الخطبة الأولى
إن الحمد نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
أهمية الغيرة
فإن الغيرة من الغرائز البشرية التي أودعها الله في الإنسان، وهي مشتقة من تغير القلب، وهيجان الغضب، بسبب المشاركة فيما به الاختصاص وهي الحمية، وكره شركة الغير في حق الإنسان.
وهذه الغيرة شرعت لحفظ الأنساب، الغيرة الشرعية، وهي من مقاصد الشريعة، ولو تسامح الناس بذلك لاختلطت الأنساب، ولذا قيل: كل أمة وضعت الغيرة في رجالها وضعت الصيانة في نسائها.
الغيرة من الغرائز البشرية التي أودعها الله في الإنسان، وهي مشتقة من تغير القلب، وهيجان الغضب، بسبب المشاركة فيما به الاختصاص وهي الحمية، وكره شركة الغير في حق الإنسان.
واعتبر الشارع من قتل في سبيل الدفاع عن عرضه شهيداً كما قال ﷺ: من قتل دون أهله فهو شهيد[رواه البخاري2480]، ومن لا يغار على أهله ومحارمه يسمى ديوثاً، والدياثة من الرذائل التي ورد فيها وعيد شديد وهي من الكبائر عند العلماء، كما دل على ذلك حديث النبي ﷺ: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، وذكر منهم الديوث[رواه النسائي2562]، وهو الذي يقر الخبث في أهله.
غيرة الله
والله غيور، والله يغار، كما قال ﷺ: لا أحد أغير من الله[رواه البخاري4637]، ولذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولما قال سعد بن عبادة : لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح، فبلغ ذلك رسول الله ﷺ فقال: تعجبون من غيرة سعد، والله لأنا أغير منه، والله أغير مني، ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن[رواه البخاري7416 ومسلم1499]. متفق عليه.
وفي الصحيحين أنه ﷺ قال: إن الله يغار وإن المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي العبد ما حرم عليه[رواه البخاري5223 ومسلم2761]، وفي الصحيحين في خطبته ﷺ في صلاة الكسوف أنه قال: يا أمة محمد والله إنه لا أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته، يا أمة محمد لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً، ثم رفع يديه فقال: أللهم هل بلغت[رواه البخاري6631 ومسلم901].
وفي ذكر هذه الكبيرة بخصوصها عقيب صلاة الكسوف سر بديع لمن تأمله، وظهور الزنا من أمارات خراب العالم، وهو من أشراط الساعة كما أخبر ﷺ بقوله في أشراطها: ويظهر الزنا [رواه البخاري80]، وقد جرت سبحانه في خلقه أنه عند ظهور الزنا يغضب الله ويشتد غضبه فلا بد أن يؤثر غضبه في الأرض عقوبة، كما قال ابن مسعود : ما ظهر الربا والزنا في قرية إلا أذن الله بهلاكها.
وغيرة الله صفة من صفاته ، نثبتها له كما يليق بجلاله وعظمته، والمؤمن يستفيد من أسماء الرب وصفاته، فإذا كان الله يغار والغيرة تناسب المخلوق فإن المخلوق يغار أيضاً.
غيرة المؤمن
والنبي ﷺ أخبر أن المؤمن يغار، وقد كان عند العرب غيرة شديدة على نسائهم، حتى كان لا يجرؤ أحد أن يتزوج امرأة رئيس القبيلة بعد طلاقها أو بعد موته، أو نحو ذلك، وجاءت الشريعة فضبطت الغيرة، ولم تبقها فوضى، يغار كل إنسان كما يشاء، وإنما جعلت الغيرة على الحرمات، على المحارم، وعلى كل محمود، وإذا تأملت كلام السلف في حفظ النساء، وجدته نابعاً من غيرتهم.
قال عبد الله عن قرار النساء في البيوت: فإن النساء عورة، وإن المرأة إذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان وقال لها: إنك لا تمرين بأحد إلا أعجب بك.
وفي كلام بعض السلف الاستعانة على حفظ النساء في البيوت، وعدم الإكثار من ثيابهن وزينتهن؛ لأنها إذا كثرت ثيابها وحسنت زينتها أعجبها الخروج.
وعن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال: كل شيء من المرأة عورة حتى ظفرها.
وما من امرئ لا يغار إلا منكوس القلب، والنبي ﷺ لما رأى في بعض غير أولي الأربة وصفاً للنساء منعهم من الدخول كما جاء ذلك في أقوال المفسرين في قوله تعالى: أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِسورة النور31 الذين ليس لهم شأن في النساء، إما لعدم وجود آلة كالمجبوب، وإما لأن الآلة لا أثر لها كالعنين، وكذلك المخنث الذي ليس بذكر خالص ولا أنثى خالصة، قد لا يكون له ميل إلى النساء، وكان هيت واحد من هؤلاء يدخل على نساء النبي ﷺ فقال ذات مرة لأخ أم سلمة: يا عبد الله إن فتح الله عليكم الطائف غداً، فإني أدلك على بادنة بنت غيلان فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان، فقال ﷺ: لا أرى هذا يعرف ما ها هنا لا يدخل عليكن[رواه أحمد24659]، فحجبه ﷺ، مع أنه ليس من أولي الإربة، ولكن لأنه يصف النساء، لما رآه يصف النساء غار على زوجاته، وخشي أن يصفهن في مجالس، فحجبه مع أن الأصل حسب الآية عدم الوجوب، ولكن الغيرة الشرعية حملت النبي ﷺ على ذلك.
إن عمر رضي الله تعالى عنه كان يغار غيرة عظيمة، والنبي ﷺ أخبره أنه رأى له قصراً في الجنة وعنده جارية له فلم يدخله مما عرف من غيرته، هذا الأمير للمؤمنين، وهذا الصاحب العظيم غار من أجل زوجات النبي ﷺ قبل نزل آية الحجاب، وكان يريد أن تنزل بأي طريقة، وقال لعائشة: لو أُطاع فيكن ما رأتكن عين، فنزل الحجاب، وكذلك كانت أزواج النبي ﷺ يخرجن بالليل إلى المناصع يتبرزن فيه وهو صعيد أفيح، فكان عمر يقول للنبي ﷺ: احجب نساءك، فلم يكن يفعل؛ لأن الدليل لم يرد، لأن الوجوب لم ينزل بذلك، فخرجت سودة ليلة من الليالي وكانت امرأة طويلة رضي الله عنها وهي أم المؤمنين فناداها عمر: قدر عرفناك يا سودة، حرصاً على أن ينزل الحجاب، قالت عائشة: فأنزل الحجاب.
وقال للنبي ﷺ: إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر، الضيوف عندك كثر، الأعراب وزعماء القبائل الناس يأتون إليك يا رسول الله، فلو أمرتهن أن يحتجبن، فنزلت آية الحجاب.
أيها الإخوة: إن غيرة عمر رضي الله تعالى عنه لو رأى بها ما أحدث الناس في هذا الزمان لكان له شأن آخر.
وعن علي قال: بلغني أن نساءكم ليزاحمن العلوج في الأسواق، أما تغارون؟ إنه لا خير فيمن لا يغار.
وقال محمد بن علي بن الحسين: وما من امرئ لا يغار إلا منكوس القلب.
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فيمن طلع إلى بيته ووجد عند امرأته رجلاً أجنبياً فوفاها حقها وطلقها، ثم رجع وصالحها وسمع أنها وجدت بجنب أجنبي مرة أخرى؟
فأجاب رحمه الله: في الحديث عنه ﷺ: أن الله لما خلق الجنة قال: وعزتي وجلالي لا يدخلك بخيل ولا كذاب ولا ديوث[تخريج إحياء علوم الدين للعراقي 7 والبيهقي بنحوه في الأسماء والصفات692]، والديوث الذي لا غيرة له.
وفي الصحيح وذكر حديث: إن المؤمن يغار وإن الله يغار[رواه البخاري5223 ومسلم2761]، وقد قال تعالى: الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةًسورة النور3 الآية، ولهذا كان الصحيح من قولي العلماء: أن الزانية لا يجوز تزوجها إلا بعد التوبة، وكذلك إذا كانت المرأة تزني لم يكن له أن يمسكها على تلك الحال، بل يفارقها وإلا كان ديوثاً، وقد ذكر العلماء في شروط المحرم للمرأة في سفر الحج والعمرة فما بالك بالأسفار الأخرى، أنه إذا كان المحرم قليل الحمية لا يغار عليها فإنه لا يكتفى به في السفر، وأما إذا كان يغار ولو كان فاسقاً في نفسه جاز أن يكون محرماً؛ لأن بعض الناس قد يكون فاسقاً لكن له غيرة على محارمه لا يرضى لهن مواضع الريبة.
والنساء من طبعهن التبرج والتبهرج، والتبهرج: هو لبس أفخر الثياب والتجمل والتحسن عند إرادة الخروج، وهذه لو سلمت لم يسلم الناس منها، ولذلك كان لا بد للأزواج وللآباء وللإخوان، بل حتى للأولاد أن يغاروا على نسائهم من زوجات وبنات وأخوات وأمهات، وأن تفهم المرأة أنها ما التمست وجه الله بمثل أن تقعد في بيتها وتعبد ربها وتطيع بعلها.
وقال علي رضي الله تعالى عنه لزوجته فاطمة ما خير للمرأة؟ قالت: ألا ترى الرجال ولا يروها.
وكان علي يقول: ألا تستحون ألا تغارون، يترك أحدكم امرأته تخرج بين الرجال تنظر إليهم وينظرون إليها؟
ولذلك كان ينبغي على المرأة أن تغض طرفها عن الرجال اتقاء الفتنة، وإذا اضطرت للخروج لزيارة والد، أو غيره، خرجت بإذن زوجها غير متبهرجة، وتغض طرفها في مشيتها، ولا تنظر يميناً ولا شمالاً، كما ذكر العلماء في آداب خروج المرأة من بيتها.
غيرة الزوج
عباد الله: إن الزوج الشهم العظيم حسن الخلق الذي يخاف الله تعالى يغار على زوجته أن يرى أجنبي شيء من جسدها، إنه لا يخرج بها كاشفة وجهها ولا مقدم شعرها، لا في سيارة ينظر إليها الغادي الرائح عند إشارات المرور، ولا في الأسواق يمشي بجانبها قد أشهد العالمين على دياثته في رضاه بتبرجها، وإنه يغار عليها أن ينفرد بها أجنبي في سيارة أو غيرها، ويغار عليها أن يسترسل معها أجنبي بحديث في محل، أو هاتف، أو غيره، ويغار عليها أن تختلط بالرجال في أماكن العمل، وهكذا تحفظ المرأة إذا كان الرجل صاحب غيره أما إذا لم يكن فالشكوى لله، ولا شك أن من أسباب الفساد في هذا الزمان فسق النساء، ودياثة الرجال، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الغيرة المحمودة
أيها المسلمون: إن الغيرة المحمودة على الحرمات، والتي تكون في مواضع الريبة عند ذلك يغار الرجل، وليس الموسوس الذي يغار دون سبب، ويضيق على زوجته العفيفة، ويتهمها في شرفها وهي بريئة، ويظن أن كل أحد ينظر إليه ولو لم يتقصد، ليس هذا هو المطلوب، وإنما المطلوب الغيرة الواقفة عند حدود الشريعة، والغيرة على حرمات الله.
وإذا قال قائل: ما هو الرأي فيما يسمى بجرائم الشرف التي تتحدث عنها بعض الصحف، ويثيرون هذه القضية، فيمن يقتل ابنته، أو أخته، أو زوجته إذا رآها مع رجل؟
فالجواب: أن حدود الله معلومة معروفة، ولا يجوز لإنسان إذا رأى ابنته، أو أخته أن يقتلها في مثل هذه الحال إذا لم يكن الحد الشرعي هو الحد، كأن تكون غير متزوجة، فإن الشارع لم يقل بقتلها حتى لو زنت، وكذلك فإنها تعطى الفرصة لتتوب وقتلها يفوت الفرصة، ثم هو اعتداء، ثم إن إقامة الحدود مناطة بالحاكم الشرعي، وحكم القاضي العدل، وليس إلى أهواء الناس، ولكنني أنبه أيها الإخوة إلى أن بعض هؤلاء الكتاب الذين يتناولون قضية جرائم الشرف، ويهولون في الأمر، ويعظمونه، لا يريدون من وراء ذلك إظهار حكم الشريعة، ولا أن ينهوا عن الاعتداء الذي حرمه الله، كما تبين لكم، وإنما يريدون انهيار الحدود، وتدمير الأخلاق، وشيوع الفاحشة، فينتهزون فرصة تعدي بعض الناس فيما يسمى بجرائم الشرف ليصلوا من وراء ذلك إلى ترك الأخوات والبنات في غاية الحرية يفعلن كيف يشأن، إذن يريدون من وراء تناول قضايا جرائم الشرف من منظورهم إعطاء البنت الحرية، والأخت الحرية لتفعل ما تشاء ولو بالحرام، ويدسون في كلامهم من أجل الوصول إلى هذه الغاية الخبيثة، والمسلم نبيه فطن لا تروج عليه مثل هذه الكتابات الفاسدة.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يغار على حرماته، اللهم إنا نسألك الغيرة الشرعية، وأن تجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، إنك سميع مجيب قريب.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم، وأفسحوا لإخوانكم وأوسعوا يوسع الله لكم.
الخطبة الثانية
الحمد لله الواحد القهار، أشهد أن لا إله إلا هو وحده لا شريك له، الكبير المتعال، وأشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه والآل، صلى الله عليه بما علمنا وهدانا وأرشدنا، وهو البشير النذير والسراج المنير.
الغيرة على شريعة الله ودينه
عباد الله: إن الغيرة أنواع، وإنها بحسب ما يغار عليها في الأحكام، وإن الغيرة على شريعة الله ودينه عبادة واجبة يتقرب بها إلى الله، ضيعها اليوم كثير من المسلمين، فترى دين الله ينتهك في المجالس وآياته يكفر بها ويستهزأ بها ولا تجد في المجلس من يغار لله فيرد، ويغار لله فيدافع عن شريعته ويغضب لله ، فيقوم بالواجب في إنكار المنكر، إن على رأس الغيرة على الشريعة، الغيرة على التوحيد، الغيرة على التوحيد، وهذا مثال من كلام واحد من العلماء يبين ذلك، قال العلامة الشوكاني رحمه الله في شرح حديث سفيان التمار أنها رأى قبر النبي ﷺ مسنماً.[رواه البخاري1390]رواه البخاري. قال: "كم قد سرى في تشييد أبنية القبور وتحسينها من مفاسد يبكي لها الإسلام، منها اعتقاد الجهلة لها كاعتقاد الكفار للأصنام، وعظم ذلك فظنوا أنها قادرة على جلب النفع ودفع الضرر، فجعلوها مقصداً لطلب قضاء الحوائج، وملجئاً لنجاح المطالب، وسألوا منها ما يسأله العباد من ربهم، وشدوا إليها الرحال وتمسحوا بها واستغاثوا، وبالجملة إنهم لم يدعو شيئاً مما كانت الجاهلية تفعله بالأصنام إلا فعلوه، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ومع هذا المنكر الشنيع، والكفر الفظيع لا تجد من يغضب لله ويغار حمية للدين الحنيف، لا عالماً ولا متعلماً، ولا أميراً ولا وزيراً، وقد توارد إلينا من الأخبار ما لا يشك معه أن كثيراً من هؤلاء المقبورين أو أكثرهم إذا توجهت عليه يمين من جهة خصمه حلف بالله فاجراً، فإذا قيل له بعد ذلك احلف بشيخك ومعتقدك الولي الفلاني تلعثم، وتلكأ وأبى واعترف بالحق، وهذا من أبين الأدلة الدالة على أن شركهم قد بلغ فوق شرك من قال: إنه تعالى ثاني اثنين أو ثالث ثلاثة، فيا علماء الدين أي رزءٍ للإسلام أشد من الكفر وأي بلاء لهذا الدين أضر عليه من عبادة غير الله، وأي مصيبة يصاب بها المسلمون تعدل هذه المصيبة، وأي منكر يجب إنكاره إن لم يكن إنكار هذا الشرك البين واجباً.
لقد أسمعت لو ناديت حياً | ولكن لا حياة لمن تنادي |
ولو ناراً نفخت بها أضاءت | ولكن أنت تنفخ في رماد" |
هذا كلامه رحمه الله عن بعض ما شاهده في بلاد اليمن التي كان فيها وهو من علماء القرون المتأخرة رحمه الله.
وكذلك فإن من الغيرة الشرعية الغيرة إذا هتكت حرمات الله تعالى، إذا انتهكت الحرمات أياً كانت، ليست فقط الزنا ولا الخنا، أي حرمة من الحرمات يجب أن يغار عليها إذا انتهكت والمؤمنون مأمورون بإنكار المنكر، ما هو الدافع لتطبيق حديث النبي ﷺ: من رأى منكم منكراً فليغيره[رواه مسلم49]، ما هو الدافع؟ الغيرة يا عباد الله، الغيرة هي التي تدفع لإنكار المنكر، وقالت عائشة رضي الله عنها: "ما انتقم رسول الله ﷺ لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها"[رواه البخاري3560]، لماذا؟ غيرة لله، وغيرة على دينه، وكذلك فإن من الغيرة المحمودة أن يغار العبد على المحبة فلا يصرفها إلا الله، ويغار أن يصرفها لغيره.
وإن من الغيرة أن يغار في الإخلاص فيغار العبد أن يكون لغير الله في عمله نصيب، ولا يرضى أن يشوب عمله رياء، ولا إعجاب، ولا استشراف لمدح الخلق، وثنائهم غيرة على عمله أن يفسد ويحبط.
وكذلك فإن المسلم يغار على أوقاته أن تذهب سدى في غير رضا محبوبه وهو الله ، والغيرة على حقوق الآدميين مطلوبة، الحقوق التي أقرها الشرع وجاء باحترامها وصيانتها، ومنها أموال المسلمين، وأعراض المسلمين، فلو رأيت مالاً لمسلم ينتهك ورأيت عرضه ينتهك فعليك بالغيرة عليه والدفاع عنه، تغار لأن حرمات المسلمين قد انتهكت.
وحرمات المسلمين في المسجد الأقصى منتهكة فأين غيرة المسلمين لله ضد هؤلاء اليهود الخونة الآثمين الفجرة العابثين في مقدساتنا.
غيرة الزوجة
عباد الله: إن غيرة الزوجة من الأمور الفطرية الموجودة عندها في غريزتها، ولذلك كان لا بد للزوج أن يتحمل غيرة زوجته التي قد تطغى فتتجاوز الحد، وأن يعذرها لأجل ما ركب فيها من هذا الطبع، وقد تحمل النبي ﷺ من غيرة نسائه ما تحمل.
نسأل الله أن يجعلنا بدينه مستمسكين وأن يجعلنا ممن يغار على حرماته إنه سميع مجيب، اللهم إنا نسألك أن تصلح شأننا وترفع قدرنا وتستر عيوبنا وتحسن أخلاقنا ..