حكم اقتناء آنية الذهب والفضة
مذهب جمهور العلماء تحريم الاتخاذ، قالوا: لأن ما لا يجوز استعماله لا يجوز اتخاذه.
مثال: الأدوات الموسيقية كمنجة، طبل عود، مزمار، ما حكم الاستعمال؟ حرام.
النبي ﷺ نهى عن المعازف نهيًا مؤكدًا، وقرنه بالخمر والزنا، الحر والحرير والخمر والمعازف.
طيب لو واحد قال: يا أخي أنا أريد أن أجعل هذا العود في خزانة في البيت، ولن نستعمله؟
اقتناء يعني أنا عجبني زخرفة العود، أريد أجعله كذا زينة، وحطه كذا على الجدار، عود زينة، ما حكم الاتخاذ؟
قال النووي -رحمه الله- في "المجموع": "مذهب جمهور العلماء تحريم الاتخاذ؛ لأن ما لا يجوز استعماله لا يجوز اتخاذه كالطنبور -وهو العود-، ولأن اتخاذه يؤدي إلى استعماله" [ينظر: المجموع: 1/ 252].
هذا ذريعة غدًا نقصنا صحن جب من الخزانة فيها صحون ذهب فضة؛ لأنه ذريعة لاستخدامه، وقد أنت لا تستخدمه غيرك يستخدمه، يأتي يجيب هذا يقول: خلنا نجرب هذا المعلق على الجدار، هذا ذريعة لاستخدامه، والشريعة من كمالها أنها لا تحرم شيئًا ثم تجعله للفرجة، ويعني يجوز الاتخاذ؛ لأن التحريم يعني المنع وإغلاق جميع الطرق المؤدية إلى استعمال هذا المحرم.
ومنها: الاتخاذ، فالاتخاذ طريقة للاستعمال، الاتخاذ وسيلة للاستعمال، الاتخاذ خطوة نحو الاستعمال، الاتخاذ مغري بالاستعمال، يومًا ما تضعف النفس يأتي أشخاص آخرون يموت صاحب البيت ويرثها أولاده، المهم الاتخاذ ذريعة للاستعمال، ولذلك إذا حرمت الشريعة شيئًا لا يجوز اتخاذه، يعني إذا حرمت الشريعة الخمر وقال واحد: أنا سآتي بقارورة خمر، واجعلها في الثلاجة في البيت، في خزانة لن نشرب منها والله العظيم، لا يجوز الاتخاذ، خلاص، إذا الشريعة حرمته حرمت أكله وشربه واستعماله، فإنها من كمالها أن تحرم اتخاذه.
ولأن اتخاذه يؤدي إلى استعماله فحرم كإمساك الخمر، ولأن المنع من الاستعمال لما فيه من السرف والخيلاء، وذلك موجود في الاتخاذ، يعني: إذا الآن منعت الشريعة من آنية الذهب والفضة؛ لأن فيها في استعمالها خيلاء فكذلك جعلها في الرفوف المعنى موجود كذلك.
قال في "الحاوي الكبير" وهو من كتب الفقه: "فادخارها داع إلى استعمالها، وما دعا إلى الحرام كان حرامًا كإمساك الخمر لما كان داعيًا إلى تناولها كان الإمساك حرامًا".
وقال ابن قدامة -رحمه الله-: "ما حرم استعماله مطلقًا حرم اتخاذه على هيئة الاستعمال" [المغني: 1/ 57].
وهذه قاعدة مهمة وقد ذكرها كثير من العلماء ضمن القواعد الفقهية الكلية التي تدخل في كثير من الأبواب؛ "ما حرم استعماله مطلقًا حرم اتخاذه"، ومعنى: "مطلقًا" يعني على الرجال والنساء، على الجميع.
ولذلك لو قلت: ما حكم اتخاذ الحرير؟ يعني ما حكم أن أجعل في بيتي داخل خزانة قطعة حرير طبيعي؟
فنقول: لا مانع.
فيقول: لماذا؟ ألم تذكروا قبل قليل قاعدة: "ما حرم استعماله مطلقًا حرم اتخاذه"؟
فنقول: نعم، لكن هذه هذا الحرير تحريمه ليس مطلقًا؛ لأنه حرام على الرجال، حلال على النساء.
فإذًا، تحريمه ليس مطلقًا، ولذلك لو استعملته زوجتك -الحرير الطبيعي- جاز ذلك بنتك أختك أمك جاز ذلك؛ لأن التحريم ليس مطلقًا.
وبناء عليه يجوز أن تتخذ طاقة قماش من حرير مثلاً تجعلها عندك في البيت ما في مانع، اجعلها في خزانة، في صرة، في علاقة اجعلها؛ لأن الحرير لا يحرم مطلقًا، وإنما تحريمه على الرجال فقط، فهم الذين يحرم عليهم استعماله.
أما النساء يجوز لهم استعماله، ومن هنا نعرف الفرق بين الخمر والحرير في الاتخاذ، بين الحرير وآنية الذهب والفضة في الاتخاذ، دلت الآثار على عدم جواز ستر الجدران بالحرير الطبيعي، وأمر الصحابة بتمزيقه أو خلعه وإزالته، فيه حديث أبي أيوب لما جاء في العرس وكانوا قد ستروا بيتي ببجاد أخضر كما جاء في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- فقال أبو أيوب: "لينزع كل رجل مما يليه".
طيب فجاء النهي عن تزيين الجدران أو ستر الجدران أو تلبيس الجدران بالحرير الطبيعي.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "كذلك يحرم اتخاذها" يعني آنية الذهب والفضة في المشهور من الروايتين، فلا يجوز صنعتها"، يعني: قبل الاتخاذ في خطوة أخرى التي هي الصنعة، لو واحد قال: أنا عندي مصنع يصنع أواني ذهب وفضة، ما حكم المصنع هذا؟
نقول: لا يجوز أن تصنع أواني ذهب وفضة؛ لأن الشرع إذا حرمها فأنت تصنعها لماذا؟ لماذا تصنع أطباق ذهب؟ في النهاية الشرع يمنع الأكل فيها، فما معنى تصنيعها؟ أنت ستتاجر وتبيع المصنوعات، ومن المصنوعات سننتقل إلى الاستعمال.
قال شيخ الإسلام: "كذلك يحرم اتخاذها في المشهور من الروايتين، فلا يجوز صنعتها، ولا استصياغها، ولا اقتناؤها، ولا التجارة فيها؛ لأنه متخذ على هيئة محرمة الاستعمال، فكان كالطنبور، وآلات اللهو؛ ولأن اتخاذها يدعو إلى استعمالها غالبا فحرم كاقتناء الخمر"[شرح العمدة، لابن تيمية، ص: 115].