الخميس 20 جمادى الأولى 1446 هـ :: 21 نوفمبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

هل يشترط أن تكون خطبة الجمعة بالعربية ؟


أن تكون باللغة العربية، إلا إذا كان السامعون جميعًا لا يعرفون العربية فإنه يخطب بلغتهم، وهذا قول الشافعية، وذكرنا تفصيلها في المسألة في الدرس السابق.

وقد بين الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- سبب اختلاف العلماء في هذه المسألة، فقال: "منع من ذلك -يعني أن تكون الخطبة بالأعجمية- بعض أهل العلم سدًا للذريعة، ومحافظة على اللغة العربية؛ ولأن النبي ﷺ كان يفعل ذلك، وفعله ﷺ مفسّر لما هو واجب، وهو الأمر بإقامة الجمعة والسعي إليها والاستماع إلى ذكر الله الذي ورد في القرآن، وما فسّر الواجب فهو واجب، وعلى هذا سار الأسلاف حتى إنهم كانوا يلقونها بالعربية في بلاد الأعاجم وغيرها، وحثًا للناس على تعلم اللغة العربية التي هي لغة القرآن.

وذهب آخرون من أهل العلم إلى جواز ذلك" يعني: جواز أن تلقى الخطبة بغير اللغة العربية، يقول: "وذلك إذا كان المخاطبون أو أكثرهم لا يعرفون اللغة العربية" والإجازة من أي باب؟ قال: "نظرًا للمعنى الذي من أجله شرع الله الخطبة؛ وهو إبلاغ الناس حتى يفهموا ما شرعه الله لهم، وما نهاهم عنه"؛ فإذا نظرتَ إلى مقصود الخطبة وهو تفهيم الناس لا يتم إلا بلغتهم.

"وبناء على أن القصد هو مراعاة المعاني والمقاصد، الذي هو أولى من مراعاة الألفاظ والرسوم؛ لأن المنع من ذلك والناس لا يفهمون -لو قلنا ممنوع إدخال لغة أخرى غير العربية في الخطبة- يذهب المقصود الذي شُرعت من أجله الخطبة، وهو التذكير والبلاغ"، فإذا خطب بالعربية والقوم جميعًا لا يعرفون العربية فماذا تقع خطبته من نفوسهم؟

قال: "ولعل الأظهر والأقرب -والله أعلم- أن يفصّل في المسألة، فيقال: إن كان معظم من في المسجد من الأعاجم الذين لا يفهمون اللغة العربية، فلا بأس من إلقائها بغير العربية، أو إلقائها بالعربية ثم ترجمتها".

والشيخ عنده في الأمر سعة يجوز أن يلقي الأولى بالعربية، والخطبة الثانية بالأعجمية، أن يلقي العكس، أن يلقيها كلها بالعربية ثم يترجم بعد الصلاة، أن يلقي فقرة بالعربية ثم يترجمها، ثم فقرة بالعربية ثم يترجمها، الأمر في هذا واسع عنده رحمه الله.

يقول: "وأما إن كان الغالب على الحضور هم ممن يفهمون اللغة العربية، ويدركون معانيها في الجملة؛ فالأولى والأظهر الإبقاء على اللغة العربية، وعدم مخالفة هدْي النبي ﷺ، لا سيما وقد كان السلف يخطبون في مساجد يوجد بها أعاجم، ولم ينقل عنهم أنهم كانوا يترجمون ذلك؛ لأن العزة كانت للإسلام، والكثرة والسيادة للغة العربية" يعني يحس الجالس أنه لابد أن يتعلم حتى يفهم، فالسيادة للعربية، ويشعر الجالس بالحاجة للعربية، ولذلك كان الوضع يفرض هذه اللغة، كانت قضية سيادة، وأمر مفروغ منه، فيخطب بالعربي يعني كلهم لابد أن يفهموا يتعلم يدبر نفسه.

أما لما صارت المسألة فيها تراخي، أو السيادة للغة الأعجمية في تلك البلد، فتصبح العربية شيء ثانٍ، تصبح أمرًا ثانيًا درجة ثانية، مع الأسف، "وأما ما يدل على الجواز، يعني جواز أن تلقى الخطبة باللغة الأعجمية أو لغة القوم عند الحاجة فإن لذلك أصلاً في الشريعة وهو قوله تعالى:  وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ [إبراهيم: 4]".

وكذلك قال الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين -رحمه الله-: "إن كان يخطب في عرب فلابد أن تكون بالعربية، وإن كان يخطب في غير العرب قال بعض العلماء: لابد أن يخطب أولاً بالعربية، ثم يخطب بلغة القوم الذين عنده، وقال آخرون: لا يشترط أن تكون بالعربية، بل يجب أن يخطب بلغة القوم الذين يخطب بهم، وهذا هو الصحيح يقول الشيخ لقوله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ [إبراهيم: 4]، ولا يمكن أن ينصرف الناس عن موعظة وهم لا يعلمون ماذا قال الخطيب، والخطبتان ليستا مما يُتعبّد بألفاظهما حتى نقول لابد أن تكون باللغة العربية، لكن إذا مر بالآية فلابد أن تكون بالعربية؛ لأن القرآن لا يجوز أن يغير عن اللغة العربية" والقرآن لا تجوز ترجمته، ولا يمكن ترجمته، صح كيف الذي يصير الآن هذه ترجمة معاني القرآن، هذا المترجم الآن المطبوع هذا تفسير باللغة الإنجليزية، تفسير باللغة الفرنسية، تفسير شرح المعاني باللغة النيبالية.

أما القرآن فلا يمكن أصلاً أن يُترجم، ولا يوجد أي لغة تساوي العربية حتى نقول هذه الكلمة تساوي هذه الكلمة، فلا يمكن أن يُترجم، وقد قاله الله بالعربية، فلا يمكن ترجمة القرآن بغير العربية، وإنما تُترجم المعاني، ولذلك فإن حكم الترجمة حكم التفسير، يجوز أن تمس الحائض الترجمة، أما القرآن العربي فلا يجوز مسّه للحائض، حتى المحدث والجنُب، لكن الشاهد أن العربية لابد منها في آيات القرآن عند تلاوتها في الخطبة، هذا كلام الشيخ.

"لكن إذا مر بالآية فلابد أن تكون بالعربية؛ لأن القرآن لا يجوز أن يغير عن اللغة العربية"، وفي هذه القضية يعني قضية الخطبة بالأعجمية غير العربية؛ لأن المسألة هذه مسألة عالمية يُحتاج إليها، والأقليات والمسلمون الخارج، "فكان مما عرض على مجمع الفقه الإسلامي، وجاء في قرارهم الرأي الأعدل أن اللغة العربية في أداء خطبة الجمعة والعيدين في غير البلاد الناطقة بها ليست شرطًا لصحتها، ولكن الأحسن"، ولكن هناك في قرار مجلس المجمع الفقهي "ولكن الأحسن أداء مقدمات الخطبة وما تضمنته من آيات قرآنية باللغة العربية؛ لتعويد غير العرب على سماع العربية والقرآن".

إذن، هناك مصلحة أن يؤتى ببعض الأشياء في الخطبة باللغة العربية على الأقل الأعاجم يعني يتعودون يألفون يحسون بأهمية الموضوع، بالحاجة، يتحسر أنه لا يعرف اللغة العربية، وأن هنالك كلامًا لم يفقهه؛ فيوجد ذلك عنده باعثًا لتعلم العربية، بل إن قراءتها وذكر أشياء بالعربية في الخطبة ربما يكون طريقًا للتعليم؛ لأنهم يبدأون يميزون، هو يبدأ يميز أن هذه كذا وهذه كذا، فيبدأ يميز الحمد لله مثلاً الحمد لله.