السبت 13 جمادى الآخرة 1446 هـ :: 14 ديسمبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

مسائل فقهية يكثر السؤال عنها


عناصر المادة
الخطبة الأولى
أهمية الفقه في الدين
أحكام فقهية تتعلق بالطهارة والتداوي
أحكام تتعلق بالصلاة والسفر
أحكام تتعلق بالجنائز
أحكام فقهية متفرقة
أحكام تتعلق بأبواب المعاملات
الخطبة الثانية
عاشوراء آداب وأحكام

الخطبة الأولى

00:00:05

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ آل عمران: 102.يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًاالنساء:1.يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۝ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًاالأحزاب:70-71.

أما بعد:

أهمية الفقه في الدين

00:01:08

فإن التفقه في دين الله –تعالى- من أجل العبادات، من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين[البخاري:71 ومسلم:1037]و فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد[الترمذي:2681]،

إن منزلة الفقه في الدين -يا عباد الله- من المنازل العظيمة، كيف نعبد ربنا؟ إلا بالفقه، كيف تصح عبادتنا؟ إلا بالفقه، كيف نعرف الحلال والحرام؟ إلا بالفقه، الفقه أساس ديننا، الفهم عن الله ورسوله، فهم الشريعة، فهم الأحكام، وهذا ولا شك معرفته فرض عين على كل مسلم، في كل مسألة يحتاج إليها أن يعرف فقهها وحكمها، وأما التفقه في الدين على وجه العموم فإنه فرض كفاية، لا بدّ أن يكون للمسلمين من يفقههم، ويعلمهم، ويبين لهم أحكام الله ، فإن لم يكن ذلك فيهم أولم يوجد فيهم من يكفي أثموا جميعًا، ومن هنا تنبع الحاجة إلى معرفة أحكام الدين، والتفقه فيها، وكثير من الناس تعرض لهم أحوال ومسائل لا يجدون فيها حكمًا شرعيًا في أذهانهم، لا يعرفون الحكم فضلًا عن دليله، فضلًا عن القائل به من السلف والعلماء، فضلًا عن فتوى لمفت ممن يعاصرونه، ولو بغير دليل، لا يعرفون ذلك إلا من رحم الله –تعالى-.

وقد رأيت في هذا الخطبة -أيها الإخوة- أن أذكر لكم مجتمعًا من الأحكام الفقهية في الأبواب المختلفة من الأشياء التي يكثر سؤال الناس عنها، وقد وجدت بالتجربة أن أكثر ما يسأل عنه الناس اليمين والطلاق والمنامات،  وأمور أخرى نأتي عليها في بعض الترتيب الذي ذكره الفقهاء -رحمهم الله-، من مسائل واقعية رأيت أنه يكثر السؤال عنها، فلعل في بيانها نفعًا -إن شاء الله تعالى-، وستجدون ذلك في التطبيقات العملية فيما يواجه الشخص في حياته.

أحكام فقهية تتعلق بالطهارة والتداوي

00:03:53

ففي أبواب الآنية لا يجوز استعمال إلا الطاهر من الآنية، وإن آنية الكفار إذا لم يوجد غيرها تغسل ثم تستخدم، وأما المطلي بالذهب أو الفضة من الآنية وهي كثيرة جداً، في الأسواق من الصحون والملاعق وغيرها مما يؤكل به، أو يقدم الطعام به؛ فإن استخدامه حرام ولا يجوز، ومن أكل أو شرب في آنية الذهب والفضة، فإنما يجرجر في بطنه نار جهنم.

وأما إزالة النجاسات فهي أمر واجب، إذا علم نجاسة في ثوبه أو بدنه وجب عليه المبادرة إلى إزالتها؛ حتى لا يتضرر ببقائها، وحتى لا ينساها.

وأما مس المصحف فقد ذكر شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- عن الأئمة الأربعة: أنه لا بدّ من اشتراط الطهارة عندهم لمس المصحف، وقال بعض أهل العلم: بأن الأدلة في ذلك لم تثبت بما يؤكد اشتراط الطهارة لها، فالأحوط للمسلم أن لا يمس المصحف إلا على طهارة، بخلاف كتب التفاسير، أو الكتب التي يوجد فيها آيات مخلوطة بغيرها من الكلام؛ فإنه لا بأس بمسها على غير طهارة، ولو من الحائض والجنب.

وكذلك فإن من سنن الفطرة قص الأظفار، وإزالة شعر العانة، وشعر الإبط بأي مزيل كان، والسنة والأفضل إزالة شعر الإبط بالنتف إن قوي على ذلك، وإزالة شعر العانة بالحلق والاستحداد وهو الأفضل، والأكثر أجرًا، ولا يجوز إبقاء هذه الثلاثة الشعر والأظفار أكثر من أربعين يومًا، فمن فعل ذلك  فهو آثم، ولو كان أظفر الخنصر الذي يحتفظ به عدد من الناس، سواء كان من المرأة أو الرجل فإن إبقاءه لا يجوز، وقص ما طال عن الشفة العليا من الشارب واجب؛ لظاهر قوله ﷺ: من لم يأخذ من شاربه فليس منا[رواه أحمد[19263] وهو حديث صحيح، وتخفيفه سنة أيضًا، تخفيف الشارب سنة أيضًا، وليس من السنة في شيء إطالته وتعريضه وتكثيفه، ومن ظن أن ذلك من الرجولة؛ فهو لا يفهم سنة النبي ﷺ الذي كان أكمل الرجال رجولة.

وأما خروج الريح فإنه لا يلزم منه استنجاء، كما يعتقد ذلك كثير من العامة، وإنما هو الوضوء فقط.

ويكثر السؤال عن التسمية عند الوضوء وقد ذكر بعض أهل العلم وعدد من المحدثين أن أحاديث التسمية ترتقي إلى درجة الحسن أو الصحيح، ولذلك لا ينبغي تركها، فأما إذا كان في مكان قضاء الحاجة سمى الله في نفسه وتوضأ، وإن نسي التسمية عند أول الوضوء وتذكر أثناءه، سمى الله –تعالى- في أثناء الوضوء، وإذا نسيه ولم يتذكره إلا بعد الوضوء سقطت التسمية عنه.

وأما في مسألة النوم فإنه ناقض للوضوء إذا استغرق الإنسان فيه، سواء كان جالسًا في خطبة الجمعة، أو في غيرها، أو كان مستلقيًا؛ فإنه إذا استغرق في النوم وغاب عما حوله انتقض وضوؤه على الراجح من أقوال أهل العلم؛  لقوله ﷺ في الحديث الصحيح: العينين وكاء السه، فإذا نامت العينان استطلق الوكاء[أحمد:16879]، فشبه فتحة الدبر التي يخرج منها الريح بالقربة التي فيها غطاء، أو فيها خيط يغلق أعلاها، فإذا نامت العين استطلق الوكاء، وانحل الخيط، وأصبح ما في الجوف قابلًا للخروج، كما أن الماء يصبح قابلًا للخروج إذا انفك خيط قربة الجلد.

ويكثر السؤال في المسح عن الخفين والجوربين، عن نوع الجورب، والراجح أن كل جورب يصح أن يسمى جوربًا ويطلق عليه اسم الجورب، يصح المسح عليه، يومًا وليلة للمقيم، وثلاثة للمسافر، يبدئ المسح من أول وضوء بعد الحدث، إذا غسل رجليه توضأ وضوء كاملًا، ولبس الجوربين ثم أحدث، ثم توضأ للصلاة بدأت مدة المسح من حين طهارته تلك، هذا ولا ينتقض الوضوء بخلع الجوربين على الراجح من أقوال أهل العلم، كما ذكر شيخ الإسلام -رحمه الله- وأخبر: بأنه لا يعرف في الشريعة من نواقض الوضوء خلع الخفين والجوربين، لكن إذا انتهت المدة لم يعد يجوز له المسح عليهما إلا بعد طهارة كاملة فيها غسل الرجلين.

ويكثر السؤال في مسألة الجبائر التي توضع على الكسور وغيرها، هل يشترط فيها الطهارة؟ فالجواب لا يشترط الطهارة عند وضع الجبيرة، لكن على الإنسان أن ينتبه؛ بأن لا تجاوز الجبيرة حدود الحاجة اللازمة لاستمساكها؛ لأن بعض الأطباء أو الممرضين الذين يضعونها، ربما يجاوزن حدود الحاجة في الأعضاء التي يجب غسلها في الوضوء، فينتج عن ذلك تقصير في الطهارة، فيغسل من الأطراف من أعضاء الوضوء ما ظهر، ويمسح على الجبيرة في الباقي.

وأما مس الذكر: فإن الراجح من أقوال أهل العلم فيه، أنه إذا كان بشهوة نقض الوضوء، وإذا لم يكن بشهوة لم ينقض الوضوء، كما إذا حدث عند لبس ملابسه مثلًا، وذلك جمعًا بين الحديثين الصحيحين الواردين عن النبي ﷺ في هذا، إنما هو بضعة منك[أحمد:16286]، وحديث: من مس ذكره فليتوضأ[أبوداود:181]، كما رجح ذلك شيخ الإسلام -رحمه الله-.

وأما مس المرأة ففيه خلاف كبير، فقال بعضهم: إذا مسها بشهوة انتقض، وقال بعضهم: لا ينتقض وضوؤه ولا طهارته إلا إذا خرج منه شيء كمذي أو مني، فعند ذلك ينتقض وضوؤه، وهو الراجح -إن شاء الله تعالى-.

وأما التداوي بالمحرم فإنه لا يجوز، سواء كان دمًا أو نجاسة، ونحو ذلك من الأشياء التي ربما يستخدمها بعض الناس في التداوي، وإذا كان الشراب الذي فيه نسبة من الكحول، لو شرب بمجموعه من الكحول، لو شربت منه كمية كبيرة أسكر، فإنه لا يجوز استخدامه، ولم يجعل الله شفاء هذه الأمة فيما حرم عليها، ولا يجوز أخذ المقابل على الدم بالنسبة للذين يتبرعون بالدماء في المستشفيات، لأن النبي ﷺ نهى عن ثمن الدم، [رواه البخاري2086].

وتشجيع الناس على التبرع طيب، وربما جاز دفع الثمن للدم، ولم يجز أخذ المقابل عليه، وإنما يجوز دفع ثمنه للضرورة، ولا يجوز أخذ الثمن، لأن الشارع نهى عن ثمن الدم ويجوز نقل الدم للضرورة، بمثابة أكل الميتة للمضطر، هذا بخلاف التداوي، أحكام المضطر في نقل الدم تختلف عن أحكام التداوي، فمهما قال لك بعض الأطباء الشعبيين، أو المشعوذين في فوائد دم الضب مثلًا أو غيره، فاعلم بأنه هراء، وكذلك لا يجوز التداوي بالنجاسات.

وكذلك لا يجوز تعليق التمائم والحروز وغيرها مما فيه طلاسم، أو كلمات غير مفهومة، أو شركية، أو استغاثة بغير الله، أو أرقام ونحو ذلك، كفعل المشعوذين، ولا يتداوى به من سحر، ولا من عين، ولا من غيرها.

وأما كيفية الغسل: فإنه بأن يغسل عورته أولًا، ثم يغسل يديه بشيء من الأشنان أو الصابون مما علق بهما، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يهل الماء على شقه الأيمن، ثم الأيسر، ثم على رأسه، وإذا أخر غسل رجليه إلى آخر الغسل فلا بأس بذلك، والغسل واجب إذا أولج الرجل في امرأته، سواء أنزل، أولم ينزل.

ويكثر السؤال عن المسائل المتعلقة بالحيض من قبل النساء، أو من أزواجهن لهن، واعلموا -رحمكم الله- أن في هذا قواعد بسيطة إذا حفظت فإنها تغني عن كثير من السؤالات، وتزيل كثيرًا من الحيرة والاضطراب: "فالعادة أي دم أو صفرة أو كدرة جاءت في وقت العادة فهي عادة"، من أي لون كان، أو أي كمية كانت إذا جاءت في وقت العادة فهي عادة، وإذا جاء دم في غير وقت العادة نظرنا في صفاته، فإن كان مماثلًا للعادة في اللون، والرائحة، والأوجاع المصاحبة في البطن والظهر، ونحو ذلك حكمنا بأنها عادة، تقدمت أو تأخرت، وإلا فليس بعادة، وكذلك فإن العادة معرضة للتقديم، والتأخير، والاتصال، والانقطاع، والزيادة، والنقصان، ولكن لا تزيد العادة عن خمسة عشر يومًا، فإذا زادت عن خمسة عشر يومًا اغتسلت وصلت، واعتبرت الباقي استحاضة، وقضت من الصلوات ما بعد العادة الأصلية، فلو كانت عادتها سبعة أيام، فطال بها الدم في أحد الشهور حتى بلغ ستة عشر يومًا، وهي ممسكة عن الصلاة في الخمسة عشر بناء على القاعدة، فإنها تغتسل، وتعتبرها استحاضة، وتقضي من الصلوات ما بعد العادة الأصلية، وهي السبع من الأيام، وهي معذورة في تركها.

أما النفاس: فالراجح أن أقصى مدة له أربعون يومًا، فإن زاد عن ذلك فهو استحاضة، وكل كدرة أو صفرة أو دم من أي لون في الأربعين فهو نفاس، وإذا انقطع الدم قبل الأربعين ونظفت المرأة طهرت، واغتسلت لزوجها وللصلاة، وأما من رأى في ثوبه نجاسة لا يدري متى حدثت فإن صلاته فيما مضى صحيحة، وعليه المبادرة إلى غسل النجاسة، وأما إذا كان الموجود في الثوب أثر جنابة؛ فإنه يغتسل ويعيد الصلوات من آخر نومة نامها.

أحكام تتعلق بالصلاة والسفر

00:16:47

ويكثر السؤال عن ائتمام المفترض بالمتنفل، والمسافر بالمقيم، وصاحب صلاة العصر بالظهر، واختلاف النيات بين الإمام والمأموم، فاعلموا -رحمكم الله- أن ائتمام الجميع بالجميع جائز -إن شاء الله-، فلو اقتدى مفترض بمتنفل أو متنفل بمفترض أو مقيم بمسافر أو مسافر بمقيم أو اقتدى من يصلي الظهر بمن يصلي العصر صح ذلك، سواء اختلف عدد الركعات أم لا، ولكن المسافر إذا اقتدى بالمقيم وجب عليه الاتمام؛ لحديث ابن عباس "مضت السنة أن يتم المسافر خلف المقيم"[صحيحُ ابن خُزَيمة952]، والمقيم إذا اقتدى بالمسافر أتم الصلاة ولا بدّ؛ لحديث النبي ﷺ: صلوا أربعا فإنا قوم سفر[أبوداود:1229]ومن كان يريد صلاة المغرب فصلى خلف من يصلي العشاء جلس بعد الثالثة، وانتظره على الأفضل إلى أن يسلم فيسلم معه، وأما إذا كان يريد أن يصلي رباعية وراء من يصلي ثلاثية مثلًا، فإنه يتم بعد سلام الإمام، ولا إشكال في ذلك.

ويجوز إذا دخل شخص المسجد فوجد إنسانًا يصلي أن يلتحق به كائنة ما كانت صلاة ذلك الشخص، ويجهر بالصلاة والتكبيرات بحسب الوقت ليأتم به.

وأما سجود السهود: فإن كان للزيادة في الصلاة سجد بعد السلام سجدتين، ثم سلم مرة أخرى، وفي جميع الحالات الأخرى في النقص أو الشك؛ فإن الراجح أن سجدته تكون قبل السلام للسهو.

وقضاء النوافل مشروع، السنن الرواتب وقد قضى النبي ﷺ سنة الظهر بعد العصر[أحمد26515]، وقضاء الوتر مشروع، فإذا قضاه في النهار زاد ركعة، فشفع الذي كان سيصليه في الليل.

وسجود التلاوة مستحب، واشترط له كثير من الفقهاء شروط الصلاة: من الطهارة، واستقبال القبلة، وغير ذلك، يكبر إذا كان في الصلاة للسجود، ويكبر للرفع؛ لعموم الحديث: كان يكبر عند كل خفض ورفع[البخاري:785 ومسلم:392]، وفي خارج الصلاة يكبر لسجود التلاوة، ويقول الذكر المشروع فيها، ومنه التسبيح المعتاد.

وأما السفر: فيكثر سؤال الناس عن مسافته، ذهب بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- إلى أنه لا حد للسفر، فإن كان عرف الناس في البلد أن ذهابهم إلى البلد الأخر سفر فهو سفر، وذهب عدد كبير من أهل العلم إلى أن مسافة السفر تحدد بمسيرة اليوم والليلة على الإبل التي تحمل صاحبها وعليها متاعه، ومن هنا قدروها بثمانين كيلو مترًا.

والجمع فيه؛ السنة تكون إذا جد بالمسافر السير، فإذا جلس في المكان، أو نزل به فإنه يقصر من غير جمع كما يفعل الحاج في منى، والجمع للمريض والمسافر وفي المطر سنة من سنن النبي ﷺ.

أحكام تتعلق بالجنائز

00:20:48

عباد الله: مما يكثر السؤال عنه قضايا تأخير الأموات في ثلاجات المستشفيات، فاعلموا أن الإسراع بتجهيز الميت لا شك أنه من دين الله، وأن تأخير الأموات في ثلاجات المستشفيات من المنكرات، وإكرام الميت التعجيل به، كما قال الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- بناء على الأحاديث التي دلت على الإسراع بالجنازة، ويستلزم من ذلك سرعة تجهيزها من غسل وتكفين وتقديم للصلاة ودفن، فهي إما خير تعجلونها إليه، وإما شر تضعونه عن أعناقكم, والإعلام بموت الميت لا حرج فيه، إلا إذا كان على طريقة أهل الجاهلية، الذين كانوا يصيحون في الأسواق، وما يفعل في بعض البلدان من الطواف بسيارة لها مكبر ينعونه في الشوارع، ونعي الجرائد فيه كثير من المنكرات.

والإسراع بقضاء الدين يخفف كثيرًا عن الميت.

والاجتماع للعزاء ووضع الطعام في العزاء للمعزين بدعة قبيحة ومنكرة؛ لأن الصحابي أخبر بأنهم كانوا يرون الاجتماع إلى أهل الميت وعمل الطعام من النياحة[ابن ماجة:1612]، فلمن يكون الطعام؟ لأهل الميت وضيوفهم الذين قدموا عليهم من بعيد ونزلوا في بيتهم مثلًا، أم المعزون من البلد فإنهم لا حق لهم في الأكل من الطعام الذي يقدم في العزاء، مهما تواتر الناس وتتابعوا على ذلك، وهذه البدع القبيحة والمنكرة الشائعة، يجعلون العزاء مأكلًا ومشربًا، وليس هذا في وقته، ويحملون أهل الميت من التكاليف ما الله به عليم.

أحكام فقهية متفرقة

00:22:55

عباد الله: كل ما استعمل واتخذ للاقتناء فليس فيه زكاة سوى الذهب والفضة على الراجح، والرواتب لا يزكى إلا ما توفر منها وحال عليها السنة.

والأسهم إذا كانت متخذة للبيع والشراء ففي قيمتها وأرباحها الزكاة، وإذا اتخذها ليقتات من أرباحها ويستفيد من الأرباح لا ليتاجر بها، فالزكاة بالأرباح إذا حال عليها الحول.

وكذلك فإن بعض الناس يُحابون بدفع زكاتهم إلى الأقارب، لا تدفع الزكاة لكل قريب أنت مكلف بالإنفاق عليه، كأصولك وفروعك وكذلك الزوجة.

ولا تدفع إلى قريب فقير له غيره يغنيه، فإن كان هناك من ينفق عليه بما يحتاج لم يجز لك أنت تعطيه من زكاتك.

وتستحب المبادرة إلى قضاء رمضان، وعنده إلى رمضان الآتي، بحيث يبقى مدة كافية للقضاء، والأبرأ للذمة أن يسارع بذلك.

وأما الصلاة في الطائرة والصيام فيها والإحرام فمما ينبغي معرفة حكمه، فتجوز الصلاة في الطائرة على أي اتجاه كانت ما دام لا وقت له للصلاة إلا فيها، كالأسفار الطويلة، إذا لم يكن مستطيعًا لاستقبال القبلة.

 إذا لم يكن مستطيعًا للقيام صلى جالسًا فيها.

وأما الصيام فلا يفطر إذا أراد أن يتم صومه إلا عند اختفاء قرص الشمس بالنسبة إليه في الطائرة، والإحرام فيها إذا مر بمحاذاة الميقات من الجو، ويجوز أن يحرم قبل ذلك بقليل: كخمس دقائق احتياطًا لسرعة الطائرة، ويكثر السؤال عمن كان له عمرة وعمل في جدة مثلًا ماذا يفعل؟ فلا بدّ ولا بدّ ولا بدّ من الإحرام من الميقات، ومن جاوزه بغير إحرام فعليه العودة إليه للإحرام منه، ولا دم عليه في هذه الحالة، وإن أحرم من جدة وهو مريد للعمرة وهو من الآفاقيين، وهو من أهل البلدان الذين يمرون على المواقيت فهو مسيئ، تلزمه التوبة والدم لترك الواجب، فليفعل العمرة قبل أن يذهب إلى العمل إن استطاع، وأما إن كان لا يدري هل يتمكن من العمرة أم لا، ذهب لشغل، وقال في نفسه: إن وجدت فرصة اعتمرت وإلا رجعت، فلا حرج عليه أن يحرم من المكان الذي عزم منه على العمرة.

وأما العقيقة فإنها سنة، وفيها تأكيد شديد، تجوز في أي يوم من الأيام، خصوصًا الذين يريدون عملها في عطلة نهاية الأسبوع لأجل اجتماع الناس وأقربائهم وظروفهم، والسنة أن تذبح في اليوم السابع، فإن لم يتمكن ففي الرابع عشر، فإن لم يتمكن ففي الحادي والعشرين، لحديث حسن رواه البيهقي في ذلك، وبعد الحادي والعشرين قال بعضهم: بمضاعفة السبعة، وقال بعضهم: تستوي في أي يوم كان، وكلما كانت أقرب كانت أفضل، وشروطها شروط الأضحية، ولا ينس الفقراء من النصيب منها، وأما استئذان الوالدين للجهاد: فإن كان جهادًا مستحبًا أو فرض كفاية وجب استئذان الأبوين؛ لأن استئذانها فرض عين، وطاعتهما فرض عين، فإن كان الجهاد فرض عين فإذا حضر المعركة أو إذا دهم العدو البلد خرج بغير إذن أبويه.

أحكام تتعلق بأبواب المعاملات

00:27:01

ولا يجوز في البيع أن يبيع محرمًا، وهذا كثير في الدكاكين، ولا أن يبيع شيئًا على من يستخدمه في معصية، واعلموا أن الأشياء المبيعة ثلاثة: منه ما هو مستخدم في المعصية فقط، ومنه ما هو مستخدم في الطاعة، ومنه ما يستخدم في الحلال والحرام كالسكين، فإذا عرف أنه سيستخدمه في الحرام، أو غلب ذلك على ظنه لم يجز له أن يبيعه.

وأما الذين يكتبون في الدكاكين البضاعة التي تباع لا ترد ولا تستبدل، فهذا إذا خرج من المجلس ولم يكن فيها شيء يبيح الرد كالعيب، أما إذا كان في مجلس العقد جاز له أن يرد رغمًا عن البائع، وإذا ظهر فيها عيب جاز له أن يرد رغمًا عن البائع، ولو كتب في الدكان أو على الفاتورة ما كتب.

وكذلك فإن بيع التقسيط جائز على الراجح من أقوال أهل العلم؛ إذا كان يملك السلعة، وكان الثمن معلومًا جاز له أن يبيع تلك السلعة بالتقسيط.

أما الذي يفعل اليوم عن طريق شركات التقسيط فهو ربا وحرام، يقولون له: انتقِ السلعة، وهات الفاتورة يسددونها عنه، ثم يقولون: سدد بزيادة إلى أجل بالتقسيط، فهذا ربا وحرام ولا شك في ذلك، لكن إذا ملكوا السلعة وحازوها إليهم ولم يكن هناك إلزام مسبق؛ جاز لهم أن يبيعوها عليه بالتقسيط، وإن تأخر عن السداد في الموعد لم يكن لهم إلا الثمن الذي اتفقوا عليه،  والبيع على الشرط جائز إذا كان صحيحًا، فإن كان الشرط فاسدًا لم يجز البيع، كأن يقول له  أبيعك بشرط أن لا تبيع لغيرك فهذا شرط فاسد.

وكذلك فإنه لا يجوز البيع قبل القبض، للحديث الصحيح أن النبي ﷺ نهى أن تباع السلع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم[أبوداود:3499]وقال: لاتبع ما ليس عندك[الترمذي:1232]. وأما الربا فأشكاله كثيرة، ومن أشهرها القرض الربوي، يقترض مبلغًا وهم يتحايلون بتسجيل المبلغ بالكمبيالة أقل مما يستلم؛ ليرد ما في الكمبيالة من الرقم، ولا شك أن هذا حرام واضح أشد الوضوح، وهم يغرون الناس بأشياء يقولون: لا يلزم كفيل، ويقولون: إذا مت نسامحك، الله أكبر ما أحسن أخلاقهم! إذا مت نسامحك ترغيبًا له في الاقتراض، ويجعلون شروطًا للراتب؛ حتى يتمكنوا من أخذ الربا الذي اشترطوه، وكتبوه من المبلغ.

وأما بيع البيوت المرهونة: فإنه لا يجوز إلا بإذن الطرفين -لا الراهن ولا المرتهن- لا يجوز أن يباع البيت المرهون إلا بإذن الطرفين.

وفي باب الوكالة: يسأل بعض الناس: إذا وكلنا في شراء شيء فهل يجوز أن نأخذ ربحًا؟ فنقول: نعم؛ إذا كان صاحب الشأن يعلم، أما إذا كان لا يعلم فلا يجوز لكم أن تأخذوا ربحًا، إلا إذا كنتم أنتم البائعين، فإذا قلت له: أنا أبيعك لا أشتري لك من السوق وكيل جاز لك أن تأخذ الربح، ولو لم تخبره بكم  رأس المال عليك.

أما إذا كنت مجرد وكيل قال لك: من فضلك اشتر لي كذا من السوق فيجب أن تخبره بثمنه، ولا يجوز أن تأخذ شيئًا زيادة إلا بإذنه، ومن قال لغيره: بعه بمائة وما زاد فهو لك فهذا بيع جائز وصحيح.

ولا يجوز للإنسان أن يحدث في ملكه ما يضر الآخرين، فلو أحدث في بيته طاقات ونوافذ تضر بالجيران، أو عمل مقهى، أو تنورًا يؤذي جيرانه ألزم بإزالته، وبتغطية النوافذ شرعًا، أو عمل ورشة تقلق راحة الجيران، ألزم بإزالة ذلك.

ولا يجوز أن يحدث في ملكه ما يضايق الطريق، كأن يبني ويترك الإسمنت والحديد يضيق الشارع، فهذا حرام يأثم به طيلة وضعه في الطريق مضيقًا له، أو يجعل لنفسه موقفًا لسيارته يأخذ من حد الطريق العام -الذي هو للمسلمين- فإنه يأثم، ويلزم بإزالة ذلك الموقف، وقال شيخ الإسلام -رحمه الله-: لا يجوز لأحد أن يخرج شيئًا في طريق المسلمين من أجزاء البناء، أو يعتدي على الشارع العام، أو على الرصيف، كل ذلك حرام، وكذلك فإن بعض الناس يضعون من الأشياء المؤذية، وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًاالأحزاب:58. وإذا كان المال من شخص والعمل من شخص كانت شركة مضاربة، في أحكام الشركات إذا اتفقا على النسبة فهي صحيحة شرعًا، لكن إذا خسرت الشركة يخسر صاحب المال ماله ويخسر صاحب الجهد جهده.

ولا يجوز تحميل خسارة مالية للمضارب إذا كان أمينًا لم يتعد ما اتفقا عليه من العمل، واشتراط ضمان رأس المال حرام لا يجوز، فإذا قال له هات من عندك رأس مال أتاجر به، أضمنه لك، أعطيك من الأرباح نسبة كذا، وإذا خسرتُ فإنك لا تخسر بهذا الشرط حرام، لا يجوز، إما أن يدخل على الشركة الجائزة شرعًا، وإلا لا يدخل، وبالنسبة للإجارة فلا بد أن تكون الأجرة معلومة في عقد الإجارة الشفوي أو الكتابي، وجهالة الأجرة حرام؛ إلا إذا كانت الأجرة شائعة في البلد فلا حرج في عدم ذكرها،  ولا يجوز تأجير المحلات والدور على من يستعملها في معصية الله تعالى.

وعقود الموظفين في الشركات والمصالح الحكومية هي عقد إيجاره، يجب على الموظف الوفاء بالعمل، ويجب على صاحب العمل الوفاء بالأجرة.

ويكثر السؤال من الناس عن حكم النوم في العمل خصوصًا الذين يعملون في النوبات الليلة وغيرها، أو تقسيم الموظفين الذين يداومون في تلك النوبة، فيبقى بعضهم، ينصرف آخرون أو ينامون، ويكثر السؤال عن حكم الانصراف من العمل قبل الوقت إذا أدى المهمة في ذلك اليوم، فالجواب كل ذلك بحسب الاتفاق والعقد، فإذا شرطوا عليه أن يبقى مستيقظًا في العمل من السابعة إلى الثانية ظهرًا، لم يجز له الانصراف إلا بإذن، ولا النوم، ولا تقسيم العمل على الموظفين الموجودين مهما كان قليلًا، وأما إذا قالوا له في العقد: أن تنجز عملك اليوم وتنصرف، فإن ذلك لا بأس به، وله أن ينصرف.

وأما المسابقات فإنها لا تجوز عند جمهور أهل العلم على عوض، إلا فيما يعين على الجهاد، ونشر الدين، كالسباق على الإبل والخيل والسهام وما يقوم مقامها، كسائر الأسلحة المستخدمة في التصويب، لحديث النبي ﷺ: لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر [أحمد:10138].

وألحق شيخ الإسلام -رحمه الله- المسابقات بحفظ القرآن والسنة والدين؛ لأنها تشترك مع الجهاد في نشر الدين، ومن هنا تعلم أن كثيرًا من المسابقات القائمة اليوم بجوائز الاشتراك فيها للجائزة حرام، والمسابقات ثلاثة: مسابقة محرمة في أصلها، ومسابقة جائزة بعوض، كالسبق على الخيل، وفي السهام الرمي، ومسابقة جائزة بغير عوض، كالسباق على الأقدام، وغير ذلك من أنواع الألعاب المباحة.

والرهان حرام إلا إذا كان فيه انتصار للدين، وإظهار الإسلام وهيمنته كما رهان أبو بكر الكفار على غلبة الروم للفرس بحسب ما ورد في الآية، وأما الرهانات الأخرى الموجودة والمنتشرة كثيرًا بين الناس فهي حرام ولا تجوز.

نسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، إنه سميع مجيب قريب، أقول قولي هذا، واستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

00:37:08

أشهد أن لا إله إلا هو ولي الصالحين، وأشهد أن محمدًا رسول الله المبعوث رحمة للعالمين، والصلاة والسلام عليه وعلى آله وصحبه وذريته الطيبين الطاهرين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

عباد الله: قد بقي في الموضوع بقية في أحكام تتعلق بالمعاملات لعلنا نأتي عليها في خطبة قادمة -إن شاء الله-. وقد سبق أن ابتدأنا سلسلة في أحكام الغناء لعلنا نكمل شيئًا من ذلك في الخطبة القادمة بمشيئة الله.

عاشوراء آداب وأحكام

00:37:49

وأتحدث إليكم بسرعة عن مسألة عاشوراء، وقد دخلنا في شهر محرم، نسأل الله أن يجعله عامًا مباركًا، وعام نصر للإسلام والمسلمين، وهذا شهر محرم الحرام من اقترف فيه سيئة فإن الإثم يضاعف عليه؛ لأنه شهر حرام من الأشهر الحرم، التي قال الله فيها: فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْالتوبة:36.

 ويندب الإكثار من الصيام في شهر محرم على وجه العموم.

وفيه يوم عاشوراء الذي كان مفروضًا على المسلمين، ولما فرض صيام رمضان نسخ فرض عاشوراء، وصار صومه مستحبًا، فقال النبي ﷺ بعد أن كان أمرهم بصيامه، قال لهم بعدها: إن عاشوراء يوم من أيام الله فمن شاء صامه ومن شاء تركه[مسلم:1126]، وقال ﷺ: كان يوما يصومه أهل الجاهلية، فمن أحب منكم أن يصومه فليصمه، ومن كره فليدعه[مسلم:1126].

وأما في أجره فقال ﷺ: صوم عاشوراء يكفر سنة ماضية[رواه مسلم1162]، وفي رواية: إني احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله[رواه الترمذي752]وهو حديث صحيح، فهنيئًا لمن صامه؛ لأنه يكفر له ذنوب سنة كاملة قد مضت، فما أكثر الذنوب، وما أعظم من سامح وغفر وشرع لنا المواسم للمغفرة.

وعاشوراء هو اليوم العاشر من محرم، وهذا اليوم: يوم نجى الله فيه موسى ومن معه، انتزع النبي ﷺفضيلته من اليهود لما أخبروه عن سبب صيامهم له، ونحن أحق بموسى منهم، وفي صيامه موافقة لسنة الأنبياء، وفي صيامه أيضًا انتزاع للفضيلة من أهل الكتاب، والتأكيد على ذلك.

وتكون مخالفتهم بأن نصوم يومًا قبله، وهو الأفضل، أو يومًا بعده، بالإضافة لما فيه من الأجر العظيم، واعلموا -رحمكم الله تعالى- أن تاسوعاء هو الأفضل أن يصام مع عاشوراء، فمن فعل ذلك فقد أتى بسنة عظيمة من السنن، لأن النبي ﷺ هم بذلك، وأخبر عن عزمه عليه.

وكذلك فإن صيام هذا اليوم ذكر فيه بعض أهل العلم: أنه له مراتب ثلاثة: أن يصام عاشوراء فقط وهذا جائز، وتكون المخالفة في هذه الحالة مستحبة لا واجبة، وأن يصام يومًا قبله وهو الأفضل، أو يومًا بعده وهي المرتبة الثانية، وأن يصام يومًا قبله ويومًا بعده، ولم يصح في ذلك حديث، ولكن لأجل الاستكثار من العمل الصالح، وعمومية مشروعية الصيام في شهر محرم يكون أفضل من هذا الجهة.

وأما بالنسبة لهذه السنة، وفي كل سنة يتكرر الكلام، إذا علمت -يا عبد الله- بدخول الشهر فصم على حسب علمك، فإن علمت أن ذا الحجة كان تسعًا وعشرين، وأن المحرم دخل في اليوم الفلاني، فصم بناء على ذلك، وإذا لم يصل إليك علم فإنك تعمل على بناء إكمال عدة ذي الحجة ثلاثين، وتصوم عاشوراء من محرم بناء على ذلك.

ولا يجب تحري دخول محرم لأنه لا تتعلق به عبادة واجبة، يجب تحري دخول رمضان، ويجب تحري دخول شوال، ويجب تحري دخول ذي الحجة، لكن لا يجب تحري دخول محرم؛ لأنه لا تتعلق به عبادة واجبة، فإن وصلنا خبر صمنا بناء على ذلك، وإلا فنكمل ذا الحجة ثلاثين، وبناء على ذلك لو أكملنا ذا الحجة ثلاثين، فيكون الاثنين والثلاثاء من الأسبوع القادم هو تاسوعاء وعاشوراء، ومن صام الاثنين والثلاثاء فإنه أصاب عاشوراء قطعًا؛ لأنه إما أن يكون في يوم الاثنين أو الثلاثاء.

وهذا ما أخبرنا به سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز عن هذه السنة في صبيحة هذا اليوم، وقد سألته عنه، فقال: الأفضل أن يصوم الاثنين والثلاثاء؛ ما لم يأتِ خبر عن دخول الشهر.

نسأل الله أن يتقبل من الجميع، وأن ينعم علينا أجمعين بالتوبة النصوح والمغفرة من سائر الذنوب، وتكفير الخطايا، اللهم إنا نسألك الأمن في البلاد، والنجاة يوم المعاد، والنفع للعباد يا رب العالمين، اللهم آمنا في الأوطان والدور، وأصلح الأئمة وولاة الأمور، واغفر لنا ذنوبنا يا عزيز يا غفور، سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون ۝ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَالصافات:180ـ181.

1 - البخاري:71 ومسلم:1037
2 - الترمذي:2681
3 - رواه أحمد19263 
4 - أحمد:16879
5 - أحمد:16286
6 - أبوداود:181
7 - رواه البخاري2086
8 - صحيحُ ابن خُزَيمة952
9 - أبوداود:1229
10 - أحمد26515
11 - البخاري:785 ومسلم:392
12 - ابن ماجة:1612
13 - أبوداود:3499
14 - الترمذي:1232
15 - أحمد:10138
16 - مسلم:1126
17 - مسلم:1126
18 - رواه مسلم1162
19 - رواه الترمذي752