير هذه تسمى جلالة.
فيمكن أن نقول اختصارًا : إن الجلالة هي كل ما يتغذى على النجاسات، أي حيوان يتغذى على النجاسات يسمى جلالة سواء كان من الإبل أو البقر أو الغنم أو الدجاج أو الأرانب أو الغزلان أو الأوز، ونحو ذلك.
وكذلك قال النووي -رحمه الله-: وتكون الجلالة بعيرًا وبقرة وشاة ودجاجة وأوزة، وغيرها.
أحوال الحيوان الذي يتغذى على النجاسة
الحيوان الذي يتغذى على النجاسة له أحوال:
أولًا: أن يكون تغذيه عليها قليلًا، وأغلب طعامه من الطيبات، فعندنا حيوانات كل الطعام الذي تأكله من الطيبات، وعندنا حيوانات أكثر طعامها من الطيبات، قد تنقر أو تأكل شيئًا من النجاسة، لكنه قليل، فهل اسم الجلالة يشملها أم لا؟
لا يشملها، قال الخطابي -رحمه الله-: "فأما إذا رعت الكلأ، واعتلفت الحب، وكانت تنال مع ذلك شيئاً من الجلة فليست بجلالة، وإنما هي كالدجاج ونحوها من الحيوان الذي ربما نال الشيء منها -يعني يسير-وغالب غذائه وعلفه من غيرها، فلا يكره أكله" [معالم السنن: 4/244].
معناها ما كانت نسبة النجاسة في علفه يسيرًا لا يعتبر من الجلالة ما دام غالب أكلها الطيب فإنها مباحة، والقاعدة تقول: العبرة لما غلب، أو العبرة بما غلب.
ثانيًا: العكس، ما هو العكس؟
أن يكون أكثر أكله من النجاسات بحيث يظهر تأثيره فيها كنتن اللحم ورائحته، فهذا يشمله النهي أم لا؟ بالتأكيد؛ لأن الأثر قد ظهر فلا يجوز أكل لحمه ولا بيضه ولا شرب لبنه ولا ركوبه؛ لأن النهي كان عن هذه الأشياء، قال الكاساني -رحمه الله-: "إنما تكون جلالة إذا تغيرت ووجد منها ريح منتنة، فهي الجلالة حينئذ لا يشرب لبنها، ولا يؤكل لحمها" [بدائع الصنائع: 5/ 40].
وقال الإمام إبراهيم الحربي -رحمه الله-: وإنما نهي عن ألبانها؛ لأن آكله يجد فيه طعم ما أكلت، وكذلك في لحومها ونهي عن ركوبها؛ لأنها تعرق، يقول الإمام الحربي: لأنها تعرق فتوجد رائحته في عرقها وراكبها لا يخلو أن يصيبه ذلك أو يجد رائحتها فإن تحفظ من ذلك جاز ركوبها، بمعنى لو أنه جعل على ظهرها مثلًا غطاء من البلاستيك أو غيره، بحيث يحول بينه وبين عرقها فلا يصيب ثيابه ولا ساقيه، يعني لو أنه غطاها تغطية بحيث ما يصيبه شيء من عرقها انتفى المحظور، فيجوز الركوب، قال: فإن تحفظ من ذلك جاز ركوبها ولم يجز شرب ألبانها ولا أكل لحمها إلا أن يصنع بها ما يزيلها ["غريب الحديث" للإمام أبي إسحاق الحربي].
ما هو الشيء الذي إذا صنعه بالجلالة أزال النجاسة؟ يطعمها علفًا طيبًا، يحبسها على علف، هذه طريقة الإزالة.
ثالثًا: أن يكون أكثر طعامها من النجاسات لكن لا يظهر تأثيره في لحمه ورائحته، هذه حالة تدخل في الثانية، لكن تختلف من جهة التأثير، فهي تشترك مع الحالة الثانية أن أكثر العلف نجس، لكن ما ظهر أثره لا رائحة ولا طعمًا، مثلًا في لحم الحيوان معناها أن هذا الحيوان يقوم بعمليات تحويلية هضمية أو امتصاصية أو تحويلية ما تظهر النجاسة في لحمه، فما حكمه؟ هل نقول : بما أن أكثر العلف نجس لا يجوز، وإلا نقول : بما أنه لم يظهر أثر النجاسة يجوز؟
العبرة بظهور آثار النجاسة الطعم واللون والريح.
النجاسة لها أوصاف، فإن ظهرت الأوصاف أو أحد الأوصاف أثبتنا الحكم، وإذا ما ظهر ولا وصف للنجاسة انتفى الحكم، هذا اجتهاد، طريقة تفكير واستنباط وجيه، صحيح هناك من قال بهذا من العلماء، قال : ما لنا في قضية الأكثر والأقل، هل ظهر أثر النجاسة طعمًا أو ريحًا في لحمها؟ هل ظهر في لحمها؟
فإن لم يظهر جاز، وإن ظهر لا يجوز، وهذا مذهب الحنفية والشافعية، قال صاحب "المبسوط" الحنفي، كيف المبسوط؟ يعني مسرور، كذا منشرح؟
المبسوط من البسط، أنه بسط فيه المسائل، بسط فيه وشرح وفرع ومثل وبوب وعنون، وأدخل جمع الأشياء الكثيرة، بسطه شرحًا، وما يمنع الواحد يكون مبسوطاً ومبسوطاً، قال الله -تعالى-: وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ [الإسراء: 29]، لكن المسرور يمكن أن يكون قد انبسطت أساريره وامتدت، فلذلك قال الناس: مبسوط، وبعض الناس يستعملها في الماديات، يقولون: فلان مبسوط، يعني من ناحية المال، والله ذكر في كتابه: إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء [الإسراء: 30]، وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ [البقرة: 247].
إذن، المهم البسط يأتي في الأشياء المعنوية، ويأتي في الأشياء الحسية، فيقول: تفسير الجلالة التي تعتاد أكل الجيف فيتغير لحمها، ويكون لحمها منتنًا، فحرم الأكل، انتهينا من هذه لأنه من الخبائث، قال: "وأما ما يخلط" يعني يخلط في طعامه يأكل من هذا ومن هذا، "وأما ما يخلط فيتناول الجيف، وغير الجيف على وجه لا يظهر أثر ذلك من لحمه، فلا بأس بأكله".
النووي من الشافعية قال: "لا اعتبار بالكثرة وإنما الاعتبار بالرائحة والنتن، فإن وجد في عرقها وغيره ريح النجاسة فجلالة تأخذ أحكامها وإلا فلا" [المجموع: 9/28].
وقال أبو المعالي الجويني: لا تعويل على الاستكثار من النجاسة والاستقلال منها، وإنما التعويل على ظهور الرائحة، وذلك يبين عند الذبح يمكن عند الذبح والسلخ يظهر من جهة الرائحة، وإذا أكل منها بان في الطعم [نهاية المطلب في دراية المذهب].
ماذا عند الحنابلة؟
قالوا : إذا كان أكثر طعامه من النجاسات فهو جلالة، ظهر ذلك في ريحه وطعمه أو لم يظهر جلالة، وقال ابن قدامة -رحمه الله-: "فإذا كان أكثر علفها النجاسة حرم لحمها ولبنها وإن كان أكثر علفها الطاهر لم يحرم أكلها ولا لبنها" [المغني: 9/ 413].
لو كان فيه آثار صحية تظهر لقضية التعاطي الكثير للنجاسة في علف الدواب غير الرائحة والطعم، مثل لو فرضنا طلع هناك علاقة بين جنون البقر وانفلونزا الطيور، لو طلع أن هذه الأمراض لها علاقة بإطعام الحيوانات نجاسة، فحتى لو ما ظهر اللون أو حتى لو ما ظهر الطعم والرائحة فيحرم أن تعلف بالنجاسة لأجل الضرر؛ لأن الشريعة جاءت بقاعدة: لا ضرر ولا ضرار، يعني ممكن يكون مذهب الحنابلة أسد إذا اكتشفنا مثلًا أن هناك علاقة بين العلف النجس وبين الأمراض التي تصيب آكل اللحم، هذا حتى لو ما ظهرت رائحة النجاسة وطعمها في اللحم، يمكن تنتج أمراض حتى لو ما ظهرت الرائحة والطعم، فلو اكتشفنا أن هناك علاقة ما، فسنقول : لا يجوز أكله لأنه ضار، ولا يجوز أن يعلف بهذا لأنه ينقل المرض، صار الآن من أسباب الإصابة بالمرض، وأنه يمرض آكله أو آكلها هذه المسألة، يعني لو قال واحد طالب طب : أعطنا مسألة نبحثها في الطب، نقول : خذوا هذه مسألة الجلالة، أيش علاقة وضع أشياء خنزيرية أو من الميتة أو من الدم في أعلاف الدواجن وأعلاف الماشية ما هو أثر هذا صحيًا؟ يعني ما هو أثر هذا على الآكل؟ هل تظهر أمراض نتيجة هذا الإعلاف؟ الإعلاف ما هو فقط قضية الآن الرائحة والطعم ممكن تكون هناك أمراض تنتقل.
متى يحل أكل الجلالة؟
متى يحل ويباح أكل الجلالة؟
لا يحل أكل لحمها حتى تزول منها آثار النتن والخبث، وذلك بحبسها على طعام طيب طاهر، قال ابن قدامة -رحمه الله-: "وتزول الكراهة بحبسها اتفاقًا" [المغني: 9/ 414] يعني بين المذاهب بالاتفاق.
وقال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "فإذا حبست حتى تطيب كانت حلالًا باتفاق المسلمين، حبست حتى تطيب؛ لأنها قبل ذلك يظهر أثر النجاسة في لبنها وبيضها وعرقها فيظهر نتن النجاسة وخبثها، فإذا زال ذلك عادت طاهرة فإن الحكم إذا ثبت بعلة زال بزوالها" [مجموع الفتاوى: 21/ 618].
اكتبوا هذه العبارة "فإن الحكم إذا ثبت بعلة زال بزوالها" هذه قاعدة مهمة لطالب العلم.
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله-: والمعتبر في جواز أكل الجلالة زوال رائحة النجاسة بعد أن تعلف بالشيء الطاهر على الصحيح" [فتح الباري: 9/ 648].
أما الإمام النووي -رحمه الله- فقد قال: ولو حبست بعد ظهور النتن وعلفت شيئًا طاهرًا فزالت الرائحة ثم ذبحت فلا كراهة فيها قطعًا.
ما هو القدر الذي تحبس فيه هل هو أيام معينة؟ هل يضبط بزمان معين؟
قالوا : ليس له حد معين، وإنما الاعتبار بما يعلم في العادة أو الظن الغالب، الظن أن رائحة النجاسة تزول في مثل هذه المدة، وهذه قضية خبرة فخبراء الدواجن، خبراء الماشية بهيمة الأنعام يستطيعون أن يقدروا ذلك، وما هو شرط تكون الخبرة عن دراسة شهادات قد يكون راعي غنم، نعم يعرف هذا، ما رأيكم بغسل اللحم؟ هل يزيل حكم الجلالة؟ هذه جلالة أكثر طعامها نجاسة، وظهرت النجاسة، أو ظهر أثر النجاسة عليها فصارت رائحتها رائحة نجاسة هل يزول حكم الجلالة بغسل اللحم أم لا؟ لا يزول، شيء داخل في تركيبه، ولذلك قال النووي -رحمه الله-: "ولو لم تعلف" يعني بشيء طاهر تحبس عليه، "لم يزل المنع بغسل اللحم، ولا بالطبخ وإن زالت الرائحة به" [المجموع: 9/ 29].
يعني ممكن نحط بهارات وأشياء تضيع الرائحة، لكن الحكم ما ضاع، موجود، من الفقهاء من قدر بناء على كلام أهل الخبرة زمنًا معينًا تحبس فيه على علف طاهر وقال : بهذه المدة تزول النجاسة، إذا حبست على علف طاهر، لكن قالوا : هذا يختلف باختلاف الحيوان، فالدجاج له مدة، والغنم له مدة، وهكذا فمثلًا قالوا : في الإبل والبقر أربعون يومًا، إذا كانت جلالة ما تزول، ما يزول الحكم بالتحريم إلا إذا علفت وحبست على أربعين يوم علف، قالوا : وفي الغنم سبعة أيام، وفي الدجاج ثلاثة أيام، جاء عن ابن عمر موقوفًا بسند صحيح: أنه كان يحبس الدجاجة الجلالة ثلاثًا، وهذا الحديث في مصنف ابن أبي شيبة -رحمه الله- [مصنف ابن أبي شيبة: 5/ 148].
الآن أكل لحم الجلالة محرم أو مكروه؟ مذهب الحنابلة تحريم أكل لحمها وبيضها وشرب لبنها، وكراهة الركوب ["الإنصاف"، و "شرح منتهى الإرادات"].
مذهب الحنفية والشافعية ورواية عن أحمد كراهة الأكل والشرب والركوب، والمالكية لا يكرهون أكل الجلالة مطلقًا.
ويقول بعضهم: إن النجاسة التي أكلتها الدابة قد تحولت إلى دم ولحم وغير ذلك مما ينمو به الجسم فيكون طاهرًا فلم يبق لها حكم، ولأنه حيوان أصله الإباحة لا ينجس بأكل النجاسات، كما أن شارب الخمر لا يحكم بتنجيس أعضائه، والكافر الذي يأكل الخنزير والمحرمات لا يحكم بنجاسة ظاهره، يعني عرق الكافر طاهر مع أنه يأكل نجاسات، قال الخطابي: "كره أكل لحومها وألبانها تنزهاً وتنظفاً، وذلك أنها إذا اغتذت بها وجد نتن رائحتها في لحومها" [معالم السنن: 4/ 244].
قال الحافظ: "وذهب جماعة من الشافعية وهو قول الحنابلة إلى أن النهي للتحريم" الأصل أن النهي للتحريم، وهذه أشياء تضر، والشريعة تراعي مصالح أجساد العباد، والأصل أن النهي للتحريم، قال: "وذهب جماعة من الشافعية، وهو قول الحنابلة إلى أن النهي للتحريم، وبه جزم ابن دقيق العيد عن الفقهاء، وهو الذي صححه أبو إسحاق المروزي والقفال وإمام الحرمين والبغوي والغزالي" هذا كلام ابن حجر "وألحقوا بلبنها ولحمها بيضها" [فتح الباري: 9/648].
ولعل هذا هو الأرجح -والله أعلم- أن النهي للتحريم، وهذا هو الأصل، وإذا أردنا أن نقول بالكراهة فلابد من صارف، الذين قالوا بالكراهة ذكروا عللًا، لكن الحقيقة إذا أردنا أن نستحضر عظمة التشريع وكمال التشريع، وأنه يهتم بأجساد العباد ويهتم بالصحة، وأن هذه النجاسات أضرار تدخل إلى الجوف، وأن لها تأثيرًا، الأكل يؤثر في الآكل، وإذا ما أثر صحيًا وبدنيًا وجسديًا يؤثر طبائعيًا، ونهينا عن أكل لحوم السباع؛ لأنها مفترسة عدوانية، ولا يبعد أن ينتقل إلى آكلها طبع العدوانية السبعية الافتراسية، ينتقل إليه إذا كان ﷺ قال في الرعاة ومخالطتهم للدواب خارجية الفخر والخيلاء في الفدادين أهل الوبر، والسكينة في أهل الغنم [رواه البخاري: 3499، ومسلم: 52] الفداد الذي يصيح يرفع صوته، والرعاة هؤلاء أهل الإبل.
فإذن، كذلك الذي يأكل لحوم ظهرت فيها آثار النجاسة، فقد يتأثر ظاهره، يعني يعتل يمرض.
وكذلك قد يصيب باطنه ما يصيبه، ظهرت الآن دراسات تبين تأثير بعض هذه الحيوانات التي تتغذى على الميتة وعلى الخنزير وعلى الدم المفسوح وعظام الميتة المسحوقة، إذا ثبت أن لها أضرارًا على الأجساد مثل هذه الأمراض الجديدة التي ظهرت الآن، هذا يبين لنا أبعادًا أخرى في الشرع لعملية المنع، نهى عن أكل الجلالة وشرب ألبانها وركوبها.
حكم ثمار الأشجار والنباتات المتغذية بالنجاسات
حكم ثمار الأشجار والنباتات المتغذية بالنجاسات، عندنا الآن أسمدة لنباتات قد تكون نجسة، وعندنا أيضًا سقي النباتات بمياه المجاري التي فيها نجاسات، ما حكم الخضار والفواكه التي يستعمل في تسميدها أنواع يخلط فيها ما يخلط لتسريع الانتاج وزيادة المنتج وتضخيمه ومن ضمن هذه الأسمدة روث الخنزير سواء بتسييله أو إضافته إلى السماد في حالته الصلبة، ونحو ذلك؟
من العلماء من قال: ما سقي من الزروع والثمار بالنجاسات أو سمد به نجس كالجلالة؛ لأنه يتغذى بالنجاسات وتترقى فيه أجزاؤها، يعني أجزاء النجاسة تترقى في الشجرة وفي الأغصان وفي الثمار فأشبه الجلالة.
كيف تطهر؟
قالوا : بسقيها بالطاهرات، كالجلالة إذا حبست على الطاهرات.
وذهب جمهور أهل العلم من الحنفية والمالكية والشافعية إلى أنه يجوز تسميد النباتات والأشجار والمزروعات بأسمدة متخذة من روث الحيوانات مأكولة اللحم، أو غير مأكولة اللحم، أو أجزاء من الميتة أو فضلات الإنسان، قال ابن القيم: "جوز جمهور العلماء الانتفاع بالسرقين" [زاد المعاد: 5/667]، وهو الزبل والروث النجس.
وقال النووي: "يجوز تسميد الأرض بالزبل النجس"[المجموع: 4/ 448]؛ لأن الزبل الطاهر ما هو روث، حيوانات مأكولة اللحم.
أما النجس فهو ما يكون من حيوانات غير مأكولة اللحم أو من الإنسان أو من الخنزير مثلًا، وهؤلاء قالوا : إن هذا لا تأثير له على الثمرة في لون ورائحة وطعم النجاسة، يعني لو أخذنا كلام ابن حزم في "المحلى" يقول: "والزبل والبراز والبول والماء والتراب يستحيل كل ذلك في النخلة ورقًا ورطبًا" يعني أن النبات ينقيه، وتكون هناك عمليات تحويلية داخل الشجرة تصفي وتنقي، فالنجاسة هذه تستحيل-يعني تتحول- تستحيل شيئًا آخر قال: "فليس شيء من ذلك حينئذ زبلًا ولا ترابًا ولا ماء، بل هو رطب حلال طيب، والعين واحدة، وهكذا في سائر النبات كله" [المحلى: 1/ 164].
نلاحظ اختلاف العلماء في المسألة فبعضهم، قال: إن النبات الذي يسمد بأسمدة نجسة لا يجوز الأكل من ثمره إذا ظهر أثر النجاسة فيها، تقول لي : شجرة رمان نبتت عند بيارة، بيارة استعمال بعض القوم هي خزان النجاسات، بيارة عند قوم آخرين مزارع البرتقال والحمضيات في الشام في فلسطين، أظن البيارة لها تعريف غير جدة شفط ومشاكل.
الشاهد: من العلماء من قال إذا كان النبات يسمد بأسمدة نجسة فإذا ظهر طعم أو لون أو رائحة النجاسة في الثمار لا يجوز أكلها.
ومنهم من قال: أنه يجوز أكل ما سمد بالأسمدة النجسة؛ لأن النبات أصلًا يحول هذا ويغير التركيب ويمتص بطريقة تجعله في النهاية غير مؤثر، في "فتاوى اللجنة الدائمة": إذا لم يظهر أثر النجاسات في طعم ثمار هذه النخيل أو ريحها فإنه يباح أكلها؛ لأن الأصل إباحة أكلها إلا إذا ظهر أثر النجاسة في طعمها أو ريحها فإنه يحرم تناولها.
فإذن، "فتوى اللجنة" كانت بناء على وجود الدليل والأثر، وجد قلنا بالتحريم، ما وجد باق على الأصل وهو الإباحة.
حكم سؤر الآدمي والحيوان
من مسائل النجاسات: سؤر الآدمي والحيوان.
السؤر بقية الشيء، وجمعه آسار.
والسؤر في الاصطلاح هو فضلة الشرب وبقية الماء التي يبقيها الشارب في الإناء أو في الحوض ثم استعير لبقية الطعام، يعني واحد أكل، بقيت بقية تسمى سؤرًا، شرب بقيت بقية يسمى سؤرًا، قال النووي -رحمه الله-: "مراد الفقهاء بقولهم سؤر الحيوان طاهر أو نجس يعني لعابه ورطوبة فمه" [المجموع: 1/172].
فإذن، بحثنا الآن السؤر البقية بعد الشراب وبعد الأكل التي اختلطت بلعاب الشارب والآكل، قد يكون إنسانًا، قد يكون حيوانًا، قد يكون مأكول اللحم، قد يكون غير مأكول اللحم؛ ما حكمه؟
السؤر، البقية التي خالطها اللعاب، ما حكمه؟ هذه هي المسألة.
أولًا: سؤر الآدمي طاهر سواء كان مسلمًا أو كافرًا جنبًا أو حائضًا، هذه قاعدة سؤر الإنسان طاهر أيًا كان حال الإنسان هذا، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كنت أشرب وأنا حائض ثم أناوله النبي ﷺ فيضع فاه على موضع في فيشرب وأتعرق العرق وأنا حائض، ثم أناوله النبي ﷺ فيضع فاه على موضع في" [رواه مسلم: 300].
قال ابن قدامة: وسؤره يعني الآدمي طاهر سواء كان مسلمًا أم كافرًا عند عامة أهل العلم.
ثانيًا: سؤر الحيوان المأكول اللحم طاهر، قال ابن المنذر: "أجمع أهل العلم على أن سؤر ما أكل لحمه يجوز شربه، والوضوء به"[المغني، لابن قدامة: 1/38].
قال محمد بن نصر المروزي -رحمه الله-: "أما سؤر ما أكل لحمه فلا اختلاف في أنه لا بأس به" [اختلاف الفقها، ص: 102].
ثالثًا: سؤر الحيوانات التي تخالط الناس ويصعب التحرز منها، يعني هي غير مأكولة اللحم كالهر والحمار والبغل والفأر وسواكن البيوت، حديث النبي ﷺ إنها ليست بنجس، إنما هي من الطوافين عليكم والطوافات" رواه أصحاب السنن الأربعة [رواه أبو داود: 75، والترمذي: 92، والنسائي: 68، وابن ماجه: 367].
رابعًا: سؤر الكلب والخنزير، نجس لأنهما نجسان.
خامسًا: سؤر سباع البهائم والطيور الجارحة غير مأكولة اللحم، هذه محل خلاف بين العلماء، فمذهب الحنفية والحنابلة أنه نجس، والمالكية والشافعية أنه طاهر.
وفي فتاوى اللجنة الدائمة: الراجح طهارة سؤر البغل والحمار الأهلي وسباع البهائم كالذئب والنمر والأسد وجوارح الطير كالصقر والحدأة.
طبعًا فتوى اللجنة خلافًا لمذهب الحنابلة، خلافًا للمذهب؛ لأن المذهب يقول بنجاسة هذه الأشياء، ففتوى اللجنة وافقت مذهب المالكية والشافعية، قالت اللجنة: وهذا هو الذي صححه أبو محمد ابن قدامة -رحمه الله- في المغني.
إذن، حتى ابن قدامة خالف المذهب في هذه المسألة، قالت اللجنة: وهو الموافق للأدلة الشرعية.
هذه مسألة تحتاجها، قد يلغ مثلًا يشرب من مكان سبع من السباع يجوز أنت أن تتوضأ منه، يجوز أن تشرب منه، وتتذكرون قصة الملك الظالم الذي غضب على عالم وأمر برميه أو بحبسه مع أسد في زنزانة، فلعل ذلك الرجل كان له من ولاية الله نصيب فلم يقربه الأسد، بل جلس عنده كما يجلس الكلب في الحراسة باسط ذراعيه في الزنزانة، فلما جاؤوا لإخراجه أخبرهم أنه كان يفكر، هل لعاب الأسد هذا طاهر أو نجس؟ فهم كانوا يظنونه يفكر كيف سيؤكل؟
وهو كان يفكر ما هو الراجح؟ هل هذا لعاب الأسد طاهر أو نجس؟
ملخص للدرس
تلخيصًا لما سبق: النجس في اللغة: القذر.
وفي اصطلاح العلماء: عين مستقذرة شرعًا.
وكل نجس مستقذر، وليس كل مستقذر نجس.
قلنا : النجاسة قسمان:
نجاسة حسية، وهي الأعيان المحسوسة التي حكم الشرع بنجاستها وقذارتها كالبول والغائط والخنزير.
ونجاسة معنوية، وهي نجاسة الكفر والفسوق والعصيان.
وعرفنا أن النجس هو العين التي حكمت الشريعة بنجاستها أو عليها بالنجاسة.
فما هو نجس عينًا كالكلب والخنزير والبول يقال : نجاسته عينية.
وأما المتنجس فهو ما كان طاهرًا في أصله كالقماش، بدن الإنسان وأصابته النجاسة، وتسمى هذه النجاسة نجاسة حكمية.
فالنجس نجاسة عينية لا يمكن تطهيره.
وأما المتنجس فيمكن تطهيره.
النجاسة الحكمية بحسب كيفية تطهيرها ثلاثة أقسام: مغلظة، ومتوسطة، ومخففة.
المغلظة نجاسة الكلب، ولابد من غسلها سبعًا إحداهن بالتراب.
والمخففة بول الغلام الذي لم يأكل الطعام، وكذلك المذي إذا أصاب الثوب يكفي الرش والنضح.
النجاسة المتوسطة هي سائر النجاسات الأخرى كالبول والدم والميتة لا يشترط في تطهيرها عدد معين، وإنما يجب الغسل حتى تزول النجاسة وأوصافها ولو كان من غسلة واحدة.
تطهير الأشياء المتنجسة يتوقف على أمرين: إزالة عين النجاسة، وصفات النجاسة الطعم واللون والرائحة.
لا يشترط في الغسل عدد معين، بل الواجب الغسل حتى تزول عين النجاسة، وآثار النجاسة.
إزالة النجاسة يكون بالماء فقط عند الجمهور.
ومذهب أبي حنيفة أنه يجوز بأي مزيل، يعني إذا زالت النجاسة بأي مزيل صح ذلك.
من وسائل التطهير غير الماء: المسح، الجفاف، الدلك، تكرار المشي في الثوب الطويل للمرأة.
يشترط لانتقال النجاسة من العين النجسة للعين الطاهرة أن يكون أحدهما: رطبًا، وأما إذا مس جاف جافًا فلا تنتقل النجاسة.
الأعيان النجسة هي: البول، والغائط، والدم، والكلب، والخنزير، وسباع البهائم، عند الحنابلة، والميتة والقيح والصديد والمذي والودي والقيء المتغير، والخمر من الأعيان التي قد يظن نجاستها وهي طاهرة أو قال بعض العلماء بنجاستها، والأرجح: أنها طاهرة.
بول وروث ما يؤكل لحمه، الدم غير المسفوح، دم ما لا نفس له سائلة؛ كدم الذباب والبراغيث، ودم الأسماك والحيتان، ودم الشهيد طاهر.
الحيوانات التي تخالط الناس ويشق تحرزهم عنها ولو كانت غير مأكولة اللحم أو من السباع فهي طاهرة كالهرة والحمار والبغل والفأر، وغيرها من سواكن البيوت.
ميتة الآدمي وميتة السمك والجراد وميتة ما لا نفس له سائلة طاهرة، وكذلك أجزاء الميتة التي لا تحلها الحياة كالشعر والصوف والريش فهي طاهرة.
من الفضلات الخارجة من بدن الإنسان وهي طاهرة: اللعاب والمخاط والعرق والدمع والنخامة، ومني الآدمي على الراجح، ورطوبة فرج المرأة، ولبن وحليب الأم.
الأعيان النجسة وهي على حالها لا يمكن تطهيرها بأي حال من الأحوال.
الكلب لو غسل بجميع مياه البحار يبقى نجسًا.
الخنزير والميتة وغيرها من النجاسات العينية لا يمكن تطهيرها بأي حال.
إذا تحولت الأعيان النجسة عن حالها واستحالت إلى عين أخرى فإنها تصبح طاهرة على الراجح كالميتة إذا صارت ملحًا مثلًا، وهذا مذهب الحنفية وشيخ الإسلام -رحمه الله-.
هذا ملخص لما تقدم من أحكام النجاسات.
ونتابع الشرح بمشيئة الله -تعالى- في الدرس القادم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.