الأربعاء 6 ربيع الآخر 1446 هـ :: 9 أكتوبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

هل قول أما بعد في الخطبة سنة؟


يستحب للخطيب بعد الحمد والثناء أن يقول: أما بعد؛ تأسيًا بالنبي ﷺ وهذه الكلمة يؤتى بها للانتقال من أسلوب إلى آخر، ولذلك لا يصح في اللغة الإتيان بها في أول الكلام.

ويستحب الإتيان بها في الخطب والمكاتبات اقتداء برسول الله ﷺ كما في المغني المحتاج.

وقد عقد البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه بابًا في استحباب ذلك؛ فقال: "باب من قال في الخطبة بعد الثناء: أما بعد" [صحيح البخاري: 2/10]، وذكر فيه جملة من الأحاديث، كلها تشتمل على قول أما بعد.

فإذن، هذه الكلمة سنّة ثابتة عن النبي ﷺ في أكثر من ثلاثين حديثًا.

قال ابن مفلح: "رواه عنه اثنان وثلاثون صحابيًا" [شرح الزرقاني: 10/505].

يعني قول: "أما بعد" في الخطبة، ولا تقوم الواو مقام أما، وإن جرى كثير من المؤلفين والمتحدثين على الاقتصار عليها دون أما، يعني: الحمد لله وبعد، وأشار بعض من ألّف من المتأخرين أنها تقوم مقامها، كما في شرح المواهب للزرقاني وغيره نظرًا لشيوعها وكثرتها، وإلا فالأصل: "أما بعد".

والسنة: أما بعد، ولا حاجة ولا داعي للإتيان بثم قبلها، يعني ما يحتاج، ما تقول ثم أما بعد، وإن كان يصح، فإذا قلت: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله نبينا محمد، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد، يكفي، ولم يرد في النصوص: ثم أما بعد، يعني في المرفوع عن النبي ﷺ.

وأهل العلم مختلفون في أول من قال: أما بعد من العرب على ثمانية أقوال أجملها الشاعر:

جرى الخلف أما بعد من كان باديًا بها عد أقوالاً وداود أقرب
ويعقوب وأيوب الصبور وآدم وقس وسحبان وكعب ويعرُب

لأنه قيل أن هذا أول واحد قالها، قيل هذا أول واحد قالها، ولعل أقرب الأقوال -والله أعلم- أن الذي قالها داود ؛ لأن الله قال عنه: وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ  [ص: 20].