والموالاة بين أجزاء الخطبة أيضًا من شروطها، فإن فصل بعضها عن بعض بكلام طويل، أو سكوت طويل، أو غير ذلك مما يقطع الموالاة استأنفها.
والمرجع في طول الفصل وقصره يعود إلى العُرف، وأما حديث أبي رفاعة قال: "انتهيت إلى النبي ﷺ وهو يخطب فقلت: يا رسول الله، رجل غريب جاء يسأل عن دينه لا يدري ما دينه؟ فأقبل عليّ رسول الله ﷺ وترك خطبته حتى انتهى إليّ، فأُتي بكرسي حسبت قوائمه حديدًا، فقعد عليه رسول الله ﷺ وجعل يعلّمني مما علّمه الله، ثم أتى خطبته فأتمّ آخرها" [رواه مسلم: 876].
قال النووي -رحمه الله-: "ويحتمل أن هذه الخطبة التي كان النبي ﷺ فيها خطبة غير الجمعة" يعني كما كان يجمعهم فيخطب بهم، يحدث طارئ فينادي بلال الناس، فيجتمعون فيخطب بهم، فهذا احتمال؛ لأنه عندنا الآن قضية الفصل؛ لأنا قلنا: إن الفصل الطويل لا بد معه من ابتداء الخطبة أو إعادتها من أولها، وحديث رفاعة أن النبي ﷺ قطع الخطبة، وقعد على الكرسي يعلّمه؟ قال النووي: احتمالاً أن هذه الخطبة ليست خطبة جمعة، وإنما خطبة أمر من الأمور التي كانت تجد وتحدث، فيجمع الناس ويخطب بهم، قال: ولهذا قطعها بهذا الفصل الطويل.
ويحتمل أنها كانت الجمعة واستأنفها، بدأها من أول، ويحتمل أنه لم يحصل فصل طويل، وهذا الموضوع الذي قطع به الخطبة هو من ذكر الله في الجملة، وليس غريبًا أو أجنبيًا عن قصد الخطبة من جهة التعليم، لكن هذا كان لشخص والخطبة للجميع.